البحث

عبارات مقترحة:

العلي

كلمة العليّ في اللغة هي صفة مشبهة من العلوّ، والصفة المشبهة تدل...

الرءوف

كلمةُ (الرَّؤُوف) في اللغة صيغةُ مبالغة من (الرأفةِ)، وهي أرَقُّ...

الوكيل

كلمة (الوكيل) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (مفعول) أي:...

كتب الأعمال

كتب الأعمال يراد بها: الكتب التي تكتب فيها الملائكة أعمال المكلفين، والتي تعرض عليهم يوم القيامة، فيمسكها المؤمن بيمينه والكافر بشماله، والإيمان بها واجب، وقد ثبتت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، والحكمة منها إلزام العباد وقطع معاذيرهم، وحكي عن المعتزلة أنهم أنكروها، لكن هذه النسبة لهم لا تصح.

التعريف

التعريف لغة

كتب الأعمال: مركب إضافي، فالمضاف وهو كتب: جمع كتاب، وهو لغة مصدر (كتب) ثم أطلق على المكتوب فيه، قال الراغب: «والكِتاب في الأصل مصدر، ثم سمّي المكتوب فيه كتابًا، والْكِتَابُ في الأصل اسم للصّحيفة مع المكتوب فيه». "المفردات" (ص699). وقال البعلي: «الكتاب: مصدر سمي به المكتوب، كالخلق بمعنى المخلوق، يقال: كتب كتبًا وكتابة، والكتب: الجمع». "المطلع" (ص14). والأعمال: جمع عمل، والعمل عرَّفه الراغب بقوله: «كلّ فعل يكون من الحيوان بقصد، فهو أخصّ من الفعل، لأنّ الفعل قد ينسب إلى الحيوانات التي يقع منها فعل بغير قصد، وقد ينسب إلى الجمادات، والعَمَلُ قلّما ينسب إلى ذلك، ولم يستعمل العَمَلُ في الحيوانات إلّا في قولهم: البقر العَوَامِلُ». "المفردات" (ص587). وراجع "لسان العرب" لابن منظور (11/475)، و"تاج العروس" للزبيدي (30/55، 56). فالمعنى: الكتب التي كتبت فيها الأعمال.

التعريف اصطلاحًا

يمكن تعريف كتب الأعمال اصطلاحًا، بأنها: الكتب التي تكتب فيها الملائكة أعمال المكلفين.

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

العلاقة بين التعريفين: عموم وخصوص مطلق، فالتعريف اللغوي يشمل جميع الأعمال، أما الاصطلاحي فيختص بأعمال المكلفين دون غيرهم.

الحكم

يجب الإيمان بأن جميع أعمال بني آدم تكتب في صحائف، وأنها ستنشر يوم القيامة ويأخذها إما باليمين وإما بالشمال، قال السفاريني: «والحاصِلُ أنَّ نَشْرَ الصُّحُفِ وأخْذَها بِاليَمِينِ والشِّمالِ مِمّا يَجِبُ الإيمانُ بِهِ، وعَقَدَ القَلْبُ بِأنَّهُ حَقٌّ لِثُبُوتِهِ بِالكِتابِ والسُّنَّةِ والإجْماعِ». "لوامع الأنوار" (2/181).

الأدلة

القرآن الكريم

كتب الأعمال في القرآن الكريم
ورد ذكر كتابة الملائكة لأعمال بني آدم في القرآن في آيات كثيرة، منها قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الإنفطار: 10-12] وقوله تعالى: ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ [الزخرف: 80] وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: 16-18] وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ﴾ [يونس: 21] وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ﴾ [الأنعام: 61] قال الطوفي: «وهم الكرام الكاتبون، مع كل مكلف اثنان منهم يحفظون عليه أعماله. ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (10) كِراماً كاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ﴾ [الانفطار: 10 - 12] ﴿ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: 18] وبعض الزنادقة ينكرهم؛ لأنه لا يراهم، ويلزمه أن ينكر الهواء المالئ للفضاء لأنه لا يراه، وأن ينكر عقله ونفسه وروحه؛ لأنه لا يرى شيئا من ذلك» وقوله تعالى: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ [آل عمران: 181] قال الواحدي: «أي: نأمر الحفظة بإثبات قولهم في صحائف أعمالهم، وذلك أظهر في الحجة عليهم». "التفسير الوسيط" (1/528). وقال تعالى: ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾ [الإسراء: 13-14]. إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة في إثبات كتابة جميع أعمال العباد. راجع "الحياة الآخرة للعواجي" (ص843-846).

