البحث

عبارات مقترحة:

الحسيب

 (الحَسِيب) اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على أن اللهَ يكفي...

القريب

كلمة (قريب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فاعل) من القرب، وهو خلاف...

الشهيد

كلمة (شهيد) في اللغة صفة على وزن فعيل، وهى بمعنى (فاعل) أي: شاهد،...

الزبير بن العوام

الصحابي الجليل الزبير بن العوام بن خويلد القرشي الأسدي، أبو عبد اللَّه، حواري رسول اللَّه ، وابن عمته صفية بنت عبد المطلب، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة من أهل الشورى، وهو أول من سل سيفه في سبيل الله، له مواقف جليلة في الإسلام، وقتل شهيدًا بعد معركة الجمل.

البطاقة الشخصية

اسمه ونسبه

هو الصحابي الجليل الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصيّ بن كلاب القرشي الأسدي، أبو عبد اللَّه، وكانت أمه تكنّيه أبا الطّاهر بكنية أخيها الزبير بن عبد المطّلب، واكتنى هو بابنه عبد اللَّه فغلبت عليه. أمه صفية بنت عبد المطّلب عمة رسول الله ، ابن عمة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم، وابن أخي خديجة بنت خويلد زوج النبي . انظر: "الإصابة" لابن حجر (2 /457)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /100)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /510)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /97).

مولده

قال موسى بن طلحة: «كان علي بن أبي طالب والزبير وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص، كان يقال لهم: عذار عام واحد، قال إبراهيم: لأنهم ولدوا في عام واحد». أخرجه الحاكم (5581)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /511).

صفته

الخُلقية: كان الزبير رضي الله عنه طويلا تخطّ رجلاه الأرض إذا ركب، وكان أسمر، ربعة، معتدل اللحم، خفيف اللحية رضي الله عنه. انظر: "الإصابة" لابن حجر (2 /458)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /516)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /100). روى هشام بن عروة عن أبيه، قال: «ربما أخذت بالشعر على منكبي الزبير وأنا غلام فأتعلق به على ظهره». وقال محمد بن عمر: «وكان الزبير بن العوام رجلا ليس بالطويل ولا بالقصير، إلى الخفة، ما هو في اللحم، ولحيته خفيفة، أسمر اللون، أشعر، رحمه الله». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /107). تربية أمه له: وكانت أمه صفية تضربه ضرباً شديداً، وهو يتيم، تربيةً له ورفعة لشأنه. روى هشام بن عروة عن أبيه: «أن صفية كانت تضرب الزبير ضربًا شديدًا وهو يتيم فقيل لها: قتلته، خلعت فؤاده، أهلكت هذا الغلام، قالت: إنما أضربه كي يلب*****ويجر الجيش ذا الجلب». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /101). روى عبد اللَّه بن مصعب: «أن العوّام لما مات كان نوفل بن خويلد يلي ابن أخيه الزبير، وكانت صفية تضربه وهو صغير وتغلظ عليه، فعاتبها نوفل وقال: ما هكذا يضرب الولد، إنك لتضربينه ضرب مبغضة فرجزت به صفية: من قال إنّي أبغضه فقد كذب*****وإنّما أضربه لكي يلب ويهزم الجيش ويأتي بالسّلب*****ولا يكن لماله خبأ مخب يأكل في البيت من تمر وحب تعرض نوفل، فقال: يا بني هاشم، ألا تزجرونها عنّي؟». "الإصابة" لابن حجر (2 /457). وكسر يد غلام ذات يوم فجيء بالغلام إلى صفية وقيل لها في ذلك. روى هشام بن عروة عن أبيه، أنه قال: «قاتل الزبير بمكة وهو غلام رجلا فكسر يده وضربه ضربا شديدا، فمر بالرجل على صفية وهو يحمل، فقالت: ما شأنه؟ قالوا: قاتل الزبير، فقالت: كيف رأيت زبرا أقطًا حسبته أم تمرا أم مشمعلًا صقرا». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /101). الخلقية: وكان الزبير رضي الله عنه كثير الصدقة والإحسان: قال كعب: «كان للزبير ألف مملوك يؤدون إليه الخراج، فما كان يدخل بيته منها درهما واحدا، يعني أنه يتصدق بذلك كله». انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /514)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /99). وكان أمينًا صادقًا مؤتمنًا. قال هشام بن عروة: «أوصى إلى الزبير سبعة من أصحاب النبي منهم: عثمان، وعبد الرحمن ابن عوف، والمقداد، وابن مسعود، وغيرهم. وكان يحفظ على أولادهم مالهم، وينفق عليهم من ماله». انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /514)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /100).

