البحث

عبارات مقترحة:

الرحيم

كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

الْكَرَاْمَة


من معجم المصطلحات الشرعية

أمرٌ يجريه الله على عبده المؤمن التقي، إمّا بدعاء، أو أعمال صالحة، لا صنع للولي فيها، ولا قدرة له عليها، إكراماً له، فيدفع عنه بها ضراً، أو يحقق له نفعاً، أو ينصر به حقاً . ومن أمثلة كرامات الأولياء ما حصل لأصحاب الكهف، وما حصل لمريم . وثمة فرق بين الكرامة، والمعجزة، فالكرامة لا تصل إلى درجة معجزات الأنبياء، كما أن أصحابها "الأولياء " لا يصلون في الفضيلة، والثواب درجات الأنبياء؛ فللأنبياء معجزاتهم الكبرى التي لا يظهر مثلها على يد أحد من الأولياء، أو الشياطين، وهي من الأدلة على صدقهم، فلا يمكن أن تختلط بأحوال غيرهم . قال ابن تيمية رَحِمَهُ اللهُ : "فلا تبلغ كرامات أحد قط إلى مثل معجزات المرسلين . ولكن هناك خوارق أقل درجة تسمى صغرى، وهي من التوابع، والنوافل . ولا يعتمد عليها استقلالاً في صدق الأنبياء . وهي التي يجوز أن يظهر مثلها على يد الأولياء كرامةً لهم، ودلالةً على صدق النبي الذي تبعوه . فهذه الدرجة من المعجزات التي يحصل مثلها للإنس أو الجن لا تكون وحدها آية للنبي؛ فإن الله أيد نبوتهم بتلك المعجزات الكبرى التي لا يقدر عليها إنس، ولا جن "


انظر : النبوات لابن تيمية، ص :2/802، تيسير العزيز الحميد لسليمان بن عبدالله، ص 413

تعريفات أخرى

  • أمر خارق للعادة، يجريه الله -تعالى - على يد ولي تأييداً له، أو إعانة، أو تثبيتاً، أو نصراً للدِّين
  • أمر خارق للعادة غير مقرون بدعوى النبوة، ولا هو مقدمة لها، يظهر على يد عبد ظاهر الصلاح مصحوب بصحيح الاعتقاد، والعمل الصالح

من موسوعة المصطلحات الإسلامية

التعريف اللغوي

الكَرامَةُ: الشَّرَفُ والعِزَّةُ، يُقال: كَرُمَ الرَّجُلُ، كَرَماً وكَرامَةً، أيْ: شَرُفَ وعَزَّ. وأَصْلُها مِن الكَرَمِ، وهو: الجُودُ وكَثْرَةُ الخَيْرِ، وضِدُّها: البُخْلُ. وتأْتي بِمعنى النُّبْلِ والفَضْلِ، وضِدُّها: اللُّؤْمُ. وتُسْتَعْمَلُ الكَرامَةُ بِمعنى الإكْرامِ والتَّكْرِيمِ، وهو: إيصالُ الكَرَمِ والنَّفْعِ إلى الغَيْرِ. ومِن مَعانِيها أيضاً: التَّعْظِيمُ.

إطلاقات المصطلح

يَرِد مُصْطلَح (كَرامَة) في العَقِيدَةِ، باب: تَوْحِيد الأُلُوهِيَّةِ، وباب: توحِيد الأَسْماءِ والصِّفاتِ. ويُطْلَق أيضاً في الفقه في كتاب الجامع للآداب، ويُراد بِه: الشُّعُورُ بِالشَّرَفِ والقِيمَةِ الشَّخْصِيَّةِ، ويُقابِلُها: الهَوانُ والذُّلُّ.

جذر الكلمة

كرم

المعنى الاصطلاحي

أَمْرٌ خارِقٌ لِلْعادَةِ غَيْرُ مَقْرُونٍ بِتَحَدٍّ ولا دَعْوَى النُّبُوَّةِ، يُظْهِرُهُ اللهُ على أَيْدِي أَوْلِيائِهِ.

