الحي
كلمة (الحَيِّ) في اللغة صفةٌ مشبَّهة للموصوف بالحياة، وهي ضد...
العربية
المؤلف | صالح بن محمد آل طالب |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الصيام |
ويعلمون أيضًا أن صوم من يصوم عادةً لأن أهل بلده صاموا فكان لزامًا عليه أن يصوم مجاراةً لهم ليس المقصود أيضاً، وأن صوم من يصوم متبرماً متأففًا متضجرًا منه مستثقلًا له مسرفًا على نفسه ببغضه والنفور منه متمنيًّا سرعة انقضائه ليعود إلى ما كان عليه من ضلال السعي الذي يورث عظم الخسران يعلمون أن هذا الصوم ليس المقصود أيضا.. إنه عندهم شيءٌ آخر مختلف.. إنه صوم أولئك الذين ينهجون فيه نهجًا سديداً، ويسلكون مسلكًا قويمًا يبلغهم أسمى الغايات وأرفع الدرجات عند ربهم يوم يلقونه؛ إنه صيام الذين
الحمد لله الذي كتب علينا الصيام وجعله سبباً من أسباب غفران الذنوب وبابًا من أبواب الجنة [ دار السلام ]، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله.. صاحب الحوض المورود والدرجات العلى والمقامات العظام، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه صلاةً وسلامًا دائمين ما تعاقبت الليالي والأيام.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله: (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) [البقرة:281].
أيها المسلمون: عندما يظل المسلمين زمان هذا الشهر المبارك [رمضان] يقف أولو الألباب بين جمال المناسبة وجلالها وبين الفرحة الغامرة باستقباله وقفة يذكرون فيها أيضا تلك الفرحتين التي أخبر بهما رسول الهدى -صلوات الله وسلامه عليه- في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما واللفظ للبخاري -رحمه الله- عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه " الحديث، وفي لفظٍ لابن خزيمة: " فرح بجزاء صومه "..
وإن هذا التذكر ليحملهم على التفكر في بواعث هذا الفرح وأسباب وقوعه وحقيقة الصوم المتعلق به، إنهم يعلمون أن صوم من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل ومن لم يحفظ سمعه وبصره وجوارحه عن التلوث بأرجاس الخطايا ليس المقصود.. كيف وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " رُبّ صائمٍ حظُّه من صيامه الجوع والعطش، ورُبّ قائمٍ حظُّه من قيامه السهر " أخرجه النسائي في سننه الكبرى وابن ماجة، واللفظ له بإسنادٍ صحيحٍ من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وقال -عليه الصلاة والسلام- أيضا: " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-..
ويعلمون أيضًا أن صوم من يصوم عادةً لأن أهل بلده صاموا فكان لزامًا عليه أن يصوم مجاراةً لهم ليس المقصود أيضاً، وأن صوم من يصوم متبرماً متأففًا متضجرًا منه مستثقلًا له مسرفًا على نفسه ببغضه والنفور منه متمنيًّا سرعة انقضائه ليعود إلى ما كان عليه من ضلال السعي الذي يورث عظم الخسران يعلمون أن هذا الصوم ليس المقصود أيضا..
إنه عندهم شيءٌ آخر مختلف.. إنه صوم أولئك الذين ينهجون فيه نهجًا سديداً، ويسلكون مسلكًا قويمًا يبلغهم أسمى الغايات وأرفع الدرجات عند ربهم يوم يلقونه؛ إنه صيام الذين يستقبلون شهرهم عاقدي العزم على اغتنام فرصته في كل ما تزكوا به نفوسهم وتظهر به قلوبهم وتحفظ به ألسنتهم وأبصارهم وكافة جوارحهم.. إنه صوم من يصومه إيمانًا لأنه حقٌ وطاعةٌ وقربى يزدلف بها إلى مولاه واحتسابًا للأجر عنده -تعالى- وحده، وأملاً في الحظوة بالجزاء الصافي والأجر الكريم الوارد في الحديث الذي أخرجه البخاري وسلم في صحيحهما عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال: " من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه "..
لكنه ياعباد الله غفرانٌ مخصوصٌ عند جمهور أهل العلم بما دون الكبائر، أما الكبائر فلا يكفرها إلى التوبة النصوح ورد الحقوق إلى أهلها إذا تعلقت بحقوق العباد لقوله -صلى الله عليه وسلم-: " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتُنبت الكبائر " أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وصيام الذي يعدون ما لله - تعالى- في هذا الشهر من فيض العطاء وسعة الفضل وكريم الإنعام ومنع الشياطين من التسلط على الصائمين صومًا حوفظ على شروطه وروعيت آدابه واجتنب كل ما يقدح فيه يعدون ذلك باعثا على شدة الاجتهاد وكمال الحرص على التعرض لنفحات الرب - تعالى - التي أخبر بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما واللفظ للبخاري -رحمه الله- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عله وسلم قال: " إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين " ويجعلون من هدي نبيهم -صلوات الله وسلامه عليه - في هذا الشهر خير عدة وأفضل زاد؛ فإنه كما قال الإمام ابن القيم أكمل الهدي وأعظم تحصيل للمقصود وأسهله على النفوس..
