الطيب
كلمة الطيب في اللغة صيغة مبالغة من الطيب الذي هو عكس الخبث، واسم...
العربية
المؤلف | محمد بن صالح بن عثيمين |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب - نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة |
أيها المسلمون: إن ترك الحبل على الغارب للنساء، وإطلاق سراحهن يخرجن متى شئن، وعلى أية كيفية أردن بدون مبالاة، ولا حياء من الله، ولا مراقبة له إنه لمن أكبر أسباب الشر والفساد وسقوط المروءة والأخلاق والسمعة السيئة للبلاد، و...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله، فلا مضل له، ومن يضلل، فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليما.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-، وقوموا بما أوجب الله عليكم: (قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)[التحريم: 6].
قوا أنفسكم وأهليكم هذه النار بفعل الوقاية منها، ولا يكون ذلك إلا بامتثال أمر الله ورسوله، واجتناب نهي الله ورسوله، والقيام بما أوجب الله علينا، وحملنا من الرعاية والحماية خصوصا في النساء، فإن النساء يحتجن إلى زيادة الرعاية؛ لأنهن ناقصات في العقل، وناقصات في الدين، كما أخبر بذلك سيد المرسلين، ومن لا ينطق عن الهوى.
وكما يشهد به الواقع المحسوس.
فالمرأة قاصرة النظر والتفكير نظرها لا يتجاوز قدميها، وتفكيرها مضطرب لا يقر على شيء، كل شيء يغيره عاطفتها متداعية كل شيء يجذبها، ويميل بها.
ولذلك جعل الله -سبحانه وتعالى- الرجـال قوامين عليهن، فقـال سبحانه: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ)[النساء: 34].
فقوموا -أيها الرجال-: بما جعلكم لله قوامين به، ولا تبخسوا أنفسكم حقها لا تغلبكم النساء على رجولتكم، ولا يلهينكم الشيطان عن رعاية أهليكم، ولا تنشغلوا بأموالكم عن أولادكم، ولا بمكاسبكم عن أخلاقكم وشرفكم.
أيها المسلمون: إن كثيرا من النساء في هذا العصر قد لعب الشيطان بهن بأفكارهن وتصرفاتهن، وجنبهن طريق الهدى إلى طريق الهوى والردى تخرج الواحدة منهن إلى السوق بدون حاجة.
وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "بيوتهن خير لهن"[أبو داود (567) أحمد (2/76)].
وتخرج الواجدة متزينة بالثياب والحلي ومتطيبة، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن المرأة إذا استعطرت، فمرت بالمجلس، فهي كذا وكذا"[الترمذي (2786) الدارمي (2646)] يعني زانية.
وتخرج الواحدة فتمشي في السوق مشية الرجل بقوة وجلد وترفع، صوتها كما يتكلم الرجل، وتزاحم كما يزاحم الرجل، وتخالط الرجال في السوق وعند الدكاكين، وكل هذا مخالف لهدي السلف الصالح، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج من المسجد، وقد اختلط النساء على الرجال في الطريق، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- للنساء: "استأخرن، فإنه ليس لكن أن تحتضن الطريق، عليكن بحافات الطريق، فكانت المرأة تلصق بالجدار، حتى إن ثوبها ليعلق بها"[أبو داود (5272)].
وقالت أم سلمة -رضي الله عنها-: لما نزلت هذه الآية: (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ)[الأحزاب: 59] خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة، وعليهن أكسية سود يلبسنها".
وقالت عائشة -رضي الله عنها-: "ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقا لكتاب الله، ولا إيمانا بالتنزيل، لقد أنزلت سورة النور: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)[النور: 31].
فانقلب الرجال يتلون عليهن ما أنزل الله إليهم يتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته، وعلى كل ذي قرابته، فما منهن امرأة، إلا قامت إلى مرطها" -كساء من صوف أو خز- "المرحل "-برد فيه تصاوير رحل أو إزار خز فيه علم- "فاعتجرت به" -لبسته أو لفته على جسمها- "تصديقا، وإيمانا بما أنزل الله في كتابه".
أيها المسلمون: إن ترك الحبل على الغارب للنساء، وإطلاق سراحهن يخرجن متى شئن، وعلى أية كيفية أردن بدون مبالاة، ولا حياء من الله، ولا مراقبة له إنه لمن أكبر أسباب الشر والفساد وسقوط المروءة والأخلاق والسمعة السيئة للبلاد وحلول العذاب والعقاب، قال الله -تعالى-: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا)[الإسراء: 16].
