البحث

عبارات مقترحة:

الرب

كلمة (الرب) في اللغة تعود إلى معنى التربية وهي الإنشاء...

الرءوف

كلمةُ (الرَّؤُوف) في اللغة صيغةُ مبالغة من (الرأفةِ)، وهي أرَقُّ...

البصير

(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...

خطبة عيد الأضحى المبارك 1435هـ

العربية

المؤلف محمد بن مبارك الشرافي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات صلاة العيدين
عناصر الخطبة
  1. مؤامرات على أهل السنة والجماعة .
  2. استغلال الغرب لدولة الرافضة في سحق أهل السنة .
  3. جرائم الحوثيين في اليمن .
  4. الغرب يكيل بمكيالين .
  5. التوبة والرجوع إلى الله سبيل كشف الغمة .
  6. وجوب جمع الكلمة ووحدة المسلمين .
  7. التحذير من الفُرقة والاختلاف .
  8. الحث على الأضحية .
  9. العيد وئام ومحبة وتواصل. .

اقتباس

إِنَّ دُوَلَ الْغَرْبِ النَّصْرَانِيِّ دَرَسُوا أَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ وَجَمِيعِ الْفِرَقِ الْمُنْتَسَبِةَ إِلَيْهِ، وَعَرَفَوا أَنَّ الشِّيعَةَ بَعِيدُون َكُلَّ الْبُعْدِ عَنِ الْإِسْلَامِ الصَّحِيحِ، وَأَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ هُمْ عَلَى الطَّرِيقِ الْقَوِيمِ، وَأَنَّ مَنْهَجَهُمْ صَارَ يَنْتَشِرُ فِي بِلَاِد الْغَرْبِ فَخَافُوا مِنْهُ وَعَادَوْهُ وَجَرَّبُوا مُوَاجَهَتَهُ بِالسِّلَاحِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمَاكِنِ فَفَشِلُوا.. فَبَحَثُوا عَنْ حَلٍّ آخَرَ لِيَسْلَمُوا هُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ، وَيَقْضُونَ عَلَى عَدُوِّهِمُ الْحَقِيقِيِّ، فَوَجَدُوا هَذِهِ الدَّوْلَةَ الْخَبِيثَةَ الصَّفَوِيَّةَ الْمَجُوسِيَّةَ إِيرَانَ، فَدَعَمُوهَا، وَسَكَتُوا عَنْ أَفْعَالِهِمُ الْخَبِيثَةِ وَجَرَائِمِهِمُ الْمَكْشُوفَةِ، وَكُلُّ ذَلِكَ بُغْيَةَ أَنْ يُمَكِّنُوا لَهُمْ لِيَقْضُوا عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ، فَهَلَ عَرَفْنَا مَا يُدَارُ لَنَا وَمَا يُعِدُّه الْغَرْبُ الْكَافِرُ لَنَا عَلَى أَيْدِي مَنْ يَنْتَسِبُ لِلْإِسْلَامِ وَالْإِسْلَامُ مِنْهُمْ بَرَاءٌ؟!

الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ! اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ! اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ!

اللهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا هَلَّ هِلَالٌ وَأَبْدَرَ، اللهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا لَبَّى حَاجٌّ وَكَبَّرَ، اللهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا تَرَاكَمَ سَحَابٌ وَأَمْطَرَ، واللهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا نَبَتَ نَبَاتٌ وَأَزْهَرَ، واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ.

الْحَمْدُ للهِ الذِي سَهَّلَ لِعِبَادِهِ طُرُقَ الْخَيْرَاتِ، وَيَسَّرَ لَهُمْ سَبِيلَ الْعِبَادَاتِ، وَوَعَدَهُمْ بِالثَّوَابِ عَلَى أَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَاتِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَهُوَ الْمُسْتَحِقّ أَنْ يُحْمَدَ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَه إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ رَبُّ الأَرْضِينَ السَّبْعِ وَالسَّمَاوَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مَحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُه الشَّافِعُ الْمُشَفَّعُ يَوْمَ حَشْرِ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلِيْهِ وَعَلَى آلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ وَعَلَى زَوْجَاتِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَلَى أَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ.

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.        