إسلامه

بعد اتفاق أصحاب التراجم أنه أسلم صغيرًا، اختلفوا في عمره لما أسلم. فذكرت رواية أنه أسلم وله اثنتا عشرة سنة، وذكر أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن أنه بلغه أن علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام أسلما، وهما ابنا ثماني سنين. انظر: "الإصابة" لابن حجر (2 /457)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /511)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /98). وروى ابن سعد عن هشام بن عروة: «أن الزبير أسلم وهو ابن ست عشرة سنة»، ومن طريق آخر عنه: «أسلم الزبير وهو ابن خمس عشر سنة». انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /102)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /510). وعن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل: «وكان إسلام الزبير بعد أبي بكر، كان رابعا أو خامسا». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /101). وكان رضي الله عنه قد آذاه قومه لمّا أسلم، حتى يرجع عن دينه. قال أبو الأسود: «كان عمّ الزّبير يعلقه في حصير ويدخّن عليه ليرجع إلى الكفر، فيقول: لا أكفر أبدا». "الإصابة" لابن حجر (2 /457).

زوجاته وأولاده

كان للزبير رضي الله عنه من الولد أحد عشر ذكرًا وتسع نسوة: عبد الله، وعروة، والمنذر، وعاصم، والمهاجر درجا، وخديجة الكبرى، وأم الحسن، وعائشة، وأمهم أسماء بنت أبي بكر الصديق. وخالد، وعمرو، وحبيبة، وسودة، وهند، وأمهم أم خالد وهي أمة بنت خالد بن سعيد بن العاص بن أمية. ومصعب، وحمزة، ورملة، وأمهم الرباب بنت أنيف بن عبيد بن مصاد من كلب. وعبيدة، وجعفر، وأمهما زينب وهي أم جعفر بنت مرثد بن عمرو بن عبد عمرو بن قيس بن ثعلبة. زينب وأمها أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط. وخديجة الصغرى، وأمها الحلال بنت قيس بن نوفل بن جابر بن شجنة من بني أسد. وكان الزبير بن العوام يقول: «إن طلحة بن عبيد الله التيمي يسمي بنيه بأسماء الأنبياء، وقد علم أن لا نبي بعد محمد، وإني أسمي بني بأسماء الشهداء، لعلهم أن يستشهدوا». انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /100- 101)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /511).

وفاته

قُتِل الزبير رضي الله عنه وأرضاه سنة ست وثلاثين، وكان سِنّه يوم قتل بضع وخمسون سنة، وقيل: سبعا وستين سنة، وقيل: ستا وستين. انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /102)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /516)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /100). وقال عروة: «قتل أبي يوم الجمل وقد زاد على الستين أربع سنين»، وقال مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير: «شهد الزبير بن العوام بدرا وهو ابن تسع وعشرين سنة، وقتل وهو ابن أربع وستين سنة». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /113). وقد قتله ابن جرموز، بعد أن انصرف الزبير يوم الجمل لما ذكرّه علي بقول رسول الله له، فانصرف عن القتال نادما مفارقا للجماعة التي خرج فيها، منصرفا إلى المدينة. قال أبو حرب بن أبي الأسود الديلي: «شهدت الزبير خرج يريد عليا، فقال له علي: أنشدك الله! هل سمعت رسول الله يقول: تقاتله وأنت له ظالم؟ فقال: لم أذكر، ثم مضى الزبير منصرفا». أخرجه الحاكم (5574)، وقال فيه: «هذا حديث صحيح»، ووافقه الذهبي. وفي رواية أخرى له قال: «شهدت عليا والزبير، لما رجع الزبير على دابته يشق الصفوف، فعرض له ابنه عبد الله، فقال: ما لك؟ فقال: ذكر لي علي حديثا سمعته من رسول الله يقول: لتقاتلنه وأنت ظالم له، فلا أقاتله، قال: وللقتال جئت؟ إنما جئت لتصلح بين الناس ويصلح الله هذا الأمر بك، قال: قد حلفت أن لا أقاتل، قال: فأعتق غلامك جرجس وقف حتى تصلح بين الناس، قال: فأعتق غلامه جرجس ووقف فاختلف أمر الناس، فذهب على فرسه». أخرجه الحاكم (5575). وقال أبو بكر بن أبي شيبة: «قتل الزبير سنة ست وثلاثين، قتله ابن جرموز ومعه النعمان بن زمام وأبو المضرحي رجلان من بني تميم، وقتل بوادي السباع، ودفن به». "المعجم الكبير" للطبراني (245)، "الآحاد والمثاني" لابن أبي عاصم (1 /161). ولما أتى قاتل الزبير عليا برأسه يستأذن عليه فلم يأذن له، وقال للآذن: بشره بالنار. وقال زر بن حبيش: «استأذن ابن جرموز على علي فقال: من هذا؟ قالوا: ابن جرموز يستأذن. قال: ائذنوا له، ليدخل قاتل الزبير النار، إني سمعت رسول الله يقول: إن لكل نبي حواريا، وإن حواري الزبير». أخرجه أحمد (680)، طبعة الرسالة، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على مسند أحمد: «إسناده حسن، عاصم- وهو ابن أبي النجود الكوفي- يتقاصر عن رتبة الصحيح»، والحاكم (5579- 5580)، وقال فيه: «هذه الأحاديث صحيحة، عن أمير المؤمنين علي، وإن لم يخرجاه بهذه الأسانيد»، ووافقه الذهبي، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /105). قال مصعب بن عبد الله الزبيري: «توجه الزبير إلى المدينة فتبعه عمرو بن جرموز وهو متوجه نحو المدينة فقتله غيلة بوادي السباع، فبرأ الله عن دمه عليا وأصحابه، وإنما قتله عمرو بن جرموز في رجب سنة ست وثلاثين». أخرجه الحاكم (5549). قال أبو خالد الوالبي: «دعا الأحنف بني تميم فلم يجيبوه، ثم دعا بني سعد فلم يجيبوه، فاعتزل في رهط، فمر الزبير على فرس له يقال له: ذو النعال، فقال الأحنف: هذا الذي كان يفسد بين الناس، قال: فاتبعه رجلان ممن كان معه فحمل عليه أحدهما فطعنه، وحمل عليه الآخر فقتله، وجاء برأسه إلى الباب فقال: ائذنوا لقاتل الزبير، فسمعه علي فقال: بشر قاتل ابن صفية بالنار، فألقاه وذهب». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /110)، "الإصابة" لابن حجر (2 /461). وقال علي رضي الله عنه: «إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير من الذين قال الله في حقهم ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ [ الحجر: 47]». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /113). انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /102)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /515- 516)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /100).

