البحث

عبارات مقترحة:

القهار

كلمة (القهّار) في اللغة صيغة مبالغة من القهر، ومعناه الإجبار،...

الفتاح

كلمة (الفتّاح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من الفعل...

الحافظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحافظ) اسمٌ...

أحكام فقهية يحتاجها الناس هذه الأيام

العربية

المؤلف محمد بن مبارك الشرافي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. كثرة خُرُوج النَّاسِ إِلَى الْبَرَارِي لِلتَّنَزُّه .
  2. إشادات ونصائح مهمة .
  3. خيركم خيركم لأهله .
  4. بعض الأحكام الفقهية المهمة في السفر .
  5. من آداب الخروج إلى البر. .

اقتباس

يَكْثُرُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ خُرُوجُ النَّاسِ إِلَى الْبَرَارِي لِلتَّنَزُّهِ وَالْفُرْجَةِ, وَهَذَا أَمْرٌ لا بَأْسَ بِهِ، وَخَاصَّةً إِذَا صَحِبَتْهُ النِّيَّةُ الْحَسَنَةُ مِنْ إِجْمَامِ النَّفْسِ وَإِعْطَائِهَا حَظَّهَا وَالْقِيَامِ بِحَقِّ الْأَهْلِ وَالْأَصْدِقَاءِ. وَهَذِهِ أَحْكَامٌ وَتَوْجِيهَاتٌ فِي هَذَا الشَّأْنِ أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَنْفَعَ بِهَا: (أَوَّلاً) أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَهْتَمَّ بِأَهْلِ بَيْتِهِ قَبْلَ أَصْدِقَائِهِ، فَيَذْهَبُ بِأَهْلِهِ أَحْيَانَاً مِنْ زَوْجَةٍ وَأَوْلادٍ وَوَالِدَيْنِ لِيُفْرِحَهُمْ وَيُسْعِدَهُمْ وَيَكُونَ مَعَهُمْ، وَهَذَا بِخِلَافِ بَعْضِ النَّاسِ الذِي لا يَهْتَمُّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنَّمَا تَجِدُهُ دَائِمَاً مَعَ أَصْدِقَائِهِ أَوْ زُمَلائِهِ فِي الْعَمَلِ، بَيْنَمَا زَوْجَتُهُ وَأَوْلادُهُ مَحْرُومُونَ مِنْهُ، فَهَذَا لَمْ يَقُمْ بِحَقِّهِمْ...

الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ للهِ الذِي أَكْمَلَ لَنَا الدِّينَ وَأَتَمَّ عَلَيْنَا النِّعْمَة، وَجَعَلَ أُمَّتَنَا خَيْرَ أُمَّة، وَبَعَثَ فِينَا رَسُولاً مِنَّا يَتْلُو عَلَيْنَا آيَاتِهِ وَيُعَلِّمَنَا الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ، أَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ الْجَمَّة، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً تَكُونُ لنَا خَيْرَ عِصْمَةٍ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ رَبُّهُ لِلْعَالَمِينَ رَحْمَة، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ صَلَاةً تَكُونَ لَنَا نُورَاً مِنْ كُلِّ ظُلْمَة، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً  كَثِيراً.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ وَرَاقِبُوهُ وَأَطِيعُوا أَمْرَهُ وَاجْتَنِبُوا نَهْيَهُ, وَاعْلَمُوا أَنَّ فَلاحَنَا وَنَجَاتَنَا بِطَاعَةِ رَبِّنَا -تَبَارَكَ وَتَعالَى- وَالْاقْتِدَاءِ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: يَكْثُرُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ خُرُوجُ النَّاسِ إِلَى الْبَرَارِي لِلتَّنَزُّهِ وَالْفُرْجَةِ, وَهَذَا أَمْرٌ لا بَأْسَ بِهِ، وَخَاصَّةً إِذَا صَحِبَتْهُ النِّيَّةُ الْحَسَنَةُ مِنْ إِجْمَامِ النَّفْسِ وَإِعْطَائِهَا حَظَّهَا وَالْقِيَامِ بِحَقِّ الْأَهْلِ وَالْأَصْدِقَاءِ. وَهَذِهِ أَحْكَامٌ وَتَوْجِيهَاتٌ فِي هَذَا الشَّأْنِ أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَنْفَعَ بِهَا:

(أَوَّلاً) أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَهْتَمَّ بِأَهْلِ بَيْتِهِ قَبْلَ أَصْدِقَائِهِ، فَيَذْهَبُ بِأَهْلِهِ أَحْيَانَاً مِنْ زَوْجَةٍ وَأَوْلادٍ وَوَالِدَيْنِ لِيُفْرِحَهُمْ وَيُسْعِدَهُمْ وَيَكُونَ مَعَهُمْ، وَهَذَا بِخِلَافِ بَعْضِ النَّاسِ الذِي لا يَهْتَمُّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنَّمَا تَجِدُهُ دَائِمَاً مَعَ أَصْدِقَائِهِ أَوْ زُمَلائِهِ فِي الْعَمَلِ، بَيْنَمَا زَوْجَتُهُ وَأَوْلادُهُ مَحْرُومُونَ مِنْهُ، فَهَذَا لَمْ يَقُمْ بِحَقِّهِمْ، فَإِنَّ خَيْرَ النَّاسِ مَنْ وَصَلَ إِحْسَانُهُ وَخَيْرُهُ لْأَقْرَبِ النَّاسِ إِلَيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي" (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ  وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

(ثَانِيَاً) يَجِبُ عَلَى مَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ لِلنُّزْهَةِ أَنْ يَنَتَبِهَ لِمَسْأَلَةِ الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَاءٌ يَقْدِرُ عَلَى الْوُضُوءِ بِهِ فِي الْمَكَانِ الذِي سَيَذْهَبُ إِلَيْهِ، وَإِلَّا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ مَعَهُ مَاءً لِلْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْمَاءِ فِي الطَّهَارَةِ وَاجِبٌ، وَمَا لا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ.

ثُمَّ إِذَا فَقَدَ الْمَاءَ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَطْلُبَهُ وَلَوِ اسْتَعْمَلَ السَّيَّارَةَ لِإِحْضَارِهِ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ شَاقَّاً عَلَيْهِ حَقِيقَةً، وَفِي هَذِهِ الْأَيَّامِ ذَهَابُهُ لِإِحْضَارِ مَاءِ الْوُضُوءِ وَلَوِ اسْتَغْرَقَ سَاعَةً بِالسَّيَّارَةِ لَيْسَ شَاقَّاً، وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنَ التَّيَمُّمِ بِمُجَرَّدِ فَقْدِ الْمَاءِ فَهَذَا خَطَأٌ وَلا تَصِحُّ صَلاتُهُ، لِأَنَّ اللهَ –تَعَالَى- قَالَ: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) [النساء: 43]، وَلا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِدٍ حَتَّى يَبْحَثَ عَنِ الْمَاءِ فِيمَا حَوْلَهُ وَلَمْ يَجِدْ.

وَاعْلَمُوا أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْمَاءِ الْبَارِدِ لِلْوُضُوءِ أَوِ الْغُسْلِ وَإِبْلَاغَهُ لِجَمِيعِ أَعْضَاءِ الْجَسَدِ مِنْ أَسْبَابِ كَسْبِ الْحَسَنَاتِ وَرِفْعَةِ الدَّرَجَاتِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟" قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: "إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَلَكِنْ لَوْ لَمْ يَسْتَطِعِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ إِمَّا بِسَبَبِ شِدَّةِ الْبَرْدِ أَوْ لِفَقْدِهِ مَعَ بُعْدِ مَكَانِ وُجُودِهِ أَوْ لِلْمَرَضِ, فَإِنَّهُ هُنَا يَعْدِلُ إِلَى التَّيَمُّمِ, بِأَنْ يَضْرِبَ كَفَّيْهِ عَلَى الْأَرْضِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَمْسَحُ كُلَّ وَجْهِهِ ثُمَّ يَدَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: (ثَالِثَاً) مِنَ الْأَحْكَامِ الْمُهِمَّةِ أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَكَانُ الذِي يَذْهَبُ إِلَيْهِ يَبْعُدُ مِنْ بَلَدِهِ 80 كم أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ أَحْكَامَ السَّفَرِ, وَالْمُرَادُ بِالْمَسَافَةِ مِنْ آخِرِ بِنَايَاتِ الْبَلَدِ الذِي خَرَجَ مِنْهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ بَيْتِهِ هُوَ، فَإِذَا خَرَجَ دَعَا بِدُعَاءِ السَّفَرِ الْمَعْرُوفِ, وَتَرَخَّصَ بِرُخَصِ السَّفَرِ مِنَ الْجَمْعِ وَالْقَصْرِ لِلرُّبَاعِيَّةِ وَالْمَسْحِ عَلَى الشَّرَّابِ 3 أَيَّامٍ بِلَيَالِيْهَا وَصَلَاةِ النَّافِلَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ حَتَّى يَرْجِعَ.

