البحث

عبارات مقترحة:

المؤمن

كلمة (المؤمن) في اللغة اسم فاعل من الفعل (آمَنَ) الذي بمعنى...

الواسع

كلمة (الواسع) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَسِعَ يَسَع) والمصدر...

الجبار

الجَبْرُ في اللغة عكسُ الكسرِ، وهو التسويةُ، والإجبار القهر،...

الشفاعة

الشفاعة هي طلب الرسول أو غيره من الله تعالى في الدار الآخرة حصول منفعة لأحد من الخلق، وهي ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، وخالف المعتزلة والخوارج في بعض أنواع الشفاعة، وهي الشفاعة لأهل الكبائر، وقالوا بتخليدهم في النار، وخالفوا بذلك السنة الصحيحة وإجماع الصحابة والسلف.

التعريف

التعريف لغة

الشفاعة مشتقة من الشفع، وهو: خلاف الوتر، قال الجوهري: «الشَفْعُ: خلافُ الزوج، وهو خلاف الوتر. تقول: كان وترا فَشَفَّعْتُهُ شَفْعاً». "الصحاح" (3/1238). قال ابن فارس: «الشِّينُ وَالْفَاءُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مُقَارَنَةِ الشَّيْئَيْنِ. مِنْ ذَلِكَ الشَّفْعُ خِلَافُ الْوَتْرِ. تَقُولُ: كَانَ فَرْدًا فَشَفَعْتُهُ». "مقاييس اللغة" (3/201). فالشفاعة هي: الانضمام إلى آخر سائلًا عنه، وطالبًا له. قال الراغب: «والشَّفَاعَةُ: الانضمام إلى آخر ناصرًا له وسائلًا عنه، وأكثر ما يستعمل في انضمام من هو أعلى حرمة ومرتبة إلى من هو أدنى. ومنه: الشَّفَاعَةُ في القيامة». "المفردات" (ص457، 458). وقال ابن منظور: «والشَّفاعةُ: كَلَامُ الشَّفِيعِ لِلْمَلِكِ فِي حَاجَةٍ يسأَلُها لِغَيْرِهِ. وشَفَعَ إِليه: فِي مَعْنَى طَلَبَ إِليه. والشَّافِعُ: الطَّالِبُ لِغَيْرِهِ يَتَشَفَّعُ بِهِ إِلى الْمَطْلُوبِ. يُقَالُ: تَشَفَّعْتُ بِفُلَانٍ إِلى فُلَانٍ فَشَفّعَني فِيهِ، وَاسْمُ الطَّالِبِ شَفِيعٌ». "لسان العرب" (8/184). انظر "تهذيب اللغة" للخطابي (1/278)، و"تاج العروس" للزبيدي (21/287).

التعريف اصطلاحًا

الشفاعة في المعنى الاصطلاحي قريبة منها في المعنى اللغوي، ولهذا يقل من أفردها بالتعريف اصطلاحًا، يقول العواجي: «ولوضوح أمر الشفاعة في الآخرة، فإن تعريفها تعريفًا خاصًا بها ومحددًا لها لم يرد إلا قليلًا على ألسنة علماء العقائد لظهور المراد منها». "الحياة الآخرة" (ص251). ثم عرفها هو بتعريف يميز الشفاعة الاصطلاحية عن اللغوية، فقال: «طلب الرسول محمد أو غيره من الله في الدار الآخرة حصول منفعة لأحد من الخلق». "الحياة الآخرة" (ص251). وهذا تعريف حسن لشموله جميع أنواع الشفاعات الثابتة، لكن لو زيد فيه (أو غيره من المؤمنين) لكان أولى، لأن الكافر يهان يوم القيامة ولا يشفع لأحد.

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

العلاقة بين التعريفين عموم وخصوص مطلق، فإن الشفاعة بالمعنى اللغوي تعم الشفاعة بالمعنى الاصطلاحي وغيره، فهي تشمل الشفاعة في الدنيا والآخرة، وتشمل الشفاعة من المؤمن والكافر وغيرها، أما الشفاعة اصطلاحًا فتختص بالآخرة، ولا تعطى إلا للمؤمنين. راجع "الحياة الآخرة" للعواجي (ص252)

