البحث

عبارات مقترحة:

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

الإله

(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...

الاستهزاء بالدين

السخرية والانتقاص من أي شيء معلوم من الدين بالضرورة، أو مما يعلم أنه من دين الله. وهذا الاستهزاء يعتبر فاعله كافر، خارج من ملة الاسلام وإن لم يقصد، فأي كلمة أو حركة فيها سخرية من الدين فإنها تعتبر تعتبر كفراً أكبر مُخرجًا من الملة. والاستهزاء له أشكال متعددة منها ماهو مكتوب ومنها ماهو مسموع، ومنها ماهو مشاهد، فمنابر المستهزئين في زماننا كثيرة، وعلى قدر مايجهدون أنفسهم، يتوجب على المسلمين أن يبذلوا مثل جهدهم وأعظم منه في نصرة الدين.

التعريف

التعريف لغة

يرجع الثلاثي (هَزَأَ) إلى كلمة واحدة وهي سَخِرَ."انظر مقاييس اللغة"(ج6، ص52). قال الخليل«الهزء: السخرية، يقال: هزيء به يهزأ به، واستهزأ به»"العين للخليل"(ج4/ص75). فالاستهزاء سخرية وانتقاص.

التعريف اصطلاحًا

الانتقاص والسخرية من كل معلوم من الدين بالضرورة، بأي شيء تحصل به السخرية سواء كان باللسان أو بالعين، أو حتى بالقلم. قال الراغب: «مزح في خفية، وقد يقال لما هو كالمزح، فممّا قصد به المزح قوله». ثم قال: «والاستهزاء: ارتياد الهزؤ وإن كان قد يعبر به عن تعاطي الهزؤ». "مفردات الراغب"(ص841).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

العلاقة ظاهرة؛ وذلك أن الاستهزاء في كلام العرب يدور حول السخرية والاستخفاف، وهذا عام يكون في كل مسخور به، وأشدها السخرية والاستخفاف بالله ـ تعالى وتقدس عن قولهم ـ أو بدينه، أو رسله عليهم السلام.

سبب التسمية

لأن السخرية والانتقاص بأقل انتقاص من الشعائر يعتبر استهزاءً من أصول الدين، فيكفر قائله بأقل الكلام أو الفعل الصادر منه على سبيل السخرية.

الأسماء الأخرى

السخرية

الحكم

إن الاستهزاء بالله سبحانه وتعالى وبآياته وبرسوله كل واحد منها كفر لا ريب فيه؛ لأن الاستهزاء كفر وحده بالضرورة. قال ابن تيمية رحمه الله: «الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر يكفر به صاحبه بعد إيمانه». "مجموع الفتاوى" (7 /273). فكل فعل أو قول بحكم العُرف يكون استهزاءً فصاحبه يكفر. قال الشيخ صالح الفوزان: «ومن استهزأ بالدين، أو امتهن القرآن الكريم، أو زعم أن القرآن نقص منه شيء، أو كتم منه شيء؛ فلا خلاف في كفره». "الملخص الفقهي" (2/567).

الأدلة

القرآن الكريم

الاستهزاء بالدين في القرآن الكريم
جاء ذكر الاستهزاء في كتاب الله، وذلك لما تعرض له الصحابة من أذية في بداية الدعوة وفي نهايتها، ومن الآيات قوله تعالى: ﴿إِنَّ اْلَّذِينَ ‌أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا اْنقَلَبُوٓاْ إِلَىٰٓ أَهْلِهِمُ اْنقَلَبُواْ فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوٓاْ إِنَّ هَٰٓؤُلَآءِ لَضَآلُّونَ (32) وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَٰفِظِينَ﴾ [المطففين: 29-33]. وصفت الآيات صوراً من استهزاء المشركين بالمؤمنين، ضحك وتغامز، ووصفهم بالضلال. واستمر الاستهزاء حتى بعد الهجرة في المدينة، فكان اليهود والمنافقون يخططون وينفذون، لتنفير المسلمين من الإسلام، وقد حكى الله عن المنافقين، قال تعالى: ﴿لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾ [التوبة: 66]. ذكرت الآية الحكم على من استهزأ بالمجاهدين في غزوة تبوك، فقد وصفهم بالكفر بعد أن كانوا مؤمنين. قال البغوي: «فإن قيل: كيف قال: كفرتم بعد إيمانكم، وهم لم يكونوا مؤمنين؟. قيل: معناه: أظهرتم الكفر بعدما أظهرتم الإيمان». "تفسير البغوي" (4/70). قال الإمام أبو محمد ابن عطية: «وهذا يقتضي كفر العناد الذي قلناه». "المحرر الوجيز" (3/55). وقال سبحانه: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ [البقرة: 14]. قال القرطبي في تفسير (مستهزئون): «أي مكذبون بما ندعى إليه. وقيل: ساخرون». "تفسير القرطبي" (1/207).

السنة النبوية

الاستهزاء بالدين في السنة النبوية
قال النبي لمن قتل زوجته لأنها كانت تقع في النبي، قال عنها : «ألا اشهدوا أن دمها‏ ‏هدر»"رواه أبو داود"(4361). قال ابن تيمية: «فلو لم يكن قتلها جائزاً لبين النبي له أن قتلها كان محرما وأن دمها كان معصوما ولأوجب عليه الكفارة بقتل المعصوم والدية إن لم تكن مملوكه له». ثم قال: «فعلم أن السبّ أباح دمها»"الصارم المسلول"(ص70). والأدلة على حكم الساب كثيرة.

