البحث

عبارات مقترحة:

الإله

(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...

القدوس

كلمة (قُدُّوس) في اللغة صيغة مبالغة من القداسة، ومعناها في...

الفتاح

كلمة (الفتّاح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من الفعل...

كتاب القضاء والخصومات

‌‌تعريف القضاء: القضاء في اللغة له معانٍ عدة، منها: 1 - الحكم، يقال: قضى قضاء: أي حكم حكماً. ومنه قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَاّ تَعْبُدُواْ إِلَاّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً﴾ (الإسراء: 32) أي: حكم. 2 - الفراغ والانتهاء من الشيء، يقال: قضى حاجته إذا فرغ منها. ومن ذلك قوله تبارك وتعالى: ﴿فوكزه موسى فقضي عليه﴾ (القصص: 15) أي: قتله وفرغ منه. [وكزه: ضربه بجمع كفه]. 3 - الأداء والانتهاء، يقال: قضى دينه إذا أداه، وأنهي ما عليه قال تعالى: ﴿وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين﴾ (الحجر: 66). [أي أدينا إليه، وأنهينا إلي عمله. دابر هؤلاء: آخرهم. مقطوع مصبحين: مستأصل في الصباح]. 4 - الصنع والتقدير، يقال: هذا شيء قضاه: أي صنعه. وعليه قول الله تبارك وتعالي: ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ﴾ (فصلت: 12) [أي صنعهن وقدرهن وسواهن]. والقضاء شرعاً: فصل الخصومة بين اثنين فأكثر بحكم الله عز وجل. فالقضاء إذاً هو الحكم بين الناس، وتسوية الخلاف بينهم. بإعادة الحقوق إلي أصحابها. وسمي القضاء حكماً لما فيه من الحكمة التي هي وضع الشيء في محله فهو يكف الظالم عن ظلمه وينصف المظلوم من ظالمه. ‌‌مشروعية القضاء: القضاء مشروع في الإسلام ومطلوب، ويدل على مشروعيته الكتاب، والسنة والإجماع، والعقل. أما الكتاب الكريم فآيات، منها: قول الله عز وجل: ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ﴾ (المائدة: 49). وقوله تبارك وتعالى: ﴿وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ﴾ (النساء: 58) وقوله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلَا تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً﴾ (النساء: 105). [خصيماً: مخاصماً ومدافعاً عنهم]. وأما السنة المطهرة فأحاديث كثيرة منها: ما رواه أبو داود [3582] في الأقضية، باب: كيف القضاء، عن على بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: بعثني رسول الله إلي اليمن قاضياً، فقلت يا رسول الله، ترسلني وأنا حدث السن، ولا علم لي بالقضاء؟ فقال: " إن الله سيهدي قلبك، ويثبت لسانك، فإذا جلس بين يديك الخصمان، فلا تقضين حتى تسمع من الآخر، كما سمعت من الأول، فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء " قال: فما زلت قاضياً، أو ما شككت في قضاء بعد. [حديث السن: صغير السن. أحرى: أجدر وأعون] ومنها أيضاً: ما رواه البخاري [6919] في الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، ومسلم [1716] في الأقضية، باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، عن عمرو بن العاص رضي الله عنه، قال: قال رسول الله : " إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر ". [اجتهد: بذل وسعه للتعرف على القضية، ومعرفة الحق فيها. أصاب: وافق الواقع في حكمه. أخطأ: لم يصب الحق في حكمه]. أما الإجماع، فهو منعقد على مشروعية القضاء، وعلى فعله، سلفاً وخلفاً لم يخالف في ذلك أحد، وقد استقضي النبي ومن بعده من الخلفاء إلي يومنا هذا من غير نكير من أحد. وأما العقل، فهو قاض بمشروعية القضاء وضرورته، فطبائع البشر مختلفة، والتظالم ومنع الحقوق واقع منهم، وقل من ينصف من نفسه، ولا يقدر الإمام أن يتولي فصل الخصومة بين كل الناس بنفسه، فلذلك كانت الحاجة ماسة إلي تشريع القضاء، ونصب القضاة، ليحكموا بين الناس، ويفصلوا في الخصومات. ‌‌حكمة تشريع القضاء: وحكمة تشريع القضاء، وجود الحاجة إليه، وقيام المصالح به، فالإنسان اجتماعي بطبعه، وليس قادراً أن يعيش وحده، بل لا بد أن يعيش مع الناس لينال حاجاته الضرورية، بالتعاون معهم، وإذا كان التعامل مع الناس، والتعاون معهم أمراً ضرورياً، كان لاجرم أنه ستقوم بين الناس خصومات ومنازعات بسبب تعارض مصالحهم، وتضارب أهوائهم، وطغيان بعضهم على بعض، ومن هنا نشأت الحاجة إلي القضاء، وكان لابد من قاض يرجع إليه الناس عند الاختلاف والنزاع، والإسلام دين الفطرة السوية يدعو إلي رعايتها، والمحافظة على نظافتها وحسن سيرها. قال تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (الروم: 30). [أقم وجهك للدين: ألزمه ولا تحد عنه. حنيفاً: مائلاً إليه. فطرة الله خلقته. القيم: المستقيم]. "الفقه المنهجي" لمجموعة من المؤلفين.