الحق
كلمة (الحَقِّ) في اللغة تعني: الشيءَ الموجود حقيقةً.و(الحَقُّ)...
التَّعْرِيفُ:
1 - الْفَرْجُ فِي اللُّغَةِ: اسْمٌ لِجَمْعِ سَوْآتِ الرِّجَال وَالنِّسَاءِ، وَكَذَلِكَ مِنَ الدَّوَابِّ وَنَحْوِهَا مِنَ الْخَلْقِ.
وَقَال الْفَيُّومِيُّ: الْفَرْجُ مِنَ الإِْنْسَانِ يُطْلَقُ عَلَى الْقُبُل وَالدُّبُرِ، لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مُنْفَرِجٌ أَيْ مُنْفَتِحٌ، وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْعُرْفِ فِي الْقُبُل.
وَالْفَرْجُ أَيْضًا الْخَلَل بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، وَالثَّغْرُ الْمَخُوفُ، وَالْعَوْرَةُ (1) .
وَاصْطِلاَحًا: قَال ابْنُ عَابِدِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ الْفَرْجَ لاَ يَشْمَل الدُّبُرَ لُغَةً، وَإِنَّمَا يَشْمَلُهُ حُكْمًا، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ الْحَطَّابُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ حَيْثُ صَرَّحَ بِأَنَّ الْفَرْجَ حَيْثُ أَطْلَقَتْهُ الْعَرَبُ فَلاَ يُرِيدُونَ بِهِ إِلاَّ الْقُبُل.
وَقَال النَّوَوِيُّ: قَال أَصْحَابُنَا: الْفَرْجُ يُطْلَقُ عَلَى الْقُبُل وَالدُّبُرِ مِنَ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ (2) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْفَرْجِ:
لِلْفَرْجِ - بِمَا يَشْمَل الْقُبُل وَالدُّبُرَ - أَحْكَامٌ خَاصَّةٌ فِي الْفِقْهِ الإِْسْلاَمِيِّ مِنْهَا:
الْفَرْجُ عَوْرَةٌ:
2 - أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْفَرْجَ مِنَ الْعَوْرَةِ، بَل هُوَ أَشَدُّهَا. وَهُوَ عَوْرَةٌ مُغَلَّظَةٌ (3) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (عَوْرَة) .
رُطُوبَةُ فَرْجِ الْمَرْأَةِ:
3 - رُطُوبَةُ فَرْجِ الْمَرْأَةِ هِيَ مَاءٌ أَبْيَضُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمَذْيِ وَالْعِرْقِ يَخْرُجُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ.
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إلَى نَجَاسَةِ رُطُوبَةِ الْفَرْجِ الْخَارِجَةِ مِنْ بَاطِنِهِ، لأَِنَّهَا حِينَئِذٍ رُطُوبَةٌ دَاخِلِيَّةٌ، أَمَّا الْخَارِجَةُ مِنْ ظَاهِرِ الْفَرْجِ وَهُوَ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْغُسْل وَالاِسْتِنْجَاءِ فَهِيَ طَاهِرَةٌ.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْحَنَابِلَةُ: إِلَى طَهَارَةِ رُطُوبَةِ الْفَرْجِ مُطْلَقًا (4) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (نَجَاسَة) .
الْوُضُوءُ مِنْ مَسِّ الْفَرْجِ:
4 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ الْفَرْجِ.
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، إِلَى أَنَّ مَسَّ الْفَرْجِ بِالْكَفِّ فِي الْجُمْلَةِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ (5) ، وَحَدِيثِ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلاَ يُصَل حَتَّى يَتَوَضَّأَ (6) وَقَوْلِهِ ﷺ: إِذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ إِلَى فَرْجِهِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سِتْرٌ وَلاَ حِجَابٌ فَلْيَتَوَضَّأْ (7) .
وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ بِضْعَةَ عَشَرَ صَحَابِيًّا، وَهَذَا لاَ يُدْرَكُ بِالْقِيَاسِ، فَعُلِمَ أَنَّهُمْ قَالُوهُ عَنْ تَوْقِيفٍ.
وَاشْتَرَطُوا لِلنَّقْضِ عَدَمَ الْحَائِل، لِلْحَدِيثِ (8) . وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَسَّ الْفَرْجِ لاَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، لِمَا رَوَى طَلْقُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سُئِل عَنِ الرَّجُل يَمَسُّ ذَكَرَهُ بَعْدَمَا يَتَوَضَّأُ، قَال: وَهَل هُوَ إِلاَّ مُضْغَةٌ مِنْهُ أَوْ بَضْعَةٌ مِنْهُ (9) .
قَالُوا: لَكِنْ مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ يَغْسِل يَدَهُ نَدْبًا لِحَدِيثِ: مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ أَيْ لِيَغْسِل يَدَهُ، جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ ﷺ: هَل هُوَ إِلاَّ مُضْغَةٌ مِنْهُ (10) .
