البحث

عبارات مقترحة:

المتين

كلمة (المتين) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل على وزن (فعيل) وهو...

المعطي

كلمة (المعطي) في اللغة اسم فاعل من الإعطاء، الذي ينوّل غيره...

المتعالي

كلمة المتعالي في اللغة اسم فاعل من الفعل (تعالى)، واسم الله...

الحلف بغير الله

الحَلِْف بغير الله هو تأكيد شيء بذكر مخلوق ، بأحد أدوات القسم الثلاثة (الباء، والتاء، والواو). والحالف بغير الله مُعظِّمٌ له، وهو من الشرك الأصغر، وكفارته أن يقول لا إله إلا الله.

التعريف

التعريف لغة

الحلف بفتح الحاء وسكون اللام لغة، وبكسر اللام لغة أخرى. الحَلْفُ والحَلِفُ. انظر "العين" للفراهيدي (ج3/ص231). حلف أي أقسم، يحلف حَلْفًا وحِلْفًا ومحلوفًا "الصحاح" للجوهري (ج4/ص1346). بينما رد ابن فارس الثلاثي إلى الملازمة، فتشمل اللغتين بالفتح والكسر، فقال: «الحاء واللام والفاء أصل واحد، وهو الملازمة. يقال حالف فلان فلانًا، إذا لازمه. ومن الباب الحلف، يقال حلف يحلف حلفًا، وذلك أن الإنسان يلزمه الثبات عليها». "مقاييس اللغة" لابن فارس (2/98). فسُمِّي الحالف حالفًا لأنه ملازم ليمينه، والمُوالي لقوم حليفًا لأنه ملازم لنصرتهم.

التعريف اصطلاحًا

الحلف بغير الله هو تأكيد الكلام بذكر مخلوق غير الله أو صفة من صفاته، باستخدام أدوات القسم الثلاثة (الواو والباء والتاء). وقد يكون الحلف بما هو معظم في الشرع، كالنبي والكعبة. انظر "التمهيد لشرح كتاب التوحيد" لصالح آل الشيخ (ص456). قال كعب الأحبار رحمه الله تعالى: «‌إنكم ‌تشركون»، قالوا: كيف يا أبا إسحاق؟ قال: «يحلف الرجل لا وأبي، لا وأبيك، لا لعمري، لا وحياتك، لا وحرمة المسجد، لا والإسلام، وأشباهه من القول». أخرجه ابن أبي شيبة (12416). قال ابن تيمية: «ويدخل في هذا أن يقول الرجل: وحياتي، أو وحياتك، أو وحياة فلان، أو وتربة فلان، أو وتربة أبي، أو وتربة أبيك، أو وتربة الشيخ فلان، أو ونعمة السلطان، أو وحياة رأس السلطان، أو وحياة رأسك، أو وحق سيفي، أو وحياة الفتوة، أو وحق أبي، أو وحرمتك عند الله أو حرمة الشيخ فلان عند الله، أو وحق الكعبة، وكل ما كان من هذا بما يحلف به جفاة الناس على وجه التعظيم». "جواب في الحلف بغير الله" لابن تيمية (ص7).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

تظهر العلاقة بينهما جليّة، فبما أن الحلف في اللغة الالتزام. وفي الاصطلاح تأكيد القول بذكر غير الله على وجه القَسم. فالحالف ملتزم لما أكدّه بقوله، فهو التزام ماتكلم به مقسمًا بغير الله، وما أقسم به إلا لعظمته عنده.

سبب التسمية

لأن الحالف يستخدم ليمينه مقسومًا به غير الله فيقسم عليه، تاركًا اسم الله وصفاته معظمًا غيره.

الحكم

سئل الإمام مالك عن الذي يحلف بحياتي، فكره ذلك وقال: قال رسول الله : «من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت». وإنما هذا من حلف النساء والضعفاء من الرجال أن يقول بحياتي وما أشبه ذلك، فكرهه. قال الإمام أبو الوليد ابن رشد معلقًا: «يُكرَه الحلف بغير الله عز وجل من جهة النهي الوارد في ذلك عن النبي عليه السلام، ومن جهة المعنى أيضًا، وذلك أن الحلف بالشيء تعظيم للمحلوف به، ولا ينبغي أن يعظم شيء سوى الله عز وجل، وبه التوفيق». "البيان والتحصيل" (18/26). وفَصَّل المسألة الإمام أبو الخير العمراني الشافعي رحمه الله تعالى فقال: «إذا حلف بغير الله؛ بأن حلف بأبيه، أو بالنبي ، أو بالكعبة، أو بأحد من الصحابة؛ فلا يخلو من ثلاثة أقسام: أحدها: أن يقصد بذلك قصد اليمين، ولا يعتقد في المحلوف به من التعظيم ما يعتقده بالله تعالى، فهذا يكره له ذلك، ولا يكفر؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه: أن النبي قال: «لا تحلفوا بآبائكم، ولا بأمهاتكم، ولا بالأنداد، ولا تحلفوا إلا بالله، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون». وروي أن النبي أدرك عمر رضي الله عنه وهو في ركب، وهو يحلف بأبيه، فقال له النبي عليه السلام: «إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفًا فليحلف بالله، أو ليسكت». قال عمر: فما حلفت بها بعد ذلك ذاكرًا ولا آثرا». فمعنى قوله: (ذاكرًا) أذكره عن غيري. ومعنى قوله: (آثرا) أي: حاكيًا عن غيري، يقال: آثر الحديث: إذا رواه. ولأنه يوهم في الظاهر التسوية بين المحلوف به وبين الله عز وجل، فكُرِه. القسم الثاني: أن يحلف بذلك، ويقصد قصد اليمين، ويعتقد في المحلوف به من التعظيم ما يعتقده في الله، فهذا يحكم بكفره؛ لما روى ابن عمر: أن النبي قال: «من حلف بغير الله.. فقد كفر». وروي: «فقد أشرك». القسم الثالث: أن يجري ذلك على لسانه من غير قصد إلى الحلف به؛ فلا يكره، بل يكون بمعنى لغو اليمين، وعلى هذا يحمل «قول النبي للأعرابي الذي قال: والله لا أزيد عليها ولا أنقص، فقال النبي : " أفلح وأبيه إن صدق» ، وكذا «قوله عليه الصلاة والسلام في خبر أبي العشراء الدارمي: «وأبيك، لو طعنت في فخذها.. لأجزأك». "البيان في مذهب الإمام الشافعي" للعمراني (10/493-494). قال القسطلاني في "إرشاد الساري" (9/375): «هل النهي للتحريم أو التنزيه؟ ‌المشهور ‌عند ‌المالكية الكراهة، وعند الحنابلة التحريم، وجمهور الشافعية أنه للتنزيه. وقال إمام الحرمين: المذهب القطع بالكراهة. وقال غيره بالتفصيل». ثم ذكر التفصيل الذي ذكره العمراني. وفي مذهب الإمام أحمد ثلاثة أقوال: الجواز، والكراهة، والتحريم، والأخير هو المعتمد. انظر "الفروع" لابن مفلح (10/437)، "الإنصاف" للمرداوي (27/463). يقول ابن تيمية: «وإنما سماه شركًا؛ لأن الحلف بغير الله إنما يكون بالمعبود، فمن حلف بغير الله فقد جعل لله ندًّا. فإن فعل هذا معتقدًا لعبادته فهو كافر، وإن لم يكن معتقدًا فهو مشرك في القول دون الشرك الأكبر الذي ينقل عن الملة، كما قالوا: شرك دون شرك. وقوله : «الرياء شرك». وفي ذلك أنزل الله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: 110]». "جواب في الحلف بغير الله" لابن تيمية (ص6-7). ويقول الحجاوي: «ويحرم الحلف بغير الله وصفاته ولو بنى، لأنه ‌شرك في تعظيم الله، فإن فعله استغفر وتاب، ولا كفارة في اليمين به، ولو كان الحلف برسول الله : سواء أضافه إلى الله، كقوله: ومعلوم الله وخلقه ورزقه وبيته، أو لم يضفه مثل والكعبة والنبي وأبي وغير ذلك». "الإقناع" (4/333).

الأدلة

السنة النبوية

الحلف بغير الله في السنة النبوية
تظافرت النصوص التي تحرم الحلف بغير الله، قال : «ألا إن الله ينهَاكُم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفًا فليحلف بالله، وإلا فليصمت». رواه البخاري (6108). وفي الحديث أيضًا عن ابن عمر عن النبي أنه قال: «من حلف بغير الله؛ فقد كفر وأشرك». رواه الترمذي (1535). قال الترمذي: «وفسر هذا الحديث عند بعض أهل العلم: أن قوله فقد كفر أو أشرك على التغليظ». عن عبد الرحمن بن سمرة، قال: قال رسول الله : «‌لَا ‌تَحْلِفُوا بِالطَّوَاغِي، وَلَا بِآبَائِكُمْ». أخرجه مسلم (1648).