أَمَّا بَعْدُ: فِإِنَّنَا نَحْمَدُ اللهَ وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ عَلَيْنَا مِنْ هَذَا الْعِيدِ الذِي نَفْرَحُ فِيهِ وَنَبْتَهِجُ وَنُظْهِرُ الْمَسَرَاتِ، وَنَشْكُرُهُ وَنُثْنِي عَلِيْهِ عَلَى مَا شَرَعَ لَنَا فِيهِ مِن هَذِهِ الاجْتِمَاعَاتِ، وَعَلَى مَا أَبَاحَ لَنَا فِيهِ مِن الطَيِّبَاتِ وَأَنْعَمَ بِهِ عَلَيْنَا مِنَ الْخَيْرَاتِ!

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.

أُمَّةَ الإِسْلامِ : إِنَّ مَا نَشْهَدُهُ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ مِنْ أَحْدَاثٍ مُتَلاحِقَةٍ فِيمَا حَوْلَنَا وَلاسِيَّمَا عِنْدَ جِيرَانِنَا لَهُوَ أَمْرٌ مُفْزِعٌ، لِمَا نَرَى وَيَعْلَمُهُ كُلُّ مَنْ لَهُ أَدْنَى نَظَرٍ فِي الْأَحْدَاثِ أَنَّهَا أُمُورٌ مُدَبَّرَةٌ وَمُؤَامَرَةٌ تَوَاطَأَ عَلَيْهَا الْيَهُودُ الْحَاقِدُونَ وَالنَّصَارَى الظَّالِمُونَ وَالرَّافِضَةُ الطَّامِعُونَ!

إِنَّهُ أَمْرٌ يَجِبُ أَنْ نَعِيَهُ، إِنَّهَا مَؤَامَرَةٌ عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ بِخُصُوصِهِمْ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الْعِرَاقِ أَوْ سُورِيَا وَلُبْنَانَ أَوْ أَخِيرَاً فِي الْيَمَنِ، إِنَّهُ تَمْكِينٌ مِنَ الْغَرْبِ لِهَذِهِ الطُّغْمَةِ الْفَاجِرَةِ وَهَذِهِ النَّبْتَةِ الْفَاسِدَةِ، إِنَّ هَؤُلاءِ الشِّيعَةَ يُظْهِرُونَ الْعَدَاوَةَ لِلنَّصَارَى وَالْيَهُودِ وَشِعَارَهُمُ الظَّاهِرُ "الْمَوْتُ لِأَمْرِيكَا، الْمَوْتُ لِإِسْرَائِيلَ، اللَّعْنَةُ عَلَى الْيَهُودِ"، ثُمَّ هُمْ فِي الْبَاطِنِ يَتَعَاوَنُونَ مَعَهُمْ، وَهَذَا أَمْرٌ أَصْبَحَ مَكْشُوفَاً وَعَرَفَهُ الْبَلِيدُ قَبْلَ الذَّكِيِّ، وَإِلَّا فَمَنِ الذِي مَكَّنَ لَهُمْ فِي الْعِرَاقِ؟ وَمَنِ الذِي جَعَلَهُمْ يَصْمُدُونَ فِي الَّشامِ؟ وَمَنْ الذِي سَكَتَ عَنْ جَرَائِمِ حِزْبِ اللهِ فِي لُبْنَانِ وَالشَّامِ؟

وَأَخِيرَاً: أَيْنَ التَّشْنِيعُ عَلَى جَرَائِمِ الْحُوثِيِّينَ فِي الْيَمَنِ وَالْإِطَاحَةِ بِالْحُكُومَةِ بِقُوَّةِ السَّلَاحِ ثُمَّ لَمْ تُصَنَّفْ هَذِهِ الْجَمَاعَةُ الْمُجْرِمَةُ جَمَاعَةً إِرْهَابِيَّةً؟! وَوَاللهِ لَوْ وُجِدَ مَنْ يَنْتَسِبُ إِلَى السُّنَّةِ وَفَعَلَ رُبْعَ أَفْعَالِ الْحُوثِيِّينَ لَتَنَادَى الْغَرْبُ وَالشَّرْقُ فِي تَجْرِيمِهِمْ وَوَصْمِهِمْ بِأَغْلَظِ الْأَلْفَاظِ، بَلْ وَمَهَاجَمَتُهُمْ بِالسِّلَاحِ بِحُجَّةِ إِرْسَاءِ السَّلَامِ الْعَالَمِيِّ! فَأَيْنَ هَذَا الْعَدْلُ الْمَكْذُوبُ يَا دُوَلَ الْغَرْبِ؟!

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.        

