الغني
كلمة (غَنِيّ) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (غَنِيَ...
ما بين المنكب إلى أطراف الأصابع . ومن شواهده قول الله تَعَالَى : ﱫﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬﱪ المائدة :38.
ما بين المنكب إلى أطراف الأصابع.
التَّعْرِيفُ:
1 ـ الْيَدُ فِي اللُّغَةِ مُؤَنَّثَةٌ، وَهِيَ مِنَ الْمَنْكِبِ إِلَى أَطْرَافِ الأَْصَابِعِ، وَلاَمُهَا مَحْذُوفَةٌ وَهِيَ يَاءٌ، وَالأَْصْل: يَدْيٌ، قِيل بِفَتْحِ الدَّالِ، وَقِيل بِسُكُونِهَا، وَجَمْعُ الْقِلَّةِ أَيْدٍ، وَجَمْعُ الْكَثْرَةِ: الأَْيَادِي وَيُدِيٌّ مِثَال فُعُولٌ.
وَالْيَدُ: النِّعْمَةُ وَالإِْحْسَانُ، وَتُطْلَقُ الْيَدُ عَلَى الْقُدْرَةِ، وَيَدُهُ عَلَيْهِ: أَيْ سُلْطَانَهُ، وَالأَْمْرُ بِيَدِ فُلاَنٍ: أَيْ فِي تَصَرُّفِهِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ (1) } أَيْ عَنْ قُدْرَةٍ عَلَيْهِمْ وَغَلَبٍ. وَأَعْطَى بِيَدِهِ: إِذَا انْقَادَ وَاسْتَسْلَمَ، وَالدَّارُ فِي يَدٍ فُلاَنٍ: أَيْ فِي مِلْكِهِ، وَأَوْلَيْتُهُ يَدًا: أَيْ نِعْمَةً، وَالْقَوْمُ يَدٌ عَلَى غَيْرِهِمْ: أَيْ مُجْتَمِعُونَ مُتَّفِقُونَ، وَبِعْتُهُ يَدًا بِيَدٍ: أَيْ حَاضِرًا بِحَاضِرٍ. (2)
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيِّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ. (3) الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْيَدِ:
تَتَعَلَّقُ بِالْيَدِ أَحْكَامٌ مُتَعَدِّدَةٌ مِنْهَا مَا يَلِي:
أَوَّلاً: الْيَدُ بِمَعْنَى الْعُضْوِ وَالْجَارِحَةُ:
الاِسْتِنْجَاءُ بِالْيَدِ:
2 - يَسُنُّ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى بِالْحَجَرِ أَوْ بِالْمَاءِ، وَيُكْرَهُ بِيَمِينِهِ بِلاَ عُذْرٍ (4) ، لِقَوْل الرَّسُول ﷺ: إِذَا بَال أَحَدُكُمْ فَلاَ يَأْخُذَنَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَلاَ يَسْتَنْجِيَ بِيَمِينِهِ (5) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (اسْتِنْجَاء ف 30) .
إِدْخَال الْيَدَيْنِ فِي مَاءِ الطَّهَارَةِ:
3 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى مَشْرُوعِيَّةِ غَسْل الْيَدَيْنِ فِي مَاءِ الطَّهَارَةِ قَبْل إِدْخَالِهِمَا الإِْنَاءَ، يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ مُرِيدُ الطِّهَارَةِ وَغَيْرِهِ، كَمَا يَسْتَوِي فِيهِ الْمُسْتَيْقِظُ مِنَ النَّوْمِ وَغَيْرِهِ.
وَالتَّفْصِيل فِي (كَف ف 3، نَوْم ف 10، وُضُوء ف 90) .
غَسْل الْيَدَيْنِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْل:
4 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَسُنُّ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْل غَسْل الْيَدَيْنِ إِلَى الرُّسْغَيْنِ ثَلاَثًا قَبْل إِدْخَالِهِمَا فِي الإِْنَاءِ وَذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ غَسْل الْيَدَيْنِ إِلَى الْمَرْفِقَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ (6) } .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (وَضَوْء، وَمُصْطَلَحِ غَسْل فِقْرَة 30) .
السُّنَّةُ فِي غَسْل الْيَدَيْنِ:
5 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ السُّنَّةَ فِي غَسْل الْيَدَيْنِ هِيَ الْبِدَايَةُ بِالْيَمِينِ وَمِثْلَهُ فِي الرَّجُلَيْنِ فَعَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُعْجِبُهُ التَّيَامُنَ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ (7) ، وَعَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يُحِبُّ التَّيَامُنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ فِي طُهُورِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَتَنَعُّلِهِ (8) .
(ر: تُيَامُن ف 2 وَمَا بَعْدَهَا) .
رَفْعُ الْجَنَابَةِ عَنِ الْيَدِ:
6 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ إِدْخَال الْجُنُبِ يَدَهُ فِي الْمَاءِ إِذَا لَمْ يَنْوِ بِغَمْسِ يَدِهِ فِي الْمَاءِ رَفْعَ الْحَدَثِ وَلَمْ تَكُنْ عَلَيْهَا نَجَاسَةٌ لاَ يُؤَثِّرُ عَلَى طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي أَثَرِ إِدْخَال الْجُنُبِ يَدَهُ إِذَا نَوَى بِالْغَمْسِ رَفْعَ الْحَدَثِ مِنَ الْجَنَابَةِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الاِسْتِحْسَانِ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ كَذَلِكَ إِلَى أَنَّ الْمَاءَ لاَ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلاً.
وَوَجْهُ الاِسْتِحْسَانِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَا رُوِيَ أَنَّ الْمِهْرَاسَ. (9) كَانَ يُوضَعُ عَلَى بَابِ مَسْجِدِ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَفِيهَا مَاءٌ فَكَانَ أَصْحَابُ الصِّفَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ يَغْتَرِفُونَ مِنْهُ لِلْوُضُوءِ بِأَيْدِيهِمْ (10) ، وَلأَِنَّ فِيهِ بَلْوًى وَضَرُورَةً فَقَدْ لاَ يَجِدُ شَيْئًا يَغْتَرِفُ بِهِ مِنَ الإِْنَاءِ الْعَظِيمِ فَيَجْعَل يَدَهُ لأَِجْل الْحَاجَةِ كَالْمِغْرَفَةِ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فِي الْمُحْدِثِ فَكَذَلِكَ فِي الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّهَا قَالَتْ: " كُنْتُ أَغْتَسِل أَنَا وَرَسُول اللَّهِ ﷺ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، فَيُبَادِرُنِي حَتَّى أَقُول: دَعْ لِي، دَعْ لِي (11) .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الأَْمَالِي قَال: إِذَا أَدْخَل الْجُنُبُ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ فِي الْبِئْرِ لَمْ يُفْسِدْهُ، وَإِنْ أَدْخَل رِجْلَهُ فِي الإِْنَاءِ أَفْسَدَهُ وَهَذَا لِمَعْنَى الْحَاجَةِ، فَفِي الْبِئْرِ الْحَاجَةُ إِلَى إِدْخَال الرِّجْل لِطَلَبِ الدَّلْوِ فَجُعِل عَفْوًا، وَفِي الإِْنَاءِ الْحَاجَةُ إِلَى إِدْخَال الْيَدِ فَلاَ تُجْعَل الرِّجْل عَفْوًا فِيهِ، وَإِنْ أَدْخَل فِي الْبِئْرِ بَعْضَ جَسَدِهِ سِوَى الْيَدِ وَالرَّجُل أَفْسَدَهُ لأَِنَّهُ لاَ حَاجَةَ إِلَيْهِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ الْمَاءَ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلاً.
وَقِيل عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِنْ كَانَ الْمُنْفَصِل عَنِ الْعُضْوِ لَوْ غُسِل ذَلِكَ الْعُضْوُ بِمَائِعٍ ثُمَّ صُبَّ فِيهِ أَثَّرَ: أَثَّرَ هُنَا. (12) مَسْحُ الْيَدِ بِالتُّرَابِ فِي التَّيَمُّمِ:
7 - صِفَةُ التَّيَمُّمِ أَنْ يَضْرِبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الصَّعِيدِ الطَّاهِرِ فَيَنْفُضُهُمَا، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ يَضْرِبُهُمَا كَذَلِكَ وَيَمْسَحُ بِكُل كَفٍّ ظَهْرَ ذِرَاعِ الأُْخْرَى وَبَاطِنَهَا مَعَ الْمِرْفَقِ، وَهَذَا قَوْل جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ بِدَلِيل آيَةِ التَّيَمُّمِ.
