البحث

عبارات مقترحة:

المليك

كلمة (المَليك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعيل) بمعنى (فاعل)...

الكبير

كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...

الجواد

كلمة (الجواد) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعال) وهو الكريم...

المجادلة بالتي هي أحسن

المجادلة من الجدل: وهو الخصومة. قال الخليل :«رجل جدل مجدال أي خصم مخصام»"العين"(ج6/ص69). وهي أسلوب للمفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة "انظر المفردات للراغب"(ص186). وهذا الأسلوب يُكتسب ويتخلق به، فهو من أدبيات الحوار والنقاش، وهو أسلوب دعوي محبب للنفس يوصل العلم، وينشر الدعوة. لم توصف بأنها(بالتي هي أحسن) إلا لأن المجادلات كثيرة والمجادلون كثر، ولكن الفائدة قليلة أو معدومة لسوء المجادلة. فلها أدبيات لابد أن تراعى، وإلا فلاداعي لها.

الأدلة

القرآن الكريم

المجادلة بالتي هي أحسن في القرآن الكريم
أمر الله بالمجادلة بالتي هي أحسن، دعوة ليصل كلام الله وأوامره إلى عباده، ومما ورد في كتاب الله: قول الله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: 125] وقوله تعالى: ﴿وَلَا تُجَٰدِلُوٓاْ أَهْلَ اْلْكِتَٰبِ إِلَّا بِاْلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إِلَّا اْلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِاْلَّذِىٓ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَٰحِدٌ وَنَحْنُ لَهُۥ مُسْلِمُونَ﴾(العنكبوت: 46). ﴿هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا﴾(النساء: 109).

السنة النبوية

المجادلة بالتي هي أحسن في السنة النبوية
عن أبي أمامة الباهلي_رضي الله عنه_ قال: قال رسول الله : «أنا زعيم ببيت في ربَض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًّا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه»"رواه أبو داود"(4800).

الإجماع

لايزال الصحابة والتابعون ومن بعدهم من علماء وفضلاء الأمة يجادلون أهل الكتاب وأصحاب الفرق ولابدع ، فسطرت الكتب، وامتلأت المجالس، وحفظ العلم، وانتشرت الدعوة، لأن المجادلة عن دين الله لم تكن مهة إنسان واحد، فقد كانت وظيفة كل عالم، وزكاة لعلمهم الذي تعلموه.

العقل

اقتضى العقل أن تكون المجادلة أسلوباً من أساليب العلم، فإذا طغت أمراض القلوب على بث العلم من كبر واحتقار وضعف أمام السامع، فلن يصل العلم ، ولن تتحقق الفائدة العلمية المرجوة، فحينها سيمجُّ العقل أي نفع من هذه المجادلة، لا بل وربما ينتصر الباطل لأنه شهوة، والشيطان يزين الشهوات. ولهذا أخبر النبي أنه زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وهل يقبل العقل أن تترك البيان مع أنك صاحب حق، الجواب نعم ، لأنك لن تستطيع إيصال الحق إذا تحول الجدال إلى مراء. قَالَ الشافعي رحمه اللَّه: «مَا ناظرت أحدا فأنكر الحجة إلا سقط من عيني ولا قبلها إلا هبته وما ناظرت أحدا فباليت مَعَ من كانت الحجة إن كانت معه صرت إليه»"تلبيس إبليس لابن الجوزي"(ص108).

معالم وإرشادات

يعتبر ابن عباس رضي الله عنهما من أشهر من جادل لهداية فرقة ضالة ، حينما جادل الخوارج، قال ابن عباس: «فَرَجَعَ مِنْهُمْ أَلْفَانِ، وَخَرَجَ سَائِرُهُمْ، فَقُتِلُوا عَلَى ضَلَالَتِهِمْ، فَقَتَلَهُمُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ»"رواه النسائي"(8522) وقد سطّر العلماء مصنفات في أدب المجادلة وحسن مخاطبة المجادل. فالمجادلة إنما وضعت ليستبين الصواب، وَقَدْ كان مقصود السلف المناصحة بإظهار الحق وَقَدْ كانوا ينتقلون من دليل إِلَى دليل، ولايعنيهم سوى الدليل، وإذا خفي عَلَى أحدهم شيء نبهه الآخر لأن المقصود الذي كانوا يطلبونه هو إظهار الحق لاغير. فعن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أبي ليلى أيضا قال أدركت فِي هَذَا المسجد عشرين ومائة من الأنصار -من أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا منهم من يحدث حديثا إلا ود أن أخاه كفاه الحديث ولا يسأل عَنْ فتيا إلا ود أن أخاه كفاه الفتيا" انظر تلبيس إبليس لابن الجوزي"(108) وللتفريق بين المجادلة الباطلة والمجادلة الحقّة علامة. قال ابن عثيمين: «وعلامة ذلك : أي : المجادلة الحقّة، أن الإنسان إذا بان له الحقّ اقتنع وأعلن الرجوع، أما المجادل الذي يريد الانتصار لنفسه فتجده لو بان أن الحقّ مع خصمه، يورد إيرادات يقول: لو قال قائل، ثم إذا أجيب قال: لو قال قائل، ثم إذا أجيب قال: لو قال قائل، ثم تكون سلسلة لا منتهى له، ومثل هذا عليه خطر ألا يقبل قلبه الحق»"كتاب العلم"(164). فعلى العبد أن يوقف نفسه موقف الطالب للحق قبل أن يجادل.

محاذير وتنبيهات

يحذر المجادل من الأمور التالي: على المجادل أن يحذر أموراً، تخرج المجادلة عن كونها وسيلة دعوية، إلى وسيلة يأثم فيها المجادل، ومنها: 1- أن يجادل لحظ نفسه، أو يجادل فقط لأجل المجادلة، وليس لأجل الله ونصرة لسنة رسول الله قال ابن تيمية: «ولهذا ذم السلف أهل الكلام. وكذلك الجدل إذا لم يكن الكلام بحجة صحيحة لم يك إلا جدلا محضا»"منهاج السنّة"(ج3/ص85) 2-يحذر المجادل من العُجْبِ بنفسه سواءً قبلَ أو بعدَ أو أثناءَ المجادلة. 3-يحذر من رفع الصوت لترويع الخصم، وإلزامه الحجة. 4-يحذر المجادل أن يغتاب من جادله بعد المجادلة، ليبين أنه انتصر عليه، أو أن خصمه لم يكن يفهم شيئا في الفن الذي تمت المناقشة فيه. 5-الحذر من المجادلة عن منافق أو زنديق، قال تعالى: ﴿وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾(النساء: 107)