الولي
كلمة (الولي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (وَلِيَ)،...
موضع من الأرض يخصه الإمام لمصلحة عامة، ويمنع الناس منه . ومن أمثلته تخصيص مكان لإبل الصدقة، أو للتدريب العسكري . وفي الحديث : " لا حمى إلا لله، ولرسوله . " البخاري : 2241.
الحِمَى: كُلُّ شَيْءٍ يُحْمَى ولا يُقْرَبُ. وأَصْلُ الحِمايَةِ: المَنْعُ والحَظْرُ، ومَكانٌ مَحْمِيٌّ، أيْ: مَمْنوعٌ مَحْظُورٌ لا يَقْرَبُهُ أَحَدٌ، يُقال: حَمَيْتُ الـشَّيْءَ، حَمْياً وحِمْيَةً، أيْ: مَنَعْتُ مِن الاِقْتِرابِ مِنْهُ. ويأْتي الحِمَى بِمعنى المَكانِ المَمْنوعِ مِن الرَّعْيِ، وحِمَى اللهِ: مَحارِمُهُ وكُلُّ ما مَنَعُ مِنْهُ. ويُثَنَّى الحِمَى، فَيُقال: حِمَيانِ.
يَرِد مُصْطلَح (حِمَى) في الفِقْهِ في كِتابِ الوَقْفِ، وفي كتاب الصَّيْدِ والذَبائِحِ، باب: أَماكِن الصَّيْدِ. ويُطْلَق في كِتاب الصِّيامِ، باب: مُفْسِدات الصِّيامِ، وفي كتاب الصَّيد، باب: الصَّيْد في الحَرَمِ، وغَيْر ذلك مِن الأبْوابِ، ويُراد به: كُلُّ ما حَرَّمَهُ اللهُ تعالى مِن المَحارِمِ.
حمى
الأَرْضُ التي يُخَصِّصُها الإِمامُ لِمَصْلَحَةٍ مُعَيَّنَةٍ ويَمْنَعُ الاقْتِرابَ مِنْها.
الحِمَى: مَوْضِعٌ مِن أَرْضِ المَواتِ الذي يُخَصِّصُهُ الحاكِمُ أو نائِبُهُ لِرَعْيِ دَوابِّ المُسْلِمِينَ التي يَقومُ بِحِفْظِها مِن الصَّدَقَةِ والجِزْيَةِ ودَوابِّ الغُزاةِ وغَيْرِ ذلك مِمّا فيه مَصْلَحَةٌ عامَّةٌ لِلْمُسْلِمينَ، ويَمْنَعُ النَّاسَ عن اسْتِعْمالِها أو الاِنْتِفاعِ بِها ما لم يُضَيِّقْ على المُسْلِمِينَ أو يَضُرَّهُم، وهكذا في زَمانِنا لو حَمىَ الإِمامُ أَماكِنَ يُحْتاجُ إِلَيْها لِحِمايَةِ النَّاسِ، أو مُرْتَفَعاتٍ مِن أَجْلِ حِمايَتِهِم، فتَكونُ حِمَى وأَماكِنُ مَحْمِيَّةٌ.
الحِمَى: كُلُّ شَيْءٍ يُحْمَى ولا يُقْرَبُ. وأَصْلُه: المَنْعُ والحَظْرُ، يُقال: حَمَيْتُ الـشَّيْءَ، حَمْياً وحِمْيَةً، أيْ: مَنَعْتُ مِن الاِقْتِرابِ مِنْهُ. ويأْتي بِمعنى المَكانِ المَمْنوعِ مِن الرَّعْيِ.
موضع من الأرض يخصه الإمام لمصلحة عامة، ويمنع الناس منه.
* التاج والإكليل لمختصر خليل : (6/2)
* شرح حدود ابن عرفة : (2/331)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 297)
* القاموس الفقهي : (ص 103)
* معجم الـمصطلحات الـمالية والاقتصادية في لغة الفقهاء : (ص 185)
* معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : (1/598)
* الـمغني لابن قدامة : (5/580) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْحِمَى فِي اللُّغَةِ: الْمَوْضِعُ فِيهِ كَلأٌَ يُحْمَى مِنَ النَّاسِ أَنْ يَرْعَى، وَالشَّيْءُ الْمَحْمِيُّ، وَحِمَى اللَّهِ: مَحَارِمُهُ، وَهُوَ مَصْدَرٌ يُرَادُ بِهِ اسْمُ الْمَفْعُول، وَيُثَنَّى فَيُقَال حِمَيَانِ، وَسُمِعَ حِمَوَانِ.
