الحليم
كلمةُ (الحليم) في اللغة صفةٌ مشبَّهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل)؛...
عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رجل يا رسول الله، لا أكاد أدرك الصلاة مما يطول بنا فلان، فما رأيت النبي ﷺ في موعظة أشد غضبا من يومئذ، فقال: «أيها الناس، إنكم منفرون، فمن صلى بالناس فليخفف، فإن فيهم المريض، والضعيف، وذا الحاجة».
[صحيح.] - [رواه البخاري.]
اشتكى رجل للنبي ﷺ أنه يتأخر عن صلاة الجماعة أحيانا بسبب تطويل الإمام، فغضب النبي ﷺ غضبا شديدا، ثم وعظ الناس وأخبرهم أن منهم من ينفر الناس في الصلاة، وأمر ﷺ الإمام بالتخفيف فيها، لتتيسر وتسهل على المأمومين، فيخرجوا منها وهم لها راغبون، ولأن في المأمومين من لا يطيق التطويل، إما لعجزه، أو مرضه أو حاجته. فإن كان المصلى منفردا فليطول ما شاء؛ لأنه لا يضر أحداً بذلك.
فليخفف | أي: القراءة والركوع والسجود وغير ذلك من الأقوال والأفعال الذي لا يبلغ حد الإخلال بالصلاة. |
الضعيف | المراد به: ضعيف الخلقة؛ من مرضٍ، أو كبرٍ، أو نحافةٍ، وغيرها. |
وذا الحاجة | أي: صاحب الحاجة، وهو المحتاج للتخفيف لحاجة له، والغالب أنها أمور الدنيا، كما في قصة الرجل. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".