المؤمن
كلمة (المؤمن) في اللغة اسم فاعل من الفعل (آمَنَ) الذي بمعنى...
العربية
المؤلف | عبد الله بن محمد البصري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - الصلاة |
إِنَّهَا لَخَسَارَةٌ وَأَيُّ خَسَارَةٍ، أَنَّ فِئَامًا مِنَ النَّاسِ، وَقَد يَكُونُونَ مِمَّن ظَاهِرُهُمُ الصَّلاحُ وَالاستِقَامَةُ، لا يَكَادُ يَسلَمُ لأَحَدِهِم خَمسُ صَلَوَاتٍ في يَومٍ وَاحِدٍ، يُدرِكُ فِيهَا تَكبِيرَةَ الإِحرَامِ مَعَ الجَمَاعَةِ، بَل إِنَّهَا لَتَمُرُّ بِبَعضِهِم شُهُورٌ بَعدَهَا شُهُورٌ، وَلم يَنعَمْ بِمُصَافَّةِ المُسلِمِينَ في صَلاةِ الفَجرِ، حَارِمًا نَفسَهُ مِن أَجرٍ عَظِيمٍ، مُفَرِّطًا في حَسَنَاتٍ مُضَاعَفَةٍ، مُستَسلِمًا لِلكَسَلِ وَالتَّواني، مُؤثِرًا لِلنَّومِ وَرَاحَةِ الجَسَدِ الفَاني، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الخِذلانِ وَالحِرمَانِ، وَالدُّخُولِ في حِزبِ المُنَافِقِينَ، قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أَثقَلُ الصَّلاةِ عَلَى المُنَافِقِينَ صَلاةُ العِشَاءِ وَصَلاةُ الفَجرِ، وَلَو يَعلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوهُمَا وَلَو حَبوًا"...
الخطبة الأولى:
أَمَّا بَعدُ، فَـ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ) [البقرة: 21].
أَيُّهَا المُسلِمُونَ، يَا مَن رَضِيتُم بِاللهِ رَبًّا وَبِالإِسلامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا رَسُولاً، يَا مَن تَرجُونَ مَا عِندَ اللهِ لِلطَّائِعِينَ مِن أَجرٍ وَثَوَابٍ، وَتَخَافُونَ مَا أَعَدَّهُ لِلعَاصِينَ مِن سُوءِ العِقَابِ، مَا بَالُنَا عُدنَا نَرَى أَعدَادًا خَنَسَت عَنِ الجَمَاعَةِ، وَثَقُلَت أَن تَأتِيَ بُيُوتًا أَذِنَ اللهُ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فِيهَا اسمُهُ؟! الصَّلاةُ الَّتِي هِيَ عَمُودُ الإِسلامِ وَأَهَمُّ أَركَانِهِ وَشَعَائِرِهِ الظَّاهِرَةِ، مَا بَالُهَا خَفَّ مِيزَانُهَا، وَقَلَّ عِندَ قَومٍ شَأنُهَا؟!
أَلَستُم تَقرَؤُونَ في كِتَابِ رَبِّكُم أَنَّ مِن صِفَاتِ المُتَّقِينَ أَنَّهُم يُقِيمُونَ الصَّلاةَ، وَأَمرَهُ - تَعَالى - عِبَادَهُ بِأَن يَركَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ؟! أَلَم تَجِدُوا في كِتَابِ اللهِ أَنَّ مِن صِفَاتِ المُنَافِقِينَ أَنَّهُم إِذَا قَامُوا إِلى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالى، وَأَنَّ اللهَ قَد تَوَعَّدَ الَّذِينَ هُم عَن صَلاتِهِم سَاهُونَ؟!
لَيسَ الحَدِيثُ وَرَبِّي عَن قَومٍ آخَرِينَ لا يَسمَعُونَ، وَلا هُوَ ضَربٌ مِنَ الخَيَالِ وَالتَّأَلِّي، وَلَكِنَّهُ قَد يَقَعُ الآنَ في أُذُنِ مَن فَاتَتهُ صَلاةُ الفَجرِ اليَومَ فَلَم يَشهَدْهَا مَعَ الجَمَاعَةِ، أَو آخَرَ لَم يُصَلِّ العَشَاءَ البَارِحَةَ في المَسجِدِ، أَو ثَالِثٍ قَد تَرَكَ صَلاةَ العَصرِ أَمسِ فَلَم يُصَلِّهَا إِلاَّ مَعَ مَغِيبِ الشَّمسِ.
