البحث

عبارات مقترحة:

البر

البِرُّ في اللغة معناه الإحسان، و(البَرُّ) صفةٌ منه، وهو اسمٌ من...

الكبير

كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...

القاهر

كلمة (القاهر) في اللغة اسم فاعل من القهر، ومعناه الإجبار،...

الْخُرُوجُ


من معجم المصطلحات الشرعية

نَقِيضُ الدُّخُول . ومن أمثلته كراهية الخروج من المسجد بعد الأذان؛ لحديث أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ الْمُحَارِبِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَرَأَى رَجُلًا يَجْتَازُ الْمَسْجِدَ خَارِجًا بَعْدَ الْأَذَانِ، فَقَالَ : "أَمَّا هَذَا، فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ." مسلم : 655.


انظر : حاشية ابن عابدين، 4/264، المغني لابن قدامة، 1/129.

تعريفات أخرى

  • يطلق على الْبَغْيِ . أَيِ الْخُرُوجِ عَلَى الإمام .

من الموسوعة الكويتية

التَّعْرِيفُ:
1 - الْخُرُوجُ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرُ خَرَجَ يَخْرُجُ خُرُوجًا وَمَخْرَجًا، نَقِيضُ الدُّخُول (1) .
وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَ الْخُرُوجَ بِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ، وَيَسْتَعْمِلُونَهُ أَيْضًا بِمَعْنَى الْبَغْيِ، أَيِ الْخُرُوجِ عَلَى الأَْئِمَّةِ (2) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْخُرُوجِ:
لِلْخُرُوجِ أَحْكَامٌ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الْخَارِجِ، وَبِاخْتِلاَفِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْخُرُوجُ، أَهَمُّهَا مَا يَلِي:
الْخَارِجُ مِنَ السَّبِيلَيْنِ وَغَيْرِهِمَا:
2 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْخَارِجَ مِنَ السَّبِيلَيْنِ إِذَا كَانَ مَنِيًّا خَرَجَ عَلَى وَجْهِ الدَّفْقِ وَالشَّهْوَةِ، أَوْ دَمَ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ، فَإِنَّهُ مُوجِبٌ لِلْغُسْل، وَعَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمَنِيِّ إِذَا كَانَ مُعْتَادًا كَالْبَوْل، أَوِ الْغَائِطِ، وَالرِّيحِ، يُنْقِضُ الْوُضُوءَ، وَاخْتَلَفُوا فِي غَيْرِ الْمُعْتَادِ، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ) إِلَى أَنَّهُ يُنْقِضُ الْوُضُوءَ.
وَيَرَى جُمْهُورُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ غَيْرَ الْمُعْتَادِ كَالدُّودِ وَالْحَصَى لاَ يُنْقِضُ الْوُضُوءَ.
وَفِي الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مَوَاطِنِهِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ. (3)
وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ: (وُضُوءٌ) .

خُرُوجُ الْقَدَمِ أَوْ بَعْضِهَا مِنَ الْخُفِّ:
3 - صَرَّحَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ يَثْبُتُ حُكْمُ نَزْعِ الْخُفِّ - وَهُوَ بُطْلاَنُ الْوُضُوءِ أَوِ الْمَسْحِ عَلَى خِلاَفٍ فِيهِ - بِخُرُوجِ الْقَدَمِ إِلَى سَاقِ الْخُفِّ، وَكَذَا بِخُرُوجِ أَكْثَرِ الْقَدَمِ فِي الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ؛ لأَِنَّ الاِحْتِرَازَ عَنْ خُرُوجِ الْقَلِيل مُتَعَذِّرٌ، لأَِنَّهُ رُبَّمَا يَحْصُل بِدُونِ الْقَصْدِ، بِخِلاَفِ الْكَثِيرِ، فَإِنَّ الاِحْتِرَازَ عَنْهُ لَيْسَ بِمُتَعَذِّرٍ.
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ قَدَمِ الْخُفِّ إِلَى السَّاقِ لَمْ يُؤَثِّرْ إِلاَّ إِذَا كَانَ الْخُفُّ طَوِيلاً خَارِجًا عَنِ الْعَادَةِ، فَأَخْرَجَ رِجْلَهُ إِلَى مَوْضِعٍ لَوْ كَانَ الْخُفُّ مُعْتَادًا لَظَهَرَ شَيْءٌ مِنْ مَحَل الْفَرْضِ بَطَل مَسْحُهُ بِلاَ خِلاَفٍ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لِلْبَعْضِ حُكْمُ الْكُل فَيَبْطُل الْوُضُوءُ بِخُرُوجِ الْقَدَمِ، أَوْ بَعْضِهَا إِلَى سَاقِ خُفِّهِ (4) .
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (مَسْحُ الْخُفِّ) .

الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الأَْذَانِ:
4 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ الْخُرُوجُ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الأَْذَانِ بِلاَ عُذْرٍ، أَوْ نِيَّةِ رُجُوعٍ إِلَى الْمَسْجِدِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ التَّأْذِينُ لِلْفَجْرِ قَبْل الْوَقْتِ، فَلاَ يُكْرَهُ الْخُرُوجُ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ، قَال أَبُو الشَّعْثَاءِ: كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ، فَقَامَ رَجُلٌ فِي الْمَسْجِدِ يَمْشِي، فَأَتْبَعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بَصَرَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ ﷺ، وَالْمَوْقُوفُ فِي مِثْلِهِ كَالْمَرْفُوعِ. (5)
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَر: مُصْطَلَحَ (مَسْجِدٌ) . خُرُوجُ الإِْمَامِ لِلْخُطْبَةِ:
5 - إِذَا خَرَجَ الإِْمَامُ وَقَامَ لِلْخُطْبَةِ اسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ؛ لأَِنَّهُ بِهِ جَرَى التَّوَارُثُ، وَيَحْرُمُ الْكَلاَمُ وَالإِْمَامُ يَخْطُبُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ.
وَأَمَّا الْكَلاَمُ بِمُجَرَّدِ خُرُوجِهِ وَقَبْل أَنْ يَبْدَأَ بِالْخُطْبَةِ، فَإِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَبِهِ قَال عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَالزُّهْرِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ لأَِنَّ الْمَنْعَ لِلإِْخْلاَل بِغَرَضِ الاِسْتِمَاعِ، وَلاَ اسْتِمَاعَ هُنَا، وَكَرِهَهُ الْحَكَمُ، وَقَال ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إِنَّ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ كَانَا يَكْرَهَانِ الْكَلاَمَ، وَالصَّلاَةَ بَعْدَ خُرُوجِ الإِْمَامِ، وَيَحْرُمُ الْكَلاَمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِمُجَرَّدِ خُرُوجِ الإِْمَامِ.
وَأَمَّا تَرْكُ الصَّلاَةِ فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ تَطَوُّعَ بَعْدَ خُرُوجِ الإِْمَامِ لِلْخُطْبَةِ، وَبِهِ قَال شُرَيْحٌ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال لِلَّذِي يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ: اجْلِسْ، فَقَدْ آذَيْتَ وَآنَيْتَ. (6) وَلأَِنَّ الصَّلاَةَ تَشْغَلُهُ عَنِ اسْتِمَاعِ الْخُطْبَةِ فَكُرِهَ، كَصَلاَةِ الدَّاخِل.
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ التَّطَوُّعُ بِجُلُوسِ الإِْمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلاَ يُصَلِّي أَحَدٌ غَيْرُ الدَّاخِل، فَمَنْ دَخَل أَثْنَاءَ الْخُطْبَةِ اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ التَّحِيَّةَ يُخَفِّفُهَا، إِلاَّ إِذَا كَانَ الإِْمَامُ فِي آخِرِهَا، فَلاَ يُصَلِّي لِئَلاَّ يَفُوتَهُ أَوَّل الْجُمُعَةِ مَعَ الإِْمَامِ (7) .

خُرُوجُ الْمُعْتَكِفِ مِنَ الْمَسْجِدِ:
6 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ الْخُرُوجُ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلاَّ لِحَاجَةِ الإِْنْسَانِ أَوِ الْجُمُعَةِ، وَالدَّلِيل عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ لاَ يَخْرُجُ مِنْ مُعْتَكَفِهِ إِلاَّ لِحَاجَةِ الإِْنْسَانِ. (8) وَقَالَتِ ﵂: السُّنَّةُ لِلْمُعْتَكِفِ أَلاَّ يَخْرُجَ إِلاَّ لِمَا لاَ بُدَّ مِنْهُ. (9)
إِلاَّ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ قَالُوا: يَجِبُ الْخُرُوجُ لِلْجُمُعَةِ وَلَكِنَّهُ يَبْطُل بِهِ الاِعْتِكَافُ؛ لإِِمْكَانِ الاِعْتِكَافِ فِي الْجَامِعِ (10) ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (اعْتِكَافٌ)

الْخُرُوجُ لِلاِسْتِسْقَاءِ:
7 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَخْرُجُ الشَّبَابُ وَالشُّيُوخُ وَالضُّعَفَاءُ، وَالْعَجَزَةُ، وَغَيْرُ ذَاتِ الْهَيْئَةِ مِنَ النِّسَاءِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْرُجُوا مُشَاةً بِتَوَاضُعٍ وَخُشُوعٍ فِي ثِيَابٍ خُلْقَانٍ، وَأَنْ يُقَدِّمُوا الصَّدَقَةَ كُل يَوْمٍ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْدَ التَّوْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى (11) .
وَاخْتَلَفُوا فِي خُرُوجِ الْكُفَّارِ وَأَهْل الذِّمَّةِ عَلَى أَقْوَالٍ يُنْظَرُ تَفْصِيلُهَا فِي مُصْطَلَحِ (اسْتِسْقَاءٌ) .

