الله
أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...
العربية
المؤلف | عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب |
جعل الله كفارة اليمين على قسمين: قسم مخير فيها بيَّن أن: تطعم عشرة مساكين، تعطي كل مسكين كيلو من الأرز، أو تغديهم أو تعشيهم، أو تعتق رقبة، أو تكسو عشرة مساكين، وإذا عجزت عن هذه كلها، فصم ثلاثة أيام، فهذه كفارة اليمين. فإن استطعت الإطعام، أو الكسوة، أو العتق، وإلا فانتقل إلى أن...
الخطبة الأولى:
إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه صلَّى الله عليه، وعلى آلهِ وصحبِهِ، وسلَّمَ تسليماً كثيراً إلى يومِ الدين.
أمَّا بعد:
فيا أيُّها النَّاسَ: اتَّقوا اللهَ -تعالى- حَقَّ التقوى.
عباد الله: بيَّن الله -جل وعلا- أحكام تصرفات العبد القلبية والقولية والفعلية، والمؤمن محكوم بشرع الله، فيما يأتي ويذر.
والله -جل وعلا- قد أكمل هذا الدين بجميع أحكامه وأركانه، وواجباته وفرائضه، فما من خير إلا ودلنا عليه، وما من شر إلا وحذرنا منه.
ومن تلكم الأحكام: "أحكام اليمين" فقد جاء الإسلام مبينا أحكام اليمين الجائز منها، والممنوع منها، وما يتعلق بذلك من آداب اليمين.
ذلكم أن اليمين حلف لتأكيد المحلوف عليه، فلا بد من بيان أحكامه.
وقد دل الكتاب والسنة على مشروعية اليمين، فقد أمر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- بالإقسام على يوم القيامة، والجزاء والحساب، قال تعالى: (وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ) [يونس: 53].
وقال: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ) [سبأ: 3].
وقال: (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)[التغابن: 7].
ونبينا -صلى الله عليه وسلم- كان يحلف، فيقول: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ" أو يقول: "وَالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ" فيحلف الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
أيها المسلم: وللأيمان آداب، لا بد للمسلم من الالتزام بها:
فأولاً وقبل كل شيء: أن يعلم أن الحلف تعظيم للمحلوف عليه، ولهذا وجب أن يكون حلفنا بالله -جل وعلا-، أو بأسمائه وصفاته، فلا يجوز الحلف بغير الله، فإن الحلف بغير الله شرك أصغر، ما لم يعتقد أن المحلوف به بمنزلة الخالق، فإن اعتقد ذلك فهو شرك أكبر، قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كفر أو أَشْرَكَ".
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ".
وقال عمر -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله نهاكم أن تحلفوا بآبائكم".
قال عمر: "فو الله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عنها ذاكرا ولا آثرا".
أيها المسلم: ومن آداب اليمين: أن تقل منها قدر الاستطاعة، فخلق المسلم الصدق فيما يقول، وإن احتاج إلى اليمين حلف، وإن استغنى عنها كف عن ذلك؛ لأن في الإكثار منها قلة تعظيم للمحلوف به، وربما جر الإكثار من اليمين إلى الكذب في اليمين، فلنتق الله في ذلك، قال جل وعلا: (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ)[القلم: 10-11].
فمن كثر حلفه، ربما دعاه ذلك إلى الكذب في يمينه، وقال جل وعلا: (وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ)[المائدة: 89].
أي: أحفظوها فلا تكثروا منها، واحفظوها بأن تكفروا إذا خلفتم أيمانكم، كل ذلك احتراما لليمين، وتعظيما لشأنها.
ومن آداب اليمين: أن تصدق من حلف لك بالله، يقول صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ بِاللَّهِ فَلْيَصْدُقْ، وَمَنْ حُلِفَ لَهُ بِاللَّهِ فَلْيَرْضَ، وَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِاللَّهِ فَلَيْسَ مِنَا".
ومن آداب اليمين: إذا وقع منك حلفا بغير الله نسيانا، فقل: "لا إله إلا الله" قال صلى الله عليه وسلم: "من قال في يمينه واللات والغزى، فليقل: "لا إله إلا الله".