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ دُوَلَ الْغَرْبِ النَّصْرَانِيِّ دَرَسُوا أَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ وَجَمِيعِ الْفِرَقِ الْمُنْتَسَبِةَ إِلَيْهِ، وَعَرَفَوا أَنَّ الشِّيعَةَ بَعِيدُون َكُلَّ الْبُعْدِ عَنِ الْإِسْلَامِ الصَّحِيحِ، وَأَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ هُمْ عَلَى الطَّرِيقِ الْقَوِيمِ، وَأَنَّ مَنْهَجَهُمْ صَارَ يَنْتَشِرُ فِي بِلَاِد الْغَرْبِ فَخَافُوا مِنْهُ وَعَادَوْهُ وَجَرَّبُوا مُوَاجَهَتَهُ بِالسِّلَاحِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمَاكِنِ فَفَشِلُوا، وَبَاؤُوا بِالْخُسْرَانِ، وَقُتِلَ كَثِيرٌ مِنْ جُنُودِهِمْ وَهُزِمُوا عَلَى الْأَرْضِ، فَبَحَثُوا عَنْ حَلٍّ آخَرَ لِيَسْلَمُوا هُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ، وَيَقْضُونَ عَلَى عَدُوِّهِمُ الْحَقِيقِيِّ، فَوَجَدُوا هَذِهِ الدَّوْلَةَ الْخَبِيثَةَ الصَّفَوِيَّةَ الْمَجُوسِيَّةَ إِيرَانَ، فَدَعَمُوهَا وَفَتَحُوا لَهَا الْمَجاَلَ فِي كَثِيرٍ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَسَكَتُوا عَنْ أَفْعَالِهِمُ الْخَبِيثَةِ وَجَرَائِمِهِمُ الْمَكْشُوفَةِ، وَكُلُّ ذَلِكَ بُغْيَةَ أَنْ يُمَكِّنُوا لَهُمْ لِيَقْضُوا عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ، فَهَلَ عَرَفْنَا مَا يُدَارُ لَنَا وَمَا يُعِدُّه الْغَرْبُ الْكَافِرُ لَنَا عَلَى أَيْدِي مَنْ يَنْتَسِبُ لِلْإِسْلَامِ وَالْإِسْلَامُ مِنْهُمْ بَرَاءٌ؟!

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.     

  

أُمَّةَ الإِسْلامِ : إِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْنَا أولاً هُوَ العَوْدَةُ الصَّادِقَةُ إِلَى دِينِنَا وَعَقِيدَتِنَا الصَافِيَةَ مِنَ الشِّرْكِ وَالخُرَافَاتِ وَمِنَ البِدَعِ والتُّرْهَات , فَإِنَّنَا أَقْوِيَاءُ بِاللهِ , لَا بِأَنْفُسِنَا وَأَسْلِحَتِنَا , قَالَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد: 7], إِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُقِيمَ الصَّلاةَ كَمَا يَنْبَغِي فِي أَوْقَاتِهَا فِي الْمَسَاجِدِ؛ إِنْ كُنَّا نُرِيدُ أَنْ نَحْمِيَ أَنْفُسَنَا حَقّاً, إِنْ الأَمْرَ لَمْ يَعُدْ هَزْلاً بَلْ هُوَ جِدٌّ وَخَطِيرٌ , فَالْعَدُوُّ قَدْ أَحْدَقَ بِنَا يَنْتَظِرُ الفُرْصَةَ لِلالْتِهَامِ بِلادِنَا كَمَا الْتَهَمَ مَنْ حَوْلَنَا!

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: ثُمَّ مِنَ الوَاجِبِ أَيْضاً صِدْقُ اللُجُوءِ إِلَى اللهِ، وَالتَّضَرّعُ إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ الْحَافِظُ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَهُوَ النَّاصِرُ وَهُوَ الذِي بِيَدِهِ مَقَالِيدُ الْأُمُورِ، وَقَدْ يَبْتَلِينَا لِنَعُودَ إِلَيْهِ ونَتُوبَ مِمَّا حَصَلَ مِنَّا مِنْ تَقْصِيرٍ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأنعام: 43].