ثُمَّ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ النَّاقِضَ هُوَ مَسُّ ذَكَرِ الرَّجُل وَقُبُل الْمَرْأَةِ، وَكَذَا حَلْقَةُ الدُّبُرِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَفِي الْجَدِيدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.
وَالْمُرَادُ بِالْفَرْجِ الَّذِي بِمَسِّهِ يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ الذَّكَرُ فَقَطْ، فَلاَ نَقْضَ عِنْدَهُمْ بِمَسِّ الْمَرْأَةِ فَرْجَهَا إِلاَّ إِنْ قَبَضَتْ عَلَيْهِ أَوْ أَدْخَلَتْ يَدَهَا فِيمَا بَيْنَ الشَّفْرَيْنِ، فَإِنَّهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ عِنْدَهُمُ اتِّفَاقًا (11) 5 - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ الْفَرْجِ الْمَقْطُوعِ أَوْ مَحَلِّهِ.
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ الْفَرْجِ الْمَقْطُوعِ، لِذَهَابِ حُرْمَتِهِ، وَكَذَا مَسُّ مَحَلِّهِ، لأَِنَّهُ لاَ يُسَمَّى فَرْجًا.
وَاسْتَثْنَى الْحَنَابِلَةُ مَسَّ الْفَرْجِ الْبَائِنِ مِنَ الْمَرْأَةِ، فَإِنَّهُ يَنْقُضُ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَسَّ الذَّكَرِ الْمُنْفَصِل - كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ - يَنْقُضُ الْوُضُوءَ إِلاَّ مَا قُطِعَ فِي الْخِتَانِ، إِذْ لاَ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الذَّكَرِ، وَأَمَّا الدُّبُرُ وَقُبُل الْمَرْأَةِ فَإِنْ بَقِيَ اسْمُهُمَا بَعْدَ قَطْعِهِمَا نُقِضَ الْوُضُوءُ بِمَسِّهِمَا، وَإِلاَّ فَلاَ، لأَِنَّ الْحُكْمَ مَنُوطٌ بِالاِسْمِ.
وَيَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ عِنْدَهُمْ أَيْضًا بِمَسِّ مَحَل قَطْعِ الْفَرْجِ (12) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (وُضُوء) .
وَطْءُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْمُسْتَحَاضَةِ فِي الْفَرْجِ:
6 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ وَطْءِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ فِي الْفَرْجِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُل هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} (13) ، وَلِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: اصْنَعُوا كُل شَيْءٍ إِلاَّ النِّكَاحَ (14) ، وَلأَِنَّ دَمَ النِّفَاسِ مَا هُوَ إِلاَّ دَمُ حَيْضٍ مُحْتَبِسٌ لأَِجْل الْحَمْل، فَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْحَيْضِ. وَاسْتَثْنَى الْحَنَابِلَةُ مَنْ بِهِ شَبَقٌ لاَ تَنْدَفِعُ شَهْوَتُهُ بِدُونِ الْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ، وَلاَ يَجِدُ غَيْرَ الْحَائِضِ (15) .
7 - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ وَطْءِ الْمُسْتَحَاضَةِ فِي الْفَرْجِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ إِلَى جَوَازِ وَطْءِ الْمُسْتَحَاضَةِ فِي الْفَرْجِ، لِمَا رَوَى عِكْرِمَةُ عَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ: " أَنَّهَا كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً وَكَانَ زَوْجُهَا يُجَامِعُهَا ".
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى حُرْمَةِ وَطْءِ الْمُسْتَحَاضَةِ إِلاَّ أَنْ يَخَافَ الْعَنَتَ (16) .
(ر: اسْتِحَاضَةٌ ف 26، وَوَطْء) عَصْبُ الْمُسْتَحَاضَةِ فَرْجَهَا لِلصَّلاَةِ:
8 - إِذَا أَرَادَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ الصَّلاَةَ غَسَلَتْ فَرْجَهَا قَبْل الْوُضُوءِ وَحَشَتْهُ بِقُطْنَةٍ وَخِرْقَةٍ دَفْعًا لِلنَّجَاسَةِ وَتَقْلِيلاً لَهَا، فَإِنْ كَانَ دَمُهَا قَلِيلاً يَنْدَفِعُ بِذَلِكَ وَحْدَهُ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهَا غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ بِذَلِكَ وَحْدَهُ شَدَّتْ مَعَ ذَلِكَ عَلَى فَرْجِهَا وَتَلَجَّمَتْ (17) .
وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ قَوْل النَّبِيِّ ﷺ لِحَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنْعَتُ لَكِ الْكُرْسُفَ، فَإِنَّهُ يُذْهِبُ الدَّمَ، فَقَالَتْ: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَقَال: فَتَلَجَّمِي (18) .
فَسَادُ الصَّوْمِ بِإِدْخَال شَيْءٍ فِي الْفَرْجِ:
9 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي فَسَادِ الصَّوْمِ بِإِدْخَال شَيْءٍ فِي الْفَرْجِ أَوْ عَدَمِ فَسَادِهِ، كَمَا اخْتَلَفُوا فِيمَا يَجِبُ فِي حَال إِفْسَادِ الصَّوْمِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ جِمَاعَ الصَّائِمِ غَيْرِ النَّاسِي فِي الْفَرْجِ يُوجِبُ الْقَضَاءَ، وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ فَلاَ تَجِبُ مَعَ ذَلِكَ إِلاَّ إِذَا تَوَفَّرَتِ الشُّرُوطُ الآْتِيَةُ:
1 - أَنْ يَكُونَ عَامِدًا. 2 - أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا.
3 - أَنْ يَكُونَ مُخْتَارًا.
4 - أَنْ لاَ يَطْرَأَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مُبِيحٌ لِلْفِطْرِ كَحَيْضٍ وَمَرَضٍ بِغَيْرِ صُنْعِهِ.
5 - أَنْ يَكُونَ قَدْ نَوَى الصِّيَامَ لَيْلاً.
6 - أَنْ يَكُونَ الصَّوْمُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ.
7 - أَنْ يَكُونَ أَدَاءً.
8 - أَنْ يَكُونَ الْمَفْعُول بِهِ آدَمِيًّا فَلاَ يَجِبُ فِي الْجِنِّ.
9 - أَنْ يَكُونَ مُشْتَهًى عَلَى الْكَمَال فَلاَ كَفَّارَةَ بِجِمَاعِ بَهِيمَةٍ أَوْ مَيْتَةٍ وَلَوْ أَنْزَل، وَبِجِمَاعِ الصَّغِيرَةِ خِلاَفٌ، فَالأَْوْجَهُ عِنْدَهُمْ أَنْ لاَ كَفَّارَةَ بِجِمَاعِهَا.
10 - أَنْ تَتَوَارَى الْحَشَفَةُ فِي الْفَرْجِ.
11 - أَنْ يَكُونَ الْجِمَاعُ فِي الْفَرْجِ، أَمَّا الْجِمَاعُ فِي الدُّبُرِ فَلاَ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فِيمَا رَوَاهُ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، لِقُصُورِ الْجِنَايَةِ، لأَِنَّ الْمَحَل مُسْتَقْذَرٌ وَمَنْ لَهُ طَبِيعَةٌ سَلِيمَةٌ لاَ يَمِيل إِلَيْهِ، وَفِيمَا رَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْهُ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي الدُّبُرِ، قَال الزَّيْلَعِيُّ: وَهُوَ الأَْصَحُّ، وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ.
وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا جَامَعَهَا صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ، وَإِذَا أَدْخَلَتْ فِي فَرْجِهَا عُودًا أَوْ أُصْبُعًا أَوْ نَحْوَهُمَا، أَوْ أَدْخَل رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ نَحْوَ ذَلِكَ فِي دُبُرِهِمَا، فَإِنْ كَانَ الأُْصْبُعُ مُبْتَلَّةًأَوْ غَيَّبَ الْعُودَ وَنَحْوَهُ فِي الْفَرْجِ أَوِ الدُّبُرِ فَسَدَ الصَّوْمُ، أَمَّا إِذَا كَانَتِ الأُْصْبُعُ يَابِسَةً أَوْ بَقِيَ طَرَفُ الْعُودِ أَوْ نَحْوِهِ خَارِجَ الْفَرْجِ أَوِ الدُّبُرِ فَلاَ يَفْسُدُ الصَّوْمُ، قَال الزَّيْلَعِيُّ: لَوْ أَدْخَلَتِ الصَّائِمَةُ أُصْبُعَهَا فِي فَرْجِهَا أَوْ دُبُرِهَا لاَ يَفْسُدُ عَلَى الْمُخْتَارِ، إِلاَّ أَنْ تَكُونَ مَبْلُولَةً بِمَاءٍ أَوْ دُهْنٍ (19) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ كُل مَا يَصِل إِلَى جَوْفِ الصَّائِمِ عَنْ طَرِيقِ الْفَرْجِ أَوِ الدُّبُرِ يُفْسِدُ الصِّيَامَ الْوَاجِبَ وَالتَّطَوُّعَ، وَيُوجِبُ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ إِذَا تَوَفَّرَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ التَّالِيَةُ:
1 - أَنْ يَكُونَ الْجِمَاعُ مُوجِبًا لِلْغُسْل، فَوَطْءُ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لاَ تُطِيقُ الْوَطْءَ لاَ قَضَاءَ فِيهِ وَلاَ كَفَّارَةَ إِذَا لَمْ يَحْصُل مِنْهُ مَنِيٌّ وَلاَ مَذْيٌ، وَلاَ قَضَاءَ وَلاَ كَفَّارَةَ كَذَلِكَ عَلَى امْرَأَةٍ وَطِئَهَا صَبِيٌّ وَلَمْ تُنْزِل.
2 - أَنْ يَكُونَ مُتَعَمِّدًا.
3 - أَنْ يَكُونَ مُخْتَارًا.
4 - أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِحُرْمَةِ الْمُوجِبِ الَّذِي فَعَلَهُ، وَلاَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْلَمَ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ.
5 - أَنْ يَكُونَ الصَّوْمُ الَّذِي أَفْسَدَهُ فِي رَمَضَانَ الْحَاضِرِ، وَلاَ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي أَضْدَادِ هَذِهِ الشُّرُوطِ وَمُحْتَرَزَاتِهَا، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْقَضَاءُ (20) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَوْ وَصَل إِلَى جَوْفِ الصَّائِمِ شَيْءٌ عَنْ طَرِيقِ الْفَرْجِ أَوِ الدُّبُرِ بَطَل صَوْمُهُ، قَال النَّوَوِيُّ: لَوْ أَدْخَل الرَّجُل أُصْبُعَهُ أَوْ غَيْرَهَا دُبُرَهُ أَوْ أَدْخَلَتِ الْمَرْأَةُ أُصْبُعَهَا أَوْ غَيْرَهَا دُبُرَهَا أَوْ قُبُلَهَا. . . بَطَل الصَّوْمُ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا، ثُمَّ قَال: قَال أَصْحَابُنَا: وَيَنْبَغِي لِلصَّائِمَةِ أَنْ لاَ تُبَالِغَ بِأُصْبُعِهَا فِي الاِسْتِنْجَاءِ، فَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ فَرْجِهَا إِذَا قَعَدَتْ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ لَهُ حُكْمُ الظَّاهِرِ فَيَلْزَمُهَا تَطْهِيرُهُ وَلاَ يَلْزَمُهَا مُجَاوَزَتُهُ، فَإِنْ جَاوَزَتْهُ بِإِدْخَال أُصْبُعِهَا زِيَادَةً عَلَيْهِ بَطَل صَوْمُهَا، وَلاَ كَفَّارَةَ عِنْدَهُمْ إِلاَّ عَلَى مَنْ بَطَل صَوْمُهُ بِجِمَاعٍ أَثِمَ بِهِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ بِسَبَبِ الصَّوْمِ، فَلاَ كَفَّارَةَ عَلَى نَاسٍ أَوْ مُكْرَهٍ أَوْ جَاهِل التَّحْرِيمِ، وَلاَ عَلَى مُفْسِدِ غَيْرِ رَمَضَانَ، أَوْ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ، وَلاَ عَلَى مُسَافِرٍ جَامَعَ بِنِيَّةِ التَّرَخُّصِ، وَكَذَا بِغَيْرِهَا فِي الأَْصَحِّ، وَلاَ عَلَى مَنْ ظَنَّ اللَّيْل فَبَانَ نَهَارًا، وَلاَ عَلَى مَنْ جَامَعَ بَعْدَ الأَْكْل نَاسِيًا وَظَنَّ أَنَّهُ أَفْطَرَ بِهِ، وَلاَ عَلَى مَنْ زَنَى نَاسِيًا (21) .
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: يَجِبُ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ بِالْجِمَاعِ فِي الْفَرْجِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، سَوَاءٌ أَنْزَل أَوْ لَمْ يُنْزِل، أَوْ كَانَ الْجِمَاعُ دُونَ الْفَرْجِ وَأَنْزَل عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا مُخْتَارًا أَوْ مُكْرَهًا، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّ الْجِمَاعَ دُونَ الْفَرْجِ وَإِذَا اقْتَرَنَ بِهِ الإِْنْزَال فَلاَ كَفَّارَةَ فِيهِ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: أَنَّ مَنْ جَامَعَ نَاسِيًا كَالْعَامِدِ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ.
وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ الْجِمَاعِ فِي الْقُبُل أَوِ الدُّبُرِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ.
وَاخْتُلِفَ فِي الْوَطْءِ فِي فَرْجِ الْبَهِيمَةِ، فَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ؛ لأَِنَّهُ وَطْءٌ فِي فَرْجٍ مُوجِبٌ لِلْغُسْل مُفْسِدٌ لِلصَّوْمِ فَأَشْبَهَ وَطْءَ الآْدَمِيَّةِ، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهُ لاَ تَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ، لأَِنَّهُ لاَ نَصَّ فِيهِ، وَمُخَالِفٌ لِوَطْءِ الآْدَمِيَّةِ فِي إِيجَابِ الْحَدِّ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَفِي كَثِيرٍ مِنْ أَحْكَامِهِ.
وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَوْطُوءَةِ زَوْجًا أَوْ أَجْنَبِيَّةً أَوْ كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً، وَيَفْسُدُ صَوْمُ الْمَرْأَةِ وَيَجِبُ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ بِإِدْخَال أُصْبُعِهَا أَوْ أُصْبُعِ غَيْرِهَا فِي فَرْجِهَا، وَقَال بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ: لاَ يَفْسُدُ صَوْمُهَا إِلاَّ بِالإِْنْزَال (22) .
نَظَرُ كُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ إِلَى فَرْجِ الآْخَرِ:
10 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ نَظَرِ كُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ إِلَى فَرْجِ الآْخَرِ مُطْلَقًا، لِمَا رَوَى بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَال: قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ، قَال: احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلاَّ مِنْ زَوْجِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ (23) ، وَلأَِنَّ الْفَرْجَ مَحَل الاِسْتِمْتَاعِ، فَجَازَ النَّظَرُ إِلَيْهِ كَبَقِيَّةِ الْبَدَنِ (24) .
لَكِنْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ الأَْوْلَى أَدَبًا تَرْكُ النَّظَرِ إِلَى الْفَرْجِ، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلْيَسْتَتِرْ وَلاَ يَتَجَرَّدْ تَجَرُّدَ الْعَيْرَيْنِ (25) ، وَلِقَوْل عَائِشَةَ ﵂: مَا نَظَرْتُ أَوْ مَا رَأَيْتُ فَرْجَ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَطُّ وَفِي لَفْظٍ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُهُ مِنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَلاَ رَآهُ مِنِّي (26) . وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى كَرَاهَةِ نَظَرِ كُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ الْفَرْجَ مِنَ الآْخَرِ وَمِنْ نَفْسِهِ بِلاَ حَاجَةٍ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ، وَتَشْتَدُّ الْكَرَاهَةُ بِالنَّظَرِ إِلَى بَاطِنِ الْفَرْجِ، وَقَالُوا: إِنَّهُ لاَ يُكْرَهُ النَّظَرُ فِي حَالَةِ الْجِمَاعِ بَل يَجُوزُ (27) .
لَمْسُ فَرْجِ الزَّوْجَةِ:
11 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ مَسُّ فَرْجِ زَوْجَتِهِ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: سَأَل أَبُو يُوسُفَ أَبَا حَنِيفَةَ عَنِ الرَّجُل يَمَسُّ فَرْجَ امْرَأَتِهِ وَهِيَ تَمَسُّ فَرْجَهُ لِيَتَحَرَّكَ عَلَيْهَا هَل تَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا؟ قَال: لاَ، وَأَرْجُو أَنْ يَعْظُمَ الأَْجْرُ (28) .
وَقَال الْحَطَّابُ: قَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَال: لاَ بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْفَرْجِ فِي حَال الْجِمَاعِ، وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ: وَيَلْحَسَهُ بِلِسَانِهِ، وَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الإِْبَاحَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِهِ (29) .
وَقَال الْفَنَانِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: يَجُوزُ لِلزَّوْجِ كُل تَمَتُّعٍ مِنْهَا بِمَا سِوَى حَلْقَةِ دُبُرِهَا، وَلَوْ بِمَصِّ بَظْرِهَا (30) وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِجَوَازِ تَقْبِيل الْفَرْجِ قَبْل الْجِمَاعِ، وَكَرَاهَتِهِ بَعْدَهُ (31) .
إِتْيَانُ الزَّوْجَةِ فِي دُبُرِهَا:
12 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ إِتْيَانِ الزَّوْجَةِ فِي دُبُرِهَا (32) . لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، فَلاَ تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ. (33) وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (وَطْء)
أَثَرُ النَّظَرِ إِلَى الْفَرْجِ فِي التَّحْرِيمِ:
13 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ بِالنَّظَرِ إِلَى الْفَرْجِ، وَانْفَرَدَ الْحَنَفِيَّةُ بِالْقَوْل بِثُبُوتِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ بِالنَّظَرِ إِلَى الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ نَظَرَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى ذَكَرِ رَجُلٍ بِشَهْوَةٍ، أَوْ نَظَرَ هُوَ إِلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ تَعَلَّقَتْ بِهِمَا حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ مَا لَمْ يُنْزِل، فَلَوْ أَنْزَل فَلاَ حُرْمَةَ، لأَِنَّ النَّظَرَ مُؤَدٍّ إِلَى الْجِمَاعِ غَالِبًا فَأُقِيمَ مَقَامَهُ، فَإِذَا أَنْزَل عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ إِلَيْهِ فَلاَ حُرْمَةَ، وَلِلشَّرْعِ مَزِيدُ اعْتِنَاءٍ فِي حُرْمَةِ خَصِيٌّ، فَقَال لَهُ عُمَرُ: أَعْلَمْتَهَا؟ قَال: لاَ، قَال: أَعْلِمْهَا ثُمَّ خَيِّرْهَا وَلأَِنَّهُ عَيْبٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ الَّذِي هُوَ مَقْصُودُ النِّكَاحِ (34) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ خِيَارُ فَسْخِ النِّكَاحِ بِعَيْبٍ فِي فَرْجِ الآْخَرِ، وَهُوَ قَوْل عَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي زِيَادٍ وَأَبِي قِلاَبَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالأَْوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ قَوْلُهُ: " لاَ تُرَدُّ الْحُرَّةُ بِعَيْبٍ " وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: " لاَ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِعَيْبٍ " (35) .
وَلِلزَّوْجَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ طَلَبُ التَّفْرِيقِ لِعَيْبٍ فِي فَرْجِ زَوْجِهَا، وَهُوَ الْعُنَّةُ وَالْخِصَاءُ وَالْجَبُّ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ، لأَِنَّ الطَّلاَقَ بِيَدِهِ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (طَلاَقٌ ف 93، 94) .
النَّظَرُ إِلَى الْفَرْجِ لأَِجْل التَّدَاوِي:
15 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ النَّظَرِ لِلتَّطْبِيبِ إِلَى مَوْضِعِ الْمَرَضِ، حَتَّى وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعِ الْفَرْجِ، وَلاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ النَّظَرُ حِينَئِذٍ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ، إِذِ الضَّرُورَاتُ تُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا. وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الْجَوْهَرَةِ: إِذَا كَانَ الْمَرَضُ فِي سَائِرِ بَدَنِهَا غَيْرِ الْفَرْجِ يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهِ عِنْدَ الدَّوَاءِ، لأَِنَّهُ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ، وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعِ الْفَرْجِ فَيَنْبَغِي أَنْ تُعْلَمَ امْرَأَةٌ تُدَاوِيهَا، فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ وَخَافُوا عَلَيْهَا أَنْ تَهْلِكَ أَوْ يُصِيبَهَا وَجَعٌ لاَ تَحْتَمِلُهُ يَسْتُرُوا مِنْهَا كُل شَيْءٍ إِلاَّ مَوْضِعَ الْعِلَّةِ ثُمَّ يُدَاوِيهَا الرَّجُل وَيَغُضُّ بَصَرَهُ مَا اسْتَطَاعَ إِلاَّ عَنْ مَوْضِعِ الْجُرْحِ، وَيَنْبَغِي هُنَا لِلْوُجُوبِ.
وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ امْرَأَةٍ يُمْكِنُهَا تَعَاطِي ذَلِكَ مِنَ امْرَأَةٍ وَعَكْسُهُ، وَأَنْ لاَ يَكُونَ ذِمِّيًّا مَعَ وُجُودِ مُسْلِمٍ، وَقِيَاسُهُ مَا قَال الأَْذْرَعِيُّ: أَنْ لاَ تَكُونَ كَافِرَةً أَجْنَبِيَّةً مَعَ وُجُودِ مُسْلِمَةٍ عَلَى الأَْصَحِّ، وَلَوْ لَمْ نَجِدْ لِعِلاَجِ الْمَرْأَةِ إِلاَّ كَافِرَةً وَمُسْلِمًا فَالظَّاهِرُ كَمَا قَال الأَْذْرَعِيُّ أَنَّ الْكَافِرَةَ تُقَدَّمُ، لأَِنَّ نَظَرَهَا وَمَسَّهَا أَخَفُّ مِنَ الرَّجُل.
وَفِي كُتُبِ الْحَنَابِلَةِ: وَلِطَبِيبٍ نَظَرُ وَلَمْسُ مَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَى نَظَرِهِ وَلَمْسِهِ حَتَّى فَرْجِهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ذِمِّيًّا (36) .
دِيَةُ الْفَرْجِ:
16 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ فِي الذَّكَرِ أَوِ الْحَشَفَةِ دِيَةً كَامِلَةً وَفِي شُفْرِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ نِصْفَ الدِّيَةِ، وَفِي الشُّفْرَيْنِ دِيَةً كَامِلَةً. كَمَا تَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً فِي إِفْضَاءِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: فِي الإِْفْضَاءِ ثُلُثُ الدِّيَةِ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (دِيَاتٌ ف 38، 40، 51) .
الْخِتَانُ:
17 - الْخِتَانُ فِي الرَّجُل: قَطْعُ الْجِلْدَةِ الَّتِي تُغَطِّي الْحَشَفَةَ، بِحَيْثُ تَنْكَشِفُ الْحَشَفَةُ كُلُّهَا، وَفِي الْمَرْأَةِ - وَيُسَمَّى خِفَاضًا - قَطْعُ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الاِسْمُ مِنَ الْجِلْدَةِ الَّتِي كَعُرْفِ الدِّيكِ فَوْقَ مَخْرَجِ الْبَوْل (37) .
وَهُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ فِي الرِّجَال، مَكْرُمَةٌ فِي النِّسَاءِ، وَقِيل: هُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي النِّسَاءِ أَيْضًا، وَوَاجِبٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي الصَّحِيحِ، وَالْحَنَابِلَةِ فِي الرِّجَال وَالنِّسَاءِ (38)
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (خِتَانٌ ف 2، 3) .
الأَْصْل فِي الأَْبْضَاعِ التَّحْرِيمُ:
18 - مِنَ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُقَرَّرَةِ قَاعِدَةُ أَنَّ الأَْصْل فِي الأَْبْضَاعِ التَّحْرِيمُ. فَإِذَا تَقَابَل فِي الْمَرْأَةِ حِلٌّ وَحُرْمَةٌ غَلَبَتِ الْحُرْمَةُ، وَلِهَذَا لاَ يَجُوزُ التَّحَرِّي فِي الْفُرُوجِ كَمَا يَقُول ابْنُ نُجَيْمٍ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ طَلَبِ الشَّيْءِ بِغَالِبِ الرَّأْيِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ (39) .
قَال السُّيُوطِيُّ: وَلِهَذَا امْتَنَعَ الاِجْتِهَادُ فِيمَا إِذَا اخْتَلَطَتْ مُحَرَّمَةٌ بِنِسْوَةِ قَرْيَةٍ مَحْصُورَاتٍ، لأَِنَّهُ لَيْسَ أَصْلُهُنَّ الإِْبَاحَةَ حَتَّى يَتَأَيَّدَ الاِجْتِهَادُ بِاسْتِصْحَابِهِ، وَإِنَّمَا جَازَ النِّكَاحُ فِي صُورَةِ غَيْرِ الْمَحْصُورَاتِ رُخْصَةً مِنَ اللَّهِ لِئَلاَّ يَنْسَدَّ بَابُ النِّكَاحِ عَلَيْهِ (40) .
وَفِي مَبْسُوطِ السَّرَخْسِيِّ: إِذَا طَلَّقَ إِحْدَى نِسَائِهِ بِعَيْنِهَا ثَلاَثًا ثُمَّ نَسِيَهَا، وَكَذَلِكَ إِنْ مُتْنَ كُلُّهُنَّ إِلاَّ وَاحِدَةً لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَقْرَبَهَا حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهَا غَيْرُ الْمُطَلَّقَةِ (41) .
وَصَرَّحَ ابْنُ نُجَيْمٍ بِأَنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ إِنَّمَا هِيَ فِيمَا إِذَا كَانَ فِي الْمَرْأَةِ سَبَبٌ مُحَقِّقٌ لِلْحُرْمَةِ، فَلَوْ كَانَ فِي الْحُرْمَةِ شَكٌّ لَمْ يُعْتَبَرْ، وَلِذَا قَالُوا لَوْ أَدْخَلَتِ الْمَرْأَةُ حَلَمَةَ ثَدْيِهَا فِي فَمِ رَضِيعَةٍ وَوَقَعَ الشَّكُّ فِي وُصُول اللَّبَنِ إِلَى جَوْفِهَا لَمْ تَحْرُمْ، لأَِنَّ فِي الْمَانِعِ شَكًّا (42) .
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير، والمغرب، والكليات للكفوي 3 / 358 وانظر حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 523.
(2) حاشية ابن عابدين 2 / 100، ومواهب الجليل 3 / 405، وتهذيب الأسماء واللغات 4 / 70.
(3) حاشية ابن عابدين 1 / 270، 274، وحاشية الدسوقي 1 / 211 وما بعدها، مغني المحتاج 1 / 185، وكشاف القناع 1 / 264 وما بعدها.
(4) حاشية ابن عابدين 1 / 112، 208، 233، وحاشية الدسوقي 1 / 57، ونهاية المحتاج 1 / 228، 229، ومغني المحتاج 1 / 81، وكشاف القناع 1 / 195.
(5) حديث: " من مس فرجه فليتوضأ " أخرجه ابن ماجه (1 / 162) من حديث أم حبيبة، وصححه أبو زرعة والحاكم كما في التلخيص لابن حجر (1 / 124) .
(6) حديث بسرة بنت صفوان: " من مس ذكره فلا يصل حتى يتوضأ ". أخرجه الترمذي (1 / 121) وقال: حديث حسن صحيح.
(7) حديث: " إذا أفضى أحدكم بيده على فرجه. . . ". أخرجه ابن حبان، (الإحسان 3 / 401) ، من حديث أبي هريرة، أخرجه الحاكم (1 / 138) مختصرًا وصححه.
(8) مواهب الجليل 1 / 299، وحاشية الدسوقي 1 / 121، ومغني المحتاج 1 / 35، وكشاف القناع 1 / 126.
(9) حديث: أن النبي ﷺ: " سئل عن الرجل يمس ذكره. . . ". / 5 أخرجه أبو داود (1 / 127) والترمذي (1 / 131) والسياق لأبي داود، وصححه جماعة من العلماء كما في التلخيص لابن حجر (1 / 125) .
