البحث

عبارات مقترحة:

الشهيد

كلمة (شهيد) في اللغة صفة على وزن فعيل، وهى بمعنى (فاعل) أي: شاهد،...

الرزاق

كلمة (الرزاق) في اللغة صيغة مبالغة من الرزق على وزن (فعّال)، تدل...

الكريم

كلمة (الكريم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل)، وتعني: كثير...

الترغيب والترهيب

الترغيب والترهيب كلمتان لكل واحدة منهما أصول (رغب) الراء والغين والباء أصلان: أحدهما طلب لشيء والآخر سعة في شيء. "مقاييس اللغة لابن فارس"(ج2/ص415) أصل الرَّغْبَةِ: السّعة في الشيء"مفردات الراغب"(ص358) ولعل الراغب رحمه الله رد الأصلين إلى أصل واحد يجمع بينهما، وهو السعة في الشيء، فيكون المعنى طلب بسعة. أما (رَهَبَ) الراء والهاء والباء أصلان: أحدهما يدل على خوف، والآخر على دقة وخفة. "مقاييس اللغة لابن فارس"(ج2/ص447). والخوف هو المقصود بالترهيب، وعليه فيكون معنى الترغيب والترهيب هو دعوة الناس إلى الله عن طريق توسيع دائرة الرجاء والأمل في قلوبهم. الترهيب دعوة الناس بتخويفهم من عقاب الله تعالى.

الأدلة

القرآن الكريم

الترغيب والترهيب في القرآن الكريم
قال الله تعالى: ﴿وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ۚ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ (البقرة: 130) قال الله تعالى: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾(الأنبياء: 90). قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ﴾ (59).

السنة النبوية

الترغيب والترهيب في السنة النبوية
علم النبي صدق اللّجإ إليه، وعلمهم كيف يرغبون بما عنده ويرهبون مماخوفهم منه، فمما ورد في السنة: قال رسول الله: «اللهم أسلمتُ نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت»"رواه البخاري"(247). استخدم النبي الترغيب في الصلاة، فقال: عن أبي هريرة، أنه سمع رسول الله يقول: " أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمسا، ما تقول: ذلك يبقي من درنه " قالوا: لا يبقي من درنه شيئا، قال: «فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله به الخطايا»"رواه البخاري"(528) عن عائشة، قالت: لما نزلت ﴿وأنذر عشيرتك الأقربين﴾ [الشعراء: 214] قام رسول الله على الصفا، فقال: «يا فاطمة بنت محمد، يا صفية بنت عبد المطلب، يا بني عبد المطلب، لا أملك لكم من الله شيئا، سلوني من مالي ما شئتم»"رواه مسلم"(205).

الإجماع

الترغيب والترهيب يكون في كل شيء، مع الصغير والكبير، وأفضل مايكون الترغيب والترهيب فيه هو طلب العلم، لما رتب الله فيه من الأجر للمتعلم، فهذا عبد الرحمن الكواكبي ينقل إجماع علماء الاجتماع فيقول: «وقد أجمع علماء الاجتماع والأخلاق والتربية على أنَّ الإقناع خير من الترغيب فضلاً عن الترهيب، وإنَّ التعليم مع الحرية بين المعلِّم والمتعلِّم أفضل من التعليم مع الوقار، وأنَّ التعليم عن رغبة في التكمُّل أرسخ من العلم الحاصل طمعاً في المكافأة، أو غيرة من الأقران»" طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد "(ص130). قلت: وهل الإقناع إلاترغيب وترهيب؟! ! ولكن لبعد علماء الاجتماع عن الألفاظ الشرعية فقد وصفوا الترغيب الترهيب بالإقناع. ثم إن الترغيب لايعني المكافأة، ولكن يعني احتساب الأجر واستذكار عظيم فضل طالب العالم.

العقل

النفس مجبولة على حب من يحسن إليها، وعلى الحذر مما يخوفها. العقل يقتضي أن الناس لايعملون دون مقابل، ولم يعرف عن العبد أن يعمل دون وعد أو وعيد، فالنفس تمنّى وتشتهي، ولما كان الله_عز وجل_خالق العباد، فهو أعلم بعباده، فأنزل لهم من الآيات مايرغبهم بما عنده ويرهبهم من عذابه.

