البحث

عبارات مقترحة:

الأول

(الأوَّل) كلمةٌ تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

الوتر

كلمة (الوِتر) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، ومعناها الفرد،...

15 مسألة يحتاجها الناس في الزكاة

العربية

المؤلف محمد بن مبارك الشرافي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الزكاة - الحكمة وتعليل أفعال الله
عناصر الخطبة
  1. منزلة الزكاة في الإسلام .
  2. وجوب الزكاة وأحكامها .
  3. الحكمة من فرض الزكاة .
  4. الأصناف التي تجب فيها الزكاة .
  5. زكاة الديون.
  6. مصارف الزكاة. .

اقتباس

إِنَّ الزَّكَاةَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ وَفَرِيضَةٌ مِنْ فَرَائِضِهِ الْعِظَامِ، وَقَدْ قَرَنَ اللهُ بينَهَا وبيْنَ الصَّلاةِ بَيَانَاً لِأَهَمِّيَّتِهَا، وَعَظِيمِ مَكَانَتِهَا وَفَضْلِهَا، وَقَدْ وَعَدَ مَنْ أدَّاهَا بِالطَّهَارَةِ وَالنَّمَاءِ وَالْبَرَكَةِ وَالرَّخاءِ جَزَاءَ مَا يُقَدِّمُ مِنْ خَيْرٍ لِعِبَادِ اللهِ الْفُقَرَاءِ،.. إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ أَسْبَابِ ضَيَاعِ هَذِهِ الْفَرِيضَةِ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ الْجَهْلُ بِأَحْكَامِهَا، وَإِنَّنَا فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ سَوْفَ نَتَعَرَّضُ لِبَعْضِ الْمَسَائِلِ التِي يَحْتَاجُهَا النَّاسُ كَثِيراً وَيَحْصُلُ فِيهَا الْخَلَلُ، وَمِنْ أَجْلِ حَصْرِ الْعِلْمِ نَجْعَلُهَا عَلَى هَيْئَةِ مَسَائِلَ لِيَسْهُلَ فَهْمُهَا بِإِذْنِ اللهِ.

الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ الزَّكَاةَ طُهْرَةً لِلأَغْنِيَاءِ ومُوَاسَاةً لِلْفُقَرَاءِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفِيُّهُ مِنْ خَلْقِهِ وَخَلِيلُه، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَا كَثِيرَاً.

أَمَّا بَعْدُ: فَكَانَ مِنَ الْمُنْتَظَرِ أَنْ تَكُونَ خُطْبَتُنَا عَنِ الإِجَازَةِ وَمَا يَنْبَغِيْ فِعْلُهُ، وَلَكِنَّنَا سَنَعْدِلُ عَنْ ذَلِكَ إِلَى مَوْضُوعِ الزَّكَاةِ؛ نَظَراً لِلْحَاجَةِ الْمَاسَّةِ لِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِهَا؛ لِأَنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ يُزَكِّي أَمْوَالَهُ هَذِهِ الأَيَّامِ، بِالإِضَافَةِ إِلَى قُرْبِ مَوْسِمِ التُّمُورِ، وَكَذَلِكَ فَإِنَّ عَامِلَةَ الزَّكَاةِ يَدُورُونَ عَلَى أَصْحَابِ الَمَوَاشِي لِلْزَّكَاةِ هَذِهِ الفَتْرَةِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ الزَّكَاةَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ وَفَرِيضَةٌ مِنْ فَرَائِضِهِ الْعِظَامِ، وَقَدْ قَرَنَ اللهُ بينَهَا وبيْنَ الصَّلاةِ بَيَانَاً لِأَهَمِّيَّتِهَا، وَعَظِيمِ مَكَانَتِهَا وَفَضْلِهَا، وَقَدْ وَعَدَ مَنْ أدَّاهَا بِالطَّهَارَةِ وَالنَّمَاءِ وَالْبَرَكَةِ وَالرَّخاءِ جَزَاءَ مَا يُقَدِّمُ مِنْ خَيْرٍ لِعِبَادِ اللهِ الْفُقَرَاءِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [التوبة: 60].

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ)

 .