الحكم

الإيمان بالشفاعة واجب في الجملة، وفي أنواعها ما فيه خلاف بين العلماء، ومن أنواع الشفاعات التي يجب الإيمان بها: الشفاعة العظمى في أهل الموقف، والشفاعة في أهل الكبائر من المسلمين، فالأولى: ثابتة بإجماع طوائف المسلمين، والثانية: أنكرها المعتزلة، وخالفوا فيها اتفاق السلف. قال ابن حمدان: «ويجب الإيمان بأن الصحف والشفاعة من الأنبياء والعلماء والشهداء وبقية المؤمنين، والعرض والمساءلة والحساب، وقراءة الكتب، وشهادة الأعضاء، والجلود، والجزاء، والعفو، والعفو حق وصدق». "نهاية المبتدئين" (ص57). قال ابن تيمية: «وأما شفاعته لأهل الذنوب من أمته فمتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين الأربعة وغيرهم وأنكرها كثير من أهل البدع من الخوارج والمعتزلة والزيدية». "مجموع الفتاوى" (1/148). ويجب الإيمان بأن غير النبي من الأنبياء والملائكة والمؤمنين أيضًا يشفعون، قال السفاريني: «والحاصل أنه يجب أن يعتقد أن غير النبي من سائر الرسل والأنبياء والملائكة والصحابة والشهداء والصديقين والأولياء على اختلاف مراتبهم ومقاماتهم عند ربهم يشفعون، وبقدر جاههم ووجاهتهم يشفعون لثبوت الأخبار بذلك، وترادف الاثار على ذلك». "لوامع الأنوار" (2/209).

الأدلة

القرآن الكريم

الشفاعة في القرآن الكريم
ورد إثبات الشفاعة في القرآن بشرط أن يأذن الله سبحانه فيها قال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: 255]. وقال تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا﴾ [طه: 109]. وقال تعالى: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [الأنبياء: 28]. ولا يرتضي إلا من كان موحدًا، كما قال ابن عباس: «الذين ارتضى لهم شهادة أن لا إله إلا الله» انظر "تفسير الطبري" (18/429). وقال ابن القيم: «فأخبر أنه لا يحصل يومئذ شفاعة تنفع إلا بعد رضاء قول المشفوع له، وإذنه للشافع فيه، فأما المشرك فإنه لا يرتضيه، ولا يرضى قوله، فلا يأذن للشفعاء أن يشفعوا فيه فإنه سبحانه علقها بأمرين: رضاه عن المشفوع له، وإذنه للشافع، فما لم يوجد مجموع الأمرين لم توجد الشفاعة». "إغاثة اللهفان" (1/221).

السنة النبوية

الشفاعة في السنة النبوية
ورد إثبات الشفاعة في أحاديث كثيرة، وقد تواترت أحاديث الشفاعة كما قال ابن تيمية: «أحاديث الشفاعة في أهل الكبائر ثابتة متواترة عن النبي ، وقد اتفق عليها السلف من الصحابة وتابعيهم بإحسان وأئمة المسلمين». "مجموع الفتاوى" (4/309). منها حديث أنس، وفيه: «فَيَأْتُونِي، فَأَنْطَلِقُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ عَلَى رَبِّي، فَيُؤْذَنَ لِي، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ وَسَلْ تُعْطَهْ، وَقُلْ يُسْمَعْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَحْمَدُهُ بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ». أخرجه البخاري برقم (4476) ومسلم برقم (193). ومنها حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أيضًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي». أخرجه أبو داود برقم (4739). ومنها حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِي الغَنَائِمُ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ». أخرجه البخاري برقم (438) ومسلم برقم (521).

الإجماع

أجمع العلماء على إثبات الشفاعة في الجملة، فمن أنواع الشفاعة المجمع عليها: الشفاعة العظمى. قال السفاريني: «الشَّفَاعَةَ الْعُظْمَى مُجْمَعٌ عَلَيْهَا لَمْ يُنْكِرْهَا أَحَدٌ مِمَّنْ يَقُولُ بِالْحَشْرِ، إِذْ هِيَ لِلْإِرَاحَةِ مِنْ طُولِ الْوُقُوفِ حِينَ يَتَمَنَّوْنَ الِانْصِرَافَ مِنْ مَوْقِفِهِمْ ذَلِكَ، وَلَوْ إِلَى النَّارِ». "لوامع الأنوار" (2/208). وكذلك الشفاعة لأهل الكبائر، وإن خالف فيها المعتزلة، قال الأشعري: «وأجمعوا على أن شفاعة النبي لأهل الكبائر من أمته، وعلى أنه يخرج من النار قومًا من أمته بعد ما صاروا حممًا، فيطرحون في نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل». "رسالة إلى أهل الثغر" (ص164). وقال الباقلاني: «اعلم أن أهل السنة والجماعة أجمعوا على صحة الشفاعة منه لأهل الكبائر من هذه الأمة». "الإنصاف " (ص162). وقال ابن عبد الهادي: «فمن أنكر شفاعة نبينا في أهل الكبائر؛ فهو مبتدعٌ ضَالّ، كما يُنكرها الخوارج والمعتزلة». "الصارم المنكي" (ص38).

