البحث

عبارات مقترحة:

المولى

كلمة (المولى) في اللغة اسم مكان على وزن (مَفْعَل) أي محل الولاية...

الباسط

كلمة (الباسط) في اللغة اسم فاعل من البسط، وهو النشر والمدّ، وهو...

المنان

المنّان في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من المَنّ وهو على...

عمر بن الخطاب

هو الصحابي الجليل عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي، أبو حفص، الفاروق رضي الله عنه، أمير المؤمنين، أسلم بعد عدة رجال ونساء سبقوه،كان رضي الله عنه من كبار الصحابة وساداتهم، وأهل الفضل منهم رضوان الله عليهم، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة. استشهد رضي الله عنه من طعنة أبي لؤلؤة عبد المغيرة بن شعبة في صلاة الفجر، سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، وترك الخلافة شورى بين الرهط الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض، وصلى عليه صهيب، ودفن إلى جنب رسول الله وصاحبه أبي بكر الصديق، رضي الله عنه وأرضاه.

البطاقة الشخصية

اسمه ونسبه

هو الصحابي الجليل عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزي بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح ابن عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي، أبو حفص أمير المؤمنين. وأمه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وقيل: حنتمة بنت هشام بن المغيرة، فعلى الأول تكون ابنة عم أبي جهل، وعلى الثاني تكون أخت أبي جهل. قال ابن عبد البر: «ومن قال ذلك- يعني بنت هشام- فقد أخطأ، ولو كانت كذلك لكانت أخت أبي جهل بن هشام والحارث ابني هشام بن المغيرة، وليس كذلك، وإنما هي ابنة عمهما، فإن هاشم بن المغيرة وهشام بن المغيرة أخوان، فهاشم والد حنتمة أم عمر، وهشام والد الحارث وأبي جهل، وهاشم بن المغيرة هذا جد عمر لأمه، كان يقال له ذو الرمحين». "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1144). انظر: "الإصابة" لابن حجر (4 /484)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /266)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1144)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /642).

مولده

ولد بعد الفيل بثلاث عشرة سنة. روي عن عمر أنه قال: «ولدت بعد الفجار الأعظم بأربع سنين». انظر: "الإصابة" لابن حجر (4 /484)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1145)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /643).

صفته

الخَلقية: كان عمر رضي الله عنه أعسر يسر، يعمل بيديه، وكان أصلع طويلا، قد فرع الناس أي: علاهم، كأنه على دابة. قال أنس: «كان أبو بكر يخضب بالحناء والكتم، وكان عمر يخضب بالحناء بحتا». قال ابن عبد البر: «الأكثر أنهما كانا يخضبان». "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1144). وقال سماك: «كان عمر أروح كأنه راكب، وكأنه من رجال بنى سدوس». والأروح: الذي يتدانى قدماه إذا مشى. وقال زر بن حبيش: «كان عمر أعسر يسر، آدم». وذكر الواقدي أن عمر كان أبيض أمهق، تعلوه حمرة، يصفر لحيته، وإنما تغير لونه عام الرمادة لأنه أكثر أكل الزيت، لأنه حرم على نفسه السمن واللبن حتى يخصب الناس، فتغير لونه. ثم قال: لا يعرف عندنا أن عمر كان آدم إلا أن يكون رآه عام الرمادة. قال ابن عبد البر: «وصفه زر بن حبيش وغيره أنه كان آدم شديد الآدمة، وهو الأكثر عند أهل العلم»، ثم عقب على قول الواقدي بأن سمرة عمر وأدمته إنما جاءت من أكله الزيت عام الرمادة: «وهذا منكر من القول. وأصح ما في هذا الباب- والله أعلم- حديث سفيان الثوري عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش، قال: رأيت عمر شديد الأدمة». "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1146). انظر: "الإصابة" لابن حجر (4 /484- 485)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1146- 1147)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /677). الخُلقية: غيرة عمر رضي الله عنه. قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: قال النبي : «رأيتني دخلت الجنة، فإذا أنا بالرميصاء، امرأة أبي طلحة، وسمعت خشفة، فقلت: من هذا؟ فقال: هذا بلال، ورأيت قصرا بفنائه جارية، فقلت: لمن هذا؟ فقال: لعمر، فأردت أن أدخله فأنظر إليه، فذكرت غيرتك، فقال عمر: بأبي وأمي يا رسول الله أعليك أغار». أخرجه البخاري (3679)، ومسلم (2394). جوده وكرمه رضي الله عنه. حدث زيد بن أسلم عن أبيه قال: «سألني ابن عمر عن بعض شأنه - يعني عمر -، فأخبرته فقال: ما رأيت أحدا قط بعد رسول الله من حين قبض، كان أجد وأجود حتى انتهى من عمر بن الخطاب». أخرجه البخاري (3687). زهده وتواضعه رضي الله عنه. وقد نقل أهل التراجم عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أقوالا كثيرة تبين زهد عمر رضي الله عنه وتواضعه وأخذه الكفاف من متاع الدنيا. قال طلحة بن عبيد الله: «ما كان عمر بن الخطاب بأولنا إسلاما ولا أقدمنا هجرة، ولكنه كان أزهدنا في الدنيا، وأرغبنا في الآخرة». قال سعد بن أبي وقاص: «والله ما كان عمر بأقدمنا هجرة، وقد عرفت بأي شيء فضلنا، كان أزهدنا في الدنيا». وقال أنس: «لقد رأيت بين كتفي عمر أربع رقاع في قميصه». وكذلك حدثوا عنه قصصا كثيرة في هذا. قال الأحنف: «كنت مع عمر بن الخطاب، فلقيه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، انطلق معي فأعدني على فلان، فإنه قد ظلمني. قال: فرفع الدرة فخفق بها رأسه، فقال: تدعون أمير المؤمنين وهو معرض لكم، حتى إذا شغل في أمر من أمور المسلمين أتيتموه: أعدني أعدني! قال: فانصرف الرجل وهو يتذمر، قال: علَيّ الرجل. فألقى إليه المخفقة وقال: امتثل. فقال: لا والله، ولكن أدعها لله ولك. قال: ليس هكذا، إما أن تدعها لله إرادة ما عنده أو تدعها لي، فأعلم ذلك. قال: أدعها لله. قال: فانصرف. ثم جاء يمشي حتى دخل منزله ونحن معه، فصلى ركعتين وجلس فقال: يا ابن الخطاب، كنت وضيعا فرفعك الله، وكنت ضالا فهداك الله، وكنت ذليلا فأعزك الله، ثم حملك على رقاب الناس فجاءك رجل يستعديك فضربته، ما تقول لربك غدا إذا أتيته؟ قال: فجعل يعاتب نفسه في ذلك معاتبة حتى ظننا أنه خير أهل الأرض». وروى ثابت: «أن عمر استسقى، فأتى بإناء من عسل فوضعه على كفه- قال: فجعل يقول: أشربها فتذهب حلاوتها وتبقى نقمتها، قالها ثلاثا، ثم دفعه إلى رجل من القوم فشربه». «وبينما عمر قد وضع بين يديه طعاما إذ جاء الغلام فقال: هذا عتبة بن فرقد بالباب، قال: وما أقدم عتبة؟ ائذن له. فلما دخل رأى بين يدي عمر طعامه: خبز وزيت. قال: اقترب يا عتبة فأصب من هذا. قال: فذهب يأكل فإذا هو طعام جشب لا يستطيع أن يسيغه. قال: يا أمير المؤمنين، هل لك في طعام يقال له: الحواري؟ قال: ويلك، ويسع ذلك المسلمين كلهم؟ قال: لا والله. قال: ويلك يا عتبة، أفأردت أن آكل طيبا في حياتي الدنيا وأستمتع؟» وقال مجاهد: «أنفق عمر بن الخطاب في حجة حجها ثمانين درهما من المدينة إلى مكة، ومن مكة إلى المدينة، قال: ثم جعل يتأسف ويضرب بيده على الأخرى، ويقول: ما أخلقنا أن نكون قد أسرفنا في مال الله تعالى». انظر: "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /653- 654، 669). أخلاقه في خلافته رضي الله عنه. حفظه رضي الله عنه لأمانة المسلمين ورعايته لحقوقهم. خطب عمر بن الخطاب فيما رواه عنه القاسم بن محمد، فقال: «ليعلم من ولي هذا الأمر من بعدي أن سيريده عنه القريب والبعيد، إني لأقاتل الناس عن نفسي قتالا، ولو علمت أن أحدا من الناس أقوى عليه مني لكنت أقدم فتضرب عنقي أحب إلي من أن أليه». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /275). وقال مولى لعثمان بن عفان: «بينا أنا مع عثمان في مال له بالعالية في يوم صائف، إذ رأى رجلا يسوق بِكْرَين، وعلى الأرض مثل الفراش من الحر، فقال: ما على هذا لو أقام بالمدينة حتى يبرد ثم يروح. ثم دنا الرجل فقال: انظر من هذا؟ فنظرت فقلت: أرى رجلا معتما بردائه، يسوق بكرين. ثم دنا الرجل فقال: انظر. فنظرت فإذا عمر بن الخطاب، فقلت: هذا أمير المؤمنين. فقام عثمان فأخرج رأسه من الباب فإذا نفح السموم، فأعاد رأسه حتى حاذاه، فقال: ما أخرجك هذه الساعة؟ فقال: بكران من إبل الصدقة تخلفا، وقد مضي بإبل الصدقة، فأردت أن ألحقهما بالحمى، وخشيت أن يضيعا، فيسألني الله عنهما. فقال عثمان: يا أمير المؤمنين، هلم إلى الماء والظل ونكفيك. فقال: عد إلى ظلك. فقلت: عندنا من يكفيك! فقال: عد إلى ظلك. فمضى، فقال عثمان: من أحب أن ينظر إلى القوي الأمين فلينظر إلى هذا! فعاد إلينا فألقى نفسه». "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /668). تفقده رعيته وقيامه في شؤونهم. وكان عمر رضي الله عنه هو أول من عسّ في عمله بالمدينة. روى زيد بن أسلم عن أبيه: «أن عمر بن الخطاب طاف ليلة، فإذا هو بامرأة في جوف دار لها وحولها صبيان يبكون، وإذا قدر على النار قد ملأتها ماء، فدنا عمر بن الخطاب من الباب، فقال: يا أمة الله، أيش بكاء هؤلاء الصبيان؟ فقالت: بكاؤهم من الجوع. قال: فما هذه القدر التي على النار؟ فقالت: قد جعلت فيها ماء أعللهم بها حتى يناموا، أوهمهم أن فيها شيئا من دقيق وسمن. فجلس عمر فبكى، ثم جاء إلى دار الصدقة فأخذ غرارة، وجعل فيها شيئا من دقيق وسمن وشحم وتمر وثياب ودراهم، حتى ملأ الغرارة، ثم قال: يا أسلم، احمل علي. فقلت: يا أمير المؤمنين، أنا أحمله عنك! فقال لي: لا أم لك يا أسلم، أنا أحمله لأني أنا المسئول عنهم في الآخرة- قال: فحمله على عنقه، حتى أتي به منزل المرأة- قال: وأخذ القدر، فجعل فيها شيئا من دقيق وشيئا من شحم وتمر، وجعل يحركه بيده وينفخ تحت القدر- قال أسلم: وكانت لحيته عظيمة، فرأيت الدخان يخرج من خلل لحيته، حتى طبخ لهم، ثم جعل يغرف بيده ويطعمهم حتى شبعوا، ثم خرج وربض بحذائهم كأنه سبع، وخفت منه أن أكلمه، فلم يزل كذلك حتى لعبوا وضحكوا، ثم قال: يا أسلم، أتدري لم ربضت بحذائهم؟ قلت: لا، يا أمير المؤمنين! قال: رأيتهم يبكون، فكرهت أن أذهب وأدعهم حتى أراهم يضحكون، فلما ضحكوا طابت نفسي». "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /662- 663). وقال عبد الله بن بريدة الأسلمي: «بينا عمر بن الخطاب يعس ذات ليلة إذا امرأة تقول: هل من سبيل إلى خمر فأشربها. .. أم هل سبيل إلى نصر بن حجاج؟ فلما أصبح سأل عنه فإذا هو من بني سليم، فأرسل إليه فأتاه، فإذا هو من أحسن الناس شعرا وأصبحهم وجها، فأمره عمر أن يطم شعره ففعل، فخرجت جبهته فازداد حسنا، فأمره عمر أن يعتم ففعل فازداد حسنا، فقال عمر: لا والذي نفسي بيده، لا تجامعني بأرض أنا بها، فأمر له بما يصلحه وسيره إلى البصرة». الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /285). زهده وتورعه في بيت مال المسلمين. روى حارثة بن مضرب عن عمر بن الخطاب، قال: «إني أنزلت نفسي من مال الله منزلة مال اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف». وعن عروة، أن عمر بن الخطاب قال: «لا يحل لي من هذا المال إلا ما كنت آكلا من صلب مالي». وروى عمران: «أن عمر بن الخطاب كان إذا احتاج أتى صاحب بيت المال فاستقرضه، فربما عسر فيأتيه صاحب بيت المال يتقاضاه فيلزمه فيحتال له عمر، وربما خرج عطاؤه فقضاه». وعن ابن للبراء بن معرور: «أن عمر خرج يوما حتى أتى المنبر، وقد كان اشتكى شكوى له فنعت له العسل، وفي بيت المال عكة، فقال: إن أذنتم لي فيها أخذتها، وإلا فإنها علي حرام، فأذنوا له فيها». وقالت حفصة بنت عمر لأبيها: «يا أمير المؤمنين، وقال أبو أسامة: يا أبت، إنه قد أوسع الله الرزق، وفتح عليك الأرض، وأكثر من الخير، فلو طعمت طعاما ألين من طعامك، ولبست لباسا ألين من لباسك، فقال: سأخاصمك إلى نفسك، أما تذكرين ما كان رسول الله يلقى من شدة العيش؟ قال: فما زال يذكرها حتى أبكاها، ثم قال: إني قد قلت لك إني والله لئن استطعت لأشاركنهما في عيشهما الشديد لعلي ألقى معهما عيشهما الرخي». الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /276- 277). محاولته رفعه التهمة عن نفسه ودينه ما استطاع. روى إبراهيم: «أن عمر بن الخطاب كان يتجر وهو خليفة، وجهز عيرا إلى الشام فبعث إلى عبد الرحمن بن عوف، وقال اخر: فبعث إلى رجل من أصحاب النبي عليه السلام، يستقرضه أربعة آلاف درهم، فقال للرسول: قل له يأخذها من بيت المال، ثم ليردها، فلما جاءه الرسول فأخبره بما قال شق ذلك عليه، فلقيه عمر فقال: أنت القائل: ليأخذها من بيت المال، فإن مت قبل أن تجيء قلتم أخذها أمير المؤمنين، دعوها له، وأوخذ بها يوم القيامة، لا، ولكن أردت أن آخذها من رجل حريص شحيح، فإن مت أخذها من ميراثي، أو قال: من مالي». الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /278). سيرته رضي الله عنه في أمرائه وولاته. وكان عمر رضي الله عنه إذا بعث عاملا له على مدينة كتب ماله، وقد قاسم غير واحد منهم ماله إذا عزله، منهم سعد بن أبي وقاص وأبو هريرة. وكان يستعمل رجلا من أصحاب رسول الله مثل عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان والمغيرة بن شعبة، ويدع من هو أفضل منهم، مثل عثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف ونظرائهم، لقوة أولئك على العمل والبصر به، ولإشراف عمر عليهم وهيبتهم له، وقيل له: ما لك لا تولي الأكابر من أصحاب رسول الله عليه السلام؟ فقال: أكره أن أدنسهم بالعمل. انظر: الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /278). وقال عمر رضي الله عنه للناس: «إني لم أستعمل عليكم عمالي ليضربوا أبشاركم، وليشتموا أعراضكم، ويأخذوا أموالكم، ولكني استعملتهم ليعلموكم كتاب ربكم، وسنة نبيكم، فمن ظلمه عامله بمظلمة فلا إذن له علي، ليرفعها إلي حتى أقصه منه» ، فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين، أرأيت إن أدب أمير رجلا من رعيته، أتقصه منه؟ فقال عمر: وما لي لا أقصه منه وقد رأيت رسول الله يقص من نفسه؟ وكتب عمر إلى أمراء الأجناد: لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تحرموهم فتكفروهم، ولا تجمروهم فتفتنوهم، ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /281).