أَجَلْ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ هَذَا لَيَحدُثُ عَلَى مَرأَى كَثِيرٍ مِنكُم في كُلِّ يَومٍ، وَيَشهَدُهُ وَيَقَعُ في بَيتِهِ وَمِن أَبنَائِهِ، وَقَد يَكُونُ بَعضُكُمُ استَمرَأَهُ وَاعتَادَ عَلَيهِ وَعَادَ لا يُنكِرُهُ وَلا يُحَرِّكُ شَعرَةً في جَسَدِهِ، فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ.
أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَن نَتَحَدَّثَ عَن وُجُوبِ صَلاةِ الجَمَاعَةِ عَلَى الرِّجَالِ في المَسَاجِدِ، فَقَد أَفَاضَ فِيهِ العُلَمَاءُ وَقَرَّرُوهُ بِأَدِلَّةٍ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَكِنَّنَا سَنَذكُرُ شَيئًا مِمَّا صَحَّ عَنِ الصَّادِقِ المَصدُوقِ في فَضلِ صَلاةِ الجَمَاعَةِ، لَعلَهَا تَقوَى بِهِ هِمَمٌ ضَعُفَت، وَتُشفَى بِهِ قُلُوبٌ مَرِضَت، وَتَتَجَافَى بِسَبَبِهِ عَنِ الفُرُشِ جُنُوبٌ أَلِفَتِ المَنَامَ وَكَسِلَت عَنِ القِيَامِ.
في الصَّحِيحَينِ عَنِ ابنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "صَلاةُ الجَمَاعَةِ تَفضُلُ صَلاةَ الفَذِّ بِسَبعٍ وَعِشرِينَ دَرَجَةً"، وَعَن أُبَيِّ بنِ كَعبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - "... وَإِنَّ صَلاةَ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزكَى مِن صَلاتِهِ وَحدَهُ، وَصَلاتَهُ مَعَ الرَّجُلَينِ أَزكَى مِن صَلاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ، وَمَا كَثُرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- " (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ).
وَعَنِ ابنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا- قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "إِنَّ اللهَ لَيَعجَبُ مِنَ الصَّلاةِ في الجَمِيعِ" (رَوَاهُ أَحمَدُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ)، فَأَيُّ قَلبٍ يَعِي هَذَا الفَضلَ العَظِيمَ، وَيَعلَمُ مَحَبَّةَ اللهِ لِلصَّلاةِ في جَمَاعَةٍ، ثم يَبرُدَ وَيُصَابَ بِالقَسوَةِ وَتُغَلِّفَهُ الغَفلَةُ، وَيَنَامَ صَاحِبُهُ عَن صَلاةِ الجَمَاعَةِ وَهُوَ يَسمَعُ صَوتَ دَاعِيهَا، أَو يَتَشَاغَل عَنهَا وَقَدِ أَذَّنَ مُنَادِيهَا؟!
وَعَن أَبي الدَّردَاءِ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ- قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "مَا مِن ثَلاثَةٍ في قَريَةٍ وَلا بَدوٍ لا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلاةُ، إِلاَّ قَدِ استَحوَذَ عَلَيهِمُ الشَّيطَانُ، فَعَلَيكُم بِالجَمَاعَةِ، فَإِنَّمَا يَأكُلُ الذِّئبُ مِنَ الغَنَمِ القَاصِيَةَ" (رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ).
إِنَّهُ لا يُستَنكَرُ أَن يُرَى النَّاسُ في هَذَا الزَّمَانِ وَقَد سَاءَت أَخلاقُهُم، وَضَاقَت صُدُورُهُم، وَشُحِنَت نُفُوسُهُم، وَدَبَّت فِيهِمُ البَغضَاءُ وَالشَّحنَاءُ، وَتَقَاطَعُوا وَتَهَاجَرُوا، وَتَصَارَمُوا وَلَم يَتَزَاوَرُوا، إِنَّهَا نَتَائِجُ لِلتَّفرِيطِ في صَلاةِ الجَمَاعَةِ، وَلَو أُلصِقَتِ المَنَاكِبُ بِالمَنَاكِبِ في المَسَاجِدِ كُلَّ يَومٍ خَمسَ مَرَّاتٍ، وَحَاذَتِ الأَقدَامُ الأَقدَامَ في الجَمَاعَاتِ، لَصَفَتِ القُلُوبُ وَقَوِيَتِ العِلاقَاتُ، وَلازدَادَ الإِيمَانُ وَابتَعَدَ الشَّيطَانُ.