وَعَلَيْنَا أَنْ نُكْثِرَ مِن التَّعَبُّدِ لِرَبِّنَا وَنُقْبِلَ عَلَيْهِ، وَلا نَنْشَغِلَ بِمُتَابَعَةِ الأَحْدَاثِ والْتِقَاطِ الأَخْبَارِ مِنْ وَسَائِلِ الإِعْلَامِ الَّتِي كَثِيرٌ مِنْهَا إِعْلامٌ مُوَجَّهٌ، لَهُ أَهْدَافٌ وَغَالِبُهَا ضِدُّ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ نَنْشَغِلُ بِذَلِكَ عَمَّا خُلِقْنَا مِنْ أَجْلِهِ وَهُوَ العِبَادَةُ! بَل الذِي يَنْبَغِي هُوَ العَكْسُ، فَفِي مِثْلِ هَذِهِ الأَحْدَاثِ نَتَوَجَّهُ بِكُلِّيَّتِنَا إِلَى اللهِ وإِلَى عِبَادَتِهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [البقرة: 153]، وعَنْ حُذَيْفَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى" (رَوَاهُ أَبُو دَاوودَ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ).

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَإِنَّ مِمَّا تَجِبُ الْعِنَايَةُ بِهِ والاهْتِمَامُ بِهِ جِدّاً، لا سِيَّمَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الأَحْدَاثِ جَمْعَ الْكَلِمَةِ وَتَوْحِيدَهَا وَالْحَذَرَ مِنَ الْفُرْقَةِ والاخْتَلافِ، فَنَلْتَفَّ حَوْلَ عُلَمَائِنَا وَحُكَّامِنَا وَنَصْدُرَ عَنْ آرَائِهِمْ وَنَنْصَحَ لَهُمْ وَنَحْذَرَ مِن تَطْبِيلِ كُلِّ نَاعِقٍ وَتَشْوِيشِ كِلِّ مُفْسِدٍ، وَنَدْعُوَ اللهَ لَهُمْ بِالسَّدَادِ وَالهِدَايَةِ وَالرَّشَادِ، وَنَكِلَ الأَمْرَ إِلَى أَهْلِهِ، وَلا يَتَدَخَّلُ الإِنْسَانُ فِيمَا لا يَعْنِيْه، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) [آل عمران: 103].

وَإِنَّنَا فِي هَذِهِ الْمَمْلَكَةِ مُسْتَهْدَفُونَ مِنَ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ، بَلْ وَمِنَ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ، لِأَنَّ دَوْلَتَنَا أَيَّدَهَا اللهُ هِيَ الدَّوْلَةُ الْوَحِيدَةُ فِيمَا نَعْلَمُ التِي تَقُومُ عَلَى مَنْهَجِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَتَرْعَاهُ وَتُدَافِعُ عَنْهُ، وَلِذَلِكَ فَهُمْ يُريِدُونَ إِزَالَتَهَا وَزَرْعِ الْفِتَنِ فِيهَا، وَإِشْعَالِ الْخِلَافِ بَيْنَ الشَّعْبِ وَحُكُومَتِهِ، فَعَلَيْناَ أَنْ نَنْتَبِهَ لِمَا يُدَارُ خَلْفَ الْكَوَالِيسِ لَنَا، وَوَاللهِ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ لَنَا مِنْ هَذِهِ الدَّوْلَةِ إِلَّا حِفْظُ الْأَمْنِ لَكَانَ كَافِيَاً، فَكَيْفَ بِخَيْرَاتٍ كَثَيرَةٍ فِي جَوَانِبَ مُتَعَدِّدَةٍ: دِينِيَّةٍ وَدُنْيَوِيَّةٍ اقْتِصَادِيَّةٍ وَاجْتِمَاعِيَّةٍ وَأَمْنِيَّةٍ! وَلَيْسَ مَعْنَى هَذَا أَنَّ حُكَّامَنَا مَعْصُومُونَ مِنَ الْخَطَأِ أَوِ الزَّلَلِ، فَهُمْ بَشَرٌ قَدْ يُخْطِئُونَ وَيُصِيبُونَ، نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُسَدِّدَهُمْ وَيَأْخُذَ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْحَقِّ وَالرَّشَادِ.

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الْحَمْدُ للهِ حَمْدَاً كَثِيرَاً طَيِّبَاً مُبَارَكَاً فِيهِ.

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ! اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ! اللهُ أَكْبَرُ!

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ)[الحج: 34]، وَإِنَّ الأُضْحِيَةَ مِمَّا جَعَلَهُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لَنَا، فَنَذْبَحُ أَضَاحِيَنَا تَقَرُّبَاً إِلَى رَبِّنَا وَتَعَبُّدَاً لَهُ واقْتِدَاءً بِنَبِيَّيْهِ الْكَرِيمَيْنِ مُحَمَّدٍ وَأَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ!

