القابض
كلمة (القابض) في اللغة اسم فاعل من القَبْض، وهو أخذ الشيء، وهو ضد...
ما يجب سَتره من الجسم عمن لا يحل له النظر إليه . ومن أمثلته حدود عورة الرجل مع الرجال . ومن شواهده عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا، وَمَا نَذَرُ؟ قَالَ : "احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ، أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ " قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟ قَالَ : "إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَيَنَّهَا أَحَدٌ، فَلَا يَرَيَنَّهَا " قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟ قَالَ : "اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ ." أبو داوود :4017.
العَوْرَةُ: كُلُّ ما يُسْتَحْيا منه إذا ظَهَرَ كالفَرْجِ ونَحْوِهِ، يُقال: انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ، أيْ: ما ظَهَرَ ما يُسْتَحْيا منه، ومنه سُمِّيت العَوْرَةُ: سَوْأَةً؛ لأنّه يَسُوءُ المَرْءَ ظُهُورُها. وأَصْلُها مِن العَوَرِ، وهو: خُلُوُّ العَيْنِ مِن النَّظَرِ، وقيل: أَصْلُها مِن العَوارِ وهو: القُبْحُ والعَيْبُ، ومِنه سُمِّيَ ما يُسْتَحْيا منه عَوْرَةً؛ لِقُبْحِ ظُهُورِها. وَتَأْتِي بِمعنى الخَلَلِ والنَّقْصِ والفَسادِ. والجَمْعُ: عَوْراتٌ.
يَرِد مُصطلَح (عَوْرَة) في الفقه في كتاب الطَّهارَةِ، باب: الغُسْل، وكتاب الجَنائِزِ، باب: غَسْل المَيِّتِ، وكتاب الحَجِّ، باب: صِفَة الحجِّ، وكتاب النِّكَاح، باب: آداب الجِماعِ. ويُطلق في كتاب الجامع للآداب، باب: أحكام النَّظَر، عند الكلام عن العَوراتِ الثَّلاث، ويُراد بِها: السّاعَةُ التي تَظْهَرُ فيها العَوْرَةُ عادَةً لِلُّجُوءِ فيها إلى الرّاحَةِ والانْكِشافِ، وهي: ساعَةٌ قَبْلَ الفَجْرِ، وساعَةٌ عند مُنْتَصَفِ النَّهارِ، وساعَةٌ بعد العِشاءِ الآخِرَةِ.
عور
كُلُّ ما يَلزَمُ تَغطِيَتُه ويُستَحى مِن كَشْفِهِ مِن أعضاءِ البَدَنِ كالفَرْجِ والدُّبُرِ.
العَوْرَةُ: من الأُمورِ التي اعْتَنَى الشَّارِعُ بِحِفْظِها عِنايَةً بالِغَةً، والتي تَدْخُلُ تحت أَصْلٍ كُلِّيٍّ، وهو حِفْظُ العِرْضِ. وهي قِسْمانِ: الأوّلُ: عَوْرَةٌ داخِل الصَّلاةِ، وتُسَمَّى: عَوْرَةَ الصَّلاةِ، وهي ما يَجِبُ سَتْرُهُ في الصَّلاةِ. الثَّانِي: عَوْرَةٌ خارِج الصَّلاةِ، وتُسَمَّى: عَوْرَةَ النَّظَرِ، وهي ما يَجِبُ سَتْرُهُ وعَدَمُ إِظْهارِهِ مِن الجِسْمِ خارِجَ الصَّلاةِ.
العَوْرَةُ: كُلُّ ما يُسْتَحْيا منه إذا ظَهَرَ كالفَرْجِ ونَحْوِهِ، يُقال: انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ، أيْ: ما ظَهَرَ ما يُسْتَحْيا منه. وأَصْلُها مِن العَوَرِ، وهو: خُلُوُّ العَيْنِ مِن النَّظَرِ، وقيل: مِن العَوارِ وهو: القُبْحُ والعَيْبُ.
ما يجب سَتره من الجسم عمن لا يحل له النظر إليه.
* العين : (2/237)
* تهذيب اللغة : (3/110)
* مقاييس اللغة : (4/185)
* المحكم والمحيط الأعظم : (2/344)
* مختار الصحاح : (ص 221)
* لسان العرب : (4/616)
* الكليات : (ص 597)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 248)
* المطلع على ألفاظ المقنع : (ص 78)
* دستور العلماء : (2/273)
* القاموس الفقهي : (ص 267)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 324)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (31/44) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْعَوْرَةُ فِي اللُّغَةِ: الْخَلَل فِي الثَّغْرِ وَفِي الْحَرْبِ، وَقَدْ يُوصَفُ بِهِ مُنَكَّرًا، فَيَكُونُ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ. وَفِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ: {وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَارًا} (1) فَهُنَا وَرَدَ الْوَصْفُ مُفْرَدًا وَالْمَوْصُوفُ جَمْعًا (2) .
وَتُطْلَقُ عَلَى السَّاعَةِ الَّتِي تَظْهَرُ فِيهَا الْعَوْرَةُ عَادَةً لِلُّجُوءِ فِيهَا إِلَى الرَّاحَةِ وَالاِنْكِشَافِ، وَهِيَ سَاعَةٌ قَبْل الْفَجْرِ، وَسَاعَةٌ عِنْدَ مُنْتَصَفِ النَّهَارِ، وَسَاعَةٌ بَعْدَ الْعِشَاءِ الآْخِرِ، وَفِي التَّنْزِيل قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْل صَلاَةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاَةِ الْعِشَاءِ ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآْيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (3) وَكُل شَيْءٍ يَسْتُرُهُ الإِْنْسَانُ أَنَفَةً وَحَيَاءً فَهُوَ عَوْرَةٌ (4) .
وَهِيَ فِي الاِصْطِلاَحِ: مَا يَحْرُمُ كَشْفُهُ مِنَ الْجِسْمِ سَوَاءٌ مِنَ الرَّجُل أَوِ الْمَرْأَةِ، أَوْ هِيَ مَا يَجِبُ سِتْرُهُ وَعَدَمُ إِظْهَارِهِ مِنَ الْجِسْمِ، وَحَدُّهَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الْجِنْسِ وَبِاخْتِلاَفِ الْعُمْرِ، كَمَا يَخْتَلِفُ مِنَ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَحْرَمِ وَغَيْرِ الْمَحْرَمِ (5) عَلَى التَّفْصِيل الَّذِي يَأْتِي، وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: هِيَ مَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَيْهِ (6) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
السِّتْرُ:
2 - السِّتْرُ لُغَةً: مَا يُسْتَرُ بِهِ، وَالسُّتْرَةُ بِالضَّمِّ مِثْلُهُ، وَيُقَال لِمَا يَنْصِبُهُ الْمُصَلِّي قُدَّامَهُ عَلاَمَةً لِمُصَلاَّهُ مِنْ عَصًا وَغَيْرِهَا سُتْرَةٌ؛ لأَِنَّهُ يَسْتُرُ الْمَارَّ مِنَ الْمُرُورِ أَيْ يَحْجُبُهُ (7) ، وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْعَوْرَةِ وَالسِّتْرِ أَنَّ السِّتْرَ مَطْلُوبٌ لِتَغْطِيَةِ الْعَوْرَةِ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْعَوْرَةِ:
تَتَعَلَّقُ بِالْعَوْرَةِ أَحْكَامٌ ذَكَرَهَا الْفُقَهَاءُ فِي مَوَاطِنَ مِنْهَا:
عَوْرَةُ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُل الأَْجْنَبِيِّ:
3 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ جِسْمَ الْمَرْأَةِ كُلَّهُ عَوْرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُل الأَْجْنَبِيِّ عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ؛ لأَِنَّ الْمَرْأَةَ تَحْتَاجُ إِلَى الْمُعَامَلَةِ مَعَ الرِّجَال وَإِلَى الأَْخْذِ وَالْعَطَاءِ (8) لَكِنْ جَوَازُ كَشْفِ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِأَمْنِ الْفِتْنَةِ.
وَوَرَدَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَوْل بِجَوَازِ إِظْهَارِ قَدَمَيْهَا؛ لأَِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَهَى عَنْ إِبْدَاءِ الزِّينَةِ وَاسْتَثْنَى مَا ظَهَرَ مِنْهَا. وَالْقَدَمَانِ ظَاهِرَتَانِ (9) ، وَيَقُول ابْنُ عَابِدِينَ: إِنَّ ظَهْرَ الْكَفِّ عَوْرَةٌ؛ لأَِنَّ الْكَفَّ عُرْفًا وَاسْتِعْمَالاً لاَ يَشْمَل ظَهْرَهُ (10) . وَوَرَدَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ الْقَوْل بِجَوَازِ إِظْهَارِ ذِرَاعَيْهَا أَيْضًا لأَِنَّهُمَا يَبْدُوَانِ مِنْهَا عَادَةً (11) .
وَجَازَ كَشْفُ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَالنَّظَرُ إِلَيْهِمَا بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (12) أَيْ مَوَاضِعَهَا، فَالْكُحْل زِينَةُ الْوَجْهِ، وَالْخَاتَمُ زِينَةُ الْكَفِّ (13) ، بِدَلِيل مَا رُوِيَ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، دَخَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ فَأَعْرَضَ عَنْهَا، وَقَال: يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلاَّ هَذَا وَهَذَا، وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ (14)
وَقَال الْقُرْطُبِيُّ (15) فِي مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي قَدْرِ الْمُسْتَثْنَى فَقَال ابْنُ مَسْعُودٍ: ظَاهِرُ الزِّينَةِ هُوَ الثِّيَابُ، وَزَادَ ابْنُ جُبَيْرٍ الْوَجْهَ. وَقَال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَيْضًا وَعَطَاءٌ وَالأَْوْزَاعِيُّ: الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ وَالثِّيَابُ، وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ: ظَاهِرُ الزِّينَةِ هُوَ الْكُحْل وَالسِّوَارُ وَالْخِضَابُ إِلَى نِصْفِ الذِّرَاعِ وَالْقُرْطُ وَالْفَتْخُ.
وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: إِذَا عَرَكَتِ الْمَرْأَةُ لَمْ يَحِل لَهَا أَنْ تُظْهِرَ إِلاَّ وَجْهَهَا، وَإِلاَّ مَا دُونَ هَذَا، وَقَبَضَ عَلَى ذِرَاعِ نَفْسِهِ، فَتَرَكَ بَيْنَ قَبْضَتِهِ وَبَيْنَ الْكَفِّ مِثْل قَبْضَةٍ أُخْرَى (16)
وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: وَشَرْطُ السَّاتِرِ مَنْعُ إِدْرَاكِ لَوْنِ الْبَشَرَةِ لاَ حَجْمِهَا، فَلاَ يَكْفِي ثَوْبٌ رَقِيقٌ وَلاَ مُهَلْهَلٌ لاَ يَمْنَعُ إِدْرَاكَ اللَّوْنِ (17) .
وَظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّ كُل شَيْءٍ مِنَ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلأَْجْنَبِيِّ عَنْهَا حَتَّى ظُفْرَهَا (18) ، وَرُوِيَ عَنْ الإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَال: إِنَّ مَنْ يُبِينُ زَوْجَتَهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَأْكُل مَعَهَا لأَِنَّهُ مَعَ الأَْكْل يَرَى كَفَّهَا، وَقَال الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ: يَحْرُمُ نَظَرُ الأَْجْنَبِيِّ إِلَى الأَْجْنَبِيَّةِ مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ، وَيُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ إِلَى هَذَيْنِ الْعُضْوَيْنِ مَعَ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ (19) . وَمِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ لِلْحُرْمَةِ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال لَهُ: يَا عَلِيُّ لاَ تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ لَكَ الأُْولَى، وَلَيْسَتْ لَكَ الآْخِرَةُ (20) وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ الْفَضْل بْنَ عَبَّاسٍ ﵄ كَانَ رَدِيفَ رَسُول اللَّهِ ﷺ فِي الْحَجِّ فَجَاءَتْهُ الْخَثْعَمِيَّةُ تَسْتَفْتِيهِ، فَأَخَذَ الْفَضْل يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ هِيَ إِلَيْهِ، فَصَرَفَ ﵊ وَجْهَ الْفَضْل عَنْهَا (21) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: الْعَجُوزُ الَّتِي لاَ يُشْتَهَى مِثْلُهَا لاَ بَأْسَ بِالنَّظَرِ إِلَى مَا يَظْهَرُ مِنْهَا غَالِبًا (22) ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحًا} (23) وَفِي مَعْنَى الْعَجُوزِ الشَّوْهَاءُ الَّتِي لاَ تُشْتَهَى، وَمَنْ ذَهَبَتْ شَهْوَتُهُ مِنَ الرِّجَال لِكِبَرٍ أَوْ عُنَّةٍ أَوْ مَرَضٍ لاَ يُرْجَى بُرْؤُهُ وَالْخَصِيُّ وَالشَّيْخُ وَالْمُخَنَّثُ الَّذِي لاَ شَهْوَةَ لَهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ ذَوِي الْمَحَارِمِ فِي النَّظَرِ (24) ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِْرْبَةِ} . (25)
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ حُكْمُهُ حُكْمُ الأَْجْنَبِيِّ، إِذْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّظَرُ حَتَّى إِلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ (26) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: ظُهُورُ الْمَرْأَةِ بِالزِّينَةِ لِلصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ، وَالَّذِي لاَ يَعْرِفُ الْعَوْرَةَ مِنْ غَيْرِ الْعَوْرَةِ لاَ بَأْسَ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوِ الطِّفْل الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} (27) ، وَأَمَّا الَّذِي يَعْرِفُ التَّمْيِيزَ بَيْنَ الْعَوْرَةِ وَغَيْرِهَا وَقَارَبَ الْحُلُمَ فَلاَ يَجُوزُ لَهَا إِبْدَاءُ زِينَتِهَا لَهُ (28) .
وَقَال الْفُقَهَاءُ: مَنْ أَرَادَ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ فَلَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا سَوَاءٌ أَذِنَتْ هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا بِهِ أَمْ لَمْ يَأْذَنَا بِهِ (29) ، لأَِنَّ الرَّسُول ﷺ قَال لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ﵁ حِينَمَا خَطَبَ امْرَأَةً: انْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا (30)
وَلِلْمَرْأَةِ أَيْضًا النَّظَرُ إِلَى مَا هُوَ غَيْرُ عَوْرَةٍ مِنَ الرَّجُل إِنْ أَرَادَتْ الاِقْتِرَانَ بِهِ (31) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (خِطْبَة ف 26، 29)
أَمَّا صَوْتُ الْمَرْأَةِ فَلَيْسَ بِعَوْرَةٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَيَجُوزُ الاِسْتِمَاعُ إِلَيْهِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ (32) ، وَقَالُوا: وَنُدِبَ تَشْوِيهُهُ إِذَا قُرِعَ بَابُهَا فَلاَ تُجِيبُ بِصَوْتٍ رَخِيمٍ.