وكان من هديه -صلى الله عليه وسلم- الإكثار من أنواعالعبادات.. فكان يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن والصلاة والذكر والاعتكاف، وكان يخص رمضان من العبادة ما لا يخص غيره من الشهور، وكان جبريل يدارسه القرآن كل ليلة، وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة؛ أي المتصلة الدائمة بلا انقطاع.
عباد الله: إن أولئك الذي ينهجون هذا النهج ويهتدون بهذا الهدي هم الذين تكون لهم العقبى بكمال السرور وعظيم الفرحة حين يلقون ربهم لما يجدونه عنده من جزيل الثواب وعظيم الثواب ونزول رفيع الجنان، وحق لمن أحسن الحرث وانتقى الكسب وأطاب الغرس أن يفرح بحصاده يوم الحصاد، أما من لم يحسن حرثه ولم يطب غرسه فأنى لمثله أن يفرح يوم يفرح المؤمنون بفضل الله ورحمته.
فاتقوا الله -رحمكم الله- واعملوا على كل ما يبلغكم أكمل السرور وعظيم الفرح من حسن استقبال شهركم بكل ما يليق به من جدٍّ واجتهادٍ واستباقٍ للخيرات، وأروا الله من أنفسكم فيه خيرا ف؛ إنها والله فرصة ما أعظمها وما أعظم فوز من اغتنمها.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة 185].
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وبسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكه له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلِّمْ على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه.
أما بعد، فياعباد الله إن فرحة الصائم بصومه لا تقتصر على معرفته بما أعده الله للصائمين من كريم الجزاء وحسن الثواب، بل لأن الصيام أيضاً من أعظم أسباب التقوى كما أخبر الله -عز وجل- عن ذلك بقوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) [183 سورة البقرة].
الصيام -كما قال بعض أهل العلم- هو الطريق الأعظم للوصول إلى هذه الغاية التي فيها سعادة العبد في دينه ودنياه وآخرته؛ فالصائم يتقرب إلى ربه بترك المشتهيات تقديمًا لمحبة ربه على محبة نفسه؛ ولهذا اختصه الله من بين الأعمال كما جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه الشيخان واللفظ للبخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: " قال الله -عز وجل-: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به.... " الحديث..
وفيه من زيادة الإيمان والتمرن على الصبر والمشقات وأنه سبب لكثرة الطاعات من صلاةٍ وقراءةٍ وذكرٍ وصدقةٍ وغيرها ما يحقق التقوى وفيه من ردع النفس عن الأمور المحرمة من أقوال وأفعال ما هو من أصول التقوى.. ومنها أن فيه من مراقبة الله -تعالى- من ترك ما تهوى النفس مع القدرة عليه لعلمه باطلاع الله عليه ما ليس في غيره، وهذا بلا ريب من أعظم العون على التقوى.. ومنها أن الصيام يضيق مجاري الشيطان فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم؛ فبالصيام يضعف نفوذه وتقل سطوته فتقل معاصي العبد، فلا عجب إذا أن يشعر المسلم بالفرحة البالغة كلما مر عليه شهر الصيام وأن يستقبله خير استقبال.
ألا فاتقوا الله عباد الله، واحرصوا على الانتفاع بفرصة الصيام واغتنام أوقاته، والحذر من تفويتها، واذكروا على الدوام أن الله -تعالى- أمركم بالصلاة والسلام على خاتم رسل الله محمد بن عبد الله فقال -سبحانه-: (ِإنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب:56..] اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الأربعة -أبي بكر وعمر وعثمان وعلي- وعن سائر الآل والصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك ياأكرم الأكرمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، واحم حوزة الدين ودمر أعداء الدين وسائر الطغاة والمفسدين، وألف بين قلوب المسلمين ووحد صفوفهم، ووحد قادتهم واجمع كلمتهم على الحق يارب العالمين.
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم- وعبادك المؤمنين المجاهدين الصادقين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا، وهيئ له البطانة الصالحة، ووفقه لما تحب وترضى يا سميع الدعاء..اللهم وفقه ونائبيه وإخوانه إلى ما فيه خير الإسلام والمسلمين وإلى ما فيه صلاح العباد والبلاد يامن إليه المرجع يوم التناد..اللهم احفظ هذه البلاد حائزةً لكل خير سالمةً لكل شر وسائر بلاد المسلمين.
اللهم إنا نجعلك في نحور أعدائك وأعدائنا يارب العالمين، اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم، اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم.. اللهم إنا نسألك أن تكفينا أعداءك وأعداءنا بما شئت يارب العالمين، اللهم إنا نسألك أن تكفينا أعداءك وأعداءنا بما شئت يارب العالمين، اللهم إنا نسألك أن تكفينا أعداءك وأعداءنا بما شئت يارب العالمين.
اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.. اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير والموت راحةً لنا من كل شر.
اللهم احفظ المسلمين من كل وباء. اللهم احفظ المسلمين من كل وباء، اللهم وادفع عنهم كل بلاد، اللهم احفظ المسلمين من كل وباءٍ وادفع عنهم كل بلاء.. اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا وبلغنا فيما يرضيك آمالنا.
اللهم أعنا على صيام رمضان وقيامه، ووفقنا فيه إلى ما يرضيك عنا يارب العالمين.. ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار، وصل اللهم وسلم على عبده ورسله نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.