أيها المسلم: ومن آداب اليمين: أن تكون صادقا في يمينك، فاحذر أن تحلف بالله كاذبا، فإن الحلف بالله كاذبا كبيرة من كبائر الذنوب، معصية من المعاصي؛ ففي الحديث: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ صَبْرٍ كَاذِبًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"
ومن آداب اليمين: أن تنفذ ما حلفت على فعله إن لم يكن ذلك إثما وعدوانا، فإن كان إثما وعدوانا فامتنع عنه، وإن كان غير إثم وعدوان وحلفت بتنفيذه، فنفذ ما حلفت عليه، وإلا كفر عن يمينك.
وإذا حلفت على ترك شيء، ولم يكن واجبا ولا مستحبا، فاترك ما حلفت على تركه.
أما إن كان واجبا أو مستحبا، فإياك أن تتركه، قال جل وعلا: (وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 224].
فلا يمنعن اليمين بالله عن الإصلاح بين الناس، أو عن فعل البر، وقول الصدق.
فلنتق الله في أنفسنا، ولا نجعل أيماننا صارفة لنا عن القيام بالواجبات والمستحبات؛ لما قطع الصديق -رضي الله عنه- عن مسطح النفقة التي كان يعيطه له؛ أنزل الله: (وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [النــور: 22] فقال الصديق: "بلى أحب أن يغفر الله لي".
أيها المسلم: ومن آداب اليمين: أن يكون حلفك على وفق ما استحلفت عليه، وعلى وفق ما يريده منك من حلفت له؛ يقول صلى الله عليه وسلم: "يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ عَلَيْهِ صَاحِبُكَ".
فلا تحلف يمينا يظن منها خلاف الواقع؛ بل أصدق في يمينك، فإذا حلفت له بالله يمينا، فليكن هذا اليمين موافقا لما يريد، وإياك أن تخدعه بتعريضات هي بعيدة عن المجال، بل احلف له بالله يمينا صادقا على وفق ما طلب منك.
ومن آداب اليمين: أن تبر قسم المقسم، فإن ذلك من حقوق المسلم على المسلم؛ قال صلى الله عليه وسلم: "وَإِبْرَارَ الْمُقْسِمِ".
فإذا أقسم عليك أخوك بأمر يمكنك فعله، ولا مشقة عليك في ذلك، فبر قسم أخيك المسلم، فإن هذا من حقه عليك.
ولكن ليعلم أنه لا ينبغي أن يقسم عليه ليحرجه، أو يضيق عليه، إنما إذا أقسم عليه، وبإمكانه تنفيذ ما طلب منه، بلا مشقة عليه، ولا إثم عليه، فإنه من حقه عليه أن يبر قسمه، وأن ينفذ مطلوبه.
ومن أحكام اليمين أيضا: أن لا تكون وسيلة لأكل أموال المسلمين، فإن بعض الأيمان أيمان فاجرة، جيء بها لأخذ أموال الناس ظلما وعدوانا، يقول الله -جل وعلا- في كتاب العزيز: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [آل عمران: 77].
وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمين ليقتطع بها مال امرئ مسلم بغير حقه حرم الله عز و جل عليه الجنة وأوجب له النار".
فإذا حلفت يمينا لتقتطع بها مال امرئ مسلم أنت فيها كاذب، فإن الله حرم عليك الجنة، وأوجب لك النار، جزاءً لكذبك، وزورك، وباطلك.
أيها المسلم: ومن آداب اليمين: أن نكفر إذا اضطررنا إلى التكفير، ومخالفة يميننا، يقول صلى الله عليه وسلم: "إني لأحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير".
أيها المسلم: عندما يقف اليمين في الخصومة فحاسب نفسك قبل أن تحلف: هل حلفك صدق وحق ويقين؟ وأنت على يقين وإلا فاتق الله، وإياك أن تقدم على حلف لتفوز بها بدعواك، والله يعلم منك كذبك وزورك وباطلك؟!