يُقَال: حَمَيْتُ الْمَكَانَ مِنَ النَّاسِ حِمًى وَحَمْيًا مِثْل رَمْيًا، وَحِمْيَةً بِالْكَسْرِ وَحِمَايَةً، أَيْ جَعَلْتُهُ مَمْنُوعًا مِنَ النَّاسِ لاَ يَقْرَبُونَهُ، وَلاَ يَجْتَرِئُونَ عَلَيْهِ (1) .
وَاصْطِلاَحًا: مَوْضِعٌ مِنَ الْمَوَاتِ يَحْمِيهِ الإِْمَامُ لِمَوَاشِيَ مَخْصُوصَةٍ (2) .
قَال الشَّافِعِيُّ: وَأَصْل الْحِمَى أَنَّهُ كَانَ الرَّجُل الْعَزِيزُ مِنَ الْعَرَبِ إِذَا اسْتَنْجَعَ بَلَدًا مُخَصَّبًا أَوْفَى بِكَلْبٍ عَلَى حَبْلٍ إِنْ كَانَ، أَوْ عَلَى نَشَزٍ إِنْ لَمْ يَكُنْ جَبَلٌ ثُمَّ اسْتَعْوَاهُ، وَوَقَفَ لَهُ مَنْ يَسْمَعُ مُنْتَهَى صَوْتِهِ، فَحَيْثُ بَلَغَ صَوْتُهُ حَمَاهُ مِنْ كُل نَاحِيَةٍ، وَيَرْعَى مَعَ الْعَامَّةِ فِيمَا سِوَاهُ، وَيَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنْ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي حِمَاهُ (3) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - إِحْيَاءُ الْمَوَاتِ:
2 - إِحْيَاءُ الْمَوَاتِ هُوَ عِمَارَةُ أَرْضٍ لَمْ يَجْرِ عَلَيْهَا مِلْكٌ لأَِحَدٍ، وَلَمْ يُوجَدْ فِيهَا أَثَرُ عِمَارَةٍ (4) . وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْحِمَى وَإِحْيَاءِ الْمَوَاتِ أَنَّ كِلَيْهِمَا تَخْصِيصُ أَرْضٍ لِمَصْلَحَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَيَكُونُ الْحِمَى تَخْصِيصُ الأَْرْضِ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، فِي حِينٍ يَحْصُل بِالإِْحْيَاءِ اخْتِصَاصُ إِنْسَانٍ مُعَيَّنٍ، هُوَ مُحْيِي الأَْرْضِ.
ب - الإِْقْطَاعُ:
3 - الإِْقْطَاعُ لُغَةً التَّمْلِيكُ.
وَاصْطِلاَحًا: مَا يُعْطِيهِ الإِْمَامُ مِنَ الأَْرَاضِيِ رَقَبَةً أَوْ مَنْفَعَةً لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ فَهَذَا تَمْلِيكٌ، وَالْحِمَى لَيْسَ فِيهِ تَمْلِيكٌ، كَمَا أَنَّ الْحِمَى يَكُونُ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ، بِخِلاَفِ الإِْقْطَاعِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِمَصْلَحَةٍ خَاصَّةٍ (5) .
ج - الإِْرْفَاقُ:
4 - الإِْرْفَاقُ: مَنْحُ الْمَنْفَعَةِ، وَجَعْل مَوْضِعٍ مَا مَرْفَقًا (مَحَلًّا لِخِدْمَاتِ النَّاسِ) كَمَقَاعِدِ الأَْسْوَاقِ، وَأَفْنِيَةِ الشَّوَارِعِ، وَحَرِيمِ الأَْمْصَارِ، وَمَنَازِل الأَْسْفَارِ (الاِسْتِرَاحَاتِ) .
فَالإِْرْفَاقُ يَكُونُ فِي كُل مَا فِيهِ نَفْعٌ عَامٌ، أَمَّا الْحِمَى فَهُوَ فِي الْمُرَاعِي (6) .