إسلامه

لما بعث الله محمدًا كان عمر شديدًا عليه وعلى المسلمين، ثم أسلم بعد رجال سبقوه. قال هلال بن يساف: «أسلم عمر بعد أربعين رجلا وإحدى عشرة امرأة». وقيل: «أسلم بعد تسعة وثلاثين رجلا وعشرين امرأة، فكمل الرجال به أربعين رجلا». وقال سعيد بن المسيب: «أسلم عمر بعد أربعين رجلا وعشر نسوة، فما هو إلا أن أسلم عمر فظهر الإسلام بمكة». وقال الزبير: «أسلم عمر بعد أن دخل رسول الله دار الأرقم، وبعد أربعين أو نيف وأربعين بين رجال ونساء». انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /269)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1145)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /643). وكان إسلام عمر في ذي الحجة من السنة السادسة من النبوة، وهو ابن ست وعشرين سنة. وكان عبد الله بن عمر يقول: «أسلم عمر وأنا ابن ست سنين». انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /269). وازداد به المسلمون قوة وثباتا. قال عبد الله: «مازلنا أعزة منذ أسلم عمر». أخرجه البخاري (3684). وروى نافع عن ابن عمر: «أن رسول الله قال: اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب، قال: وكان أحبهما إليه عمر». أخرجه الترمذي (3681)، وقال فيه: «هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن عمر»، و"الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /267). وكان عبد الله بن مسعود يقول: «ما كنا نقدر على أن نصلي عند الكعبة، حتى أسلم عمر بن الخطاب». وقال أيضا: «إن إسلام عمر كان فتحا، وإن هجرته كانت نصرا، وإن إمارته كانت رحمة، ولقد كنا ما نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر، فلما أسلم قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة، وصلينا معه». وقال حذيفة: «لما أسلم عمر كان الإسلام كالرجل المقبل، لا يزداد إلا قربا، فلما قتل عمر كان الإسلام كالرجل المدبر، لا يزداد إلا بعدا». انظر: "الإصابة" لابن حجر (4 /485)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /270) "السيرة" لابن هشام (1 /342)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /649). وخبر إسلام عمر بن الخطاب رواه أهل السير والمغازي بروايات متفاوتة متفقة ومختلفة بعض الشيء، ونسوق هنا ما رواه ابن سعد عن أنس بن مالك قال: «خرج عمر متقلد السيف، فلقيه رجل من بني زهرة قال: أين تعمد يا عمر؟ فقال: أريد أن أقتل محمدا، قال: وكيف تأمن في بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمدا، ؟ قال: فقال عمر: ما أراك إلا قد صبوت وتركت دينك الذي أنت عليه، قال: أفلا أدلك على العجب يا عمر، إن ختنك وأختك قد صبوا وتركا الذي أنت عليه، قال: فمشى عمر ذامرا حتى أتاهما وعندهما رجل من المهاجرين يقال له: خباب قال: فلما سمع خباب حس عمر توارى في البيت، فدخل عليهما فقال: ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم؟ قال: وكانوا يقرؤون طه، فقالا: ما عدا حديثا تحدثناه بيننا، قال: فلعلكما قد صبوتما؟ قال: فقال له ختنه: أرأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك؟ قال: فوثب عمر على ختنه فوطئه وطأ شديدا، فجاءت أخته فدفعته عن زوجها فنفحها بيده نفحة فدمي وجهها، فقالت وهي غضبى: يا عمر، إن كان الحق في غير دينك، اشهد أن لا إله إلا الله، واشهد أن محمدا رسول الله، فلما يئس عمر قال: أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرؤه، قال: وكان عمر يقرأ الكتب، فقالت أخته: إنك رجس ولا يمسه إلا المطهرون، فقم فاغتسل أو توضأ، قال: فقام عمر فتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأ طه حتى انتهى إلى قوله: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي، وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ سورة طه: 14، قال: فقال عمر: دلوني على محمد فلما سمع خباب قول عمر خرج من البيت فقال: أبشر يا عمر، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله لك ليلة الخميس: اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام، قال: ورسول الله في الدار التي في أصل الصفا، فانطلق عمر حتى أتى الدار قال: وعلى باب الدار حمزة وطلحة وأناس من أصحاب رسول الله ، فلما رأى حمزة وجل القوم من عمر قال حمزة: نعم، فهذا عمر فإن يرد الله بعمر خيرا يسلم ويتبع النبي ، وإن يرد غير ذلك يكن قتله علينا هينا، قال: والنبي عليه السلام داخل يوحى إليه، قال: فخرج رسول الله حتى أتى عمر فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف فقال: أما أنت منتهيا يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة، اللهم هذا عمر بن الخطاب، اللهم أعز الدين بعمر بن الخطاب، قال: فقال عمر: أشهد أنك رسول الله، فأسلم، وقال: اخرج يا رسول الله». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /267- 268)، وكذا انظر: "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /646). و لما أسلم عمر رضي الله عنه أجاره العاص بن وائل. روى عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: «بينما هو في الدار خائفا، إذ جاءه العاص بن وائل السهمي أبو عمرو، عليه حلة حبرة وقميص مكفوف بحرير، وهو من بني سهم، وهم حلفاؤنا في الجاهلية، فقال له: ما بالك؟ قال: زعم قومك أنهم سيقتلوني إن أسلمت، قال: لا سبيل إليك، بعد أن قالها أمنت، فخرج العاص فلقي الناس قد سال بهم الوادي، فقال: أين تريدون؟ فقالوا: نريد هذا ابن الخطاب الذي صبا، قال: لا سبيل إليه فكر الناس». أخرجه البخاري (3664). وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «لما أسلم عمر اجتمع الناس عند داره، وقالوا: صبا عمر وأنا غلام، فوق ظهر بيتي، فجاء رجل عليه قباء من ديباج، فقال: قد صبا عمر فما ذاك، فأنا له جار، قال: فرأيت الناس تصدعوا عنه فقلت: من هذا؟ قالوا: العاص بن وائل». أخرجه البخاري (3665).

