السيد
كلمة (السيد) في اللغة صيغة مبالغة من السيادة أو السُّؤْدَد،...
الفَسْخُ: الإِزالَةُ والرَّفْعُ، يُقال: فَسَخَ اللَّحْمَ، يَفْسَخُهُ، فَسْخًا فانْفَسَخَ وتَفَسَّخَ، أيْ: أَزالَهُ عن العَظْمِ. وأَصْلُ الفسخِ: النَّقْضُ والحَلُّ، يُقال: فَسَخْتُ العِمامَةَ، أيْ: نَقَضْتُها وحَلَلْتُها، وفَسَخْتُ البَيْعَ بَيْنَهُما، أيْ: نَقَضْتُهُ. ومِنْ مَعانِيه: الإِبْطالُ، والإِفْسادُ، والتَّفْرِيقُ.
يَرِد مُصْطلَح (فَسْخ) في الفقه في مَواطِن، مِنها: كتاب البُيوعِ، باب: الإِجارَةِ، وباب: الخِيار، وباب: السَّلَم، وباب: الصُّلْح، وباب: الوَكالَة، وكتاب النِّكاحِ، باب: العُيُوب في النِّكاحِ. ويُطْلَق في القانونِ المُعاصِرِ، ويُرادُ به: إِنْهاءُ الرَّابِطَةِ التَّعاقُدِيَّةِ بِقَرارٍ إِدارِيٍّ أو بِحُكْمٍ قَضائِيٍّ نَتِيجَةَ خَطَأٍ جَسِيمٍ يَرْتَكِبُهُ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ. وهو بمعنى ما سبق. ويُطْلَق في كتاب الحَجِّ، باب: صِفَة الحَجِّ، ويُراد به: نَقْضُ نِيَّةِ الحَجِّ وجَعْلُها عُمْرَةً مُفْرَدَةً فَيَصِيرُ الحاجُّ مُتَمَتِّعًا.
فَسَخَ
* العين : (4/202)
* تهذيب اللغة : (7/86)
* المحكم والمحيط الأعظم : (5/87)
* مختار الصحاح : (ص 239)
* لسان العرب : (3/44)
* تاج العروس : (7/319)
* الأشباه والنظائر للسبكي : (1/234)
* الأشباه والنظائر : (ص 287)
* الكليات : (ص 51)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 346)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (32/108) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْفَسْخُ لُغَةً: يُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ، مِنْهَا: النَّقْضُ أَوِ التَّفْرِيقُ، وَالضَّعْفُ فِي الْعَقْل وَالْبَدَنِ، وَالْجَهْل، وَالطَّرْحُ، وَإِفْسَادُ الرَّأْيِ، وَمِنَ الْمَجَازِ: انْفَسَخَ الْعَزْمُ وَالْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ: انْتَقَضَ، وَقَدْ فَسَخَهُ: إِذَا نَقَضَهُ (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: هُوَ حَل ارْتِبَاطِ الْعَقْدِ (2) ، أَوْ هُوَ ارْتِفَاعُ حُكْمِ الْعَقْدِ مِنَ الأَْصْل كَأَنْ لَمْ يَكُنْ (3) ، أَوْ هُوَ: قَلْبُ كُل وَاحِدٍ مِنَ الْعِوَضَيْنِ لِصَاحِبِهِ (4) ، فَيُسْتَعْمَل الْفَسْخُ أَحْيَانًا بِمَعْنَى رَفْعِ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ، كَمَا فِي الْفَسْخِ بِسَبَبِ أَحَدِ الْخِيَارَاتِ، وَيُسْتَعْمَل أَيْضًا بِمَعْنَى رَفْعِ الْعَقْدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَقْبَل، كَمَا فِي أَحْوَال فَسْخِ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ أَوْ غَيْرِ اللاَّزِمَةِ (5) . الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الاِنْفِسَاخُ:
2 - الاِنْفِسَاخُ هُوَ: انْقِلاَبُ كُل وَاحِدٍ مِنَ الْعِوَضَيْنِ لِصَاحِبِهِ.
وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالاِنْفِسَاخِ: أَنَّ الأَْوَّل فِعْل الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوِ الْحَاكِمِ إِذَا ظَفِرُوا بِالْعُقُودِ الْمُحَرَّمَةِ، وَالثَّانِي صِفَةُ الْعِوَضَيْنِ، فَالأَْوَّل سَبَبٌ شَرْعِيٌّ وَالثَّانِي حُكْمٌ شَرْعِيٌّ (6) .