وَلِمَعْرِفَةِ آرَاءِ الْفُقَهَاءِ فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ (ر: تَيَمُّم ف 11) .
الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ بِالْيَدِ:
8 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى ظَاهِرِ الْخُفَّيْنِ بِأَصَابِعِ الْيَدِ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (مَسْحٌ عَلَى الْخُفَّيْنِ ف 10) .
هَيْئَةُ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلاَةِ:
9 - اتُّفِقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ أَوْ يُسْتَحَبُّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ، لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ ﵄ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ (13) .
وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ رَفْعِهِمَا، كَمَا ذَكَرُوا أَحْكَامَ وَضْعِ الْيَدِ الْيُمْنَى عَلَى الْيَدِ الْيُسْرَى أَثْنَاءَ الْقِيَامِ فِي الصَّلاَةِ، وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ، وَعِنْدَ الْقِيَامِ لِلرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ، وَكَيْفِيَّةِ وَضْعِ الْيَدَيْنِ أَثْنَاءَ الْجُلُوسِ فِي الصَّلاَةِ، وَوَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ فِي الرُّكُوعِ وَوَضْعِ الْيَدَيْنِ فِي السُّجُودِ، عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (صَلاَة ف 57 وَمَا بَعْدَهَا) .
عَدُّ الْمُصَلِّي الآْيَ بِأَصَابِعِ الْيَدِ:
10 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ عَدِّ الْمُصَلِّي الآْيِ بِأَصَابِعِ الْيَدِ فِي الصَّلاَةِ.
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالصَّاحِبَانِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِعَدِّ الْمُصَلِّي الآْيِ بِأَصَابِعِ الْيَدِ فِي الصَّلاَةِ فَرْضًا كَانَتِ الصَّلاَةُ أَوْ تَطَوُّعًا، لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ﵄ قَال: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَعُدَّ الآْيَ فِي الصَّلاَةِ (14) . وَلأَِنَّ الْعَدَّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ لِمُرَاعَاةِ السُّنَنِ فِي قَدْرِ الْقِرَاءَةِ.
وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ هَذَا الْحُكْمَ بِمَا إِذَا كَانَ الْمُصَلِّي قَصَدَ بِعَدِّ الآْيِ إِصْلاَحَ صَلاَتِهِ، أَمَّا لَوْ فَعَلَهُ سَاهِيًا مِثْل مِنْ نَسِيَ أَنَّهُ فِي الصَّلاَةِ تَخَرَّجَ إِيجَابُ السُّجُودِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ. وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ عَدُّ الآْيِ فِي الصَّلاَةِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ فِي الْفَرْضِ وَرَخَّصَ فِي التَّطَوُّعِ.
وَذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَوْل مُحَمَّدٍ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَاسْتَدَل أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ مَعَهُ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ كَرَاهَةِ عَدِّ الآْيِ بِالْيَدِ فِي الصَّلاَةِ بِأَنَّ الْعَدَّ بِالْيَدِ تَرْكٌ لِسُنَّةِ الْيَدِ، وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ، وَلأَِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَعْمَال الصَّلاَةِ، فَالْقَلِيل مِنْهُ إِنْ لَمْ يُفْسِدِ الصَّلاَةَ فَلاَ أَقَل مِنْ أَنْ يُوجِبَ الْكَرَاهَةَ، وَلاَحَاجَةَ إِلَى الْعَدِّ بِالْيَدِ فِي الصَّلاَةِ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَعُدَّ خَارِجَ الصَّلاَةِ مِقْدَارَ مَا يَقْرَأُ فِي الصَّلاَةِ وَيُعَيِّنَ ثُمَّ يَقْرَأُ بَعْدَ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ الْمُعَيَّنَ، أَوْ يَعُدَّ بِقَلْبِهِ (15) .
عَدُّ التَّسْبِيحِ بِأَصَابِعِ الْيَدِ فِي الصَّلاَةِ:
11 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ وَالصَّاحِبَانِ " أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ) إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُصَلِّي عَدُّ التَّسْبِيحِ فِي الصَّلاَةِ؛ لأَِنَّ الْعَدَّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ لِمُرَاعَاةِ السُّنَّةِ فِي عَدَدِ التَّسْبِيحِ خُصُوصًا فِي صَلاَةِ التَّسْبِيحِ الَّتِي تَوَارَثَتْهَا الأُْمَّةُ.
فَقَدْ نَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ لِلْمُصَلِّي عَدُّ التَّسْبِيحِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. وَنَصَّ الصَّاحِبَانِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِعَدِّ التَّسْبِيحِ فِي الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ.
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ عَلَى أَنَّهُ لاَ تَبْطُل الصَّلاَةَ بِالْحَرَكَاتِ الْخَفِيفَةِ الْمُتَوَالِيَةِ كَتَحْرِيكِ أَصَابِعِهِ فِي سُبَحَةٍ بِلاَ حَرَكَةِ كَفِّهِ، قَال الشِّرْوَانِيُّ: لَكِنَّهُ خِلاَفُ الأَْوْلَى.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ عَدُّ التَّسْبِيحِ فِي الصَّلاَةِ، وَاسْتُدِل لأَِبِي حَنِيفَةَ بِأَنَّ الْعَدَّ بِالْيَدِ لَيْسَ مِنْ أَعْمَال الصَّلاَةِ، فَالْقَلِيل مِنْهُ إِنْ لَمْ يُفْسِدِ الصَّلاَةَ فَلاَ أَقَل مِنْ أَنْ يُوجِبَ الْكَرَاهَةَ.
وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ تَوَقُّفَ فِي عَدِّ التَّسْبِيحِ فِي الصَّلاَةِ، يَتَوَالَى لِقِصَرِهِ فَيَتَوَالَى حِسَابُهُ فَيَكْثُرُ الْعَمَل.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِل الأَْصَحِّ إِلَى أَنَّ الصَّلاَةَ تُبْطَل بِعَدِّ التَّسْبِيحِ فِيهَا؛ لأَِنَّهَا أَفْعَالٌ كَثِيرَةٌ مُتَوَالِيَةٌ فَأَشْبَهَتِ الْخُطُوَاتِ. (16)
وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْفَمِ فِي الصَّلاَةِ:
12 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ وَضْعَ الْيَدِ عَلَى الْفَمِ فِي الصَّلاَةِ إِنْ كَانَ لِحَاجَةٍ كَالتَّثَاؤُبِ وَلَمْ يَسْتَطِعْ كَظْمَهُ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ وَضْعُ يَدِهِ لِدَفْعِ التَّثَاؤُبِ (17) ، لِلأَْحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، مِنْهَا قَوْلُهُ ﷺ إِذَا َثَاوَبَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاَةِ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُل (18) .
وَقَوْلُهُ ﷺ: إِذَا تَثَاوَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُل (19) ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ: فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فَمِهِ (20) .
