البحث

عبارات مقترحة:

الآخر

(الآخِر) كلمة تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

السيد

كلمة (السيد) في اللغة صيغة مبالغة من السيادة أو السُّؤْدَد،...

المعطي

كلمة (المعطي) في اللغة اسم فاعل من الإعطاء، الذي ينوّل غيره...

طلحة بن عبيد الله

هو الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله بن عثمان القرشي التيمي، أبو محمد، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبي بكر، وأحد الستة من أهل الشورى الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض، كان رضي الله عنه رجلا جوادا سخيا حليما، يعرف بطلحة الخير، وطلحة الفياض، شهد رضي الله عنه أحدا وما بعدها من المشاهد، وبايع بيعة الرضوان، ولم يشهد بدرا، لأنه كان غائبا بالشام بأمر رسول الله ، فقدم عقيب غزاة بدر، فضرب له رسول الله بسهمه وأجره، وأبلى يوم أحد بلاء عظيما، ووقى رسول الله بنفسه، واتقى عنه النبل بيده، حتى شلت إصبعه، وأراد رسول الله أن ينهض يوم أحد ليصعد صخرة، فلم يستطع، فاحتمله طلحة فأنهضه حتى استوى عليها، وله رضي الله عنه فضائل غير ذلك عظيمة، قتل رضي الله عنه يوم الجمل سنة ست وثلاثين من الهجرة، أصابه سهم في ركبته، فأدمى حتى مات منها، يقال: رماه به مروان بن الحكم.

البطاقة الشخصية

اسمه ونسبه

هو الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، القرشي التيمي، يكنى أبا محمد. وأمه الصعبة بنت عبد الله بن مالك الحضرمية، امرأة من أهل اليمن، وهي أخت العلاء بن الحضرميّ، والحضرمي هو أبوها، واسمه عبد الله، ويقال لها: بنت الحضرمي. انظر: "الإصابة" لابن حجر (2 /430)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /214)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /764)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /468).

مولده

قال موسى بن طلحة: «كان علي بن أبي طالب والزبير وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص، كان يقال لهم: لُدَات عام واحد، قال إبراهيم: ولدوا في عام واحد». أخرجه الحاكم (6107)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /511).

صفته

الخَلقية: كان طلحة رضي الله عنه رجلا آدم، حسن الوجه، كثير الشعر، ليس بالجعد القطط ولا بالسبط، وكان لا يغير شيبه. قال موسى بن طلحة: «كان أبيض يضرب إلى الحمرة، مربوعا، إلى القصر أقرب، رحب الصدر، عريض المنكبين، إذا التفت التفت جميعا، ضخم القدمين». وقال أبو جعفر: «كان طلحة بن عبيد الله يلبس المعصفرات». انظر: "الإصابة" لابن حجر (2 /430- 431)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /219)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /770)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /470). الخُلقية: كان رضي الله عنه جوادا سخيا. قال سفيان بن عيينة: «كانت غلة طلحة كل يوم ألفا وافيا». قال الواقدي: «والوافي وزنه وزن الدينار وعلى ذلك وزن دراهم فارس التي تعرف بالبغلية». وقال قبيصة بن جابر: «صحبت طلحة فما رأيت رجلا أعطى لجزيل مال من غير مسألة منه». وقالت سعدى بنت عوف المرية: «دخلت على طلحة ذات يوم فقلت: ما لي أراك، أرابك شيء من أهلك فنعتب؟ قال: نعم حليلة المرء أنت، ولكن عندي مال قد أهمني أو غمني قالت: اقسمه، فدعا جاريته، فقال: ادخلي على قومي، فأخذ يقسمه، فسألتها، كم كان المال؟ فقالت: أربعمائة ألف». وروى الحسن: «أن طلحة بن عبيد الله باع أرضا له من عثمان بن عفان بسبعمائة ألف، فحملها إليه، فلما جاء بها قال: إن رجلا تبيت هذه عنده في بيته لا يدري ما يطرقه من أمر الله العزيز بالله، فبات ورسله مختلف بها في سكك المدينة حتى أسحر وما عنده منها درهم». وقال معاوية: «عاش حميدًا، سخيًّا، شريفًا، وقتل فقيرًا رحمه الله». انظر: "الإصابة" لابن حجر (2 /430)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /220- 221)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /770)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /471). وكان رضي الله عنه رجلًا حليمًا. قال ابن أبي حازم: «سمعت طلحة بن عبيد الله يقول، وكان يعد من حلماء قريش: إن أقل العيب على الرجل جلوسه في داره». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /221).

