البحث

عبارات مقترحة:

الوكيل

كلمة (الوكيل) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (مفعول) أي:...

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

الجزاء والحساب

الحساب يراد به تعريف الله الخلائق بأعمالهم يوم القيامة، ومقابلة الحسنات بالسيئات، والجزاء هو النعيم في مقابل الحسنات، والعذاب في مقابل السيئات، والحساب والجزاء ثابتان بالكتاب والسنة والإجماع، وهما من جملة الإيمان باليوم الآخر، الذي هو من أصول الإيمان، والجزاء يكون تاليًا للحساب.

التعريف

التعريف لغة

الجزاء لغة: القضاء، والمكافأة على الشيء. قال الجوهري: «وجَزى عنِّي هذا الأمرَ أي قضى. ومنه قوله تعالى: ﴿لا تَجْزي نفسٌ عن نَفْسٍ شَيئا﴾. .. وتجازيت دينى على فلان، إذا تقاضيته، والمتجازي: المتقاضى.» "الصحاح" (6/2302) وقال ابن فارس: «الْجِيمُ وَالزَّاءُ وَالْيَاءُ: قِيَامُ الشَّيْءِ مَقَامَ غَيْرِهِ وَمُكَافَأَتُهُ إِيَّاهُ. يُقَالُ جَزَيْتُ فُلَانًا أَجْزِيهِ جَزَاءً، وَجَازَيْتُهُ مُجَازَاةً. وَهَذَا رَجُلٌ جَازِيكَ مِنْ رَجُلٍ، أَيْ حَسْبُكَ. وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَنُوبُ مَنَابَ كُلِّ أَحَد» "مقاييس اللغة" (1/455، 456) وقال الراغب: «الجَزَاء: الغناء والكفاية، وقال تعالى: لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً [لقمان: 33]، والجَزَاء: ما فيه الكفاية من المقابلة، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.» "المفردات" (ص195) راجع"لسان العرب" لابن منظور (14/143)، و"تاج العروس" للزبيدي (37/351) والحساب لغة: يراد به العد بدقة بلا زيادة ولا نقصان، قال الأزهري: «وَإِنَّمَا سُمِّي الحِساب فِي الْمُعَامَلَات حِسَابا: لِأَنَّهُ يُعْلَم بِهِ مَا فِيهِ كِفايةٌ لَيْسَ فِيهِ زِيادَةٌ على الْمِقْدَار وَلَا نُقْصانٌ.» "تهذيب اللغة" (4/192) وقال الزبيدي: «والحِسَابُ والحِسَابَةُ: عَدُّكَ الشَّيءَ» "تاج العروس" (2/268) ويراد به أيضًا الكفاية، قال ابن فارس: «تَقُولُ شَيْءٌ حِسَابٌ، أَيْ كَافٍ. وَيُقَالُ: أَحْسَبْتُ فُلَانًا، إِذَا أَعْطَيْتَهُ مَا يُرْضِيهِ» "مقاييس اللغة" (2/60) وقال الراغب: «وحَسْبُ يستعمل في معنى الكفاية، حَسْبُنَا اللَّهُ [آل عمران /173] ، أي: كافينا هو» "المفردات" (ص234) قال العواجي: «والحاصل أن أقوال أهل اللغة في المراد بالحساب تشير إلى أنه يرد بمعنى الكثرة في الشيء والزيادة فيه والعدد والإحصاء والدقة في العدد دون زيادة ولا نقصان» "الحياة الآخرة" (ص885)