13 - أَمَّا كَيْفِيَّةُ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الْفَمِ عِنْدَ التَّثَاؤُبِ فَلِلْفُقَهَاءِ فِيهِ تَفْصِيلٌ:
فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ يُغَطِّي فَاهُ بِظَهْرِ الْيُسْرَى، وَفِي قَوْلٍ آخَرَ أَنَّهُ يُغَطِّي فَاهُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى لَوْ كَانَ قَائِمًا، وَإِلاَّ فَبِيَدِهِ الْيُسْرَى، لأََنَّ التَّغْطِيَةَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ بِالْيُسْرَى كَالاِمْتِخَاطِ فَإِنْ كَانَ قَاعِدًا يَسْهُل ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ حَرَكَةُ الْيَدَيْنِ، بِخِلاَفِ إِذَا كَانَ قَائِمًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ التَّغْطِيَةُ بِالْيُسْرَى حَرَكَةَ الْيَمِينِ أَيْضًا لأَِنَّهَا تَحْتَهَا. (21)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَضَعُ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَمِهِ لأَِنَّهَا لِتَنْحِيَةِ الأَْذَى، وَالأَْوْلَى أَنْ يَكُونَ بِظَهْرِهَا لأَِنَّهُ أَقْوَى فِي الدَّفْعِ عَادَةً، إِلاَّ أَنَّ أِصْل السُّنَّةِ يَحْصُل بِبَاطِنِ الْيُسْرَى أَوْ بِوَضْعِ الْيُمْنَى. (22)
وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ تَغْطِيَةَ الْفَمِ تَكُونُ إِمَّا بِيُمْنَى مُطْلَقًا أَوْ بِظَاهِرِ الْيُسْرَى لاَ بِبَاطِنِهَا لِمُلاَقَاةِ الأَْنْجَاسِ. (23)
رَفْعُ الْيَدَيْنِ لِلدُّعَاءِ:
أ - رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الدُّعَاءِ لِلاِسْتِسْقَاءِ:
14 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الدُّعَاءِ لِلاِسْتِسْقَاءِ، فَقَدْ وَرَدَ عَنِ أَنَسٍ ﵁ قَال: أَصَابَ أَهْل الْمَدِينَةِ قَحْطٌ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ ﷺ، فَبَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ قَامَ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ هَلَكَتِ الْكُرَاعُ هَلَكَتِ الشَّاءُ، فَادْعُ اللَّهَ يَسْقِيَنَا، فَمَدَّ يَدَيْهِ وَدَعَا، قَال أَنَسٌ: وَإِنَّ َالسَّمَاءَ كَمِثْل الزُّجَاجَةِ فَهَاجِتْ رِيحٌ أَنَشَأَتْ سَحَابًا، ثُمَّ اجْتَمَعَ، ثُمَّ أَرْسَلَتِ السَّمَاءُ عَزَالِيهَا، فَخَرَجْنَا نَخُوضُ الْمَاءَ حَتَّى أَتَيْنَا مَنَازِلَنَا، فَلَمْ نَزَل نُمْطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الأُْخْرَى (24) .
كَمَا وَرَدَ عَنْ أَنَسٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اسْتَسْقَى فَأَشَارَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ (25) ، قَال الْعُلَمَاءُ: وَهَكَذَا السُّنَّةُ؛ مَنْ دَعَا لِرَفْعِ الْبَلاَءِ جَعَل ظَهْرَ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَإِذَا سَأَل اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا جَعَل بَطْنَ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ.
(ر: اسْتِسْقَاء ف 19) .
ب ـ رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي دُعَاءِ الْقُنُوَتِ:
15 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي َمُقَابِل الصَّحِيحِ إِلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ، لأَِنَّهُ دُعَاءٌ فِي صَلاَةٍ فَلاَ يُسَنُّ فِيهِ رَفْعُ الْيَدَيْنِ قِيَاسًا عَلَى دُعَاءِ الاِفْتِتَاحِ وَالتَّشَهُّدِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ وَأَبُو يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ إِلَى أَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ مُسْتَحَبٌّ لِلاِتِّبَاعِ، وَلأَِنَّ عَدَدًا، مِنَ الصَّحَابَةِ ﵃ رَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ فِي الْقُنُوتِ فَعَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ عُمَرَ ﵁ فَقَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَجَهَرَ بِالدُّعَاءِ (26) .
وَكَيْفِيَّةُ رَفْعِهِمَا: أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ إِلَى صَدْرِهِ حَال قُنُوتِهِ وَيَبْسُطُهَا وَبُطُونِهَا نَحْوَ السَّمَاءِ.
وَقَال ابْنُ الْجَلاَّبِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِرَفْعِ يَدَيْهِ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ. (27)
ج - مَسْحُ الْوَجْهِ بِالْيَدَيْنِ بَعْدَ دُعَاءِ الْقُنُوتِ:
16 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَسْحِ الْوَجْهِ بِالْيَدَيْنِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ دُعَاءِ الْقُنُوتِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ لأَِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ خَبَرٌ، وَلأَِنَّهُ دُعَاءٌ فِي صَلاَةٍ فَلَمْ يُسْتَحَبْ مَسْحُ وَجْهِهِ فِيهِ كَسَائِرِ الأَْدْعِيَةِ فِي الصَّلاَةِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِل الصَّحِيحِ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْمَسْحُ لِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا دَعَا فَرَفْعَ يَدَيْهِ مَسَحَ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ (28) ، وَلأَِنَّهُ دُعَاءٌ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِيهِ فَاسْتُحِبَّ مَسْحُ وَجْهِهِ بِهِمَا. (29)
(ر: قُنُوت ف 4) .
د - رَفَعُ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ خَارِجَ الصَّلاَةِ:
17 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ مِنْ آدَابِ الدُّعَاءِ خَارِجَ الصَّلاَةِ رَفْعُ الْيَدَيْنِ بِحِذَاءِ صَدْرِهِ. (30)
ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلاَءِ الْفُقَهَاءُ فِي هَيْئَةِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الدُّعَاءِ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ مِنَ الأَْفْضَل أَنْ يَبْسُطَ كَفَّيْهِ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ. وَقَالُوا: لاَ يَضَعُ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُْخْرَى فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ عُذْرٍ أَوْ بَرْدٍ شَدِيدٍ فَأَشَارَ بِالْمِسْبَحَةِ قَامَ مَقَامَ بَسْطِ كَفَّيْهِ. (31)
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ لِلاِتِّبَاعِ، وَهُوَ أَنْ يَجْعَل ظَهْرَ كَفَّيْهِ إِلَى اَلسَّمَاءِ إِنْ دَعَا لِرَفْعِ بَلاَءٍ، وَعَكْسَهُ إِنْ دَعَا لِتَحْصِيل شَيْءٍ. (32)
وَنَصَّ اَلْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ مِنْ آدَابِ اَلدُّعَاءِ بَسْطَ يَدَيْهِ وَرَفْعَهُمَا إِلَى صَدْرِهِ لِحَدِيثِ مَالِكِ بْنِ يَسارٍ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا سَأَلْتُمُ اَللَّهَ فَاسْأَلُوهُ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ وَلاَ تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا (33) ، وَتَكُونُ يَدَاهُ مَضْمُومَتَيْنِ. (34)
وَيَرَى اَلْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلٍ أَنَّ اَلدَّاعِيَ لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ اَلدُّعَاءِ خَارِجَ اَلصَّلاَةِ. (35)
هـ ـ مَسْحُ الْوَجْهِ بِالْيَدَيْنِ بَعْدَ الدُّعَاءِ خَارِجَ الصَّلاَةِ:
18 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَسْحِ الْوَجْهِ بِالْيَدَيْنِ بَعْدَ الاِنْتِهَاءِ مِنَ الدُّعَاءِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّ مَنْ يَدْعُو خَارِجَ الصَّلاَةِ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الدُّعَاءِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلٍ وَالْحَنَفِيَّةُ فِي قَوْلٍ وَرَدَ بِلَفْظِ " قِيل ": إِنَّ مَسْحَ الْوَجْهِ بِالْيَدَيْنِ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الدُّعَاءِ لَيْسَ بِشَيْءٍ. (36)
مَسُّ الْغَاسِل عَوْرَةَ الْمَيِّتِ بِيَدِهِ:
19 - يَرَى الْفُقَهَاءُ حُرْمَةَ مَسِّ عَوْرَةِ الْمَيِّتِ، وَأَنَّ الْغَاسِل إِذَا أَرَادَ تَغْسِيل الْمَيِّتِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَلُفَّ عَلَى يَدَيْهِ خِرْقَةً، وَأَنْ يَضَعَ عَلَى عَوْرَةِ الْمَيِّتِ خِرْقَةً حَتَّى لاَ يُفْضِيَ بِيَدِهِ إِلَى الْعَوْرَةِ الْمُحَرَّمَةِ؛ لأَِنَّ النَّظَرَ إِلَى الْعَوْرَةِ حَرَامٌ فَاللَّمْسُ أَوْلَى.
وَاسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ مَا إِذَا اضْطُرَّ الْغَاسِل إِلَى الإِْفْضَاءِ، فَيَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ مَسُّ عَوْرَةِ الْمَيِّتِ بِيَدِهِ مُبَاشَرَةً مِنْ غَيْرِ خِرْقَةٍ (37) .
وَأَمَّا تَغْسِيل الرِّجَال وَالنِّسَاءِ لِلأَْطْفَال الصِّغَارِ وَمَسُّ عَوْرَتِهِمْ فَلِلْفُقَهَاءِ فِيهِ خِلاَفٌ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (تَغْسِيل الْمَيِّتِ ف 16 ـ 17) .
رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ فِي صَلاَةِ الْجِنَازَةِ:
20 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ صَلاَةَ الْجِنَازَةِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ فِي التَّكْبِيرَةِ الأُْولَى.
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي بَاقِي التَّكْبِيرَاتِ:
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ - وَإِلَيْهِ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِ بَلْخٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ - إِلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُل تَكْبِيرَةٍ.
وَلَمْ يَرَ الْحَنَفِيَّةُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلاَ مَالِكٌ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ - وَهِيَ الرَّاجِحَةُ عِنْدَهُمْ - رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي بَاقِي التَّكْبِيرَاتِ.
رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ:
21 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ:
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْحَنَفِيَّةُ فِي قَوْلٍ وَابْنُ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقُ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ ﵄، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِحَدِيثِ: لاَ تُرْفَعُ الأَْيْدِي إِلاَّ فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ: حِينَ يَفْتَتِحُ الصَّلاَةَ، وَحِينَ يَدْخُل الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَيَنْظُرُ إِلَى الْبَيْتِ، وَحِينَ يَقُومُ عَلَى الصَّفَا، وَحِينَ يَقُومَ عَلَى الْمَرْوَةِ، وَحِينَ يَقِفُ مَعَ النَّاسِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ،وَبِجَمْعٍ، وَالْمَقَامَيْنِ حِينَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ (38) .
وَبِأَنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ، وَقَدْ أُمِرَ بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الدُّعَاءِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ، قَال الْقَارِّيُّ فِي شَرْحِهِ: لاَ يَرْفَعُ وَلَوْ حَال دُعَائِهِ لأَِنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْمَشَاهِيرِ مِنْ كُتُبِ أَصْحَابِنَا، قَال السُّرُوجِيُّ: الْمَذْهَبُ تَرْكُهُ، وَصَرَّحَ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا الثَّلاَثَةِ. (39)
اسْتِلاَمُ الْحَجَرِ الأَْسْوَدِ بِالْيَدَيْنِ أَوِ الإِْشَارَةُ إِلَيْهِ:
22 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الطَّائِفَ بِالْبَيْتِ يَسْتَقْبِل الْحَجَرَ الأَْسْوَدَ وَيَسْتَلِمُهُ بِأَنْ يَضَعَ عَلَيْهِ يَدَيْهِ، لَكِنْ إِذَا وَجَدَ الطَّائِفُ زِحَامًا فَيَتَجَنَّبُ الإِْيذَاءَ وَيَكْتَفِي بِالإِْشَارَةِ إِلَى الْحَجَرِ بِيَدَيْهِ؛ لأَِنَّ اسْتِلاَمَ الْحَجَرِ سُنَّةٌ وَإِيذَاءَ النَّاسِ حَرَامٌ يَجِبُ تَرْكُهُ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (الْحَجَرُ الأَْسْوَدُ ف 2، رُكْنٌ ف 17، 18، طَوَافٌ ف 53) . رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ:
23 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الاِرْتِقَاءِ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَابْنُ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُسَنُّ لِمَنْ يَسْعَى أَنْ يَصْعَدَ عَلَى الصَّفَا، وَيَسْتَقْبِل الْبَيْتَ، وَيَرْفَعَ يَدَيْهِ، وَيَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ، وَيَدْعُوَ بِمَا شَاءَ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا وَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَتَى الصَّفَا، فَعَلاَ عَلَيْهِ حَتَّى نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَجَعَل يَحْمَدُ اللَّهَ وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَ (40) .
وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ تَرْكَ رَفْعِ الأَْيْدِي عِنْدَ الصَّفَا أَحَبُّ إِلَى الإِْمَامِ مَالِكٍ، قَال الْقَرَافِيُّ: تَرْكُ رَفْعِ الأَْيْدِي أَحَبُّ إِلَى مَالِكٍ فِي كُل شَيْءٍ إِلاَّ فِي ابْتِدَاءِ الصَّلاَةِ. (41)
تَقْلِيمُ أَظْفَارِ الْيَدِ:
24 - تَقْلِيمُ أَظْفَارِ الْيَدِ سُنَّةٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ لِلرَّجُل وَالْمَرْأَةِ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: الْفِطْرَةُ خَمْسٌ - أَوْ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ -: الْخِتَانُ وَالاِسْتِحْدَادُ وَنَتْفُ الإِْبْطِ وَتَقْلِيمُ الأَْظْفَارِ وَقَصُّ الشَّارِبِ (42) .
(ر: أَظْفَارٌ ف 2 ـ 3) .
خِضَابُ الْيَدَيْنِ بِالْحِنَّاءِ:
25 - يُسْتَحَبُّ خِضَابُ الْيَدَيْنِ بِالْحِنَّاءِ لِلْمُتَزَوِّجَةِ مِنَ النِّسَاءِ لِلأَْحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ فِيهِ، وَهُوَ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَال عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ، إِلاَّ لِحَاجَةِ التَّدَاوِي وَنَحْوِهِ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِحَدِيثِ: لَعَنَ رَسُول اللَّهِ ﷺ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَال بِالنِّسَاءِ (43) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلاَمِ الْحَنَابِلَةِ فِي قَوْلٍ إِلَى كَرَاهَةِ اخْتِضَابِ الْيَدَيْنِ لِلرَّجُل (44) . وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ (اخْتِضَابٌ ف 12، تَشَبُّهٌ ف 17) .
غَسْل الْيَدَيْنِ قَبْل الأَْكْل وَبَعْدَهُ:
4 ـ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ غَسْل الْيَدَيْنِ بَعْدَ الأَْكْل، فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُكْثِرَ اللَّهُ خَيْرَ بَيْتِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ إِذَا حَضَرَ غَدَاؤُهُ وَإِذَا رُفِعَ (45) ، وَلِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ رِيحُ غَمَرٍ وَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ (46) .
وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ نَدْبَ غَسْل الْيَدَيْنِ مِنْ أَكْل مَا لَهُ دَسَمٌ، وَمَا لاَ دَسَمَ لَهُ فَلاَ يُنْدَبُ غَسْل الْيَدَيْنِ مِنْ أَكْلِهِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ غَسْل الْيَدَيْنِ قَبْل الأَْكْل، كَمَا أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ الْجُنُبِ وَغَيْرِهِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالنَّفْرَاوِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ غَسْل الْيَدَيْنِ قَبْل الطَّعَامِ وَإِنْ كَانَ عَلَى وُضُوءٍ؛ لِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُكْثِرَ اللَّهُ خَيْرَ بَيْتِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ إِذَا حَضَرَ غَدَاؤُهُ وَإِذَا رُفِعَ. وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّ غَسْل الْيَدِ قَبْل الطَّعَامِ لَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ بِهَا أَذًى، وَقَالُوا: إِنْ كَانَ الأَْذَى نَجِسًا يَجِبُ الْغَسْل، وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا يُنْدَبُ الْغَسْل. (47)
27 - أَمَّا غَسْل الْجُنُبِ يَدَيْهِ قَبْل الأَْكْل، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْجُنُبِ الْوُضُوءُ عِنْدَ إِرَادَةِ الأَْكْل وَالشُّرْبِ؛ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ إِذَا كَانَ جُنُبًا فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُل أَوْ يَنَامَ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ (48) .
28 - ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلاَءِ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُرَادِ مِنَ الْوُضُوءِ:
فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُضُوءِ وُضُوءُ الصَّلاَةِ.
وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْوُضُوءُ اللُّغَوِيُّ أَيْ غَسْل الْيَدَيْنِ؛ لِمَا وَرَدَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُل وَهُوَ جُنُبٌ غَسَل يَدَيْهِ (49) . قَال فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ: وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ.