عَوْرَةُ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلأَْجْنَبِيَّةِ الْكَافِرَةِ:
4 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ) إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الأَْجْنَبِيَّةَ الْكَافِرَةَ كَالرَّجُل الأَْجْنَبِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْلِمَةِ، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى بَدَنِهَا، وَلَيْسَ لِلْمُسْلِمَةِ أَنْ تَتَجَرَّدَ بَيْنَ يَدَيْهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ} (33) أَيِ النِّسَاءِ الْمُسْلِمَاتِ فَلَوْ جَازَ نَظَرُ الْمَرْأَةِ الْكَافِرَةِ لَمَا بَقِيَ لِلتَّخْصِيصِ فَائِدَةٌ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ ﵁ الأَْمْرُ بِمَنْعِ الْكِتَابِيَّاتِ مِنْ دُخُول الْحَمَّامِ مَعَ الْمُسْلِمَاتِ.
وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَرَى الْكَافِرَةُ مِنَ الْمُسْلِمَةِ مَا يَبْدُو مِنْهَا عِنْدَ الْمِهْنَةِ، وَفِي رَأْيٍ آخَرَ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَرَى مِنْهَا مَا تَرَاهُ الْمُسْلِمَةُ مِنْهَا وَذَلِكَ لاِتِّحَادِ الْجِنْسِ كَالرِّجَال (34) .
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ وَلاَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ فِي النَّظَرِ، وَقَال الإِْمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: لاَ تَنْظُرُ الْكَافِرَةُ إِلَى الْفَرْجِ مِنَ الْمُسْلِمَةِ وَلاَ تَكُونُ قَابِلَةً لَهَا. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ أَنَّ الْمُسْلِمَةَ لاَ تَكْشِفُ قِنَاعَهَا عِنْدَ الذِّمِّيَّةِ وَلاَ تَدْخُل مَعَهَا الْحَمَّامَ (35) .
عَوْرَةُ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ:
5 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ عَوْرَةَ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ هِيَ كَعَوْرَةِ الرَّجُل إِلَى الرَّجُل، أَيْ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَلِذَا يَجُوزُ لَهَا النَّظَرُ إِلَى جَمِيعِ بَدَنِهَا عَدَا مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْعُضْوَيْنِ، وَذَلِكَ لِوُجُودِ الْمُجَانَسَةِ وَانْعِدَامِ الشَّهْوَةِ غَالِبًا، وَلَكِنْ يَحْرُمُ ذَلِكَ مَعَ الشَّهْوَةِ وَخَوْفِ الْفِتْنَةِ (36) .
عَوْرَةُ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَحَارِمِ:
6 - الْمُرَادُ بِمَحْرَمِ الْمَرْأَةِ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا عَلَى وَجْهِ التَّأْبِيدِ لِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ (مُصَاهَرَةٍ) أَوْ رَضَاعٍ.
قَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ: إِنَّ عَوْرَةَ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى رَجُلٍ مَحْرَمٍ لَهَا هِيَ غَيْرُ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا كَشْفُ صَدْرِهَا وَثَدْيَيْهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ عِنْدَهُ، وَيَحْرُمُ عَلَى مَحَارِمِهَا كَأَبِيهَا رُؤْيَةُ هَذِهِ الأَْعْضَاءِ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ وَتَلَذُّذٍ (37) .
وَذَكَرَ الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ حُكْمَ الرَّجُل مَعَ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ هُوَ كَحُكْمِ الرَّجُل مَعَ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ مَعَ الْمَرْأَةِ (38) .
وَعَوْرَةُ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ هُوَ مَحْرَمٌ لَهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ هِيَ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا إِلَى رُكْبَتِهَا، وَكَذَا ظَهْرُهَا وَبَطْنُهَا (39) ، أَيْ يَحِل لِمَنْ هُوَ مَحْرَمٌ لَهَا النَّظَرُ إِلَى مَا عَدَا هَذِهِ الأَْعْضَاءَ مِنْهَا عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَخُلُوِّ نَظَرِهِ مِنَ الشَّهْوَةِ، وَالأَْصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ} (40) وَالْمُرَادُ بِالزِّينَةِ مَوَاضِعُهَا لاَ الزِّينَةُ نَفْسُهَا لأَِنَّ النَّظَرَ إِلَى أَصْل الزِّينَةِ مُبَاحٌ مُطْلَقًا، فَالرَّأْسُ مَوْضِعُ التَّاجِ، وَالْوَجْهُ مَوْضِعُ الْكُحْل، وَالْعُنُقُ وَالصَّدْرُ مَوْضِعَا الْقِلاَدَةِ وَالأُْذُنُ مَوْضِعُ الْقُرْطِ، وَالْعَضُدُ مَوْضِعُ الدُّمْلُوجِ، وَالسَّاعِدُ مَوْضِعُ السِّوَارِ، وَالْكَفُّ مَوْضِعُ الْخَاتَمِ، وَالسَّاقُ مَوْضِعُ الْخَلْخَال، وَالْقَدَمُ مَوْضِعُ الْخِضَابِ، بِخِلاَفِ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَالْفَخِذِ؛ لأَِنَّهَا لَيْسَتْ بِمَوْضِعٍ لِلزِّينَةِ (41) ؛ وَلأَِنَّ الاِخْتِلاَطَ بَيْنَ الْمَحَارِمِ أَمْرٌ شَائِعٌ وَلاَ يُمْكِنُ مَعَهُ صِيَانَةُ مَوَاضِعِ الزِّينَةِ عَنِ الإِْظْهَارِ وَالْكَشْفِ.
وَكُل مَا جَازَ النَّظَرُ إِلَيْهِ مِنْهُنَّ دُونَ حَائِلٍ جَازَ لَمْسُهُ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَإِلاَّ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَلِكَ الأَْمْرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَلْوَةِ بِإِحْدَاهُنَّ مُنْفَرِدَيْنِ تَحْتَ سَقْفٍ وَاحِدٍ (42) ، فَالرَّسُول ﷺ كَانَ يُقَبِّل فَاطِمَةَ ﵂ (43) .
وَلَمْ يَجُزْ لِلرَّجُل النَّظَرُ إِلَى ظَهْرِ أَوْ بَطْنِ أَوْ فَخِذِ مَنْ هِيَ مَحْرَمٌ لَهُ فَضْلاً عَنْ حُرْمَةِ النَّظَرِ إِلَى مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا، كَمَا لَمْ يَحِل لَمْسُ أَيٍّ مِنْ هَذِهِ الأَْعْضَاءِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {قُل لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} (44) ؛ وَلأَِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَعَل الظِّهَارَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْل وَزُورًا، وَهُوَ - أَيِ الظِّهَارُ - تَشْبِيهُ الزَّوْجَةِ بِظَهْرِ الأُْمِّ فِي حَقِّ الْحُرْمَةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنِ النَّظَرُ إِلَى ظَهْرِ الأُْمِّ وَبَطْنِهَا أَوْ لَمْسُهَا حَرَامًا لَمْ يَكُنِ الظِّهَارُ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْل وَزُورًا.