العقل

الشفاعة من الأمور السمعية التي لا تدرك بمجرد العقل، قال ابن عبد البر: «وأحْكامُ الآخِرَةِ لا مَدْخَلَ فِيها لِلْقِياسِ والِاجْتِهادِ ولا لِلنَّظَرِ والِاحْتِجاجِ». "التمهيد" (22/452). وقال ابن حجر: «ويقتضي الإيمان بأمور الآخرة أن ليس للعقل فيها مجال». "فتح الباري" (11/395).

مسائل متعلقة

أنواع الشفاعة

الشفاعة على أقسام : الأول: شفاعة خاصة بالنبي : وهي على أنواع: النوع الأول: الشفاعة العظمى ، وهي شفاعة النبي في أهل الموقف حتى يقضى بينهم، وهي شفاعة عامة لجميع الخلق، وهذا النوع مجمع عليه، ولم يخالف فيه المعتزلة. قال القرطبي: «وهذه الشفاعة العامة لأهل الموقف إنما هي ليجعل حسابهم ويراحوا من هول الموقف وهي الخاصة به ». "التذكرة" (ص599، 600). قال ابن حجر: «قوله: (وأعطيت الشفاعة) قال ابن دقيق العيد: الأقرب أن اللام فيها للعهد والمراد الشفاعة العظمى في إراحة الناس من هول الموقف ولا خلاف في وقوعها، وكذا جزم النووي وغيره». "فتح الباري" (1/438). وقال السفاريني: «الشَّفَاعَةَ الْعُظْمَى مُجْمَعٌ عَلَيْهَا لَمْ يُنْكِرْهَا أَحَدٌ مِمَّنْ يَقُولُ بِالْحَشْرِ، إِذْ هِيَ لِلْإِرَاحَةِ مِنْ طُولِ الْوُقُوفِ حِينَ يَتَمَنَّوْنَ الِانْصِرَافَ مِنْ مَوْقِفِهِمْ ذَلِكَ، وَلَوْ إِلَى النَّارِ». "لوامع الأنوار" (2/208). النوع الثاني: شفاعة النبي لأهل الجنة في دخولها ، كما ثبت في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتفْتِحُ ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَأَقُولُ : مُحَمَّدٌ ، فَيَقُولُ : بِكَ أُمِرْتُ لاَ أَفْتَحُ لأَحَدٍ قَبْلَكَ». أخرجه مسلم برقم (197). وهذا النوع يجب الإيمان به أيضا، قال ابن أبي العز في ذكر أنواع الشفاعة: «شَفَاعَتُهُ أَنْ يُؤْذَنَ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَنَا أَوَّلُ شَفِيعٍ فِي الْجَنَّةِ». "شرح الطحاوية" (1/375) النوع الثالث: شفاعته في تخفيف العذاب عمن يستحقه ، قال القرطبي: «وشفاعة سادسة لعمه أبي طالب في التخفيف عنه، كما رواه مسلم». "التذكرة" (ص608). وقال ابن القيم: «النَّوْع الْخَامِس : فِي تَخْفِيف الْعَذَاب عَنْ بَعْض أَهْل النَّار». "تهذيب سنن أبي داود وإيضاح مشكلاته" (2/224). وقال ابن أبي العز: «النَّوْعُ السَّادِسُ: الشَّفَاعَةُ فِي تَخْفِيفِ الْعَذَابِ عَمَّنْ يَسْتَحِقُّهُ، كَشَفَاعَتِهِ فِي عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُ عَذَابُهُ». "شرح الطحاوية" (1/375). النوع الرابع: شفاعته لأهل الأعراف ، قال ابن حجر: «وظهر لي بالتتبع شفاعة أخرى وهي الشفاعة فيمن استوت حسناته وسيئاته أن يدخل الجنة ومستندها ما أخرجه الطبراني عن بن عباس قال السابق يدخل الجنة بغير حساب والمقتصد يرحمه الله والظالم لنفسه وأصحاب الأعراف يدخلونها بشفاعة النبي » "فتح الباري" (11/428) النوع الخامس: الشفاعة لمن صبر على سكنى المدينة ، ودليله حديث عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لاَبَتَيِ الْمَدِينَةِ أَنْ يُقْطَعَ عِضَاهُهَا ، أَوْ يُقْتَلَ صَيْدُهَا ، وَقَالَ : الْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ، لاَ يَدَعُهَا أَحَدٌ رَغْبَةً عَنْهَا إِلاَّ أَبْدَلَ اللَّهُ فِيهَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ ، وَلاَ يَثْبُتُ أَحَدٌ عَلَى لَأْوَائِهَا وَجَهْدِهَا إِلاَّ كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا ، أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أخرجه مسلم برقم (1363) قال النووي: «قال القاضي: وهذه خصوصية زائدة على الشفاعة للمذنبين أو للعالمين في القيمة وعلى شهادته على