البحث

عبارات مقترحة:

الرب

كلمة (الرب) في اللغة تعود إلى معنى التربية وهي الإنشاء...

الأعلى

كلمة (الأعلى) اسمُ تفضيل من العُلُوِّ، وهو الارتفاع، وهو اسمٌ من...

الحفي

كلمةُ (الحَفِيِّ) في اللغة هي صفةٌ من الحفاوة، وهي الاهتمامُ...

رؤية الله تعالى

رؤية الله تعالى للمؤمنين في الآخرة ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، ودل العقل على إثباتها، وهي أعظم نعيم يتنعم به أهل الجنة، وخالف في إثباتها الجهمية والمعتزلة والخوارج وبعض الرافضة، وأثبتها الأشاعرة بدون مقابلة، ورد أتباع السلف على الفريقين.

التعريف

التعريف لغة

الرؤية مصدر رأى، وهي لغة: النظر بالعين أو بالقلب، فإذا تعدت إلى مفعول واحد فالمراد بها النظر بالعين، وإن تعدت إلى مفعولين فالمراد بها النظر بالقلب، قال الجوهري: «الرؤية بالعين تتعدى إلى مفعول واحد، وبمعنى العلم تتعدى إلى مفعولين». "الصحاح" (6/2347). قال ابن فارس: «الرَّاءُ وَالْهَمْزَةُ وَالْيَاءُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى نَظَرٍ وَإِبْصَارٍ بِعَيْنٍ أَوْ بَصِيرَةٍ» "مقاييس اللغة" (2/472) وانظر "لسان العرب" لابن منظور (14/291)، و"تاج العروس" للزبيدي (38/102).

التعريف اصطلاحًا

ليس هناك اختصاص لمعنى الرؤية اصطلاحًا عن معنى الرؤية لغة، إلا أن الرؤية لما أضيفت إلى الله تعالى علمنا أنها ليست رؤية إحاطة لقوله تعالى: ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الأنعام: 103]، قال ابن تيمية: «قوله: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ إنما نفى الإدراك الذي هو الإحاطة كما قاله أكثر العلماء ولم ينف مجرد الرؤية» "مجموع الفتاوى" (3/36).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

الرؤية اصطلاحًا موافقة للرؤية لغة في أصلها، لكن تفارقها في بعض الخصائص، فالرؤية في الدنيا تشمل الرؤية بالإحاطة وعدمها، أما رؤية الله تعالى في الآخرة فتختص بالرؤية المجردة عن الإحاطة.

الحكم

يجب الإيمان بأن المؤمنين يرون ربهم في الآخرة، لما ثبت في الكتاب والسنة وأجمع عليه الأمة من أن ذلك واقع. قال النووي: «اعْلَمْ أنَّ مَذْهَبَ أهْلِ السُّنَّةِ بِأجْمَعِهِمْ أنَّ رُؤْيَةَ اللَّهِ تَعالى مُمْكِنَةٌ غَيْرُ مُسْتَحِيلَةٍ عَقْلًا وأجْمَعُوا أيْضًا عَلى وُقُوعِها فِي الآخِرَةِ وأنَّ المُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ اللَّهَ تَعالى دُونَ الكافِرِينَ وزَعَمَتْ طائِفَةٌ مِن أهْلِ البِدَعِ المُعْتَزِلَةُ والخَوارِجُ وبَعْضُ المُرْجِئَةِ أنَّ اللَّهَ تَعالى لا يَراهُ أحَدٌ مِن خَلْقِهِ وأنَّ رُؤْيَتَهُ مُسْتَحِيلَةٌ عَقْلًا وهَذا الَّذِي قالُوهُ خَطَأٌ صَرِيحٌ وجَهْلٌ قَبِيحٌ وقَدْ تَظاهَرَتْ أدِلَّةُ الكِتابِ والسُّنَّةِ وإجْماعِ الصَّحابَةِ فَمَن بَعْدَهُمْ مِن سَلَفِ الأُمَّةِ عَلى إثْباتِ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعالى فِي الآخِرَةِ لِلْمُؤْمِنَيْنِ ورَواها نَحْوٌ مِن عِشْرِينَ صَحابِيًّا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وآياتُ القُرْآنِ فِيها مَشْهُورَةٌ». "شرح صحيح مسلم" (3/15). وقال ابن تيمية: «وإنما المهم الذي يجب على كل مسلم اعتقاده: أن المؤمنين يرون ربهم في الدار الآخرة في عرصة القيامة وبعد ما يدخلون الجنة على ما تواترت به الأحاديث عن النبي عند العلماء بالحديث». "مجموع الفتاوى" (6/485). وإنكار الرؤية حكم عدد من العلماء بأنه كفر، قال أبو داود السجستاني: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ: وَذُكِرَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنَ الرُّؤْيَةِ فَغَضِبَ وَقَالَ: «مَنْ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُرَى، فَهُوَ كَافِرٌ». انظر "الشريعة" للآجري (2/987، 988)