السنة النبوية

كتب الأعمال في السنة النبوية
دلت السنة أيضًا على كتابة أعمال العباد، فمن ذلك حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً» أخرجه البخاري برقم (6491) ومسلم برقم (131) ومنها حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ» أخرجه البخاري برقم (3293). ومنها حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اشْتَكَى الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ، قِيلَ لِلْكَاتِبِ الَّذِي يَكْتُبُ عَمَلَهُ: اكْتُبْ لَهُ مِثْلَ عَمَلِهِ إِذْ كَانَ طَلِيقًا، حَتَّى أَقْبِضَهُ أَوْ أُطْلِقَهُ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «حَدَّثَنَا بِهِ عَاصِمٌ وَأَبُو حَصِينٍ جَمِيعًا» أخرجه أحمد برقم (6916). ومنها حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ [الإسراء: 71] قَالَ: «يُدْعَى أَحَدُهُمْ فَيُعْطَى كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، وَيُمَدُّ لَهُ فِي جِسْمِهِ سِتُّونَ ذِرَاعًا، وَيُبَيَّضُ وَجْهُهُ، وَيُجْعَلُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ يَتَلَأْلَأُ، فَيَنْطَلِقُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَيَرَوْنَهُ مِنْ بُعْدٍ فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ ائْتِنَا بِهَذَا وَبَارِكْ لَنَا فِي هَذَا، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ فَيَقُولُ لَهُمْ: أَبْشِرُوا لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مِثْلُ هَذَا» قَالَ: «وَأَمَّا الكَافِرُ فَيُسَوَّدُ وَجْهُهُ وَيُمَدُّ لَهُ فِي جِسْمِهِ سِتُّونَ ذِرَاعًا عَلَى صُورَةِ آدَمَ فَيُلْبَسُ تَاجًا، فَيَرَاهُ أَصْحَابُهُ فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا، اللَّهُمَّ لَا تَأْتِنَا بِهَذَا» قَالَ: «فَيَأْتِيهِمْ فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ أَخْزِهِ، فَيَقُولُ: أَبْعَدَكُمُ اللَّهُ فَإِنَّ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مِثْلَ هَذَا». قال غالب العواجي بعد ذكره عددًا من الأحاديث الدالة على كتابة الأعمال: «وفي هذه الأحاديث التي عرضناها دلالة صريحة على كتابة كل ما يصدر عن العبد، وتسجيله في سجله الخاص، خيرًا كان أم شرًا». "الحياة الآخرة" للعواجي (ص848).

الإجماع

قال الأشعري: «وأجمعوا على. .. أن الخلق يؤتون يوم القيامة بصحائف فيها أعمالهم، فمن أوتي كتابه بيمينه حوسب حسابًا يسيرًا، ومن أوتي كتابه بشماله فأولئك يصلون سعيرًا». "رسالة إلى أهل الثغر" (ص162). وقال الطوفي: «والإجماع على ذلك أن الحفظة يكتبون ما يصور عن الإنسان شيئًا فشيئًا». "الإشارات الإلهية" (ص572). وقال السفاريني في معرض الكلام عن صحائف الأعمال: «مع أن مما أنكرته المعتزلة أيضًا الصحف، فزعمت المعتزلة أنه عبث مع ثبوتها -كالصراط- بالكتاب والسنة وإجماع أهل الحق». "لوائح الأنوار" (2/205).

العقل

كتابة أعمال العباد، وتطاير الصحف يوم القيامة، هي من الأمور السمعية التي لا تدرك بمجرد العقل، قال ابن عبد البر: «وأحْكامُ الآخِرَةِ لا مَدْخَلَ فِيها لِلْقِياسِ والِاجْتِهادِ ولا لِلنَّظَرِ والِاحْتِجاجِ» "التمهيد" (22/452) وقال ابن حجر: «ويقتضي الإيمان بأمور الآخرة أن ليس للعقل فيها مجال». "فتح الباري" (11/395). ولكن العقل يدل على أن الله سبحانه عدل لا يظلم الناس شيئًا، إذ كل كمال فهو ثابت له عقلًا وكل نقص فهو منتفٍ عنه عقلًا، أما تفصيل الحساب وكتابة الأعمال ونحوها فإنه لا يدرك بمجرد العقل.

الحكمة

الحكمة من كتب الأعمال: إلزام العباد وقطع معاذيرهم قال السفاريني: «وقد علمت أن من حكمة ذلك إلزام العباد، وقطع معاذيرهم ورفع الجدال مع إعادة الذكر وإحصاء ما في الصحف وتعدادها على العبد، وليعلم العبد أنه ما فرط في الكتاب من شيء فيقولون: ﴿يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف: 49]». "لوائح الأنوار" (2/206).

مذاهب المخالفين

نسب إنكار كتب الأعمال إلى المعتزلة، قال البزدوي في بيان عقائد بعض المعتزلة: «وأنكروا قراءة الكتب يوم القيامة» "أصول الدين" (ص256) قال السفاريني: «مع أن مما أنكرته المعتزلة أيضًا الصحف، فزعمت المعتزلة أنه عبث مع ثبوتها -كالصراط- بالكتاب والسنة وإجماع أهل الحق» "لوائح الأنوار" (2/205) ولكن هذه النسبة فيها نظر، قال القاضي عبد الجبار: «وقد اتصل بهذه الجملة الكلام في أحوال القيامة، وما يجري هناك من وضع الموازين والمسألة والمحاسبة وإنطاق الجوارح ونشر الصحف، وما يجري هذا المجرى وجملة ذلك أن كل هذه الأمور حق، يجب اعتقاده والإقرار به». "شرح الأصول الخمسة" (ص734، 735).