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ أَسْبَابِ ضَيَاعِ هَذِهِ الْفَرِيضَةِ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ الْجَهْلُ بِأَحْكَامِهَا، وَإِنَّنَا فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ سَوْفَ نَتَعَرَّضُ لِبَعْضِ الْمَسَائِلِ التِي يَحْتَاجُهَا النَّاسُ كَثِيراً وَيَحْصُلُ فِيهَا الْخَلَلُ، وَمِنْ أَجْلِ حَصْرِ الْعِلْمِ نَجْعَلُهَا عَلَى هَيْئَةِ مَسَائِلَ لِيَسْهُلَ فَهْمُهَا بِإِذْنِ اللهِ.

(الأُولَى) هَلْ كُلُّ مَالٍ يُزَكَّى؟ الْجَوَابُ: لا، بَلِ الزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ فِي أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ مِنَ الْمَالِ فَقَطْ، وَهِيَ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ، وَالْخَارِجُ مِنَ الأَرْضِ كَالْقَمْحِ وَالتَّمْرِ، وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَفِي حُكْمِهَا النُّقُودُ، وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ. وَعَلَيْهِ فَلا زَكَاةَ فِي حَاجِيَّاتِ الإِنْسَانِ التِي يَسْتَخْدِمُهَا كَالْبَيْتِ وَالسَّيَارَةِ وَلَوْ بَلَغَ ثَمَنُهَا الْمَلَايِينُ.

(الثَّانِيَةُ) مَتَى تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي هَذِهِ الأَمْوَالِ؟ الْجَوَابُ: تَجِبُ بِشُرُوطٍ أَهَمُّهَا بُلُوغُ النِّصَابُ، وَدَوَرَانُ الْحَوْلِ، وَهُوَ مُضِيُّ سَنَةٍ فِي مُلْكِهِ مُنْذُ بَلَغَ النِّصَابِ.

وَمِمَّا يُنَبَّهُ عَلَيْهِ: أَنَّ الْخَارِجَ مِنَ الأَرْضِ لا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحَوْلُ، بَلْ تُؤَدَّى زَكَاتُهُ عِنْدَ جَذَاذِهِ أَوْ حَصَادِهِ، وَكَذَلِكَ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ لا زَكَاةَ فِيهَا مَا لَمْ تَكُنْ سَائِمَةً، أَيْ تَرْعَى مِنَ الْعُشْبِ أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ.

(الثَّالِثَةُ) مَا حُكْمُ أَصْحَابِ الإِبِلِ أَوِ الْغَنَمِ الذِينَ يَعْلِفُونَهَا أَكْثَرَ السَّنَةِ ثُمَّ هُمْ يُزَكُّونَهَا؟ الْجَوَابُ: هَذَا لا يَجُوزُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ فَإِذَا لَمْ تَتِمَّ شُرُوطُهَا لَمْ تَكُنْ مِنْ شَرْعِ اللهِ، بَلْ تَكُونُ مِنَ الْبِدَعِ، وَأَشَرُّ مِنْ ذَلِكَ مَنْ يُزَكِّى بِهَائِمَهُ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَحْصُلَ عَلَى مُسَاعَدَةِ الْجَمْعِيَّةِ فِي بَيْعِهِ الْعَلَفَ بِسِعْرٍ أَرْخَصَ، فَهُوَ أَخَذَ الدُّنْيَا بِالدِّينِ، وَهَذَا ذَنْبٌ عَظِيمٌ، فَاتَّقُوا اللهَ.

(الرَّابِعَةُ) هَلْ تَبْرَأُ الذِّمَةُ بِزَكَاةِ الْعَامِلَةِ سَوَاءٌ فِي النَّخْلِ أَوِ الإِبِلِ؟ الْجَوَابُ: إِنْ كَانُوا يُسَعِّرُونَ بالْقِيمَةِ الْحَقِيقِيَّةِ فَتَبْرَأُ الذِّمَّةُ وَإِلَّا فَلَا، وَالْوَاقِعُ أَنَّهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَحْيَانِ لا يَأْخُذُونَ الزَّكَاةَ الْوَاقِعِيَّةَ، فَيَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تُبْرِئَ ذِمَّتَكَ !

وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ فِي زَكَاةِ الإِبِلِ قِيمَةً أَقَلَّ مِنَ الْقِيمَةِ الْحَقِيقِيَّةِ فِي السُّوقِ، فَمَثَلاً يَأْخُذُونَ عَنِ الْحِقَّةِ أَلْفَيْ رِيَالٍ، بَيْنَمَا قِيمَتُهَا فِي السُّوقِ خَمْسَةُ آلَافٍ، فَيَجِبُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ الإِبِلِ أَنْ تُخْرِجَ بَقِيَّةَ الْقِيمَةِ أَوْ تَدْفَعَ لَهُمُ الْحِقَّةَ. وَاتَّقِ اللهَ وَأَبْرِئْ ذِمَّتَكَ، وَإِيَّاكَ وَالتَّهَاوَنَ فَتُصِيبَكَ العُقُوبَةُ فِي نَفْسِكَ أَوْ أَهْلِكَ أَوْ مَالِكَ !

(الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) بِالنِّسْبَةِ لِأَصْحَابِ النَّخِيلِ مَتَى يَجُوزُ لَهُمُ الْبَيْعُ؟ الْجَوَابُ: إِذَا بَدَأَ فِيهِ التَّلْوِينُ، وَيَجِبُ أَنْ يُعْطَى كُلُّ نَوْعٍ مِنَ النَّخِيلِ حُكْمَهُ الْخَاصَّ بِهِ، فَمَثَلاً لَوْ كَانَتْ الْمَزْرَعَةُ فِيهَا أَنْوَاعٌ كَالْخِلَاصِ وَالسِّرِي، فَإِذَا بَدَأَ اللَّوْنُ فِي الْخَلَاصِ دُونَ السِّرِي جَازَ بَيْعُ الْخِلَاصِ فَقَطْ، وَيُنْتَظَرُ فِي السِّرِي حَتَّى يُلَوِّنَ، وَلَكِنْ لَيْسَ الْمَعْنَى أَنْ يُلَوِّنَ كُلُّهُ، لا، بَلْ يَكْفِي أَنْ يَظْهَرَ اللَّوْنُ فِي نَخْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ كَانَ الذِي لَوَّنَ بَلَحَةً وَاحِدَةً فَقَطْ، فالْحُكْمَ يَعُمُّ النَّخْلَةَ وُكُلَّ هَذَا النَّوْعِ. عَنِ اِبْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اَللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ بَيْعِ اَلثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، نَهَى اَلْبَائِعَ وَالْمُبْتَاعَ" (مُتَّفَقٌ عَلَيْه).

(السَّادِسَةُ) كَيْفَ يُزَكَّى النَّخْلُ؟ الْجَوَابُ: يُزَكَّى كُلُّ نَوْعٍ عَلَى حِدَة؛ لِأَنَّ الأَنْوَاعَ تَخْتَلِفُ فِي الْقِيمَةِ فَيَجِبُ أَنْ يُعْطَى كُلُّ نَوْعٍ حُكْمَهُ، وَعَلَيْهِ فُتُخْرَجُ زَكَاةُ الْخِلَاصِ مِنَ الْخِلَاصِ، وَالسِّرِي مِنَ السِّرِي وَهَكَذَا. وَيُخْرَجُ مِنَ الْمَحْصُولِ نِصْفُ الْعُشْرِ. لَكِنْ إِنْ بَاعَ الْمَزْرَعَةَ كَامِلَةً، فَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ الزَّكَاةَ مِنَ النُّقُودِ، فَيُخْرِجُ نِصْفَ عُشْرِ الْقِيمَةِ، وَهُنَا يَنْتَبِهُ إِلَى أَنَّ زَكَاةَ الرِّيَالَاتِ رُبْعُ الْعُشْرِ، لَكِنَّ فِي التَّمْرِ أَوِ البُّرِّ يَجِبُ أَنْ يُخْرِجَ نِصْفُ الْعُشْرِ مِنَ القِيمَةِ لِأَنَّهَا مُقَابِلَ الْمَحْصُولِ.

(السَّابِعَةُ) هَلْ فِي الْعِنَبِ زَكَاةٌ؟ الْجَوَابُ: نَعَمْ فِيهِ زَكَاةٌ فِي أَصَحِّ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ، وَكَذَلِكَ الْحِلْبَةُ وَالرَّشَادُ وَالذُّرَةُ فِيهَا زَكَاةٌ إِذِا كِانِتْ تُتْرَكُ حَتَى يَخْرُجَ حَبُّهَا.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ) هَلْ رَاتِبُ المُوَظَّفِ فِيهِ زَكَاةٌ؟ وَكَيْفَ يُزَكَّى؟ الْجَوَابُ: أَمَّا إِنْ كَانَ الإِنْسَانُ يَصْرِفُهُ مُبَاشَرَةً أَوْ قَبْلَ دَوَرَانِ الْحَوْلِ فَلا زَكَاةَ فِيهِ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ يَتَوَفَّرُ مِنْهُ نِصَابٌ كَمَنْ يَدَّخِرُ مِنْ رَاتِبِهِ كُلَّ شَهْرٍ أَلْفَينِ فَعَلَيْهِ زَكَاةٌ.