زوجاته وأولاده

وكان لعمر رضي الله عنه من الولد: عبد الله، وعبد الرحمن، وحفصة، وأمهم زينب بنت مظعون بن حبيب. وزيد الأكبر لا بقية له، ورقية، وأمهما أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب بن عبد المطلب. وزيد الأصغر، وعبيد الله قتل يوم صفين مع معاوية، وأمهما أم كلثوم بنت جرول بن مالك بن المسيب من خزاعة، وكان الإسلام فرق بين عمر وبين أم كلثوم بنت جرول. وعاصم، وأمه جميلة بنت ثابت بن أبي الأفلح، واسمه قيس بن عصمة من الأوس من الأنصار. وعبد الرحمن الأوسط، وهو أبو المجبر، وأمه لهية أم ولد. وعبد الرحمن الأصغر، وأمه أم ولد. وفاطمة، وأمها أم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وزينب، وهي أصغر ولد عمر، وأمها فكيهة أم ولد. وعياض بن عمر، وأمه عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل. انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /266).

ألقابه

الفاروق رضي الله عنه. روى ابن عمر عن النبي قال: «إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه». وقال ابن عمر: «ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه وقال فيه عمر أو قال ابن الخطاب فيه، شك خارجة، إلا نزل فيه القرآن على نحو ما قال عمر». أخرجه الترمذي (3682)، وقال فيه: «وهذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه»، أحمد (5145)، طبعة الرسالة، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على مسند أحمد: «حديث صحيح، وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات رجال الشيخين غير نافع بن أبي نعيم، فقد روى له ابن ماجه في "التفسير"، وهو صدوق». قال أبو عمرو ذكوان: «قلت لعائشة: من سمى عمر الفاروق؟ قالت: النبي ». انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /270)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /648). أمير المؤمنين. وهو أول من سمي بـ أمير المؤمنين. انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /281)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /678). قالت الشفاء، وكانت من المهاجرات الأول: «وكان عمر إذا دخل السوق أتاها، قال: سألتها من أول من كتب: عمر أمير المؤمنين؟ قالت: كتب عمر إلى عامله على العراقين: أن ابعث إلي برجلين جلدين نبيلين، أسألهما عن أمر الناس، قال: فبعث إليه بعدي بن حاتم، ولبيد ابن ربيعة، فأناخا راحلتيهما بفناء المسجد، ثم دخلا المسجد، فاستقبلا عمرو بن العاص، فقالا: استأذن لنا على أمير المؤمنين. فقلت: أنتما والله أصبتما اسمه، وهو الأمير، ونحن المؤمنون. فانطلقت حتى دخلت على عمر، فقلت: يا أمير المؤمنين. فقال: لتخرجن مما قلت أو لأفعلن! قلت: يا أمير المؤمنين، بعث عامل العراقين بعدي بن حاتم ولبيد بن ربيعة، فأناخا راحلتيهما بفناء المسجد، ثم استقبلاني فقالا: استأذن لنا على أمير المؤمنين، فقلت: أنتما والله أصبتما، اسمه هو الأمير، ونحن المؤمنون. وكان قبل ذلك يكتب: من عمر خليفة خليفة رسول الله ، فجرى الكتاب من عمر أمير المؤمنين من ذلك اليوم». انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1151)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /667). وقال ابن سعد: «لما توفي رسول الله واستخلف أبو بكر الصديق كان يقال له: خليفة رسول الله ، فلما توفي أبو بكر رحمه الله واستخلف عمر بن الخطاب قيل لعمر: خليفة خليفة رسول الله ، فقال المسلمون: فمن جاء بعد عمر قيل له: خليفة خليفة خليفة رسول الله عليه السلام فيطول هذا، ولكن أجمعوا على اسم تدعون به الخليفة يدع به من بعده من الخلفاء، فقال بعض أصحاب رسول الله : نحن المؤمنون وعمر أميرنا فدعي عمر: أمير المؤمنين». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /280). وقال ابن عبد البر بعد أن ذكر روايات في تسمية عمر بأمير المؤمنين: «وأعلى من هذا في ذلك ما حدثنا...»، وذكر رواية الشفاء. "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1151).