الأدلة

القرآن الكريم

رؤية الله تعالى في القرآن الكريم
دلت عدد من آيات القرآن على وقوع الرؤية، منها قوله تعالى: ﴿وجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: 22، 23] قال السفاريني: «فهذه الآية إذا حررت من تحريفها عن مواضعها، والكذب على المتكلم بها سبحانه فيما أراد منها، وجدتها منادية نداء صريحًا أن اللَّه سبحانه يرى عيانًا بالأبصار يوم القيامة في دار القرار». "لوائح الأنوار" (1/286). وقوله تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين: 15]، روى اللالكائي عن الربيع بن سليمان قال: «حَضَرْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيَّ وَقَدْ جَاءَتْهُ رُقْعَةٌ مِنَ الصَّعِيدِ فِيهَا: مَا تَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين: 15] قَالَ الشَّافِعِيُّ: " فَلَمَّا أَنْ حُجِبُوا هَؤُلَاءِ فِي السَّخَطِ كَانَ فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ فِي الرِّضَا قَالَ الرَّبِيعُ: قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَبِهِ تَقُولُ؟ قَالَ: نَعَمْ , وَبِهِ أَدِينُ اللَّهَ، لَوْ لَمْ يُوقِنْ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ أَنَّهُ يَرَى اللَّهَ لَمَا عَبْدَ اللَّهَ تَعَالَى» "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (3/560) ومنها قوله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: 26] فسر النبي ، والصحابة الكرام الزيادةَ بأنها النظر إلى وجه الله تعالى، قال ابن أبي العز: «فَالْحُسْنَى: الْجَنَّةُ، وَالزِّيَادَةُ: هِيَ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ، فَسَّرَهَا بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةُ مِنْ بَعْدِهِ، كَمَا رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ صُهَيْبٍ، قَالَ: «قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾، قَالَ: ((إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، نَادَى مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدًا يُرِيدُ أَنْ يُنْجِزَكُمُوهُ، فَيَقُولُونَ: مَا هُوَ؟ أَلَمْ يُثَقِّلْ مَوَازِينَنَا وَيُبَيِّضْ وُجُوهَنَا وَيُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَيُجِرْنَا مِنَ النَّارِ؟ فَيُكْشِفُ الْحِجَابَ، فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فَمَا أَعْطَاهُمْ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ، وَهِيَ الزِّيَادَةُ». وَرَوَاهُ غَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ مُتَعَدِّدَةٍ وَأَلْفَاظٍ أُخَرَ، مَعْنَاهَا أَنَّ الزِّيَادَةَ: النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَكَذَلِكَ فَسَّرَهَا الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ ذَلِكَ. عَنْ جَمَاعَةٍ، مِنْهُمْ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَحُذَيْفَةُ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.» "شرح الطحاوية" (1/305، 306) وتفسير هذه الآيات بالرؤية بلغ مبلغ التواتر عند أئمة الحديث، كما قال السفاريني: «فَهَذِهِ تَفاسِيرُ هَذِهِ الآياتِ مُسْنَدَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى عَلَيْهِ وسَلَّمَ وأصْحابِهِ والتّابِعِينَ بَلَغَتْ مَبْلَغَ التَّواتُرِ عِنْدَ أئِمَّةِ الحَدِيثِ.» "لوامع الأنوار" (2/242، 243) وراجع "الحياة الآخرة" للعواجي (ص550 وما بعدها)