د - الإِْرْصَادُ:
5 - الإِْرْصَادُ لُغَةً: التَّخْصِيصُ وَالإِْعْدَادُ وَالتَّهْيِئَةُ. وَفِي الاِصْطِلاَحِ: تَخْصِيصُ الإِْمَامِ غَلَّةَ بَعْضِ أَرَاضِيِ بَيْتِ الْمَال لِبَعْضِ مَصَارِفِهِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحِمَى، أَنَّ الإِْرْصَادَ تَخْصِيصُ الْغَلَّةِ، أَمَّا الْحِمَى فَهُوَ تَخْصِيصُ الْعَيْنِ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ (7) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
6 - الأَْصْل فِي الْحِمَى الْمَنْعُ، لأَِنَّ فِيهِ تَضْيِيقًا عَلَى النَّاسِ، وَمَنْعًا لَهُمْ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِشَيْءٍ لَهُمْ فِيهِ حَقٌّ مُشَاعٌ (8) ، لِمَا رَوَاهُ الصَّعْبُ بْنُ جَثَّامَةَ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقُول: لاَ حِمَى إِلاَّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ (9) . وَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلاَثٍ: الْمَاءِ وَالنَّارِ وَالْكَلأَِ (10) .
وَلَكِنْ أَبَاحَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ لِلإِْمَامِ أَنْ يَحْمِيَ لِخَيْل الْمُجَاهِدِينَ، وَنَعَمِ الْجِزْيَةِ وَإِبِل الصَّدَقَةِ وَالْمَاشِيَةِ الضَّعِيفَةِ، وَذَلِكَ بِشُرُوطٍ مُعَيَّنَةٍ (11) ، لِمَا وَرَدَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ حَمَى النَّقِيعَ (12) لِخَيْل الْمُسْلِمِينَ.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَال: حَمَى النَّبِيُّ ﷺ الرَّبَذَةَ (13) لإِِبِل الصَّدَقَةِ. (14)
وَحَمَى عُمَرُ ﵁ بَعْدَهُ - ﷺ - الشَّرَفَ (15) ، قِيل: وَالرَّبَذَةُ.
وَقَدْ أَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ حَدِيثَ حِمَى عُمَرَ ﵁ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁ اسْتَعْمَل مَوْلًى لَهُ يُدْعَى هَنِيًّا عَلَى الْحِمَى، فَقَال: يَا هَنِيُّ اضْمُمْ جَنَاحَكَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ (وَفِي رِوَايَةٍ: الْمَظْلُومِ) ، فَإِنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ، وَأَدْخِل رَبَّ الصُّرَيْمَةِ (16) وَرَبَّ الْغُنَيْمَةِ (17) ، وَإِيَّايَ وَنَعَمَ ابْنِ عَوْفٍ، وَنَعَمَ ابْنِ عَفَّانَ، فَإِنَّهُمَا إِنْ تَهْلِكْ مَاشِيَتُهُمَا يَرْجِعَانِ إِلَى نَخْلٍ وَزَرْعٍ، وَإِنَّ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ وَرَبَّ الْغُنَيْمَةِ إِنْ تَهْلِكْ مَاشِيَتُهُمَا يَأْتِنِي بِبَنِيهِ، فَيَقُول يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَفَتَارِكُهُمْ أَنَا لاَ أَبَا لَكَ، فَالْمَاءُ وَالْكَلأَُ أَيْسَرُ عَلَيَّ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ. وَايْمُ اللَّهِ، إِنَّهُمْ لَيَرَوْنَ أَنِّي قَدْ ظَلَمْتُهُمْ، إِنَّهَا لَبِلاَدُهُمْ، فَقَاتَلُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَأَسْلَمُوا عَلَيْهَا فِي الإِْسْلاَمِ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْلاَ الْمَال الَّذِي أَحْمِل عَلَيْهِ فِي سَبِيل اللَّهِ مَا حَمَيْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ بِلاَدِهِمْ شِبْرًا (18) . وَكَذَلِكَ حَمَى عُثْمَانُ ﵁ (19) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ - فِي قَوْلٍ - إِلَى أَنَّ الْحِمَى كَانَ خَاصًّا بِالرَّسُول ﷺ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَحْمِيَ أَخْذًا بِظَاهِرِ قَوْلِهِ ﷺ: لاَ حِمَى إِلاَّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ.
وَالأَْظْهَرُ عِنْدَهُمُ الْقَوْل الأَْوَّل الْمُوَافِقُ لِلْجُمْهُورِ (20) .