وَلِلتَّفْصِيل (ر: انْفِسَاخ ف 1، 6)
ب - الْخَلْعُ:
3 - الْخَلْعُ لُغَةً: النَّزْعُ وَالإِْزَالَةُ، وَاصْطِلاَحًا: هُوَ إِزَالَةُ مِلْكِ النِّكَاحِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى قَبُول الْمَرْأَةِ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ (7) . فَالْخُلْعُ خَاصٌّ بِحَل الرَّابِطَةِ الزَّوْجِيَّةِ، أَمَّا الْفَسْخُ فَهُوَ أَعَمُّ، وَهُوَ حَل ارْتِبَاطِ الْعَقْدِ مُطْلَقًا، وَالْخُلْعُ يَحْدُثُ بِالتَّرَاضِي، أَمَّا الْفَسْخُ فَيُمْكِنُ أَنْ يَتِمَّ بِالتَّرَاضِي أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي.
فَالصِّلَةُ بَيْنَهُمَا صِلَةُ عُمُومٍ وَخُصُوصٍ.
ج - الطَّلاَقُ:
4 - مِنْ مَعَانِي الطَّلاَقِ لُغَةً: رَفْعُ الْقَيْدِ مُطْلَقًا، يُقَال: أَطْلَقَ الْفَرَسَ: إِذَا خَلاَّهُ (8) ، وَفِي الاِصْطِلاَحِ: رَفْعُ قَيْدِ النِّكَاحِ فِي الْحَال أَوِ الْمَآل بِلَفْظٍ مَخْصُوصٍ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ (9) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالطَّلاَقِ: أَنَّ الْفَسْخَ مُقَارِبٌ لِلطَّلاَقِ إِلاَّ أَنَّهُ يُخَالِفُهُ فِي أَنَّ الْفَسْخَ نَقْضٌ لِلْعَقْدِ، أَمَّا الطَّلاَقُ فَلاَ يَنْقُضُ الْعَقْدَ وَلَكِنْ يُنْهِي آثَارَهُ فَقَطْ (10) .
د - الإِْبْطَال:
5 - الْبَاطِل لُغَةً: ضِدُّ الْحَقِّ، وَالإِْبْطَال اصْطِلاَحًا: هُوَ الْحُكْمُ بِكَوْنِ الْعَقْدِ بَاطِلاً، لاِخْتِلاَل رُكْنِهِ أَوْ مَحَلِّهِ، وَالْعَقْدُ الْبَاطِل: هُوَ مَا اخْتَل رُكْنُهُ أَوْ مَحَلُّهُ أَوْ مَا لاَ يَكُونُ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ وَلاَ بِوَصْفِهِ.
(ر: إِبْطَال ف 1، وَبُطْلاَن ف 1)
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الإِْبْطَال وَالْفَسْخِ: أَنَّ الإِْبْطَال يَحْدُثُ أَثْنَاءَ قِيَامِ التَّصَرُّفِ وَبَعْدَهُ، وَيَحْصُل فِي الْعُقُودِ وَالْعِبَادَاتِ، أَمَّا الْفَسْخُ فَإِنَّهُ يَكُونُ غَالِبًا فِي الْعُقُودِ وَالتَّصَرُّفَاتِ، وَيَقِل فِي الْعِبَادَاتِ، وَيَكُونُ فِي الْعُقُودِ قَبْل تَمَامِهَا، لأَِنَّهُ فَكُّ ارْتِبَاطِ التَّصَرُّفِ.
(ر: إِبْطَال ف 2)
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
6 - الأَْصْل فِي الْعُقُودِ شَرْعًا اللُّزُومُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (11) ، قَال الْقَرَافِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الأَْصْل فِي الْعُقُودِ اللُّزُومُ، لأَِنَّ الْعُقُودَ أَسْبَابٌ لِتَحْصِيل الْمَقَاصِدِ مِنَ الأَْعْيَانِ، وَالأَْصْل تَرَتُّبُ الْمُسَبَّبَاتِ عَلَى أَسْبَابِهَا (12) .
وَقَدْ يَرِدُ الْفَسْخُ عَلَيْهَا، وَيَكُونُ إِمَّا وَاجِبًا أَوْ جَائِزًا، فَيَجِبُ رِعَايَةً لِحَقِّ الشَّرْعِ، كَفَسْخِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ لإِِزَالَةِ سَبَبِ الْفَسَادِ، وَاحْتِرَامِ ضَوَابِطِ الشَّرْعِ أَوْ شَرَائِطِهِ الَّتِي قَرَّرَهَا فِي الْعُقُودِ، حِمَايَةً لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ أَوِ الْخَاصَّةِ، وَدَفْعًا لِلضَّرَرِ، وَمَنْعًا لِلْمُنَازَعَاتِ الَّتِي تَحْدُثُ بِسَبَبِ مُخَالَفَةِ الشُّرُوطِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَيَجُوزُ الْفَسْخُ إِعْمَالاً لإِِرَادَةِ الْعَاقِدِ، كَالْفَسْخِ فِي الْعُقُودِ غَيْرِ اللاَّزِمَةِ، وَالْفَسْخِ بِالتَّرَاضِي وَالاِتِّفَاقِ كَالإِْقَالَةِ، وَقَدْ جَاءَ الشَّرْعُ بِأَدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْخِيَارَاتِ وَالإِْقَالَةِ (13) ، وَقَال ﵊: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ (14)
وَالْفَسْخُ الْقَضَائِيُّ يَكُونُ إِمَّا رِعَايَةً لِحَقِّ الشَّرْعِ، وَإِمَّا إِحْقَاقًا لِلْحَقِّ وَرَفْعًا لِلظُّلْمِ الَّذِي يَقَعُ عَلَى أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِسَبَبِ إِضْرَارِ الْعَاقِدِ الآْخَرِ، وَإِصْرَارِهِ عَلَى مَنْعِ غَيْرِهِ مِنْ مُمَارَسَةِ حَقِّهِ فِي الْفَسْخِ، لِوُجُودِ عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ أَوِ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ أَوِ الثَّمَنِ مَثَلاً، وَحَقُّ الْقَاضِي فِي الْفَسْخِ نَاشِئٌ مِنْ وِلاَيَتِهِ الْعَامَّةِ عَلَى النَّاسِ، أَوْ لأَِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ رِقَابَةُ تَنْفِيذِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ. .
وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْفَسْخُ إِمَّا شَرْعًا أَوْ قَضَاءً أَوْ بِالرِّضَا.
أَسْبَابُ الْفَسْخِ:
7 - أَسْبَابُ الْفَسْخِ خَمْسَةٌ: إِمَّا الاِتِّفَاقُ أَوِ التَّرَاضِي وَمِنْهُ الإِْقَالَةُ، وَإِمَّا الْخِيَارُ، وَإِمَّا عَدَمُ اللُّزُومِ، وَإِمَّا اسْتِحَالَةُ تَنْفِيذِ أَحَدِ الْتِزَامَاتِ الْعَقْدِ الْمُتَقَابِلَةِ، وَإِمَّا الْفَسَادُ.
أ - الْفَسْخُ بِالاِتِّفَاقِ:
8 - يُفْسَخُ الْعَقْدُ بِالتَّرَاضِي بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ، وَالإِْقَالَةُ نَوْعٌ مِنَ الْفَسْخِ الاِتِّفَاقِيِّ وَتَقْتَضِي رُجُوعَ كُلٍّ مِنَ الْعِوَضَيْنِ لِصَاحِبِهِ، فَيَرْجِعُ الثَّمَنُ لِلْمُشْتَرِي وَالْمُثَمَّنُ لِلْبَائِعِ، وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهَا قَبْل قَبْضِ الْمَبِيعِ (15) .
وَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَزُفَرُ إِلَى أَنَّ الإِْقَالَةَ فَسْخٌ فِي حَقِّ النَّاسِ كَافَّةً، لأَِنَّ الإِْقَالَةَ هِيَ الرَّفْعُ وَالإِْزَالَةُ، وَلأَِنَّ الْمَبِيعَ عَادَ إِلَى الْبَائِعِ بِلَفْظٍ لاَ يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ، فَكَانَ فَسْخًا (16) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى أَنَّ الإِْقَالَةَ بَيْعٌ ثَانٍ يُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ وَيَمْنَعُهَا مَا يَمْنَعُهُ (17) .
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ هِيَ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْعَاقِدَيْنِ، سَوَاءٌ قَبْل الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ، وَفَسْخٌ فِي حَقِّ الْعَاقِدَيْنِ بَعْدَ الْقَبْضِ، لأَِنَّهَا رَفْعٌ لُغَةً وَشَرْعًا، وَرَفْعُ الشَّيْءِ فَسْخُهُ.
وَيَرَى مُحَمَّدٌ: أَنَّ الإِْقَالَةَ فَسْخٌ إِلاَّ إِذَا تَعَذَّرَ جَعْلُهَا فَسْخًا، فَتُجْعَل بَيْعًا لِلضَّرُورَةِ، لأَِنَّ الأَْصْل فِي الإِْقَالَةِ الْفَسْخُ، لأَِنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ رَفْعِ الشَّيْءِ لُغَةً وَشَرْعًا (18) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِقَالَة ف 8)
ب - خِيَارُ الْفَسْخِ:
9 - الْخِيَارُ: هُوَ حَقُّ الْعَاقِدِ فِي فَسْخِ الْعَقْدِ أَوْ إِمْضَائِهِ لِظُهُورِ مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ أَوْ بِمُقْتَضَى اتِّفَاقٍ عَقْدِيٍّ، فَيَكُونُ لِلْمُتَعَاقِدِ الْحَقُّ فِي الاِخْتِيَارِ بَيْنَ إِمْضَاءِ الْعَقْدِ وَعَدَمِ إِمْضَائِهِ بِفَسْخِهِ إِنْ كَانَ الأَْمْرُ أَمْرَ خِيَارِ شَرْطٍ أَوْ رُؤْيَةٍ أَوْ عَيْبٍ، أَوْ أَنْ يَخْتَارَ أَحَدَ الْمَبِيعَيْنِ إِنْ كَانَ الأَْمْرُ أَمْرَ خِيَارِ التَّعْيِينِ (19) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (خِيَار ف 1 - 18)
ج - عَدَمُ لُزُومِ الْعَقْدِ أَصْلاً:
10 - يَجُوزُ لأَِحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ لِكِلَيْهِمَا بِحَسَبِ الْعَقْدِ الْمُسَمَّى أَنْ يَسْتَقِل بِالْفَسْخِ، مِثْل الْعَارِيَّةُ وَالْقَرْضِ الْوَدِيعَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْوَكَالَةِ، فَكُلُّهَا عُقُودٌ غَيْرُ لاَزِمَةٍ يَجُوزُ فَسْخُهَا مَتَى شَاءَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، قَال ابْنُ رَجَبٍ: عُقُودُ الْمُشَارَكَاتِ كَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ، الْمَشْهُورُ أَنَّهَا تَنْفَسِخُ قَبْل الْعِلْمِ كَالْوَكَالَةِ، وَكَذَا الْوَدِيعَةُ لِلْوَدِيعِ فَسْخُهَا قَبْل عِلْمِ الْمُودَعِ بِالْفَسْخِ، وَتَبْقَى فِي يَدِهِ أَمَانَةً (20) .
د - اسْتِحَالَةُ تَنْفِيذِ الاِلْتِزَامِ:
11 - إِذَا اسْتَحَال تَنْفِيذُ أَحَدِ الاِلْتِزَامَاتِ الْعَقْدِيَّةِ جَازَ فَسْخُ الْعَقْدِ، لأَِنَّ الاِلْتِزَامَ الْمُقَابِل يُصْبِحُ بِلاَ سَبَبٍ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (بَيْع ف 64) وَمُصْطَلَحِ (الْتِزَام ف 57) وَمُصْطَلَحِ (إِجَارَة ف 74، 76)
هـ - الْفَسْخُ لِلْفَسَادِ:
12 - يُفْسَخُ الْعَقْدُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْمُعَامَلاَتِ لِلْفَسَادِ بِحُكْمِ الشَّرْعِ لإِِزَالَةِ سَبَبِ فَسَادِ الْعَقْدِ كَجَهَالَةِ الْمَبِيعِ أَوِ الثَّمَنِ أَوِ الأَْجَل أَوْ وَسَائِل التَّوْثِيقِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (21) .
أَنْوَاعُ الْفَسْخِ:
13 - الْفَسْخُ بِإِرَادَةِ الْعَاقِدَيْنِ هُوَ إِنْهَاءُ الْعَقْدِ بِاتِّفَاقِهِمَا، إِذْ إِنَّ فَسْخَ الْعَقْدِ يَكُونُ بِالْوَسِيلَةِ الَّتِي عُقِدَ بِهَا الْعَقْدُ، فَكَمَا نَشَأَ الْعَقْدُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ مُتَطَابِقَيْنِ عَلَى إِنْشَائِهِ، كَذَلِكَ يَزُول بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ مُتَوَافِقَيْنِ عَلَى إِلْغَائِهِ، وَقَدْ يَتِمُّ الْفَسْخُ بِإِرَادَةٍ مُنْفَرِدَةٍ كَمَا فِي حَالَةِ الْخِيَارِ (22) .
الْفَسْخُ بِحُكْمِ الْقَضَاءِ:
14 - إِذَا ظَهَرَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ مُثْبِتٌ لِلْخِيَارِ أَوْ هَلَكَ بَعْضُ الْمَبِيعِ، فَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ بِقَوْل الْمُشْتَرِي: رَدَدْتُ، بِغَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى الْقَضَاءِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمَبِيعَ إِذَا كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِقَوْل الْمُشْتَرِي: رَدَدْتُ، وَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى قَضَاءِ الْقَاضِي وَلاَ إِلَى التَّرَاضِي.
وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلاَ يَنْفَسِخُ إِلاَّ بِقَضَاءِ الْقَاضِي أَوْ بِالتَّرَاضِي. فَإِذَا كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا - وَذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ بِحُكْمِ الْقَاضِي إِذَا رُفِعَ الأَْمْرُ إِلَيْهِ وَامْتَنَعَ الْعَاقِدَانِ عَنِ الْفَسْخِ (23) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (بُطْلاَن ف 25) (وَخِيَارُ الْعَيْبِ ف 38، 39) (وَبَيْع ف 59)
الْفَسْخُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ:
15 - يَكُونُ الْفَسْخُ بِسَبَبِ الْخَلَل الْحَاصِل فِي الْعَقْدِ فِي شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الشَّرْعِ، كَفَسْخِ الزَّوَاجِ عِنْدَ تَبَيُّنِ الرَّضَاعِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَفَسْخِ الْبَيْعِ حَالَةَ فَسَادِهِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالاِنْفِسَاخِ، كَمَا إِذَا كَانَ فِي الْمَبِيعِ جَهَالَةٌ فَاحِشَةٌ مُفْضِيَةٌ لِلنِّزَاعِ (24) .
الْفَسْخُ لِلأَْعْذَارِ:
16 - يُفْسَخُ الْعَقْدُ لِلْعُذْرِ إِذَا كَانَ عَقْدَ إِيجَارٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ عَقْدَ بَيْعٍ لِلثِّمَارِ بِسَبَبِ الْجَوَائِحِ
فَقَدْ أَجَازَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ (25) ، دُونَ غَيْرِهِمْ فَسْخَ عَقْدِ الإِْجَارَةِ وَعَقْدِ الْمُزَارَعَةِ بِالأَْعْذَارِ الطَّارِئَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْعُذْرُ قَائِمًا بِالْعَاقِدَيْنِ أَمْ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، لأَِنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَى الْفَسْخِ عِنْدَ الْعُذْرِ، لأَِنَّهُ لَوْ لَزِمَ الْعَقْدُ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْعُذْرِ، لَلَزِمَ صَاحِبَ الْعُذْرِ ضَرَرٌ لَمْ يَلْتَزِمْهُ بِالْعَقْدِ.
أَمَّا الْجُمْهُورُ فَالأَْصْل عِنْدَهُمْ عَدَمُ الْفَسْخِ بِالْعُذْرِ، وَقَدْ يَرَوْنَ الْفَسْخَ فِي أَحْوَالٍ قَلِيلَةٍ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (إِجَارَة ف 64، 69)
الْفَسْخُ لاِسْتِحَالَةِ التَّنْفِيذِ:
17 - إِذَا هَلَكَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنُ انْفَسَخَ الْعَقْدُ لِتَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ، فَإِذَا تَعَذَّرَ التَّسْلِيمُ لِغَيْرِ الْهَلاَكِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ بِسَبَبٍ مِنَ الْعَاقِدَيْنِ أَمْ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرِهِمَا فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ عَلَى أَقْوَالٍ تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (بَيْع ف 59) وَمُصْطَلَحِ (خِيَارُ الْعَيْبِ ف 32 وَمَا بَعْدَهَا)
الْفَسْخُ لِلإِْفْلاَسِ وَالإِْعْسَارِ وَالْمُمَاطَلَةِ:
18 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا ظَهَرَ مُفْلِسًا فَلِلْبَائِعِ خِيَارُ الْفَسْخِ وَالرُّجُوعُ بِعَيْنِ مَالِهِ، وَلاَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُنْظِرَهُ، عَمَلاً بِقَوْلِهِ ﷺ: مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ أَوْ إِنْسَانٍ قَدْ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ (26) ، وَيَنْطَبِقُ ذَلِكَ الْحُكْمُ عَلَى الْمُعْسِرِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَلَوْ بِبَعْضِ الثَّمَنِ.
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا غَائِبًا عَنِ الْمَجْلِسِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلاَ فَسْخَ، وَيَحْجُرُ الْحَاكِمُ الْمَبِيعَ وَبَقِيَّةَ مَالِهِ حَتَّى يُحْضِرَ الثَّمَنَ.
أَمَّا إِذَا كَانَ الثَّمَنُ الْحَال أَوْ بَعْضُهُ بَعِيدًا مَسَافَةَ الْقَصْرِ فَأَكْثَر، أَوْ غَيَّبَهُ الْمُشْتَرِي الْمَسَافَةَ الْمَذْكُورَةَ كَانَ لِلْبَائِعِ الْفَسْخُ.
وَيَرَى ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا كَانَ مُوسِرًا مُمَاطِلاً فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ دَفْعًا لِضَرَرِ الْمُخَاصَمَةِ، قَال فِي الإِْنْصَافِ: وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَيَرَوْنَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ الْفَسْخُ، إِذْ نَصُّوا أَنَّهُ لَيْسَ الْغَرِيمُ أَحَقَّ بِأَخْذِ عَيْنِ مَالِهِ، بَل هُوَ فِي ثَمَنِهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ.
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ فِي غُرَمَاءِ الْمَيِّتِ مَنْ بَاعَ شَيْئًا وَوَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ وَلَمْ تَفِ التَّرِكَةُ بِالدَّيْنِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَضْرِبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِالثَّمَنِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ وَيَرْجِعَ فِي عَيْنِ مَالِهِ (27) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِفْلاَس ف 25، 26)
وَلَيْسَ خِيَارُ الْفَسْخِ مُخْتَصًّا بِعَقْدِ الْبَيْعِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، بَل هُوَ ثَابِتٌ أَيْضًا فِي كُل عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ كَالإِْجَارَةِ وَالْقَرْضِ، فَلِلْمُؤَجِّرِ فَسْخُ الإِْجَارَةِ إِذَا أَفْلَسَ الْمُسْتَأْجِرُ قَبْل دَفْعِ الأُْجْرَةِ، لِلْمُقْرِضِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُقْتَرِضِ إِذَا أَفْلَسَ وَكَانَ عَيْنُ مَالِهِ قَائِمًا (28) .
وَأَجَازَ الْجُمْهُورُ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ لِلإِْعْسَارِ أَوِ الْعَجْزِ عَنِ النَّفَقَةِ، وَالْفُرْقَةُ طَلاَقٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، فَسْخٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَلاَ تَجُوزُ إِلاَّ بِحُكْمِ الْقَاضِي، وَجَوَازُهَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ الزَّوْجَةِ.
وَلَمْ يُجِزِ الْحَنَفِيَّةُ التَّفْرِيقَ بِسَبَبِ الإِْعْسَارِ (29) ، لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ إِنْظَارَ الْمُعْسِرِ بِالدَّيْنِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (30) .
فَسْخُ النِّكَاحِ:
19 - التَّفْرِيقُ فِي النِّكَاحِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ فَسْخًا أَوْ طَلاَقًا.
وَالْفَسْخُ: مِنْهُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَضَاءِ، وَمِنْهُ مَا لاَ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ.
أَمَّا الْفَسْخُ الْمُتَوَقِّفُ عَلَى الْقَضَاءِ فَهُوَ فِي الْجُمْلَةِ يَكُونُ فِي الأُْمُورِ الآْتِيَةِ:
أ - عَدَمُ الْكَفَاءَةِ.
ب - نُقْصَانُ الْمَهْرِ عَنْ مَهْرِ الْمِثْل.
ج - إِبَاءُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الإِْسْلاَمَ إِذَا أَسْلَمَ الآْخَرُ، لَكِنَّ الْفُرْقَةَ بِسَبَبِ إِبَاءِ الزَّوْجَةِ فَسْخٌ بِالاِتِّفَاقِ، أَمَّا الْفُرْقَةُ بِسَبَبِ إِبَاءِ الزَّوْجِ فَهِيَ فَسْخٌ فِي رَأْيِ الْجُمْهُورِ وَمِنْهُمْ أَبُو يُوسُفَ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ، فَلَمْ يَرَيَا تَوَقُّفَهَا عَلَى الْقَضَاءِ، لأَِنَّ الْفُرْقَةَ حِينَئِذٍ طَلاَقٌ فِي رَأْيِهِمَا.
د - خِيَارُ الْبُلُوغِ لأَِحَدِ الزَّوْجَيْنِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، إِذَا زَوَّجَهُمَا فِي الصِّغَرِ غَيْرُ الأَْبِ وَالْجَدِّ.
هـ - خِيَارُ الإِْفَاقَةِ مِنَ الْجُنُونِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِذَا زَوَّجَ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ فِي الْجُنُونِ غَيْرُ الأَْبِ وَالْجَدِّ وَالاِبْنِ.
وَأَمَّا الْفَسْخُ غَيْرُ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى الْقَضَاءِ فَهُوَ فِي الْجُمْلَةِ فِي الأُْمُورِ التَّالِيَةِ:
أ - فَسَادُ الْعَقْدِ فِي أَصْلِهِ، كَالزَّوَاجِ بِغَيْرِ شُهُودٍ.
ب - طُرُوءُ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ.