إسلامه

كان رضي الله عنه من السابقين الأولين إلى الإسلام، دعاه أبو بكر الصديق إلى الإسلام، فأخذه ودخل به على رسول الله . ذكر ابن إسحاق: أنه لما أسلم أبو بكر وأظهر إسلامه دعا إلى الله عز وجل ورسوله ، وكان أبو بكر رجلا مؤلفا لقومه محببا سهلا، وكان أنسب قريش لقريش، وأعلم قريش بما كان فيها من خير وشر. وكان رجال قريش يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر، لعلمه وتجاربه وحسن مجالسته، فجعل يدعو إلى الإسلام من وثق به من قومه، ممن يغشاه ويجلس إليه، فأسلم على يديه عثمان بن عفان والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، فانطلقوا ومعهم أبو بكر حتى أتوا رسول الله ، فعرض عليهم الإسلام، وقرأ عليهم القرآن، وأنبأهم بحق الإسلام، فآمنوا، فأصبحوا مقرين بحق الإسلام. فكان هؤلاء الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، فصلوا وصدقوا. انظر: "السيرة" لابن هشام (1 /250- 252). والخبر في سبب إسلامه رواه ابن سعد من طريق مخرمة بن سليمان عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، قال: قال طلحة: «حضرت سوق بصرى فإذا راهب في صومعته يقول: سلوا أهل هذا الموسم: أفيهم أحد من أهل الحرم؟ قال طلحة: فقلت: نعم، أنا، فقال: هل ظهر أحمد بعد؟ قال: قلت: ومن أحمد؟ قال: ابن عبد الله بن عبد المطلب، هذا شهره الذي يخرج فيه، وهو آخر الأنبياء، ومخرجه من الحرم ومهاجره إلى نخل وحرة وسباخ فإياك أن تسبق إليه. قال طلحة: فوقع في قلبي ما قال فخرجت سريعا حتى قدمت مكة فقلت: هل كان من حدث؟ قالوا: نعم، محمد بن عبد الله الأمين تنبأ وقد تبعه ابن أبي قحافة، قال: فخرجت حتى دخلت على أبي بكر، فقلت: أتبعت هذا الرجل؟ قال: نعم، فانطلق إليه فادخل عليه فاتبعه فإنه يدعو إلى الحق، فأخبره طلحة بما قال الراهب فخرج أبو بكر بطلحة فدخل به على رسول الله فأسلم طلحة، وأخبر رسول الله بما قال الراهب، فسر رسول الله بذلك. فلما أسلم أبو بكر وطلحة بن عبيد الله أخذهما نوفل بن خويلد بن العدوية فشدهما في حبل واحد، ولم يمنعهما بنو تيم، وكان نوفل بن خويلد يدعى أسد قريش، فلذلك سمي أبو بكر وطلحة القرينين». انظر: "الإصابة" لابن حجر (2 /430- 431)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /214). وقيل: «إن الذي قرنهما عثمان بن عبيد الله أخو طلحة، فشدهما ليمنعهما عن الصلاة وعن دينهما، فلم يجيباه، فلم يرعهما إلا وهما مطلقان يصليان». "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /468).

زوجاته وأولاده

كان لطلحة رضي الله عنه من الولد: محمد وهو السجاد، وبه كان يكنى، قتل يوم الجمل مع أبيه، وعمران بن طلحة وأمهما حمنة بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن خزيمة، وأمها أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. وموسى بن طلحة، وأمه خولة بنت القعقاع بن معبد بن زرارة من بني تميم، وكان يقال للقعقاع تيار الفرات من سخائه. ويعقوب بن طلحة قتل يوم الحرة، وإسماعيل وإسحاق، وأمهم أم أبان بنت عتبة بن ربيعة. وزكرياء ويوسف، وعائشة، وأمهم أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق. وعيسى، ويحيى، وأمهما سعدى بنت عوف بن خارجة بن سنان بن أبي حارثة المري. وأم إسحاق بنت طلحة، تزوجها الحسن بن علي فولدت له طلحة، ثم توفي عنها فخلف عليها الحسين بن علي فولدت له فاطمة، وأمها الجرباء وهي أم الحارث بنت قسامة بن حنظلة من طيئ. والصعبة بنت طلحة، وأمها أم ولد. ومريم ابنة طلحة، وأمها أم ولد. وصالح بن طلحة درج، وأمه الفرعة بنت علي سبية من بني تغلب. انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /214). وقال ابن السّكن: «يقال: إن طلحة تزوّج أربع نسوة عند النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم أخت كل منهن: أم كلثوم بنت أبي بكر أخت عائشة، وحمنة بنت جحش أخت زينب، والفارعة بنت أبي سفيان أخت أم حبيبة، ورقيّة بنت أبي أمية أخت أم سلمة». "الإصابة" لابن حجر (2 /432).