السنة النبوية

رؤية الله تعالى في السنة النبوية
تواترت الأحاديث الدالة على الرؤية، قال ابن أبي العز: «وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، الدَّالَّةُ عَلَى الرُّؤْيَةِ فَمُتَوَاتِرَةٌ، رَوَاهَا أَصْحَابُ الصِّحَاحِ وَالْمَسَانِيدِ وَالسُّنَنِ». "شرح الطحاوية" (1/310). وكذلك قال السفاريني في "لوائح الأنوار" (1/289) وغيرهم. ومن هذه الأحاديث حديث جرير بن عبد الله قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةً - يَعْنِي البَدْرَ - فَقَالَ: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ، كَمَا تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ، لاَ تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا» ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الغُرُوبِ﴾. أخرجه البخاري برقم (554) ومسلم برقم (633). وحديث أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ أُنَاسًا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص: 45] «نَعَمْ، هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ ضَوْءٌ لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ»، قَالُوا: لاَ، قَالَ «وَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ ضَوْءٌ لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ؟»: قَالُوا: لاَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ، إِلَّا كَمَا تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا». أخرجه البخاري برقم (4581) ومسلم برقم (183). وحديث أَبي هُرَيْرَةَ، وفيه: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهَلْ نَرَى رَبَّنَا؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: «هَلْ تَتَمَارَوْنَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ»؟ قُلْنَا: لَا. قَالَ: " كَذَلِكَ لَا تَتَمَارَوْنَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ». أخرجه الترمذي برقم (2549) وابن ماجه برقم (4336). قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: «رَأَيْتُ أَبِيَ رَحِمَهُ اللَّهُ يُصَحِّحُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ أَحَادِيثَ الرُّؤْيَةِ وَيَذْهَبُ إِلَيْهَا وَجَمَعَهَا فِي كِتَابٍ وَحَدَّثَنَا بِهَا». "السنة" لعبد الله برقم (584). قال الدارمي: «فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا وَأَكْثَرُ مِنْهَا قَدْ رُوِّيَتْ فِي الرُّؤْيَةِ، عَلَى تَصْدِيقَهَا وَالْإِيمَانِ بِهَا أَدْرَكْنَا أَهْلَ الْفِقْهِ وَالْبَصَرِ مِنْ مَشَايِخِنَا، وَلَمْ يَزَلِ الْمُسْلِمُونَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا يَرْوُونَهَا وَيُؤْمِنُونَ بِهَا، لَا يَسْتَنْكِرُونَهَا وَلَا يُنْكِرُونَهَا، وَمَنْ أَنْكَرَهَا مِنْ أَهْلِ الزَّيْغِ نَسَبُوهُ إِلَى الضَّلَالِ». "الرد على الجهمية" (ص121). وروى اللالكائي عن يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، قال: «عِنْدِي سَبْعَةُ عَشَرَ حَدِيثًا فِي الرُّؤْيَةِ كُلُّهَا صِحَاحٌ» "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (3/548). وراجع "الحياة الآخرة" للعواجي (ص604-640)

الإجماع

أجمع العلماء على إثبات رؤية المؤمنين لربهم تعالى يوم القيامة، قال الإمام أحمد: «والأحاديث في أيدي أهل العلم عن النبي أن أهل الجنة يرون ربهم، لا يختلف فيها أهل العلم». "الرد على الجهمية والزنادقة" (ص132). وقال الأشعري: «وأجمعوا على أن المؤمنين يرون الله عز وجل يوم القيامة بأعين وجوههم على ما أخبر به تعالى في قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾». "رسالة إلى أهل الثغر" (ص134). وقال ابن بطة: «فَقَدْ ذَكَرْتُ لَكُمْ رَحِمَكُمُ اللَّهُ مِنْ تَثْبِيتِ رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهُمْ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْجَنَّةِ، وَشَرَحْتُ ذَلِكَ وَبَيَّنْتُهُ مُلَخِّصًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ، وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلُغَاتِ الْعَرَبِ مَا فِي بَعْضِهِ كِفَايَةٌ، وَغِنًى وَهِدَايَةٌ، وَشِفَاءٌ لِمَنْ وَهَبَ اللَّهُ بَصِيرَةً، وَأَرَادَ بِهِ مَوْلَاهُ الْكَرِيمُ الْخَيْرَ وَالسَّلَامَةَ» "الإبانة الكبرى" (7/63) وقال ابن تيمية: «أجمع " سلف الأمة وأئمتها على أن المؤمنين يرون الله بأبصارهم في الآخرة وأجمعوا على أنهم لا يرونه في الدنيا بأبصارهم ولم يتنازعوا إلا في النبي » "مجموع الفتاوى" (6/512). راجع "المسائل العقدية التي حكى فيها ابن تيمية الإجماع" بإشراف عبد الله الدميجي (ص500-515)

العقل

العقل دل على إمكان رؤية الله تبارك وتعالى، والشرع دل على وقوعها في الآخرة، قال الباقلاني: «اعلم أن رؤية الله تعالى جائزة من جهة العقل، وهي واجبة للمؤمنين في الآخرة من طريق الشرع» "الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به" (ص170) قال ابن تيمية: «كلام السلف والأئمة كثير في مسألة الرؤية وتقرير وجودها بالسمع وتقرير جوازها بالعقل» "بيان تلبيس الجهمية" (2/428) وقال ابن القيم: «ثبت بالفعل إمكان رؤيته تعالى، وبالشرع وقوعها في الآخرة، فاتفق الشرع والعقل على إمكان الرؤية ووقوعها، فإن الرؤية أمر وجودي لا يتعلق إلا بموجود، وما كان أكمل وجودا كان أحق أن يرى، فالباري سبحانه أحق أن يرى من كل ما سواه، لأن وجوده أكمل من كل موجود سواه» "مختصر الصواعق المرسلة" (2/523) راجع "العقود الذهبية" لسلطان العميري (1/457، 458)