الإجماع

قال إسحاق بن راهويه رحمه الله: «أجمع المسلمون على أن من سبَّ الله، أو سب رسوله صلّى الله عليه وسلّم، أو دفع شيئًا مما أنزل الله عزّ وجل، أو قتل نبيًّا من أنبياء الله عزّ وجل أنه كافر، وإن كان مقرًّا بكل ما أنزل الله». "الصارم المسلول" (1/513). وقال القاضي عياض رحمه الله: «اعلم أن من استخف بالقرآن أو المصحف أو بشيء منه، أو سبَّهما، أو جحده، أو حرفًا منه أو آية، أو كذب به أو بشيء منه، أو كذب بشيء مما صرح به فيه من حكم أو خبر، أو أثبت ما نفاه أو نفى ما أثبته على علم منه بذلك، أو شك في شيء من ذلك فهو كافر عند أهل العلم بإجماع». "الشفا" (2/304).

أقوال أهل العلم

«الاستهزاء بآيات الله كفر، ولا يكون هذا إلا ممن شرح صدره بهذا الكلام، ولو كان الإيمان في قلبه منعه أن يتكلم بهذا الكلام» المَرْداوي ابن تيمية، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد الحراني.
«أجمع العلماء على كفر من فعل شيئًا من ذلك فمن استهزأ بالله، أو بكتابه أو برسوله، أو بدينه، كفر ولو هازلاً لم يقصد حقيقة الاستهزاء إجماعًا» سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب "تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذى هو حق الله على العبيد"(ص535)
«وينبغي أن لا يكتفى من الهازئ بذلك بمجرد الإسلام، حتى يؤدب أدباً يزجره عن ذلك، فإنه إذا لم يكتف ممن سب رسول الله بالتوبة فممن سب الله تعالى أولى». ابن قدامة، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد الجماعيلي المقدسي. "المغني"(ج9/ص28)
ومُسْتَهْزِئٍ باللَّهِ أوْ آيَةٍ لهُأو الرُّسْلِ كَفِّرْهُ وأَدِّبِ ولوْ هُدِي
"الألفية في الآداب الشرعية" (ص69).

الأقسام

يمكن تقسيم الاستهزاء بحسب متعلقه إلى ثلاثة أقسام، ولكل قسم صور توضحه : الأول: الاستهزاء بالله تبارك وتعالى ؛ ومن صور ذلك: اتخاذ الشركاء مع الله تعالى؛ لأن الشرك هضم لحق الربوبية، وكذلك وصفه بالصفات التي يتنزه عنها؛ كوصف اليهود ـ لعنهم الله ـ له بأنه فقير وأن يده مغلولة، وكقول غلاة الملاحدة الحلولية بأن الرب عبد والعبد رب، وأنه هو العاشق والمعشوق ـ تعالى الله عن قولهم علوًّا كبيرًا ـ، وكاستهزاء الناس بالقرآن الكريم الذي هو كلام الله تبارك وتعالى ، وامتهانه وتمزيقه، وككتابة أسماء الله الحسنى على ثوب امرأة فاسقة متبرجة في عرض للأزياء والله المستعان. الثاني: الاستهزاء بالدين ؛ ومن صور ذلك: عبادة النصارى للصليب من دون الله، وإنكار الكفار والمشركين للبعث والنشور يوم القيامة: ﴿أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ *هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ *إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ *﴾ [المؤمنون] ، وما قالته اليهود للرعيل الأول من الصحابة كما حكاه الله تبارك وتعالى عنهم: ﴿وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ *﴾ [آل عمران] ، وكذلك ما أثر عن أهل البدع من العبارات التي فيها استخفاف بشعائر الدين؛ كالآذان والصلاة، والاستخفاف بكتب الفقه الشرعي. الثالث: الاستهزاء بالرسل عليهم السلام وأتباعهم ، ومن صور ذلك: سخرية قوم نوح به عليه السلام، كما قال تعالى: ﴿وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ *﴾ [هود] ، وكذلك استهزاؤهم بشعيب عليه السلام، فيما حكى الله عنهم: ﴿قَالُوا ياشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ *﴾ [هود] ، وسخرية المشركين بالنبي صلّى الله عليه وسلّم وإلقاء سلى الجزور على ظهره وهو ساجد، وكتحية اليهود للنبي صلّى الله عليه وسلّم بقوله: السام عليك، يعنون الموت، وكاستهزاء المنافقين بالنبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه في عدة مواقف كغزوة تبوك وبني المصطلق. ومنها ما ابتليت به الأمة من فتنة الوضاعين في الحديث النبوي، وما أدخلوه على المسلمين في دينهم، وكذلك ما يلقاه أتباع الأنبياء في كل عصر من السخرية والاستهزاء عبر التاريخ إلى يومنا الحاضر، والله المستعان. انظر: "الاستهزاء بالدين" لأحمد القرشي (158، 356).

الأضرار والمفاسد

«إن من استهزأ بالله وآياته ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، فقد خلا قبله من تعظيم خالقه جلّ جلاله، وما أنزله عليه على لسان رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وبالتالي فإنه ينجرف وراء اتباع كل ما تهواه نفسه، وأملاه عليه شيطانه، ولا غرابة فإنه ليس بعد الكفر ذنب. قال ابن تيمية: «إن سبَّ الله أو سبَّ رسوله كفر ظاهرًا وباطنًا، سواء كان الساب يعتقد ذلك محرمًا، أو كان مستحلًّا له، أو كان ذاهلاً عن اعتقاده، هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السُّنَّة القائلين بأن الإيمان قول وعمل». "الصارم المسلول" (1/513).