وَكُل مَا يَحِل لِلرَّجُل مِنَ النَّظَرِ وَاللَّمْسِ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ يَحِل مِثْلُهُ لَهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ هُوَ مَحْرَمٌ لَهَا، وَكُل مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ يَحْرُمُ عَلَيْهَا (45) .
وَالشَّافِعِيَّةُ يَرَوْنَ جَوَازَ نَظَرِ الرَّجُل إِلَى مَا عَدَّا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ مَحَارِمِهِ مِنَ النِّسَاءِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ صَحِيحَةٍ، وَقِيل: يَحِل لَهُ النَّظَرُ فَقَطْ إِلَى مَا يَظْهَرُ مِنْهَا عَادَةً فِي الْعَمَل دَاخِل الْبَيْتِ، أَيْ إِلَى الرَّأْسِ وَالْعُنُقِ وَالْيَدِ إِلَى الْمِرْفَقِ وَالرِّجْل إِلَى الرُّكْبَةِ.
وَهُمْ يُقَرِّرُونَ هَذَيْنِ الاِتِّجَاهَيْنِ أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ لِنَظَرِهَا إِلَى مَنْ هُوَ مَحْرَمٌ لَهَا (46) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: الْكَافِرُ مَحْرَمٌ لِقَرِيبَتِهِ الْمُسْلِمَةِ؛ لأَِنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَتَى الْمَدِينَةَ وَهُوَ مُشْرِكٌ فَدَخَل عَلَى ابْنَتِهِ أُمِّ حَبِيبَةَ فَطَوَتْ فِرَاشَ النَّبِيِّ ﷺ لِئَلاَّ يَجْلِسَ عَلَيْهِ، وَلَمْ تَحْتَجِبْ مِنْهُ وَلاَ أَمَرَهَا بِذَلِكَ الرَّسُول ﷺ (47) .
عَوْرَةُ الأَْمَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُل الأَْجْنَبِيِّ:
7 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عَوْرَةِ الأَْمَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُل الأَْجْنَبِيِّ.
فَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنَّ عَوْرَتَهَا هِيَ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: عَوْرَتُهَا مِثْل عَوْرَةِ الْحُرَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَحَارِمِهَا.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ عَوْرَتَهَا كَعَوْرَةِ الْحُرَّةِ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا إِلاَّ مَا يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهِ مِنَ الْحُرَّةِ (48) .
عَوْرَةُ الرَّجُل بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُل:
8 - عَوْرَةُ الرَّجُل بِالنِّسْبَةِ إِلَى رَجُلٍ آخَرَ - سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا لَهُ أَوْ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ - هِيَ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ إِلَى رُكْبَتِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (49) ، وَيَسْتَدِلُّونَ بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: مَا تَحْتَ السُّرَّةِ عَوْرَةٌ (50) وَالسُّرَّةُ عِنْدَهُمْ لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ اسْتِدْلاَلاً بِمَا رُوِيَ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ ﵄ أَبْدَى سُرَّتَهُ فَقَبَّلَهَا أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁، وَلَكِنَّ الرُّكْبَةَ عَوْرَةٌ عِنْدَهُمْ (51) ، بِدَلِيل مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: الرُّكْبَةُ مِنَ الْعَوْرَةِ. (52) وَمَا جَازَ نَظَرُهُ مِنَ الرَّجُل بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُل جَازَ لَمْسُهُ (53) .
وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ يَرَوْنَ أَنَّ الرُّكْبَةَ وَالسُّرَّةَ لَيْسَتَا مِنَ الْعَوْرَةِ فِي الرَّجُل، وَإِنَّمَا الْعَوْرَةُ مَا بَيْنَهُمَا فَقَطْ (54) .
لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَْنْصَارِيِّ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: مَا فَوْقَ الرُّكْبَتَيْنِ مِنَ الْعَوْرَةِ، وَمَا أَسْفَل السُّرَّةِ وَفَوْقَ الرُّكْبَتَيْنِ مِنَ الْعَوْرَةِ. (55)
وَالرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهَا الْفَرْجَانِ (56) اسْتِدْلاَلاً بِمَا رَوَى أَنَسٌ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ حَسِرَ يَوْمَ خَيْبَرَ الإِْزَارُ عَنْ فَخِذِهِ حَتَّى أَنِّي لأََنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ فَخِذِهِ ﵊. (57)
وَجَوَازُ نَظَرِ الرَّجُل مِنَ الرَّجُل إِلَى مَا هُوَ غَيْرُ عَوْرَةٍ مِنْهُ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ وُجُودِ الشَّهْوَةِ وَإِلاَّ حَرُمَ (58) . وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ أَنَّ عَوْرَةَ الرَّجُل بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُل مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَعَلَيْهِ فَإِنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ لاَ يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهَا فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ، وَقِيل: لاَ يَحْرُمُ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ، وَقِيل: يُكْرَهُ عِنْدَ مَنْ يُسْتَحْيَى مِنْهُ (59) ، بِدَلِيل أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَشَفَ فَخِذَهُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ﵄. وَلَمَّا دَخَل عُثْمَانُ ﵁ سَتَرَهُ وَقَال: أَلاَ أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلاَئِكَةُ (60)
عَوْرَةُ الرَّجُل بِالنِّسْبَةِ لِلأَْجْنَبِيَّةِ:
9 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عَوْرَةِ الرَّجُل بِالنِّسْبَةِ لِلأَْجْنَبِيَّةِ.
فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ لَهَا النَّظَرَ إِلَى مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ إِلَى الرُّكْبَةِ إِنْ أَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا الْفِتْنَةَ (61) .
وَالْمَالِكِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّ لَهَا النَّظَرَ إِلَى مَا يَرَاهُ الرَّجُل مِنْ مَحْرَمِهِ وَهُوَ الْوَجْهُ وَالأَْطْرَافُ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ (62) .
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَلاَ يُجِيزُونَ لَهَا النَّظَرَ إِلَى مَا هُوَ عَوْرَةٌ وَإِلَى مَا هُوَ غَيْرُ عَوْرَةٍ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ (63) ، بِدَلِيل عُمُومِ آيَةِ: {وَقُل لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} (64) وَبِدَلِيل مَا رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ ﵂ قَالَتْ كُنْتُ عِنْدَ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَعِنْدَهُ مَيْمُونَةُ، فَأَقْبَل ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أُمِرْنَا بِالْحِجَابِ فَقَال ﷺ: احْتَجِبَا مِنْهُ فَقُلْنَا: يَا رَسُول اللَّهِ أَلَيْسَ أَعْمَى لاَ يُبْصِرُنَا وَلاَ يَعْرِفُنَا؟ فَقَال النَّبِيُّ ﷺ: أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا، أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ. (65)
وَالْقَوْل الرَّاجِحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يُجِيزُ نَظَرَ الْمَرْأَةِ إِلَى مَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ مِنَ الأَْجْنَبِيِّ (66) ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ. (67) عَوْرَةُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ:
10 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنْ لاَ عَوْرَةَ لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ جِدًّا، وَحَدَّدَ بَعْضُهُمْ هَذَا الصِّغَرَ بِأَرْبَعِ سَنَوَاتٍ فَمَا دُونَهَا، ثُمَّ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ يُعْتَبَرُ فِي عَوْرَتِهِ مَا غَلُظَ مِنَ الْكَبِيرِ، وَتَكُونُ عَوْرَتُهُ بَعْدَ الْعَشْرِ كَعَوْرَةِ الْبَالِغِينَ، وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ أَنَّهُ يَنْبَغِي اعْتِبَارُ السَّبْعِ، لأَِمْرِهِمَا بِالصَّلاَةِ إِذَا بَلَغَا هَذِهِ السِّنَّ (68) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الصَّغِيرَ ابْنَ ثَمَانِ سَنَوَاتٍ فَأَقَل لاَ عَوْرَةَ لَهُ، فَلِلْمَرْأَةِ النَّظَرُ إِلَى جَمِيعِ بَدَنِهِ حَيًّا وَأَنْ تُغَسِّلَهُ مَيِّتًا، وَلَهَا النَّظَرُ إِلَى جَمِيعِ بَدَنِ مَنْ هُوَ بَيْنَ التَّاسِعَةِ وَالثَّانِيَةَ عَشْرَةَ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهَا غُسْلُهُ، وَالْبَالِغُ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً فَمَا فَوْقَ عَوْرَتُهُ كَعَوْرَةِ الرَّجُل.
