الحافظ
الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحافظ) اسمٌ...
اتصال شرعي بين الإنسان، وبين عين، أو منفعة يكون مطلقاً لتصرفه فيه، وحاجزاً غيره عن التصرف فيه إلا بإذنه .كتملك الشخص للعقار، والسيارة، والكتب، ونحوها . ومن شواهده قوله تعالى : ﱫ﴿ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﱪ النور :٦١
اتصال شرعي بين الإنسان، وبين عين، أو منفعة يكون مطلقاً لتصرفه فيه، وحاجزاً غيره عن التصرف فيه إلا بإذنه.
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّمَلُّكُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ تَمَلَّكَ وَيَأْتِي مُطَاوِعًا لِمَلّكَ. وَثُلاَثِيُّهُ مَلَكَ يُقَال: مَلَكَ الشَّيْءَ إِذَا احْتَوَاهُ قَادِرًا عَلَى الاِسْتِبْدَادِ بِهِ.
وَمَلَّكَهُ تَمْلِيكًا جَعَلَهُ يَمْلِكُ، وَتَمَلَّكَ الشَّيْءَ تَمَلُّكًا: مَلَكَهُ قَهْرًا (1) .
وَالْمِلْكُ قُدْرَةٌ يُثْبِتُهَا الشَّرْعُ ابْتِدَاءً عَلَى التَّصَرُّفِ (2) .
وَعَرَّفَهُ ابْنُ السُّبْكِيّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: بِأَنَّهُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يُقَدَّرُ فِي عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ يَقْتَضِي تَمَكُّنَ مَنْ يُنْسَبُ إِلَيْهِ مِنَ انْتِفَاعِهِ بِهِ، وَالْعِوَضُ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَذَلِكَ (3) .
وَعَرَّفَهُ الْجُرْجَانِيِّ بِأَنَّهُ اتِّصَالٌ شَرْعِيٌّ بَيْنَ الإِْنْسَانِ وَبَيْنَ شَيْءٍ يَكُونُ مُطْلَقًا لِتَصَرُّفِهِ فِيهِ وَحَاجِزًا عَنْ تَصَرُّفِ غَيْرِهِ فِيهِ (4) . وَعِنْدَ التَّدْقِيقِ نَجِدُ أَنَّ التَّعْرِيفَاتِ الاِصْطِلاَحِيَّةَ لاَ تَخْرُجُ عَنِ التَّعْرِيفِ اللُّغَوِيِّ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الاِخْتِصَاصُ:
2 - الاِخْتِصَاصُ مَصْدَرُ اخْتَصَّ بِالشَّيْءِ أَيِ انْفَرَدَ بِهِ. وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ التَّمَلُّكِ.
ب - الْحِيَازَةُ:
3 - الْحِيَازَةُ: مَصْدَرُ حَازَ وَهِيَ الضَّمُّ، فَكُل مَنْ ضَمَّ شَيْئًا إِلَى نَفْسِهِ فَقَدْ حَازَهُ (5) .
وَهِيَ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ.
حُكْمُهُ:
4 - يَخْتَلِفُ حُكْمُ التَّمَلُّكِ بِاخْتِلاَفِ مَوْضُوعِهِ: فَتَجْرِي فِيهِ الأَْحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّةُ كَمَا تَجْرِي فِيهِ الأَْحْكَامُ الْوَضْعِيَّةُ مِنَ الصِّحَّةِ وَالْبُطْلاَنِ، وَالْفَسَادِ حَسَبَ شَرْعِيَّةِ أَسْبَابِهِ، وَالْخُلُوِّ مِنَ الْمَوَانِعِ.
شُرُوطُ التَّمَلُّكِ وَأَسْبَابُهُ:
5 - التَّمَلُّكُ مِنْ خَصَائِصِ الإِْنْسَانِ، فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ صَلاَحِيَةُ التَّمَلُّكِ
وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ التَّمَلُّكِ شَرْطَانِ أَسَاسِيَّانِ هُمَا: أ - أَهْلِيَّةُ الْمُتَمَلِّكِ.
ب - عَدَمُ قِيَامِ الْمَانِعِ مِنَ التَّمَلُّكِ.