التعريف اصطلاحًا

الجزاء اصطلاحًا: يراد به النعيم المبذول للمؤمنين في مقابل أعمالهم، والعذاب الواقع على الكافرين في مقابل أعمالهم. قال الطاهر ابن عاشور عند تفسير قوله تعالى: ﴿جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا﴾ [النبأ: 36]: «فالجَزاءُ هُنا المُجازَى بِهِ وهو الحَدائِقُ والجَنّاتُ والكَواعِبُ والكَأْسُ. والجَزاءُ: إعْطاءُ شَيْءٍ عِوَضًا عَلى عَمَلٍ. ويَجُوزُ أنْ يُجْعَلَ الجَزاءُ عَلى أصْلِ مَعْناهُ المَصْدَرِيِّ ويَنْتَصِبَ عَلى المَفْعُولِ المُطْلَقِ الآتِي بَدَلًا مِن فِعْلٍ مُقَدَّرٍ. والتَّقْدِيرُ: جَزَيْنا المُتَّقِينَ» "التحرير والتنوير" (30/47). والحساب اصطلاحًا: تعريف الله تعالى الخلائق بأعمالهم يوم القيامة، ومقابلة السيئات بالحسنات. قال الثعلبي: «الحساب تعريف الله عباده مقادير الجزاء على أعمالهم وتذكيره إياهم ما نسوه من ذلك». "الكشف والبيان عن تفسير القرآن" (2/117). وقال القرطبي: «معناه أن الباري سبحانه يعدد على الخلق أعمالهم من إحسان وإساءة يعدد عليهم نعمه، ثم يقابل البعض بالبعض، فما يشف منها على الآخر حكم للمشفوف بحكمه الذي عينه، للخير بالخير وللشر بالشر». "التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة" (ص562). وعرفه السفاريني بقوله: «توقيف اللَّه عباده قبل الانصراف من المحشر على أعمالهم؛ خيرًا كانت أو شرًا تفصيلًا». "لوائح الأنوار" (2/232). وقال أيضًا: «وقَدِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنى مُحاسَبَتِهِ تَعالى عِبادَهُ عَلى ثَلاثَةِ أقْوالٍ (أحَدُها): أنَّهُ يُعْلِمُهُمْ ما لَهُمْ وعَلَيْهِمْ كَما تَقَدَّمَ، قالَ بَعْضُ العُلَماءِ بِأنْ يَخْلُقَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ عُلُومًا ضَرُورِيَّةً بِمَقادِيرِ أعْمالِهِمْ مِنَ الثَّوابِ والعِقابِ (الثّانِي): ونُقِلَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنْ يُوقِفَ اللَّهُ تَعالى عِبادَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ويُؤْتِيَهِمْ كُتُبَ أعْمالِهِمْ فِيها سَيِّئاتُهُمْ وحَسَناتُهُمْ فَيَقُولُ: هَذِهِ سَيِّئاتُكُمْ وقَدْ تَجاوَزْتُ عَنْها، وهَذِهِ حَسَناتُكُمْ وقَدْ ضاعَفْتُها لَكُمْ (الثّالِثُ): أنْ يُكَلِّمَ اللَّهُ عِبادَهُ فِي شَأْنِ أعْمالِهِمْ، وكَيْفِيَّةِ ما لَها مِنَ الثَّوابِ، وما عَلَيْها مِنَ العِقابِ». "لوامع الأنوار" (2/172).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

العلاقة بين التعريفين عموم وخصوص مطلق، فالجزاء اصطلاحًا يختص بالنعيم على الطاعات، والعذاب على المعاصي، وهذا مأخوذ من معناه في اللغة وهو: المكافأة على الشيء وإقامة الشيء مقام غيره، وهو يعم هذا الجزاء الاصطلاحي وغيره، وكذلك الحساب، هو لغة: العدّ بلا زيادة ولا نقصان، وهذا حاصل في الحساب الاصطلاحي، فإن حسنات العبد وسيئاته تعد ويقابل بعضها ببعض. راجع "الحياة الآخرة" للعواجي (ص886، 887)

الحكم

الإيمان بالحساب والجزاء واجب على كل مسلم، وهو من جملة الإيمان باليوم الآخر الذي هو أحد أركان الإيمان، قال ابن تيمية: «وأما قوله: " واليوم الآخر " فأن تؤمن بالبعث بعد الموت والحساب والميزان والثواب والعقاب والجنة والنار وبكل ما وصف الله به يوم القيامة». "مجموع الفتاوى" (7/313). وإنكاره كفر، قال تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ﴾ [غافر: 27]، قال ابن عاشور: «وجُعِلَتْ صِفَةُ ﴿لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الحِسابِ﴾ مُغْنِيَةً عَنْ صِفَةِ الكُفْرِ أوِ الإشْراكِ لِأنَّها تَتَضَمَّنُ الإشْراكَ وزِيادَةً، لِأنَّهُ إذا اجْتَمَعَ في المَرْءِ التَّجَبُّرُ والتَّكْذِيبُ بِالجَزاءِ قَلَّتْ مُبالاتُهُ بِعَواقِبِ أعْمالِهِ فَكَمُلَتْ فِيهِ أسْبابُ القَسْوَةِ والجُرْأةِ عَلى النّاسِ». "التحرير والتنوير" (24/127).

الأدلة

القرآن الكريم

الجزاء والحساب في القرآن الكريم
دلت آيات كثيرة في القرآن على وقوع الحساب والجزاء وأنه حق، منها قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [غافر: 17] وقوله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾ [الانشقاق: 7، 8] وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ﴾ [غافر: 27] وراجع "الحياة الآخرة" للعواجي (ص889: 891)

السنة النبوية

الجزاء والحساب في السنة النبوية
الأحاديث المثبتة للحساب والجزاء وأنه حق كثيرة: منها: حديث عَبْد اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الأَحْزَابِ عَلَى المُشْرِكِينَ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، سَرِيعَ الحِسَابِ، اللَّهُمَّ اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ» أخرجه البخاري (2933) وحديث عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ نُوقِشَ الحِسَابَ عُذِّبَ» أخرجه البخاري برقم (6536) وحديث ابن عباس عن النبي قال: «عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهيط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي ليس معه أحد، إذ رفع لي سواد عظيم، فظننت أنهم أمتي، فقيل لي : هذا موسى وقومه، ولكن انظر إلى الأفق، فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي : انظر إلى الأفق الآخر، فإذا سواد عظيم، فقيل لي : هذه أمتك، ومعهم سبعون ألفًا، يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب». أخرجه البخاري برقم (6541) ومسلم برقم (220).