وفاته

كان عمر رضي الله عنه في آخر حجة حجها يدعو الله عز وجل بلقائه. روى يحيى بن سعيد بن المسيب: «أن عمر بن الخطاب لما نفر من منى أناخ بالأبطح، ثم كوم كومة من البطحاء، فألقى عليها طرف ردائه، ثم استلقى ورفع يديه إلى السماء، ثم قال: اللهم كبرت سني، وضعفت قوتي، وانتشرت رعيتي، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط! فما انسلخ ذو الحجة حتى طعن فمات». "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /670). قال معدان بن أبي طلحة اليعمري: «أن عمر بن الخطاب قام على المنبر يوم الجمعة، فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر رسول الله ، وذكر أبا بكر، ثم قال: رأيت رؤيا لا أراها إلا لحضور أجلي، رأيت كأن ديكا نقرني نقرتين، قال: وذكر لي أنه ديك أحمر، فقصصتها على أسماء بنت عميس امرأة أبي بكر رضي الله عنهما، فقالت: يقتلك رجل من العجم. قال: وإن الناس يأمرونني أن أستخلف، وإن الله لم يكن ليضيع دينه، وخلافته التي بعث بها نبيه ، وإن يعجل بي أمر فإن الشورى في هؤلاء الستة الذين مات نبي الله وهو عنهم راض، فمن بايعتم منهم، فاسمعوا له وأطيعوا، وإني أعلم أن أناسا سيطعنون في هذا الأمر، أنا قاتلتهم بيدي هذه على الإسلام، أولئك أعداء الله الكفار الضلال... ثم ذكر بقية الحديث، وفيه: قال: فخطب الناس يوم الجمعة، وأصيب يوم الأربعاء». أخرجه أحمد (89)، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على مسند أحمد: «إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير معدان بن أبي طلحة، فهو من رجال مسلم»، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /671). وخبر استشهاده وطعنه وتولية أهل الشورى بعده رواه عمرو بن ميمون، قال: «رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قبل أن يصاب بأيام بالمدينة، وقف على حذيفة بن اليمان، وعثمان بن حنيف، قال: كيف فعلتما، أتخافان أن تكونا قد حملتما الأرض ما لا تطيق؟ قالا: حملناها أمرا هي له مطيقة، ما فيها كبير فضل، قال: انظرا أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق، قال: قالا: لا، فقال عمر: لئن سلمني الله، لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبدا، قال: فما أتت عليه إلا رابعة حتى أصيب، قال: إني لقائم ما بيني وبينه إلا عبد الله بن عباس غداة أصيب، وكان إذا مر بين الصفين، قال: استووا، حتى إذا لم ير فيهن خللا تقدم فكبر، وربما قرأ سورة يوسف، أو النحل، أو نحو ذلك، في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس، فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتلني - أو أكلني - الكلب، حين طعنه، فطار العلج بسكين ذات طرفين، لا يمر على أحد يمينا ولا شمالا إلا طعنه، حتى طعن ثلاثة عشر رجلا، مات منهم سبعة، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنسا، فلما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه، وتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فقدمه، فمن يلي عمر فقد رأى الذي أرى، وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون، غير أنهم قد فقدوا صوت عمر، وهم يقولون: سبحان الله سبحان الله، فصلى بهم عبد الرحمن صلاة خفيفة، فلما انصرفوا قال: يا ابن عباس، انظر من قتلني، فجال ساعة ثم جاء فقال: غلام المغيرة، قال: الصنع؟ قال: نعم، قال: قاتله الله، لقد أمرت به معروفا، الحمد لله الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يدعي الإسلام، قد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة، - وكان العباس أكثرهم رقيقا - فقال: إن شئت فعلت، أي: إن شئت قتلنا؟ قال: كذبت بعد ما تكلموا بلسانكم، وصلوا قبلتكم، وحجوا حجكم. فاحتمل إلى بيته فانطلقنا معه، وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ، فقائل يقول: لا بأس، وقائل يقول: أخاف عليه، فأتي بنبيذ فشربه، فخرج من جوفه، ثم أتي بلبن فشربه فخرج من جرحه، فعلموا أنه ميت، فدخلنا عليه، وجاء الناس، فجعلوا يثنون عليه، وجاء رجل شاب، فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك، من صحبة رسول الله ، وقدم في الإسلام ما قد علمت، ثم وليت فعدلت، ثم شهادة، قال: وددت أن ذلك كفاف لا علي ولا لي، فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض، قال: ردوا علي الغلام، قال: يا ابن أخي ارفع ثوبك، فإنه أبقى لثوبك، وأتقى لربك يا عبد الله بن عمر، انظر ما علي من الدين، فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفا أو نحوه، قال: إن وفى له، مال آل عمر فأده من أموالهم، وإلا فسل في بني عدي بن كعب، فإن لم تف أموالهم فسل في قريش، ولا تعدهم إلى غيرهم، فأد عني هذا المال انطلق إلى عائشة أم المؤمنين، فقل: يقرأ عليك عمر السلام، ولا تقل أمير المؤمنين، فإني لست اليوم للمؤمنين أميرا، وقل: يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه، فسلم واستأذن، ثم دخل عليها، فوجدها قاعدة تبكي، فقال: يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام، ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه، فقالت: كنت أريده لنفسي، ولأوثرن به اليوم على نفسي، فلما أقبل، قيل: هذا عبد الله بن عمر، قد جاء، قال: ارفعوني، فأسنده رجل إليه، فقال: ما لديك؟ قال: الذي تحب يا أمير المؤمنين أذنت، قال: الحمد لله، ما كان من شيء أهم إلي من ذلك، فإذا أنا قضيت فاحملوني، ثم سلم، فقل: يستأذن عمر بن الخطاب، فإن أذنت لي فأدخلوني، وإن ردتني ردوني إلى مقابر المسلمين، وجاءت أم المؤمنين حفصة والنساء تسير معها، فلما رأيناها قمنا، فولجت عليه، فبكت عنده ساعة، واستأذن الرجال، فولجت داخلا لهم، فسمعنا بكاءها من الداخل، فقالوا: أوص يا أمير المؤمنين استخلف، قال: ما أجد أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر، أو الرهط، الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض، فسمى عليا، وعثمان، والزبير، وطلحة، وسعدا، وعبد الرحمن، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء - كهيئة التعزية له - فإن أصابت الإمرة سعدا فهو ذاك، وإلا فليستعن به أيكم ما أمر، فإني لم أعزله عن عجز، ولا خيانة، وقال: أوصي الخليفة من بعدي، بالمهاجرين الأولين، أن يعرف لهم حقهم، ويحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيرا، ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ سورة الحشر: 9، أن يقبل من محسنهم، وأن يعفى عن مسيئهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيرا، فإنهم ردء الإسلام، وجباة المال، وغيظ العدو، وأن لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم. وأوصيه بالأعراب خيرا، فإنهم أصل العرب، ومادة الإسلام، أن يؤخذ من حواشي أموالهم، ويرد على فقرائهم، وأوصيه بذمة الله، وذمة رسوله أن يوفى لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، ولا يكلفوا إلا طاقتهم، فلما قبض خرجنا به، فانطلقنا نمشي، فسلم عبد الله بن عمر، قال: يستأذن عمر بن الخطاب، قالت: أدخلوه، فأدخل، فوضع هنالك مع صاحبيه، فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط، فقال عبد الرحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، فقال الزبير: قد جعلت أمري إلى علي، فقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف، فقال عبد الرحمن: أيكما تبرأ من هذا الأمر، فنجعله إليه والله عليه والإسلام، لينظرن أفضلهم في نفسه؟ فأسكت الشيخان، فقال عبد الرحمن: أفتجعلونه إلي والله علي أن لا آل عن أفضلكم قالا: نعم، فأخذ بيد أحدهما فقال: لك قرابة من رسول الله والقدم في الإسلام ما قد علمت، فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن، ولئن أمرت عثمان لتسمعن، ولتطيعن، ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان فبايعه، فبايع له علي، وولج أهل الدار فبايعوه». أخرجه البخاري (3700)، وجزء منه عند مسلم له شاهد (567). قال المسور بن مخرمة: «لما طعن عمر جعل يألم، فقال له ابن عباس وكأنه يجزعه: يا أمير المؤمنين، ولئن كان ذاك، لقد صحبت رسول الله فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راض، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راض، ثم صحبت صحبتهم فأحسنت صحبتهم، ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون، قال: أما ما ذكرت من صحبة رسول الله ورضاه، فإنما ذاك من من الله تعالى من به علي، وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه، فإنما ذاك من من الله جل ذكره من به علي، وأما ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك، والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله عز وجل، قبل أن أراه». أخرجه البخاري (3692). قال أبو رافع: «كان أبو لؤلؤة عبدا للمغيرة بن شعبة، وكان يصنع الأرحاء وكان المغيرة يستغله كل يوم أربعة دراهم، فلقي أبو لؤلؤة عمر فقال: يا أمير المؤمنين، إن المغيرة قد أثقل علي غلتي، فكلمه يخفف عني. فقال له عمر: اتق الله، وأحسن إلى مولاك- ومن نية عمر أن يلقى المغيرة فيكلمه يخفف عنه، فغضب العبد وقال: وسع الناس كلهم عدله غيري. فأضمر على قتله، فاصطنع له خنجرا له رأسان، وشحذه وسمه، ثم أتى به الهرمزان فقال: كيف ترى هذا؟ قال: أرى، أنك لا تضرب به أحدا إلا قتلته. قال: فتحين أبو لؤلؤة عمر، فجاءه في صلاة الغداة حتى قام وراء عمر، وكان عمر إذا أقيمت الصلاة يقول: أقيموا صفوفكم، فقال كما كان يقول، فلما كبر ووجأه أبو لؤلؤة في كتفه، ووجأه في خاصرته، وقيل: ضربه ست ضربات، فسقط عمر، وطعن بخنجره ثلاثة عشرة رجلا، فهلك منهم سبعة وأفرق منهم ستة، وحمل عمر فذهب به». انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1152)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /675). ولما قضى عمر رضي الله عنه صلى عليه صهيب في مسجد رسول الله ، وكبر عليه أربعا، وحمل على سرير رسول الله ، وغسله ابنه عبد الله، ونزل في قبره ابنه عبد الله وعثمان بن عفان وسعيد بن زيد وعبد الرحمن بن عوف، وقبر مع رسول الله وأبي بكر. ذكر ابن سعد أن عمر طعن يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين، ودفن يوم الأحد صباح هلال المحرم سنة أربع وعشرين. وقال عثمان بن محمد الأخنسي: «هذا وهم، توفي عمر لأربع ليال بقين من ذي الحجة، وبويع عثمان يوم الاثنين لليلة بقيت من ذي الحجة». وقال ابن قتيبة: «ضربه أبو لؤلؤة يوم الأثنين لأربع بقين من ذي الحجة، ومكث ثلاثا، وتوفي، فصلى عليه صهيب». وكانت خلافته عشر سنين، وخمسة أشهر، وأحدا وعشرين يوما، وقيل: وستة أشهر، وخمس ليال. واختلف في سن عمر رضي الله عنه يوم مات، فقيل: توفي وهو ابن ثلاث وستين سنة، كسن النبي وسن أبي بكر حين توفيا. وقال ابن عمر: «توفي عمر وهو ابن بضع وخمسين سنة، وقيل: كان عمره خمسا وخمسين سنة». وقال الزهري: «توفي وهو ابن أربع وخمسين سنة، وقيل: غير ذلك. قال ابن الأثير: والأول أصح ما قيل في عمر». وروى جرير عن معاوية: «أنه سمعه يخطب قال: مات رسول الله وهو ابن ثلاث وستين سنة، وأبو بكر وعمر وأنا ابن ثلاث وستين سنة». أخرجه الترمذي (3653)، وقال فيه: «هذا حديث حسن صحيح». قال الحافظ أبو العلى في تحفة الأحوذي في تفسير ذلك: «أي: أنا متوقع أن أموت في هذا السن موافقة لهم، قال ميرك: تمنى، لكن لم ينل مطلوبة، بل مات، وهو قريب من ثمانين». "نحفة الاحوذي" للترمذي (10 /94). قال خالد بن أبي بكر: «دفن عمر في بيت النبي وجعل رأس أبي بكر عند كتفي النبي، وجعل رأس عمر عند حقوي النبي ». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /368). انظر تفصيل ذلك: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /364- 368)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1152- 1156)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /677).

