أركان الرضاع المحرِّم
عن أبي موسى الهلالي، عن أبيه، أن رجلا كان في سَفَرٍ، فَوَلَدَتِ امرأته، فَاحْتُبِسَ لَبَنُهَا، فجعل يَمُصُّهُ وَيَمُجُّهُ، فدخل حَلْقَهُ، فأتى أبا موسى، فقال: حُرِّمَتْ عليك، قال: فأتى ابن مسعود، فسأله؟ فقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يُحَرِّمُ من الرَّضَاعِ، إلا ما أَنْبَتَ اللَّحْمَ، وَأَنْشَزَ الْعَظْمَ".

شرح الحديث :


أفاد الحديث أن رجلًا ولدت امرأته إلا أن اللبن لم ينزل لتطعم ولدها، فجعل زوجها يمص ثديها رجاء أن ينزل اللبن فدخل في حلقه وابتلعه فخشي أن يحصل بذلك تحريم، فأفتاه بذلك أبو موسى -رضي الله عنه-، فلما جاء إلى ابن مسعود -رضي الله عنه- أخبره بما علمه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو أن الرضاع المؤثر ما كان له تأثير في نمو الولد ونبات لحمه، وهو الرضاع قبل الفطام، فدل الحديث على أن الرضاع المعتبر شرعًا هو ما قوى العظم وشدّه وأنبت اللحم، فَكُسِيَ به العظم، ولا يكون هذا إلاَّ في حال الصغر.

معاني الكلمات :


يمصه يقال: مصَّ اللبن يمصُّه مصًّا: رشفه وشربه شربًا رقيقًا، مع جذب نَفَسٍ.
يمجه المَجُّ : طرح المَاء من الْفَم.
الرضاع مص اللبن الَّذي ثاب عن حمل من ثدي المرضعة.
أنبت اللحم نشأ عليه اللحم، وربا، وزاد.
أَنْشَزَ العظم إنشاز العظام معناه: نموها، وارتفاعها في الجسم.

فوائد من الحديث :


  1. أن الرضاع الذي ينشر الحرمة هو ما تغذَّى به الجسم، واستفاد منه، وهو ما كان في زمن الصغر، وهو وقت الرضاعة .
  2. أنّ الرّضعة الواحدة لا تحرّم؛ لأنّها لا تغني من جوع .
  3. حسن بيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- حيث يأتي كلامه واضحاً بيناً وهو أفصح الخلق -صلى الله عليه وسلم- .

المراجع :


  • فتح ذي الجلال والاكرام بشرح بلوغ المرام، للشيخ ابن عثيمين، المكتبة الإسلامية - الطبعة الأولى، 1427 - 2006م.
  • توضِيحُ الأحكَامِ مِن بُلوُغ المَرَام، للبسام، مكتَبة الأسدي، مكّة المكرّمة، الطبعة الخامِسَة، 1423هـ - 2003م.
  • بلوغ المرام من أدلة الأحكام، لابن حجر، دار القبس للنشر والتوزيع، الرياض - المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1435هـ - 2014م.
  • سنن أبي داود، المحقق: محمد محيي الدين عبد الحميد، الناشر: المكتبة العصرية، صيدا - بيروت.
  • فتح الباري شرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني، الناشر: دار المعرفة - بيروت، 1379.
  • مسند أحمد، تحقيق شعيب الأرنؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى ، 1421هـ - 2001م.
  • إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، للشيخ الألباني، الناشر: المكتب الإسلامي – بيروت، الطبعة الثانية، 1405هـ - 1985م.

ترجمة نص هذا الحديث متوفرة باللغات التالية