ثُمَّ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْجُنُبِ - رَجُلاً كَانَ أَوِ امْرَأَةً - أَنْ يَأْكُل طَعَامًا أَوْ شَرَابًا قَبْل غَسْل الْيَدَيْنِ وَالْفَمِ، وَلاَ يُكْرَهُ ذَلِكَ لِلْحَائِضِ.
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ الأَْكْل وَالشُّرْبُ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ بِلاَ وُضُوءٍ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْجُنُبِ وُضُوءٌ عِنْدَ إِرَادَةِ الأَْكْل وَالشُّرْبِ، وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ غَسْل يَدَيْهِ مِنَ الأَْذَى إِذَا أَرَادَ الأَْكْل. (50)
(ر: وُضُوءٌ ف 22) .
غَسْل الْيَدِ بِالنُّخَالَةِ أَوِ الدَّقِيقِ:
29 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِغَسْل الْيَدَيْنِ بِالنُّخَالَةِ؛ لأَِنَّهَا لَيْسَتْ قُوتًا.
أَمَّا غَسْل الْيَدَيْنِ بِالدَّقِيقِ فَلاَ بَأْسَ بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ فِي قَوْلٍ لِتَوَارُثِ النَّاسِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ.
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ يُكْرَهُ غَسْل الْيَدَيْنِ بِالطَّعَامِ ـ وَهُوَ الْقُوتُ ـ وَلَوْ بِدَقِيقِ حِمَّصٍ وَعَدَسٍ وَبَاقِلاَءَ، وَالْكَرَاهَةُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تَنْزِيهِيَّةٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إِهَانَةِ الطَّعَامِ. وَأَلْحَقَ الْمَالِكِيَّةُ بِالطَّعَامِ النُّخَالَةَ الْمُسْتَخْرَجَةَ مِنَ الْقَمْحِ، بِخِلاَفِ نُخَالَةِ الشَّعِيرِ حَيْثُ قَالُوا بِعَدَمِ كَرَاهَةِ الْغَسْل بِهَا.
وَلِلْحَنَابِلَةِ قَوْلٌ آخَرُ جَاءَ فِي الآْدَابِ، وَهُوَ أَنَّهُ يَتَوَجَّهُ تَحْرِيمُ الْغَسْل بِمَطْعُومٍ. (51)
مَسْحُ الأَْيْدِي بِالْوَرَقِ:
30 - يُكْرَهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ اسْتِعْمَال الْكَاغَدِ (الْوَرَقِ) غَيْرِ الْمَكْتُوبِ فِيهِ فِي مَسْحِ الْيَدَيْنِ فِي وَلِيمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، إِذَا كَانَ هَذَا الْوَرَقُ يَصْلُحُ لِلْكِتَابَةِ لِكَوْنِهِ لِلْكِتَابَةِ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ يَصْلُحُ لِلْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ لاَ يُكْرَهُ. (52)
الأَْكْل بِأَصَابِعِ الْيَدِ:
31 - يُسَنُّ الأَْكْل بِثَلاَثَةِ أَصَابِعَ، هَذَا إِنْ أَكَل بِيَدِهِ، وَلاَ بَأْسَ بِاسْتِعْمَال الْمِلْعَقَةِ وَنَحْوِهَا. (53)
وَالتَّفْصِيل فِي (أَكْلٌ ف 17) .
لَعْقُ الأَْصَابِعِ بَعْدَ الأَْكْل:
32 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ لَعْقَ الأَْصَابِعِ بَعْدَ الأَْكْل وَقَبْل الْمَسْحِ بِالْمَنْدِيل سُنَّةٌ؛ لِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: " إِذَا أَكَل أَحَدُكُمْ فَلْيَلْعَقْ أَصَابِعَهُ، فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي فِي أَيَّتِهِنَّ الْبَرَكَةُ " (54) .
وَلِمَا وَرَدَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: إِذَا أَكَل أَحَدُكُمْ طَعَامَهُ فَلاَ يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَهَا (55) .
وَلِمَعْرِفَةِ حُكْمِ الأَْكْل بِالأَْصَابِعِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ (أَكْلٌ ف 17) .
الاِتِّكَاءُ بِالْيَدِ أَثْنَاءَ الأَْكْل:
33 - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِالأَْكْل مُتَّكِئًا إِذَا لَمْ يَكُنْ بِالتَّكَبُّرِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: هُوَ الْمُخْتَارُ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيِّةِ: يُكْرَهُ الأَْكْل وَالشُّرْبُ مُتَّكِئًا أَوْ وَاضِعًا شِمَالَهُ عَلَى الأَْرْضِ أَوْ مُسْتَنِدًا. (56)
وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى كَرَاهَةِ الأَْكْل مُتَّكِئًا، وَفَسَّرُوا الاِتِّكَاءَ بِأَنْ يَأْكُل مَائِلاً عَلَى مِرْفَقِهِ الأَْيْسَرِ، وَقِيل: مُتَرَبِّعًا. (57)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: وَيُكْرَهُ الأَْكْل مُتَّكِئًا، قَال الْخَطَّابِيُّ: وَهُوَ الْجَالِسُ مُعْتَمِدًا عَلَى وِطَاءٍ تَحْتَهُ، كَقُعُودِ مَنْ يُرِيدُ الإِْكْثَارَ مِنَ الطَّعَامِ، وَأَشَارَ غَيْرُهُ إِلَى أَنَّهُ الْمَائِل إِلَى جَنْبِهِ، وَمِثْلُهُ الْمُضْطَجِعُ بِالأَْوْلَى. (58)
وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ على أَنَّهُ يُكْرَهُ الأَْكْل مُضْطَجِعًا. (59)
الاِسْتِمْنَاءُ بِالْيَدِ:
لاِسْتِمْنَاءِ الرَّجُل بِيَدِهِ حَالاَتٌ:
الْحَالَةُ الأُْولَى: الاِسْتِمْنَاءُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ:
34 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ اسْتِمْنَاءِ الرَّجُل بِيَدِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ:
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْحَنَفِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّ الاِسْتِمْنَاءَ مُحَرَّمٌ؛ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (60) } .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَعَطَاءٌ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ، وَقَيَّدَ الْحَنَفِيَّةُ الْكَرَاهَةَ بِالتَّحْرِيمِ حَيْثُ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا.
وَقَال أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ نَقَلَهَا ابْنُ مَنْصُورٍ: لاَ يُعْجِبُنِي بِلاَ ضَرُورَةٍ. (61)
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: الاِسْتِمْنَاءُ لِخَوْفِ الزِّنَا:
35 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الاِسْتِمْنَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ مَنِ اسْتَمْنَى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، وَعَبَّرَ الْحَنَفِيَّةُ عَنْ هَذَا الْمَطْلَبِ بِقَوْلِهِمُ: الرَّجَاءُ أَلاَّ يُعَاقَبَ.
قَال الْمِرْدَاوِيُّ: لَوْ قِيل بِوُجُوبِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَكَانَ وَجْهٌ كَالْمُضْطَرِّ، بَل أَوْلَى لأَِنَّهُ أَخَفُّ، وَعَنْ أَحْمَدَ: يُكْرَهُ.
قَال مُجَاهِدٌ: كَانُوا يَأْمُرُونَ فِتْيَانَهُمْ أَنْ يَسْتَغْنُوا بِالاِسْتِمْنَاءِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ إِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ وَلَوْ خَافَ الزِّنَا؛ لأَِنَّ الْفَرْجَ مَعَ إِبَاحَتِهِ بِالْعَقْدِ لَمْ يُبَحْ بِالضَّرُورَةِ، فَهُنَا أَوْلَى، وَقَدْ جَعَل الشَّارِعُ الصَّوْمَ بَدَلاً مِنَ النِّكَاحِ، وَالاِحْتِلاَمُ مُزِيلٌ لِشِدَّةِ الشَّبَقِ، مُفَتِّرٌ لِلشَّهْوَةِ. وَهَذَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَاتِ الشَّافِعِيَّةِ حَيْثُ يُحَرِّمُونَ الاِسْتِمْنَاءَ إِلاَّ إِذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِ الزِّنَا. (62)
الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: الاِسْتِمْنَاءُ عِنْدَ تَعَيُّنِهِ طَرِيقًا لِدَفْعِ الزِّنَا:
36 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى جَوَازِ الاِسْتِمْنَاءِ إِذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِلْخَلاَصِ بِهِ مِنَ الزِّنَا.
وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ اسْتِمْنَاءَ الشَّخْصِ بِيَدِهِ حَرَامٌ، خَشِيَ الزِّنَا أَمْ لاَ، لَكِنْ إِذَا لَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهُ الزِّنَا إِلاَّ بِالاِسْتِمْنَاءِ قَدَّمَهُ عَلَى الزِّنَا ارْتِكَابًا لأَِخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ. (63)
الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ: الاِسْتِمْنَاءُ عَنْ طَرِيقِ يَدِ الزَّوْجَةِ:
37 - يَرَى الْمَالِكِيَّةُ فِي الرَّاجِحِ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْحَنَفِيَّةُ فِي رَأْيٍ وَالشَّافِعِيَّةُ - عَدَا الْقَاضِي حُسَيْنٍ - جَوَازَ الاِسْتِمْنَاءِ بِيَدِ الزَّوْجَةِ؛ لأَِنَّهَا مَحَل اسْتِمْتَاعِهِ كَمَا لَوْ أَنْزَل بِتَفْخِيذٍ أَوْ تَبْطِينٍ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الرَّأْيِ الآْخَرِ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ الاِسْتِمْنَاءُ بِيَدِ الزَّوْجَةِ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: الظَّاهِرُ أَنَّهَا كَرَاهَةٌ تَنْزِيهِيَّةٌ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَنْزَل بِتَفْخِيذٍ أَوْ تَبْطِينٍ.
وَقَال الْقَاضِي: لَوْ غَمَزَتِ الْمَرْأَةُ ذَكَرَ زَوْجِهَا بِيَدِهَا كُرِهَ وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ إِذَا أَمْنَى؛ لأَِنَّهُ يُشْبِهُ الْعَزْل وَالْعَزْل مَكْرُوهٌ.
وَمُقَابِل الرَّاجِحِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الاِسْتِمْنَاءَ بِيَدِ الزَّوْجَةِ لاَ يَجُوزُ. (64)
وَلِلتَّفْصِيل فِي أَثَرِ الاِسْتِمْنَاءِ بِالْيَدِ عَلَى الصَّوْمِ وَالاِعْتِكَافِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ يُنْظَرُ (اسْتِمْنَاءٌ ف 8 ـ 13) .
نَظَرُ الرَّجُل إِلَى يَدِ الْمَرْأَةِ:
38 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُل الأَْجْنَبِيِّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى كَفَّيِ الْمَرْأَةِ إِنْ لَمْ يَخَفِ الشَّهْوَةَ.
وَالتَّفْصِيل فِي (نَظَرٌ ف 3 ـ 7) . الْمُصَافَحَةُ بِالْيَدِ:
39 - مُصَافَحَةُ الرَّجُل لِلرَّجُل وَالْمَرْأَةِ لِلْمَرْأَةِ مُسْتَحَبَّةٌ لِعُمُومِ الأَْحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي الْحَثِّ عَلَى الْمُصَافَحَةِ، مِنْهَا قَوْل الرَّسُول ﷺ: مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلاَّ غُفِرَ لَهُمَا قَبْل أَنْ يَتَفَرَّقَا (65) .
أَمَّا مُصَافَحَةُ الرَّجُل لِلْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهَا، وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي (مُصَافَحَةٌ ف 4 وَمَا بَعْدَهَا) .
تَقْبِيل الْيَدِ:
40 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَقْبِيل الْيَدِ عَلَى أَقْوَالٍ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (تَقْبِيلٌ ف 7، 8، 11) .
الْجِنَايَةُ عَلَى الْيَدِ:
41 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ تُؤْخَذُ الْيَدُ بِالْيَدِ فِي الْعَمْدِ، وَلاَ يُؤَثِّرُ التَّفَاوُتُ فِي الْحَجْمِ إِذَا تَوَافَرَتْ شُرُوطُ الْقِصَاصِ بَيْنَهُمَا.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (جِنَايَةٌ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ ف 3 - 16) . دِيَةُ الْيَدِ:
42 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي قَطْعِ الْيَدَيْنِ إِذَا لَمْ يَجِبِ الْقِصَاصُ، وَيَجِبُ نِصْفُهَا فِي قَطْعِ إِحَدَاهُمَا.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (دِيَاتٌ ف 43) .
دِيَةُ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ:
43 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ فِي قَطْعِ أَوْ قَلْعِ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ الْعَشَرَةِ دِيَةً كَامِلَةً، وَفِي قَطْعِ كُل أُصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ عُشْرُ الدِّيَةِ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (دِيَاتٌ ف 53) .
قَطْعُ الْيَدِ فِي السَّرِقَةِ:
44 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ عُقُوبَةَ السَّارِقِ قَطْعُ يَدِهِ إِذَا تَوَافَرَتْ شُرُوطُ الْقَطْعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (66) } .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (سَرِقَةٌ ف 62 - 70) .
قَطْعُ الْيَدِ فِي الْحِرَابَةِ:
45 - مِنْ عُقُوبَاتِ جَرِيمَةِ الْحِرَابَةِ قَطْعُ الْيَدِ وَالرِّجْل مِنْ خِلاَفٍ. وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (حِرَابَةٌ ف 17 وَمَا بَعْدَهَا) .
الْقَذْفُ بِزِنَا الْيَدِ:
46 - الْقَذْفُ بِزِنَا الْيَدِ كَأَنْ قَال لِغَيْرِهِ: زَنَتْ يَدُكَ، اخْتَلَفَتْ فِيهِ أَقْوَال الْفُقَهَاءِ مِنْ حَيْثُ اعْتِبَارُ هَذَا اللَّفْظِ لَفْظًا صَرِيحًا فِي الْقَذْفِ أَوْ تَعْرِيضًا بِهِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ كَذَلِكَ، وَأَشْهَبُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، إِلَى أَنَّهُ لاَ حَدَّ فِيهِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ.
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْقَائِل إِنْ قَصَدَ الْقَذْفَ بِهَذَا اللَّفْظِ كَانَ قَاذِفًا، وَإِلاَّ فَلاَ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ وَأَبُو بَكْرٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ قَوْل شَخْصٍ لِغَيْرِهِ: " زَنَتْ يَدُكَ " صَرِيحٌ فِي الْقَذْفِ إِذَا تَوَافَرَتْ شُرُوطُ حَدِّ الْقَذْفِ، وَذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى الْفَرْجِ، وَلأَِنَّهُ أَضَافَ الزِّنَا إِلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ أَنَّ قَوْل شَخْصٍ لِغَيْرِهِ: " زَنَتْ يَدُكَ " مِنْ أَلْفَاظِ التَّعْرِيضِ، إِلاَّ أَنَّهُمْ يُوجِبُونَ الْحَدَّ عَلَى قَائِلِهِ إِذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى التَّعْرِيضِ، أَوْ أُشْكِل الأَْمْرُ.
أَمَّا إِذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى الاِعْتِذَارِ فَلاَ حَدَّ.
وَهَذَا الْقَوْل إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ أَلْفَاظِ التَّعْرِيضِ إِذَا أَرَادَ بِالْيَدِ حَقِيقَةَ الْيَدِ، أَمَّا إِذَا أَرَادَ بِالْيَدِ ذَاتَالشَّخْصِ الْمَقْذُوفِ فَإِنَّهُ مِنَ الصَّرِيحِ عِنْدَهُمْ. (67)
التَّحَلِّي بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَوْ بِغَيْرِهِمَا فِي الْيَدِ:
47 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُل التَّحَلِّي بِالذَّهَبِ فِي الْيَدِ، كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اتِّخَاذُ حُلِيِّ الذَّهَبِ بِجَمِيعِ أَشْكَالِهِ، وَاسْتَثْنَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ مَا إِذَا دَعَتِ الضَّرُورَةُ إِلَى اتِّخَاذِهِ كَاتِّخَاذِ يَدٍ أَوْ عُضْوٍ آخَرَ مِنَ الذَّهَبِ.
أَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَجُوزُ لَهَا اتِّخَاذُ حُلِيِّ الذَّهَبِ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ.
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُل التَّحَلِّي بِالْفِضَّةِ فِي يَدِهِ بَأَنْ يَتَّخِذَهَا خَاتَمًا لَهُ، وَاخْتَلَفُوا فِي تَحَلِّي الرَّجُل بِالْفِضَّةِ فِيمَا عَدَا الْخَاتَمَ.
وَالتَّفْصِيل فِي (ذَهَبٌ فِي 4 ـ 6، وَحُلِيٌّ ف 6، وَتَخَتُّمٌ ف 8، 9) .
أَمَّا التَّحَلِّي بِغَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي الْيَدِ فَلِلْفُقَهَاءِ فِيهِ خِلاَفٌ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (حُلِيٌّ ف 8، تَخَتُّمٌ ف 10) .
ثَانِيًا: الْيَدُ بِمَعْنَى الْقُدْرَةِ عَلَى التَّصَرُّفِ
الْيَدُ فِي الْحِيَازَةِ:
48 - الْيَدُ مِمَّا يُسْتَدَل بِهِ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ، فَإِذَا ادَّعَى وَاضِعُ الْيَدِ الَّذِي تَلَقَّى الأَْرْضَ شِرَاءً أَوْ إِرْثًا أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَنَّهُ يُؤَدِّي خَرَاجَهَا فَالْقَوْل لَهُ، وَعَلَى مَنْ يُخَاصِمُهُ فِي الْمِلْكِ الْبُرْهَانُ إِنْ صَحَّتْ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ شَرْعًا، وَاسْتُوْفِيَتْ شُرُوطُ الدَّعْوَى.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (حِيَازَةٌ ف 6، وَتَنَازُعٌ بِالأَْيْدِي ف 2) .
كَمَا وَيُنْظَرُ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَاتِ، وَمِنْهَا وَضْعُ الْيَدِ ـ سَوَاءٌ أَكَانَ الشَّيْءُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، أَوْ يَدِ غَيْرِهِمَا، أَوْ يَدِهِمَا مَعًا - مُصْطَلَحُ (شَهَادَةٌ ف 55 ـ 58، تَنَازُعٌ بِالأَْيْدِي ف 2) .
تَقْدِيمُ صَاحِبِ الْيَدِ فِي إِثْبَاتِ نَسَبِ اللَّقِيطِ:
49 - قَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوِ ادَّعَى اللَّقِيطَ اثْنَانِ، وَكَانَ لأَِحَدِهِمَا عَلَيْهِ يَدٌ قُدِّمَ، كَذَا أَطْلَقَهُ الْغَزَالِيُّ وَالْقَفَّال، وَالأَْشْبَهُ إِنْ كَانَتْ يَدَ الْتِقَاطٍ لَمْ يُؤَثِّرْ، وَإِلاَّ فَيُقَدَّمُ إِنْ سَبَقَ دَعْوَاهُ، وَإِلاَّ فَوَجْهَانِ:أَصَحُّهُمَا: يَسْتَوِيَانِ، فَيُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ.
وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ مُصْطَلَحَ (لَقِيطٌ ف 11 وَمَا بَعْدَهَا) .
جَعْل الزَّوْجِ الأَْمْرَ بِيَدِ زَوْجَتِهِ:
50 - إِذَا قَال الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ: " أَمْرُكِ بِيَدِكِ " كَانَ تَفْوِيضًا فِي الطَّلاَقِ.
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (تَفْوِيضٌ ف 9 ـ 12) .
يَدُ الأَْمَانَةِ وَيَدُ الضَّمَانِ:
51 - الْمُرَادُ بِيَدِ الأَْمَانَةِ يَدٌ مُؤْتَمَنَةٌ قَبَضَتِ الْمَال بِإِذْنِ الْمَالِكِ، لاَ عَلَى وَجْهِ الْبَدَل وَالْوَثِيقَةِ.
وَالْمُرَادُ بِيَدِ الضَّمَانِ هِيَ يَدٌ قَبَضَتِ الْمَال بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَالِكِ، أَوْ عَلَى سَبِيل الْمُبَادَلَةِ، أَوْ عَلَى سَبِيل التَّوْثِيقِ.
وَلِمَعْرِفَةِ الأَْحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِيَدِ الأَْمَانَةِ وَيَدِ الضَّمَانِ وَخِلاَفِ الْفُقَهَاءِ فِي تَطْبِيقَاتِهَا (ر: ضَمَانٌ ف 17، 26 وَمَا بَعْدَهَا) .
__________
(1) سورة التوبة / 9.
(2) المصباح المنير، وقواعد الفقه للبركتي ص 555.
(3) ابن عابدين 3 / 256، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 406، وقليوبي على المحلي 3 / 180، والمغني 1 / 99، ومغني المحتاج 1 / 52، وطلبة الطلبة. . 197، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي 4 / 199، وتفسير القرطبي 8 / 115.
(4) مجمع الأنهر 1 / 66، حاشية ابن عابدين 1 / 255، البحر الرائق 1 / 255، الاختيار 1 / 37، حاشية الدسوقي 1 / 105، المجموع 1 / 108، حاشية الشرقاوي 1 / 125، نهاية المحتاج 1 / 137، كشاف القناع 1 / 51، مطالب أولي النهى 1 / 69 وما بعدها.
(5) حديث: " إذا بال أحدكم فلا يأخذ ذكره بيمينه. . . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 254) ومسلم (1 / 225) واللفظ للبخاري.
(6) سورة المائدة / 6.
(7) حديث: " كان يعجبه التيمن في تنعله. . " أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 269) .
(8) حديث: " كان يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله. . " أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 523) ، ومسلم (1 / 226) .
(9) المهراس: بكسر الميم حجر مستطيل ينقل ويدق فيه ويتوضأ منه (المصباح المنير) .
(10) حديث: " أن المهراس كان يوضع على باب مسجد رسول الله ﷺ ". أورده السرخسي في المبسوط (1 / 52) ولم يعزه إلى أي مصدر حديثي. ولم نهتد لمن أسنده.
(11) حديث عائشة: " كنت أغتسل أنا ورسول الله ﷺ. . " أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 363) ومسلم (1 / 255) دون قولها: " فيبادرني. . " فقد أخرجه مسلم في رواية أخرى (1 / 257) .
(12) المبسوط 1 / 52، والمنتقي شرح الموطأ 1 / 107، وشرح الزرقاني 1 / 14، وفتاوى الرملي 1 / 16، والمغني 1 / 212 - 213، والمجموع 1 / 164، ومغني المحتاج 1 / 21، والإنصاف 1 / 43.
(13) حديث: " كان إذا فتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه " أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 219) ومسلم (1 / 292) .
(14) حديث عبد الله بن عمرو: " رأيت رسول الله ﷺ يعد الآي في الصلاة " قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2 / 114) : رواه الطبراني وفيه نصر بن طريف وهو متروك.
(15) بدائع الصنائع 1 / 16، وحاشية ابن عابدين 2 / 165، والإنصاف 2 / 95.
(16) الإنصاف 2 / 96، وكشاف القناع 1 / 376، والمغني 2 / 12، وبدائع الصنائع 1 / 216، وحاشية ابن عابدين 2 / 165، ومواهب الجليل 1 / 552، وتحفة المحتاج 2 / 154، ومغني المحتاج 1 / 199.
(17) رد المحتار 1 / 433، والمجموع 4 / 100، والفتاوى الهندية 1 / 107، ومغني المحتاج 1 / 201، والمغني 2 / 12، وكشاف القناع 1 / 373، ومطالب أولي النهى 1 / 481، والخرشي 1 / 319.
(18) حديث: " إذا تثاوب أحدكم في صلاته. . " أخرجه مسلم (4 / 2293) من حديث أبي سعيد الخدري.
(19) حديث: " إذا تثاوب أحدكم فليمسك يده على فيه. . " أخرجه مسلم (4 / 2293) من حديث أبي سعيد الخدري.
(20) رواية: " فليضع يده على فمه. . " أخرجه سعيد بن منصور كما في المغني لابن قدامة (2 / 12) .