أَمَّا الصَّغِيرَةُ فَهِيَ إِلَى سِنِّ السَّنَتَيْنِ وَثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ فَلاَ عَوْرَةَ لَهَا إِذَا كَانَتْ رَضِيعَةً، وَأَمَّا غَيْرُ الرَّضِيعَةِ إِنْ كَانَتْ لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ فَلاَ عَوْرَةَ لَهَا بِالنِّسْبَةِ لِلنَّظَرِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسِّ فَعَوْرَتُهَا كَعَوْرَةِ الْمَرْأَةِ فَلَيْسَ لِلرَّجُل أَنْ يُغَسِّلَهَا، أَمَّا الْمُشْتَهَاةُ فَعَوْرَتُهَا كَعَوْرَةِ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّظَرِ وَالتَّغْسِيل.
وَعَوْرَةُ الصَّغِيرِ فِي الصَّلاَةِ السَّوْأَتَانِ وَالْعَانَةُ وَالأَْلْيَتَانِ، فَيُنْدَبُ لَهُ سَتْرُهَا، أَمَّا عَوْرَةُ الصَّغِيرَةِ فَهِيَ بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِمَّا يَجِبُ سَتْرُهُ عَلَى الْحُرَّةِ فَمَنْدُوبٌ لَهَا فَقَطْ (69) .
وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ حِل النَّظَرِ إِلَى صَغِيرَةٍ لاَ تُشْتَهَى؛ لأَِنَّهَا لَيْسَتْ مَظِنَّةَ الشَّهْوَةِ، إِلاَّ الْفَرْجُ فَلاَ يَحِل النَّظَرُ إِلَيْهِ، وَفَرْجُ الصَّغِيرِ كَفَرْجِ الصَّغِيرَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَاسْتَثْنَى ابْنُ الْقَطَّانِ الأُْمَّ زَمَنَ الرَّضَاعِ وَالتَّرْبِيَةِ لِلضَّرُورَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمُرْضِعَةُ غَيْرَ الأُْمِّ كَالأُْمِّ
وَالأَْصَحُّ أَنَّ الصَّبِيَّ الْمُرَاهِقَ فِي نَظَرِهِ لِلأَْجْنَبِيَّةِ كَالرَّجُل الْبَالِغِ الأَْجْنَبِيِّ، فَلاَ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَبْرُزَ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوِ الطِّفْل الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} (70) ، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ أَنَّهُ مَعَهَا كَالْبَالِغِ مِنْ ذَوِي مَحَارِمِهَا، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُرَاهِقِ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدًّا يَحْكِي مَا يَرَاهُ فَكَالْعَدِمِ. أَوْ بَلَغَهُ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ كَالْمَحْرَمِ، أَوْ بِشَهْوَةٍ فَكَالْبَالِغِ، وَقَالُوا: إِنَّ عَوْرَةَ الصَّغِيرِ فِي الصَّلاَةِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، مُرَاهِقًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُرَاهِقٍ كَعَوْرَةِ الْمُكَلَّفِ فِي الصَّلاَةِ (71) .
وَالْحَنَابِلَةُ قَالُوا: إِنَّ الصَّغِيرَ الَّذِي هُوَ أَقَل مِنْ سَبْعِ سِنِينَ لاَ عَوْرَةَ لَهُ، فَيَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى جَمِيعِ بَدَنِهِ وَمَسُّهُ، وَمَنْ زَادَ عَنْ ذَلِكَ إِلَى مَا قَبْل تِسْعِ سِنِينَ فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَعَوْرَتُهُ الْقُبُل وَالدُّبُرُ فِي الصَّلاَةِ وَخَارِجِهَا، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَعَوْرَتُهَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلاَةِ. وَأَمَّا خَارِجُهَا فَعَوْرَتُهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَحَارِمِ هِيَ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَبِالنِّسْبَةِ لِلأَْجَانِبِ مِنَ الرِّجَال جَمِيعُ بَدَنِهَا إِلاَّ الْوَجْهَ وَالرَّقَبَةَ وَالرَّأْسَ وَالْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقِ وَالسَّاقِ وَالْقَدَمِ (72) .
عَوْرَةُ كُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِلآْخَرِ:
11 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ أَيُّ جُزْءٍ مِنْ بَدَنِ الزَّوْجَةِ عَوْرَةً بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجِ وَكَذَلِكَ أَيُّ جُزْءٍ مِنْ بَدَنِهِ بِالنِّسْبَةِ لَهَا، وَعَلَيْهِ يَحِل لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا النَّظَرُ إِلَى جَمِيعِ جِسْمِ الآْخَرِ وَمَسُّهُ حَتَّى الْفَرْجُ؛ لأَِنَّ وَطْأَهَا مُبَاحٌ، فَيَكُونُ نَظَرُ كُلٍّ مِنْهُمَا إِلَى أَيِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الآْخَرِ مُبَاحًا بِشَهْوَةٍ وَبِدُونِ شَهْوَةٍ بِطَرِيقِ الأَْوْلَى (73) ، وَالأَْصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} (74) وَمَا وَرَدَ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَال: قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ: عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ قَال: احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلاَّ مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ. (75)
لَكِنَّ الشَّافِعِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ قَالُوا: يُكْرَهُ نَظَرُ كُلٍّ مِنْهُمَا إِلَى فَرْجِ الآْخَرِ، وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ إِلَى بَاطِنِ الْفَرْجِ أَشَدُّ كَرَاهَةً (76) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: مِنَ الأَْدَبِ أَنْ يَغُضَّ كُلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ النَّظَرَ عَنْ فَرْجِ صَاحِبِهِ (77) ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ قَال إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلْيَسْتَتِرْ، وَلاَ يَتَجَرَّدْ تَجَرُّدَ الْعَيْرَيْنِ (78) عَوْرَةُ الْخُنْثَى الْمُشْكِل:
12 - الْخُنْثَى الْمُشْكِل الرَّقِيقُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كَالأَْمَةِ، وَالْحُرُّ كَالْحُرَّةِ، أَيْ فِيمَا هُوَ عَوْرَةٌ مِنْهَا وَفِيمَا هُوَ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: يَنْبَغِي أَنْ لاَ تَكْشِفَ الْخُنْثَى لِلاِسْتِنْجَاءِ وَلاَ لِلْغُسْل عِنْدَ أَحَدٍ أَصْلاً؛ لأَِنَّهَا إِنْ كَشَفَتْ عِنْدَ رَجُلٍ احْتَمَل أَنَّهَا أُنْثَى، وَإِنْ كَشَفَتْ عِنْدَ أُنْثَى احْتَمَل أَنَّهَا ذَكَرٌ. (79)
وَالشَّافِعِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّ الْخُنْثَى الْمُشْكِل يُعَامَل بِأَشَدِّ الاِحْتِمَالَيْنِ، فَيُجْعَل مَعَ النِّسَاءِ رَجُلاً وَمَعَ الرِّجَال امْرَأَةً، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ وَلاَ أَجْنَبِيَّةٌ، وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لاِمْرَأَةٍ فَهُوَ مَعَهَا كَعَبْدِهَا (80) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: الْخُنْثَى الْمُشْكِل كَالرَّجُل، لأَِنَّ سَتْرَ مَا زَادَ عَلَى عَوْرَةِ الرَّجُل مُحْتَمَلٌ فَلاَ نُوجِبُ عَلَيْهِ حُكْمًا بِأَمْرٍ مُحْتَمَلٍ مُتَرَدَّدٍ فِيهِ، وَالْعَوْرَةُ الْفَرْجَانِ اللَّذَانِ فِي قُبُلِهِ لأَِنَّ أَحَدَهُمَا فَرْجٌ حَقِيقِيٌّ، وَلَيْسَ يُمْكِنُهُ تَغْطِيَتُهُ يَقِينًا إِلاَّ بِتَغْطِيَتِهِمَا، فَوَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا يَجِبُ سِتْرُ مَا قَرُبَ مِنَ الْفَرْجَيْنِ ضَرُورَةَ سَتْرِهِمَا. (81) الْعَوْرَةُ فِي الصَّلاَةِ:
13 - يَجِبُ سِتْرُ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلاَةِ لِكِلاَ الْجِنْسَيْنِ فِي حَال تَوَفُّرِ السَّاتِرِ (82) ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُل مَسْجِدٍ} (83) قَال ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: الْمُرَادُ بِالزِّينَةِ فِي الآْيَةِ الثِّيَابُ فِي الصَّلاَةِ (84) . وَلِقَوْلِهِ ﷺ: لاَ يَقْبَل اللَّهُ صَلاَةَ حَائِضٍ إِلاَّ بِخِمَارٍ، (85) أَيِ الْبَالِغَةِ، وَالثَّوْبُ الرَّقِيقُ الَّذِي يَصِفُ مَا تَحْتَهُ مِنَ الْعَوْرَةِ لاَ تَجُوزُ الصَّلاَةُ فِيهِ لاِنْكِشَافِ الْعَوْرَةِ. (86)
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (صَلاَة ف 12.)
مَا تَسْتُرُهُ الْمَرْأَةُ فِي الإِْحْرَامِ:
14 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ مَا دَامَتْ مُحْرِمَةً لَيْسَ لَهَا أَنْ تُغَطِّيَ وَجْهَهَا (87) إِذْ وَرَدَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ: إِحْرَامُ الرَّجُل فِي رَأْسِهِ وَإِحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا. وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَلْبَسَ الْقُفَّازَيْنِ.
وَالتَّفْصِيل يُنْظَرُ فِي (إِحْرَام 67 - 68) .
لَمْسُ الأَْجْنَبِيِّ أَوِ الأَْجْنَبِيَّةِ:
15 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ مَسِّ الرَّجُل شَيْئًا مِنْ جَسَدِ الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ الْحَيَّةِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ شَابَّةً أَمْ عَجُوزًا، لِمَا وَرَدَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ لَمْ تَمَسَّ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ. (88) وَلأَِنَّ الْمَسَّ أَبْلَغُ مِنَ النَّظَرِ فِي اللَّذَّةِ وَإِثَارَةِ الشَّهْوَةِ. (89)
وَوَافَقَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ فِي حُكْمِ لَمْسِ الأَْجْنَبِيَّةِ الشَّابَّةِ. وَقَالُوا: لاَ بَأْسَ بِمُصَافَحَةِ الْعَجُوزِ وَمَسِّ يَدِهَا لاِنْعِدَامِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ. (90)
عَوْرَةُ الْمَيِّتِ:
16 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ عَوْرَةَ الْمَيِّتِ يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَيْهَا كَحُرْمَةِ النَّظَرِ إِلَى عَوْرَةِ الْحَيِّ لِقَوْلِهِ ﷺ لِعَلِيٍّ ﵁: لاَ تَنْظُرْ إِلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلاَ مَيِّتٍ. (91)
أَمَّا لَمْسُ الْمَيِّتِ لِتَغْسِيلِهِ فَيُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (تَغْسِيل الْمَيِّتِ ف 11 وَمَا بَعْدَهَا.)
النَّظَرُ إِلَى الْعَوْرَةِ لِتَحَمُّل الشَّهَادَةِ:
17 - يُصَرِّحُ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِجَوَازِ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ عِنْدَ الشَّهَادَةِ وَعِنْدَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ. وَكَذَلِكَ لَهَا النَّظَرُ. (92)
قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: يَجُوزُ النَّظَرُ لِلشَّهَادَةِ تَحَمُّلاً وَأَدَاءً، هَذَا كُلُّهُ إِنْ لَمْ يَخَفِ الْفِتْنَةَ فَإِنْ خَافَهَا لَمْ يَنْظُرْ إِلاَّ إِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ فَيَنْظُرُ وَيَضْبِطُ نَفْسَهُ، كَمَا يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى الْفَرْجِ لِلشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَى وَالْوِلاَدَةِ، وَإِلَى الثَّدْيِ لِلشَّهَادَةِ عَلَى الرَّضَاعِ. (93)
وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلِلشَّاهِدِ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهَا لِتَكُونَ الشَّهَادَةُ وَاقِعَةً عَلَى عَيْنِهَا، قَال أَحْمَدُ: لاَ يَشْهَدُ عَلَى امْرَأَةٍ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَرَفَهَا بِعَيْنِهَا. وَإِنْ عَامَل امْرَأَةً فِي بَيْعٍ أَوْ إِجَارَةٍ فَلَهُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِهَا لِيَعْلَمَهَا بِعَيْنِهَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ كَرَاهَةُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الشَّابَّةِ دُونَ الْعَجُوزِ، وَلَعَلَّهُ كَرِهَهُ لِمَنْ يَخَافُ الْفِتْنَةَ أَوْ يَسْتَغْنِي عَنِ الْمُعَامَلَةِ، فَأَمَّا مَعَ الْحَاجَةِ وَعَدَمِ الشَّهْوَةِ فَلاَ بَأْسَ. (94)
وَيُصَرِّحُ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي إِذَا أَرَادَ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى امْرَأَةٍ. وَلِلشَّاهِدِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا النَّظَرُ إِلَى وَجْهِهَا وَإِنْ خَافَ الاِشْتِهَاءَ، لِلْحَاجَةِ إِلَى إِحْيَاءِ الْحُقُوقِ عَنْ طَرِيقِ الْقَضَاءِ وَأَدَاءِ الشَّهَادَةِ.
أَمَّا النَّظَرُ لِتَحَمُّل الشَّهَادَةِ فَقِيل يُبَاحُ وَإِنْ أَدَّى إِلَى الاِشْتِهَاءِ، وَالأَْصَحُّ أَنَّهُ لاَ يُبَاحُ لاِنْتِفَاءِ الضَّرُورَةِ. إِذْ يُوجَدُ مَنْ يُؤَدِّيهَا دُونَ الاِشْتِهَاءِ بِخِلاَفِ حَالَةِ الأَْدَاءِ وَفِي حَالَةِ الزِّنَى تَنْهَضُ الْحَاجَةُ لِلنَّظَرِ إِلَى الْعَوْرَةِ الْغَلِيظَةِ لِتَحَمُّل الشَّهَادَةِ ثُمَّ أَدَائِهَا، إِذْ لاَ يُمْكِنُ الشَّهَادَةُ عَلَى الزِّنَى بِدُونِ النَّظَرِ إِلَى هَذِهِ الْعَوْرَةِ. وَالْحُرْمَةُ تَسْقُطُ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ. (95) كَشْفُ الْعَوْرَةِ لِلْحَاجَةِ الْمُلْجِئَةِ:
18 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ الْمُلْجِئَةِ كَشْفُ الْعَوْرَةِ مِنَ الرَّجُل أَوِ الْمَرْأَةِ، لأَِيٍّ مِنْ جِنْسِهِمَا أَوْ مِنَ الْجِنْسِ الآْخَرِ، وَقَالُوا: إِنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَابِلَةِ النَّظَرُ إِلَى الْفَرْجِ عِنْدَ الْوِلاَدَةِ أَوْ لِمَعْرِفَةِ الْبَكَارَةِ فِي امْرَأَةِ الْعِنِّينِ أَوْ نَحْوِهَا، وَيَجُوزُ لِلطَّبِيبِ الْمُسْلِمِ إِنْ لَمْ تُوجَدْ طَبِيبَةٌ أَنْ يُدَاوِيَ الْمَرِيضَةَ الأَْجْنَبِيَّةَ الْمُسْلِمَةَ. وَيَنْظُرَ مِنْهَا وَيَلْمِسَ مَا تُلْجِئُ الْحَاجَةُ إِلَى نَظَرِهِ أَوْ لَمْسِهِ، فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ طَبِيبَةٌ وَلاَ طَبِيبٌ مُسْلِمٌ جَازَ لِلطَّبِيبِ الذِّمِّيِّ ذَلِكَ.
وَيَجُوزُ لِلطَّبِيبَةِ أَنْ تَنْظُرَ وَتَلْمِسَ مِنَ الْمَرِيضِ مَا تَدْعُو الْحَاجَةُ الْمُلْجِئَةُ إِلَى نَظَرِهِ إِنْ لَمْ يُوجَدْ طَبِيبٌ يَقُومُ بِمُدَاوَاةِ الْمَرِيضِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ أُتِيَ بِغُلاَمٍ قَدْ سَرَقَ فَقَال: انْظُرُوا إِلَى مُؤْتَزَرِهِ، فَنَظَرُوا وَلَمْ يَجِدُوهُ أَنْبَتَ الشَّعْرَ فَلَمْ يَقْطَعْهُ (96) . وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجُوزُ نَظَرُ الطَّبِيبِ إِلَى مَحَل الْمَرَضِ مِنَ الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ إِذَا كَانَ فِي الْوَجْهِ أَوِ الْيَدَيْنِ، قِيل وَلَوْ بِفَرْجِهَا لِلدَّوَاءِ، كَمَا يَجُوزُ لِلْقَابِلَةِ نَظَرُ الْفَرْجِ، قَال التَّتَّائِيُّ: وَلِي فِيهِ وَقْفَةٌ، إِذِ الْقَابِلَةُ أُنْثَى وَهِيَ يَجُوزُ لَهَا نَظَرُ فَرْجِ الأُْنْثَى إِذَا رَضِيَتْ. (97)
كَشْفُ الْعَوْرَةِ عِنْدَ الاِغْتِسَال:
19 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى جَوَازِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ عِنْدَ الاِغْتِسَال فِي حَال الاِنْفِرَادِ. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيل يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَكَانَ مُوسَى يَغْتَسِل وَحْدَهُ. . . . (98)
أَمَّا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ فَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (اسْتِتَار ف 8 وَمَا بَعْدَهَا)
السَّلاَمُ عَلَى مَكْشُوفِ الْعَوْرَةِ:
20 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ السَّلاَمُ عَلَى مَكْشُوفِ الْعَوْرَةِ وَلَوْ كَانَ الاِنْكِشَافُ لِضَرُورَةٍ، (99) وَأَنَّهُ لاَ يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ يَقْضِي حَاجَتَهُ، وَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَلاَ يَرُدُّ عَلَيْهِ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ ﵄ أَنَّ رَجُلاً مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ يَبُول، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ ﷺ. (100)
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (سَلاَم ف 17)
الإِْنْكَارُ عَلَى مَكْشُوفِ الْعَوْرَةِ
21 - قَال ابْنُ عَابِدِينَ: لَوْ رَأَى شَخْصٌ غَيْرَهُ مَكْشُوفَ الرُّكْبَةِ يُنْكِرُ عَلَيْهِ بِرِفْقٍ وَلاَ يُنَازِعُهُ إِنْ لَجَّ، وَفِي الْفَخِذِ يُعَنِّفُهُ إِنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ. وَلاَ يَضْرِبْهُ إِنْ لَجَّ، وَفِي السَّوْأَةِ يُؤَدِّبُهُ إِنْ لَجَّ. (101)
وَقَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ يَلْزَمُهُ الإِْنْكَارُ عَلَى مَكْشُوفِ الْعَوْرَةِ؛ إِذْ هُوَ مِنَ الأَْمْرِ بِالْمَعْرُوفِ (102) .
__________
(1) سورة الأحزاب / 13.
(2) لسان العرب.
(3) سورة النور / 58، وينظر تفسير القرطبي 12 / 305.
(4) المصباح المنير.
(5) الشرح الصغير 1 / 283، المطبوع بدار المعارف بمصر.
(6) مغني المحتاج 1 / 185.
(7) المصباح المنير، مادة (ستر) .
(8) تكملة فتح القدير مع الهداية 8 / 97، وتبيين الحقائق 1 / 96، 97، والشرح الصغير 1 / 289، ومغني المحتاج 3 / 125، والمجموع 3 / 173 ط الإمام بمصر.
(9) بدائع الصنائع 6 / 2956، طبع مطبعة الإمام.
(10) حاشية ابن عابدين 1 / 405 الطبعة الثانية.
(11) حاشية الشلبي بهامش تبيين الحقائق 1 / 96.
(12) سورة النور / 31.
(13) بدائع الصنائع 6 / 2956.
(14) حديث: " أن " أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله ﷺ. . . ". أخرجه أبو داود (4 / 358) من حديث عائشة، وقال: هذا حديث مرسل، خالد بن دريك لم يدرك عائشة ﵂.
(15) تفسير القرطبي 12 / 228 - 232، الطبعة الثالثة.
(16) حديث: " إذا عركت المرأة. . . ". أخرجه الطبري في تفسيره (18 / 119 ط مصطفى الحلبي) من حديث ابن جريج مرسلاً.
(17) مغني المحتاج 1 / 185.
(18) مجموع فتاوى ابن تيمية 22 / 110.
(19) المغني 7 / 102.
(20) حديث: " يا علي لا تتبع النظرة النظرة. . . ". أخرجه الترمذي (5 / 101) وقال: حديث حسن غريب.
(21) حديث: " إن الفضل بن عباس كان رديف رسول الله ﷺ. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 378) ، ومسلم (2 / 973) من حديث ابن عباس.
(22) المغني 7 / 102.
(23)
(24) المغني 7 / 102، 104.