وَأَيْضَا فَإِنَّ السُّنَّةَ جَاءَتْ بِالتَّأْمِيرِ فِي السَّفَرِ، وَذِلَكَ أَنَّ يَجْعَلُوا أَحَدَهُمْ أَمِيراً عَلَيْهِمْ يَرْجِعُونَ إِلَى رَأْيِهِ، ضَبْطاً الْأُمُورِ وَمَنْعَاً لِلْخِلَافِ وَالنِّزَاعِ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ" (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

(رَابِعَاً) إِذَا نَزَلُوا فِي مَكَانٍ فَإِنَّهُمْ يَدْعُونَ بِالدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ فِي ذَلِكَ, فعن خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قالت: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ، حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ" وَاهُ مُسْلِمٌ.

وَهَذَا الذِّكْرُ مَشْرُوعٌ كُلَّمَا نَزَلَ مَنْزِلاً سَوَاءً أَكَانَ فِي الْبَلَدِ أَوِ الصَّحَرَاءِ, وسَوَاءٌ أَرَادَ أَنْ يَسْتَقِرَّ فِيهِ أَوْ يَبْقَى فِيهِ لِفَتْرَةٍ قَصِيرَةٍ ثُمَّ يُغَادِرُ, ويَنْبَغِي تَعْلِيمُ الْأَطْفَالِ لِذَلِكَ وَتَذْكِيرُهُمْ إِذَا نَزَلُوا الْمَكَانَ.

(خَامِسَاً) إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ أَذَّنُوا، فَإِنْ تَشَاحُّوا الأَذَانَ كُلٌّ يُرِيدُ أَنْ يُؤَذِّنَ فَإِنَّهُمْ يَسْتَهِمُونَ، وَالأَذَانُ فَضْلُهُ عَظِيمٌ، فَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ لَهُ: إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الغَنَمَ وَالبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ، فَأَذَّنْتَ بِالصَّلاَةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ "لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ، جِنٌّ وَلاَ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ، إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ"، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ). وَعِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ "لَا يَسْمَعُ صَوْتَهُ شَجَرٌ وَلَا مَدَرٌ وَلَا حَجَرٌ وَلَا جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ".

وَأَمَّا حُكْمُ الأَذَانِ فِي الْبَرِّ فَهُوَ كَحُكْمِهِ فِي الْبَلَدِ، فَإِنْ كَانَ شَخْصَاً وَاحِدَاً فَإِنَّ الْأَذَانَ فِي حَقِّهِ سُنَّةٌ وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً فَالْأَذَانُ فَرْضُ كِفَايَةٍ.

(سَادِسَاً) مِنَ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالصَّلَاةِ فِي الْبَرِّ أَنَّهُ لَوْ جَهِلَ اتِّجَاهَ الْقِبْلَةِ، فَإِنْ كَانَ حَوْلَهُ أَحَدٌ يُمْكِنُ أَنْ يَسْأَلَهُ سَأَلَهُ، وَإِلَّا صَلَّى حَسْبَ مَا يَتَحَرَّى وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى لَوْ تَبَيَّنَ فِيمَا بَعْدُ أَنَّهُ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ.

وَمِنَ الْأَحْكَامِ: أَنْ يُصَلِّيَ فِي نِعَالِهِ، فَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "خَالِفُوا الْيَهُودَ فَإِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ وَلَا خِفَافِهِمْ" (رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ)، وَوُجُودُ الْإِنْسَانِ فِي الْبَرِّ فُرْصَةٌ لِتَطْبِيقِ هَذِهِ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْبَلَدِ قَدْ لا تَتَيَسُّرُ بَسِبَبِ وُجُودِ الْفَرْشَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ.

وَمِنَ الْأَحْكَامِ: أَنَّهُ يُنْهَى عَنْ تَسْوِيَةِ التُّرَابِ عِنْدَ السُّجُودِ أَثْنَاءَ الصَّلَاةِ فَإِنِ احْتَاجَ فَعَلَ وَاحِدَةً وَلَمْ يَزِدْ، فَعَنْ مُعَيْقِيبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ فِي الرَّجُلِ يُسَوِّي التُّرَابَ حَينَ يَسْجُدُ قَالَ: "إِنْ كُنْتَ فَاعِلًا فَوَاحِدَةً" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

وَمِنْ الْأَحْكَامِ أَنَّهَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَلا تَجُوزُ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ, والدَّلِيلُ عَلَى ذَلكَ حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقَالَ: أُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ؟ قَالَ: "نَعَمْ" قَالَ: أُصَلِّي فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: "لَا" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ). فَلا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِي مَبَارِكِ الِإِبِلِ مَعَ أَنَّ أَبْوَالَهَا طَاهِرَةٌ.

أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَرْزُقَنَا الْعِلْمَ النَّافِعَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ، وَاللهُ الْمُوَفِقُّ وَالْهَادِي إِلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ.

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ الْبَرِّ الرَّحِيمِ، الْحَلِيمِ الْعَظِيم، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى النَّبِيِّ الْكَرِيم، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَتَعَلَمُّوا مِنَ الْأَحْكَامِ مَا تُقِيمُونَ بِهِ عِبَادَاتِكُمْ، وَتُرْضُونَ بِهِ رَبَّكُمْ، فَإِنْ جَهِلْتُمْ فَاسْأَلُوا، فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْجَهْلِ السُّؤَالُ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَ(السَّابِع) مِنَ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْبَرِّ: أَنَّ مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ فَإِنَّهُ لا يَغْمِسُ يَدَهُ فِي المَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاثَاً خَارِجَ الْإِنَاءِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ، فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ" (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

(ثَامِنَاً) مِنَ الْأَحْكَامِ أَنَّهُ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ لا تَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَلا تَسْتَدْبِرْهَا, بَلْ خَالِفِ اتِجَّاهَهَا، فعَنْ سَلْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: "لَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ، أَوْ بَوْلٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ بِعَظْمٍ". (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

وَمِنَ الْأَحْكَامِ: أَنَّهُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنَامَ فَإِنَّهُ يُطْفِئُ النَّارَ، وَهَذَا عَامٌ سَوَاءً كَانَ في الْبُيُوتِ أَوِ الْبَرِّيَّةِ، وَخَاصَّةً فِي الْخِيَامِ، فَإِنْ تَرْكَهَا تَشْتَعِلُ خَطَرٌ عَلَى الإِنْسَانِ وَعَلَى رِفَاقِهِ، فَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: احْتَرَقَ بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَهْلِهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَحُدِّثَ بِشَأْنِهِمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: "إِنَّ هَذِهِ النَّارَ إِنَّمَا هِيَ عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ" متفَقٌ عَلَيْهِ.

(تاسِعَاً) مِنَ الآدَابِ الْمُهَمَّةِ: أَنَّ مَنْ خَرَجُوا إِلَى الْبَرِّيَّةِ إِذَا أَرَادُوا مُغَادَرَةَ الْمَكَانِ فَإِنَّهُمْ يَتْرُكُونَهُ نَظِيفاً، فيَضَعُونَ مَا تَرَكُوا مِنَ الْمُخَلَّفَاتِ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ وَإِنْ تَيَسَّرَ أَنْ يَضَعُوهَا فِي كِيسٍ وَيَرْبِطُونَهُ فَإِنَّهُ أَوْفَقُ، فَإِنْ كَانَ طَعَامَاً فَإِنَّهُمْ يَضَعُونَهُ فَوْقَ شُجَيْرَةٍ أَوْ عَلَى كَرْتُونٍ وَلا يَتْرُكُونَهُ فِي التُّرَابِ, إِكْرَامَاً لَهُ وَرُبَّمَا يَأْتِي شَخْصٌ جَائِعٌ أَوْ حَيَوانَاتٍ فَتَأْكُلَ هَذَا الْبَاقِي مِنَ الطَّعَامِ، وَهَذَا أَدَبٌ يَغْفُلُ عَنْهُ الْكَثِيرُ، فَلا يَنْبَغِي أَنْ نَتَهَاوَنَ بِمِثْلِ هَذِهِ الآدَابِ وَالْأَخْلَاقِ.

اَللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِيننا اَلَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانا اَلَّتِي فِيهَا مَعَاشُنا, وأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنا اَلَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنا، وَاجْعَلْ اَلْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ, وَاجْعَلْ اَلْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اَللَّهُمَّ اِنْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا، وَعَلِّمْنَا مَا يَنْفَعُنَا, وَارْزُقْنَا عِلْمًا يَنْفَعُنَا!

اَللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أُمورِنَا، اللَّهُمَّ انْصُرْ دِينَكَ وَكِتَابَكَ وعبادَكَ الصالحينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِين!