السميع
كلمة السميع في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...
خروج المرء من بلد بقصد قطع المسافة الشرعية، فما فوقها . ومن أمثلته للصائم أن يفطر حال سفره . ومن شواهدهﭽﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﭼالبقرة :١٨٥ .
السَّفَرُ: مَصْدَرُ سافَرَ، يُسافِرُ، وسَفَرَ، يُسْفِرُ سَفَراً، وأصْلُه: الانكِشافُ والجَلاءُ، يُقالُ: سَفَرَتِ الـمَرْأَةُ عَنْ وَجْهِها: إذا كَشَفَتْهُ، وأَسْفَرَ الصُّبْحُ: إذا انْكَشَفَ وزالَ الظَّلامُ. والسَّفَرُ أيضاً: قَطْعُ المسافَةِ، يُقالُ: سافَرَ الرَّجُلُ، أي: انْكَشَفَ عن البُنيانِ، سُمِّيَ بِذلك؛ لأنّ النّاسَ يَنْكَشِفونَ عن أَماكِنِهِمْ، وقيل: لأنّه يكْشِفُ عن أَخْلاقِ الـمَرْءِ وأحْوالِهِ.
سفر
الـخُرُوجُ عن عمرانِ البلدِ.
السَّفَرُ: هو الخُرُوجُ عن عِمارَةِ مَوْطِنِ الإقامَةِ، قاصِداً مَكاناً يَبْعُدُ مَسافَةً يَصِحُّ فيها قَصْرُ الصَّلاةِ.
السَّفَرُ أصْلُهُ: الانكِشافُ والجَلاءُ، ومِن معانِيهِ: قَطْعُ المسافَةِ.
خروج المرء من بلد بقصد قطع المسافة الشرعية، فما فوقها. "وتقدر بنحو 84كم"
* معجم مقاييس اللغة : (3/82)
* الصحاح : (2/686)
* الكليات : (ص 511)
* بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع : (1/91)
* مواهب الجليل في شرح مختصر خليل : (2/139)
* الـمجموع شرح الـمهذب : (4/321)
* الـمغني لابن قدامة : (2/188)
* التعريفات للجرجاني : (ص 157)
* جامع العلوم في اصطلاحات الفنون : (2/169)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 245)
* معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : (2/272) -
التَّعْرِيفُ:
1 - السَّفَرُ لُغَةً قَطْعُ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ. يُقَال ذَلِكَ إِذَا خَرَجَ لِلاِرْتِحَال.
قَال الْفَيُّومِيُّ: وَقَال بَعْضُ الْمُصَنَّفِينَ: أَقَل السَّفَرِ يَوْمٌ.
وَالْجَمْعُ أَسْفَارٌ، وَرَجُلٌ مُسَافِرٌ، وَقَوْمٌ سَفْرٌ وَأَسْفَارٌ وَسُفَّارٌ، وَأَصْل الْمَادَّةِ الْكَشْفُ.
وَسُمِّيَ السَّفَرُ سَفَرًا لأَِنَّهُ يُسْفِرُ عَنْ وُجُوهِ الْمُسَافِرِينَ وَأَخْلاَقِهِمْ فَيَظْهَرُ مَا كَانَ خَافِيًا (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: السَّفَرُ هُوَ الْخُرُوجُ عَلَى قَصْدِ قَطْعِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ الشَّرْعِيَّةِ فَمَا فَوْقَهَا (2) . الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْحَضَرُ:
2 - الْحَضَرُ بِفَتْحَتَيْنِ وَالْحَضْرَةُ وَالْحَاضِرَةُ خِلاَفُ الْبَادِيَةِ، وَهِيَ الْمُدُنُ وَالْقُرَى وَالرِّيفُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَِنَّ أَهْلَهَا حَضَرُوا الأَْمْصَارَ وَمَسَاكِنَ الدِّيَارِ الَّتِي يَكُونُ لَهُمْ بِهَا قَرَارٌ. وَالْحَضَرُ مِنَ النَّاسِ سَاكِنُو الْحَضَرِ، وَالْحَاضِرُ خِلاَفُ الْبَادِي، وَالْحَضَرُ مَنْ لاَ يَصْلُحُ لِلسَّفَرِ (3) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
ب - الإِْقَامَةُ:
3 - مِنْ مَعَانِي الإِْقَامَةِ: الثُّبُوتُ فِي الْمَكَانِ وَاِتِّخَاذُهُ وَطَنًا، وَهِيَ ضِدُّ السَّفَرِ (4) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
4 - قَسَّمَ الْحَنَفِيَّةُ السَّفَرَ مِنْ حَيْثُ حُكْمُهُ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ: سَفَرُ طَاعَةٍ كَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ، وَسَفَرٌ مُبَاحٌ كَالتِّجَارَةِ، وَسَفَرُ مَعْصِيَةٍ كَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَحَجِّ الْمَرْأَةِ بِلاَ مَحْرَمٍ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: السَّفَرُ عَلَى قِسْمَيْنِ: سَفَرُ طَلَبٍ، وَسَفَرُ هَرَبٍ. فَسَفَرُ الْهَرَبِ وَاجِبٌ. وَهُوَ إِذَا كَانَ فِي بَلَدٍ يَكْثُرُ فِيهِ الْحَرَامُ وَيَقِل فِيهِ الْحَلاَل فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّفَرُ مِنْهُ إِلَى بَلَدٍ يَكْثُرُ فِيهِ الْحَلاَل. وَكَذَلِكَ يَجِبُ الْهُرُوبُ مِنْ مَوْضِعٍ يُشَاهَدُ فِيهِ الْمُنْكَرُ مِنْ شُرْبِ خَمْرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ إِلَى مَوْضِعٍ لاَ يُشْهَدُ فِيهِ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْهَرَبُ مِنْ بَلَدٍ أَوْ مَوْضِعٍ يُذِل فِيهِ نَفْسَهُ إِلَى مَوْضِعٍ يُعِزُّ فِيهِ نَفْسَهُ؛ لأَِنَّ الْمُؤْمِنَ عَزِيزٌ لاَ يُذِل نَفْسَهُ. وَكَذَلِكَ يَجِبُ الْهُرُوبُ مِنْ بَلَدٍ لاَ عِلْمَ فِيهِ إِلَى بَلَدٍ فِيهِ الْعِلْمُ. وَكَذَلِكَ يَجِبُ الْهُرُوبُ مِنْ بَلَدٍ يُسْمَعُ فِيهِ سَبُّ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَلاَ يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنِ الإِْنْسَانَ التَّغْيِيرُ وَالإِْصْلاَحُ.
وَأَمَّا سَفَرُ الطَّلَبِ فَهُوَ عَلَى أَقْسَامٍ - وَيُوَافِقُهُمُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَيْهَا - وَاجِبٌ كَسَفَرِ حَجِّ الْفَرِيضَةِ وَالْجِهَادِ إِذَا تَعَيَّنَ.
وَمَنْدُوبٌ وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّاعَةِ قُرْبَةً لِلَّهِ سُبْحَانَهُ كَالسَّفَرِ لِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ أَوْ لِصِلَةِ الرَّحِمِ أَوْ طَلَبِ الْعِلْمِ أَوْ لِلتَّفَكُّرِ فِي الْخَلْقِ، وَمُبَاحٌ وَهُوَ سَفَرُ التِّجَارَةِ، وَمَمْنُوعٌ وَهُوَ السَّفَرُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى. وَمَثَّل الشَّافِعِيَّةُ لِلسَّفَرِ الْمَكْرُوهِ بِاَلَّذِي يُسَافِرُ وَحْدَهُ، وَسَفَرُ الاِثْنَيْنِ أَخَفُّ كَرَاهَةً، وَذَلِكَ لِخَبَرِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ كَرِهَ النَّبِيُّ ﷺ الْوَحْدَةَ فِي السَّفَرِ (5) وَقَوْلِهِ ﷺ: الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ وَالثَّلاَثَةُ رَكْبٌ (6) . وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ السَّفَرَ لِرُؤْيَةِ الْبِلاَدِ وَالتَّنَزُّهِ فِيهَا مُبَاحٌ. وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ السِّيَاحَةَ لِغَيْرِ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ مَكْرُوهٌ (7) .
السَّفَرُ مِنْ عَوَارِضِ الأَْهْلِيَّةِ:
5 - السَّفَرُ مِنْ عَوَارِضِ الأَْهْلِيَّةِ الْمُكْتَسَبَةِ، وَهُوَ لاَ يُنَافِي شَيْئًا مِنْ أَهْلِيَّةِ الأَْحْكَامِ وُجُوبًا وَأَدَاءً مِنَ الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا. فَلاَ يَمْنَعُ وُجُوبَ شَيْءٍ مِنَ الأَْحْكَامِ نَحْوِ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ لِبَقَاءِ الْقُدْرَةِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ بِكَمَالِهَا. لَكِنَّهُ جُعِل فِي الشَّرْعِ مِنْ أَسْبَابِ التَّخْفِيفِ بِنَفْسِهِ مُطْلَقًا - يَعْنِي مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى كَوْنِهِ مُوجِبًا لِلْمَشَقَّةِ أَوْ غَيْرَ مُوجِبٍ لَهَا - لأَِنَّ السَّفَرَ مِنْ أَسْبَابِ الْمَشَقَّةِ فِي الْغَالِبِ. فَلِذَلِكَ اعْتُبِرَ نَفْسُ السَّفَرِ سَبَبًا لِلرُّخَصِ وَأُقِيمَ مَقَامَ الْمَشَقَّةِ (8) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
شُرُوطُ السَّفَرِ:
6 - يُشْتَرَطُ فِي السَّفَرِ الَّذِي تَتَغَيَّرُ بِهِ الأَْحْكَامُ، مَا يَلِي:
أ - أَنْ يَبْلُغَ الْمَسَافَةَ الْمُحَدَّدَةَ شَرْعًا:
7 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَسَافَةِ السَّفَرِ الَّذِي تَتَغَيَّرُ بِهِ الأَْحْكَامُ، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - إِلَى أَنَّ مَسَافَةَ السَّفَرِ الَّتِي تَتَغَيَّرُ بِهَا الأَْحْكَامُ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: يَا أَهْل مَكَّةَ لاَ تَقْصُرُوا فِي أَقَل مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ، مِنْ مَكَّةَ إِلَى عُسْفَانَ (9) وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ - ﵃ - يَقْصُرَانِ وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ. وَذَلِكَ إِنَّمَا يُفْعَل عَنْ تَوْقِيفٍ. وَكُل بَرِيدٍ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ، وَالْفَرْسَخُ ثَلاَثَةُ أَمْيَالٍ هَاشِمِيَّةٍ.
فَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلاً، وَالْفَرْسَخُ بِأَمْيَال بَنَى أُمَيَّةَ مِيلاَنِ وَنِصْفٌ، فَالْمَسَافَةُ عَلَى هَذَا أَرْبَعُونَ مِيلاً.
وَالتَّقْدِيرُ بِثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ مِيلاً هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ (10) وَعِنْدَهُمْ أَقْوَالٌ ضَعِيفَةٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَلاَ تُحْسَبُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَافَةِ مُدَّةُ الرُّجُوعِ اتِّفَاقًا.
فَلَوْ كَانَتْ مُلَفَّقَةً مِنَ الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ لَمْ تَتَغَيَّرِ الأَْحْكَامُ. وَهِيَ بِاعْتِبَارِ الزَّمَانِ مَرْحَلَتَانِ، وَهُمَا سَيْرُ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ أَوْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِسَيْرِ الإِْبِل الْمُثْقَلَةِ بِالأَْحْمَال عَلَى الْمُعْتَادِ، مَعَ النُّزُول الْمُعْتَادِ لِنَحْوِ اسْتِرَاحَةٍ وَأَكْلٍ وَصَلاَةٍ. قَال الأَْثْرَمُ: قِيل لأَِبِي عَبْدِ اللَّهِ: فِي كَمْ تُقْصَرُ الصَّلاَةُ؟ قَال: فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ. قِيل لَهُ: مَسِيرَةُ يَوْمٍ تَامٍّ؟ قَال: لاَ، أَرْبَعَةُ بُرُدٍ، سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا، مَسِيرَةُ يَوْمَيْنِ.
قَال الْبُهُوتِيُّ: وَقَدْ قَدَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - ﵄ - مِنْ عُسْفَانَ إِلَى مَكَّةَ، وَمِنَ الطَّائِفِ إِلَى مَكَّةَ، وَمِنْ جَدَّةَ إِلَى مَكَّةَ. وَقَدْ صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ الْيَوْمَ يُعْتَبَرُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ لأَِنَّهُ الْمُعْتَادُ لِلسَّيْرِ غَالِبًا لاَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَأَنَّ الْبَحْرَ كَالْبَرِّ فِي اشْتِرَاطِ الْمَسَافَةِ الْمَذْكُورَةِ.
قَال الدُّسُوقِيُّ: إِنَّ الْبَحْرَ لاَ تُعْتَبَرُ فِيهِ الْمَسَافَةُ بَل الزَّمَانُ وَهُوَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَقِيل بِاعْتِبَارِهَا فِيهِ كَالْبَرِّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعَلَيْهِ إِذَا سَافَرَ وَبَعْضُ سَفَرِهِ فِي الْبَرِّ وَبَعْضُ سَفَرِهِ فِي الْبَحْرِ، فَقِيل: يُلَفِّقُ مَسَافَةَ أَحَدِهِمَا لِمَسَافَةِ الآْخَرِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ. وَقِيل: لاَ بُدَّ فِيهِ مِنَ التَّفْصِيل عَلَى مَا مَرَّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ لاَ يَضُرُّ قَطْعُ الْمَسَافَةِ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ، فَلَوْ قَطَعَ الأَْمْيَال فِي سَاعَةٍ مَثَلاً لِشِدَّةِ جَرْيِ السَّفِينَةِ بِالْهَوَاءِ وَنَحْوِهِ، أَوْ قَطَعَهَا فِي الْبَرِّ فِي بَعْضِ يَوْمٍ عَلَى مَرْكُوبٍ جَوَادٍ تَغَيَّرَتِ الأَْحْكَامُ فِي حَقِّهِ لِوُجُودِ الْمَسَافَةِ الصَّالِحَةِ لِتَغَيُّرِ الأَْحْكَامِ؛ وَلأَِنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ سَافَرَ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ (11) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَسَافَةَ السَّفَرِ الَّذِي تَتَغَيَّرُ بِهِ الأَْحْكَامُ هُوَ مَسِيرَةُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، وَقَدَّرَهَا بَعْضُ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ بِأَقْصَرِ أَيَّامِ السَّنَةِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الْحِلْيَةِ: الظَّاهِرُ إِبْقَاؤُهَا عَلَى إِطْلاَقِهَا بِحَسَبِ مَا يُصَادِفُهُ مِنَ الْوُقُوعِ فِيهَا طُولاً وَقِصَرًا وَاعْتِدَالاً إِنْ لَمْ تُقَدَّرْ بِالْمُعْتَدِلَةِ الَّتِي هِيَ الْوَسَطُ. وَلاَ اعْتِبَارَ عِنْدَهُمْ بِالْفَرَاسِخِ عَلَى الْمَذْهَبِ. قَال فِي الْهِدَايَةِ: هُوَ الصَّحِيحُ، احْتِرَازًا عَنْ قَوْل عَامَّةِ الْمَشَايِخِ فِي تَقْدِيرِهَا بِالْفَرَاسِخِ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا، فَقِيل: وَاحِدٌ وَعِشْرُونَ، وَقِيل: ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَقِيل: خَمْسَةَ عَشَرَ، وَالْفَتْوَى عَلَى الثَّانِي؛ لأَِنَّهُ الأَْوْسَطُ، وَفِي الْمُجْتَبَى: فَتْوَى أَئِمَّةِ خُوَارِزْمَ عَلَى الثَّالِثِ.
ثُمَّ إِنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ سَفَرُ كُل يَوْمٍ إِلَى اللَّيْل بَل يَكْفِي إِلَى الزَّوَال، وَالْمُعْتَبَرُ السَّيْرُ الْوَسَطُ.
قَالُوا: وَيُعْتَبَرُ فِي الْجَبَل بِمَا يُنَاسِبُهُ مِنَ السَّيْرِ؛ لأَِنَّهُ يَكُونُ صُعُودًا وَهُبُوطًا مَضِيقًا وَوَعِرًا فَيَكُونُ مَشْيُ الإِْبِل وَالأَْقْدَامِ فِيهِ دُونَ سَيْرِهَا فِي السَّهْل. وَفِي الْبَحْرِ يُعْتَبَرُ اعْتِدَال الرِّيحِ عَلَى الْمُضِيِّ بِهِ، فَيُعْتَبَرُ فِي كُل ذَلِكَ السَّيْرُ الْمُعْتَادُ فِيهِ وَذَلِكَ مَعْلُومٌ عِنْدَ النَّاسِ فَيُرْجَعُ إِلَيْهِمْ عِنْدَ الاِشْتِبَاهِ. /. / 50 وَخَرَجَ سَيْرُ الْبَقَرِ يَجُرُّ الْعَجَلَةَ وَنَحْوُهُ؛ لأَِنَّهُ أَبْطَأُ السَّيْرِ، كَمَا أَنَّ أَسْرَعَهُ سَيْرُ الْفَرَسِ وَالْبَرِيدِ، حَتَّى لَوْ كَانَتِ الْمَسَافَةُ ثَلاَثًا بِالسَّيْرِ الْمُعْتَادِ فَسَارَ إِلَيْهَا عَلَىالْفَرَسِ جَرْيًا حَثِيثًا فَوَصَل فِي يَوْمَيْنِ أَوْ أَقَل قَصَرَ (12) .
ب - الْقَصْدُ:
8 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي السَّفَرِ الَّذِي تَتَغَيَّرُ بِهِ الأَْحْكَامُ قَصْدُ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ عِنْدَ ابْتِدَاءِ السَّفَرِ، فَلاَ قَصْرَ وَلاَ فِطْرَ لِهَائِمٍ عَلَى وَجْهِهِ لاَ يَدْرِي أَيْنَ يَتَوَجَّهُ، وَلاَ لِتَائِهٍ ضَال الطَّرِيقِ، وَلاَ لِسَائِحٍ لاَ يَقْصِدُ مَكَانًا مُعَيَّنًا. وَكَذَا لَوْ خَرَجَ أَمِيرٌ مَعَ جَيْشِهِ فِي طَلَبِ الْعَدُوِّ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيْنَ يُدْرِكُهُمْ، فَإِنَّهُ يُتِمُّ وَإِنْ طَالَتِ الْمُدَّةُ أَوِ الْمُكْثُ، وَمِثْلُهُ طَالِبُ غَرِيمٍ وَآبِقٍ يَرْجِعُ مَتَى وَجَدَهُ وَلاَ يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ، وَإِنْ طَال سَفَرُهُ (13) .
وَهَذَا فِيمَنْ كَانَ مُسْتَقِلًّا بِرَأْيِهِ، أَمَّا التَّابِعُ لِغَيْرِهِ كَالزَّوْجَةِ مَعَ زَوْجِهَا، وَالْجُنْدِيِّ مَعَ الأَْمِيرِ فَفِيهِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (صَلاَة الْمُسَافِرِ) . ج - مُفَارَقَةُ مَحِل الإِْقَامَةِ:
9 - يُشْتَرَطُ فِي السَّفَرِ الَّذِي تَتَغَيَّرُ بِهِ الأَْحْكَامُ مُفَارَقَةُ بُيُوتِ الْمِصْرِ فَلاَ يَصِيرُ مُسَافِرًا قَبْل الْمُفَارَقَةِ.
قَال الْحَنَفِيَّةُ: وَيُشْتَرَطُ مُفَارَقَةُ مَا كَانَ مِنْ تَوَابِعِ مَوْضِعِ الإِْقَامَةِ كَرُبَضِ الْمِصْرِ. وَهُوَ مَا حَوْل الْمَدِينَةِ مِنْ بُيُوتٍ وَمَسَاكِنَ فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ الْمِصْرِ. وَكَذَا الْقُرَى الْمُتَّصِلَةُ بِالرُّبَضِ فِي الصَّحِيحِ، بِخِلاَفِ الْبَسَاتِينِ وَلَوْ مُتَّصِلَةً بِالْبِنَاءِ لأَِنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْبَلْدَةِ، وَلَوْ سَكَنَهَا أَهْل الْبَلْدَةِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ أَوْ بَعْضِهَا، كَمَا أَنَّهُ لاَ يُعْتَبَرُ سُكْنَى الْحَفَظَةِ وَالأَْكَرَةِ اتِّفَاقًا.
وَأَمَّا الْفِنَاءُ وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُعَدُّ لِمَصَالِحِ الْبَلَدِ كَرَكْضِ الدَّوَابِّ وَدَفْنِ الْمَوْتَى وَإِلْقَاءِ التُّرَابِ، فَإِنِ اتَّصَل بِالْمِصْرِ اعْتُبِرَتْ مُجَاوَزَتُهُ لاَ إِنِ انْفَصَل بِمَزْرَعَةٍ بِقَدْرِ ثَلاَثِمِائَةِ إِلَى أَرْبَعِمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَالْقَرْيَةُ الْمُتَّصِلَةُ بِالْفِنَاءِ دُونَ الرُّبَضِ لاَ تُعْتَبَرُ مُجَاوَزَتُهَا عَلَى الصَّحِيحِ.
وَالْمُعْتَبَرُ الْمُجَاوَزَةُ مِنَ الْجَانِبِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى لَوْ جَاوَزَ عُمْرَانَ الْمِصْرِ قَصَرَ، وَإِنْ كَانَ بِحِذَائِهِ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ أَبْنِيَةٌ.
وَاشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ مُجَاوَزَةَ الْبَسَاتِينِ إِذَا سَافَرَ مِنْ نَاحِيَتِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِ نَاحِيَتِهَا وَإِنْ مُحَاذِيًا لَهَا، وَإِلاَّ فَيَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ مُجَاوَزَةِ الْبُيُوتِ.وَقَال الْبُنَانِيُّ: لاَ يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ إِلاَّ إِذَا سَافَرَ مِنْ نَاحِيَتِهَا، وَإِنْ سَافَرَ مِنْ غَيْرِ نَاحِيَتِهَا فَلاَ تُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا وَلَوْ كَانَ مُحَاذِيًا لَهَا إِذْ غَايَةُ الْبَسَاتِينِ أَنْ تَكُونَ كَجُزْءٍ مِنَ الْبَلَدِ.
قَال الدُّسُوقِيُّ: مِثْل الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ الْقَرْيَتَانِ اللَّتَانِ يَرْتَفِقُ أَهْل أَحَدِهِمَا بِأَهْل الأُْخْرَى بِالْفِعْل، وَإِلاَّ فَكُل قَرْيَةٍ تُعْتَبَرُ بِمُفْرَدِهَا، وَإِذَا كَانَ بَعْضُ سَاكِنِيهَا يَرْتَفِقُ بِالْبَلَدِ الأُْخْرَى كَالْجَانِبِ الأَْيْمَنِ دُونَ الآْخَرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهَا كُلَّهَا كَحُكْمِ الْمُتَّصِلَةِ. ثُمَّ إِنَّ الْعِبْرَةَ عِنْدَهُمْ بِالْبَسَاتِينِ الْمُتَّصِلَةِ وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ يَرْتَفِقَ سُكَّانُهَا بِالْبَلَدِ الْمَسْكُونَةِ بِالأَْهْل وَلَوْ فِي بَعْضِ الْعَامِّ ارْتِفَاقَ الاِتِّصَال، مِنْ نَارٍ وَطَبْخٍ وَخَبْزٍ.
أَمَّا الْبَسَاتِينُ الْمُنْفَصِلَةُ أَوْ غَيْرُ الْمَسْكُونَةِ فَلاَ عِبْرَةَ بِهَا، وَلاَ عِبْرَةَ أَيْضًا بِالْحَارِسِ وَالْعَامِل فِيهَا.
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ إِذَا كَانَ لِلْبَلَدِ سُورٌ فَأَوَّل سَفَرِهِ مُجَاوَزَةُ سُورِهَا، وَلَوْ مُتَعَدِّدًا أَوْ كَانَ دَاخِلَهُ مَزَارِعُ أَوْ خَرَابٌ؛ إِذْ مَا فِي دَاخِل السُّورِ مَعْدُودٌ مِنْ نَفْسِ الْبَلَدِ مَحْسُوبٌ مِنْ مَوْضِعِ الإِْقَامَةِ. وَإِنْ كَانَ لَهَا بَعْضُ سُورٌ وَهُوَ صَوْبُ مَقْصِدِهِ اشْتُرِطَتْ مُجَاوَزَتُهُ، وَلَوْ كَانَ السُّورُ مُتَهَدِّمًا وَبَقِيَتْ لَهُ بَقَايَا اشْتُرِطَتْ مُجَاوَزَتُهُ أَيْضًا وَإِلاَّ فَلاَ. وَالْخَنْدَقُ فِي الْبَلْدَةِالَّتِي لاَ سُورَ لَهَا كَالسُّورِ، وَبَعْضُهُ كَبَعْضِهِ، وَلاَ أَثَرَ لَهُ مَعَ وُجُودِ السُّورِ. وَيَلْحَقُ بِالسُّورِ تَحْوِيطَةُ أَهْل الْقُرَى عَلَيْهَا بِتُرَابٍ وَنَحْوِهِ. وَلاَ تُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْعِمَارَةِ وَرَاءَ السُّورِ فِي الأَْصَحِّ لِعَدَمِ عَدِّهَا مِنَ الْبَلَدِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَلَدِ سُوْرٌ أَصْلاً، أَوْ فِي جِهَةِ مَقْصِدِهِ، أَوْ كَانَ لَهَا سُورٌ غَيْرُ خَاصٍّ بِهَا، وَكَقُرَى مُتَفَاصِلَةٍ جَمَعَهَا سُورٌ وَلَوْ مَعَ التَّقَارُبِ، فَأَوَّل سَفَرِهِ مُجَاوَزَةُ الْعُمْرَانِ. وَلَوْ تَخَلَّلَهُ خَرَابٌ لاَ أُصُول أَبْنِيَةٍ بِهِ أَوْ نَهْرٌ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ لِكَوْنِهِ مَحَل الإِْقَامَةِ، أَمَّا الْخَرَابُ خَارِجَ الْعُمْرَانِ الَّذِي لَمْ تَبْقَ أُصُولُهُ أَوْ هَجَرُوهُ بِالتَّحْوِيطِ عَلَيْهِ أَوِ اتَّخَذُوهُ مَزَارِعَ فَلاَ تُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ، كَمَا لاَ تُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ وَالْمَزَارِعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنِ اتَّصَلَتْ بِمَا سَافَرَ مِنْهُ أَوْ كَانَتْ مَحُوطَةً لأَِنَّهَا لاَ تُتَّخَذُ لِلإِْقَامَةِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ بِهَا قُصُورٌ أَمْ دُورٌ تُسْكَنُ فِي بَعْضِ فُصُول السَّنَةِ أَوْ لاَ. وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْقَرْيَتَيْنِ الْمُتَّصِلَتَيْنِ عُرْفًا كَبَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنِ اخْتَلَفَ اسْمُهُمَا وَإِلاَّ اكْتَفَى بِمُجَاوَزَةِ قَرْيَةِ الْمُسَافِرِ.
وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ تُشْتَرَطُ مُفَارَقَةُ بُيُوتِ قَرْيَتِهِ الْعَامِرَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ دَاخِل السُّورِ أَوْ خَارِجَهُ، فَيَقْصُرُ إِذَا فَارَقَهَا بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمُفَارَقَةِ بِنَوْعِ الْبُعْدِ عُرْفًا؛ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا أَبَاحَ الْقَصْرَ لِمَنْ ضَرَبَ فِي الأَْرْضِ. وَقَبْلمُفَارَقَتِهِ مَا ذُكِرَ لاَ يَكُونُ ضَارِبًا فِيهَا وَلاَ مُسَافِرًا؛ وَلأَِنَّ ذَلِكَ أَحَدُ طَرَفَيِ السَّفَرِ أَشْبَهَ حَالَةَ الاِنْتِهَاءِ.
وَلأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ إِنَّمَا كَانَ يَقْصُرُ إِذَا ارْتَحَل، وَلاَ تُعْتَبَرُ مُفَارَقَةُ الْخَرَابِ وَإِنْ كَانَتْ حِيطَانُهُ قَائِمَةً إِنْ لَمْ يَلِهِ عَامِرٌ فَإِنْ وَلِيَهُ عَامِرٌ اعْتُبِرَتْ مُفَارَقَةُ الْجَمِيعِ. وَكَذَا لَوْ جُعِل الْخَرَابُ مَزَارِعَ وَبَسَاتِينَ يَسْكُنُهُ أَهْلُهُ وَلَوْ فِي فَصْل النُّزْهَةِ فَلاَ يَقْصُرُ حَتَّى يُفَارِقَهُ. وَلَوْ كَانَتْ قَرْيَتَانِ مُتَدَانِيَتَيْنِ وَاتَّصَل بِنَاءُ إِحْدَاهُمَا بِالأُْخْرَى فَهُمَا كَالْوَاحِدَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَّصِل فَلِكُل قَرْيَةٍ حُكْمُ نَفْسِهَا.
وَأَمَّا مَسَاكِنُ الْخِيَامِ فَقَدْ صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ أَوَّل سَفَرِهِ مُجَاوَزَةُ حِلَّتِهِ. قَال الشَّافِعِيَّةُ الْحِلَّةُ بُيُوتٌ مُجْتَمَعَةٌ أَوْ مُتَفَرِّقَةٌ بِحَيْثُ يَجْتَمِعُ أَهْلُهَا لِلسَّمَرِ فِي نَادٍ وَاحِدٍ، وَيَسْتَعِيرُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الْحِلَّةُ مَنْزِل قَوْمِهِ، فَالْحِلَّةُ وَالْمَنْزِل بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَمَذْهَبُهُمْ أَنَّهُ تُشْتَرَطُ مُفَارَقَةُ بُيُوتِ الْحِلَّةِ وَلَوْ تَفَرَّقَتْ، حَيْثُ جَمَعَهُمُ اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ أَوِ الدَّارِ فَقَطْ، بِمَعْنَى أَنَّهُ إِذَا جَمَعَهُمُ اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ أَوِ الدَّارِ فَقَطْ فَإِنَّهُ لاَ يَقْصُرُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ إِلاَّ إِذَا جَاوَزَ جَمِيعَالْبُيُوتِ. وَأَمَّا لَوْ جَمَعَهُمُ اسْمُ الْحَيِّ فَقَطْ دُونَ الدَّارِ بِأَنْ كَانَتْ كُل فِرْقَةٍ فِي دَارٍ فَإِنَّهَا تُعْتَبَرُ كُل دَارٍ عَلَى حِدَتِهَا حَيْثُ كَانَ لاَ يَرْتَفِقُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، وَإِلاَّ فَهُمْ كَأَهْل الدَّارِ الْوَاحِدَةِ. وَكَذَا إِذَا لَمْ يَجْمَعْهُمُ اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ إِذَا جَاوَزَ بُيُوتَ حِلَّتِهِ هُوَ. وَالْمُرَادُ بِالْحَيِّ عِنْدَهُمُ الْقَبِيلَةُ، وَبِالدَّارِ الْمَنْزِل الَّذِي يَنْزِلُونَ فِيهِ. وَمَحَل مُجَاوَزَةِ الْحِلَّةِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ حَيْثُ كَانَ بِمُسْتَوٍ.
فَإِنْ كَانَتْ بَوَادٍ وَمُسَافِرٌ فِي عَرْضِهِ، أَوْ بِرَبْوَةٍ أَوْ وَحْدَةٍ، اشْتُرِطَتْ مُجَاوَزَةُ الْعَرْضِ وَمَحَل الصُّعُودِ وَالْهُبُوطِ إِنْ كَانَتِ الثَّلاَثَةُ مُعْتَدِلَةً، وَإِلاَّ بِأَنْ أَفْرَطَتْ سَعَتُهَا أَوْ كَانَتْ بِبَعْضِ الْعَرْضِ اكْتُفِيَ بِمُجَاوَزَةِ الْحِلَّةِ. قَالُوا: وَلاَ بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ مَرَافِقِهَا أَيْضًا كَمَلْعَبِ صِبْيَانٍ وَنَادٍ وَمَطْرَحِ رَمَادٍ وَمَعْطِنِ إِبِلٍ، وَكَذَا مَاءٌ وَحَطَبٌ اخْتَصَّا بِهَا.
وَأَمَّا سَاكِنُ الْجِبَال وَمَنْ نَزَل بِمَحَلٍّ فِي بَادِيَةٍ وَحْدَهُ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي سَفَرِهِ مُجَاوَزَةُ مَحَلِّهِ.
وَقَدْ صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ سُكَّانَ الْبَسَاتِينِ وَنَحْوَهُمْ كَأَهْل الْعِزَبِ يُشْتَرَطُ فِي سَفَرِهِمِ الاِنْفِصَال عَنْ مَسَاكِنِهِمْ.قَال الْمَالِكِيَّةُ: سَوَاءٌ أَكَانَتْ تِلْكَ الْبَسَاتِينُ مُتَّصِلَةً بِالْبَلَدِ أَمْ مُنْفَصِلَةً عَنْهَا. وَاعْتَبَرَ الْحَنَابِلَةُ الْعُرْفَ فِي ذَلِكَ فَقَالُوا: لِيَصِيرُوا مُسَافِرِينَ لاَ بُدَّ مِنْ مُفَارَقَةِ مَا نُسِبُوا إِلَيْهِ بِمَا يُعَدُّ مُفَارَقَةً عُرْفًا.
وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي سَفَرِ الْبَحْرِ الْمُتَّصِل سَاحِلُهُ بِالْبَلَدِ جَرْيُ السَّفِينَةِ أَوِ الزَّوْرَقِ إِلَيْهَا. قَال ابْنُ حَجَرٍ: وَإِنْ كَانَ فِي هَوَاءِ الْعُمْرَانِ كَمَا اقْتَضَاهُ إِطْلاَقُهُمْ (14) .
د - أَلاَّ يَكُونَ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ:
10 - اشْتَرَطَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْمَالِكِيَّةُ عَلَى الرَّاجِحِ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - فِي السَّفَرِ الَّذِي تَتَغَيَّرُ بِهِ الأَْحْكَامُ أَلاَّ يَكُونَ الْمُسَافِرُ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ كَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَنَاشِزَةٍ وَعَاقٍّ وَمُسَافِرٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ قَادِرٌ عَلَى وَفَائِهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ غَرِيمِهِ.
إِذْ مَشْرُوعِيَّةُ التَّرَخُّصِ فِي السَّفَرِ لِلإِْعَانَةِ.
وَالْعَاصِي لاَ يُعَانُ؛ لأَِنَّ الرُّخَصَ لاَ تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي، وَمِثْلُهُ مَا إِذَا انْتَقَل مِنْ سَفَرِهِ الْمُبَاحِ إِلَى سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ بِأَنْ أَنْشَأَ سَفَرًا مُبَاحًا ثُمَّ قَصَدَ سَفَرًا مُحَرَّمًا.
وَالْمُرَادُ بِالْمُسَافِرِ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ أَوْ سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ أَنْ يَكُونَ الْحَامِل عَلَى السَّفَرِ نَفْسَ الْمَعْصِيَةِ كَمَا فِي الأَْمْثِلَةِ السَّابِقَةِ. وَقَدْ أَلْحَقَ الْحَنَابِلَةُ بِسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ السَّفَرَ الْمَكْرُوهَ فَلاَ يَتَرَخَّصُ الْمُسَافِرُ عِنْدَهُمْ إِذَا كَانَ مُسَافِرًا لِفِعْلٍ مَكْرُوهٍ، وَفِي مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ خِلاَفٌ فِي التَّرَخُّصِ فِي السَّفَرِ الْمَكْرُوهِ فَقِيل بِالْمَنْعِ وَقِيل بِالْجَوَازِ. قَال ابْنُ شَعْبَانَ: إِنْ قَصَرَ لَمْ يُعِدْ لِلاِخْتِلاَفِ فِيهِ.
ثُمَّ إِنَّهُ مَتَى تَابَ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ فِي أَثْنَائِهِ فَإِنَّهُ يَتَرَخَّصُ بِسَفَرِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ مَعْصِيَةٌ. وَيَكُونُ أَوَّل سَفَرِهِ مِنْ حِينِ التَّوْبَةِ.
وَعَلَى هَذَا فَإِنْ كَانَ بَيْنَ مَحَل التَّوْبَةِ وَمَقْصِدِهِ مَرْحَلَتَانِ قَصَرَ، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي دُونَهَا فَلاَ قَصْرَ. وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْمَالِكِيَّةُ لِذِكْرِ الْمَسَافَةِ فِي حَال التَّوْبَةِ.
وَعِنْدَ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ يَجُوزُ التَّرَخُّصُ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ.
وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْحَنَفِيَّةُ هَذَا الشَّرْطَ، فَلِلْمُسَافِرِ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ أَنْ يَتَرَخَّصَ بِرُخَصِ السَّفَرِكُلِّهَا لإِِطْلاَقِ نُصُوصِ الرُّخَصِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (15) وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَال: فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاَةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ (16) قَالُوا: وَلأَِنَّ الْقَبِيحَ الْمُجَاوِرَ - أَيِ الْمَعْصِيَةَ - لاَ يُعْدِمُ الْمَشْرُوعِيَّةَ، بِخِلاَفِ الْقَبِيحِ لِعَيْنِهِ وَضْعًا كَالْكُفْرِ، أَوْ شَرْعًا كَبَيْعِ الْحُرِّ، فَإِنَّهُ يُعْدِمُ الْمَشْرُوعِيَّةَ.
كَمَا أَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَيْسَتْ سَبَبًا لِلرُّخْصَةِ وَالسَّبَبُ هُوَ السَّفَرُ، وَالْمَعْصِيَةُ لَيْسَتْ عَيْنَ السَّفَرِ، وَقَدْ وُجِدَ السَّفَرُ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الرُّخْصَةِ.
وَأَمَّا الْعَاصِي فِي سَفَرِهِ وَهُوَ مَنْ يَقْصِدُ سَفَرًا مُبَاحًا ثُمَّ تَطْرَأُ عَلَيْهِ مَعْصِيَةٌ يَرْتَكِبُهَا فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَتَرَخَّصُ فِي سَفَرِهِ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَقْصِدِ السَّفَرَ لِلْمَعْصِيَةِ وَلأَِنَّ سَبَبَ تَرَخُّصِهِ - وَهُوَ السَّفَرُ - مُبَاحٌ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا (17) . الأَْحْكَامُ الَّتِي تَتَغَيَّرُ فِي السَّفَرِ:
الأَْحْكَامُ الَّتِي تَتَغَيَّرُ فِي السَّفَرِ مِنْهَا مَا يَكُونُ لِلتَّخْفِيفِ عَنِ الْمُسَافِرِ، وَمِنْهَا مَا لاَ يَكُونُ كَذَلِكَ.
أَوَّلاً: مَا يَكُونُ لِلتَّخْفِيفِ عَنِ الْمُسَافِرِ:
أ - امْتِدَادُ مُدَّةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ:
11 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - إِلَى أَنَّ السَّفَرَ يَمُدُّ مُدَّةَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ إِلَى ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ يَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ.
لِمَا رَوَى شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ قَال: سَأَلْتُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَتْ: سَل عَلِيًّا، فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَسَأَلْتُهُ فَقَال: جَعَل رَسُول اللَّهِ ﷺ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ (18) .
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ الْمُسَافِرَ الْعَاصِيَ بِسَفَرِهِ يَمْسَحُ مُدَّةَ الْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً؛ لأَِنَّهُ مُقِيمٌ حُكْمًا. وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ الْمَسْحَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهَا فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ.
وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ مِنَ الزَّمَنِ مَا لَمْ يَخْلَعْهُ أَوْ يَحْدُثْ لَهُ مَا يُوجِبُ الْغُسْل، وَنَحْوُهُ اخْتِيَارُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ فِي الْمُسَافِرِ الَّذِي يَشُقُّ اشْتِغَالُهُ بِالْخَلْعِ وَاللُّبْسِ، كَالْبَرِيدِ الْمُجَهَّزِ فِي مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ (19) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (مَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ) .
ب - قَصْرُ الصَّلاَةِ وَجَمْعُهَا:
12 - أَجْمَعُ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ قَصْرِ الصَّلاَةِ فِي السَّفَرِ (20) . لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَْرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} (21) وَلِمَا رَوَى يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ قَال: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ. قَال. عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَسَأَلْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ فَقَال: صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ (22) . وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - إِلَى أَنَّ السَّفَرَ مِنَ الأَْعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِجَمْعِ الصَّلَوَاتِ. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لاَ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ فَرِيضَتَيْنِ إِلاَّ فِي عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ. فَيُجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ بِعَرَفَةَ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ (23) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (صَلاَة الْمُسَافِرِ) .
ج - سُقُوطُ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ:
13 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الإِْقَامَةَ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ، وَعَلَى هَذَا فَلاَ تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى الْمُسَافِرِ لِقَوْل النَّبِيِّ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، إِلاَّ مَرِيضٌ أَوْ مُسَافِرٌ أَوِ امْرَأَةٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَمْلُوكٌ (24) وَلأَِنَّ النَّبِيَّ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يُسَافِرُونَ فِي الْجَمْعِ وَغَيْرِهِ فَلَمْ يُصَل أَحَدٌ مِنْهُمُ الْجُمُعَةَ فِيهِ مَعَ اجْتِمَاعِ الْخَلْقِ الْكَثِيرِ، وَلأَِنَّ الْمُسَافِرَ يُحْرَجُ فِي حُضُورِ الْجُمُعَةِ (25) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (صَلاَة الْجُمُعَةِ) .
د - التَّنَفُّل عَلَى الرَّاحِلَةِ:
14 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ التَّنَفُّل عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السَّفَرِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَانَ يُوتِرُ عَلَى الْبَعِيرِ (26) (27) ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (تَطَوُّع) . هـ - جَوَازُ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ:
15 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ السَّفَرَ بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ هُوَ مِنَ الأَْعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِلْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ، فَيَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُفْطِرَ فِي رَمَضَانَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (28) وَقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ (29)
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (صَوْم) .
ثَانِيًا: أَحْكَامُ السَّفَرِ لِغَيْرِ التَّخْفِيفِ:
أ - حُكْمُ انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ بِالْمُسَافِرِ:
16 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - إِلَى أَنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ الاِسْتِيطَانَ، فَلاَ تَصِحُّ الْجُمُعَةُ بِالْمُسَافِرِ وَلاَ تَنْعَقِدُ بِهِ، أَيْ لاَ يَكْمُل بِهِ نِصَابُهَا.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ بِالْمُسَافِرِ (30) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (صَلاَةِ الْجُمُعَةِ) .
ب - تَحْرِيمُ السَّفَرِ عَلَى الْمَرْأَةِ إِلاَّ مَعَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ:
17 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُسَافِرَ بِمُفْرَدِهَا، وَأَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ وُجُودِ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ مَعَهَا (31) . لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: لاَ يَحِل لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَيْسَ مَعَهَا حُرْمَةٌ (32) ، وَلِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ مَرْفُوعًا: لاَ تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلاَ يَدْخُل عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلاَّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ، فَقَال رَجُلٌ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ. قَال: اخْرُجْ مَعَهَا (33) .
18 - وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ سَفَرِ الْمَرْأَةِ بِدُونِ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ. الْمُهَاجِرَةُ وَالأَْسِيرَةُ. فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَسْلَمَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَزِمَهَا الْخُرُوجُ مِنْهَا إِلَى دَارِ الإِْسْلاَمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ، وَكَذَا إِذَا أَسَرَهَا الْكُفَّارُ وَأَمْكَنَهَا أَنْ تَهْرُبَ مِنْهُمْ فَلَهَا أَنْ تَخْرُجَ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ، وَلاَ يَعْتَبِرُ الْحَنَفِيَّةُ خُرُوجَ الْمَرْأَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ سَفَرًا. قَال الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ: لأَِنَّهَا لاَ تَقْصِدُ مَكَانًا مُعَيَّنًا بَل النَّجَاةَ خَوْفًا مِنَ الْفِتْنَةِ، فَقَطْعُهَا الْمَسَافَةَ كَقَطْعِ السَّائِحِ.
وَلِذَا إِذَا وَجَدَتْ مَأْمَنًا كَعَسْكَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَجَبَ أَنْ تُقِرَّ وَلاَ تُسَافِرَ إِلاَّ بِزَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ. عَلَى أَنَّهَا لَوْ قَصَدَتْ مَكَانًا مُعَيَّنًا لاَ يُعْتَبَرُ قَصْدُهَا وَلاَ يَثْبُتُ السَّفَرُ بِهِ؛ لأَِنَّ حَالَهَا - وَهُوَ ظَاهِرُ قَصْدِ مُجَرَّدِ التَّخَلُّصِ - يُبْطِل تَحْرِيمَتَهَا.
قَال الدُّسُوقِيُّ: إِنْ كَانَ يَحْصُل لَهَا ضَرَرٌ بِكُلٍّ مِنْ إقَامَتِهَا وَخُرُوجِهَا دُونَ رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ، خُيِّرَتْ إِنْ تَسَاوَى الضَّرَرَانِ (34) .
كَمَا أَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُسَافِرَ لِلْحَجِّ الْوَاجِبِ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ.
وَلَمْ يَقُل بِذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ رُفْقَة ف 9 (22 299) وَأَلْحَقَ الْمَالِكِيَّةُ بِالْحَجِّ سَفَرَهَا الْوَاجِبَ، فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ مِنَ النِّسَاءِ الثِّقَاتِ فِي كُل سَفَرٍ يَجِبُ عَلَيْهَا.
قَال الْبَاجِيُّ: وَلَعَل هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنَّمَا هُوَ فِي الاِنْفِرَادِ وَالْعَدَدِ الْيَسِيرِ، فَأَمَّا فِي الْقَوَافِل الْعَظِيمَةِ وَالطُّرُقِ الْمُشْتَرَكَةِ الْعَامِرَةِ الْمَأْمُونَةِ فَإِنَّهَا عِنْدِي مِثْل الْبِلاَدِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الأَْسْوَاقُ وَالتُّجَّارُ فَإِنَّ الأَْمْنَ يَحْصُل لَهَا دُونَ ذِي مَحْرَمٍ وَلاَ امْرَأَةٍ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ الأَْوْزَاعِيِّ. قَال الْحَطَّابُ: وَذَكَرَهُ الزَّنَاتِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ فَيُقَيَّدُ بِهِ كَلاَمُ غَيْرِهِ. أَمَّا سَفَرُهَا فِي التَّطَوُّعِ فَلاَ يَجُوزُ إِلاَّ مَعَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ (35) .
كَمَا أَجَازَ الْفُقَهَاءُ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فِي سَفَرِهَا أَنْ تُسَافِرَ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ.
قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ فِي السَّفَرِ، فَإِنْ كَانَ الطَّلاَقُ رَجْعِيًّا فَإِنَّهَا تَتْبَعُ زَوْجَهَا حَيْثُ مَضَى لأَِنَّ النِّكَاحَ قَائِمٌ، وَإِنْ كَانَ بَائِنًا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ كُلٍّ مِنْ مِصْرِهَا وَمَقْصِدِهَا أَقَل مِنَ السَّفَرِ، فَإِنْ شَاءَتْ مَضَتْ إِلَى الْمَقْصِدِ وَإِنْ شَاءَتْ رَجَعَتْ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي مِصْرٍ أَوْ لاَ، مَعَهَا مَحْرَمٌ أَوْ لاَ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ إنْشَاءُ سَفَرٍ، وَخُرُوجُ الْمُطَلَّقَةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا مَا دُونَ السَّفَرِ مُبَاحٌ إِذَا مَسَّتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ بِمَحْرَمٍ وَبِغَيْرِهِ، إِلاَّ أَنَّ الرُّجُوعَ أَوْلَى لِيَكُونَ الاِعْتِدَادُ فِي مَنْزِل الزَّوْجِ. فَإِنْ كَانَتْ مَسَافَةُ أَحَدِهِمَا أَقَل تَعَيَّنَ، وَنَحْوُهُ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ إِلاَّ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ مُضِيَّهَا فِي سَفَرِهَا لاَ يَجُوزُ إِلاَّ إِذَا كَانَ مَعَهَا مَحْرَمٌ، لَكِنْ إِنْ كَانَ فِي رُجُوعِهَا خَوْفٌ أَوْ ضَرَرٌ فَلَهَا الْمُضِيُّ فِي سَفَرِهَا.
وَأَوْجَبَ الْمَالِكِيَّةُ عَلَيْهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى مَنْزِلِهَا إِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنَ الْعِدَّةِ وَلَكِنْ مَعَ ثِقَةٍ وَلَوْ غَيْرَ مَحْرَمٍ، وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الأَْفْضَل عَوْدُ الْمَرْأَةِ إِلَى بَيْتِهَا وَلاَ يَلْزَمُهَا ذَلِكَ إِنْ مَاتَ زَوْجُهَا وَهُمَا فِي السَّفَرِ (36) .
حُكْمُ السَّفَرِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ:
19 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ السَّفَرِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الزَّوَال لِمَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ؛ لأَِنَّ وُجُوبَهَا تَعَلَّقَ بِهِ بِمُجَرَّدِ دُخُول الْوَقْتِ، فَلاَ يَجُوزُ لَهُ تَفْوِيتُهُ. وَالْحُكْمُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الْكَرَاهَةُ التَّحْرِيمِيَّةُ، وَحَدَّدُوا ذَلِكَ بِالنِّدَاءِ الأَْوَّل. وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ مَا إِذَا تَمَكَّنَ الْمُسَافِرُ مِنْ أَدَاءِ الْجُمُعَةِ فِي طَرِيقِهِ أَوْ مَقْصِدِهِ، فَلاَ يَحْرُمُ حِينَئِذٍ لِحُصُول الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ. كَمَا اسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ التَّضَرُّرَ مِنْ فَوْتِ الرُّفْقَةِ، فَلاَ يَحْرُمُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ.
وَأَمَّا السَّفَرُ قَبْل الزَّوَال، فَهُوَ مَحَل خِلاَفٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى كَرَاهَةِ السَّفَرِ قَبْل الزَّوَال؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: مَنْ سَافَرَ مِنْ دَارِ إقَامَةٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ دَعَتْ عَلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ أَنْ لاَ يُصْحَبَ فِي سَفَرِهِ، وَلاَ يُعَانَ فِي حَاجَتِهِ (37)
قَال الْمَالِكِيَّةُ: بَعْدَ فَجْرِ يَوْمِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ خِلاَفًا لِمَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ بِإِبَاحَتِهِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْل الزَّوَال إِلاَّ إِذَا أَتَى بِهَا فِي طَرِيقِهِ فَلاَ يُكْرَهُ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى جَوَازِ السَّفَرِ قَبْل الزَّوَال بِلاَ خِلاَفٍ عِنْدَهُمْ، وَكَذَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهَا.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى تَحْرِيمِ السَّفَرِ قَبْل الزَّوَال أَيْضًا - وَأَوَّلُهُ الْفَجْرُ - لِوُجُوبِ السَّعْيِ عَلَى بَعِيدِ الْمَنْزِل قَبْلَهُ، وَالْجُمُعَةُ مُضَافَةٌ إِلَى الْيَوْمِ. فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْجُمُعَةُ فِي طَرِيقِهِ أَوْ تَضَرَّرَ بِتَخَلُّفِهِ جَازَ وَإِلاَّ فَلاَ. وَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ مُبَاحًا أَوْ طَاعَةً فِي الأَْصَحِّ (38) .
كَمَا يُكْرَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ السَّفَرُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِخَبَرِ مَنْ سَافَرَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ دَعَا عَلَيْهِ مَلَكَاهُ (39) .
سَفَرُ الْمَدِينِ:
20 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ - فِي الْجُمْلَةِ - عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ أَنْ يُسَافِرَ بِغَيْرِ إِذْنِ دَائِنِهِ.
وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ لِلدَّائِنِ أَنْ يَمْنَعَ الْمَدِينَ مِنَ السَّفَرِ إِذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا، وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي الدَّيْنِ الْمُؤَجَّل إِلاَّ إِذَا كَانَ سَفَرُهُ طَوِيلاً وَيَحِل الدَّيْنُ فِي أَثْنَائِهِ.
وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، إِلاَّ أَنَّهُمْ أَجَازُوا لَهُ السَّفَرَ إِذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَلَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى الْوَفَاءِ.
وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ السَّفَرَ إِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلاً مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ الأَْجَل قَرِيبًا أَمْ بَعِيدًا (40) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (غَرِيم) (وَدَيْن) .
آدَابُ السَّفَرِ:
21 - لِلسَّفَرِ آدَابٌ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا:
(40) إِذَا اسْتَقَرَّ عَزْمُ الْمُسَافِرِ عَلَى السَّفَرِ لِحَجٍّ أَوْ غَزْوٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأَ بِالتَّوْبَةِ مِنْ جَمِيعِ الْمَعَاصِي، وَيَخْرُجَ مِنْ مَظَالِمِ الْخَلْقِ، وَيَقْضِيَ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ دُيُونِهِمْ، وَيَرُدَّ الْوَدَائِعَ، وَيَسْتَحِل كُل مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُعَامَلَةٌ فِي شَيْءٍ أَوْ مُصَاحَبَةٌ، وَيَكْتُبَ وَصِيَّتَهُ وَيُشْهِدَ عَلَيْهَا، وَيُوَكِّل مَنْ يَقْضِي مَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ قَضَائِهِ مِنْ دُيُونِهِ، وَيَتْرُكَ نَفَقَةً لأَِهْلِهِ وَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ إِلَى حِينِ رُجُوعِهِ.
وَمِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَسْتَخِيرَ اللَّهَ تَعَالَى فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ غَيْرَ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَدْعُوَ بِدُعَاءِ الاِسْتِخَارَةِ يُنْظَرُ (اسْتِخَارَة) وَيَنْبَغِي إِرْضَاءُ وَالِدَيْهِ وَمَنْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ بِرُّهُ وَطَاعَتُهُ.
(42) يُسْتَحَبُّ أَنْ يُرَافِقَ فِي سَفَرِهِ مَنْ هُوَ مُوَافِقٌ رَاغِبٌ فِي الْخَيْرِ كَارِهًا لِلشَّرِّ، إِنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُرَافِقَ فِي سَفَرِهِ جَمَاعَةً؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - ﵄ - قَال: " قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ لَوْ أَنَّ النَّاسَ يَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ مِنَ الْوَحْدَةِ مَا سَرَى رَاكِبٌ بِلَيْلٍ. يَعْنِي وَحْدَهُ (43) .
(44) يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَإِنْ فَاتَهُ فَيَوْمَ الاِثْنَيْنِ، وَأَنْ يَكُونَ بَاكِرًا، وَدَلِيل الْخَمِيسِ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ (45) وَفِي رِوَايَةٍ: أَقَل مَا كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَخْرُجُ إِلاَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَدَلِيل يَوْمِ الاِثْنَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ هَاجَرَ مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ (46) وَدَلِيل الْبُكُورِ حَدِيثُ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُِمَّتِي فِي بُكُورِهَا. قَال: وَكَانَ إِذَا بَعَثَ جَيْشًا أَوْ سَرِيَّةً بَعَثَهُمْ أَوَّل النَّهَارِ، وَكَانَ صَخْرٌ تَاجِرًا وَكَانَ إِذَا بَعَثَ تُجَّارَهُ بَعَثَهُمْ أَوَّل النَّهَارِ، فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ (47) .
وَيُسْتَحَبُّ السُّرَى فِي آخِرِ اللَّيْل لِحَدِيثِ أَنَسٍ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ عَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ فَإِنَّ الأَْرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْل (48) . وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ إِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَنْزِلِهِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِي الأُْولَى {قُل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَفِي الثَّانِيَةِ {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فَفِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَال: مَا خَلَّفَ عَبْدٌ عَلَى أَهْلِهِ أَفْضَل مِنْ رَكْعَتَيْنِ يَرْكَعُهُمَا عِنْدَهُمْ حِينَ يُرِيدُ السَّفَرَ (49) وَعَنْ أَنَسٍ قَال: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ لاَ يَنْزِل مَنْزِلاً إِلاَّ وَدَّعَهُ بِرَكْعَتَيْنِ (50)
(51) يُسْتَحَبُّ أَنْ يُوَدِّعَ أَهْلَهُ وَجِيرَانَهُ وَأَصْدِقَاءَهُ وَسَائِرَ أَحْبَابِهِ وَأَنْ يُوَدِّعُوهُ، وَيَقُول كُل وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ: أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ، زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى وَغَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ وَيَسَّرَ الْخَيْرَ لَكَ حَيْثُمَا كُنْتَ. لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ كَانَ يَقُول لِلرَّجُل إِذَا أَرَادَ سَفَرًا: هَلُمَّ أُوَدِّعُكَ كَمَا وَدَّعَنِي رَسُول اللَّهِ ﷺ أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ (52) وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخِطْمِيِّ ﵁ قَال: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوَدِّعَ الْجَيْشَ قَال: أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكُمْ وَأَمَانَتَكُمْ وَخَوَاتِيمَ أَعْمَالِكُمْ (53) .
وَعَنْ أَنَسٍ ﵁ قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ سَفَرًا فَزَوِّدْنِي. فَقَال: زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى، فَقَال: زِدْنِي، فَقَال: وَغَفَرَ ذَنْبَكَ، قَال: زِدْنِي. قَال: وَيَسَّرَ لَكَ الْخَيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ (54) .
(55) يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَمِّرَ الرُّفْقَةُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَفْضَلَهُمْ وَأَجْوَدَهُمْ رَأْيًا وَيُطِيعُونَهُ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالاَ: " قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ إِذَا خَرَجَ ثَلاَثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ (56) .
(57) يُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُكَبِّرَ إِذَا صَعِدَ الثَّنَايَا وَشَبَهَهَا، وَيُسَبِّحَ إِذَا هَبَطَ الأَْوْدِيَةَ وَنَحْوَهَا، وَيُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ قَال كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا وَإِذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا (58) وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ ﵁ قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَكُنَّا إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا. فَقَال النَّبِيُّ ﷺ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَرْبِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، إِنَّهُ مَعَكُمْ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (59) وَيُسْتَحَبُّ إِذَا أَشْرَفَ عَلَى قَرْيَةٍ يُرِيدُ دُخُولَهَا أَوْ مَنْزِلٍ أَنْ يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ أَهْلِهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا.
لِحَدِيثِ صُهَيْبٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَرَ قَرْيَةً يُرِيدُ دُخُولَهَا إِلاَّ قَال حِينَ يَرَاهَا: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظْلَلْنَ وَرَبَّ الأَْرَضِينَ السَّبْعِ وَمَا أَقْلَلْنَ وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضْلَلْنَ وَرَبَّ الرِّيَاحِ وَمَا أَذْرَيْنَ، فَإِنَّا نَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَخَيْرَ أَهْلِهَا. وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا (60) .
(61) يُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَدْعُوَ فِي سَفَرِهِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَْوْقَاتِ لأَِنَّ دَعْوَتَهُ مُجَابَةٌ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ (62) .
(63) السُّنَّةُ لِلْمُسَافِرِ إِذَا قَضَى حَاجَتَهُ أَنْ يُعَجِّل الرُّجُوعَ إِلَى أَهْلِهِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّل إِلَى أَهْلِهِ (64) وَيُكْرَهُ أَنْ يَطْرُقَ أَهْلَهُ طُرُوقًا بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَهُوَ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِمْ فِي اللَّيْل، بَل السُّنَّةُ أَنْ يَقْدَمَ أَوَّل النَّهَارِ وَإِلاَّ فَفِي آخِرِهِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ قَال: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ لاَ يَطْرُقُ أَهْلَهُ وَكَانَ لاَ يَدْخُل إِلاَّ غُدْوَةً أَوْ عَشِيَّةً (65) وَقَدْ أَوْصَل النَّوَوِيُّ آدَابَ السَّفَرِ إِلَى اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ أَدَبًا فَصَّلَهَا فِي كِتَابِهِ الْمَجْمُوعِ (66) .
__________
(1) لسان العرب والمصباح المنير وتاج العروس مادة (سفر) .
(2) التعريفات 157 دار الكتاب العربي 1985 م. الكليات 3 / 33، جامع العلوم في اصطلاحات الفنون 2 / 169 مؤسسة الأعلمي 1975 م.
(3) لسان العرب والمصباح المنير مادة (حضر) .
(4) المصباح المنير مادة (قوم) .
(5) حديث: " كره النبي ﷺ الوحدة في السفر ". ذكره صاحب نهاية المحتاج (2 / 248 - ط الحلبي) وعزاه إلى أحمد، ولم نره في المسند المطبوع.
(6) حديث: " الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب ". أخرجه الترمذي (4 / 193 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عمرو، وقال: " حديث حسن ".
(7) العناية على الهداية بهامش القدير 2 / 19 دار إحياء التراث العربي، مواهب الجليل 2 / 139 دار الفكر 1978م، نهاية المحتاج 2 / 248 ط. مصطفى الحلبي 1967م. حاشية الجمل 1 / 589 دار إحياء التراث العربي، كشاف القناع 1 / 503 عالم الكتب 1983م.
(8) تيسير التحرير 2 / 258، 303 ط مصطفى الحلبي 1350 هـ، كشف الأسرار 4 / 376 دار الكتاب العربي 1974م.
(9) حديث: " يا أهل مكة، لا تقصروا في أقل من أربعة برد من مكة إلى عسفان ". أخرجه الدارقطني (1 / 387 - ط دار المحاسن) ، وقال ابن حجر: " إسناده ضعيف والصحيح عن ابن عباس من قوله " كذا في التلخيص الحبير (2 / 46 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(10) الميل مقياس للطول قدر قديما بأربعة آلاف ذراع، وهو الميل الهاشمي. ويقدر الآن بما يساوي 1609 من الأمتار وعليه تكون المسافة المبيحة للقصر حوالي 77 كيلو مترا وينظر مصطلح (مقادير) .
(11) مواهب الجليل 2 / 140 دار الفكر 1978م، حاشية الدسوقي1 / 358 دار الفكر، نهاية المحتاج 2 / 257 مطبعة مصطفى الحلبي 1967م القليوبي وعميرة 1 / 259 عيسى الحلبي، كشاف القناع 1 / 504 عالم الكتب 1983م.
(12) حاشية ابن عابدين 1 / 526، 527 دار إحياء التراث العربي، الفتاوى الهندية 1 / 138 المطبعة الأميرية 1310 هـ.