(25) سورة النور / 31.
(26) مغني المحتاج 3 / 128.
(27) سورة النور / 31.
(28) بدائع الصنائع 6 / 2958، 2959، ومغني المحتاج 3 / 128.
(29) الهداية مع تكملة فتح القدير والعناية 8 / 99، ومغني المحتاج 3 / 128.
(30) حديث: " انظر إليها، فإنه أحرى. . . ". أخرجه الترمذي (3 / 388) وقال: حديث حسن.
(31) مغني المحتاج 3 / 128.
(32) مغني المحتاج 3 / 129.
(33) سورة النور / 31.
(34) مغني المحتاج 3 / 131 وما بعدها.
(35) المغني 7 / 105، 106.
(36) بدائع الصنائع 6 / 2961، تبيين الحقائق 6 / 18، الشرح الصغير 1 / 288، مواهب الجليل 1 / 498، 499، طبع مطبعة النجاح - ليبيا، مغني المحتاج 3 / 13، المغني 7 / 105.
(37) أقرب مسالك مع الشرح الصغير 1 / 106.
(38) المغني 7 / 98.
(39) الهداية مع تكملة فتح القدير 8 / 103، 104، تبيين الحقائق 6 / 19.
(40) سورة النور / 31.
(41) تبيين الحقائق 6 / 19.
(42) الدر المختار مع حاشية ابن عابدين 6 / 367.
(43) حديث: " كان يقبل فاطمة. . . ". أخرجه الترمذي (5 / 700) من حديث عائشة وحسنه.
(44) سورة النور / 30.
(45) بدائع الصنائع 6 / 2952، 2954.
(46) مغني المحتاج 3 / 129.
(47) المغني 7 / 105، 106.
(48) بدائع الصنائع 6 / 2904، 2955، والخرشي 2 / 131، 132، ومغني المحتاج 3 / 129، والمغني لابن قدامة 7 / 101.
(49) بدائع الصنائع 6 / 2960.
(50) حديث: " ما تحت السرة عورة ". ورد بلفظ " ما تحت السرة إلى الركبة عورة ". أخرجه الدارقطني (1 / 23) من حديث عبد الله بن عمرو، وأخرجه كذلك أحمد (2 / 187) وصححه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه عليه.
(51) الهداية مع تكملة فتح القدير 8 / 105، وتبيين الحقائق 6 / 18.
(52) حديث: " الركبة من العورة ". أخرجه الدارقطني (1 / 231) من حديث علي بن أبي طالب، ثم ذكر تضعيف أحد رواته.
(53) بدائع الصنائع 6 / 2961.
(54) مغني المحتاج 3 / 129.
(55) حديث: " ما فوق الركبتين من العورة ". أخرجه الدارقطني (1 / 231) وضعف إسناده ابن حجر في التلخيص (1 / 279) .
(56) المغني 1 / 413، 414.
(57) حديث: " أن النبي - ﷺ - حسر يوم خيبر الإزار عن فخذه. . . ". أخرجه مسلم (2 / 1044) .
(58) مغني المحتاج 3 / 130.
(59) الشرح الصغير 1 / 388.
(60) حديث: " أن النبي - ﷺ - كشف فخذه. . . ". أخرجه مسلم (4 / 1866) من حديث عائشة.
(61) بدائع الصنائع 6 / 2957.
(62) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 1 / 215، المطبوع بدار الكتب العربية.
(63) مغني المحتاج 3 / 132.
(64) سورة النور / 31.
(65) حديث أم سلمة: " كنت عند رسول الله - ﷺ - وعنده ميمونة. . . ". أخرجه أبو داود (4 / 361 - 362) ، وقال ابن حجر في فتح الباري (1 / 550) : حديث مختلف في صحته.
(66) المغني 7 / 106.
(67) حديث عائشة: " كان رسول الله - ﷺ - يسترني بردائه. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 336) ، ومسلم (2 / 609) .
(68) حاشية ابن عابدين 1 / 407، 408.
(69) الخرشي 2 / 131، 132، وحاشية العدوي 1 / 185، و336.
(70) سورة النور / 31.
(71) مغني المحتاج 3 / 130.
(72) كشاف القناع 1 / 266، والمغني مع الشرح الكبير 7 / 462.
(73) بدائع الصنائع 6 / 2955، تبيين الحقائق 6 / 18، والدسوقي 2 / 215.
(74) سورة المؤمنون / 5، 6.
(75) حديث: " احفظ عورتك إلا من زوجتك. . . ". أخرجه الترمذي (5 / 110) وقال: حديث حسن.
(76) مغني المحتاج 3 / 134، والمغني 7 / 100، 101.
(77) تبيين الحقائق 6 / 19.
(78) حديث: " إذا أتى أحدكم أهله فليستتر. . . ". أخرجه ابن ماجه (1 / 619) وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (1 / 337) .
(79) حاشية ابن عابدين 1 / 404.
(80) مغني المحتاج 3 / 132.
(81) المغني 1 / 433، 434.
(82) تبيين الحقائق 1 / 95، والشرح الصغير 1 / 283، والمجموع 3 / 152، والمغني 1 / 413.
(83) سورة الأعراف / 31.
(84) الدر المنثور 3 / 440 ط. دار الفكر.
(85) حديث: " لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ". أخرجه أبو داود (1 / 421) ، والترمذي (1 / 215) من حديث عائشة، وحسنه الترمذي.
(86) تبيين الحقائق 1 / 95.
(87) بدائع الصنائع 3 / 1228، وتبيين الحقائق 2 / 38، وفتح القدير 2 / 142، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 2 / 54، 55، والمهذب 1 / 208، ومغني المحتاج 1 / 519، والمغني 3 / 301.
(88) حديث عائشة: " ما مست يد رسول الله - ﷺ - يد امرأة. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1489) .
(89) الشرح الصغير 1 / 290، ومغني المحتاج 3 / 132، والمغني 1 / 338.
(90) بدائع الصنائع 6 / 2959، وتبيين الحقائق 6 / 18، وتكملة فتح القدير 8 / 98.
(91) حديث: " لا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت. . . ". أخرجه أبو داود (4 / 303) ، وقال هذا الحديث فيه نكارة.
(92) الفواكه الدواني 2 / 410، ومغني المحتاج 3 / 133، 134، المغني 7 / 101.
(93) مغني المحتاج 3 / 133، 134.
(94) المغني 7 / 101.
(95) تبيين الحقائق 6 / 17، بدائع الصنائع 6 / 2956.
(96) بدائع الصنائع 6 / 2961، 2962، ومغني المحتاج 3 / 133 - 134، والمغني 7 / 101.
(97) الفواكه الدواني 2 / 410.
(98) حديث: " كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة. . . ". . أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 358) ومسلم (1 / 267) .
(99) حاشية ابن عابدين 1 / 617، والخرشي 3 / 110، والفواكه الدواني 2 / 422 وحاشية الجمل 5 / 189، وصحيح مسلم بشرح النووي 4 / 305 ط دار القلم. والآداب الشرعية لابن مفلح 1 / 378، والمغني 1 / 166، 167.
(100) حديث: " أن رجلاً مرّ على النبي - ﷺ - وهو يبول. . . ". . أخرجه أبو داود (1 / 234) ، وأعله البخاري بالوقف كما في نصب الراية (1 / 152) .
(101) حاشية ابن عابدين 1 / 409.
(102) مجموع فتاوى ابن تيميه 21 / 337، 338.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 43/ 31
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".