إن الحلف الكذب جر على أصحابه أنهم يعاجلون بالعقوبة؛ لأنه بغي وظلم، وأخذ مال بغير حق: "ما من ذنب أحرى أن يعجل الله -تبارك وتعالى- العقوبة لصاحبه في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم".
فالأيمان الفاجرة تمحق المكاسب، وتمحق البركات والخيرات، يقول صلى الله عليه وسلم في الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: "رجل جعل الله بضاعته لا يبيع إلا بيمينه، ولا يشتري إلا بيمينه".
فاتق الله -أخي المسلم-: إياك والحلف الكاذبة الفاجرة، وإن نلت بها مكسبا في الدنيا، لكنها تمحق بركة العمر، وبركة المال، مع ما تحمله من الآثام والعدوان.
هذا المال الذي حلفت أمام القضاء بأنه لك، هذا المال ستشقى به في حياتك، وربما انتفع به ممن بعدك، فحملت الأوزار والآثام، ونال غيرك الفضل والإحسان.
فيا أخي المسلم: اتق الله عند الحلف، عندما تتوجه الخصومة لك، ويطلب القاضي أن تحلف بالله على هذا الأمر، فحاسب نفسك، وقف وقفات: هل أنت صادق فتحلف أم كذب فلا؟
إياك أن تغريك الدنيا، أو يغريك حب الظهور والانتصار على الخصم أن لا تبالي باليمين.
لا، قف مع نفسك، واعلم أن الله مطلع عليك، وعالم بسرك وعلانيتك، لا يخفى عليه شيء من أمرك، فقف مع نفسك موقف محاسبة ومناقشة: هل أنت صادق فتحلف أم تمتنع؟
لقد كان سلفنا الصالح يمتنعون عن الأيمان بكل سبيل، لا يضطرون إلى اليمين إلا عند الحاجة إليها.
فلنتق الله في أنفسنا، ونقلل من الأيمان، ولنتأكد عندما يطلب منا في الخصومة والقضاء: هل نحلف لنتأكد ونحاسب أنفسنا؟ هل نحن صادقون أم كاذبون؟
هذه الدنيا مهما عظمت فإنها –والله- بلاء لمن أخذها بغير حقها، فلنتق الله في ذلك.
أيها المسلم: وإذا حلفت على أمر، وأرتد أن لا تفعله بإذن الله، وتبين لك أن المصلحة عدم فعله، فكفر عن يمينك، يقول الله -جل وعلا-: (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة: 89].
فجعل الله كفارة اليمين على قسمين:
قسم مخير فيها بيَّن أن تطعم عشرة مساكين، تعطي كل مسكين كيلو من الأرز، أو تغديهم وتعشيهم، أو تعتق رقبة، أو تكسو عشرة مساكين، وإذا عجزت عن هذه كلها، فصم ثلاثة أيام، فهذه كفارة اليمين.
فإن استطعت الإطعام، أو الكسوة، أو العتق، وإلا فانتقل إلى أن تصوم ثلاثة أيام، كفارة اليمين.
ولا تنتقل إلى الصيام إلا إذا عجزت عن الإطعام والكسوة والعتق، هكذا شرع الله.
فحافظوا على أيمانكم -رحمكم الله-، واحذروا يمين الغموس؛ قال صلى الله عليه وسلم: "من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة" فقال له رجل: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ قال: "وإن قضيبا من أراك".
فيا أخي المسلم: اتق الله في يمينك، حاسب نفسك عليها، قف معها موقف مؤدب.
واعلم: أن سلف الأمة كانوا يؤدبون صبيانهم، ويحذرونهم من الشهادة، وكثرة الحلف، قال إبراهيم التيمي: "وكانوا يضربوننا على الشهادة والعهد، ونحن صغار".
هذا التربية الصالحة: أن نربيهم على الأخلاق والصدق والأمانة، ونحذرهم من الكذب والخيانة.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني إيَّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقولٌ قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي، ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه، إنَّه هو الغفورٌ الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهد أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.
أما بعدُ:
فيا أيُّها الناس: اتَّقوا اللهَ -تعالى- حقَّ التقوى.
عباد الله: إن الواجب إذا حلفنا: أن نحلف بالله -جل وعلا- أو بأسمائه وصفاته.