(13) حاشية ابن عابدين 1 / 526، حاشية الدسوقي 1 / 362، القليوبي وعميرة 1 / 260، كشاف القناع 1 / 506.
(14) حاشية ابن عابدين 1 / 525 دار إحياء التراث العربي، الفتاوى الهندية 1 / 139 المطبعة الأميرية 1310 هـ، حاشية الدسوقي 1 / 359 دار الفكر، نهاية المحتاج 2 / 252 ط مصطفى الحلبي 1967م. كشاف القناع 1 / 507 عالم الكتب.
(15) سورة البقرة / 184.
(16) حديث ابن عباس: فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربع ركعات وفي السفر ركعتين. أخرجه مسلم (1 / 479 - ط الحلبي) .
(17) تيسير التحرير 2 / 304 ط مصطفى الحلبي 1350 هـ حاشية ابن عابدين 1 / 527، دار إحياء التراث العربي، حاشية الدسوقي 1 / 358 دار الفكر، مواهب الجليل 2 / 140 دار الفكر، نهاية المحتاج 2 / 263 ط مصطفى الحلبي 1967م. كشاف القناع 1 / 505، 506، عالم الكتب 1983.
(18) حديث: " جعل رسول الله ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم ". أخرجه مسلم (1 / 232 - ط الحلبي) .
(19) حاشية ابن عابدين 1 / 180 دار إحياء التراث العربي، الفتاوى الهندية 1 / 33 المطبعة الأميرية 1310 هـ مواهب الجليل 1 / 320 دار الفكر 1978 وانظر القوانين الفقهية ص (30) ، كفاية الطالب الرباني 1 / 207 دار المعرفة، القليوبي وعميرة 1 / 57 ط عيسى الحلبي، كشاف القناع 1 / 114 عالم الكتب 1983م. والاختيارات للبعلي ص (15) .
(20) حاشية ابن عابدين 1 / 527، حاشية الدسوقي 1 / 360، قليوبي وعميرة 1 / 255، كشاف القناع 1 / 3.
(21) سورة النساء / 101.
(22) حديث: " صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته ". أخرجه مسلم (1 / 478 - ط الحلبي) .
(23) بدائع الصنائع 1 / 126، حاشية الدسوقي 1 / 368، القليوبي وعميرة 1 / 264 كشاف القناع 2 / 5.
(24) حديث: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة ". أخرجه الدارقطني (2 / 3 - ط دار المحاسن) من حديث جابر بن عبد الله وفي إسناده مقال، ولكن له شواهد يتقوى بها أوردها ابن حجر في التلخيص (2 / 65 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(25) البحر الرائق 2 / 163 دار المعرفة الطبعة الثانية، كفاية الطالب الرباني 1 / 333 دار المعرفة، قليوبي وعميرة 1 / ط عيسى الحلبي، نهاية المحتاج 2 / 285 ط مصطفى الحلبي 1967م، كشاف القناع 2 / 23 عالم الكتب 1983م.
(26) فتح القدير 2 / 272، حاشية الدسوقي 1 / 534، شرح روض الطالب 1 / 422، كشاف القناع 2 / 311.
(27) حديث: " كان يوتر على البعير ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 488 - ط السلفية) ومسلم (1 / 487 - ط الحلبي) .
(28) سورة البقرة / 185.
(29) حديث: " ليس من البر الصوم في السفر ". أخرجه البخاري (الفتح 4 / 183 - ط السلفية) ومسلم (2 / 786 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله واللفظ للبخاري.
(30) ابن عابدين 1 / 548، كفاية الطالب الرباني 1 / 329، نهاية المحتاج 2 / 306، كشاف القناع 2 / 27.
(31) حاشية ابن عابدين 1 / 146 دار إحياء التراث العربي، حاشية الدسوقي 2 / 9 دار الفكر، نهاية المحتاج 3 / 250 ط مصطفى الحلبي 1967م، كشاف القناع 2 / 394 عالم الكتب 1983م.
(32) حديث: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر. . ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 566 - ط السلفية) من حديث أبي هريرة.
(33) حديث: " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ". أخرجه البخاري (الفتح 4 / 72 - ط السلفية) .
(34) فتح القدير 2 / 331، مواهب الجليل 2 / 522، حاشية الدسوقي 2 / 9، مغني المحتاج 1 / 467.
(35) مواهب الجليل 2 / 524، المنتقى شرح الموطأ للباجي 3 / 82 - 83.
(36) حاشية ابن عابدين 2 / 146، فتح القدير 4 / 168، حاشية الدسوقي 2 / 485، شرح الروض الطالب 3 / 404.
(37) حديث: " من سافر من دار إقامة يوم الجمعة دعت عليه الملائكة. . ". أخرجه ابن النجار كما في كنز العمال (6 / 715 - ط الرسالة) وذكره بلفظ مقارب ابن حجر في التلخيص (2 / 66 - ط شركة الطباعة) وعزاه إلى الدارقطني في الإفراد ولمح إلى تضعيفه.
(38) الطحطاوي على مراقي الفلاح 283 حاشية ابن عابدين 1 / 553، حاشية الدسوقي 1 / 387، نهاية المحتاج 2 / 291، مغني المحتاج 1 / 278، كشاف القناع 2 / 25.
(39) حديث: " من سافر ليلة الجمعة دعا عليه ملكاه ". قال العراقي: " رواه الخطيب في الرواة عن مالك من حديث أبي هريرة بسند ضعيف جدا: (إتحاف السادة المتقين 3 / 302) .
(40) حاشية ابن عابدين 4 / 318، حاشية الدسوقي 2 / 175، مواهب الجليل 3 / 349، روضة الطالبين 4 / 136، 10 / 210 كشاف القناع 3 / 44.
(41) حاشية ابن عابدين 4 / 318، حاشية الدسوقي 2 / 175، مواهب الجليل 3 / 349، روضة الطالبين 4 / 136، 10 / 210 كشاف القناع 3 / 44.
(42)
(43) حديث: " لو أن الناس يعلمون ما أعلم في الوحدة ". أخرجه الترمذي (4 / 193 - ط الحلبي) وقال: " حديث حسن صحيح ".
(44)
(45) حديث: " كان يحب أن يخرج يوم الخميس ". أخرجه البخاري (الفتح 6 / 113 - ط السلفية) من حديث كعب بن مالك.
(46) حديث: " هاجر من مكة يوم الإثنين ". أخرجه أحمد (1 / 277 - ط الميمنية) والطبراني في الكبير (12 / 237 - ط الوطن العربي) من حديث ابن عباس، وقال الهيثمي: " وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات من أهل الصحيح (مجمع الزوائد 1 / 196: نشر دار الكتاب العربي) .
(47) حديث صخر الغامدي: " اللهم بارك لأمتي في بكورها ". أخرجه الترمذي (3 / 508 - ط الحلبي) وقال: " حديث حسن ".
(48) حديث: " عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل ". أخرجه الحاكم (1 / 445 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث أنس بن مالك، وصححه ووافقه الذهبي.
(49) حديث: " كان لا ينزل منزلا إلا ودعه بركعتين ". أخرجه الحاكم (1 / 315 - 316 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث أنس بن مالك، ولمح الذهبي إلى تضعيفه لراو مضعف في إسناده.
(50)
(51)
(52) حديث ابن عمر: استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك. أخرجه أبو داود (3 / 76 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والترمذي (5 / 500 - ط الحلبي) وقال: " حديث حسن صحيح ".
(53) حديث عبد الله بن يزيد الخطمي: كان رسول الله ﷺ إذا أراد أن يودع الجيش. . . . أخرجه أبو داود (3 / 77 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وصححه النووي في رياض الصالحين (ص 307 - ط المكتب الإسلامي) .
(54) حديث: " زودك الله التقوى. . . ". أخرجه الترمذي (5 / 500 - ط الحلبي) وقال: " حديث حسن ".
(55)
(56) حديث: " إذا خرج ثلاثة في سفر ". أخرجه أبو داود (3 / 81 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وحسنه النووي في رياض الصالحين (ص 376 - ط المكتب الإسلامي) .
(57)
(58) حديث جابر: كنا إذا صعدنا كبرنا. أخرجه البخاري (الفتح 6 / 135 - ط السلفية) .
(59) حديث أبي موسى: كنا مع النبي ﷺ. . . . أخرجه البخاري (الفتح 6 / 153 - ط السلفية) .
(60) حديث صهيب: أن النبي ﷺ لم ير قرية يريد دخولها. أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (ص 367 - ط الرسالة) وحسنه ابن حجر كما في الفتوحات الربانية (5 / 154 - ط (المنيرية) .
(61)
(62) حديث: " ثلاث دعوات مستجابات ". أخرجه الترمذي (5 / 502 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة، وقال: " حديث حسن ".
(63)
(64) حديث: " السفر قطعة من العذاب ". أخرجه البخاري (الفتح 6 / 139 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1526 - ط الحلبي) .
(65) حديث: " كان لا يطرق أهله ". أخرجه البخاري (الفتح 3 / 619 - ط السلفية) .
(66) المجموع 4 / 385 وما بعدها المكتبة السلفية المدينة المنورة، القوانين الفقهية 290 دار القلم 1977م.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 26/ 25
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".