البحث

عبارات مقترحة:

الخلاق

كلمةُ (خَلَّاقٍ) في اللغة هي صيغةُ مبالغة من (الخَلْقِ)، وهو...

الشافي

كلمة (الشافي) في اللغة اسم فاعل من الشفاء، وهو البرء من السقم،...

الرحيم

كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...

الحوض

الحوض يراد به حوض نبينا محمد الذي يسقي منه أمته يوم القيامة، والإيمان به واجب، فقد ثبت بالسنة المتواترة وأجمع عليه العلماء، ووردت صفته في الحديث أن ماءه أبيض من اللبن وأحلى من العسل، وأنه في غاية الاتساع، والإيمان بالحوض هو من جملة الإيمان باليوم الآخر، وقد أنكر الحوض بعض المبتدعة.

التعريف

التعريف لغة

الحوض لغة: مجتمع الماء، قال الزبيدي: «(الحَوْضُ، مَعْرُوف) وَهُوَ مُجْتَمَعُ الماءِ». "تاج العروس" (18/308). وقال ابن فارس: «الْحَاءُ وَالْوَاوُ وَالضَّادُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ الْهَزْمُ فِي الْأَرْضِ. فَالْحَوْضُ حَوْضُ الْمَاءِ. وَاسْتَحْوَضَ الْمَاءَ: اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ حَوْضًا». "مقاييس اللغة" (2/120). راجع "لسان العرب" لابن منظور (7/141)، و"الصحاح" للجوهري (3/1072، 1073).

التعريف اصطلاحًا

الحوض اصطلاحًا: هو حوض عظيم للنبي يسقي منه أمته يوم القيامة، قال السفاريني: «(الحوض) وأل فيه للعهد وبدلًا عن الإضافة أي حوض النبي المصطفى نبينا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- فإنه حق». "لوائح الأنوار" (2/164). وصفته أنه: حوض عظيم، يسيل فيه من نهر الكوثر ميزابان، ماؤه أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل. قال ابن أبي العز: «والذي يتلخص من الأحاديث الواردة في صفة الحوض: أنه حوض عظيم، ومورد كريم، يمد من شراب الجنة، من نهر الكوثر، الذي هو أشد بياضًا من اللبن، وأبرد من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب ريحًا من المسك، وهو في غاية الاتساع، عرضه وطوله سواء، كل زاوية من زواياه مسيرة شهر. وفي بعض الأحاديث: أنه كلما شرب منه وهو في زيادة واتساع، وأنه ينبت في حال من المسك والرضراض من اللؤلؤ قضبان الذهب، ويثمر ألوان الجواهر، فسبحان الخالق الذي لا يعجزه شيء». "شرح الطحاوية" (1/367). وراجع "الحياة الآخرة" للعواجي (ص1277). وقال ابن حمدان في تعريفه: «هو نهر ماؤه أحلى من العسل، وأشد بياضًا من اللبن، آنيته عدد نجوم السماء، يشرب منه المؤمن قبل دخوله الجنة، وبعد جواز الصراط، عرضه مسيرة شهر، من شرب منه شربةً لا يظمأ بعدها أبدًا، فيه ميزابان يصبان من الكوثر». "نهاية المبتدئين" (ص56-57).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

العلاقة بين التعريف اللغوي والتعريف الاصطلاحي: علاقة عموم وخصوص مطلق، فإن الحوض بالمعنى الاصطلاحي أخص من الحوض بالمعنى اللغوي، فالحوض هو مجتمع الماء، وحوض النبي يوم القيامة هو مجتمع للماء مع صفات تميزه عن غيره من سائر الحياض كسعته وكثرة وارديه وغير ذلك، ولذلك أتبع عدد من المصنفين التعريف اللغوي بالتعريف الاصطلاحي؛ لاشتراكه معه في أصل المعنى، قال الزبيدي: «الحَوْضُ، مَعْرُوف، وَهُوَ مُجْتَمَعُ الماءِ، وحَوْضُ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسلَّم الَّذِي يَسْقِي مِنْهُ أُمَّتَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، حَكَى أَبُو زَيْدٍ: سَقَاكَ اللهُ بِحَوْضِ الرَّسُولِ، ومِنْ حَوْضِهِ». "تاج العروس" (18/308).

الحكم

يجب الإيمان بحوض النبي ، وأنه حق، قال القاضي عياض: «وحديث الحوض صحيح، والإيمان به واجب، والتصديق به من الإيمان، وهو على وجهه عند أهل السنة والجماعة، لا يتأول ولا يحال عن ظاهره». "إكمال المعلم" (7/260). ويقول القرطبي: «مما يجب على كل مكلف أن يعلمه، ويصدِّق به: أن الله تعالى قد خصَّ نبيه محمدًا ، بالكوثر الذي هو الحوض المصرَّح باسمه، وصفته، وشرابه وآنيته في الأحاديث الكثيرة الصحيحة الشهيرة، التي يحصل بمجموعها العلم القطعي، واليقين التواتري». "المفهم" (6/90). وقال ابن الملقن: «والإيمان بالحوض عند جماعة علماء المسلمين واجب الإقرار به». "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (9/252).

الأدلة

القرآن الكريم

الحوض في القرآن الكريم
لم يرد ذكر الحوض صريحًا في القرآن، لكن من العلماء من جعل الكوثر بمعنى الحوض تغليبًا، يقول العواجي: «أما بالنسبة لأدلته من القرآن فإنه لم يرد به التصريح، إلا أن من العلماء من جعل الحوض بمعنى الكوثر، ثم استدل لإثبات الحوض بسورة الكوثر، تغليبًا لاسم الكوثر على اسم الحوض». "الحياة الآخرة" (ص1278). قال ابن جُزَي في تفسير الكوثر: «وفي تفسيره سبعة أقوال: الأول حوض النبي ». "التسهيل لعلوم التنزيل" (4/773). وقال السفاريني عن الحوض: «حق ثابت بإجماع أهل الحق وسنده من الكتاب قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾». "لوائح الأنوار" (2/164).

السنة النبوية

الحوض في السنة النبوية
تواترت أحاديث الحوض في السنة النبوية، قال ابن أبي العز: «الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي ذِكْرِ الْحَوْضِ تَبْلُغُ حَدَّ التَّوَاتُرِ». "شرح الطحاوية" (1/364). وقال السيوطي: «ورد ذكر الحوض من رواية بضع وخمسين صحابيًا» "البدور السافرة" (ص241) ثم ذكرهم. وراجع "لقط اللآلئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة" للزبيدي (ص251)، و "لوائح الأنوار" للسفاريني (2/164) ومن الأحاديث الدالة على الحوض: حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ، مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ المِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلاَ يَظْمَأُ أَبَدًا». أخرجه البخاري برقم (6579) ومسلم برقم (2292). وكذلك حديث أبي هريرة أن رسول الله قال : «إن حوضي أبعد من أيلة من عدن لهو أشد بياضا من الثلج ، وأحلى من العسل باللبن ، ولآنيته أكثر من عدد النجوم وإني لأصد الناس عنه ، كما يصد الرجل إبل الناس عن حوضه» قالوا : يا رسول الله ، أتعرفنا يومئذ ؟ قال : «نعم لكم سيما ليست لأحد من الأمم تردون علي غرا ، محجلين من أثر الوضوء.» أخرجه مسلم برقم (247). وأيضًا حديث أنس، قال: بينا رسول الله ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما ، فقلنا : ما أضحكك يا رسول الله ، قال : «أنزلت علي آنفا سورة» فقرأ : ﴿بسم الله الرحمن الرحيم. إنا أعطيناك الكوثر. فصل لربك وانحر. إن شانئك هو الأبتر﴾، ثم قال : «أتدرون ما الكوثر؟» فقلنا الله ورسوله أعلم ، قال : «فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل ، عليه خير كثير ، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة ، آنيته عدد النجوم ، فيختلج العبد منهم ، فأقول : رب ، إنه من أمتي فيقول : ما تدري ما أحدثت بعدك.» أخرجه مسلم برقم (400).