خُرُوجُ الْمَرْأَةِ مِنَ الْمَنْزِل:
8 - الأَْصْل أَنَّ النِّسَاءَ مَأْمُورَاتٌ بِلُزُومِ الْبَيْتِ مَنْهِيَّاتٌ عَنِ الْخُرُوجِ (12) .
ذَكَرَ الْكَاسَانِيُّ عِنْدَ الْكَلاَمِ عَنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ: أَنَّ مِنْهَا: مِلْكُ الاِحْتِبَاسِ وَهُوَ صَيْرُورَتُهَا (الزَّوْجَةِ) مَمْنُوعَةً مِنَ الْخُرُوجِ وَالْبُرُوزِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ} ، (13) وَالأَْمْرُ بِالإِْسْكَانِ نَهْيٌ عَنِ الْخُرُوجِ، وَالْبُرُوزِ، وَالإِْخْرَاجِ، إِذِ الأَْمْرُ بِالْفِعْل نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، وَقَوْلُهُ ﷿: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} (14) وَقَوْلُهُ ﷿: {لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ} (15) وَلأَِنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ مَمْنُوعَةً عَنِ الْخُرُوجِ وَالْبُرُوزِ لاَخْتَل السَّكَنُ وَالنَّسَبُ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُرِيبُ الزَّوْجَ وَيَحْمِلُهُ عَلَى نَفْيِ النَّسَبِ (16) .
قَال الْقُرْطُبِيُّ عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُْولَى} مَعْنَى هَذِهِ الآْيَةِ الأَْمْرُ بِلُزُومِ الْبَيْتِ، وَإِنْ كَانَ الْخِطَابُ لِنِسَاءِ النَّبِيِّ ﷺ فَقَدْ دَخَل فِيهِ غَيْرُهُنَّ بِالْمَعْنَى. هَذَا لَوْ لَمْ يَرِدْ دَلِيلٌ يَخُصُّ جَمِيعَ النِّسَاءِ، فَكَيْفَ وَالشَّرِيعَةُ طَافِحَةٌ بِلُزُومِ النِّسَاءِ بُيُوتَهُنَّ وَالاِنْكِفَافِ عَنِ الْخُرُوجِ مِنْهَا إِلاَّ لِضَرُورَةٍ (17) .
فَقَدْ أَخْرَجَ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الأَْحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ فَإِذَا خَرَجَتِ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ، وَأَقْرَبُ مَا تَكُونُ بِرَوْحَةِ رَبِّهَا وَهِيَ فِي قَعْرِ بَيْتِهَا. (18)
كَمَا أَخْرَجَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ ﵁ أَنَّهُ قَال: جِئْنَ النِّسَاءُ إِلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ فَقُلْنَ: يَا رَسُول اللَّهِ: ذَهَبَ الرِّجَال بِالْفَضْل وَالْجِهَادِ فِي سَبِيل اللَّهِ تَعَالَى فَمَا لَنَا عَمَلٌ نُدْرِكُ بِهِ عَمَل الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيل اللَّهِ؟ فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: مَنْ قَعَدَتْ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - مِنْكُنَّ فِي بَيْتِهَا، فَإِنَّهَا تُدْرِكُ عَمَل الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيل اللَّهِ. (19)
وَعِنْدَ الْحَاجَةِ كَزِيَارَةِ الآْبَاءِ، وَالأُْمَّهَاتِ، وَذَوِي الْمَحَارِمِ، وَشُهُودِ مَوْتِ مَنْ ذُكِرَ، وَحُضُورِ عُرْسِهِ وَقَضَاءِ حَاجَةٍ لاَ غَنَاءَ لِلْمَرْأَةِ عَنْهَا وَلاَ تَجِدُ مَنْ يَقُومُ بِهَا يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ (20) . إِلاَّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ يُقَيِّدُونَ جَوَازَ خُرُوجِ الْمَرْأَةِ فِي هَذِهِ الْحَالاَتِ بِقُيُودٍ أَهَمُّهَا: 1 - أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ غَيْرَ مَخْشِيَّةِ الْفِتْنَةِ، أَمَّا الَّتِي يُخْشَى الاِفْتِتَانُ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُ أَصْلاً. (21)
2 - أَنْ تَكُونَ الطَّرِيقُ مَأْمُونَةً مِنْ تَوَقُّعِ الْمَفْسَدَةِ وَإِلاَّ حَرُمَ خُرُوجُهَا (22) .
3 - أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهَا فِي زَمَنِ أَمْنِ الرِّجَال (23) وَلاَ يُفْضِي إِلَى اخْتِلاَطِهَا بِهِمْ؛ لأَِنَّ تَمْكِينَ النِّسَاءِ مِنَ اخْتِلاَطِهِنَّ بِالرِّجَال أَصْل كُل بَلِيَّةٍ وَشَرٍّ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ نُزُول الْعُقُوبَاتِ الْعَامَّةِ، كَمَا أَنَّهُ مِنْ أَسْبَابِ فَسَادِ أُمُورِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، وَاخْتِلاَطُ الرِّجَال بِالنِّسَاءِ سَبَبٌ لِكَثْرَةِ الْفَوَاحِشِ وَالزِّنَى، وَهُوَ مِنْ أَسْبَابِ الْمَوْتِ الْعَامِّ، فَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الأَْمْرِ أَنْ يَمْنَعَ مِنَ اخْتِلاَطِ الرِّجَال بِالنِّسَاءِ فِي الأَْسْوَاقِ، وَالْفُرُجِ، وَمَجَامِعِ الرِّجَال، وَإِقْرَارُ النِّسَاءِ عَلَى ذَلِكَ إِعَانَةٌ لَهُنَّ عَلَى الإِْثْمِ وَالْمَعْصِيَةِ، وَقَدْ مَنَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁ النِّسَاءَ مِنَ الْمَشْيِ فِي طَرِيقِ الرِّجَال وَالاِخْتِلاَطِ بِهِمْ فِي الطَّرِيقِ (24) .
4 - أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهَا عَلَى تَبَذُّلٍ وَتَسَتُّرٍ تَامٍّ (25) . قَال الْعَيْنِيُّ: يَجُوزُ الْخُرُوجُ لِمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْمَرْأَةُ مِنْ أُمُورِهَا الْجَائِزَةِ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ بَذَّةَ الْهَيْئَةِ، خَشِنَةَ الْمَلْبَسِ، تَفِلَةَ الرِّيحِ، مَسْتُورَةَ الأَْعْضَاءِ غَيْرَ مُتَبَرِّجَةٍ بِزِينَةٍ وَلاَ رَافِعَةً صَوْتَهَا (26) .
