البحث

عبارات مقترحة:

البصير

(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...

الكبير

كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...

المتين

كلمة (المتين) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل على وزن (فعيل) وهو...

السماع من لفظ الشيخ وكيفية الرواية بذلك

تتعلق هذه المفردة بتعريف "السماع" الذي هو أحد طرق التحمل، حيث أنه لغوياً يعني الإصغاء، والإجابة. وفي الاصطلاح يعني السماع من تحديث الشيخ سواء حدث من حفظه أم لا، وسواءً أملى على التلميذ أم لم يملِ. وهذا يحمل ضرورة الاصغاء والإجابة والتفاعل في هذا الإجراء. يمكن الرواية لمن سمع بقوله (حدثنا) او (سمعتُ) أو (أخبرنا) وتعتبر هذه الدرجة رفيعة جدًا من درجات التحمل).

التعريف

التعريف لغة

السمع لغةً: حاسة الأذن. والسَّمْعُ: ما وَقَر في الأُذن من شيء تسمعه. والسماع بمعنى الإصغاء. وقد تأتي بمعنى الإجابة: ؛ كقول: (سمع الله لمَن حمده) أي: أجاب وتقبل. ومنه حديث الضحّاك: «لما عرض عليه الإِسلام، قال: فسمعتُ منه كلاماً لم أَسْمَعْ قط قولاً أَسْمَعَ منه»؛ يريد أَبْلَغَ وأَنْجَعَ في القلب. و(السميع) أحد أسماء الله الحسنى. وقد ورد (السمع) في القرآن كثيراً؛ منها ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) ﴾ [المجادلة: 1]. انظر: "لسان العرب" لابن منظر، مادة (سمع).

التعريف اصطلاحًا

السماع هو أعلى صور تحمل الحديث وأرفعها وأقواها، ويعني: أن يسمع المتحمل من لفظ شيخه سواء أحدثه الشيخ من كتاب يقرأه أم من محفوظاته وسواء أأملى عليه أم لم يُملِ عليه. "علوم الحديث ومصطلحه" لصبحي الصالح (ص88)، "منهج النقد في علوم الحديث" لنور الدين عتر (ص214).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

يتبين من خلال النظر في المعنيين اللغوي والاصطلاحي أن السماع المراد به اصطلاحاً يتضمن وجود آلة السمع وهي الأذن، ولبّه الإصغاء، ولا يكون ذلك إلا بصرف الذهن عن أي شاغل سوى الشيء المسموع، ومن هنا جاء السماع من الشيخ -سواءً بإملاء أو لا- على هذا المعنى.

أنواعه

ينقسم السماع من لفظ الشيخ إلى قسمين: 1. التحديث مع إملاء. 2. التحديث من غير إملاء سواءً كان من حفظه، أم من كتابه - وهو أرفع الأقسام عند الجمهور -. "مقدمة ابن الصلاح" (ص251).

الألفاظ التي يستعملها من روى به

يقول الراوي الذي سمع من لفظ شيخه، في حالة الأداء (حدثنا فلان) أو (سمعت فلاناً) أو (أخبرنا) أو (خبرنا) أو (أنبأنا فلان) أو (قال لنا) أو (ذكر لنا فلان) وهذا ما ذكره القاضي عياض فإنها لغةً تجوز، ولكن وفق ما قال الخطيب فإن الخلاف في ذكر الفرق بينها موجودٌ فيها اصطلاحاً. "فتح المغيث" للسخاوي (2/159). وأقر الخطيب أن أرفع هذه الألفاظ (سمعتُ)؛ فليس لأحدٍ أن يقول (سمعتُ) في أحاديث الإجازة أو المكاتبة، ولا في تدليس ما لم يسمعه. تلي (سمعتُ)، لفظي (حدثنا) و(حدثني)، وسبب انخفاض رتبتها عن (سمعتُ) هو أن بعض أهل العلم كان يقول فيما أُجيز له (حدثنا). سوىّ أكثر أهل العلم بين (سمعتُ) و(حدثنا) وهو قول سفيان بن عيينة والشافعي والقطان وابن حنبل وفقهاء الكوفة وغيرهم. وصيغة (قال لي) و(قال لنا) و(ذكر لي) و(ذكر لنا) و(زعم لي) و(زعم لنا) هي بمنزلة السمع وإن احتملت أن تكون مناولةً. "فتح المغيث" للسخاوي (2/159).