الشرح المختصر

الكَرامَةُ: أَمْرٌ خارِقٌ لِلْعادَةِ غَيْرُ مَقْرونٍ بِدَعْوَى النُّبُوَّةِ ولا هو مُقَدِّمَةٌ لَها، تَظْهَرُ على يَدِ عَبْدٍ ظاهِرُه الصَّلاحُ مَعروفٌ بِصَحِيحِ الاعْتِقادِ والعَمَلِ الصَّالِحِ، والمُرادُ بِالأَمْرِ الخارِقِ لِلْعادَةِ ما كان على خِلافِ العادَةِ والطَّبِيعَةِ وقَوانِينِ الكَوْنِ، كالمَشْيِ على الماءِ ونحوِ ذلك. ويُشتَرَطُ في الكَرامَةِ أَمْرانِ: 1- أن تَجْرِي على يَدِ مُؤْمِنٍ مُسْتَقِيمٍ مُتَّبِعٍ لِلسُّنَّةِ. 2- ألَّا يكون فيها ما يُخالِفُ القُرْآنَ والسُّنَّةَ. وتَنْقَسِمُ الكَرامَةُ إلى قِسْمَيْنِ: 1- كَرامَةٌ حِسِّيَّةٌ، كالسَّيْرِ على الماءِ والطَّيَرانِ في الهَواءِ ونَحْوِ ذلك. 2- كَرامَةٌ مَعْنَوِيَّةٌ، كَبَعْضِ العُلُومِ التي تَحْصُلُ لِبَعْضِ النَّاسِ.

التعريف اللغوي المختصر

الكَرامَةُ: الشَّرَفُ والعِزَّةُ، يُقال: كَرُمَ الرَّجُلُ، كَرَماً وكَرامَةً، أيْ: شَرُفَ وعَزَّ. وأَصْلُها مِن الكَرَمِ، وهو: الجُودُ وكَثْرَةُ الخَيْرِ، وضِدُّها: البُخْلُ. وتأْتي بِمعنى النُّبْلِ والفَضْلِ.

التعريف

أمر خارق للعادة، يجريه الله -تعالى- على يد عبده المؤمن، تأييداً له، أو تثبيتاً، أو نصراً للدِّين.

المراجع

* العين : (5/368)
* مقاييس اللغة : (5/171)
* النبوات : (1/544)
* تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد : (1/192)
* مجموع فتاوى ابن تيمية : (1/276)
* الموافقات : (2/481)
* الفروق للقرافي : (8/116)
* التنبيهات اللطيفة فيما احتوت عليه الواسطية من المباحث المنيفة : (ص 107)
* ولاية الله والطريق إليها : (ص 249)
* تهذيب اللغة : (10/133)
* المحكم والمحيط الأعظم : (7/27)
* مختار الصحاح : (ص 268)
* لسان العرب : (12/510) -

من الموسوعة الكويتية

التَّعْرِيفُ:
1 - الْكَرَامَةُ لُغَةً: مَصْدَرُ كَرُمَ، يُقَال: كَرُمَ الرَّجُل كَرَامَةً: عَزَّ (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: تُطْلَقُ عَلَى عِدَّةِ مَعَانٍ: فَتُطْلَقُ أَوَّلاً: بِمَعْنَى: ظُهُورِ أَمْرٍ خَارِقٍ لِلْعَادَةِ عَلَى يَدِ شَخْصٍ ظَاهِرِ الصَّلاَحِ غَيْرِ مُقَارِنٍ لِدَعْوَى النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ.
وَتُطْلَقُ ثَانِيًا: بِمَعْنَى: الإِْعْزَازِ وَالتَّفْضِيل وَالتَّشْرِيفِ، وَتُطْلَقُ ثَالِثًا: بِمَعْنَى: إِكْرَامِ الضَّيْفِ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْمُعْجِزَةُ:
2 - الْمُعْجِزَةُ فِي اللُّغَةِ: هِيَ مَا يَعْجِزُ الْخَصْمُ عِنْدَ التَّحَدِّي.
وَاصْطِلاَحًا: هِيَ أَمْرٌ خَارِقٌ لِلْعَادَةِ مَقْرُونٌ بِدَعْوَى النُّبُوَّةِ قُصِدَ بِهِ إِظْهَارُ صِدْقِ مَنِ ادَّعَى النُّبُوَّةَ مَعَ عَجْزِ الْمُنْكِرِينَ عَنِ الإِْتْيَانِ بِمِثْلِهِ (3) .
وَعَلَى هَذَا فَالْمُعْجِزَةُ أَخَصُّ مِنَ الْكَرَامَةِ.

ب - الإِْرْهَاصُ:
3 - الإِْرْهَاصُ: مَا يَظْهَرُ مِنَ الْخَوَارِقِ قَبْل ظُهُورِ النَّبِيِّ (4) .
وَالْكَرَامَةُ أَعَمُّ مِنْهُ.

ج - الاِسْتِدْرَاجُ:
4 - الاِسْتِدْرَاجُ: مَا يَظْهَرُ مِنْ خَارِقٍ لِلْعَادَةِ عَلَى يَدِ كَافِرٍ أَوْ فَاسِقٍ (5) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الاِسْتِدْرَاجِ وَالْكَرَامَةِ الضِّدْيَّةُ مِنْ حَيْثُ الْمَقْصُودُ.

الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْكَرَامَةِ:
الْكَرَامَةُ بِمَعْنَى التَّشْرِيفِ وَالإِْعْزَازِ:
5 - الْكَرَامَةُ بِمَعْنَى التَّشْرِيفِ وَالإِْعْزَازِ، مَنْزِلَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ لِبَنِي آدَمَ وَفَضَّلَهُمْ بِهَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِهِ، قَال عَزَّ مَنْ قَائِلٌ: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} (6) ، قَال ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ الآْيَةِ: أَيْ: لَقَدْ شَرَّفْنَا ذُرِّيَّةَ آدَمَ عَلَى جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ، بِالْعَقْل، وَالْعِلْمِ، وَالنُّطْقِ، وَتَسْخِيرِ مَا فِي الْكَوْنِ لَهُمْ، وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى مَنْ خَلَقْنَا مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ، وَأَصْنَافِ الْمَخْلُوقَاتِ مِنَ الْجِنِّ، وَالْبَهَائِمِ وَالْوَحْشِ وَالطَّيْرِ (7) ، وَقَدْ حَافَظَ الإِْسْلاَمُ عَلَى هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ لِبَنِي آدَمَ جَعَلَهُ مَبْدَأَ الْحُكْمِ، وَأَسَاسَ الْمُعَامَلَةِ، وَأَحَاطَهُ بِسِيَاجٍ مِنَ التَّشْرِيعَاتِ، فَلاَ يَحِل لأَِحَدٍ إِهْدَارُ كَرَامَةِ أَحَدٍ بِالاِعْتِدَاءِ عَلَيْهَا: بِالْقَتْل، قَال تَعَالَى: {مَنْ قَتَل نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَْرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَل النَّاسَ جَمِيعًا} (8) أَوْ بِهَتْكِ عِرْضِهِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} (9) ، أَوْ بِالسُّخْرِيَةِ مِنْهُ وَالاِسْتِهْزَاءِ بِهِ، قَال تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَْلْقَابِ} (10) ، وَنَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ فِي حَيَاتِهِ، وَبَعْدَ مَمَاتِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنَ الأَْعْدَاءِ أَثْنَاءَ الْحَرْبِ، وَبَعْدَ انْتِهَائِهَا، وَفِي الْحَدِيثِ: لاَ تَغُلُّوا، وَلاَ تَغْدِرُوا، وَلاَ تُمَثِّلُوا (11) . (ر: جِهَادٌ ف 31) .

إِكْرَامُ الضَّيْفِ:
6 - رَغَّبَ الإِْسْلاَمُ فِي كَرَامَةِ الضَّيْفِ وَعَدَّهَا مِنْ أَمَارَاتِ صِدْقِ الإِْيمَانِ، فَقَدْ وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ (12) .

كَرَامَةُ الْعُلَمَاءِ وَكِبَارِ السِّنِّ، وَحَمَلَةِ الْقُرْآنِ وَأَهْل الْفَضْل:
7 - حَثَّ الإِْسْلاَمُ عَلَى تَوْقِيرِ الْعُلَمَاءِ وَكِبَارِ السِّنِّ وَحَمَلَةِ الْقُرْآنِ، وَأَهْل الْفَضْل، قَال تَعَالَى: {قُل هَل يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} (13) ، وَفِي الْحَدِيثِ: إِنَّ مِنْ إِجْلاَل اللَّهِ تَعَالَى: إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِل الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ، وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ (14) ، وَقَال ﵊: مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ إِلاَّ قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّهِ (15) .

الْكَرَامَةُ بِمَعْنَى ظُهُورِ أَمْرٍ خَارِقٍ لِلْعَادَةِ عَلَى يَدِ غَيْرِ نَبِيٍّ:
8 - ذَهَبَ جُمْهُورُ عُلَمَاءِ أَهْل السُّنَّةِ إِلَى جَوَازِ ظُهُورِ أَمْرٍ خَارِقٍ لِلْعَادَةِ عَلَى يَدِ مُؤْمِنٍ ظَاهِرِ الصَّلاَحِ إِكْرَامًا مِنَ اللَّهِ لَهُ، وَإِلَى وُقُوعِهَا فِعْلاً، وَيُسَمَّى وَلِيًّا.
وَالْوَلِيُّ فِي هَذَا الْمَقَامِ: هُوَ الْعَارِفُ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِصِفَاتِهِ حَسَبَ الإِْمْكَانِ، وَالْمُوَاظِبُ عَلَى الطَّاعَةِ الْمُجْتَنِبُ لِلْمَعَاصِي، بِمَعْنَى أَنَّهُ لاَ يَرْتَكِبُ مَعْصِيَةً بِدُونِ تَوْبَةٍ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لاَ يَقَعُ مِنْهُ مَعْصِيَةٌ بِالْكُلِّيَّةِ، لأَِنَّهُ لاَ عِصْمَةَ إِلاَّ لِلأَْنْبِيَاءِ (ر: وِلاَيَةٌ) .
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى جَوَازِهَا بِأَنَّهُ لاَ يَلْزَمُ عَلَى فَرْضِ وُقُوعِهَا مُحَالٌّ، وَكُل مَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى وُقُوعِهَا بِمَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فِي قِصَّةِ مَرْيَمَ قَال عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَل عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَال يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكَ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (16) ، قَال الْبَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِ الآْيَةِ: هَذَا دَلِيل جَوَازِ الْكَرَامَةِ لِلأَْوْلِيَاءِ، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ زَادَهْ عَلَى تَفْسِيرِ الْبَيْضَاوِيِّ: لأَِنَّ حُصُول الرِّزْقِ عِنْدَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لاَ شَكَّ أَنَّهُ أَمْرٌ خَارِقٌ لِلْعَادَةِ ظَهَرَ عَلَى يَدِ مَنْ لاَ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ، وَلَيْسَ مُعْجِزَةً لِنَبِيٍّ، لأَِنَّ النَّبِيَّ الْمَوْجُودَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ هُوَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُعْجِزَةً لَهُ لَكَانَ عَالِمًا بِحَالِهِ، وَلَمْ يَشْتَبِهْ أَمْرُهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقُل لِمَرْيَمَ: {أَنَّى لَكَ هَذَا} وَأَيْضًا قَوْله تَعَالَى بَعْدَ هَذِهِ الآْيَةِ: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَال رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} (17) ، مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ لَمَّا سَأَلَهَا عَنْ أَمْرِ تِلْكَ الأَْشْيَاءِ - قِيل: أَنَّهُ كَانَ يَجِدُ عِنْدَهَا فَاكِهَةَ الشِّتَاءِ فِي الصَّيْفِ، وَفَاكِهَةَ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ - لَمَّا سَأَلَهَا عَنْ تِلْكَ الأَْشْيَاءِ غَيْرِ الْعَادِيَّةِ، وَذَكَرَتْ لَهُ: أَنَّ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، هُنَالِكَ طَمِعَ فِي انْخِرَاقِ الْعَادَةِ بِحُصُول الْوَلَدِ مِنَ الْمَرْأَةِ الْعَاقِرِ الشَّيْخَةِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَائِسًا مِنَ الْوَلَدِ بِسَبَبِ شَيْخُوخَتِهِ وَشَيْخُوخَةِ زَوْجَتِهِ وَعُقْمِهَا، فَلَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ مَا رَآهُ فِي حَقِّ مَرْيَمَ مِنَ الْخَوَارِقِ وَأَنَّ ذَلِكَ الْعِلْمَ لَمْ يَحْصُل لَهُ إِلاَّ بِإِخْبَارِ مَرْيَمَ - لَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ ذَلِكَ كُلَّهُ لَمَا كَانَتْ رُؤْيَةُ تِلْكَ الْخَوَارِقِ فِي مَرْيَمَ سَبَبًا لِطَمَعِهِ بِوِلاَدَةِ الْعَاقِرِ، وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ - وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ: ثَبَتَ أَنَّ تِلْكَ الْخَوَارِقَ مَا كَانَتْ مُعْجِزَةً لِزَكَرِيَّا عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلاَ لِنَبِيٍّ غَيْرِهِ، لِعَدَمِ وُجُودِهِ، فَتَعَيَّنَ أَنَّهَا كَرَامَةٌ لِمَرْيَمَ فَثَبَتَ الْمَطْلُوبُ (18) .
كَمَا اسْتَدَلُّوا عَلَى وُقُوعِهَا بِقِصَّةِ أَهْل الْكَهْفِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ (19) ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا فِتْيَةً سَبْعَةً مِنْ أَشْرَافِ الرُّومِ خَافُوا عَلَى إِيمَانِهِمْ مِنْ مَلِكِهِمْ فَخَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ، وَدَخَلُوا غَارًا فَلَبِثُوا فِيهِ بِلاَ طَعَامٍ وَلاَ شَرَابٍ ثَلَثَمِائَةٍ وَتِسْعَ سِنِينَ بِلاَ آفَةٍ، وَلاَ شَكَّ أَنَّ هَذَا شَيْءٌ خَارِقٌ لِلْعَادَةِ ظَهَرَ عَلَى يَدِ مَنْ لَمْ يَدَّعِ النُّبُوَّةَ، وَلاَ الرِّسَالَةَ.
وَكَذَلِكَ بِقِصَّةِ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ فِي زَمَنِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: فَقَدْ أَتَى بِعَرْشِ بِلْقِيسَ قَبْل أَنْ يَرْتَدَّ طَرْفُ سُلَيْمَانَ إِلَيْهِ مَعَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ بَيْنَ الْيَمَنِ وَالشَّامِ فَرَأَى سُلَيْمَانُ الْعَرْشَ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ بِلَمْحَةِ طَرْفِ الْعَيْنِ، قَال تَعَالَى: {قَال الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْل أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَال هَذَا مِنْ فَضْل رَبِّي} (20) .
وَكَذَلِكَ بِمَا وَقَعَ لِلصَّحَابَةِ مِنْ كَرَامَاتٍ فِي حَيَاتِهِمْ وَبَعْدَ مَوْتِهِمْ، فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَال: وَجَّهَ عُمَرُ جَيْشًا، وَرَأَّسَ عَلَيْهِمْ رَجُلاً يُدْعَى: سَارِيَةَ، فَبَيْنَا عُمَرُ ﵁ يَخْطُبُ جَعَل يُنَادِي: يَا سَارِيَةُ: الْجَبَل ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَدِمَ رَسُول الْجَيْشِ فَسَأَلَهُ عُمَرُ، فَقَال: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هُزِمْنَا فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعْنَا صَوْتًا يُنَادِي: يَا سَارِيَةُ إِلَى الْجَبَل ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَأَسْنَدْنَا ظُهُورَنَا إِلَى الْجَبَل فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَكَانَتِ الْمَسَافَةُ بَيْنَ الْمَدِينَةِ حَيْثُ كَانَ يَخْطُبُ عُمَرُ وَبَيْنَ مَكَانِ الْجَيْشِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ.
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ ﵁: " أَنَّ رَجُلَيْنِ خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ ﷺ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ وَإِذَا نُورٌ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا حَتَّى تَفَرَّقَا فَتَفَرَّقَ النُّورُ مَعَهُمَا، وَفِي رِوَايَةٍ: " أَنَّ الرَّجُلَيْنِ هُمَا عَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ " (21) .
وَوَقَعَتْ لِلصَّحَابَةِ كَرَامَاتٌ بَعْدَ مَوْتِهِمْ، رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال فِي حَنْظَلَةَ ﵁: وَقَدِ اسْتُشْهِدَ فِي أُحُدٍ: إِنَّ صَاحِبَكُمْ تَغْسِلُهُ الْمَلاَئِكَةُ فَاسْأَلُوا أَهْلَهُ مَا شَأْنُهُ؟ فَسُئِلَتْ صَاحِبَتُهُ، فَقَالَتْ: إِنَّهُ خَرَجَ لَمَّا سَمِعَ الْهَائِعَةَ وَهُوَ جُنُبٌ، فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: لِذَلِكَ غَسَّلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ (22) .
وَلاَ تَزَال تَقَعُ الْكَرَامَاتُ لِصُلَحَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَِنَّ اللَّهَ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ وَعَدَ أَنْ يَنْصُرَهُمْ وَيُعِينَهُمْ، وَيُؤَيِّدَهُمْ، جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: وَمَا يَزَال عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِل حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأَُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَ بِي لأَُعِيذَنَّهُ (23) ، وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ نُصْرَةِ اللَّهِ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ وَتَأْيِيدِهِ، وَإِعَانَتِهِ، حَتَّى كَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ: يُنْزِل نَفْسَهُ مِنْ عَبْدِهِ مَنْزِلَةَ الآْلاَتِ الَّتِي يَسْتَعِينُ بِهَا (24) ، وَلِذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ: " فَبِي يَسْمَعُ، وَبِي يُبْصِرُ، وَبِي يَبْطِشُ، وَبِي يَمْشِي " (25) ، وَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِلَتُهُ بِاللَّهِ فَلاَ يُسْتَبْعَدُ أَنْ يُكْرِمَهُ بِظُهُورِ مَا لاَ يُطِيقُهُ غَيْرُهُ عَلَى يَدَيْهِ تَكْرِيمًا لَهُ.
وَأَنْكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ الإِْسْفَرَايِينِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيُّ حُصُول مَا يَخْرِقُ الْعَادَةَ عَلَى يَدِ غَيْرِ نَبِيٍّ، وَقَالُوا: إِنَّ الْخَوَارِقَ دَلاَلاَتُ صِدْقِ الأَْنْبِيَاءِ، وَدَلِيل النُّبُوَّةِ لاَ يُوجَدُ عِنْدَ غَيْرِ النَّبِيِّ، وَلأَِنَّهَا لَوْ ظَهَرَتْ بِأَيْدِي الأَْوْلِيَاءِ لَكَثُرَتْ بِكَثْرَتِهِمْ، وَلَخَرَجَتْ عَنْ كَوْنِهَا خَارِقَةً لِلْعَادَةِ، وَالْفَرْضُ أَنَّهَا كَذَلِكَ (26) .

قَوْل مَنِ ادَّعَى مَا لاَ يُمْكِنُ عَادَةً:
9 - إِذَا ادَّعَى أَحَدٌ مَا لاَ يُمْكِنُ عَادَةً، وَيُمْكِنُ بِالْكَرَامَةِ فَلاَ يُقْبَل شَرْعًا وَهُوَ لَغْوٌ، كَأَنِ ادَّعَى أَنَّهُ رَهَنَ دَارِهِ بِالشَّامِ وَأَقْبَضَهُ إِيَّاهَا، وَهُمَا بِمَكَّةَ لَمْ يُقْبَل قَوْلُهُ، قَال الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَهَذَا يَدُل عَلَى أَنَّهُ لاَ يُحْكَمُ بِمَا يُمْكِنُ مِنْ كَرَامَاتِ الأَْوْلِيَاءِ، وَكَذَا إِنْ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ فِي الْمَغْرِبِ وَهُوَ بِالْمَشْرِقِ وَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ لاَ يَلْحَقُهُ؛ لأَِنَّ هَذِهِ الأُْمُورَ لاَ يُعَوَّل عَلَيْهَا بِالشَّرْعِ، وَإِنْ خَصَّ الشَّارِعُ شَخْصًا بِحُكْمٍ يَبْقَى الْحُكْمُ خَاصًّا بِهِ، وَلاَ يَتَعَدَّاهُ إِلَى غَيْرِهِ بِالْقِيَاسِ، كَقَوْلِهِ ﷺ: مَنْ شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَحَسْبُهُ (27) ، وَهَذِهِ مَكْرُمَةٌ خَاصَّةٌ بِخُزَيْمَةَ بَعْدَ شَهَادَتِهِ بِشَهَادَتَيْنِ، فَلاَ يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ لأَِنَّهُ كَرَامَةٌ مُخْتَصَّةٌ بِهِ، وَلاَ يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ (28)
__________
(1) لسان العرب.
(2) التعريفات للجرجاني.
(3) القاموس المحيط، وحاشية البيجوري على جوهرة التوحيد ص80.
(4) التعريفات للجرجاني، وحاشية البيجوري على جوهرة التوحيد ص80.
(5) الإقناع للشربيني 1 / 691، والتعريفات للجرجاني.
(6) سورة الإسراء / 70.
(7) تفسير ابن كثير في الآية 70 من سورة الإسراء.
(8) سورة المائدة / 32.
(9) سورة النور / 4.
(10) سورة الحجرات / 11.
(11) حديث: " لا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا " أخرجه مسلم (3 / 1357) من حديث بريدة.
(12) حديث: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 532) ومسلم (1 / 68) من حديث أبي هريرة.
(13) سورة الزمر / 9.
(14) حديث: " إن من إجلال الله. . . " أخرجه أبو داود (5 / 124) من حديث أبي موسى الأشعري، وحسنه النووي في رياض الصالحين ص 184.
(15) حديث: " ما أكرم شاب شيخًا لسنه. . " أخرجه الترمذي (4 / 372) من حديث أنس بن مالك، وقال: " حديث غريب ".
(16) سورة آل عمران / 37.
(17) سورة آل عمران / 38.
(18) تفسير البيضاوي وحاشية الشيخ زادة في تفسير الآيات 37، 38، 33 من سورة آل عمران.
(19) سورة الكهف من الآية 9 - إلى الآية 22 من السورة.
(20) سورة النمل / 40.
(21) حديث أنس: " أن رجلين من أصحاب النبي ﷺ خرجا من عند النبي. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 7 / 125) والرواية التي صرحت باسميهما عزاها ابن حجر إلى أحمد والحاكم.
(22) حديث: " إن صاحبكم تغسله الملائكة. . ". أخرجه الحاكم (3 / 204 - 205) وصححه.
(23) حديث: " وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 11 / 341) من حديث أبي هريرة.
(24) فتح الباري 11 / 341.
(25) رواية: " فبي يسمع وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي " أورده ابن حجر في الفتح (11 / 344) نقلاً عن الطوفي ولم يعزها إلى أي مصدر.
(26) حاشية شيخ الإسلام الشيخ إبراهيم البيجوري المسماة بتحفة المريد على جوهرة التوحيد ص 80 وما بعدها.
(27) حديث: " من شهد له خزيمة أو شهد عليه. . ". أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (4 / 87) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9 / 320) : رجاله ثقات.
(28) تحفة المحتاج 5 / 107، ومسلم الثبوت 2 / 327.

الموسوعة الفقهية الكويتية: 216/ 34