أقوال أهل العلم

ويرونه سبحانه من فوقهم*****نظر العيان كما يرى القمران هذا تواتر عن رسول الله لم*****ينكره إلا فاسد الإيمان وأتى به القرآن تصريحا وتع*****ـريضًا هما بسياقه نوعان وهي الزيادة قد أتت في يونس ***** تفسير من قد جاء بالقرآن ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة "نونية ابن القيم" (ص341)

مذاهب المخالفين

المسالك المخالفة لمذهب أهل السنة في رؤية الله تعالى في الآخرة ثلاثة: المسلك الأول: نفي الرؤية في الآخرة. المسلك الثاني: إثبات الرؤية في الآخرة لكن بدون مقابلة. المسلك الثالث: إثبات الرؤية في الآخرة على جهة التشبيه والتمثيل. قال ابن تيمية: «فإنكار الرؤية والمحبة والكلام - أيضًا - معروف من كلام الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم. والأشعرية ومن تابعهم يوافقونهم على نفي المحبة، ويخالفونهم في إثبات الرؤية، ولكن الرؤية التي يثبتونها لا حقيقة لها» "مجموع الفتاوى" (8 /356، 357). فممن سلك المسلك الأول: الجهمية. قال ابن القيم: «رَدَّ الْجَهْمِيَّةُ النُّصُوصَ الْمُحْكَمَةَ الَّتِي قَدْ بَلَغَتْ فِي صَرَاحَتِهَا وَصِحَّتِهَا إلَى أَعْلَى الدَّرَجَاتِ فِي رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ وَفِي الْجَنَّةِ» "إعلام الموقعين" (2/211). وممن سلكه أيضًا: المعتزلة، وذلك مشهور معلوم من مذهبهم. قال القاضي عبد الجبار: «ومما يجب نفيه عن الله تعالى: الرؤية». "شرح الأصول الخمسة" (ص232)، وراجع "متشابه القرآن" له (ص673). وممن سلكه أيضًا الرافضة، قال ابن تيمية: «النزاع في هذه المسألة - يعني مسألة الرؤية - بين طوائف الإمامية كما النزاع فيها بين غيرهم، فالجهمية والمعتزلة والخوارج وطائفة من غير الإمامية تنكرها. والإمامية لهم فيها قولان: فجمهور قدمائهم يثبت الرؤية، وجمهور متأخريهم ينفونها، وقد تقدم أن أكثر قدمائهم يقولون بالتجسيم» "منهاج السنة" (2/315) وممن سلكه أيضًا الخوارج، ومنهم: الإباضية قال السالمي الإباضي: ورؤية الباري من المحال***** دنيا وأخرى احكم بكل حال انظر "مشارق أنوار العقول" للسالمي (1/380 وما بعدها) وقال الآمدي: «وأما المعتزلة والخوارج وجماعة من الرافضة: فقد أجمعوا على امتناع رؤية الباري عقلا لذوي الحواس» "أبكار الأفكار" (1/491) وممن سلك المسلك الثاني: الأشاعرة. قال اللقاني: «والمؤمنون في الجنة يرونه منزَّهًا عن الجهة والمقابلة والمكان؛ إذ الرؤية على مذهب أهل الحق قوةٌ يجعلها الله تعالى في خلقه لا يشترط فيها اتصال الأشعة ولا مقابلة المرئي ولا غير ذلك ولكن جرت العادة في رؤية بعضنا بعضًا بوجود ذلك، على جهة الاتفاق لا على جهة الاشتراط... ولا يلزم من رؤيته تعالى إثبات جهة، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرا، بل يراه المؤمنون لا في جهة، كما يعلمون أنه لا في جهة، وخالف في ذلك جميع الفرق» "إتحاف المريد بشرح جوهرة التوحيد" (ص171) وممن سلك المسلك الثالث: السالمية. في ما نسب إليهم، قال الشيخ عبد القادر الجيلاني: «(فصل) في ذكر مقالة السالمية: وهي منسوبة إلى ابن سالم. من قولهم إن الله سبحانه يرى يوم القيامة في صورة آدمي محمدي، وإنه عز وجل يتجلى لسائر الخلق يوم القيامة من الجن والإنس والملائكة والحيوان أجمع لكل واحد في معناه، وفي كتاب الله تكذيبهم، وهو في قوله عز وجل: ﴿ليس كمثله شيء وهو السميع البصير﴾» "الغنية" (1/191)