البحث

عبارات مقترحة:

الشكور

كلمة (شكور) في اللغة صيغة مبالغة من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

الحسيب

 (الحَسِيب) اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على أن اللهَ يكفي...

الإله

(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...

خطة عملية في شهر رمضان: غير نفسك بتدبر القرآن

العربية

المؤلف عبد الله بن علي الطريف
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات القرآن الكريم وعلومه - الصيام
عناصر الخطبة
  1. رمضان شهر القرآن .
  2. فضائل تلاوة القرآن .
  3. أعظم تجارة الإيمان وعمل الصالحات .
  4. المعينات على الفور بالقرآن. .

اقتباس

ما ذكرناه منزلةٌ منيفةٌ لقارئِ القرآن، وأجرٌ عظيم يعطاه، ومكانةٌ خاصةٌ أُعِدتْ له كَفَى أنَّهُ يكونَ مِنْ أَهْلِ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ. ومما يربطُ المسلمَ بالقرآنِ معَ اعتيادِ تلاوتِهِ: فَهْمُ معانِيه سواءً مفرداتِه أو ما فيه من حكمٍ وأحكامٍ، وكان هذا ديدنُ سلفِ الأمةُ...

الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا. وتَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا، وأَشْهَدُ أَلا إِلَهَ إِلَا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيماً وتَبْجِيلاً وأَشهَدُ أَنَّ مُحمداً عَبدُهُ ورَسُولُه أَرْسَلَهُ اللهُ بَينَ يدي الساعةِ بشيراً ونَذِيراً ودَاعِياً إلى اللهِ بإذْنِهِ وسراجاً منيراً؛ فصلواتُ رَبيِ وسَلَامُهُ عَليه وعلى آلِهِ وصَحبِهِ وسَلَّمَ تَسْلِيماً كثيراً.

أما بعدُ يقول الله –تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)[البقرة:185]؛ فِيِ هَذِهِ الآيةِ يَمْدَحُ اللَّهُ -تَعَالَى- شهرَ الصِّيَامِ العظيمِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الشُّهُورِ، بِأَنِ اخْتَارَهُ مِنْ بَيْنِهِنَّ لِإِنْزَالِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ فِيهِ. وَأنَّهُ -تَعَالَى- تفضَّلَ على عبادِه بفضلٍ عظيمٍ في هذا الشهرِ؛ فَقَدْ أَنْزَلَ فيه القرآنَ الكريمَ، المُشْتمِلِ عَلَى الهِدايَةِ لمصَالِحنا الدينيةِ والدُنيويةِ، وتَبيينِ الحقِ بأوضحِ بيانٍ، والفرقان بين الحقِ والباطلِ، والهدى والضلالِ، وأهلِ السعادةِ وأهلِ الشقاوةِ. نعم إنه شهر القرآن.

أيها الأحبة: في شهرِ رمضانَ شهرُ القرآنِ يُقْبِلُ المسلمون على تلاوةِ القرآنِ، ويمكثُ كثيرٌ منهم أوقتاً لا يَمكُثُها في غَيرِ رمضانَ للتلاوةِ، وهذا بحدِّ ذاتِه عملٌ مباركٌ، وقد تواترتِ السنةُ في بيانِ أجرِه من ذلك، ما رواه مسلمٌ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-،  قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ فَقَالَ: "أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ أَوْ إِلَى الْعَقِيقِ فَيَأْتِيَ مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلاَ قَطْعِ رَحِمٍ.؟" فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نُحِبُّ ذَلِكَ. قَالَ: "أَفَلاَ يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَعْلَمَ أَوْ يَقْرَأَ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ وَثَلاَثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإِبِلِ".

وعَنْ أَبِي ذَرٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِسٌ وَحْدَهُ، فَقَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ لِلْمَسْجِدِ تَحِيَّةً، وَإِنَّ تَحِيَّتَهُ رَكْعَتَانِ، فَقُمْ فَارْكَعْهُمَا"، قَالَ: فَقُمْتُ فَرَكَعْتُهُمَا، ثُمَّ عُدْتُ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، وسألَهُ أبو ذَرٍّ أسئلة ًكثيرةً مِنْها فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي، قَالَ: "أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، فَإِنَّهُ رَأْسُ الْأَمْرِ كُلِّهِ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زِدْنِي، قَالَ: "عَلَيْكَ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَذِكْرِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ نُورٌ لَكَ فِي الْأَرْضِ، وَذُخْرٌ لَكَ فِي السَّمَاءِ.."(رواه ابن حبان في صحيحه، في حديث طويل، وقال الألباني: حسن لغيره).

وَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الْقُرْآنُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَمَاحِلٌ مُصَدِّقٌ، مَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَى النَّارِ"(رواه الطبراني في المعجم الكبير وابن حبان عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وصححه الألباني).

وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يَجِيءُ صَاحِبُ القُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ الْقُرْآنُ: يَا رَبِّ حَلِّهِ فَيُلْبَسُ تَاجَ الْكَرَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ زِدْهُ فَيُلْبَسُ حُلَّةَ الْكَرَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ ارْضَ عَنْهُ فَيَرْضَى عَنْهُ، فَيُقَالُ لَهُ اقْرَأْ وَارْقَ وَتُزَادُ بِكُلِّ آيَةٍ حَسَنَةً"(رواه الترمذي وأحمد والحاكم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وقال الألباني" حسن).

وقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَأُ بِهَا"(رواه الترمذي وغيره عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- وهو حسن صحيح).

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ.؟ قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ"(رواه النسائي وابن ماجه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وهو حديث صحيح).

لا تجارةَ أحبتي: أعظمَ من تجارةِ الإيمان وعملِ الصالحاتِ، وتلاوةُ كتابِ اللهِ ضمنَ التجارةِ التي وعدَ اللهُ أنها لنْ تبورَ. وهنيئاً لقُراءِ القرآنِ الذين يقولُ اللهُ -تعالى- عَنْهُم: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ)[فاطر:30،29]، قال قتادة: "كان مُطرفُ بنُ عبد الله إذا قرأَ هذه الآيةَ يقولُ: هذه آيةُ القراءِ".

بارك الله لي ولكم….

الخطبة الثانية:

 

الحَمدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ والشُكرُ لَهُ عَلَى تَوفِيقِهِ وامتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعظِيماً لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، المُؤيَدُ بِبُرهَانِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِراً.

أَمَا بَعْدُ: أحبتي: ما ذكرناه منزلةٌ منيفةٌ لقارئِ القرآن، وأجرٌ عظيم يعطاه، ومكانةٌ خاصةٌ أُعِدتْ له كَفَى أنَّهُ يكونَ مِنْ أَهْلِ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ.

ومما يربطُ المسلمَ بالقرآنِ معَ اعتيادِ تلاوتِهِ: فَهْمُ معانِيه سواءً مفرداتِه أو ما فيه من حكمٍ وأحكامٍ، وكان هذا ديدنُ سلفِ الأمةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم-؛ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: "كُنَّا إِذَا تَعَلَّمْنَا مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرَ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ، لَمْ نَتَعَلَّمْ مِنَ الْعَشْرِ الَّذِي نَزَلَتْ بَعْدَهَا حَتَّى نَعْلَمَ مَا فِيهِ". قِيلَ لِشَرِيكٍ مِنَ الْعَمَلِ؟، قَالَ: "نَعَمْ"(رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين، وقال: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ).

عجيبٌ أمرُ هذا القرآن؛ فقد استوقَفَني قولُ الله -تعالى-: (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)[الحشر:21]؛ لقد عَظَّمَ اللهُ -تَعَالَى- أَمْرَ الْقُرْآنِ، وبَيَّنَ عُلُوَ قَدْرِهِ، وأنَّهُ ينبغي أَنْ تَخْشَعَ لَهُ الْقُلُوبُ، وَتَتَصَدَّعَ عِنْدَ سَمَاعِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ الْأَكِيدِ، فَإِنْ كَانَ الْجَبَلُ فِي غِلْظَتِهِ وَقَسَاوَتِهِ، لَوْ فَهِمَ هَذَا الْقُرْآنَ فَتَدَبَّرَ مَا فِيهِ، لَخَشَعَ وَتَصَدَّعَ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، فَهَل يَلِيقُ بِنا أَيُّهَا الْبَشَرُ أَلَّا تَلِينَ قُلُوبُنا وَتَخْشَعَ، وَتَتَصَدَّعَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَقَدْ فَهِمْنا عَنِ اللَّهِ أَمْرَهُ وَتَدَبَّرْنا كِتَابَهُ؟

إنَّ لهذا الْقُرْآنِ ثقلاً وسُلطانًا وأثرًا مزلزلاً لا يثبتُ له شيءٌ يتلقَاه بحقيقته. فما أنْ يتلقَاه الإنسانُ مُتَفَتِحًا لتلقِيه إلا ويَهْتزُ من خشيةِ اللهِ اهتزازاً ويرتجفُ ارتجافاً، ويقعُ فيه من التغَيُرَاتِ والتحولاتِ ما يُعدلُ مسارَهُ وينقُلُهُ من عالمِ المادةِ؛ فتُحَلِقُ نفسُهُ في عليين.

أحبتي: ومنْ هذا المُنطلقِ هل فكرنَا بحفظِ جزءٍ منه في هذا الشهرِ مثلاً "جزء عم"؛ ذلكم الجزءُ الذي يمنحُ المسلمَ الفرصةَ لقراءةِ أعدادٍ كبيرةٍ من الآياتِ في صلاةِ الليلِ؛ ليحوزَ منازلَ الصالحين من القانتين والمُقَنْطِرِين ويُخرجُهُ من عدادِ الغافلين؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْمُقَنْطِرِينَ"(رواه أبو داود وابن حبان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- وصححه الألباني).

هذا الجزءُ حريٌ بالتأملِ والحفظِ، وهذا الشهرُ فرصةً لذلك، أدعوكم لتثبيتِ حفظِهِ بقراءتِهِ في صلاتِكم المفروضةِ والنافلةِ مرتباً حتى تُتِمُوه ثم تعودون من أولِهِ وهكذا، واطلعوا على معانِيه وأسرارِه ومواعظِه، اقرأوه في قيامِ الليلِ والوترِ بتأملٍ. كما أدعو الأئمةَ لقراءتِه وعدمِ هذِّهِ هذَّ الشعرِ، بل قراءتُه قراءةً واعيةً متأنيةَ متمثلةَ لمعانيهِ ومواعظهِ؛ فعليها ربى رسولُ اللهِ جيلَ الصحابةِ السابقِ الأمثلِ.

وبعد أيها الأخُ المباركُ: إنْ كنتَ من المتشوقين للنعيمِ، الباحثين عن الهدايةِ، الزاهدين في وطنِ الغَوايةِ، فتلك بضاعتُنا لا تحتاجُ إلى تزيين، إِنَّهَا تأخذُ بلبِّ السامعين، وتروقُ للناظرين. ومن أرادَ السلعةَ فها نحن قد دَللنَاه على السوقِ. ولم يبقَ إلا أن يشمرَ للسعيِ، ويأتيَ بالثمنِ، وينطقَ بالرغبةِ.

فإِنْ وقَعَ نِدائِي منكَ موقعَ الإِسْمَاعِ، ولَاقى منكَ القَبولَ والانْصِياعَ، فهَلُمَّ للقرآنِ هَلُمَّ إليه؛ فهو مَصْنَعُ الرجالِ والمكارمِ، ومزيلُ العيوبِ ونافي الرذائلِ، هُوَ الوصفةُ الربانيةُ لعلاجِ النفوسِ، ونقاءَ القلوبِ، وراحةُ المُعَنَّى، وسَعْدُ الكَئِيْبِ، وشِفَاءُ العَلِيلِ.. يَنْقُلُكَ من أسرِ الطينِ الذي خُلقتَ منه.. ويُرقِيكَ إلى أعلى عِليِّين، في رفقةِ الصالحين؛ من رسولٍ ونبي، وصدِّيقٍ وتقي، وشهيدٍ وزكي؛ حتى يصل َبك إلى أعلى درجات الجِنانِ، بفضلِ الواحدِ المنانِ.

فاللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين يتلون كتاب الله آناء الليل والنهار، ومن القائمين بحقه إنك جواد كريم.

وصلوا وسلموا…