الإجماع

يقول ابن تيمية: «الصواب الذي عليه عامة علماء المسلمين سلَفُهم وخلَفُهم أنَّه لا ‌يحلف ‌بمخلوق، لا نبي ولا غير نبي، ولا مَلَكٍ من الملائكة، ولا مَلِكٍ من الملوك، ولا شيخ من الشيوخ، والنهي عن ذلك نهيُ تحريمٍ عند أكثرِهِم». "مجموع الفتاوى" (27/349)، "الجواب الباهر في زوار المقابر" (ص210). ويقول: «وقد ‌اتفق ‌العلماء -فيما نعلم- من الصحابة والتابعين والأئمة على كراهة الحلف بغير الله، والنهي عنه، وأن اليمين لا تنعقد، ولا يجب فيه كفارة إذا حنث. إلا أنهم اختلفوا فيما إذا حلف برسول الله خاصة. ثم من أصحاب الأئمة من قال: يكره الحلف بغير الله تنزيهًا ولا يحرم. وقطع الباقون بأنه حرام، وهذا هو الصواب؛ لأن النبي أخبر أن الله ينهانا عنه، وما نهانا الله عنه فهو حرام، إلا أن يقوم دليل على أنه تنزيه، وأخبر أن هذا شرك وكفر، وكل ما سمي كفرًا وشركًا فأقل درجاته أن يكون حرامًا». "جواب في الحلف بغير الله" (ص6).

أقوال أهل العلم

وحَرِّمْ وقِيلَ اكْرَهْ يمينًا بِمَنْ سِوَى الـ ***** ـإِلَهِ لَهُ أَسْنَدْتَ أوْ لَمْ تُقَيِّدِ ولا يَجِبُ التكفيرُ مِنْ حِنْثِ حالِفٍ*****سِوَى حالِفٍ باللَّهِ رَبِّي ومُوجِدِي "الألفية في الآداب الشرعية" (ص63-64).
«لأن أحلف بالله كاذبًا ، أحب إليّ من أن أحلف بغيره صادقًا» أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/79)، والطبراني في "الكبير" (9/183).
«ما أبالي حلفتُ بحياة رجل أو بالصليب». أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (12419).
المَرْداوي
ابن مَسْعُود
ابن مُخَيْمِرَة

الأقسام

الحلف بغير الله تعالى نوعان: إما أن يكون الحالف يقصد تعظيم غير الله تعالى كتعظيمه فهذا كفر، وشرك أكبر. وإما أن لا يقصد ذلك، فهو محرم عند جماهير أهل العلم، و يدخل في الشرك الأصغر.

مسائل متعلقة

جواب عما يستدل به على جواز الحلف بغير الله

1- إن احتجَّ مُحتَجٌّ بحديث طلحة بن عبيد الله، في قصة الأعرابي النجدي أن النبي قال: «أفلح وأبيه إن صدق». فالجواب: إن هذه لفظة غير محفوظة في هذا الحديث، من حديث من يحتج به، وقد روى هذا الحديث مالك، وغيره، عن أبي سهيل، لم يقولوا ذلك فيه. وقد روي عن إسماعيل بن جعفر هذا الحديث، وفيه: «أفلح والله إن صدق» ، و «دخل الجنة والله إن صدق» قاله ابن عبد البر في "التمهيد" (9/255). 2- ولا يُشكِلُ على القول بالمنع حلفُه تعالى بالتين والزيتون، والسماء، والشمس، وغير ذلك، لأن من العلماء من قال: تقديرُه أقسم بها لينبه عباده على عظمتها عنده فيعظمونها، ولا يلزم من الحجر علينا الحجر عليه، بل هو المالك على الإطلاق، يفعل ما يشاء، ويحكُمُ ما يريد. "الذخيرة" للقرافي (4/7). قال ميمون بن مهران رحمه الله تعالى: «إن الله تعالى يقسم بما شاء من خلقه، وليس لأحد أن يقسم إلا بالله، ومن أقسم فلا يكذب». أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" برقم (12421).

الأضرار والمفاسد

1- الحلف بغير الله تعالى أعظم من الكذب، لأنه شرك، والشرك أعظم من الكذب، بل غاية الشرك أن يشابه الكذب. "الجواب الباهر" لابن تيمية (ص211)، ونقله ابن مفلح في "الفروع" (10/437). وفي مرسل الحسن: مر ‌عمر ‌بالزبير وهو يقول: لا والكعبة، فرفع عليه الدرة، وقال: «الكعبة لا أم لك تطعمك وتسقيك». أخرجه ابن أبي شيبة (12415). 2- الحلف بغير الله تعالى مخالفة لنهي النبي ، قال العلماء: «السر في النهي عن ‌الحلف ‌بغير ‌الله أن الحلف بالشيء يقتضي تعظيمَه، والعظمةُ في الحقيقة إنما هي لله وحده». "فتح الباري" (11/531). وذلك لتحقيق إخلاص الدين لله، وعبادة الله وحده لا شريك له، وفيه محافظة على توحيد الله عز وجل، وأن يكون الدين كله لله، فلا يعبد غيره، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يدعى إلا هو، ولا يتقى إلا هو، ولا يصلى ولا يصام إلا له، ولا ينذر إلا له، ولا يحلف إلا به، ولا يحج إلا إلى بيته. "الجواب الباهر" لابن تيمية (ص212).