الإجماع

أجمع أهل السنة على إثبات الحوض، وأنه حق، قال الأشعري: «وأجمعوا على أن لرسول الله حوضًا يوم القيامة ترده أمته لا يظمأ من شرب منه، ويذاد عنه من بدل وغيّر بعده» "رسالة إلى أهل الثغر" (ص165) وقال ابن تيمية في ذكر أصول متفق عليها بين أهل السنة والجماعة: «وما أخبر به النبي من أمر الجنة والنار والبعث والحساب وفتنة القبر والحوض وشفاعة النبي في أهل الكبائر» "مجموع الفتاوى" (11/486). وقال السفاريني: «الحوض والكوثر ثابت بالنص وإجماع أهل السنة والجماعة، حتى عدَّه أهل السنة في العقائد الدينية لأجل الرد على أهل البدع والضلال» "شرح ثلاثيات المسند" (1/537)

العقل

ليس الحوض من المسائل التي تدرك بالعقل، فهي مسألة سمعية محضة من مسائل الإيمان باليوم الآخر، يقول ابن عبد البر: «أحْكامُ الآخِرَةِ لا مَدْخَلَ فِيها لِلْقِياسِ والِاجْتِهادِ ولا لِلنَّظَرِ والِاحْتِجاجِ». "التمهيد" (22/254). ويقول ابن حجر: «ويقتضي الإيمان بأمور الآخرة أن ليس للعقل فيها مجال ولا يعترض عليها بعقل ولا قياس ولاعادة وإنما يؤخذ بالقبول ويدخل تحت الإيمان بالغيب ومن توقف في ذلك دل على خسرانه وحرمانه» "فتح الباري" (11/395).

الحكمة

قال رسول الله : «إن حوضي لأبعد من أيلة من عدن، والذي نفسي بيده، إني لأذود عنه الرجال كما يذود الرجل الإبل الغريبة عن حوضه» أخرجه مسلم برقم (248) وتكلم العلماء عن الحكمة من هذا الذود، فقال ابن حجر: «والحكمة في الذود المذكور أنه يريد أن يرشد كل أحد إلى حوض نبيه على ما تقدم أن لكل نبي حوضا وأنهم يتباهون بكثرة من يتبعهم فيكون ذلك من جملة إنصافه ورعاية إخوانه من النبيين لا أنه يطردهم بخلا عليهم بالماء ويحتمل أنه يطرد من لا يستحق الشرب من الحوض والعلم عند الله تعالى» "فتح الباري" (11/474)

أقوال أهل العلم

أول من يرد الحوض على رسول الله : الذابلون، الناحلون، السائحون، الذين إذا جَنَّهم الليل استقبلوه بالحزن. أَنَس بن مالِك "التذكرة" للقرطبي (ص709)

مذاهب المخالفين

ينسب إنكار الحوض للمعتزلة، قال الشاطبي: «وَالتَّكْذِيبُ بِالْحَوْضِ مِنْ أَوْصَافِ أَهْلِ الِاعْتِزَالِ وَغَيْرِهِمْ.» "الاعتصام" (1/115) وقال السفاريني: «خالفت المعتزلة فلم تقر بإثبات الحوض مع ثبوته بالسنة بالصحيحة الصريحة بل وبظاهر القرآن» "لوائح الأنوار" (2/173) وينسب إنكاره للخوارج أيضًا، قال ابن حجر: «أنكره الخوارج وبعض المعتزلة وممن كان ينكره عبيد الله بن زياد أحد أمراء العراق لمعاوية وولده» "فتح الباري" (11/467) راجع "الحياة الآخرة" للعواجي (ص1333: 1342)