قَال ابْنُ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ: يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الأَْمْرِ مَنْعُ النِّسَاءِ مِنَ الْخُرُوجِ مُتَزَيِّنَاتٍ مُتَجَمِّلاَتٍ، وَمَنْعُهُنَّ مِنَ الثِّيَابِ الَّتِي يَكُنَّ بِهَا كَاسِيَاتٍ عَارِيَّاتٍ، كَالثِّيَابِ الْوَاسِعَةِ وَالرِّقَاقِ، وَإِنْ رَأَى وَلِيُّ الأَْمْرِ أَنْ يُفْسِدَ عَلَى الْمَرْأَةِ - إِذَا تَجَمَّلَتْ وَخَرَجَتْ - ثِيَابَهَا بِحِبْرٍ وَنَحْوِهِ، فَقَدْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَأَصَابَ. وَهَذَا مِنْ أَدْنَى عُقُوبَتِهِنَّ الْمَالِيَّةِ (27) . فَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا تَطَيَّبَتْ وَخَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ. (28)
5 - أَنْ يَكُونَ الْخُرُوجُ بِإِذْنِ الزَّوْجِ، فَلاَ يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ (29) .
قَال ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ: وَإِذَا اضْطُرَّتِ امْرَأَةٌ لِلْخُرُوجِ لِزِيَارَةِ وَالِدٍ خَرَجَتْ بِإِذْنِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُتَبَرِّجَةٍ (30) . وَنَقَل ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلاَنِيُّ عَنِ النَّوَوِيِّ عِنْدَ التَّعْلِيقِ عَلَى حَدِيثِ: إِذَا اسْتَأْذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ بِاللَّيْل إِلَى الْمَسْجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ (31) أَنَّهُ قَال: اسْتُدِل بِهِ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لاَ تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا إِلاَّ بِإِذْنِهِ لِتَوَجُّهِ الأَْمْرِ إِلَى الأَْزْوَاجِ بِالإِْذْنِ (32) .
وَلِلزَّوْجِ مَنْعُ زَوْجَتِهِ مِنَ الْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ إِلَى مَا لَهَا مِنْهُ بُدٌّ، سَوَاءٌ أَرَادَتْ زِيَارَةَ وَالِدَيْهَا أَوْ عِيَادَتَهُمَا أَوْ حُضُورَ جِنَازَةِ أَحَدِهِمَا. قَال أَحْمَدُ فِي امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ وَأُمٌّ مَرِيضَةٌ: طَاعَةُ زَوْجِهَا أَوْجَبُ عَلَيْهَا مِنْ أُمِّهَا إِلاَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا، وَقَدْ رَوَى ابْنُ بَطَّةَ فِي أَحْكَامِ النِّسَاءِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً سَافَرَ وَمَنَعَ زَوْجَتَهُ مِنَ الْخُرُوجِ فَمَرِضَ أَبُوهَا، فَاسْتَأْذَنَتْ رَسُول اللَّهِ ﷺ فِي عِيَادَةِ أَبِيهَا فَقَال لَهَا رَسُول اللَّهِ ﷺ اتَّقِي اللَّهَ وَلاَ تُخَالِفِي زَوْجَكَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ: إِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهَا بِطَاعَةِ زَوْجِهَا (33) وَلأَِنَّ طَاعَةَ الزَّوْجِ وَاجِبَةٌ، وَالْعِيَادَةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ فَلاَ يَجُوزُ تَرْكُ الْوَاجِبِ لِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ. وَلاَ يَنْبَغِي لِلزَّوْجِ مَنْعُ زَوْجَتِهِ مِنْ عِيَادَةِ وَالِدَيْهَا، وَزِيَارَتِهِمَا لأَِنَّ فِي مَنْعِهَا مِنْ ذَلِكَ قَطِيعَةً لَهُمَا، وَحَمْلاً لِزَوْجَتِهِ عَلَى مُخَالَفَتِهِ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ (34) .
وَيَنْبَغِي التَّنْوِيهُ إِلَى أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهَا تَخْرُجُ لِلْوَالِدَيْنِ فِي كُل جُمُعَةٍ بِإِذْنِ الزَّوْجِ وَبِدُونِهِ، وَلِلْمَحَارِمِ فِي كُل سَنَةٍ مَرَّةً بِإِذْنِهِ وَبِدُونِهِ (35) . وَفِي مَجْمَعِ النَّوَازِل، فَإِنْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ قَابِلَةً، أَوْ غَسَّالَةً، أَوْ كَانَ لَهَا حَقٌّ عَلَى آخَرَ أَوْ لآِخَرَ عَلَيْهَا حَقٌّ، تَخْرُجُ بِالإِْذْنِ وَبِغَيْرِ الإِْذْنِ، وَالْحَجُّ عَلَى هَذَا (36) .
وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ بَعْدَ أَنْ نَقَل مَا فِي النَّوَازِل: وَفِي الْبَحْرِ عَنِ الْخَانِيَّةِ تَقْيِيدُ خُرُوجِهَا بِإِذْنِ الزَّوْجِ (37) .
هَذَا وَيَجُوزُ لِلزَّوْجَةِ الْخُرُوجُ بِغَيْرِ إِذْنِ الزَّوْجِ لِمَا لاَ غَنَاءَ لَهَا عَنْهُ، كَإِتْيَانٍ بِنَحْوِ مَأْكَلٍ (38) وَالذَّهَابِ إِلَى الْقَاضِي لِطَلَبِ الْحَقِّ، وَاكْتِسَابِ النَّفَقَةِ إِذَا أَعْسَر بِهَا الزَّوْجُ، وَالاِسْتِفْتَاءُ إِذَا لَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا فَقِيهًا (39) . وَكَذَلِكَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ إِذَا كَانَ الْمَنْزِل الَّذِي تَسْكُنُهُ مُشْرِفًا عَلَى انْهِدَامٍ (40) . وَأَخَذَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ كَلاَمِ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَنَّ لِلزَّوْجَةِ اعْتِمَادَ الْعُرْفِ الدَّال عَلَى رِضَا أَمْثَال الزَّوْجِ بِمِثْل الْخُرُوجِ الَّذِي تُرِيدُهُ، نَعَمْ لَوْ عُلِمَ مُخَالَفَتُهُ لأَِمْثَالِهِ فِي ذَلِكَ فَلاَ تَخْرُجُ (41) .