أما حلفنا بغير الله، فحرام علينا؛ لأنه لا يجوز لنا أن ننزل المخلوق منزلة الخالق، فالحلف تعظيم، وأعظم التعظيم تعظيمنا لربنا.
إذا -أيها المسلم: حلفك بغير الله، حلفك بحياتك، حلفك بشرفك، بأبيك، بجدك، بمهنتك، كل هذا من الأمور المحرمة التي لا يجوز أن نحلف بها؛ لأنها تخالف شرع الله، لو قلت: والنبي، وحياتي، وشرفي، كل هذا لا يجوز، نبينا -صلى الله عليه وسلم- القائل: "مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كفر" أو "أَشْرَكَ".
فلا نحلف بالنبي ولا بغيره، كل الحلف بالله -جل وعلا-.
وبعض أعداء الإسلام: لو سألتهم أن يحلفوا بالله لحلفوا مئات الأيمان وهم كاذبون! ولو سألتهم أن يحلفوا بمن يعظمونه ويعبدونه من دون الله، وينتسبون إليه، لما يمكن أن يكذبوا بالأيمان، كذبهم وحلفهم بالله، أما من يعبدونهم من دون الله، ومن يعظمونهم من دون الله، ومن يعتقدون العصمة فيهم، فإنهم لا يحلفون بهم كاذبين؛ لأن هذا المخلوق في قلوبهم أعظم من تعظيم رب العالمين في قلوبهم، فهم يحلفون مئات الأيمان بالله -جل وعلا- كذبا، ولا يحلفون يمينا واحدا بمن يعظمونهم ويعبدونهم من دون الله، وكل هذا من الخطأ.
أيها المسلم: ومن الخطأ في اليمين: أن تحلف بغير ملة الإسلام -والعياذ بالله-، بأن تقول: أنا برئ من الإسلام إن كان كذا وكذا، فإن كنت صادقا فكما قلت، وإن كنت كاذبا لم تعد إلى الإسلام صادقا.
فاحذر من الحلف بغير الإسلام، فقط الحلف بالله -جل وعلا-.
ومن الأخطاء أيضا: الحلف بالطلاق، بأن يقول دائما على لسانه: علي الطلاق لأفعلنَّ، علي الطلاق لأفعل، علي الطلاق لا تخرجي أيتها المرأة، إلى غير ذلك.
فالحلف بالطلاق منكر، ولا يجوز؛ لأن الحلف الواجب أن يكون بالله -جل وعلا-، أو بأسمائه وصفاته، أما الحلف بالطلاق، فأمر منكر، مخالف للشرع.
فلنتق الله في أيماننا، ولنعظم ربنا حق التعظيم اللائق بجلاله -جل وعلا-، ولنحذر أن تخدعنا الدنيا وزخارفها وزينتها وكثرتها: أن نحلف بالأيمان في الخصومة، ونحن لا نعلم أننا فاجرون فيها، وغير صادقين، فهذه خيانة وخداع وظلم، وربما ما أخذته من هذه الدنيا بهذا اليمين، صار حطبا عليك تعذب به يوم القيامة.
فراقب الله في أقوالك وأعمالك.
أسأل الله أن ويوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضى.
واعلموا -رحمكم الله-: أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النار.
وصَلُّوا -رحمكم الله- على محمد بن عبدالله كما أمركم بذلك ربكم، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائه الراشدين الأئمة المهدين أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التَّابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك وإحسانك يا أرحمَ الراحمين.
اللَّهمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمَّر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، واجعل اللَّهمّ هذا البلاد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.
اللَّهمَّ آمنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمرنا، وفقهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين.
اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمينَ عبد الله بن عبد العزيز لكل خير، وبارك له في عمره وعمله، وألبسه ثوب الصحة والسلامة والعافية، ووفق ولي عهده والنائب الثاني لكل خير، إنك على كل شيء قدير.
(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [الحشر: 10].
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف: 23].
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].
عبادَ الله: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90].
فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكُرْكم، واشكُروه على عُمومِ نعمِه يزِدْكم: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت: 45].