معالم وإرشادات

الترغيب والترهيب أمران متلازمان. فتجدهما في القرآن متلازمين، وذلك لأن بعض الناس لايؤثر فيه التبشير بالفضائل، ولكنه يخاف من العقاب والحساب، والعكس بالعكس. فاستعمال الترغيب والترهيب يستخدمه الواعظ بحسب الموقف والمكان والزمان، فربما يكون كلامه كله ترغيبا إن رآى ذلك، وربما يكون ترهيباً. فهنا تظهر الحكمة في اختيار اسلوب الموعظة لتكون موعظة حسنة. الترغيب والترهيب أسلوب للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. "فالأمر بالمعروف إذن هو الترغيب فيما ينبغي عمله أو قوله طبقاً للشريعة والنهي عن المنكر هو الترغيب في ترك ما ينبغي تركه طبقاً للشريعة»" التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي لعبد القادر عودة"(ج1/ص 493). على الواعظ أن يرغّب ويرهّب، وينوع بينهما قال الغزالي_رحمه الله_: «الرجاء والخوف جناحان بهما يطير المقربون إلى كل مقام محمود ومطيتان بهما يقطع من طرق الآخرة كل عقبة كسود فلا يقود إلى قرب الرحمن وروح الجنان مع كونه بعيد الأرجاء ثقيل الأعباء مجفوفا بمكاره القلوب ومشاق الجوارح والأعضاء إلا أزمة الرجاء ولا يصد عن نار الجحيم والعذاب الأليم مع كونه محفوفا بلطائف الشهوات وعجائب اللذات إلا سياط التخويف وسطوات التعنيف»"إحياء علوم الدين للغزالي"(ج4/ص142). فيرغب بما عند الله من مغفرة ورحمة وسعة عفو، ويبشره بانفراج الأمور، وتيسيرها.

محاذير وتنبيهات

لابد في الترغيب والتهريب أن تراعى بعض الأمور: موعظةالحاكم ترغيباً وترهيباً تختلف عن موعظة العامة، فموعظة الحاكم يراعى فيها اللين، قدر المستطاع. فقد قال الله تعالى: ﴿اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ. فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ ﴾(طه: 43، 44). فالقول اللين هو السهل اللطيف، إضافة أن يكون الأسلوب رفقٍ ولينٍ وأدبٍ في اللفظ من دون فحش وغلظة. حتى لو تكلم الواعظ بالترهيب فليتكلم بلين، حتى ينصت الحاكم إليه، ولايبط به. ويراعى فيه مكانه بين قومه، حتى لاتأخذه العزة بالإثم، فيسعى أن ينصحه سراً، فإن لم يستطع فليتلطف بموعظته أمام حاشيته. قال ابن المبرد الحنبلي: «وقد روينا: أن رجلا جاء إلي بعض الخلفاء، فقال له: إني أريد أن أكلمك كلاما فيه غلظة، فاحتمله لي، فقال: لا ولا نعمة عين ولا كرامة؛ فإن الله عز وجل بعث من هو خير منك إلي من هو شر مني، وأمره أن يكلمه كلاما لينا»"إيضاح طرق الإستقامة في بيان أحكام الولاية والإمامة"(ص204). الترغيب والترهيب يحسنه كثير من الناس، حتى أن القصاص في المجامع رغبون ويرهبون، ولكن لاينبغي لهم أن يتكلموا في أصول العقائد وهي مسائل لايحسنها إلا أهل العلم. قال السبكي_رحمه الله_: «وينبغي له ألَّا يذكر إلَّا ما يفهمه العامَّة، ويشتركون فيه: من الترغيب في الصلاة، والصوم، وإخراج الزكاة والصدقة، ونحو ذلك، ولا يذكر عليهم شيئًا من أصول الدين، وفنون العقائد وأحاديث الصفات؛ فإن ذلك يجرّهم إلى ما لا ينبغي»"معيد النعم ومبيد النقم"(ص89). صدق النية في الترغيب والترهيب لايعني نقل ما لم يصح من النصوص ولايُتساهل بالترغيب في نقل الفضائل التي لم تثبت. فما صح عندنا في الترغيب والترهيب يكفي في هذا الباب.