أَمَّا كَيْفِيَّةُ زَكَاةِ هَذَا الرَّاتِبِ فَإِنَّ أَحْسَنَ طَرِيقَةٍ أَنْ يُعَيِّنَ الإِنْسَانُ لَهُ شَهْراً مِنَ السَّنَةِ ثُمَّ يُحْصِي مَا عِنْدَهُ مِنَ الرَّاتِبَ الْمُتَوَفِّرِ فَيُزَكِّيهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، حَتَّى الذِي لَمْ يَدُرْ عَلَيْهِ الْحَوْلُ يُزَكِّيهِ مِنْ بَابِ تَقْدِيمِ الزَّكَاةِ وَهُوَ جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ، وَالْحَاجَةُ هُنَا أَنَّهُ سَوْفَ يَعْسُرُ عَلَيْهِ مُتَابَعَةُ زَكَاةِ رَاتِبِهِ كُلَّ شَهْرٍ.

(التَّاسِعَةُ) مَا عُرُوضُ التِّجَارَةِ؟ وَكَيْفَ تُزَكَّى؟ الْجَوَابُ: أَمَّا عُرُوضُ التِّجَارَةِ فَهُوَ كُلُّ مَا أُعِدَّ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ كَالْمَوَادِ الْغِذَائِيَّةِ وَالْمَلْبُوسَاتِ وَمَوَادِّ الْبِنَاءِ.

وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ زَكَاتِهَا فَأَنْ يُحْصِيَ الْمُسْلِمُ مَا فِي مَحَلِّهِ كَامِلَاً وَيُزَكِّيهِ بِسِعْرِ الْبَيْعِ وَلَيْسَ بِسِعْرِ الشِّرَاءِ الذِي اشْتَراهُ بِه، وَلْيُعْلَمْ أَنَّ نَمَاءَ التِّجَارَةِ لا يُشْتَرَطُ فِيهِ دَوَرَانُ الْحَوْلِ؛ لِأَنَّ حَوْلَهُ حَوْلُ أَصْلِهِ، وَمِثْلَهُ نَمَاءُ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، فَإِذَا وَلَدَتْ صِغَارَاً حُسِبَتْ مِنَ الزَّكَاةِ وَلَوْ كَانَ لَهَا شَهْرٌ وَاحِدٌ مُنْذُ وَلَدَتْ.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأشهدُ أنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيه وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، ومَنْ تبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ (الْمَسْأَلَةَ الْعَاشِرَةَ) كَيْفَ يُزِكِّي مَنْ عِنْدَهُ بُيُوتٌ أَوْ شُقَقٌ يُؤَجِرُهَا؟ الْجَوَابُ: أَنَّ حَوْلَ الْمُؤَجَّرَاتِ يَبْدَأُ مِنَ الْعَقْدِ، فَإِنِ اسْتَلَمَ الإِيجَارَ مِنَ الْبِدَايَةِ وَبَقِيَ عِنْدَهُ سَنَةً زَكَّاهُ، أَمَّا إِنْ صَرَفَهُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ فَلا زَكَاةَ فِيهِ. لَكِنْ إِنْ كَانَ لا يَسْتَلِمُ الإِيجَارَ إِلَّا فِي آخِرِ السَّنَةِ فإنه يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ زَكَاتِهِ مُبَاشَرَةً لِأَنَّ الْحَوْلَ قَدَّ تَمَّ.