وقال تعالى: (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[الأنفال: 25].
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان"[مسلم (1403) الترمذي (1158) أبو داود (2151) أحمد (3/330)].
وقال: "المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان"[الترمذي (1173)].
أي: زينها في نظر الرجال.
وقال صلى الله عليه وسلم: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء"[البخاري (4808) مسلم (2741) الترمذي (2780) ابن ماجة (3998) أحمد (5/210)].
فاتقوا الله -أيها المسلمون-: واحذروا هذه الفتنة التي حذركم منها نبيكم -صلى الله عليه وسلم- اقضوا على أسباب الشر قبل أن تقضي عليكم، وأغلقوا أبواب الفساد قبل أن تتكسر الأبواب.
أيها الناس: إنه لا يستغرب إذا خرجت المرأة الشابة متزينة بثياب جميلة ليس فوقها سوى عباءة قصيرة، أو مرفوعة إلى أعلى بدنها.
ولا يستغرب إذا خرجت متطيبة بطيب يحرك النفس.
ولا يستغرب إذا خرجت مع رفيقتها في الأسواق تتدافعان، وتتمازحان.
ولا يستغرب إذا وقفت على صاحب الدكان تقلب السلع، وهذه تصلح، وهذه لا تصلح، وهي تضحك عنده مع رفيقتها.
ولا يستغرب إذا فسرت عن ذراعيها ليرى ما عليها من حلي وغيره.
ولا يستغرب إذا ضربت برجليها ذات الجوارب المكعبة الطويلة.
لا يستغرب مع هذا كله أو بعضه أن يطمع فيها من في قلبه مرض، فيلاحقها في سيارته، أو على قدميه، أو يلقي إليها كلاما؛ لأن الله يقول: (فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ)[الأحزاب: 32].
والخضوع باللباس والفعل يطمع فيها من في قلبه مرض؛ لأنه ضعيف الإيمان والمراقبة لله، قليل الخوف من ربه، عادم المروءة في بني جنسه، وقد رأى مع ضعف إيمانه ومرض قلبه وانعدام مروءته ما يغريه من هذه المرأة، فأصبح صيد شركها وقتيل فتنتها.
أيها الناس: لقد أصبحت مشكلة النساء مشكلة خطيرة لا ينبغي تجاهلها، أو السكوت عنها؛ لأنها إن بقيت على ما كانت عليه، فسيكون لها عاقبة وخيمة على البلد وأهلها أو سمعتها، أفلا يعقل المسؤولون عن أهليهم وعن بلادهم أن على كل واحد منهم مسؤولية أهله؟
فلا يمكنه أن ينصح امرأته وبنته وأخته وذات قرابته، كما فعل رجال الأنصار حين أنزلت سورة النور.
ثم ألا يمكنه أن يمنع نساءه من الخروج إلا لحاجة لا بد منها، ويلزمها إذا خرجت أن لا تخرج متبرجة أو متطيبة؟
ثم ألا يمكن من له بنات أو أخوات أو أقارب يدرسن أن يحثهن على بث الوعي بين الطالبات، وتحذيرهن من التجول في الأسواق وخروجهن بالزينة؟
إنه كله ممكن ويسير إذا صدق الإنسان ربه، وخلصت نيته، وقويت عزيمته.
وإن على ولاة الأمور في البلد: مسؤولية من في الأسواق من رجال ونساء، ومنعهم من أسباب الشر والفتنة، والقبض على من قامت القرينة على اتهامه، والتحقيق معه، وإجراء ما يلزم من تأديبه.
وإن على عامة الناس: مساعدة ولاة الأمور في ذلك في ذلك، بقدر ما يستطيعون من زجر من يرونها متبرجة، أو محاولة للفتنة، وإلقاء الأضواء على المشتبه فيهم ممن في قلوبهم مرض، حتى لا يبقى لهم في مجتمعنا مكان.
فإذا حرصنا على منع أسباب الفتنة من كثرة النساء في الأسواق وتبرجهن، وحرصنا على مقاومة من يلاحقهن، وإجراء اللازم من تأديبهم، وقمنا في ذلك لله وبالله مثنى وفرادى، فسوف نلقى العون من الله -عز وجل- والخير الكثير.
اللهم طهر مجتمعنا من أسباب الفتن والفساد، وجنبنا موجبات الهلاك والعقاب، وهيء لنا من أمرنا رشدا، وأصلح لنا شؤوننا، واغفر لنا ذنوبنا، وكفر عنا سيئاتنا، وتوفنا مع الأبرار يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.