وَرَوَى التِّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ عَن أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن صَلَّى للهِ أَربَعِينَ يَومًا في جَمَاعَةٍ، يُدرِكُ التَّكبِيرَةَ الأُولَى، كُتِبَ لَهُ بَرَاءَتاَنِ: بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ وَبَرَاءَةٌ مِنَ النِّفَاقِ" شَهَادَةٌ كَرِيمَةٌ وَبِشَارَةٌ عَظِيمَةٌ مِمَّن لا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى، لِمَن حَافَظَ عَلَى الجَمَاعَةِ وَأَدرَكَ التَّكبِيرَةَ الأُولى.
وَإِنَّهَا لَخَسَارَةٌ وَأَيُّ خَسَارَةٍ، أَنَّ فِئَامًا مِنَ النَّاسِ، وَقَد يَكُونُونَ مِمَّن ظَاهِرُهُمُ الصَّلاحُ وَالاستِقَامَةُ، لا يَكَادُ يَسلَمُ لأَحَدِهِم خَمسُ صَلَوَاتٍ في يَومٍ وَاحِدٍ، يُدرِكُ فِيهَا تَكبِيرَةَ الإِحرَامِ مَعَ الجَمَاعَةِ، بَل إِنَّهَا لَتَمُرُّ بِبَعضِهِم شُهُورٌ بَعدَهَا شُهُورٌ، وَلم يَنعَمْ بِمُصَافَّةِ المُسلِمِينَ في صَلاةِ الفَجرِ، حَارِمًا نَفسَهُ مِن أَجرٍ عَظِيمٍ، مُفَرِّطًا في حَسَنَاتٍ مُضَاعَفَةٍ، مُستَسلِمًا لِلكَسَلِ وَالتَّواني، مُؤثِرًا لِلنَّومِ وَرَاحَةِ الجَسَدِ الفَاني، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الخِذلانِ وَالحِرمَانِ، وَالدُّخُولِ في حِزبِ المُنَافِقِينَ، قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "أَثقَلُ الصَّلاةِ عَلَى المُنَافِقِينَ صَلاةُ العِشَاءِ وَصَلاةُ الفَجرِ، وَلَو يَعلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوهُمَا وَلَو حَبوًا" (مُتَّفَقٌ عَلَيهِ).
وَفي الوَقتِ الَّذِي يَتَوَلَّى الشَّيطَانُ فِيهِ تَاركِي صَلاةِ الفَجرِ، فِإِنَّ المُوَفَّقِينَ لأَدَائِهَا مَعَ المُسلِمِينَ في بُيُوتِ اللهِ يَكُونُونَ في ضَمَانِ اللهِ وَأَمَانِهِ؛ فَفِي صَحِيحِ مُسلِمٍ قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "مَن صَلَّى الصُّبحَ فَهُوَ في ذِمَّةِ اللهِ"، وَفي لَفظٍ عِندَ ابنِ مَاجَه: "مَن صَلَّى الصُّبحَ في جَمَاعَةٍ فَهُوَ في ذِمَّةِ اللهِ".
أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنُحَافِظْ عَلَى صَلَوَاتِنَا في بُيُوتِ رَبِّنَا، وَلْنُشهِدْ عَلَى ذَلِكَ مَلائِكَةَ الرَّحمَنِ، فَإِنَّهُم يَجتَمِعُونَ كُلَّ يَومٍ في صَلاةِ الفَجرِ وَالعَصرِ؛ وَيَسأَلُهُم رَبُّهُم عَنَّا فَمَاذَا عَسَاهُم يُسَجِّلُونَ، عَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "يَتَعَاقَبُونَ فِيكُم مَلائِكَةٌ بِاللَّيلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجتَمِعُونَ في صَلاةِ الفَجرِ وَصَلاةِ العَصرِ، ثم يَعرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُم، فَيَسأَلُهُم رَبُّهُم وَهُوَ أَعلَمُ بِهِم: كَيفَ تَرَكتُم عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكنَاهُم وَهُم يُصَلُّونَ، وَأَتَينَاهُم وَهُم يُصَلُّونَ" (رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ وَغَيرُهُمَا).