ألقابه

كان طلحة رضي الله عنه يعرف بطلحة الخير، وطلحة الفياض. روى موسى بن طلحة عن أبيه طلحة قال: «سماني رسول الله يوم أحد طلحة الخير، ويوم العسرة طلحة الفياض، ويوم حنين طلحة الجود». "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /468). ذكر أهل النسب أن طلحة اشترى مالا بموضع يقال له بيسان، فقال له رسول الله : ما أنت إلا فياض، فسمي طلحة الفياض. قال محمد بن إبراهيم بن الحارث: «مر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم في غزوة ذي قرد على ماء يقال له بيسان مالح، فقال: هو نعمان، وهو طيب، فغيّر اسمه فاشتراه طلحة ثم تصدّق به، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: ما أنت يا طلحة إلا فيّاض، فبذلك قيل له طلحة الفياض». انظر: "الإصابة" لابن حجر (2 /430)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /100)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /764)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /467).

وفاته

قُتِل طلحة رضي الله عنه وأرضاه سنة ست وثلاثين، سنة وقعة الجمل؛ وهي لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين من الهجرة. وكان سِنّه يوم قتل ستين سنة، وقيل: وهو ابن ستين سنة، وقيل: اثنتان وستون سنة، وقيل: أربع وستون سنة. انظر: "الإصابة" لابن حجر (2 /432)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /224)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /770)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /470). وكان سبب قتل طلحة رضي الله عنه أنه أصابه سهم يوم الجمل، وكان شهد ذلك اليوم محاربا لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، رماه به مروان بن الحكم في ركبته، فجعلوا إذا أمسكوا فم الجرح انتفخت رجله، وإذا تركوه جرى، فقال: دعوه فإنما هو سهم أرسله الله تعالى، فمات منه. وقال مروان: لا أطلب بثأري بعد اليوم، والتفت إلى أبان بن عثمان، فقال: قد كفيتك بعض قتلة أبيك. وزعم بعض أهل العلم أن عليا دعاه، فذكره أشياء من سوابقه، على ما قال للزبير، فرجع عن قتاله، واعتزل في بعض الصفوف، فرمي بسهم في رجله. قال ابن سيرين: «رمي طلحة بن عبيد الله بسهم فأصاب ثغرة نحره. قال: فأقر مروان أنه رماه». قال قيس: «رمى مروان بن الحكم يوم الجمل طلحة بسهم في ركبته. قال: فجعل الدم يسيل فإذا أمسكوه أمسك، وإذا تركوه سال. قال فقال: دعوه. قال: وجعلوا إذا أمسكوا فم الجرح انتفخت ركبته، فقال: دعوه فإنما هو سهم أرسله الله تعالى، فمات فدفناه على شاطئ الكلأ». "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /768)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /470). قال ابن عبد البر: «ولا يختلف العلماء الثقات في أن مروان قتل طلحة يومئذ، وكان في حزبه». "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /766). فمات ودفن رضي الله عنه، فرآه بعض أهله أنه أتاهم في المنام، حتى رأوه ثلاث ليال، فقال: ألا تريحوني من هذا الماء، فإني قد غرقت، فأتى ابن عباس فأخبره، فنظروا فإذا شقه الذي يلي الأرض قد اخضر من نز الماء، فحولوه، فكأني أنظر إلى الكافور في عينيه لم يتغير إلا عقيصته فإنها مالت عن موضعها، فاشتروا له دارا من دور أبي بكرة بعشرة آلاف درهم، فدفنوه فيها. انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /768)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /470). وقال علي رضي الله عنه: «إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير من الذين قال الله في حقهم ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ سورة الحجر: 47». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /113)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /767)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /470). قال الشعبي: «لما قتل طلحة ورآه علي مقتولا جعل يمسح التراب عن وجهه، وقال: عزيز علَيّ أبا محمد أن أراك مجدلا تحت نجوم السماء، ثم قال: إلى الله أشكو عجري وبجري، وترحم عليه، وقال: ليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة، وبكى هو وأصحابه عليه». "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /470). قال علي بن زيد: «قال لي سعيد بن المسيب: مر غلامك فلينظر إلى وجه هذا الرجل، قلت: بل أخبرني أنت، قال: إن هذا رجل قد سود الله وجهه، قلت: ولمه؟ قال: كان يقع في علي، وطلحة، والزبير، فجعلت أنهاه، فجعل يأبى، فقلت: اللهم إن كنت تعلم أن هؤلاء قوم لهم سوابق وقدم، فإن كان مسخطا لك ما يقول فأربه واجعله آية، قال: فسود الله وجهه». "فضائل الصحابة" لابن حنبل (1734). انظر: "الإصابة" لابن حجر (2 /432)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /223- 226)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /766- 768)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /469- 470).