شُرُوطُ الْحِمَى: (21)
7 - أ - أَنْ تَقَعَ الْحِمَايَةُ مِنَ الإِْمَامِ أَوْ نَائِبِهِ، وَلِنَائِبِ الإِْمَامِ الْحِمَايَةُ، وَلَوْ لَمْ يَسْتَأْذِنِ الإِْمَامَ، لأَِنَّ الْحِمَايَةَ لَيْسَتْ مِنْ قَبِيل التَّمْلِيكِ أَوِ الإِْقْطَاعِ، فَلاَ تَجْرِي عَلَيْهَا أَحْكَامُهُمَا، وَلَيْسَ لأَِحَدٍ غَيْرِ الإِْمَامِ أَوْ نَائِبِهِ الْحَقُّ فِي الْحِمَايَةِ.
ب - أَنْ يَكُونَ الْحِمَى لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ، بِأَنْ يَكُونَ لِخَيْل الْمُجَاهِدِينَ وَنَعَمِ الْجِزْيَةِ، وَالإِْبِل الَّتِي يُحْمَل عَلَيْهَا فِي سَبِيل اللَّهِ، وَإِبِل الزَّكَاةِ، وَضَوَال النَّاسِ الَّتِي يَقُومُ الإِْمَامُ بِحِفْظِهَا، وَمَاشِيَةِ ضِعَافِ الْمُسْلِمِينَ. وَخَصَّهُ الشَّافِعِيَّةُ لِلضُّعَفَاءِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ دُونَ الأَْغْنِيَاءِ.
وَقَال الْحَطَّابُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا جَارٍ عَلَى مَذْهَبِنَا. وَلاَ يَجُوزُ لِلإِْمَامِ أَنْ يَخُصَّ نَفْسَهُ بِالْحِمَى، لأَِنَّ فِي تَخْصِيصِ نَفْسِهِ بِالْحِمَى تَضْيِيقًا عَلَى النَّاسِ وَإِضْرَارًا بِهِمْ، وَلَيْسَ لَهُ إِدْخَالُهُ مَوَاشِيهِ مَا حَمَاهُ لِلْمُسْلِمِينَ، إِنْ كَانَ غَنِيًّا وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَخُصَّ بِهِ أَغْنِيَاءَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ أَهْل الذِّمَّةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَخُصَّ بِهِ فُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ، لِمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ.
ج - أَنْ لاَ يَكُونَ الْحِمَى مِلْكًا لأَِحَدٍ، مِثْل بُطُونِ الأَْوْدِيَةِ وَالْجِبَال وَالْمَوَاتِ، وَإِنْ كَانَ يَنْتَفِعُ الْمُسْلِمُونَ بِتِلْكَ الْمَوَاضِعِ، فَمَنْفَعَتُهُمْ فِي حِمَايَةِ الإِْمَامِ أَكْثَرُ.
قَال سَحْنُونُ: الأَْحْمِيَةُ إِنَّمَا تَكُونُ فِي بِلاَدِ الأَْعْرَابِ الْعَفَاءِ، الَّتِي لاَ عِمَارَةَ فِيهَا بِغَرْسٍ وَلاَ بِنَاءٍ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الأَْحْمِيَةُ فِيهَا فِي الأَْطْرَافِ، حَتَّى لاَ تَضِيقَ عَلَى سَاكِنٍ، وَكَذَلِكَ الأَْوْدِيَةُ الْعَفَاءُ، الَّتِي لاَ مَسَاكِنَ بِهَا، إِلاَّ مَا فَضَل عَنْ مَنَافِعِ أَهْلِهَا مِنَ الْمَسَارِحِ وَالْمَرْعَى (22) .
وَلاَ يَجُوزُ حِمَايَةُ الْمَاءِ الْعِدِّ - وَهُوَ الَّذِي لَهُ مَادَّةٌ لاَ تَنْقَطِعُ - كَمَاءِ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ.
د - أَنْ يَكُونَ الْحِمَى قَلِيلاً، لاَ يُضَيِّقُ عَلَى النَّاسِ، بَل يَكُونُ فَاضِلاً عَنْ مَنَافِعِ أَهْل ذَلِكَ الْمَوْضِعِ.
أَخْذُ الْعِوَضِ مِمَّنْ يَنْتَفِعُ بِالْحِمَى:
8 - لاَ يَجُوزُ لأَِحَدٍ مِنَ الْوُلاَةِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَصْحَابِ الْمَوَاشِي عِوَضًا عَنْ مَرَاعٍ مَوَاتٍ أَوْ حِمًى (23) ، لِقَوْل رَسُول اللَّهِ ﷺ الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلاَثٍ الْمَاءِ وَالنَّارِ وَالْكَلأَِ. (24)
نَصْبُ أَمِينٍ عَلَى الْحِمَى:
9 - يُنْدَبُ لِلإِْمَامِ نَصْبُ أَمِينٍ يُدْخِل دَوَابَّ الضُّعَفَاءِ وَيَمْنَعُ دَوَابَّ الأَْقْوِيَاءِ (25) .