مسائل وتنبيهات

تنبيه: قول الراوي (حدثنا فلان) لا يجوز تأوله على معنى (حدّث أهلَ بلدنا) فهذا تكلُّف ولا شاهد له في الواقع. ومثاله ما وقع من بعض الرواة الذين قالوا عن الحسن: (حدثنا أبو هريرة) فهذا لا يصحّ حيث حسبوه سمع منه وهو لم يسمع فأبدلوا (عن أبي هريرة) بـ(حدثنا). "تحرير علوم الحديث" لعبد الله بن يوسف الجديع (1/ص133-134). تنبيه: الرأي المختار أن قراءة التلميذ على الشيخ (العرض) دون السماع، فهي تليها في الدرجة، لكن بعضهم يذهب إلى مساواتها للسماع، وهؤلاء لا يرون بأساً أن يقول التلميذ الذي قرأ على الشيخ (سمعتُ) من غير تقييدها بعبارة (قراءة على الشيخ). ويُبالغ بعض المحدثين في شأن العرض فيقدمها على السماع. " تحرير علوم الحديث" لعبد الله بن يوسف الجديع (1/994). تنبيه: يصح السماع من وراء حجاب إذا عُرف صوته فيما إذا حدث بلفظه، أو إذا عُرف حضوره بمسمع منه فيما إذاقُرئ عليه. وينبغي أن يجوز اعتماد في معرفة صوته وحضوره على خبر مَن يوثق به. وقد كانوا يسمعون من عائشة رضي الله عنها وغيرها من أزواج النبي من وراء حجاب ويروونه عنهن اعتماداً على الصوت "مقدمة ابن الصلاح" (ص264).

نماذج وأمثلة

رواية عبد الجبار بن وائل بن حُجْر، عن أبيه؛ اختُلف فيها على قولين: الأول: متصلة، من جهة مجيء ذكره االسماع من أبيه في شيء من الرواية عنه. وهذا رُوي فيه ما قاله البخاري: «قال فِطر: عن أبي إسحاق عن عبد الجبار سمعتُ أبي"، فقال البخاري: «لا يصح». وقال ابن حبان: «وقد وهم فِطر بن خليفة» ولا يوجد ما يدل صراحة على إثبات سماع فِطر عن أبيه غير هذا. الثاني: منقطعة، لانتفاء ثبوت رواية في كونه سمع، ولقيام المعارض الصحيح. قال يحيى بن معين: «ثبتٌ، ولم يسمع من أبيه شيئاً إنما كان يحدث عن أهل بيته عن أبيه. . لم يسمع من وائل، يقولون: إنه مات وهو حَبَلٌ»، وقال ابن حبان: «وُلد بعد موت أبيه بستة أشهر، مات وائل بن حُجْر وأم عبد الجبار حامل به، وهذا ضرب من المنقطع الذي لا تقوم به الحجة». وهذه الحالة أخبر بها محمد بن حُجْر بن عبد الجبار بن وائل؛ أي أن إفادته متعلقة بسماع جده، ولكن محمد فيه نظر إذ هو (لين الحديث) ولم يدرك جده، فوهم بسماع جده عن والد جده، وأكد العلماء عدم ثبوت السماع بينهما في أكثر من موضع، كما أشاروا إلى وهم فِطر الذي روى ما يصرح بسماعهما من بعضهما. "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (2 /248)، و"عون المعبود" لمحمد شمس الحق العيم آبادي (2/311).