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: (اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشكَاةٍ فِيهَا مِصبَاحٌ المِصبَاحُ في زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيتُونَةٍ لا شَرقِيَّةٍ وَلا غَربِيَّةٍ يَكَادُ زَيتُهَا يُضِيءُ وَلَو لم تَمسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهدِي اللهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضرِبُ اللهُ الأَمثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ. في بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فِيهَا اسمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ. رِجَالٌ لا تُلهِيهِم تِجَارَةٌ وَلا بَيعٌ عَن ذِكرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَومًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ وَالأَبصَارُ. لِيَجزِيَهُمُ اللهُ أَحسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِن فَضلِهِ وَاللهُ يَرزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيرِ حِسَابٍ) [النور: 35- 37].
الخطبة الثانية:
أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ -تَعَالى- حَقَّ تُقَاتِهِ، وَسَارِعُوا إِلى مَغفِرَتِهِ وَمَرضَاتِهِ، وَاعلَمُوا أَنَّ مَن كَانَت صَلاةُ الجَمَاعَةِ شُغلَ قَلبِهِ وَهَمَّ نَفسِهِ، فَهُوَ في أُجُورٍ مَا كَانَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِن كَانَ جَالِسًا يَنتَظِرُهَا، أَو مَاشِيًا إِلَيهَا أَو عَائِدًا مِنهَا، أو نَائِمًا في فِرَاشِهِ بَعدَهَا، فَعَن عُثمَانَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "مَن صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصفَ اللَّيلِ، وَمَن صَلَّى الصُّبحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيلَ كُلَّهُ" (رَوَاهُ مُسلِمٌ).
وَعَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " أَلا أَدُلُّكُم عَلَى مَا يَمحُو اللهُ بِهِ الخَطَايَا وَيَرفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟ " قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: "إِسبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وَكَثرَةُ الخُطَا إِلى المَسَاجِدِ، وَانتِظَارُ الصَّلاةِ بَعدَ الصَّلاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ" (رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ).
وَعَنهُ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "مَن تَطَهَّرَ في بَيتِهِ ثم مَشَى إِلى بَيتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ لِيَقضِيَ فَرِيضَةً مِن فَرَائِضِ اللهِ، كَانَت خُطُوَاتُهُ إِحدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً وَالأُخرَى تَرفَعُ دَرَجَةً" (رَوَاهُ مُسلِمٌ).
وَعَنهُ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " لا يَزَالُ أَحَدُكُم في صَلاةٍ مَا دَامَتِ الصَّلاةُ تَحبِسُهُ، لا يَمنَعُهُ أَن يَنقَلِبَ إِلى أَهلِهِ إِلاَّ الصَّلاةُ" (رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ).
وَلِلبُخَارِيِّ: " إِنَّ أَحَدَكُم في صَلاةٍ مَا دَامَتِ الصَّلاةُ تَحبِسُهُ، وَالمَلائِكَةُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارحَمْهُ، مَا لم يَقُمْ مِن مُصَلاَّهُ أَو يُحدِثْ".
وَعَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَتَخَلَّلُ الصَّفَّ مِن نَاحِيَةٍ إِلى نَاحِيَةٍ، يَمسَحُ صُدُورَنَا وَمَنَاكِبَنَا، وَيَقُولُ: "لا تَختَلِفُوا فَتَختَلِفَ قُلُوبُكُم"، وَكَانَ يَقُولُ: "إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصُّفُوفِ الأُوَلِ" (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائيُّ وَغَيرُهُمَا وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ).
وَفي الصَّحِيحَينِ أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا؛ فَإِنَّهُ مَن وَافَقَ تَأمِينُهُ تَأمِينَ المَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ"، فَأَيُّ فَضلٍ أَعظَمُ مِن هَذَا الفَضلِ لأَهلِ الجَمَاعَةِ، يُثنِي عَلَيهِمُ اللهُ في المَلأِ الأَعلَى، وَالمَلائِكَةُ يَدعُونَ لَهُم وَيَصَلًّونَ مَعَهُم، وَأُجُورُهُم مُستَمِرَّةٌ مَا دَامُوا في مَسَاجِدِهِم أَو يَمشُونَ إِلَيهَا.
فَاللَّهُمَّ أَعطِنَا وَلا تَحرِمْنَا، وَوَفِّقْنَا وَلا تَخذُلْنَا، وَكُنْ لَنَا وَلا تَكُنْ عَلَينَا، وَاهدِنَا وَيَسِّرِ الهُدَى لَنَا.