(الْحَادِيَةَ عَشَرَة) كَيْفَ يُزَكِّي مَنْ لَهُ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ؟ الْجَوَابُ: هَذَا يَنْبَنِي عَلَى الْمَدِينِ فَإِنْ كَانَ مُوسِرَاً بَاذِلاً وَجَبَ عَلَيْكَ أَنْ تُزَكِّيَ كُلَّ سَنَةٍ وَلَوْ بَقِي الدَّينُ عَشَرَاتِ السِّنِينَ، لِأَنَّ صَاحِبَكَ مَتَى طَالَبْتَهُ بِالْوَفَاءِ فَعَلَ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ الدَّينُ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ عَلَى مُمَاطِلٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْكَ حَتَّى تَسْتَلِمَهُ، فَتُزَكِّيهِ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) لَوْ كَانَ لِي دَيْنٌ عَلَى شَخْصٍ فَقِيرٍ فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ أَخْصِمَ الزَّكَاةَ مِنَ الدَّيْنِ؟ الْجَوَابُ: لا يَجُوزُ، وَلَكِنْ لَوْ أَنَّكَ دَفَعْتَ الزَّكَاةَ لِهَذَا الْفَقِيرِ ثُمَّ رَدَّهَا إِلَيْكَ وَفَاءً لِلْدَّيْنِ الذِيْ عَلَيْهِ، جَازَ بِشَرْطِ أَنْ لا تَكُنْ قَدْ شَرَطْتَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا إِلَيْكَ.

(الثَّالِثَةَ عَشَرَةَ) كَيْفَ يُزَكَّى الدَّيْنُ إِذَا كَانَ أَقْسَاطاً؟ الْجَوَابُ: إِذَا جَاءَ الوَقْتُ الَّذِيْ تُزَكِّي فِيْهِ مَالَكَ فِإِنَّكَ تَحْسِبُ مَا عِنْدَكَ مِنَ الْمَالِ وَتَحْسِبُ الأَقْسَاطَ البَاقِيَةَ عِنْدَ الْمَدِينِ وَتُزَكِّيهَا كَامِلَةً، وَهَذِهِ أَرْيَحُ طَرِيْقَةٍ وَأَسْهَلُهَا.

(الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ) هَلْ فِي الأَسْهَمِ زَكَاةٌ؟ الْجَوَابُ: أَمَّا الأَسْهَمُ الاسْتِثْمَارِيَّةُ التِي وَضَعَهَا الإِنْسَانُ لَيْسَ لِلْبَيْعِ وَإِنَّمَا مِنْ أَجْلِ أَنْ يَأْخُذَ أَرْبَاحَهَا فَهَذِهِ لا زَكَاةَ فِيهَا، وَإِنَّمَا الزَّكَاةُ فِي رِبْحِهَا إِذَا دَارَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ. وَأَمَّا الأَسْهُمُ التَّجَارِيَّةُ التِي لِلْمُرَابِحَةِ فَيَشْتَرِيهَا اليَوْمَ وَيَبِيعُهَا غَداً فَهَذَهِ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كُلَّ سَنَةٍ، وَذَلِكَ فِي قِيمَتِهَا الْحَالِيَّةِ فِي السُّوقِ، لِأَنَّهَا عُرُوضُ تِجَارَة.

(الخَامِسَةَ عَشَرَة) هَلْ حُلِيُّ النِّسَاءِ فِيهِ زَكَاةٌ؟ الْجَوَابُ: إِذَا كَانَ الحُلِيُّ مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الفِضْةِ فنَعَمْ فِيْهِ الزَّكَاةُ، سَوَاءً كَانَ يُلْبَسُ أَمْ لَا، فِي أَصَحِّ قَوْلَيِ العُلَمَاءِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ الحُلِيُّ مِنَ الأَلْمَاسِ أَوِ الأَحْجَارِ الكَرِيِمَةِ فَلا زَكَاةَ فِيهِ.

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: هَذَا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْمَسَائِلِ فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ، وَمَنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَلْيَسْأَلْ أَهْلَ الْعِلْمِ.

اللهمَّ أخلِفْ علَى منْ زكَّى مَالَهُ عَطَاءً وَنَمَاءً, وَزِدْهُ مِنْ فَضْلِكَ بَرَكَةً وَرَخَاءً, وَبَارِكْ لَهُ فِيْمَا رَزَقْتَهُ, وَأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحمينَ.

اللهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الْمُزَكِّينَ وَتَقَبَّلْ مِنَّا زَكَاتَنَا، اللهُمَّ إنَّا نسألُكَ مِنَ الخَيرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وآجِلِهِ مَا عَلمْنَا مِنهُ ومَا لَمْ نعلمْ، ونعوذُ بِكَ مِن الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وآجِلِهِ مَا عَلمْنَا مِنهُ ومَا لَمْ نَعلمْ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبَيِّنَا مُحَمَّدٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ !