البحث

عبارات مقترحة:

العفو

كلمة (عفو) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعول) وتعني الاتصاف بصفة...

الباسط

كلمة (الباسط) في اللغة اسم فاعل من البسط، وهو النشر والمدّ، وهو...

المنان

المنّان في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من المَنّ وهو على...

الإسلام بين نوعين من المفاهيم

العربية

المؤلف علي باوزير
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب - أهل السنة والجماعة
عناصر الخطبة
  1. الإسلام منهج حياة .
  2. الإسلام عقيدة وشريعة ومنهج حياة .
  3. صبغة الإسلام للفرد والحياة .
  4. المفاهيم المنحرفة التي نشأت في الأمة على نوعين .
  5. ذكر بعض صور الانحراف عن الإسلام في واقعنا المعاصر .
  6. مخاطر المفاهيم الوافدة والغزو الفكري .
  7. زمن انقلاب الموازين .
  8. وجوب إزالة الصور المشوهة المنسوبة إلى الإسلام وبيان الحق وإيضاحه. .

اقتباس

كثير من المفاهيم دخلت على المسلمين وصارت عند الكثيرين منهم ثوابت ومسلَّمات لا يقبلون النقاش فيها، ولا يقبلون الجدال فيها، حتى إذا جاء من ينكرها، ويبين خطأها قاموا عليه، وأنكروا عليه، وربما آذوه، وفعلوا به الأفاعيل كما جرى هذا لكثير من العلماء المصلحين المجددين الذين رأوا هذه الأخطاء، فلم يقبلوا السكوت عليها، ولم يرضوا بأن تنسب إلى الدين فقاموا ليبينوا للناس، فآذاهم الناس ونكَّلوا بهم وعادوهم وعارضوهم. وتاريخ الإسلام مليء بالقديم والحديث مليء بهذه الأسماء، وهذه النماذج من العلماء المصلحين الذين وقفوا أمام هذه الأخطاء، فواجهوا بسبب ذلك أشد المصاعب والمتاعب.

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

وبعد أيها المسلمون عباد الله: يتميز دين الإٍسلام بأنه دين عظيم قدم للناس بيانًا واضحًا لكل شيء يحتاجون إليه في تحقيق سعادتهم في الدنيا والآخرة، وأعطى للناس مفاهيم جديدة تختلف كثيرًا عما كانوا يعرفونه قبل مجيء الإسلام، وصبغ حياتهم كلها بصبغة مختلفة، بصبغة حسنة جميلة هي الصبغة التي قال الله -سبحانه وتعالى- عنها: (صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ) [البقرة:138].

يقول العلامة السعدي -رحمه الله- وهو يتحدث عن هذه الصبغة يقول: "وإذا أردت أن تعرف نموذجاً، يبين لك الفرق بين صبغة الله، وبين غيرها من الصبغ، فقس الشيء بضده، فكيف ترى في عبد آمن بربه إيماناً صحيحاً، آثر معه خضوع القلب وانقياد الجوارح، فلم يزل يتحلى بكل وصف حسن، وفعل جميل، وخُلُق كامل، ونعت جليل، ويتخلى من كل وصف قبيح، ورذيلة وعيب.

فوصفه: الصدق في قوله وفعله، والصبر والحلم، والعفة، والشجاعة، والإحسان القولي والفعلي، ومحبة الله وخشيته، وخوفه، ورجاؤه، فحاله الإخلاص للمعبود، والإحسان لعبيده، فقسه بعبد كفر بربه، وشَرَد عنه، وأقبل على غيره من المخلوقين، فاتصف بالصفات القبيحة، من الكفر، والشرك، والكذب، والخيانة، والمكر، والخداع، وعدم العفة، والإساءة إلى الخلق، في أقواله، وأفعاله، فلا إخلاص للمعبود، ولا إحسان إلى عبيده".

هذا الفرق بين صبغة الله -تعالى- وبين غيرها من الصبغات، فأصبح كل من يدين بدين الإسلام ويعمل به حقًّا أصبح متميزًا عن غيره، متميزًا في عقيدته وإيمانه، متميزًا في عبادته وطاعته، متميزًا في سلوكه وأخلاقه، متميزًا في أقواله وأعماله، متميزًا في مفاهيمه وفي كيفية نظره إلى الأمور.

ولكن مع مرور الزمن وبُعد الناس عن زمن النبوة والوحي تغيرت الكثير من المفاهيم في أوساط المسلمين ونشأت مفاهيم جديدة وغريبة وعجيبة وصارت من المسلمات عند كثير من المسلمين، وصارت عندهم من الثوابت التي لا تقبل النقاش ولا الجدال وكأنها الحق الذي نزل من عند الله -سبحانه وتعالى-.

وهذه المفاهيم المنحرفة التي نشأت في الأمة على نوعين؛ منها ما نشأ من الداخل، ومنها ما جاء من الخارج، فالنوع الأول من المفاهيم التي نشأت في أوساط المسلمين بسبب الجهل بالإسلام وعدم التفقه في الدين، بسبب البدع والمحدثات والضلالات والأهواء.

وهذا الذي حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- منه فقال كما قال في سنن الترمذي قال -صلى الله عليه وسلم-: "هذا أوان يختلس العلم حتى  يقدر الناس منه على شيء"، فقال زياد بن لبيد الأنصاري -رضي الله عنه- "كيف يُختلس منا وقد قرأنا القرآن فوالله لنقرأنه ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا"، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ثكلتك أمك يا زياد! إن كنت لأعدّك من فقهاء أهل المدينة، هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى فماذا تغني عنهم"؟!

غُير دينهم وبُدلت مفاهيمهم مع أن التوراة والإنجيل موجودة بينهم، وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، هذا القرآن موجود، وهذه سُنة الحبيب المصطفى موجودة بين المسلمين، ولكن بسبب بُعد المسلمين عنها وعدم التفقه فيها وقلة التدبر والتأمل في نصوصها وُجدت مفاهيم جديدة وحصلت انحرافات كثيرة.

فمن هذه المفاهيم المنحرفة التي وجدت في أوساط المسلمين: تقديس الأشخاص والغلو في الصالحين، ومجاوزة الحد في تعظيمهم إلى درجة العبادة لهم من دون الله -سبحانه وتعالى-

من المفاهيم المنحرفة التي وُجدت في أوساط المسلمين الخطأ في مفهوم التوكل على الله -عز وجل-، وان معناه ترك الأسباب وعدم العمل والسعي، وفرط المسلمون بسبب ذلك في كثير من الأسباب الحسية التي لابد لهم منها.

من هذه المفاهيم المنحرفة: النظر إلى الإيمان على أنه مجرد تصديق قلب، وأنه لا يحتاج إلى عمل ولا إلى فعل الجوارح.

من هذه المفاهيم المنحرفة: النظر إلى الدين على أنه جاء لعمارة الآخرة وتخريب الدنيا وأن الدين جاء ليحقِّق سعادة الناس في الآخرة، وأما الدنيا فلا يلتفت إليها ولا يبالي بها.

من هذه المفاهيم المنحرفة: رفض كل جديد من العلوم والاختراعات، وأخذ مبدأ الرفض المطلق لها ظنًّا أن الدين لا يقبل شيئا من ذلك.

من هذه المفاهيم كذلك: إغلاق باب الاجتهاد في العلم والمعرفة، وإلزام الناس علماءهم وعامتهم بالتقليد دون حجة ولا برهان.

من هذه المفاهيم الخاطئة كذلك: إلباس كثير من العادات لباس الدين، والخلط بين عادات الناس وبين الأحكام الشرعية، حتى صار كثير من العادات عند الناس كمثل الشرع الملتزَم الذي ينكرون أشد الإنكار على من خالفه، ونشأ من ذلك كثير من الأخطاء فهناك من العادات ما لا يقبله الإسلام كظلم النساء وحرمانهن من الميراث والتعليم، وسائر الحقوق التي كفلها لها الإسلام، فأسيء الظن بالدين بسبب هذه العادات التي أُلبست لباس الشرع.

ومن المفاهيم المنحرفة كذلك: المبالغة في التزام بعض الأحكام الشرعية إلى درجة التشدد والغلو فيها، واعتبار مخالفها كافرًا ومرتدًّا وخارجًا عن ملة الإسلام، وإطلاق الأحكام المتسرعة في هذا الباب.

ومن هذه المفاهيم كذلك: الفصل بين العبادة والمعاملة، والفصل بين الدين والأخلاق، والفصل بين الشريعة والحياة، وجعل كل واحد منها يسير في فلك لوحده مع أن الدين جاء بهذا كله.

من هذه المفاهيم الخاطئة: الخلط بين قضية السمع والطاعة لولاة الأمور التي أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بها، وبين المبالغة في تعظيمهم وإطفاء القداسة عليهم، وكأنهم معصومين لا يخطئون، ولا يكذبون ولا يفجرون.

هذه المفاهيم وغيرها كثير من المفاهيم التي دخلت على المسلمين وصارت عند الكثيرين منهم ثوابت ومسلَّمات لا يقبلون النقاش فيها، ولا يقبلون الجدال فيها، حتى إذا جاء من ينكرها، ويبين خطأها قاموا عليه، وأنكروا عليه، وربما آذوه، وفعلوا به الأفاعيل كما جرى هذا لكثير من العلماء المصلحين المجددين الذين رأوا هذه الأخطاء، فلم يقبلوا السكوت عليها، ولم يرضوا بأن تنسب إلى الدين فقاموا ليبينوا للناس، فآذاهم الناس ونكَّلوا بهم وعادوهم وعارضوهم.

وتاريخ الإسلام مليء بالقديم والحديث مليء بهذه الأسماء، وهذه النماذج من العلماء المصلحين الذين وقفوا أمام هذه الأخطاء، فواجهوا بسبب ذلك أشد المصاعب والمتاعب.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارًا به وتوحيدًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا مزيدًا.

وبعد: أيها الأحباب الكرام: النوع الثاني من المفاهيم الخاطئة التي تسربت إلى المسلمين المفاهيم الوافدة من الخارج، التي جاءت إلى المسلمين بسبب الاستعمار الذي احتل أجزاء كبيرة من بلاد الإسلام، ومن بعده الغزو الفكري الذي لا يزال يعمل الليل والنهار ويتسلل إلى أوساط المسلمين فيتفاعل معه كثير من المسلمين، ويستجيبون، ويتأثرون به، مصداقًا لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي قال: "لتتبعن سَنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جُحر ضبّ خرب لدخلتموه"، قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: "فمن القوم غيرهم".

أي: هؤلاء هم الذين ستتبعونهم وستتأثرون بهم، وتسيرون على طريقتهم في آخر الزمان، وهذا الذي حصل، وهذا الذي جرى وبسبب انبهار كثير من المسلمين بالغرب، وبما عندهم من تقدم وحضارة مادية صاروا يتقبلون كثيرًا من المفاهيم، ويأخذونها على أنها أمور موافقة للإسلام وليست معارضة له.

ومن هذه المفاهيم المنحرفة: اعتبار الإيمان بالغيب رجعية، وتصنيف الإيمان بالملائكة وسائر الغيبيات على أنه مناقضة ومخالفة وإلغاء للعقل.

من هذه المفاهيم: اعتبار التمسك بالدين تزمتًا، والدعوة إلى التحاكم إلى الإسلام تطرفًا، واعتبار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تدخلاً في شئون الآخرين.

كذلك أيضًا من هذه المفاهيم: النظر إلى التاريخ الإسلامي على أنه شيء لا علاقة له بالحاضر، وأن الدعوة إلى الاستفادة من هذا التاريخ والاستضاءة بضيائه العظيم أن هذا نوع من التخلف والرجوع إلى الوراء.

ومن هذه المفاهيم المنحرفة: النظر إلى التحلل والتفسق وتحرر المرأة دون قيود وضوابط النظر إليه على أنه تقدم وحضارة، وأن هذا يوافق روح العصر، واعتبار الحجاب الشرعي والعفة والحشمة نوعًا من التخلف والرجعية، فصار يُنظَر إلى المرأة الشقراء المتبرجة النصف عارية ينظر إليها على أنها هي المرأة المتقدمة العاقلة، وينظر إلى المرأة المحتشمة المتحجبة التي لا يرى الناس منها شيئًا على أنها امرأة جاهلة لا عقل لها.

وسبحان الله!! هذا زمن انقلاب الموازين، ولو كان الأمر يقاس بالثياب لكانت الحيوانات أكثر تقدمًا من الإنسان؛ لأنه لا لباس لها، والله -سبحانه وتعالى- قال: (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا) [الأعراف: 27].

فثقافة التحضر وثقافة العري إنما هي ثقافة الشيطان.

ومن هذه المفاهيم المنحرفة: اعتبار علماء الدين حراسًا للتخلف، واعتبار دعاة التغريب رموزًا للتنوير والعقلانية.

من هذه المفاهيم الخاطئة كذلك: الدعوة إلى الفصل بين الدين والحياة، واختلاق الصراع بينهما، وأن هناك حربًا شرسة بين الدين وبين الحياة؛ فلا استقامة للحياة إلا بترك الدين على مبدأ النصارى الذين قالوا فيه: "دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله"، وهذا مبدأ مرفوض في دين الإسلام، فالأمر كله لله، وما خُلق الخلق في هذه الدنيا إلا ليقيموا الدين لله كما قال -عز وجل- (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات:56]..

من هذه المفاهيم المنحرفة: الدعوة إلى الحرية المطلقة التي لا حدود لها، ولا ضوابط ولا قيود، والتي لا تفرق بين حرية الفكر وبين حرية الكفر، التي لا تفرق بين حرية الحقوق وبين حرية الفسوق، التي لا تفرق بين الحرية الإنسانية والحرية الحيوانية.

فأصبحت البشرية في فوضى لا ضابط لها ولا رادع.

وهكذا كثير من المفاهيم التي تسللت إلى المسلمين من الخارج، وللأسف إن كثيرًا من المسلمين صاروا يُلبِسونها لباس الدين، ويحاولون أن يوفِّقُوا بينها وبين الإسلام وكأن الإسلام يحتاج إلى إضافات وكأنه يحتاج إلى زيادات والله -سبحانه وتعالى- قد قال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) [المائدة: 3].

فما لم يكن دينًا على عهد محمد -صلى الله عليه وسلم- فليس هو اليوم بدين.. لقد شُوِّهت كثير من المفاهيم الصحيحة، وضاعت بين هذه المفاهيم الناشئة من الداخل وبين تلك المفاهيم الوافدة من الخارج.

ولهذا من المهم جدًّا -أيها الأحباب- في هذا الزمن، من المهم جدًّا أن يُعتنَى بتصحيح المفاهيم، من المهم جدًّا أن يُعتنى بفهم الإسلام، أن نزيل عن هذا الدين هذا الغبار المتراكم وهذه الأتربة التي علقت به بسبب جهل المسلمين، أن نزيل عن هذا الدين الصورة المشوهة التي يحاول كثير من الناس أن يعرضوه عليه وأن يقدموه بها، أن نزيل عن هذا الدين هذه الصور من الجهل والجهالة  ومن الانحراف والخطأ.

اليوم صار مفهوم الدين عند كثير من الناس مزيجًا وخليطًا من النصوص الشرعية، ومن أهواء البشر وأفكار الناس، وصار كل واحد يتكلم، ويقدم آراءه وأفكاره على أنها هي الإسلام حتى صار أئمة الكفر وزعماء اليهودية والنصرانية صاروا يتكلمون باسم الإسلام فيقولون: هذا من الإسلام، وهذا ليس من الإسلام، وكأن الإسلام ألعوبة بأيدي هؤلاء يتحكمون ويتصرفون فيه كما يشاءون.

ولعل لنا أيها الأحباب حديث أطول من هذا حول هذا الموضوع لأهميته كيف تُبنَى هذه المفاهيم الصحيحة لهذا الدين، كيف نصل إلى معرفة الصورة الصحيحة للإسلام، كيف نتجاوز هذه الأخطاء وهذا الركام، وهذا الغبار الذي أحاط بهذا الدين وشوهوا صورته عند الكثيرين.

لعل لنا بإذن الله حديثا حول هذا في خطبة قادمة، ونكتفي بحديثنا هذا، ونسأل الله -تعالى- أن يُصلح أحوالنا كلها، ونسأله -سبحانه وتعالى- أن يهدينا سبل الرشاد..