ج - رِدَّةُ الزَّوْجِ فِي رَأْيِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، فَإِنِ ارْتَدَّ الزَّوْجَانِ فَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ فِي الرَّاجِحِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (31) . الْفَسْخُ لِعَدَمِ إِجَازَةِ الْعَقْدِ الْمَوْقُوفِ:
20 - عَدَمُ إِجَازَةِ الْعَقْدِ الْمَوْقُوفِ مِمَّنْ لَهُ وِلاَيَةٌ أَوْ مِلْكٌ وَالَّذِي يَتَوَقَّفُ نَفَاذُ الْعَقْدِ عَلَى رِضَاهُ يُعَدُّ مِنْ أَسْبَابِ انْحِلاَل الْعَقْدِ أَوْ فَسْخِهِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِانْعِقَادِهِ (32) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (عَقْدٌ مَوْقُوف) .
الْفَسْخُ بِسَبَبِ الاِسْتِحْقَاقِ:
21 - إِذَا اسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ: فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى بُطْلاَنِ الْبَيْعِ.
وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى تَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي بَيْنَ رَدِّ الْمَبِيعِ بِالْفَسْخِ أَوِ التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي، وَذَلِكَ فِي حَالَةِ الاِسْتِحْقَاقِ الْجُزْئِيِّ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (اسْتِحْقَاق ف 9، 11) .
آثَارُ الْفَسْخِ:
تَظْهَرُ آثَارُ الْفَسْخِ فِي شَيْئَيْنِ: انْتِهَاءُ الْعَقْدِ، وَسَرَيَانُهُ عَلَى الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَل.
أَوَّلاً: انْتِهَاءُ الْعَقْدِ بِالْفَسْخِ:
22 - يَنْتَهِي الْعَقْدُ بِالْفَسْخِ وَيَكُونُ لَهُ آثَار فِيمَا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَبِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِمَا.
أ - أَثَرُ الْفَسْخِ فِيمَا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ:
23 - يَظَل الْعَقْدُ قَائِمًا إِلَى حِينِ الْفَسْخِ وَيُنْتِجُ جَمِيعَ آثَارِهِ، فَإِذَا فُسِخَ الْعَقْدُ انْحَل وَاعْتُبِرَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّرَفَيْنِ.
ب - أَثَرُ الْفَسْخِ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَيْرِ:
24 - إِذَا تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ فِي الْبَيْعِ الْقَابِل لِلْفَسْخِ تَصَرُّفًا يُرَتِّبُ لِلْغَيْرِ حَقًّا فِي الْمِلْكِيَّةِ امْتَنَعَ الْفَسْخُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ حِفَاظًا عَلَى ذَلِكَ الْحَقِّ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يَبْقَى حَقُّ الْفَسْخِ قَائِمًا وَلاَ يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا فَاتَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ الْفَسْخُ وَإِلاَّ فَالْفَسْخُ عَلَى حَالِهِ (33) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (اسْتِرْدَاد ف 11) .
ثَانِيًا: أَثَرُ الْفَسْخِ فِي الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَل:
25 - بَحَثَ السُّيُوطِيُّ أَثَرَ الْفَسْخِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَاضِي بِعُنْوَانِ: هَل يَرْفَعُ الْفَسْخُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ مِنْ حِينِهِ؟ فَقَال: أ - فَسْخُ الْبَيْعِ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوِ الشَّرْطِ: الأَْصَحُّ أَنَّهُ مِنْ حِينِهِ.
ب - الْفَسْخُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَالتَّصْرِيَةِ: الأَْصَحُّ مِنْ حِينِهِ.
ج - تَلَفُ الْمَبِيعِ قَبْل الْقَبْضِ: الأَْصَحُّ الاِنْفِسَاخُ مِنْ حِينِ التَّلَفِ.
د - الْفَسْخُ بِالتَّحَالُفِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي: الأَْصَحُّ مِنْ حِينِهِ.
هـ - السَّلَمُ: يَرْجِعُ الْفَسْخُ إِلَى عَيْنِ رَأْسِ الْمَال.
و الْفَسْخُ بِالْفَلَسِ: مِنْ حِينِهِ.
ز - الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ: مِنْ حِينِهِ قَطْعًا.
ح - فَسْخُ النِّكَاحِ بِأَحَدِ الْعُيُوبِ: الأَْصَحُّ مِنْ حِينِهِ.
ط - الإِْقَالَةُ عَلَى الْقَوْل بِأَنَّهَا فَسْخٌ: الأَْصَحُّ مِنْ حِينِهِ (34) .
وَيُلاَحَظُ أَنَّ أَغْلَبَ حَالاَتِ الْفَسْخِ فِي رَأْيِ الشَّافِعِيَّةِ لَيْسَ لَهَا أَثَرٌ رَجْعِيٌّ.