أخباره ومواقفه

في حياة النبي صلى الله عليه وسلم

المؤاخاة بينه وبين غيره من الصحابة رضي الله عنهم. ذكر ابن سعد أن رسول الله آخى بين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب. وقال سعد بن إبراهيم: «آخى رسول الله بين عمر بن الخطاب وعويم بن ساعدة». وقال عبد الواحد بن أبي عون: «آخى رسول الله بين عمر بن الخطاب وعتبان بن مالك». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /272). هجرته رضي الله عنه. قال علي بن أبي طالب: «ما علمت أن أحدا من المهاجرين هاجر إلا مختفيا إلا عمر بن الخطاب، فإنه لما هم بالهجرة تقلد سيفه، وتنكب قوسه، وانتضى في يده أسهما، واختصر عنزته، ومضى قبل الكعبة، والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت سبعا متمكنا، ثم أتى المقام فصلى متمكنا، ثم وقف على الحلق واحدة واحدة، وقال لهم: شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن تثكله أمه، ويوتم ولده، ويرمل زوجته، فليلقني وراء هذا الوادي، قال علي: فما تبعه أحد إلا قوم من المستضعفين علمهم وأرشدهم ومضى لوجهه». ونزل عمر بن الخطاب وزيد بن الخطاب وعمرو وعبد الله ابنا سراقة وحنيس بن حذافة وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وواقد بن عبد الله وخولي بن أبي خولي وهلال بن أبي خولي وعياش بن أبي ربيعة وخالد وإياس وعاقل بنو البكير، نزل هؤلاء على رفاعة بن المنذر في بني عمرو بن عوف. قال البراء بن عازب: «أول من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار، ثم قدم علينا ابن أم مكتوم الأعمى، أخو بني فهر، ثم قدم علينا عمر بن الخطاب في عشرين راكبا، فقلنا: ما فعل رسول الله ؟ قال: هو على أثري، ثم قدم رسول الله وأبو بكر معه». انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /271)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1145)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /650). جهاده رضي الله عنه في سبيل الله. شهد عمر بن الخطاب مع رسول الله بدرا وأحدا والخندق وبيعة الرضوان وخيبر والفتح وحنينا، وغيرها من المشاهد، وكان أشد الناس على الكفار. وهو الذي أشار بقتل أسارى المشركين ببدر. قال عبد الله بن عباس: حدثني عمر بن الخطاب، قال: «فلما أسروا الأسارى، قال رسول الله لأبي بكر وعمر: ما ترون في هؤلاء الأسارى؟ فقال أبو بكر: يا نبي الله، هم بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى الله أن يهديهم للإسلام، فقال رسول الله : ما ترى يا ابن الخطاب؟ قلت: لا والله يا رسول الله، ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم، فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكني من فلان نسيبا لعمر، فأضرب عنقه، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، فهوي رسول الله ما قال أبو بكر، ولم يهو ما قلت، فلما كان من الغد جئت، فإذا رسول الله وأبو بكر قاعدين يبكيان، قلت: يا رسول الله، أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، فقال رسول الله : أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة، شجرة قريبة من نبي الله ، وأنزل الله عز وجل: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ﴾ الأنفال: 67، إلى قوله ﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا﴾ الأنفال: 69، فأحل الله الغنيمة لهم». أخرجه مسلم (1763). وشهد أيضًا أُحُدًا، وثبت مع رسول الله مع من ثبت. فلما انقضت معركة أحد وأراد الفريقان الانصراف أشرف أبو سفيان بن حرب على جبل احد، ثم صرخ بأعلى صوته، فقال: «أنعمَتْ فِعال، وإن الحرب سجال، يوم بيوم، أُعل هُبل، أي أظهر دينك، فقال رسول الله : قم يا عمر فأجِبْه، فقل: الله أعلى وأجلّ، لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، فأجاب عمر. فلما أجاب عمر أبا سفيان قال أبو سفيان. هلم إلي يا عمر. فقال رسول الله : ائته، فانظر ما يقول. فجاءه، فقال له أبو سفيان: أنشدك بالله يا عمر، أقتلنا محمدا؟ قال: لا، وإنه ليسمع كلامك الآن. فقال أبو سفيان: أنت أصدق عندي من ابن قمئة وأبر- لقول ابن قمئة لهم: قد قتلت محمدًا». انظر: "السيرة" لابن هشام (3 /56)، "السيرة" لابن كثير (3 /47)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /42). وأراد رسول الله أن يرسله إلى أهل مكة يوم الحديبية، فقال: يا رسول الله، قد علمت قريش شدة عداوتي لها، وإن ظفروا بي قتلوني، فتركه، وأرسل عثمان. ففي حديث المسور بن مخرمة ومروان عند أحمد: «وقد كان رسول الله قبل ذلك بعث خراش بن أمية الخزاعي إلى مكة، وحمله على جمل له يقال له: الثعلب، فلما دخل مكة عقرت به قريش، وأرادوا قتل خراش، فمنعهم الأحابيش، حتى أتى رسول الله ، فدعا عمر ليبعثه إلى مكة، فقال: يا رسول الله، إني أخاف قريشا على نفسي، وليس بها من بني عدي أحد يمنعني، وقد عرفت قريش عداوتي إياها، وغلظتي عليها، ولكن أدلك على رجل هو أعز مني عثمان بن عفان. قال: فدعاه رسول الله ، فبعثه إلى قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب، وأنه جاء زائرا لهذا البيت، معظما لحرمته، فخرج عثمان حتى أتى مكة، ولقيه أبان بن سعيد بن العاص، فنزل عن دابته وحمله بين يديه، وردف خلفه، وأجاره حتى بلغ رسالة رسول الله ، فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش، فبلغهم عن رسول الله ما أرسله به، فقالوا لعثمان: إن شئت أن تطوف بالبيت، فطف به. فقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله . قال: فاحتبسته قريش عندها، فبلغ رسول الله والمسلمين أن عثمان قد قتل». أخرجه أحمد (18910)، طبعة الرسالة، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على مسند أحمد: " إسناده حسن، محمد بن إسحاق، وإن كان مدلسا وقد عنعن إلا أنه قد صرح بالتحديث في بعض فقرات هذا الحديث، فانتفت شبهة تدليسه، ثم إنه قد توبع… وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين". انظر تفصيل ذلك في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /272)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1145)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /651). وخرج في عدة سرايا وكان أمير بعضها. بعث رسول الله عمر بن الخطاب سرية في ثلاثين رجلا إلى هوازن ب تُرَبَةَ، في شعبان سنة سبع من الهجرة، فسار إليهم مع أصحابه، فأتى الخبر هوازن فهربوا، وجاء عمر بن الخطاب محالّهم فلم يلق منهم أحدا، فانصرف راجعا إلى المدينة. انظر: "المغازي" للواقدي (2 /722)، "عيون الأثر" لابن سيد الناس (2 /188)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /117)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 287)، "زاد المعاد" لابن القيم (3 /318).

بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

سيرته في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنهما. قال إبراهيم النخعي: «أول من ولى شيئا من أمور المسلمين عمر بن الخطاب، ولاه أبو بكر القضاء، فكان أول قاض في الإسلام، وقال: اقض بين الناس، فإني في شغل، وأمر ابن مسعود بعس المدينة». توليه الخلافة بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنهما. وولي عمر بن الخطاب الخلافة بعد أبي بكر رضي الله عنهما، بويع له بها يوم مات أبو بكر رضي الله عنه سنة ثلاث عشرة. روى محمد بن حمزة بن عمرو عن أبيه قال: «توفي أبو بكر الصديق مساء ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة، فاستقبل عمر بخلافته يوم الثلاثاء صبيحة موت أبي بكر رحمه الله». انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1145)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /274). وحدّث رسول الله أصحابه رؤيا يبشرهم فيها بما تحدث له ولأبي بكر رضي الله عنهما في ولايتهم لأمور المسلمين. روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي قال: «أريت في المنام أني أنزع بدلو بكرة على قليب، فجاء أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين نزعا ضعيفا، والله يغفر له، ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غَرْبا، فلم أر عبقريا يفري فريه حتى روي الناس، وضربوا بعَطَن». أخرجه البخاري (3682)، ومسلم (2393). وفي رواية عند مسلم: «… فجاء ابن الخطاب فأخذ منه، فلم أر نزع رجل قط أقوى منه، حتى تولى الناس، والحوض ملآن يتفجر». أخرجه مسلم (2392). والغرب: هو الدلو العظيمة التي تتخذ من جلد ثور. وهذا تمثيل، بأن عمر لما أخذ الدلو ليستقى عظمت في يده، لأن الفتوح كانت في زمنه أكثر منها في زمن أبى بكر، ومعنى استحالت: انقلبت عن الصغر إلى الكبر. يفري فريه أي: يعمل عمله، ويقطع قطعه. والعطن: مبرك الإبل حول الماء، وقد ضرب ذلك مثلا لاتساع الناس في زمن عمر، وما فتح الله عليهم من الأمصار. "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /663). وقد صدق رسول الله رؤيا من رأى من الصحابة برجحان ميزان أبي بكر على عمر، ورجحان ميزان عمر على عثمان، وقد فسر العلماء أن الموزنين الوارد في الحديث هم ولاة الأمر بعده . روى أبو بكرة: «أن النبي قال ذات يوم: من رأى منكم رؤيا؟ فقال رجل: أنا، رأيت كأن ميزانا نزل من السماء، فوزنت أنت وأبو بكر، فرجحت أنت بأبي بكر، ووزن عمر وأبو بكر، فرجح أبو بكر، ووزن عمر وعثمان، فرجح عمر ثم رفع الميزان، فرأينا الكراهية في وجه رسول الله ». أخرجه الترمذي (2287)، وقال فيه: «هذا حديث حسن»، وأبو داود (4634)، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على سنن أبي داود: «حديث حسن، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن فيه عنعنة الحسن -وهو ابن أبي الحسن البصري- لكن بانضمام هذا الاسناد إلى ما بعده يحسن الحديث إن شاء الله». وخبر استخلاف أبي بكر عمر رضي الله عنهما رواه ابن الأثير، قال: «لما مرض أبو بكر الصديق دعا عبد الرحمن بن عوف فقال له: أخبرني عن عمر بن الخطاب. فقال عبد الرحمن: ما تسألني عن أمر إلا وأنت أعلم به مني! قال أبو بكر: وإن! فقال عبد الرحمن: هو والله أفضل من رأيك فيه، ثم دعا عثمان بن عفان فقال: أخبرني عن عمر. فقال: أنت أخبرنا به! فقال: على ذلك يا أبا عبد الله. فقال عثمان: اللهم علمي به أن سريرته خير من علانيته، وأن ليس فينا مثله، فقال أبو بكر: يرحمك الله! والله لو تركته ما عدوتك. وشاور معهما سعيد بن زيد أبا الأعور وأسيد بن حضير وغيرهما من المهاجرين والأنصار، فقال أسيد: اللهم أعلمه الخيرة بعدك، يرضى للرضى، ويسخط للسخط، الذي يسر خير من الذي يعلن، ولن يلي هذا الأمر أحد أقوى عليه منه، وسمع بعض أصحاب رسول الله بدخول عبد الرحمن وعثمان على أبي بكر وخلوتهما به، فدخلوا على أبي بكر، فقال له قائل منهم: ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلافك عمر علينا، وقد ترى غلظته؟ فقال أبو بكر: أجلسوني، أبالله تخوفونني؟ خاب من تزود من أمركم بظلم، أقول: اللهم، استخلفت عليهم خير أهلك، أبلغ عني ما قلت لك من وراءك. ثم اضطجع، ودعا عثمان بن عفان فقال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجا منها، وعند أول عهده بالآخرة داخلا فيها، حيث يؤمن الكافر، ويوقن الفاجر، ويصدق الكاذب، إني استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب، فاسمعوا له وأطيعوا، وإني لم آل الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكم خيرا، فإن عدل فذلك ظني به وعلمي فيه، وإن بدل فلكل امرئ ما اكتسب والخير أردت، ولا أعلم الغيب، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، والسلام عليكم ورحمة الله. ثم أمر بالكتاب فختمه، ثم أمره فخرج بالكتاب مختوما، ومعه عمر بن الخطاب وأسد بن سعية القرظي، فقال عثمان للناس: أتبايعون لمن في هذا الكتاب؟ فقالوا: نعم، وقال بعضهم: قد علمنا به وهو عمر، فأقروا بذلك جميعا ورضوا به». "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /665- 666). قالت عائشة: «لما ثقل أبي دخل عليه فلان وفلان فقالوا: يا خليفة رسول الله، ماذا تقول لربك إذا قدمت عليه غدا وقد استخلفت علينا ابن الخطاب؟ فقال: أجلسوني، أبالله ترهبوني؟ أقول: استخلفت عليهم خيرهم». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /274). أول خطبة له بعد الخلافة رضي الله عنه. قال الحسن: «فيما نظن أن أول خطبة خطبها عمر حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فقد ابتليت بكم وابتليتم بي، وخلفت فيكم بعد صاحبي، فمن كان بحضرتنا باشرناه بأنفسنا، ومهما غاب عنا ولينا أهل القوة والأمانة، فمن يحسن نزده حسنا، ومن يسئ نعاقبه، ويغفر الله لنا ولكم». وروى جامع بن شداد عن أبيه قال: «كان أول كلام تكلم به عمر حين صعد المنبر أن قال: اللهم إني شديد فليني، وإني ضعيف فقوني، وإني بخيل فسخني». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /274). سيرته وأعماله في خلافته رضي الله عنه. وهو أول من فتح الفتوح، وهي الأرضون والكور التي فيها الخراج والفيء، ففتح العراق كله، وكور البصرة وأرضها، وكور الأهواز وفارس، وكور الشام ما خلا أجنادين، فإنها فتحت في خلافة أبي بكر الصديق رحمه الله، وفتح عمر كور الجزيرة والموصل ومصر والإسكندرية، وقُتِل رحمه الله وخيله على الري وقد فتحوا عامتها، وبلاد فارس وخوزستان وغيرها. قال ابن الأثير: «وقد اختلف في خراسان، فقال بعضهم: فتحها عمر، ثم انتقضت بعده ففتحها عثمان. وقيل: إنه لم يفتحها، وإنما فتحت أيام عثمان. وهو الصحيح». وهو أول من مصر الأمصار: الكوفة، والبصرة، والجزيرة، والشام، ومصر، والموصل، وأنزلها العرب، وخط الكوفة والبصرة خططا للقبائل. وهو أول من مسح السواد وأرض الجبل، ووضع الخراج على الأرضين، والجزية على جماجم أهل الذمة فيما فتح من البلدان، فوضع على الغني ثمانية وأربعين درهما، وعلى الوسط أربعة وعشرين درهما، وعلى الفقير اثني عشر درهما، وقال: لا يعوز رجلا منهم درهم في شهر، فبلغ خراج السواد والجبل على عهد عمر رحمه الله مائة ألف ألف وعشرين ألف ألف واف، والواف درهم ودانقان ونصف. وهو أول من استقضى القضاة في الأمصار. وهو أول من دوّن الديوان، وكتب الناس على قبائلهم، وفرض لهم الأعطية من الفيء، وقسم القسوم في الناس، ونزل نفسه بمنزلة الأجير وكآحاد المسلمين في بيت المال، ورتب الناس على أقدارهم وتقدمهم في الإسلام في العطاء والإذن والإكرام، فكان أهل بدر أول الناس دخولا عليه، وفرض لهم وفضّلهم على غيرهم، وأثبت أسماء الناس في الديوان على قربهم من رسول الله ، فبدأ ببني هاشم، والأقرب فالأقرب. وهو أول من عسّ في عمله بالمدينة، وهو أول من حمل الدرة وأدب بها، ولقد قيل بعده: لدرة عمر أهيب من سيفكم. وهو أول من كتب التاريخ في شهر ربيع الأول سنة ست عشرة، فكتبه من هجرة النبي من مكة إلى المدينة. وهو أول من جمع القرآن في الصحف. وهو أول من سنّ قيام شهر رمضان، وجمع الناس على ذلك، وكتب به إلى البلدان، وذلك في شهر رمضان سنة أربع عشرة، وجعل للناس بالمدينة قارئين: قارئا يصلي بالرجال، وقارئا يصلي بالنساء. وهو أول من ضرب في الخمر ثمانين، واشتد على أهل الريب والتهم، وأحرق بيت رويشد الثقفي وكان حانوتا، وغرب ربيعة بن أمية بن خلف إلى خيبر وكان صاحب شراب، فدخل أرض الروم فارتد. وهو أول من حمل الطعام في السفن من مصر في البحر حتى ورد البحر، ثم حمل من الجار إلى المدينة. قال عبد الله بن إبراهيم: «أول من ألقى الحصى في مسجد رسول الله عمر بن الخطاب، وكان الناس إذا رفعوا رءوسهم من السجود نفضوا أيديهم، فأمر عمر بالحصى فجيء به من العقيق فبسط في مسجد النبي ». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /284). وهو أول من علّق المصابيح في مسجد المدينة. قال إسماعيل بن زياد: «مر علي بن أبي طالب على المساجد في شهر رمضان، وفيها القناديل، فقال: نور الله على عمر قبره كما نور علينا مساجدنا». "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /669). ووضع عمر في طريق السبل ما بين مكة والمدينة ما يصلح من ينقطع به ويحمل من ماء إلى ماء. وهدم مسجد رسول الله وزاد فيه، وأدخل دار العباس بن عبد المطلب فيما زاد، ووسعه وبناه لما كثر الناس بالمدينة. وهو مَن أخرج اليهود من الحجاز، وأجلاهم من جزيرة العرب إلى الشام، وأخرج أهل نجران وأنزلهم ناحية الكوفة. وكان عمر خرج إلى الجابية في صفر سنة ست عشرة، فأقام بها عشرين ليلة يقصر الصلاة، وحضر فتح بيت المقدس وقسم الغنائم بالجابية. وفي خلافته كان طاعون عمواس في سنة ثماني عشرة، فخرج بعد فتح بيت المقدس في جمادى الأولى سنة سبع عشرة يريد الشام، فبلغ سرغ، فبلغه أن الطاعون قد اشتعل بالشام، فرجع من سرغ، وكلمه أبو عبيدة بن الجراح وقال: أتفر من قدر الله؟ قال: نعم إلى قدر الله. وفي سنة ثماني عشرة كان أول عام الرمادة، أصاب الناس فيها محل وجدب ومجاعة تسعة أشهر. واستعمل على الحج أول سنة استخلف وهي سنة ثلاث عشرة عبد الرحمن بن عوف، فحج بالناس تلك السنة، ثم لم يزل عمر بن الخطاب يحج بالناس في كل سنة خلافته كلها، فحج بهم عشر سنين ولاء، وحج بأزواج النبي في آخر حجة حجها بالناس سنة ثلاث وعشرين، واعتمر عمر في خلافته ثلاث مرات، عمرة في رجب سنة سبع عشرة، وعمرة في رجب سنة إحدى وعشرين، وعمرة في رجب سنة اثنتين وعشرين، وهو أخر المقام إلى موضعه اليوم، كان ملصقا بالبيت. انظر تفصيل ذلك: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /280- 284)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1145- 1156)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /677- 668).