عُقُوبَةُ التَّعَدِّي عَلَى حِمَى الإِْمَامِ:
10 - إِذَا خَصَّ الإِْمَامُ الْحِمَى بِالضُّعَفَاءِ، وَدَخَلَهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْل الْقُوَّةِ مُنِعَ، وَلاَ غُرْمَ عَلَيْهِ وَلاَ تَعْزِيرَ إِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ نَهْيُ الإِْمَامِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ بَلَغَهُ النَّهْيُ، وَتَعَدَّى بَعْدَ ذَلِكَ وَرَعَى فِي الْحِمَى، فَلِلإِْمَامِ أَنْ يُعَزِّرَهُ بِالزَّجْرِ أَوِ التَّهْدِيدِ، فَإِنْ تَكَرَّرَتِ الْمُخَالَفَةُ فَيُعَزِّرُهُ بِالضَّرْبِ (26) نَقْضُ الْحِمَى:
11 - حِمَى النَّبِيِّ ﷺ - كَالْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ - لاَ يُنْقَضُ وَلاَ يُغَيَّرُ، وَلَوْ مَعَ عَدَمِ بَقَاءِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَمَنْ أَحْيَاهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَقَال الْحَطَّابُ: الأَْظْهَرُ جَوَازُ نَقْضِهِ، إِنْ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى إِرَادَةِ اسْتِمْرَارِهِ.
أَمَّا إِذَا حَمَى إِمَامٌ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ ثُمَّ نَقَضَهُ الإِْمَامُ نَفْسُهُ، أَوْ نَقَضَهُ مَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ، وَفْقًا لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ جَازَ لَهُ ذَلِكَ.
قَال الرَّمْلِيُّ: مَا حَمَاهُ ﵊ لاَ يُنْقَضُ بِحَالٍ وَلاَ يُغَيَّرُ بِحَالٍ، لأَِنَّهُ نَصٌّ، بِخِلاَفِ حِمَى غَيْرِهِ، وَلَوِ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ ﵃.
قَال الْبُهُوتِيُّ: وَلَيْسَ هَذَا مِنْ نَقْضِ الاِجْتِهَادِ بِالاِجْتِهَادِ، بَل عُمِل بِكُلٍّ مِنَ الاِجْتِهَادَيْنِ فِي مَحَلِّهِ، كَالْحَادِثَةِ إِذَا حَكَمَ فِيهَا قَاضٍ بِحُكْمٍ، ثُمَّ وَقَعَتْ مَرَّةً أُخْرَى، وَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ، كَقَضَاءِ عُمَرَ فِي الْمُشَرَّكَةِ (27) .
إِحْيَاءُ الْحِمَى:
12 - إِذَا اسْتَقَرَّ حُكْمُ الْحِمَى عَلَى أَرْضٍ فَأَقْدَمَ عَلَيْهَا مَنْ أَحْيَاهَا مُخِلًّا بِحَقِّ الْحِمَى، رُوعِيَ الْحِمَى. فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا حَمَاهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَانَ الْحِمَى ثَابِتًا، وَالإِْحْيَاءُ بَاطِلاً، وَالْمُتَعَرِّضُ لإِِحْيَائِهِ مَرْدُودٌ مَزْجُورٌ، لاَ سِيَّمَا إِذَا كَانَ سَبَبُ الْحِمَى بَاقِيًا، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا حَمَاهُ الأَْئِمَّةُ بَعْدَهُ، فَفِي إِقْرَارِ إِحْيَائِهِ قَوْلاَنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَوَجْهَانِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.
أَحَدُهُمَا: يَمْلِكُهَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ مِلْكِيَّتَهَا بِالإِْحْيَاءِ قَدْ وَرَدَ فِيهَا نَصٌّ، وَهُوَ قَوْلُهُ ﷺ: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ (28) وَالنَّصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى اجْتِهَادِ الإِْمَامِ عِنْدَمَا حَمَاهَا.
وَالثَّانِي: لاَ يَمْلِكُهَا، وَلاَ يُقَرُّ عَلَيْهَا، وَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْحِمَى، كَالَّذِي حَمَاهُ الرَّسُول ﷺ لأَِنَّهُ حُكْمٌ نَفَذَ بِحَقٍّ.
وَالأَْوَّل هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (29) .