(10) حاشية ابن عابدين 1 / 99.
(11) مواهب الجليل 1 / 299، 302 وحاشية الدسوقي 1 / 121، ومغني المحتاج 1 / 35، 36، وكشاف القناع 1 / 127، 128.
(12) مواهب الخليل 1 / 299، وحاشية الدسوقي 1 / 121، ومغني المحتاج 1 / 35، 36، وكشاف القناع 1 / 127.
(13) سورة البقرة / 222.
(14) حديث: " اصنعوا كل شيء إلا النكاح ". أخرجه مسلم (1 / 246) من حديث أنس بن مالك.
(15) حاشية ابن عابدين 1 / 194، 199، وحاشية الدسوقي 1 / 173، 175، والقوانين الفقهية 45، ومغني المحتاج 1 / 110، 120، والمجموع 2 / 358، 518، وكشاف القناع 1 / 199، 220، والمغني 1 / 33، 37.
(16) حاشية ابن عابدين 1 / 198، والقوانين الفقهية 46، والمجمع 2 / 372، 542، ومغني المحتاج 1 / 111، 112، وكشاف القناع 1 / 217، والفروع 1 / 281، والمغني لابن قدامة 1 / 339.
(17) حاشية ابن عابدين 1 / 204، والمجموع 2 / 533، 534، والمغني 1 / 340.
(18) حديث: " أنعت لك الكرسف. . . ". أخرجه الترمذي (1 / 222) من حديث حمنة بنت جحش، وقال: حديث حسن صحيح.
(19) ابن عابدين 2 / 107، 99، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 1 / 327، 330.
(20) الفواكه الدواني 1 / 359، 365، وحاشية العدوي على رسالة ابن أبي زيد 1 / 400، والقوانين الفقهية ص34.
(21) المجموع 6 / 314، 321 ومغني المحتاج 1 / 427، 442، 443.
(22) المغني لابن قدامة 3 / 102، 105، 122، وكشاف القناع 2 / 324، 325.
(23) حديث: " احفظ عورتك إلا من زوجك. . . ". أخرجه الترمذي (5 / 110) وقال: حديث حسن.
(24) حاشية ابن عابدين 5 / 234، وحاشية الدسوقي 2 / 215، ومغني المحتاج 3 / 134، وكشاف القناع 5 / 16.
(25) حديث: " إذا أتى أحدكم. . . ". أخرجه ابن ماجه (1 / 619) من حديث عتبة بن عبد السلمي، وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (1 / 337) .
(26) حديث عائشة: " ما نظرت أو رأيت فرج رسول الله ﷺ قط ". أخرجه ابن ماجه (1 / 619) ، وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (1 / 337) لجهالة في إسناده.، واللفظ الآخر: " ما رأيته من رسول الله ﷺ ". أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في أخلاق النبي ﷺ (ص252) ، وفي إسناده راو متهم بالكذب كما في ترجمته من الميزان للذهبي (4 / 11) .
(27) حاشية ابن عابدين 5 / 234، مغني المحتاج 3 / 134، وكشاف القناع 5 / 16.
(28) حاشية ابن عابدين 5 / 234.
(29) مواهب الجليل 3 / 406، والخرشي على مختصر خليل 3 / 166.
(30) إعانة الطالبين 3 / 340 ط مصطفى الحلبي 1938م.
(31) كشاف القناع 5 / 16، 17.
(32) حاشية ابن عابدين 3 / 156، ومواهب الجليل 3 / 407، ومغني المحتاج 4 / 144، وإعانة الطالبين 3 / 340، وكشاف القناع 5 / 188، 189.
(33) فتح القدير 2 / 368 ط الأميرية 1315هـ، والفتاوى الهدية 1 / 274، وحاشية ابن عابدين 2 / 280، والقليوبي وعميرة 3 / 243، وحاشية الدسوقي 2 / 251، وكشاف القناع 5 / 72.
(34) القوانين الفقيهية 237 ط دار العلم للملايين 1979م، ومغني المحتاج 3 / 202، وكشاف القناع 5 / 109 وما بعدها، والمغني لابن قدامة 6 / 650.
(35) حاشية ابن عابدين 2 / 597.
(36) حاشية ابن عابدين 5 / 237، ومواهب الجليل 3 / 405، مغني المحتاج 3 / 133، وكشاف القناع 5 / 13.
(37) ابن عابدين 5 / 478، والفواكه الدواني 1 / 461، والمجموع 1 / 302، والإنصاف 1 / 124، 125.
(38) ابن عابدين 5 / 479، والفواكه الدواني 1 / 461، والمجموع 1 / 297، وما بعدها، والإنصاف 1 / 123.
(39) الأشباه والنظائر لابن نجيم 67. والمبسوط 10 / 185.
(40) الأشباه والنظائر للسيوطي 61.
(41) المسوط للسرخسي 10 / 203.
(42) الأشباه والنظائر لابن نجيم 68.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 84/ 32