6 - وَلَهُ أَسْبَابٌ مِنْهَا: الْمُعَاوَضَاتُ (كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ) وَالْمِيرَاثُ وَالْهِبَاتُ، وَالصَّدَقَاتُ، وَالْوَصَايَا، وَالْوَقْفُ، وَالْغَنِيمَةُ، وَالاِسْتِيلاَءُ عَلَى الْمُبَاحِ، وَإِحْيَاءُ الْمَوَاتِ، وَتَمَلُّكُ اللُّقَطَةِ بِشَرْطِهِ، وَدِيَةُ الْقَتِيل وَالْغُرَّةُ، وَالْمَغْصُوبُ إِذَا خُلِطَ بِمَال الْغَاصِبِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ، فَيَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ وَيَثْبُتُ الْعِوَضُ فِي ذِمَّتِهِ (6) .
أَنْوَاعُ التَّمَلُّكِ:
7 - الأَْصْل فِي التَّمَلُّكِ الاِخْتِيَارُ، فَلاَ يَدْخُل فِي مِلْكِ إِنْسَانٍ شَيْءٌ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ.
وَلَكِنَّ الْفُقَهَاءَ ذَكَرُوا بَعْضَ حَالاَتٍ، يَتَمَلَّكُ الإِْنْسَانُ فِيهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ؛ لأَِنَّ طَبِيعَةَ السَّبَبِ تَقْتَضِي حُدُوثَ الْمِلْكِ تِلْقَائِيًّا مِنْهَا: الإِْرْثُ فَيَتَمَلَّكُ الْوَارِثُ تَرِكَةَ مُوَرِّثِهِ تَمَلُّكًا قَهْرِيًّا بِمُجَرَّدِ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ، وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي (إِرْثٌ (2)) .
وَمِنْهَا: الْوَصِيَّةُ إِذَا قُلْنَا: إِنَّ الْمُوصَى بِهِ يُمْلَكُ بِمَوْتِ الْمُوصِي وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَفِيمَا إِذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْل الْقَبُول فَإِنَّهُ يَمْلِكُ مِلْكًا قَهْرِيًّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَمِنْهَا: إِذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ قَبْل الدُّخُول فَإِنَّهُ يَمْلِكُ نِصْفَ الصَّدَاقِ قَهْرًا.
وَمِنْهَا: الْمَرْدُودُ بِالْعَيْبِ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ يَمْلِكُهُ الْبَائِعُ قَهْرًا.
وَمِنْهَا: أَرْشُ الْجِنَايَةِ، وَثَمَنُ الشِّقْصِ فِي الشُّفْعَةِ (7) .
وَمِنْهَا: اللُّقَطَةُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ سَنَةً تَدْخُل فِي مِلْكِ الْمُلْتَقِطِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ قَهْرًا (8) . وَالتَّفْصِيل فِي (لُقَطَةٌ) .
وَالتَّمَلُّكُ الاِخْتِيَارِيُّ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ السَّبَبِ، فَالْمَبِيعُ وَنَحْوُهُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ يُمْلَكُ بِتَمَامِ الْعَقْدِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِيَارٌ، وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (عَقْدٌ) .
تَمَلُّكُ الأُْجْرَةِ:
8 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا تُمْلَكُ بِهِ الأُْجْرَةُ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالإِْمَامُ أَحْمَدُ إِلَى أَنَّهَا تُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ كَالْمَبِيعِ إِذَا لَمْ يَشْتَرِطِ الْمُسْتَأْجِرُ التَّأْجِيل (9) . وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: تُمْلَكُ بِالاِسْتِيفَاءِ، أَوِ التَّمَكُّنِ، أَوْ بِالتَّعْجِيل، أَوْ بِشَرْطِ التَّعْجِيل (10) .
تَمَلُّكُ الْقَرْضِ:
9 - فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الْقَرْضُ قَوْلاَنِ: لِكُلٍّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ، وَالثَّانِي يُمْلَكُ بِالتَّصَرُّفِ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُمْلَكُ بِالْعَقْدِ وَيَصِيرُ مَالاً لِلْمُقْتَرِضِ فَيُقْضَى عَلَى الْمُقْرِضِ بِدَفْعِهِ لَهُ (11) .
تَمَلُّكُ رِبْحِ الْقِرَاضِ:
10 - عَامِل الْقِرَاضِ يَمْلِكُ نَصِيبَهُ مِنَ الرِّبْحِ بِالظُّهُورِ أَوْ بِالْقِسْمَةِ عَلَى اخْتِلاَفٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.
وَالتَّفْصِيل فِي (مُضَارَبَةٌ) .
تَمَلُّكُ نَصِيبِ الْعَامِل فِي الْمُسَاقَاةِ:
11 - عَامِل الْمُسَاقَاةِ يَمْلِكُ نَصِيبَهُ مِنَ الثَّمَرِ بِالظُّهُورِ، وَالتَّفْصِيل فِي (مُسَاقَاةٌ) .
تَمَلُّكُ الشِّقْصِ فِي الشُّفْعَةِ:
12 - يَتَمَلَّكُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِلَفْظٍ يُشْعِرُ بِالتَّمَلُّكِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَيَمْلِكُ بِالتَّرَاضِي، أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. وَيَمْلِكُ بِحُكْمٍ، أَوْ إِشْهَادٍ، أَوْ دَفْعِ ثَمَنٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (12) .
وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (شِقْصٌ) .
تَمَلُّكُ الصَّدَاقِ:
13 - يُمْلَكُ الصَّدَاقُ بِالْعَقْدِ. وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (صَدَاقٌ) .
تَمَلُّكُ الْغَنِيمَةِ:
14 - تَمَلُّكُ الْغَنِيمَةِ بِالاِسْتِيلاَءِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ،
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تُمْلَكُ بِالْقِسْمَةِ، أَوِ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ بَعْدَ الْحِيَازَةِ (13) .
وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (غَنِيمَةٌ) .
تَمَلُّكُ الْمَوْهُوبِ:
15 - يُمْلَكُ الْمَوْهُوبُ بِالْقَبْضِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ.
وَفَرَّقَ الْحَنَابِلَةُ بَيْنَ مَا يُوزَنُ أَوْ يُكَال، وَبَيْنَ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ، فَالْمَوْزُونُ أَوِ الْمَكِيل يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ، أَمَّا غَيْرُهُمَا فَيُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ (14) .
وَالتَّفْصِيل فِي (هِبَةٌ) . تَمَلُّكُ أَرْضِ الْمَوَاتِ:
16 - تُمْلَكُ أَرْضُ الْمَوَاتِ بِالإِْحْيَاءِ، وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. أَمَّا مَا يُعْتَبَرُ إِحْيَاءً، فَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إِلَى مُصْطَلَحِ: (إِحْيَاءُ الْمَوَاتِ) .
تَمَلُّكُ الْمُبَاحَاتِ:
17 - يَتَمَلَّكُ الإِْنْسَانُ بِالْحِيَازَةِ كُل مُبَاحٍ مِثْل الْحَشِيشِ، وَالْحَطَبِ، وَالثِّمَارِ الْمَأْخُوذَةِ مِنَ الْجِبَال، وَمَا يَنْبِذُهُ النَّاسُ رَغْبَةً عَنْهُ، أَوْ يَضِيعُ عَنْهُمْ مِمَّا لاَ تَتْبَعُهُ النَّفْسُ (15) . (ر: حِيَازَةٌ) .
__________
(1) مختار الصحاح ولسان العرب، والقاموس المحيط مادة: " ملك ".
(2) فتح القدير 5 / 456.
(3) الأشباه والنظائر للسيوطي 316.
(4) التعريفات للجرجاني مادة: " ملك ".
(5) مختار الصحاح مادة: " حوز ".
(6) الأشباه والنظائر للسيوطي ص317، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص411.
(7) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص411 - 412، والسيوطي ص314 - 315 - 318.
(8) المغني 5 / 700 - 701.
(9) المغني 5 / 443، والأشباه والنظائر للسيوطي ص32.
(10) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص413.
(11) الأشباه والنظائر للسيوطي ص320، وابن نجيم ص413، والمغني 4 / 348، وجواهر الإكليل 2 / 76.
(12) ابن عابدين 5 / 139، وجواهر الإكليل 2 / 161، وحاشية الجمل 3 / 503، والمغني 5 / 320.
(13) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص414، وأسنى المطالب 4 / 198، والوجيز 2 / 193، وكشاف القناع 3 / 82.
(14) البدائع 6 / 124، وحاشية الدسوقي 4 / 101، ونهاية المحتاج 5 / 406، والمغني 5 / 649.
(15) المغني 5 / 597، والقليوبي 3 / 299، وحاشية ابن عابدين 3 / 324.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 20/ 14