وَذَكَرَ ابْنُ رَجَبٍ الْحَنْبَلِيُّ خِلاَفًا فِي الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ الْمُسْتَنِدِ إِلَى مُقَارِنٍ لِلْعَقْدِ، هَل هُوَ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ مِنْ حِينِهِ (35) ؟
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ فَسْخَ الْعَقْدِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ - إِمَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ أَوْ بِتَرَاضِي الْمُتَعَاقِدَيْنِ - رَفْعٌ لِلْعَقْدِ مِنْ حِينِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَثَرٌ عَلَى الْمَاضِي، فَتَكُونُ غَلَّةُ الْمَرْدُودِ بِعَيْبٍ لِلْمُشْتَرِي مِنْ وَقْتِ عَقْدِ الْبَيْعِ وَقَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ، وَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ بِمَا وَقَعَتْ بِهِ الإِْقَالَةُ (36) .
قَال ابْنُ نُجَيْمٍ نَقْلاً عَنْ شَيْخِ الإِْسْلاَمِ: إِنَّ الْفَسْخَ يَجْعَل الْعَقْدَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُسْتَقْبَل لاَ فِي مَا مَضَى (37) .
__________
(1) تاج العروس.
(2) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص338، والأشباه والنظائر للسيوطي ص313.
(3) البدائع 5 / 182.
(4) الفروق للقرافي 3 / 269.
(5) تبيين الحقائق للزيلعي 4 / 197.
(6) الفروق للقرافي 3 / 269.
(7) الدر المختار 2 / 766، وفتح القدير 3 / 199.
(8) المصباح المنير.
(9) ابن عابدين 3 / 226، وحاشية الدسوقي 2 / 347.
(10) فتح القدير 3 / 21.
(11) سورة المائدة / 1.
(12) الفروق 3 / 269.
(13) حاشية ابن عابدين 4 / 125.
(14) حديث: المسلمون على شروطهم. . " أخرجه الترمذي (3 / 626) من حديث أبي هريرة وقال: حديث حسن صحيح.
(15) زاد المعاد لابن القيم 1 / 76.
(16) الأشباه والنظائر للسيوطي ص152، والقواعد لابن رجب ص379، والمغني 4 / 121 وما بعدها.
(17) الشرح الصغير 2 / 209 وما بعدها، والقوانين الفقهية ص272.
(18) البدائع 5 / 306، وفتح القدير 5 / 247، والدر المختار ورد المحتار 4 / 154.
(19) الدر المختار 4 / 47.
(20) حاشية ابن عابدين 4 / 416، والقواعد لابن رجب ص115.
(21) المبسوط 13 / 9 - 10.
(22) الأشباه والنظائر لابن نجيم 177.
(23) البدائع 5 / 281، 298، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 121، ومغني المحتاج 2 / 57، والمهذب 1 / 284، 138، والمغني 4 / 109.
(24) المراجع السابقة.
(25) المبسوط 16 / 2 وما بعدها، والبدائع 4 / 197 وما بعدها، وتبيين الحقائق 5 / 45 وما بعدها، ومختصر الطحاوي ص130، والدر المختار ورد المختار 5 / 54 وما بعدها.
(26) حديث: " من أدرك ماله بعينه. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 62) ومسلم (3 / 1193) من حديث أبي هريرة.
(27) البدائع 7 / 137، وفتح القدير 5 / 328، والشرح الصغير 3 / 352 طبعة دار المعارف، المهذب 1 / 334، ومغني المحتاج 2 / 158، وشرح منتهى الإرادات 2 / 178 وكشاف القناع 3 / 240 طبع مكة.
(28) شرح الخرشي 4 / 191 - 193، وبداية المجتهد 3 / 237، 240، والمهذب 1 / 323 - 327، وفتح العزيز 10 / 233 - 243، والمغني 4 / 456 - 460، 505.
(29) الدر المختار 2 / 903، والفروق 3 / 145، والشرح الصغير 2 / 745، ومغني المحتاج 3 / 442، والمغني 7 / 573.
(30) سورة البقرة / 280.
(31) البدائع 2 / 336 وما بعدها، وفتح القدير 3 / 21، وابن عابدين 2 / 306، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 2 / 364، وبداية المجتهد 2 / 70، وحاشية الشرقاوي 2 / 294 - 296، والمغني 7 / 56 وما بعدها.
(32) الدر المختار ورد المحتار 4 / 5 - 6، 104، البدائع 5 / 148 - 150، 155، فتح القدير مع العناية بهامشه 5 / 309 وما بعدها، بداية المجتهد 2 / 171.
(33) تبيين الحقائق 4 / 64، حاشية الدسوقي 3 / 61، والمهذب 1 / 268، 73، والكافي 2 / 724.
(34) الأشباه والنظائر للسيوطي ص317.
(35) القواعد ص116.
(36) الشرح الصغير 2 / 186، 210.
(37) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص339.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 131/ 32