جميع الأمة وقد قال في شهداء أحد أنا شهيد على هؤلاء فيكون لتخصيصهم بهذا كله مزيد أو زيادة منزلة وحظوة... وإن كانت اللفظة الصحيحة شفيعًا فاختصاص أهل المدينة بهذا مع ما جاء من عمومها وادخارها لجميع الأمة أن هذه شفاعة أخرى غير العامة التي هي لإخراج أمته من النار ومعافاة بعضهم منها بشفاعته في القيامة، وتكون هذه الشفاعة لأهل المدينة بزيادة الدرجات أو تخفيف الحساب أو بما شاء الله من ذلك أو بإكرامهم يوم القيامة بأنواع من الكرامة؛ كإيوائهم إلى ظل العرش، أو كونهم في روح وعلى منابر، أو الإسراع بهم إلى الجنة أو غير ذلك من خصوص الكرامات الواردة لبعضهم دون بعض، والله أعلم». "شرح النووي على مسلم" (9/137). النوع السادس: الشفاعة في رفع درجات من يدخل الجنة فوق ما كان يقتضيه عمله، وأثبتها المعتزلة. قال القرطبي: «الخامسة: في زيادة الدرجات في الجنة لأهلها وترفيعها. قال القاضي عياض: وهذه الشفاعة لا تنكرها المعتزلة ولا تنكر شفاعة الحشر الأول.» "التذكرة" (ص608)، وقال ابن أبي العز: «النَّوْعُ الرابع: شَفَاعَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَفْعِ دَرَجَاتِ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فِيهَا فَوْقَ مَا كَانَ يَقْتَضِيهِ ثَوَابُ أَعْمَالِهِمْ. وَقَدْ وَافَقَتِ الْمُعْتَزِلَةُ هَذِهِ الشَّفَاعَةَ خَاصَّةً» "شرح الطحاوية" (1/374) واختلف العلماء في خصوصية النبي بهذه الشفاعة. راجع "لوامع الأنوار" للسفاريني (2/211) القسم الثاني: الشفاعة التي لا تختص بالنبي ، وهي أنواع: النوع الأول: الشفاعة في أهل الكبائر من المسلمين ممن دخل النار أن يخرج منها ، قال ابن أبي العز: «النَّوْعُ الثَّامِنُ: شَفَاعَتُهُ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِهِ، مِمَّنْ دَخَلَ النَّارَ، فَيَخْرُجُونَ مِنْهَا، وَقَدْ تَوَاتَرَتْ بِهَذَا النَّوْعِ الْأَحَادِيثُ... وَهَذِهِ الشَّفَاعَةُ تُشَارِكُهُ فِيهَا الْمَلَائِكَةُ وَالنَّبِيُّونَ وَالْمُؤْمِنُونَ أَيْضًا.» "شرح الطحاوية" (1/375) النوع الثاني: الشفاعة فيمن استحق دخول النار ألا يدخلها ، وهذا النوع فيه خلاف، فأثبته جماعة من العلماء، قال النووي: «الثّالِثَةُ الشَّفاعَةُ لِقَوْمٍ اسْتَوْجَبُوا النّارَ فَيَشْفَعُ فِيهِمْ نَبِيُّنا » "شرح النووي" (3/35) وقال ابن تيمية: «وَأَمَّا الشَّفَاعَةُ الثَّالِثَةُ: فَيَشْفَعُ فِيمَنْ اسْتَحَقَّ النَّارَ. وَهَذِهِ الشَّفَاعَةُ لَهُ وَلِسَائِرِ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَغَيْرِهِمْ. - يَشْفَعُ فِيمَنْ اسْتَحَقَّ النَّارَ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا. - وَيَشْفَعَ فِيمَنْ دَخَلَهَا أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا.» "العقيدة الواسطية" (ص101) وتوقف فيه بعضهم، قال ابن القيم: «وَهَذَا النَّوْع لَمْ أَقِف إِلَى الْآن عَلَى حَدِيث يَدُلّ عَلَيْهِ. وَأَكْثَر الْأَحَادِيث صَرِيحَة فِي أَنَّ الشَّفَاعَة فِي أَهْل التَّوْحِيد مِنْ أَرْبَاب الْكَبَائِر إِنَّمَا تَكُون بَعْد دُخُولهمْ النَّار، وَأَمَّا أَنْ يُشْفَع فِيهِمْ قَبْل الدُّخُول، فَلَا يَدْخُلُونَ؛ فَلَمْ أَظْفَر فِيهِ بِنَصٍّ». "تهذيب سنن أبي داود وإيضاح مشكلاته" (2/224، 225). واختلف العلماء في اختصاص هذا النوع بالنبي ، قال السفاريني: «وهَذِهِ جَزَمَ القاضِي وابْنُ السُّبْكِيِّ بِعَدَمِ اخْتِصاصِها بِهِ وتَرَدَّدَ النَّوَوِيُّ فِي ذَلِكَ. قالَ السُّبْكِيُّ: لِأنَّهُ لَمْ يَرِدْ نَصٌّ صَحِيحٌ بِثُبُوتِ الِاخْتِصاصِ ولا بِنَفْيِهِ. وجَزَمَ فِي الأُنْمُوذَجِ بِأنَّها مِن خَصائِصِهِ - ». "لوامع الأنوار" (2/211)

مذاهب المخالفين

خالف في أمر الشفاعة طائفتان: طائفة أثبتت شفاعات باطلة، وجعلوا شفاعة من يعظمونه نافذة بلا شروط، وطائفة أنكرت شفاعات ثابتة وهي الشفاعة في أهل الكبائر من هذه الأمة، قال ابن تيمية: «والناس في الشفاعة على ثلاثة أقوال: فالمشركون والنصارى والمبتدعون من الغلاة في المشايخ وغيرهم يجعلون شفاعة من يعظمونه عند الله كالشفاعة المعروفة في الدنيا. والمعتزلة والخوارج أنكروا شفاعة نبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أهل الكبائر. وأما أهل السنة والجماعة فيقرون بشفاعة نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أهل الكبائر وشفاعة غيره لكن لا يشفع أحد حتى يأذن الله ويحد له حد». "الصفدية" (2/290). قال السفاريني: «تنبيه: الشفاعة التي تنكرها المعتزلة وتجحدها هي فيمن استحق النار من المؤمنين أن لا يدخلها وفيمن دخلها منهم أن يخرج منها، لزعمهم أن انفاذ الوعيد واجب عليه تعالى فكذّبت المبتدعة بشفاعة النبي صلى اللَّه عليه وسلم ونفتها مع ثبوت أدلتها، وتظافر حججها، مما ربما يعسر إحصاؤه ويتعذر استقصاؤه». "لوائح الأنوار" (2/249). قال القاضي عبد الجبار: «فحصل لك بهذه الجملة العلم بأن الشفاعة ثابتة للمؤمنين دون الفساق من أهل الصلاة، خلاف ما تقوله المرجئة». "شرح الأصول الخمسة" (ص690). وممن نفى الشفاعة لأهل الكبائر أيضًا: الخوارج، قال ابن حزم: «اخْتلف النّاس فِي الشَّفاعَة فأنكرها قوم وهُوَ المُعْتَزلَة والخوارج وكل من تبع أن لا يخرج أحد من النّار بعد دُخُوله فِيها، وذهب أهل السّنة والأشعرية والكرامية وبَعض الرافضة إلى القَوْل بالشفاعة». "الفصل في الملل والأهواء والنحل" (4/53). وقال ابن تيمية: «وأما الخوارج والمعتزلة فأنكروا شفاعته لأهل الكبائر». "مجموع الفتاوى" (1/108). والإباضية كذلك، قال السالمي: شفاعة الرسول للتقي*****من الورى وليس للشقي ومن يقل بغير ذا فقد كفر*****كفر نعيم إن تأول ظهر انظر "مشارق أنوار العقول" (2/133) وقال بعدها: «وخالفت الأشاعرة فيها فأثبتوها لأهل الكبائر» ثم شرع في الرد عليهم. انظر "مشارق أنوار العقول" (2/134). راجع "الحياة الآخرة" للعواجي (ص318-331).