(21) ابن عابدين 1 / 312، 433.
(22) مغني المحتاج 1 / 201، وتحفة المحتاج 2 / 162.
(23) حاشية العدوى على الخرشي 1 / 320.
(24) حديث: " أصاب أهل المدينة قحط. . " أخرجه البخاري (فتح الباري 6 / 588) ومسلم (6 / 612 - 613) واللفظ للبخاري.
(25) حديث: " أن النبي ﷺ استسقى فأشار. . . " أخرجه مسلم (2 / 612) .
(26) حديث: " أبي رافع أنه صلى خلف عمر. . " أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (7 / 212) .
(27) حاشية ابن عابدين 1 / 447، والطحطاوي 1 / 280، ومواهب الجليل 1 / 540، وحاشية العدوي 1 / 239، ومغني المحتاج 1 / 16، والمجموع 3 / 500، والإنصاف 2 / 172.
(28) حديث: " أن النبي ﷺ كان إذا دعا فرفع يديه مسح وجهه بيديه " أخرجه أبو داود (2 / 166) وفي إسناده راو مجهول كما في الميزان للذهبي (1 / 569) .
(29) مغني المحتاج 1 / 167، الإنصاف 2 / 172، والمغني 2 / 154، وحاشية الطحطاوي 1 / 280.
(30) الفتاوى الهندية 5 / 318، ومغني المحتاج 1 / 167، وكشاف القناع 1 / 367، والفواكه الدواني 2 / 430، والمنتقى 1 / 289.
(31) الفتاوى الهندية 5 / 318.
(32) مغني المحتاج 1 / 167، وتحفة المحتاج 1 / 486.
(33) حديث: " إذا سألتم الله فسألوه ببطون أكفكم. . " أخرجه أبو داود (2 / 165) .
(34) كشاف القناع 1 / 367.
(35) الفواكه الدواني 2 / 430، والمدونة 1 / 68.
(36) الفتاوى الهندية 5 / 318، والإنصاف 2 / 173 والمغني لابن قدامة 2 / 154، ومغني المحتاج 1 / 167، وتحفة المحتاج 1 / 486، والفواكه الدواني 2 / 430.
(37) بدائع الصنائع 1 / 300، وحاشية الدسوقي 1 / 416، والمجموع 5 / 165، ومغني المحتاج 1 / 333، والمغني 2 / 456 - 457، والإنصاف 2 / 486 - 487.
(38) حديث: " لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن. . " أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (11 / 385) ونقل الزيلعي في نصب الراية (1 / 390) عن شعبة أنه أعله بالانقطاع في إسناده.
(39) حاشية ابن عابدين 2 / 165، وروضة الطالبين 3 / 76، والمغني لابن قدامة 3 / 369، وكشاف القناع 2 / 476، حاشية الفدوي على شرح الرسالة 1 / 464.
(40) حديث: " أن النبي ﷺ لما فرغ من طوافه. . " أخرجه مسلم (3 / 1407) .
(41) هداية السالك لابن جماعة 2 / 875 - 879، والفتاوى الهندية 1 / 266، والذخيرة 3 / 251، وكشاف القناع 2 / 486، والفروع 3 / 504، ومطالب أولي النهى 2 / 404 - 405.
(42) حديث: " الفطرة خمس - أو خمس من الفطرة. . " أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 334) ومسلم (1 / 221) .
(43) حديث: " لعن رسول الله ﷺ المتشبهين من الرجال بالنساء " أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 332) .
(44) حاشية ابن عابدين 5 / 271، وحاشية العدوي 2 / 411، والقوانين الفقهية ص 442، ومغني المحتاج 4 / 296، وكشاف القناع 1 / 283، 2 / 239 والآداب الشرعية 3 / 537، والإنصاف 3 / 152.
(45) حديث: " من أحب أن يكثر الله خير بيته. . " أخرجه ابن ماجه (2 / 1085) وضعف البوصيري في مصباح الزجاجة لضعف الروايتين في إسناده (2 / 174 - ط الجنان) .
(46) حديث: " من بات وفي يده ريح غمر. . " أخرجه الترمذي (4 / 289) من حديث أبي هريرة وقال: حديث حسن غريب.
(47) البحر الرائق 8 / 208 - 209، والفواكه الدواني 2 / 419 - 420، والعدوى على الخرشي 1 / 159. والمغني 7 / 14، وكشاف القناع 5 / 172، ومغني المحتاج 3 / 450.
(48) حديث: " كان رسول الله ﷺ إذا كان جنبا. . " أخرجه مسلم (1 / 248) .
(49) حديث: " كان رسول الله ﷺ إذا أراد أن يأكل وهو جنب غسل يديه. . " أخرجه النسائي (1 / 139) والدارقطني (1 / 126) وقال الدارقطني: صحيح.
(50) تكملة البحر الرائق 8 / 209، والمدونة 1 / 37، والمغني 1 / 229، ومغني المحتاج 1 / 63.
(51) تكملة البحر الرائق 8 / 209، والفتاوى الهندية 5 / 337، والفواكه الدواني 2 / 322، وإحياء علوم الدين 2 / 7، والإنصاف 8 / 325، وكشاف القناع 5 / 172 - 173، وتحفة المحتاج 1 / 178، وحاشية عميرة على شرح المنهاج 1 / 43.
(52) حاشية ابن عابدين 1 / 227، والفتاوى الهندية 5 / 322.
(53) الإنصاف 8 / 121.
(54) حديث: " إذا أكل أحدكم فليلعق أصابعه. . " أخرجه مسلم (3 / 1607) من حديث أبي هريرة.
(55) حديث: " إذا أكل أحدكم طعاما. . " أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 577) ومسلم (3 / 1605) من حديث ابن عباس وتفرد مسلم بزيادة قوله: " طعاما ".
(56) الفتاوى الهندية 5 / 337.
(57) الفواكه الدواني 2 / 418، والشرح الصغير 4 / 755.
(58) مغني المحتاج 3 / 250 وأسنى المطالب 3 / 228.
(59) الإنصاف 8 / 328، والفروع 5 / 301.
(60) سورة المؤمنون / 5 والمعارج / 29.
(61) تحفة المحتاج 1 / 389، ونهاية المحتاج 1 / 312، وحاشية ابن عابدين 2 / 100 ـ 101، وتبيين الحقائق 1 / 323، وفتح القدير 2 / 330، والمغني 3 / 113، والإنصاف 10 / 251، وكشاف القناع 6 / 125، وحاشية العدوي على الخرشي 2 / 359.
(62) حاشية ابن عابدين 2 / 100 ـ 101، وتبيين الحقائق 1 / 323، وفتح القدير 2 / 320، وحاشية العدوي على الخرشي 2 / 359، والإنصاف 10 / 251 ـ 252، وكشاف القناع 6 / 125، وتحفة المحتاج 1 / 389، ونهاية المحتاج 1 / 312.
(63) حاشية ابن عابدين 2 / 100 ـ 101، وتبيين الحقائق 1 / 323، وفتح القدير 2 / 320، والإنصاف 10 / 251 ـ 252، وكشاف القناع 6 / 125، وتحفة المحتاج 1 / 389، ونهاية المحتاج 1 / 312، وحاشية العدوي على الخرشي 2 / 359.
(64) ابن عابدين 2 / 100، والخرشي 1 / 208، والدسوقي 1 / 173، ونهاية المحتاج 3 / 169، ونهاية الزين في إرشاد المبتدئين ص 349، والقليوبي 4 / 40، وروضة الطالبين 10 / 91، ومطالب أولي النهى 6 / 225.
(65) حديث: " ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان. . " أخرجه أبو داود (5 / 388) وقال المنذري في الترغيب والترهيب (3 / 422) إسناد هذا الحديث فيه اضطراب.
(66) سورة المائدة / 38.
(67) الفتاوى الهندية 20 / 162، والمبسوط 9 / 121، ومنح الجليل 9 / 278، والخرشي وحاشية العدوي 8 / 88، والدسوقي 4 / 328، وطرح التثريب 8 / 21، وشرح البهجة 4 / 230، ومغني المحتاج 3 / 370، والإنصاف 10 / 212، 213، وكشاف القناع 6 / 111.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 260/ 45
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".