__________
(1) المغرب، تاج العروس، لسان العرب، المصباح، المعجم الوسيط.
(2) وفاء الوفاء 3 / 1082، عمدة القاري 12 / 213، مطالب أولي النهى 2 / 388.
(3) وفاء الوفا 3 / 1087، عمدة القاري 12 / 213.
(4) المغني 5 / 563، والموسوعة الفقهية مصطلح (إحياء الموات) .
(5) الموسوعة الفقهية مصطلح (إقطاع) .
(6) الموسوعة الفقهية مصطلح (إرفاق) .
(7) الموسوعة الفقهية مصطلح (إرصاد) .
(8) المغني 5 / 580، عمدة القاري 12 / 213.
(9) حديث: " لا حمى إلا لله ولرسوله ". أخرجه البخاري (الفتح 5 / 44 - ط السلفية) من حديث الصعب بن جثامة.
(10) حديث: " المسلمون شركاء في ثلاث: الماء والنار والكلأ ". أخرجه أبو داود (3 / 751 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث رجل من المهاجرين، وإسناده صحيح.
(11) حمى النقيع: على عشرين فرسخا من المدينة، وهو صدر وادي العقيق، وهو أخصب موضع هناك، وهو ميل في بريد، فيه شجر كثير (وفاء الوفاء 3 / 1083) .
(12) حديث أن رسول الله ﷺ " حمى النقيع لخيل المسلمين ". أخرجه البيهقي (6 / 146 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث ابن عمر وضعفه ابن حجر في الفتح (5 / 45 - ط السلفية) .
(13) الربذة: قرية بنجد من عمل المدينة، على ثلاث أيام منها. (وفاء الوفاء 3 / 1091) .
(14) حديث ابن عمر: " حمى النبي ﷺ الربذة لإبل الصدقة " أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (4 / 158 - ط القدسي) وقال: " رواه الطبراني في الكبير، ورجاله رجال الصحيح ".
(15) الشرف: كبد نجد، وكانت منازل بني آكل المرار، وفيها حمى ضرية وفي أول الشرف الربذة، والشريف إلى جنبه يفصل بينهما السرير، فما كان مشرقا فهو الشريف، وما كان مغربا فهو الشرف (وفاء الوفا 3 / 1090) .
(16) الصريمة - بضم الصاد المهملة وفتح الراء - مصغر الصرمة، وهي القطيعة من الإبل بقدر الثلاثين.
(17) الغنيمة مصغر الغنم، والمعنى صاحب القطيعة القليلة من الإبل والغنم، ولذا صغر اللفظ (عمدة القاري 14 / 305) .
(18) حديث أسلم: " أن عمر بن الخطاب استعمل مولى له. . . " أخرجه البخاري (الفتح 6 / 175 - ط السلفية) .
(19) وفاء الوفا 3 / 1087، المغني 5 / 581.
(20) شرح السنة 8 / 273، وفاء الوفا 3 / 1086، المغني 5 / 580، عمدة القاري 2 / 213، مواهب الجليل 6 / 3.
(21) المغني 5 / 581، الأحكام السلطانية لأبي يعلى 222، الأحكام السلطانية للماوردي 185، مواهب الجليل 6 / 4، الأموال لأبي عبيد 124، الأموال لابن زنجويه 2 / 659، الدسوقي 4 / 96، الشرح الصغير 4 / 92، الرتاج 1 / 696 - 699، عمدة القاري 14 / 304، 12 / 213، ونهاية المحتاج 5 / 337.
(22) الحطاب 6 / 4.
(23) الأحكام السلطانية للماوردي 187، الأحكام السلطانية لأبي يعلى 224، ومطالب أولي النهى 4 / 201، نهاية المحتاج 5 / 338.
(24) حديث: " المسلمون شركاء في ثلاث. . . " سبق تخريجه ف / 6.
(25) نهاية المحتاج 5 / 338، الماوردي 185، الحطاب 6 / 8.
(26) الحطاب 6 / 8، أسنى المطالب 2 / 449.
(27) الماوردي 186، أبو يعلى 224، نهاية المحتاج 5 / 338، الشرقاوي 2 / 184، مطالب أولي النهى 4 / 200، كشاف القناع 4 / 202، الحطاب 6 / 10، الموسوعة 2 / 247.
(28) حديث: " من أحيا أرضا ميتة فهي له ". أخرجه الترمذي (3 / 654 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله، وقال: " حسن صحيح ".
(29) المراجع السابقة.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 116/ 18