البحث

عبارات مقترحة:

المقتدر

كلمة (المقتدر) في اللغة اسم فاعل من الفعل اقْتَدَر ومضارعه...

المحيط

كلمة (المحيط) في اللغة اسم فاعل من الفعل أحاطَ ومضارعه يُحيط،...

الفتاح

كلمة (الفتّاح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من الفعل...

الموعظة الحسنة

الموعظة ترجع في جذرها الثلاثي(وَعَظَ)إلى التخويف. واجتماع الحروف الثلاثة( الواو والعين والظاء): كلمة واحدة.تعني التخويف."انظر مقاييس اللغة لابن فارس"(ج6/ص126). قال الخليل: «وهو تذكيرك إياه الخير ونحوه مما يرق له قلبه»"العين"(ج2/ص228) « وموعظة: ذكره ما يلين قلبه من الثواب والعقاب»"تاج العروس للزبيدي"(ج20/ص289). وقد استخدم القرآن الوعظ في معان قريبة، فمنها التذكير والتخويف والزجر، والنصح، والنهي، والامر والوصية. فالموعظة الحسنة من هذه المعاني هو: الكلام الذي يرقق القلوب ويلينها. وعرفها ابن القيم بقوله: «والعظة هي الأمر والنهي، المقرون بالترغيب والترهيب»"مدارج السالكين"(ج1/ص441)

الأدلة

القرآن الكريم

الموعظة الحسنة في القرآن الكريم
أكثر القرآن من ذكر المواعظ، ومما ورد منها في كتاب الله: قوله تعالى: ﴿يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ (النور: 17) قوله تعالى: ﴿أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا﴾ (النساء: 63) قوله تعالى: ﴿فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ (البقرة: 275)

السنة النبوية

الموعظة الحسنة في السنة النبوية
كان النبي صلى الله عليه يتعاهد أصحابه بالمواعظ، فكان لايترك فرصة للتذكير إلا ويذكر فيها، مع حرصه عدم إدخال السآمة عليهم، ومما ورد في السنة في الموعظة: عن عبد الله بن مسعود_رضي الله عنه_، قال: إني أخبر بمكانكم، فما يمنعني أن أخرج إليكم إلا كراهية أن أملكم، «إن رسول الله كان يتخولنا بالموعظة في الأيام، مخافة السآمة علينا»رواه مسلم"(2821). عن أبي نجيحٍ العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعَظَنا رسول الله موعظةً وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودعٍ، فأوصنا، قال: ((أوصيكم بتقوى الله عز وجل، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبدٌ؛ فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل بدعةٍ ضلالةٌ)"رواه الترمذي"(2676).

العقل

أمر الله بالذكرى، فقال سبحانه: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الذاريات: 55). فالمواعظ فيها تنبيه للغافل، وهي أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، ولاتهلك أمة يُؤمر فيها بالمعروف ، ويُنهى فيها عن المنكر. فعن حذيفةرضي الله عنه عن النَّبيِّ قَالَ: والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتَأْمُرُنَّ بالْمَعْرُوفِ، ولَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّه أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ، ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلا يُسْتَجابُ لَكُمْ) "رواه الترمذي"(2169). قال ابن القيم: «والعظة يراد بها أمران: الأمر والنهي المقرونان بالرغبة والرهبة، ونفس الرغبة والرهبة. فالمنيب المتذكر شديد الحاجة إلى الأمر والنهي، والمعرض الغافل شديد الحاجة إلى الترغيب والترهيب»"مدارج السالكين"(ج1/ص444). فينتفع الصالح بالموعظة فيزاداد إيماناً ويكون بذلك قد هيأ نفسه للامر والنهي. ويرتجع العاصي عن معصيته وظلمه.