فضائله ومناقبه

كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أشرف قريش، وإليه كانت السفارة في الجاهلية، وذلك أن قريشا كانوا إذا وقع بينهم حرب أو بينهم وبين غيرهم بعثوه سفيرا، وإن نافرهم منافر أو فاخرهم مفاخر، رضوا به، بعثوه منافرا ومفاخرا. انظر: "الإصابة" لابن حجر (4 /484)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1145)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /643). كان عمر رضي الله عنه أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله بالجنة. قال أنس بن مالك رضي الله عنه: «صعد النبي إلى أحد ومعه أبو بكر، وعمر، وعثمان، فرجف بهم، فضربه برجله، قال: اثبت أحد فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيدان». أخرجه البخاري (3686)، مسلم (2417). قال أبو موسى رضي الله عنه: «كنت مع النبي في حائط من حيطان المدينة فجاء رجل فاستفتح، فقال النبي : افتح له وبشره بالجنة، ففتحت له، فإذا أبو بكر، فبشرته بما قال النبي ، فحمد الله، ثم جاء رجل فاستفتح، فقال النبي : افتح له وبشره بالجنة، ففتحت له فإذا هو عمر، فأخبرته بما قال النبي ، فحمد الله، ثم استفتح رجل، فقال لي: افتح له وبشره بالجنة، على بلوى تصيبه، فإذا عثمان، فأخبرته بما قال رسول الله فحمد الله، ثم قال: الله المستعان». أخرجه البخاري (3693)، وسلم (2403). وروى سعيد بن زيد: «أن رسول الله قال: عشرة في الجنة: أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان وعلي والزبير وطلحة وعبد الرحمن وأبو عبيدة وسعد بن أبي وقاص. قال: فعد هؤلاء التسعة وسكت عن العاشر، فقال القوم: ننشدك الله يا أبا الأعور من العاشر؟ قال: نشدتموني بالله، أبو الأعور في الجنة». أخرجه الترمذي (3748)، وقال فيه: «أبو الأعور هو: سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل. وسمعت محمدا يقول: هو أصح من الحديث الأول»، وأبي داود (4649)، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على سنن أبي داود: «حديث صحح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل عبد الرحمن بن الأخنس، فهو مقبول حيث يتابع، وقد توبع في الطريقين الذي قبله والذي بعده»، وابن ماجه (133)، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على سنن ابن ماجه: «حديث صحيح، هشام بن عمار متابع، وباقي رجاله ثقات»، وأحمد (1675)، طبعة الرسالة. كان رضي الله عنه محدث الأمة. قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله : «لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدثون، فإن يك في أمتي أحد، فإنه عمر». زاد زكرياء بن أبي زائدة، عن سعد، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال النبي «لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال، يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن من أمتي منهم أحد فعمر» قال ابن عباس رضي الله عنهما: «من نبي ولا محدث». أخرجه البخاري (3689)، ومسلم (2398). وروى محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر: «أن عمر بن الخطاب بعث جيشا، وأمر عليهم رجلا يدعى سارية، قال: فبينا عمر يخطب قال: فجعل يصيح وهو على المنبر يا سارية الجبل، يا سارية الجبل، قال: فقدم رسول الجيش، فسأله فقال: يا أمير المؤمنين، لقينا عدونا فهزمونا، وإن الصائح ليصيح، يا سارية الجبل، يا سارية الجبل، فشددنا ظهورنا بالجبل، فهزمهم الله، فقيل لعمر: إنك كنت تصيح بذلك». "الاعتقاد" للبيهقي (ص 134). وكان رضي الله عنه قويا في الدين. وقد بشره رسول الله بقوة دينه، وشهد له بها. قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: سمعت رسول الله يقول: «بينا أنا نائم رأيت الناس عرضوا علي، وعليهم قمص، فمنها ما يبلغ الثدي، ومنها ما يبلغ دون ذلك، وعرض علي عمر وعليه قميص اجتره»، قالوا: فما أولته يا رسول الله قال: الدين». أخرجه البخاري (3691)، ومسلم (2390). قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله : «بينما راع في غنمه عدا الذئب، فأخذ منها شاة فطلبها حتى استنقذها، فالتفت إليه الذئب، فقال له: من لها يوم السبع ليس لها راع غيري، فقال الناس: سبحان الله، فقال النبي : فإني أومن به وأبو بكر وعمر، وما ثم أبو بكر وعمر». أخرجه البخاري (3690)، مسلم (2388). وكان من قوة إيمانه وشدته في دينه أن الشيطان كان يفر منه ويسلك طريقا غير طريقه. قال سعد بن أبي وقاص: «استأذن عمر بن الخطاب على رسول الله ، وعنده نسوة من قريش يكلمنه ويستكثرنه، عالية أصواتهن على صوته، فلما استأذن عمر بن الخطاب قمن فبادرن الحجاب، فأذن له رسول الله فدخل عمر ورسول الله يضحك، فقال عمر: أضحك الله سنك يا رسول الله، فقال النبي : عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب، فقال عمر: فأنت أحق أن يهبن يا رسول الله، ثم قال عمر: يا عدوات أنفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول الله ؟ فقلن: نعم، أنت أفظ وأغلظ من رسول الله ، فقال رسول الله : إيها يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إلا سلك فجا غير فجك». أخرجه البخاري (3683)، ومسلم (2396). وكانت النساء تهبنه وتخفن منه. يقول أبو بريدة: «خرج رسول الله في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء، فقالت: يا رسول الله إني كنت نذرت إن ردك الله سالما أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى، فقال لها رسول الله : إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا، فجعلت تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت استها، ثم قعدت عليه، فقال رسول الله : إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالسا وهي تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، فلما دخلت أنت يا عمر ألقت الدف». أخرجه الترمذي (3690)، وقال فيه: «هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث بريدة». كثرة علمه رضي الله عنه. وقد بشره رسول الله بكثرة علمه. روى حمزة عن أبيه، أن رسول الله قال: «بينا أنا نائم، شربت، يعني: اللبن، حتى أنظر إلى الري يجري في ظفري أو في أظفاري، ثم ناولت عمر، فقالوا: فما أولته؟ قال: العلم». أخرجه البخاري (3681)، ومسلم (2391). وشهد له الصحابة بذلك. قال ابن مسعود: «لو أن علم عمر وضع في كفة ميزان، ووضع علم الناس في كفة ميزان لرجح علم عمر. فذكرته لإبراهيم فقال: قد والله، قال عبد الله أفضل من هذا. قلت: ماذا قال؟ قال: لما مات عمر ذهب تسعة أعشار العلم». وقال قبيصة بن جابر: «والله ما رأيت أحدا أرأف برعيته، ولا خيرا من أبي بكر الصديق. ولم أر أحدا أقرأ لكتاب الله، ولا أفقه في دين الله، ولا أقوم بحدود الله، ولا أهيب في صدور الرجال من عمر بن الخطاب. ولا رأيت أحدا أشد حياء من عثمان بن عفان». "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /652). فضله ومنزلته رضي الله عنه عند رسول الله . وقد فاز عمر بن الخطاب مع أبي بكر رضي الله عنهما بصحبة النبي ورفقته. يقول ابن عباس: «وُضِع عمر على سريره فتكنفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع، وأنا فيهم، فلم يرعني إلا رجل آخذ منكبي، فإذا علي بن أبي طالب فترحم على عمر، وقال: ما خلفت أحدا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك، وايم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وحسبت إني كنت كثيرا أسمع النبي يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر، وعمر». أخرجه البخاري (3685)، ومسلم (2389). وقال عبد الله بن هشام: «كنا مع النبي وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب». أخرجه البخاري (3694). وأخبر النبي أنه وأبا بكر رضي الله عنهما وزيراه في الدنيا. قال أبو سعيد الخدري: قال رسول الله : «ما من نبي إلا له وزيران من أهل السماء ووزيران من أهل الأرض، فأما وزيراي من أهل السماء فجبريل وميكائيل، وأما وزيراي من أهل الأرض فأبو بكر وعمر». أخرجه الترمذي (3680)، وقال فيه: «هذا حديث حسن غريب». وأخبر أنهما سيدا كهول أهل الجنة. قال علي بن أبي طالب: «كنت مع رسول الله إذ طلع أبو بكر وعمر، فقال رسول الله : هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين، يا علي لا تخبرهما». أخرجه الترمذي (3665)، وقال فيه: «هذا حديث غريب من هذا الوجه»، وابن ماجه (95)، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على مسند أحمد: «حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف الحسن بن عمارة والحارث الأعور، وقد توبعا». وبشره رسول الله بنيله الدرجات العليا في الجنة. روى أبو سعيد، عن النبي قال: «إن أهل الدرجات العلى ليرون من فوقهم، كما ترون الكوكب الدري في أفق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما». أخرجه أحمد (302)، طبعة الرسالة، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على مسند أحمد: «إسناده ضعيف بهذه السياقة، مجالد -وهو ابن سعيد الهمداني- ضعيف، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غير أبي الوداك -وهو جبر بن نوف الهمداني- فمن رجال مسلم، وهو ثقة، يحيى: هو ابن سعيد القطان»، والحديث أصله في الصحيحين عند البخاري (3256)، ومسلم (2831). وكان رسول الله يتودد إليه ويسأله الدعاء له. قال ابن عمر: «استأذن عمر النبي في العمرة، فقال: يا أخي، أشركنا في صالح دعائك، ولا تنسنا، قال سليمان في حديثه: قال: فقال لي كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /273). وشهد الصحابة رضي الله عنهم له بالخير والفضل. قال جابر بن عبد الله: «قال عمر لأبي بكر: يا خير الناس بعد رسول الله ، فقال أبو بكر: أما إنك إن قلت ذاك فلقد سمعت رسول الله يقول: ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر». أخرجه الترمذي (3665)، وقال فيه: «هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس إسناده بذاك». حُبّ عمر رضي الله عنه من حب الله ورسوله . وكان الصحابة رضي الله عنهم يتمنون نيل الدرجات العلية في الجنة بحبهم للنبي وصاحبيه أبو بكر وعمر. روى أنس رضي الله عنه: «أن رجلا سأل النبي عن الساعة، فقال: متى الساعة؟ قال: وماذا أعددت لها؟ قال: لا شيء، إلا أني أحب الله ورسوله ، فقال: أنت مع من أحببت. قال أنس: فما فرحنا بشيء، فرحنا بقول النبي : أنت مع من أحببت. قال أنس: فأنا أحب النبي وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم، وإن لم أعمل بمثل أعمالهم». أخرجه البخاري (3688)، ومسلم (2639). وقال محمد بن سيرين: «ما أظن رجلا ينتقص أبا بكر وعمر يحب النبي ». أخرجه الترمذي (3685)، وقال فيه: «هذا حديث حسن غريب». موافقة عمر رضي الله عنه للقرآن في عدة مواضع. قال ابن عمر: «ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه وقال فيه عمر أو قال ابن الخطاب فيه، شك خارجة، إلا نزل فيه القرآن على نحو ما قال عمر». أخرجه الترمذي (3682)، وقال فيه: «وهذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه»، أحمد (5145)، طبعة الرسالة، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على مسند أحمد: «حديث صحيح، وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات رجال الشيخين غير نافع بن أبي نعيم، فقد روى له ابن ماجه في "التفسير"، وهو صدوق». ونزل القرآن بموافقته رضي الله عنه في عدة مواضع، منها: في أسرى بدر. روى ابن عباس عن عمر بن الخطاب، قال: «لما كان يوم بدر نظر رسول الله إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاث مائة وتسعة عشر رجلا، فاستقبل نبي الله القبلة، ثم مد يدتاتايه، فجعل يهتف بربه: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض، فما زال يهتف بربه، مادا يديه مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه، فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عز وجل: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ سورة الأنفال: 9، فأمده الله بالملائكة، قال أبو زميل: فحدثني ابن عباس، قال: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم، فنظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا، فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه، وشق وجهه، كضربة السوط فاخضر ذلك أجمع، فجاء الأنصاري، فحدث بذلك رسول الله ، فقال: صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة، فقتلوا يومئذ سبعين، وأسروا سبعين، قال أبو زميل، قال ابن عباس: فلما أسروا الأسارى، قال رسول الله لأبي بكر، وعمر: ما ترون في هؤلاء الأسارى؟ فقال أبو بكر: يا نبي الله، هم بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى الله أن يهديهم للإسلام، فقال رسول الله : ما ترى يا ابن الخطاب؟ قلت: لا والله يا رسول الله، ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم، فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكني من فلان نسيبا لعمر، فأضرب عنقه، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، فهوي رسول الله ما قال أبو بكر، ولم يهو ما قلت، فلما كان من الغد جئت، فإذا رسول الله وأبو بكر قاعدين يبكيان، قلت: يا رسول الله، أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، فقال رسول الله : أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة، شجرة قريبة من نبي الله ، وأنزل الله عز وجل: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ﴾ سورة الأنفال: 67، إلى قوله ﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا﴾ سورة الأنفال: 69، فأحل الله الغنيمة لهم». أخرجه مسلم (1763). وفي الحجاب. وروى عروة عن عائشة: «أن أزواج النبي كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع وهو صعيد أفيح، فكان عمر يقول للنبي : احجب نساءك، فلم يكن رسول الله يفعل، فخرجت سودة بنت زمعة، زوج النبي ، ليلة من الليالي عشاء، وكانت امرأة طويلة، فناداها عمر: ألا قد عرفناك يا سودة، حرصا على أن ينزل الحجاب، فأنزل الله آية الحجاب». أخرجه البخاري (146)، ومفصلا عند مسلم (2170). وفي مقام إبراهيم. روى أنس عن عمر، قال: «وافقت الله في ثلاث، أو وافقني ربي في ثلاث، قلت: يا رسول الله لو اتخذت مقام إبراهيم مصلى، وقلت: يا رسول الله، يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب، قال: وبلغني معاتبة النبي بعض نسائه، فدخلت عليهن، قلت: إن انتهيتن أو ليبدلن الله رسوله خيرا منكن، حتى أتيت إحدى نسائه، قالت: يا عمر، أما في رسول الله ما يعظ نساءه، حتى تعظهن أنت؟ فأنزل الله: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ﴾ سورة التحريم: 5 الآية». أخرجه البخاري (4483)، ومفصلا عند مسلم (1479- 1149). وفي عدم الصلاة للمنافقين. روى نافع عن ابن عمر قال: «لما توفي عبد الله بن أبي جاء ابنه عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله ، فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه، فأعطاه، ثم سأله أن يصلي عليه، فقام رسول الله ليصلي عليه، فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله ، فقال: يا رسول الله تصلي عليه، وقد نهاك ربك أن تصلي عليه؟ فقال رسول الله : إنما خيرني الله فقال: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ، إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً﴾ سورة التوبة: 80، وسأزيده على السبعين " قال: إنه منافق، قال: فصلى عليه رسول الله ، فأنزل الله: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ﴾ سورة التوبة: 84». أخرجه البخاري (4670)، ومسلم (2400). وفي تحريم الخمر. روى عمرو بن شرحبيل أبي ميسرة، عن عمر بن الخطاب، أنه قال: «اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء، فنزلت التي في البقرة: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ﴾ سورة البقرة: 219، فدعي عمر فقرئت عليه فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء، فنزلت التي في النساء: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ سورة النساء: 43، فدعي عمر فقرئت عليه، ثم قال: اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء، فنزلت التي في المائدة: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ﴾، إلى قوله: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ سورة المائدة: 91، فدعي عمر فقرئت عليه فقال: انتهينا انتهينا». أخرجه الترمذي (3049)، وأبو داود (3670)، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على سنن أبي داود: «إسناده صحيح»، والحاكم (3101)، وقال فيه: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي. روى ابن عمر عن أبيه أنه قال: «وافقت ربي في ثلاث: في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي أسارى بدر». أخرجه مسلم (2399). وقال عبد الله بن مسعود: «فضل الناس عمر بن الخطاب بأربع: بذكر الأسرى يوم بدر، أمر بقتلهم، فأنزل الله تعالى: ﴿لَّوْلَا كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ سورة الأنفال: 68، وبذكر الحجاب، وأمر نساء النبي أن يحتجبن، فقالت زينب: إنك علينا يا ابن الخطاب والوحي ينزل في بيوتنا، فأنزل الله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ سورة الأحزاب: 53، وبدعوة النبي : اللهم أيد الإسلام بعمر، وبرأيه في أبي بكر». انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1149)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /661). أقوال الصحابة رضي الله عنهم في مدح عمر رضي الله عنه والثناء عليه. قال ابن عمر رضي الله عنهما: «كنا في زمن النبي لا نعدل بأبي بكر أحدا، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي لا نفاضل بينهم». أخرجه البخاري (3697). وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «خير الناس بعد رسول الله أبو بكر، ثم عمر رضي الله عنهما». وقال رضي الله عنه: «ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر». وقال حذيفة: «كان علم الناس كلهم قد درس في علم عمر». وقال ابن مسعود: «لو وضع علم أحياء العرب في كفة ميزان، ووضع علم عمر في كفة لرجح علم عمر، لقد كانوا يرون أنه ذهب بتسعة أعشار العلم، ولمجلس كنت أجلسه مع عمر أوثق في نفسي من عمل سنة». انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1149). وروى ابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال: «إن الله جعل أبا بكر وعمر حجة على من بعدهما من الولاة إلى يوم القيامة، فسبقا والله سبقا بعيدا، وأتعبا والله من بعدهما إتعابا شديدا، فذكرهما حزن للأمة، وطعن على الأئمة». "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /664). قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: «كان البر لا يعرف في عمر ولا في ابنه حتى يقولا أو يفعلا». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /291). رأى الهرمزان عمر بن الخطاب مضطجعا في مسجد رسول الله ، فقال: «هذا والله الملك الهنيء». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /293). قال أنس بن مالك: «لما أصيب عمر بن الخطاب قال أبو طلحة: ما من أهل بيت من العرب حاضر ولا باد إلا قد دخل عليهم بقتل عمر نقص». وقال حذيفة: «كان الإسلام في زمن عمر كالرجل المقبل لا يزداد إلا قربا، فلما قتل عمر رحمه الله كان كالرجل المدبر لا يزداد إلا بعدا». وقال الحسن: «أي أهل بيت لم يجدوا فقد عمر فهم أهل بيت سوء». وقال عبد الملك بن زيد من ولد سعيد بن زيد عن أبيه: «بكى سعيد بن زيد فقال له قائل: يا أبا الأعور، ما يبكيك؟ فقال: على الإسلام أبكي، إن موت عمر ثلم الإسلام ثلمة لا ترتق إلى يوم القيامة». وقال زيد بن وهب: «أتينا ابن مسعود، فذكر عمر فبكى حتى ابتل الحصى من دموعه، وقال: إن عمر كان حصنا حصينا للإسلام، يدخلون فيه ولا يخرجون منه، فلما مات عمر انثلم الحصن، فالناس يخرجون من الإسلام». وقال ابن الحنفية: «دخل أبي على عمر وهو مسجى بالثوب، فقال: ما أحد من الناس أحب إلي أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجى». وقال عبد الرحمن بن غنم يوم مات عمر: «اليوم أصبح الإسلام موليا، ما رجل بأرض فلاة يطلبه العدو فأتاه آت فقال له: خذ حذرك بأشد فرارا من الإسلام اليوم». انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /371- 373). من أقوال عمر رضي الله عنه المأثورة. قال عمر بن الخطاب: «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإنه أهون أو قال: أيسر لحسابكم، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتجهزوا للعرض الأكبر، ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ﴾ سورة الحاقة: 18». "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /669). وقال عمر: «لأعزلن خالد بن الوليد والمثنى مثنى بني شيبان؛ حتى يعلما أن الله إنما كان ينصر عباده، وليس إياهما كان ينصر». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /284). وقال عمر: «أحب الناس إلي من رفع إلي عيوبي». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /293). قال ابن الحوتكية: «سئل عمر عن شيء، فقال: لولا أني أكره أن أزيد في الحديث أو أنتقص منه لحدثتكم به». وكان عمر يقول: «إن الناس لم يزالوا مستقيمين ما استقامت لهم أئمتهم وهداتهم». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /292).