خُرُوجُ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسْجِدِ:
9 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَصَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَرَادَتْ حُضُورَ الْمَسْجِدِ لِلصَّلاَةِ، إِنْ كَانَتْ شَابَّةً أَوْ كَبِيرَةً تُشْتَهَى كُرِهَ لَهَا، وَكُرِهَ لِزَوْجِهَا وَوَلِيِّهَا تَمْكِينُهَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ عَجُوزًا لاَ تُشْتَهَى فَلَهَا الْخُرُوجُ بِإِذْنِ الزَّوْجِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ دُونَ كَرَاهَةٍ (42) .
وَمِثْلُهُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّابَّةِ، أَمَّا الْعَجُوزُ فَإِنَّهَا تَخْرُجُ عِنْدَهُ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ فَقَطْ، وَلاَ تَخْرُجُ فِي الْجُمُعَةِ وَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ (43) .
وَكَرِهَ مُتَأَخِّرُو الْحَنَفِيَّةِ خُرُوجَهَا مُطْلَقًا لِفَسَادِ الزَّمَنِ (44) .
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَالنِّسَاءُ عِنْدَهُمْ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: عَجُوزٌ انْقَطَعَتْ حَاجَةُ الرِّجَال عَنْهَا، فَهَذِهِ تَخْرُجُ لِلْمَسْجِدِ، وَلِلْفَرْضِ، وَلِمَجَالِسِ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ، وَتَخْرُجُ لِلصَّحْرَاءِ فِي الْعِيدِ وَالاِسْتِسْقَاءِ، وَلِجِنَازَةِ أَهْلِهَا وَأَقَارِبِهَا، وَلِقَضَاءِ حَوَائِجِهَا، وَمُتَجَالَّةٌ (مُسِنَّةٌ) لَمْ تَنْقَطِعْ حَاجَةُ الرِّجَال مِنْهَا بِالْجُمْلَةِ، فَهَذِهِ تَخْرُجُ لِلْمَسْجِدِ لِلْفَرَائِضِ، وَمَجَالِسِ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ، وَلاَ تُكْثِرُ التَّرَدُّدَ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهَا أَيْ يُكْرَهُ لَهَا ذَلِكَ، وَشَابَّةٌ غَيْرُ فَارِهَةٍ فِي الشَّبَابِ وَالنَّجَابَةِ، تَخْرُجُ لِلْمَسْجِدِ لِصَلاَةِ الْفَرْضِ جَمَاعَةً، وَفِي جَنَائِزِ أَهْلِهَا وَأَقَارِبِهَا، وَلاَ تَخْرُجُ لِعِيدٍ وَلاَ اسْتِسْقَاءٍ وَلاَ لِمَجَالِسِ ذِكْرٍ أَوْ عِلْمٍ. وَشَابَّةٌ فَارِهَةٌ فِي الشَّبَابِ وَالنَّجَابَةِ، فَهَذِهِ الاِخْتِيَارُ لَهَا أَنْ لاَ تَخْرُجَ أَصْلاً (45) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُبَاحُ لِلنِّسَاءِ حُضُورُ الْجَمَاعَةِ مَعَ الرِّجَال (46) لأَِنَّهُنَّ كُنَّ يُصَلِّينَ مَعَ رَسُول اللَّهِ ﷺ، قَالَتْ عَائِشَةُ ﵂: كَانَ النِّسَاءُ يُصَلِّينَ مَعَ رَسُول اللَّهِ ﷺ ثُمَّ يَنْصَرِفْنَ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ. (47) وَقَال النَّبِيُّ ﷺ: لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلاَتٍ يَعْنِي غَيْرَ مُتَطَيِّبَاتٍ. (48)
وَتَجْدُرُ الإِْشَارَةُ إِلَى أَنَّ جَوَازَ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسْجِدِ - عِنْدَ مَنْ يُجِيزُهُ - مُقَيَّدٌ بِالْقُيُودِ السَّابِقَةِ (49) . وَلاَ يُقْضَى عَلَى زَوْجِ الشَّابَّةِ وَمَنْ فِي حُكْمِهَا بِالْخُرُوجِ لِنَحْوِ صَلاَةِ الْفَرْضِ وَلَوْ شَرَطَ لَهَا فِي صُلْبِ عَقْدِهَا (50) .
قَال النَّوَوِيُّ: يُسْتَحَبُّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا إِذَا اسْتَأْذَنَتْهُ إِلَى الْمَسْجِدِ لِلصَّلاَةِ إِذَا كَانَتْ عَجُوزًا لاَ تُشْتَهَى، وَأَمِنَ الْمَفْسَدَةَ عَلَيْهَا وَعَلَى غَيْرِهَا، فَإِنْ مَنَعَهَا لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ، هَذَا مَذْهَبُنَا. قَال الْبَيْهَقِيُّ: وَبِهِ قَال عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ (51) .