معالم وإرشادات

تنوعت طرق الدعوة بالموعظة الحسنة في القرآن والسنة، فمنها: ضرب المثل، القصص، سير الصالحين من الأنبياء والأولياء، طرح الأسئلة، رسومات وخطوطٍ في الأرض، وهناك الكثير مما ورد في الكتاب والسنة. والعظة نوعان: عظة بالمسموع، وعظة بالمشهود، فالعظة بالمسموع الانتفاع بما يسمعه من الهدى والرشد، والنصائح التي جاءت على لسان الرسل وما أوحي إليهم، وكذلك الانتفاع بالعظة من كل ناصح ومرشد في مصالح الدين والدنيا. والعظة بالمشهود الانتفاع بما يراه ويشهده في العالم من مواقع العبر، وأحكام القدر، ومجاريه"مدارج السالكين لابن القيم"(ج1/ص443). على الواعظ أن يرغّب ويرهّب، وينوع بينهما قال الغزالي_رحمه الله_: «الرجاء والخوف جناحان بهما يطير المقربون إلى كل مقام محمود ومطيتان بهما يقطع من طرق الآخرة كل عقبة كسود فلا يقود إلى قرب الرحمن وروح الجنان مع كونه بعيد الأرجاء ثقيل الأعباء مجفوفا بمكاره القلوب ومشاق الجوارح والأعضاء إلا أزمة الرجاء ولا يصد عن نار الجحيم والعذاب الأليم مع كونه محفوفا بلطائف الشهوات وعجائب اللذات إلا سياط التخويف وسطوات التعنيف»"إحياء علوم الدين للغزالي"(ج4/ص142). فيرغب بما عند الله من مغفرة ورحمة وسعة عفو، ويبشره بانفراج الأمور، وتيسيرها. تحصل المنفعة بالمواعظ بعد تحقق ثلاثة أشياء، شدة الافتقار إليها، والعمى عن عيب الواعظ، وتذكر الوعد والوعيد"انظر مدارج الساكين لابن القيم"(ج1/ص444). ويرهبه من عذاب الله وسخطه، ويحذره من عاقبة الذين ظلموا وعصوا. فيرغب ويرهب فيحبب ويخوّف. على الواعظ حتى تكون موعظته مؤثرة أن يعمل بما يعظ الناس به، لأن النفوس مجبولة على عدم الانتفاع بكلام من لا يعمل بعمله ولا ينتفع به، وهذا بمنزلة من يصف له الطبيب دواء لمرض به مثله، والطبيب معرض عنه غير ملتفت إليه وقال بعض السلف: إذا أردت أن يقبل منك الأمر والنهي فإذا أمرت بشيء فكن أول الفاعلين له، المؤتمرين به، وإذا نهيت عن شيء، فكن أول المنتهين عنه. "انظر مدارج السالكين لابن القيم"(ج1/ص445).

محاذير وتنبيهات

لابد للواعظ أن يتنبه في موعظته لأمور: موعظةالحاكم تختلف عن موعظة العامة، فموعظة الحاكم يراعى فيها اللين، فقد قال الله تعالى : ﴿اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ. فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ ﴾(طه: 43، 44). فالقول اللين هو السهل اللطيف، إضافة إلى أن يكون الأسلوب برفقٍ ولينٍ وأدبٍ في اللفظ من دون فحش وغلظة. ويراعى فيه مكانه بين قومه، حتى لاتأخذه العزة بالإثم، فيسعى أن ينصحه سراً، فإن لم يستطع فليتلطف بموعظته أمام حاشيته. قال ابن المبرد الحنبلي: «وقد روينا: أن رجلا جاء إلي بعض الخلفاء، فقال له: إني أريد أن أكلمك كلاما فيه غلظة، فاحتمله لي، فقال: لا ولا نعمة عين ولا كرامة؛ فإن الله عز وجل بعث من هو خير منك إلي من هو شر مني، وأمره أن يكلمه كلاما لينا»"إيضاح طرق الإستقامة في بيان أحكام الولاية والإمامة"(ص204). الوعظ يحسنه كثير من الناس، حتى أن القُصّاص يعظون الناس في المجامع ، ولكن لاينبغي لهم أن يتكلموا في أصول العقائد وهي مسائل لايحسنها إلا أهل العلم. قال السبكي_رحمه الله_: «وينبغي له ألَّا يذكر إلَّا ما يفهمه العامَّة، ويشتركون فيه: من الترغيب في الصلاة، والصوم، وإخراج الزكاة والصدقة، ونحو ذلك، ولا يذكر عليهم شيئًا من أصول الدين، وفنون العقائد وأحاديث الصفات؛ فإن ذلك يجرّهم إلى ما لا ينبغي»"معيد النعم ومبيد النقم"(ص89). صدق النية في الوعظ لايعني نقل ما لم يصح من النصوص ولايُتساهل بالترغيب في نقل الفضائل التي لم تثبت. فما صح عندنا في الترغيب والترهيب يكفي في هذا الباب.