الإجماع

أجمع المسلمون على إثبات الحساب والجزاء، قال ابن بطة: «ونحن الآن ذاكرون شرح السنة ووصفها، وما هي في نفسها، وما الذي إذا تمسك به العبد ودان الله به سمي بها واستحق الدخول في جملة أهلها، وما إن خالفه أو شيئًا منه دخل في جملة من عينَّاه وذكرناه وحذرنا منه، من أهل البدع والزيغ مما أجمع على شرحنا له أهل الإسلام وسائر الأمة منذ بعث الله نبيَّه إلى وقتنا هذا» ثم ذكر من هذه الأصول التي أجمع عليها أهل الإسلام: «ثم الإيمان بالمساءلة: أن الله عز وجل يسأل العباد عن كل قليل وكثير في الموقف... ويأخذ للمظلومين من الظالمين، حتى الجماءِ من القرناء، وللضعيف من القوي» "الإبانة الصغرى" (ص72) وقال ابن تيمية في ذكر الأصول المتفق عليها بين أهل السنة والجماعة: «أمر الجنة والنار والبعث والحساب وفتنة القبر والحوض وشفاعة النبي في أهل الكبائر» "مجموع الفتاوى" (11/486)، وراجع "شرح المواقف" للجرجاني (8/348).

العقل

الحساب والجزاء من أمور اليوم الآخر التي ثبتت بالسمع، وهل تدرك بالعقل؟ فيه خلاف، قال ابن تيمية في بيان بعض أقوال أبي الفرج صدقة بن الحسين: «والذي يعلم بمجرد التعليم من النبي المعصوم مثل علمنا بمقادير العبادات الواجبة، وما يتعلق بالآخرة من الجنة، والنار، وعذاب القبر، والحساب، والميزان، وغير ذلك.» "درء تعارض العقل والنقل" (8/26) وقال في موضع آخر: «الثواب والعقاب معلوم بالسمع، وهو قول كثير من أصحابنا والأشعرية وغيرهم، وذهب طوائف إلى أنه يعلم بالعقل، والصواب أن معرفته بالسمع واجبة. وأما بالعقل فقد يعرف وقد لا يعرف، وليست معرفته بالعقل بممتنعة، ولا هي واجبة والله أعلم.» "المستدرك على مجموع الفتاوى" (1/105). وراجع "مختصر الفتاوى المصرية" (ص648، 649)، فالحاصل أن معرفته بالعقل ممكنة وليست واجبة. والله أعلم

الحكمة

من الحِكَم في الحساب والجزاء: العدل بين الخلائق، قال السعدي: «(الحكم العدل) الذي يحكم بين عباده في الدنيا، والآخرة بعدله، وقسطه فلا يظلم مثقال ذرة، ولا يحمل أحداً وزر أحد، ولا يجازي العبد بأكثر من ذنبه، ويؤدي الحقوق إلى أهلها، فلا يدع صاحب حق إلا وصل إليه حقه.» "تيسير الكريم الرحمن" (ص948)

أقوال أهل العلم

ارْتَحَلَتِ الدُّنْيَا مُدْبِرَةً، وَارْتَحَلَتِ الآخِرَةُ مُقْبِلَةً، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ، وَلاَ تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ اليَوْمَ عَمَلٌ وَلاَ حِسَابَ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلاَ عَمَلٌ علي بن أبي طالِب أخرجه البخاري برقم (6417)
حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ، وَإِنَّمَا يَخِفُّ الحِسَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا عُمَر بن الخَطَّاب أخرجه الترمذي برقم (2459)

مذاهب المخالفين

يحكى إنكار الحساب عن غلاة الروافض، قال عبد القادر الجيلاني: «إلا الغالية منهم -أي: من الروافض-، فإنها زعمت بأن لا حساب ولا حشر» "الغنية" (1/180) وينسب للمعتزلة، ولكن في هذه النسبة نظر، قال القاضي عبد الجبار: عن قوله تعالى: ﴿ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الأعراف: 6]: «وهذه الآية تدل على أنه يسائل المؤمنين والكافرين والأنبياء، على خلاف ما يظنه بعض الحشوية». "متشابه القرآن" (ص273).