أخباره ومواقفه

في حياة النبي صلى الله عليه وسلم

المؤاخاة بينه وبين غيره من الصحابة رضي الله عنهم: لما أسلم طلحة والزبير آخى رسول الله بينهما بمكة قبل الهجرة، فلما هاجر المسلمون إلى المدينة آخى رسول الله بين طلحة وبين أبي أيوب الأنصاري، ويقال: بينه وبين كعب ابن مالك. انظر: "الإصابة" لابن حجر (2 /431)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /764)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /468). هجرته رضي الله عنه: قال عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: «لما هاجر طلحة بن عبيد الله إلى المدينة نزل على أسعد بن زرارة». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /215). شجاعته رضي الله عنه، وجهاده في سبيل الله: شهد طلحة رضي الله عنه أحدا وما بعدها من المشاهد، وبايع بيعة الرضوان، ولم يشهد بدرا، لأنه كان بالشام، فقدم بعد رجوع رسول الله من بدر، فضرب له رسول الله بسهمه وأجره، قاله موسى بن عقبة وابن إسحاق. قال الزبير بن بكار: «وكان طلحة بن عبيد الله بالشام في تجارة حيث كانت وقعة بدر، وكان من المهاجرين الأولين، فضرب له رسول الله بسهمه، فلما قدم قال: وأجري يا رسول الله؟ قال: وأجرك». وقال الواقدي: «بعث رسول الله قبل أن يخرج من المدينة إلى بدر طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد إلى طريق الشام يتجسسان الأخبار، ثم رجعا إلى المدينة، فقدماها يوم وقعة بدر». قال ابن الأثير معقبا على رواية الواقدي: «وهذا أصح، ولولا ذلك لم يطلب سهمه وأجره». "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /468). وأبلى يوم أحد بلاء عظيما، ووقى رسول الله بنفسه، واتقى عنه النبل بيده، حتى شلت إصبعه. قال قيس بن أبي حازم: «رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي قد شلت». أخرجه البخاري (3724). وأراد رسول الله أن ينهض يوم أحد ليصعد صخرة، وكان ظاهر بين درعين فلم يستطع النهوض، فاحتمله طلحة بن عبيد الله فأنهضه حتى استوى عليها. قال الزبير بن العوام: «كان على رسول الله يوم أحد درعان فنهض إلى صخرة، فلم يستطع، فأقعد تحته طلحة، فصعد النبي حتى استوى على الصخرة، فقال: سمعت النبي يقول: أوجب طلحة». أخرجه الترمذي (3738)، وقال فيه: «وفي الباب عن صفوان بن أمية، والسائب بن يزيد، وهذا حديث حسن صحيح غريب»، والحاكم (5602- 5603)، وقال فيه: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه»، وأحمد (1417)، طبعة الرسالة، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: «إسناده حسن، فقد صرح ابن إسحاق بالتحديث وهو صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات». وروى ابن سعد عن عائشة، وأم إسحاق ابنتي طلحة قالتا: «جرح أبونا يوم أحد أربعا وعشرين جراحة، وقع منها في رأسه شجة مربعة، وقطع نساه يعني عرق النسا، وشلت إصبعه، وسائر الجراح في سائر جسده، وقد غلبه الغشي، ورسول الله مكسورة رباعيتاه، مشجوج في وجهه، قد علاه الغشي، وطلحة محتمله، يرجع به القهقرى، كلما أدركه أحد من المشركين قاتل دونه حتى أسنده إلى الشعب». وقال موسى بن طلحة: «رجع طلحة يومئذ بخمس وسبعين أو سبع وثلاثين ضربة، ربع فيها جبينه، وقطع نساه، وشلت إصبعه التي تلي الإبهام». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /217- 218). انظر تفصيل ذلك: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /216- 218)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /764- 765)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /468)، "الإصابة" لابن حجر (2 /430- 431).

بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

أحاديثه ورواياته رضي الله عنه. روى عن النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم، وروى عنه بنوه: يحيى، وموسى، وعيسى بنو طلحة، وقيس بن أبي حازم، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، والأحنف، ومالك بن أبي عامر، وغيرهم. انظر: "الإصابة" لابن حجر (2 /430).

فضائله ومناقبه

كان رضي الله عنه أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله بالجنة. روى أبو هريرة: «أن رسول الله ، كان على جبل حراء فتحرك، فقال رسول الله : اسكن حراء فما عليك إلا نبي، أو صديق، أو شهيد، وعليه النبي ، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، رضي الله عنهم». أخرجه مسلم (2417). وروى سعيد بن زيد: «أن رسول الله قال: عشرة في الجنة: أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان وعلي والزبير وطلحة وعبد الرحمن وأبو عبيدة وسعد بن أبي وقاص. قال: فعد هؤلاء التسعة وسكت عن العاشر، فقال القوم: ننشدك الله يا أبا الأعور من العاشر؟ قال: نشدتموني بالله، أبو الأعور في الجنة». أخرجه الترمذي (3748)، وقال فيه: «أبو الأعور هو: سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل. وسمعت محمدا يقول: هو أصح من الحديث الأول»، وأبي داود (4649)، وقال الشيخ شعيب الارناؤوط في تخريجه على سنن أبي داود: «حديث صحح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل عبد الرحمن بن الأخنس، فهو مقبول حيث يتابع، وقد توبع في الطريقين الذي قبله والذي بعده»، وابن ماجه (133)، وقال الشيخ شعيب الارناؤوط في تخريجه على سنن ابن ماجه: «حديث صحيح، هشام بن عمار متابع، وباقي رجاله ثقات»، وأحمد (1675)، طبعة الرسالة. روى موسى بن طلحة عن أبيه طلحة، قال: «كان رسول الله إذا رآني قال: سلفي في الدنيا والآخرة، وسماني رسول الله يوم أحد طلحة الخير، وفي غزوة ذات العسيرة طلحة الفياض، ويوم حنين طلحة الجود، وقال: من أحب أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة». "السنة" لابن أبي عاصم (1403)، وحسن الشيخ شعيب الأرناؤوط إسناده في تخريجه على سنن ابن ماجه (126). روى موسى وعيسى ابني طلحة عن أبيهما طلحة: «أن أصحاب رسول الله قالوا لأعرابي جاهل: سله عمن قضى نحبه من هو؟ وكانوا لا يجترئون على مسألته يوقرونه ويهابونه، فسأله الأعرابي فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، ثم إني اطلعت من باب المسجد وعلَيّ ثياب خضر، فلما رآني رسول الله قال: أين السائل عمن قضى نحبه؟ قال الأعرابي: أنا يا رسول الله، قال رسول الله : هذا ممن قضى نحبه». أخرجه الترمذي (3203)، وقال فيه: «هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث يونس بن بكير»، وابن ماجه (127). وهو أحد الستّة أصحاب الشّورى. وجعله عمر بن الخطاب رضي الله عنهما في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده، وقال: هم الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض. انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /766)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /470). قال عمرو بن ميمون في حديثه الطويل الذي عند البخاري: «… قال: واستأذن الرجال، فولجت داخلا لهم، فسمعنا بكاءها من الداخل، فقالوا: أوص يا أمير المؤمنين استخلف، قال: ما أجد أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر، أو الرهط الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض، فسمى عليا، وعثمان، والزبير، وطلحة، وسعدا، وعبد الرحمن، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء...». أخرجه البخاري (3700). ثباته رضي الله عنه مع رسول الله في الغزوات. ففي الصحيحين، قال أبو عثمان: «لم يبق مع النبي في بعض تلك الأيام التي قاتل فيهن رسول الله غير طلحة وسعد عن حديثهما». أخرجه البخاري (3722)، ومسلم (2414).