خُرُوجُ الْمَرْأَةِ فِي السَّفَرِ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ:
10 - قَال النَّوَوِيُّ نَقْلاً عَنِ الْقَاضِي: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَخْرُجَ فِي غَيْرِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ إِلاَّ الْهِجْرَةُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ، فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ عَلَيْهَا أَنْ تُهَاجِرَ مِنْهَا إِلَى دَارِ الإِْسْلاَمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَحْرَمٌ. (52)
وَلِلتَّفْصِيل فِي أَحْكَامِ خُرُوجِ الْمَرْأَةِ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَسَفَرِ الزِّيَارَاتِ وَالتِّجَارَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فِي الأَْسْفَارِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحَاتُ: (حَجٌّ، سَفَرٌ، عُمْرَةٌ، هِجْرَةٌ) .

الْخُرُوجُ مِنَ الْمَسْجِدِ:
11 - صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ أَنْ يُقَدِّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَال عِنْدَ الْخُرُوجِ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ " أَوْ يَقُول: " رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِكَ "، وَذَلِكَ بَعْدَ الصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ (53) .

الْخُرُوجُ مِنَ الْبَيْتِ:
12 - يُسْتَحَبُّ فِي الْخُرُوجِ مِنَ الْبَيْتِ أَنْ يَقُول مَا كَانَ يَقُولُهُ النَّبِيُّ ﷺ حِينَ خُرُوجِهِ مِنْ بَيْتِهِ (54) وَذَلِكَ فِيمَا رَوَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ ﵂: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ قَال: بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَضِل أَوْ أُضَل، أَوْ أَزِل أَوْ أُزَل، أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَل أَوْ يُجْهَل عَلَيَّ. (55) وَعَنْ أَنَسٍ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: مَنْ قَال - يَعْنِي إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ - بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، وَلاَ حَوْل وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ يُقَال لَهُ: كُفِيتَ وَوُقِيتَ وَهُدِيتَ وَتَنَحَّى عَنْهُ الشَّيْطَانُ. (56)

الْخُرُوجُ مِنَ الْخَلاَءِ:
13 - يُسْتَحَبُّ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْخَلاَءِ أَنْ يُقَدِّمَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَيَقُول: غُفْرَانَكَ، أَوِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الأَْذَى وَعَافَانِي (57) . لِمَا رَوَى أَنَسٌ ﵁: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلاَءِ قَال: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الأَْذَى وَعَافَانِي. (58)
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (قَضَاءُ الْحَاجَةِ) .

خُرُوجُ الْمُعْتَدَّةِ مِنَ الْبَيْتِ:
14 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مُلاَزَمَةُ السَّكَنِ، فَلاَ تَخْرُجُ إِلاَّ لِحَاجَةٍ أَوْ عُذْرٍ، فَإِنْ خَرَجَتْ أَثِمَتْ، وَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا، وَكَذَا لِوَارِثِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ.
وَتُعْذَرُ فِي الْخُرُوجِ فِي مَوَاضِعَ تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (عِدَّةٌ) .

مَنْ لاَ يَجُوزُ خُرُوجُهُ مَعَ الْجَيْشِ فِي الْجِهَادِ:
15 - لاَ يَسْتَصْحِبُ أَمِيرُ الْجَيْشِ مَعَهُ مُخَذِّلاً، وَلاَ مُرْجِفًا، وَلاَ جَاسُوسًا، وَلاَ مَنْ يُوقِعُ الْعَدَاوَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَسْعَى بِالْفَسَادِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيل اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلأََوْضَعُوا خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ} (59)
وَإِنْ خَرَجَ هَؤُلاَءِ فَلاَ يُسْهَمُ لَهُمْ وَلاَ يُرْضَخُ، وَإِنْ أَظْهَرُوا عَوْنَ الْمُسْلِمِينَ (60) .
وَالتَّفْصِيل فِي (جِهَادٌ، وَغَنِيمَةٌ) .