أَيَّهُا الْمُسْلِمُونَ: اذْبَحُوا أَضَاحِيَكُمْ عَلَى اسْمِ اللهِ، قَائِلِينَ: بِاسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ هذَا مِنْكَ وَلَكَ، اللَّهُمَّ عَنِّي وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِي، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، بِحَسْبِ الأُضْحِيَةِ وَمَنْ هِيَ لَهُ!

وَاعْلَمُوا أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ ذَبْحِ الأَضَاحِي بَعْدَ صَلاةِ العِيدِ، فَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَشَاتُهُ شَاةُ لَحْمٍ، يُطْعِمُهَا أَهْلَهُ، وَيَذْبَحُ أُخْرَى مَكَانَهَا، ثُمَّ إِنَّ التَّسْمِيَةَ شَرْطٌ لِحِلِّ الذَّبِيحَةِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) [الأنعام: 121]، وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ" (مُتَفَقٌ عَلَيْهِ).

فَمَنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ جَهْلاً أَوْ نِسْيَانَاً أَوْ عَمْدَاً فَذَبِيحَتُهُ حُرَامٌ وَعَلَيْهِ أَنْ يَذْبَحَ أُخْرَى مَكَانَهَا.

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.        

ثُمَّ اعْلَمُوا أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ تَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَتِكَ، وَتَتَصَدَّقَ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَتُهْدِيَ لِمَنْ شِئْتَ مِنْ أَقَارِبِكَ وَجِيرَانِكَ، وَلَيْسَ هُنَاكَ تَحْدِيدٌ وَاجِبٌ فِي ذَلِكَ، وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ: إِنَّهُ يَأْكُلُ ثُلُثَهَا وَيَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهَا وَيُهْدِي ثُلُثَهَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَحَسَنٌ!

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اجْعَلُوا عِيدَكُمْ عِيْدَ مَحَبَّةٍ وَوِئَامٍ، وَصِلَةٍ لِلْأَرَحَامِ وَبُعْدٍ عَنِ الآثَامِ، فَتَزَاوَرُا وَلْيُهَنِّئْ بَعْضُكُمْ بَعْضَاً، وَانْشُرُوا الْخَيْرَ! وَمَنْ كَانَ قَطَعَ رَحِمَهُ أَوْ هَجَرَ أَخَاهُ فَلْيَكُنِ اليَوْمُ بِدَايَةً لِزَوَالِ الهَجْرِ وَمَحْوِ القَطِيعَةِ، فَإِنَّ النُّفُوسَ فِي العِيْدِ مُقْبِلَةٌ وَالقُلُوبُ قَرِيبَةٌ، قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ" (متفق عليه).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضَيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا" (رواه مسلم).

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَنَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَنَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَنَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ. اللَّهُمَّ رَبَّ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ اغْفِرْ لَنَا ذَنُوبَنَا، وَأَذْهِبْ غَيْظَ قَلُوبِنَا، وَأَجِرْنَا مِنْ مُضِلاَّتِ الْفِتَنِ مَا أَحْيَيْتَنَا.

اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا، وَزَكِّها أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا. اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَمِنْ قُلُوبٍ لا تَخْشَعُ، وَمِنْ نُفُوسٍ لاَ تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعَوَاتٍ لا يُسْتَجابُ لَهَا.

اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أُمُورِنَا وَأَصْلِحْ لِوُلَاةِ أُمُورِنَا بِطَانَتَهُمْ وَاهْدِهِمْ سُبُلَ السَّلَامِ يَا ارْحَمِ الرَّاحِمِينَ. اللَّهُمَّ كُنْ لِلْمُسْلِمِينَ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي كَلِّ مَكَانٍ. اللَّهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَهُمْ وَاغْفِرْ لِمَوْتَاهُمْ وَاجْعَلْهُمْ عِنْدَكَ مِنَ الشُّهَدَاءِ.

اللَّهُمَّ رُدَّ كَيْدَ أَعْدَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي نُحُورِهِمْ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ تَدْبِيرَهُمْ تَدْمِيراً لَهُمْ. اللَّهُمَّ فَرِّقْ جَمْعَهُمْ وَشَتِّتْ شَمْلَهُمْ وَضَيِّعْ كَلِمَتَهُمْ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.

اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيثاً مُغِيثاً سَحَّاً غَدَقَاً مُجَلِّلَاً طَبَقَاً نَافِعَاً غَيْرَ ضَارٍّ عَاجِلَاً غَيْرَ آجِلٍ. اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.