الْخُرُوجُ عَلَى الإِْمَامِ:
16 - أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الإِْمَامَ إِذَا كَانَ عَدْلاً تَجِبُ طَاعَتُهُ، وَمُحَرَّمٌ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ} (61) وَأَمَّا الْخُرُوجُ عَلَى الإِْمَامِ الْجَائِرِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ عَلَى أَقْوَالٍ يُنْظَرُ تَفْصِيلُهَا فِي مُصْطَلَحَيِ: (الإِْمَامَةُ الْكُبْرَى، وَبُغَاةٌ) . (62)

خُرُوجُ الْمَحْبُوسِ:
17 - صَرَّحَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّ الْمَحْبُوسَ لأَِجْل قَضَاءِ الدَّيْنِ يُمْنَعُ عَنِ الْخُرُوجِ إِلَى أَشْغَالِهِ وَمُهِمَّاتِهِ، وَإِلَى الْجُمَعِ وَالأَْعْيَادِ، وَتَشْيِيعِ الْجِنَازَةِ، وَعِيَادَةِ الْمَرْضَى وَالزِّيَارَةِ، وَالضِّيَافَةِ، وَأَمْثَال ذَلِكَ. لأَِنَّ الْحَبْسَ لِلتَّوَصُّل إِلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ، فَإِذَا مُنِعَ عَنْ ذَلِكَ سَارَعَ إِلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ (63) .
(ر: حَبْسٌ) .
__________
(1) لسان العرب، والمحيط، ومتن اللغة مادة: " خرج ".
(2) الاختيار 4 / 54.
(3) الاختيار 1 / 9، 22 ط دار المعرفة، والقوانين الفقهية / 31 - 34 ط دار الكتاب العربي، وروضة الطالبين 1 / 71، 72 ط المكتب الإسلامي، ونيل المآرب 1 / 69، 75، 77
(4) فتح القدير 1 / 106، 107 ط الأميرية، وحاشية الدسوقي 1 / 145، وحاشية الجمل 1 / 148، ونهاية المحتاج 1 / 209 ط مصطفي الحلبي، وروضة الطالبين 1 / 133، ونيل المآرب 1 / 67
(5) فتح القدير1 / 338، 339 ط الأميرية، وابن عابدين 1 / 479، 480، ومواهب الجليل 1 / 467، والمجموع 2 / 179، 3 / 128، والمغني 1 / 408، 409، ونيل المآرب 1 / 119 وحديث أبي هريرة: " أما هذا فقد عصى أبا القاسم. . . . ". أخرجه مسلم (1 / 453 - 454 - ط الحلبي) .
(6) حديث: " اجلس فقد آذيت وآنيت ". . أخرجه النسائي (3 / 103 - ط المكتبة التجارية) من حديث عبد الله بن بسر، وابن ماجة (1 / 354 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله، وقواه ابن حجر في الفتح (2 / 392 - ط السلفية) .
(7) فتح القدير 1 / 420، 421 ط الأميرية، والاختيار 1 / 84، والقوانين الفقهية / 80، وجواهر الإكليل 1 / 95 ط مكة المكرمة، وروضة الطالبين 2 / 30، وكشاف القناع 2 / 47، ونيل المآرب 1 / 200، والمغني 2 / 319 وما بعدها 2 / 324.
(8) حديث عائشة: " كان لا يخرج من معتكفه إلا لحاجة الانسان ". أخرجه البخاري (الفتح 4 / 273 - ط الحلبي) ومسلم (1 / 244 - ط الحلبي) .
(9) حديث عائشة: " السنة علي المعتكف أن لا يعود مريضا، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة ولا يباشرها ولا يخرج إلا لما لا بد منه ". أخرجه أبو داود (2 / 836 - 837 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وإسناده صحيح.
(10) فتح القدير 2 / 309 ط دار إحياء التراث العربي، وجواهر الإكليل 1 / 156، 159، والقوانين الفقهية / 123، وروضة الطالبين 2 / 404، 409، وكشاف القناع 2 / 356 وما بعدها، والمغني 3 / 191
(11) الاختيار 1 / 72، وفتح القدير 1 / 437 ط الأميرية، والخرشي 2 / 109، والقوانين الفقهية 84، 85، والمجموع 5 / 65، 66، 70، 71، وروضة الطالبين 2 / 90، 91، ونيل المآرب 1 / 211
(12) أحكام القرآن للجصاص 3 / 443 ط البهية.
(13) سورة الطلاق / 6
(14) سورة الأحزاب / 33
(15) سورة الطلاق / 1
(16) بدائع الصنائع 2 / 331
(17) تفسير القرطبي 14 / 179
(18) حديث: " المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان ". أخرجه الترمذي (3 / 467 - ط الحلبي) وقال: " حديث حسن غريب ".
(19) حديث أنس: " جئن النساء إلي رسول الله ﷺ. . . " أخرجه البزار (كشف الأستار 2 / 182 - الرسالة) وأورده الهيثمي في المجمع (4 / 304 - ط القدسي) وقال: " فيه روح بن المسيب، وثقه ابن معين والبزار، وضعفه ابن حبان وابن عدي ". وانظر تفسير ابن كثير 3 / 482 ط الحلبي.
(20) الفواكه الدواني 2 / 409، وحاشية العدوي علي شرح الرسالة 2 / 421، وعمدة القاري 20 / 218 ط المنيرية.
(21) الفواكه الدواني 2 / 409، وجواهر الإكليل 1 / 81
(22) جواهر الإكليل 1 / 81
(23) الفواكه الدواني 1 / 409، جواهر الإكليل 1 / 81
(24) الطرق الحكيمة لابن قيم الجوزيه ص 280 - 281 ط مطبعة السنة المحمدية.
(25) تفسير القرطبي 14 / 180، وانظر الزواجر 2 / 40، وابن عابدين 2 / 665
(26) عمدة القاري 19 / 125، وانظر ما قاله الحطاب نقلا عن ابن القطان في هذا الصدد (مواهب الجليل 3 / 405)
(27) الطرق الحكيمة ص 280 - 281
(28) حديث: " أن المرأة إذا تطيبت وخرجت من بيتها فهي زانية ". أخرجه الترمذي (5 / 106 - ط الحلبي) من حديث أبي موسي، وقال: " حديث حسن صحيح ".
(29) المغني 7 / 20
(30) الزواجر 2 / 40
(31) حديث: " إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلي المسجد فأذنوا لهن ". أخرجه البخاري (2 / 347 - ط السلفية) من حديث عبد الله بن عمر.
(32) فتح الباري 2 / 347 - 348
(33) حديث: " اتقي الله ولا تخالفي زوجك ". أورده ابن قدامة في المغني (7 / 20 - ط الرياض) وعزاه إلي ابن بطة في أحكام النساء.
(34) المغني 207، والمهذب 2 / 67، وانظر الفواكه الدواني 2 / 409، وابن عابدين 2 / 664
(35) ابن عابدين 2 / 664، والفتاوى الهندية 1 / 557
(36) الفتاوى الهندية 1 / 557
(37) ابن عابدين 2 / 665
(38) مطالب أولي النهى 5 / 271
(39) الإقناع للشربيني الخطيب 2 / 95، ابن عابدين 2 / 665
(40) روضة الطالبين 9 / 60، ونهاية المحتاج 7 / 195
(41) نهاية المحتاج 7 / 195
(42) المجموع 4 / 198، والفتاوى البزازية بهامش الهندية 1 / 183، وابن عابدين 1 / 380
(43) الفتاوى البزازية بهامش الهندية 1 / 183، وابن عابدين 1 / 380، هذا بحسب زمنهم في أنه لا يخرج في هذا الوقت إلا المصلون، فيراعي تغير العرف.
(44) الدر المختار 1 / 380
(45) الشرح الصغير وحاشية الصاوي عليه 1 / 446 - 447
(46) المغني 2 / 202 - 203، 375
(47) حديث عائشة: " كان النساء يصلين مع رسول الله ﷺ ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 54 - ط السلفية) ومسلم (1 / 446 - ط الحلبي) .
(48) حديث: " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ". أخرجه أبو داود (1 / 381 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أبي هريرة، وإسناده حسن.
(49) المغني 2 / 376، والفواكه الدواني 2 / 409، والمجموع 4 / 199
(50) الفواكه الدواني 2 / 409
(51) المجموع 4 / 199
(52) صحيح مسلم بشرح النووي 9 / 104
(53) القوانين الفقهية / 55، والمغني 1 / 455
(54) الأذكار للنووي / 24
(55) حديث أم سلمة: أن النبي ﷺ كان إذا خرج من بيته ". أخرجه أبو داود (5 / 327 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والترمذي (5 / 490 - ط الحلبي) وفي إسناده انقطاع كما في الفتوحات الربانية لابن علان (1 / 331 ط المنيرية) .
(56) حديث: " من قال: " - يعني إذا خرج من بيته - بسم الله ". أخرجه الترمذي (5 / 490 - ط الحلبي) وابن حبان (الموارد 1 / 590 - ط السلفية) وقال الترمذي: " حسن صحيح ".
(57) ابن عابدين 1 / 230، 231، وجواهر الإكليل 1 / 17، والقليوبي 1 / 40، 41، والمجموع 2 / 179، ونيل المآرب 1 / 52.
(58) حديث: " كان إذا خرج من الخلاء قال: الحمد لله الذي أذهب عني الأذي وعافاني ". أخرجه ابن ماجه (1 / 110 - ط الحلبي) ، وقال البوصيري في " مصباح الزجاجة " (1 / 92 - ط دار الحنان) : " هذا حديث ضعيف، لا يصح بهذا اللفظ عن النبي ﷺ ".
(59) سورة التوبة / 46، 47
(60) القليوبي 4 / 217، والمغني 8 / 351
(61) سورة النساء / 59
(62) ابن عابدين 1 / 368، وحاشية الدسوقي 4 / 299، ومواهب الجليل 6 / 277، والجمل 5 / 114، وروضة الطالبين 10 / 50، والأحكام السلطانية للماوردي ص 17، والأحكام السلطانية لأبي يعلي ص 14
(63) البدائع 7 / 174، جواهر الإكليل 2 / 93، 94، القليوبي 2 / 292، والمغني 8 / 315

الموسوعة الفقهية الكويتية: 104/ 19