أخباره ومواقفه

في حياة النبي صلى الله عليه وسلم

المؤاخاة بينه وبين غيره من الصحابة رضي الله عنهم. آخى رسول الله بينه وبين عبد الله بن مسعود حين آخى بين المهاجرين بمكة. روى ابن سعد عن موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه أنه قال: «آخى رسول الله بين الزبير وبين ابن مسعود». وذُكِر عن علي بن أبي طالب عن أبيه: «أن النبي حين آخى بين أصحابه آخى بين الزبير وطلحة». وعن عروة قال: آخى رسول الله بين الزبير بن العوام وكعب بن مالك». فلما قدم المدينة وآخى بين المهاجرين والأنصار آخى بين الزبير وبين سلمة بن سلامة بن وقش. انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /102)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /511)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /98). هجرته رضي الله عنه: كان الزبير رضي الله عنه ممن هاجر الهجرتين إلى أرض الحبشة والى المدينة جميعا. انظر: "الإصابة" لابن حجر (2 /458)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /102)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /511)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /98). قال عاصم بن عمر بن قتادة: «لما هاجر الزبير بن العوام من مكة إلى المدينة نزل على المنذر بن محمد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /102). شجاعته رضي الله عنه وجهاده في سبيل الله. كان الزبير ممن شهد بدرا والحديبية والمشاهد كلها مع رسول الله . روى هشام بن عروة: «أن الزبير أسلم وهو ابن ست عشرة سنة، ولم يتخلف عن غزوة غزاها رسول الله ». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /102). وجاهد في الله حق جهاده، حتى جمع له رسول الله أبويه، فقال: فداك أبي وأمي، مرتين: يوم أحد، ويوم قريظة. قال عبد الله بن الزبير: «كنت يوم الأحزاب جعلت أنا وعمر بن أبي سلمة في النساء، فنظرت فإذا أنا بالزبير، على فرسه، يختلف إلى بني قريظة مرتين أو ثلاثا، فلما رجعت قلت: يا أبت رأيتك تختلف؟ قال: أوهل رأيتني يا بني؟ قلت: نعم، قال: كان رسول الله ، قال: من يأت بني قريظة فيأتيني بخبرهم، فانطلقت، فلما رجعت جمع لي رسول الله أبويه فقال: فداك أبي وأمي». أخرجه البخاري (3720)، ومسلم (2416). وقد عنون البخاري في صحيحه لهذه الحادثة بقوله: باب بعث النبي الزبير طليعة وحده، ثم ذكر الحديث (7261). وقال الزبير: «جمع لي رسول الله أبويه يوم قريظة، فقال: بأبي وأمي». أخرجه الترمذي (3743)، وقال فيه: «هذا حديث حسن صحيح». وقال الزبير: «لقد جمع لي رسول الله أبويه يوم أحد». أخرجه ابن ماجه (123)، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على سنن ابن ماجه: «إسناده صحيح»، وكذا صححه الألباني. وروى هشام بن عروة عن أبيه: «أن أصحاب النبي قالوا للزبير يوم اليرموك: ألا تشد فنشد معك، فحمل عليهم، فضربوه ضربتين على عاتقه، بينهما ضربة ضربها يوم بدر، قال عروة: فكنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير». أخرجه البخاري (3721). انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /102)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /511)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /98- 99). ورخص النبي للزبير رضي الله عنه في لبس الحرير. عن أنس رضي الله عنه: «أن عبد الرحمن بن عوف والزبير شكوا إلى النبي - يعني القمل - فأرخص لهما في الحرير، فرأيته عليهما في غزاة». أخرجه البخاري (5432)، ومسلم (2076). وكان رضي الله عنه يلتزم رسول الله ويستفسر عن أمر دينه. روى عبد الله بن الزبير بن العوام، عن أبيه، قال: «لما نزلت: ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ﴾ سورة التكاثر: 8، قال الزبير: يا رسول الله، وأي النعيم نسأل عنه، وإنما هما الأسودان التمر والماء؟ قال: أما إنه سيكون». أخرجه الترمذي (3356)، وقال: «هذا حديث حسن»، وابن ماجه (4158)، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على سنن ابن ماجه: «إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو، وهو ابن علقمة الليثي». عمله رضي الله عنه في التجارة. قال أبو عمر: «كان الزبير تاجرا مجدودا في التجارة، وقيل له يوما: بم أدركت في التجارة ما أدركت؟ فقال: إني لم أشتر عينا، ولم أرد ربحا، والله يبارك لمن يشاء». انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /514).

بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

رواياته وأحاديثه رضي الله عنه. روى عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه، قال: «قلت للزبير: ما لي لا أسمعك تحدث عن رسول الله كما يحدث فلان وفلان؟ قال: أما إني لم أفارقه منذ أسلمت، ولكني سمعت رسول الله يقول: من كذب علي فليتبوأ مقعدا من النار». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /106). تقسيم ميراثه رضي الله عنه وقضاء دينه. روى هشام بن عروة عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، قال: «لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني، فقمت إلى جنبه فقال: يا بني، إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما، وإن من أكبر همي لديني، أفترى يبقي ديننا من مالنا شيئا؟ فقال: يا بني بع مالنا، فاقض ديني، وأوصى بالثلث، وثلثه لبنيه - يعني بني عبد الله بن الزبير - يقول: ثلث الثلث، فإن فضل من مالنا فضل بعد قضاء الدين شيء، فثلثه لولدك، - قال هشام: وكان بعض ولد عبد الله، قد وازى بعض بني الزبير، خبيب، وعباد وله يومئذ تسعة بنين، وتسع بنات -، قال عبد الله: فجعل يوصيني بدينه، ويقول: يا بني إن عجزت عنه في شيء، فاستعن عليه مولاي، قال: فوالله ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبة من مولاك؟ قال: الله، قال: فوالله ما وقعت في كربة من دينه، إلا قلت: يا مولى الزبير اقض عنه دينه، فيقضيه، فقتل الزبير رضي الله عنه، ولم يدع دينارا ولا درهما إلا أرضين، منها الغابة، وإحدى عشرة دارا بالمدينة، ودارين بالبصرة، ودارا بالكوفة، ودارا بمصر، قال: وإنما كان دينه الذي عليه، أن الرجل كان يأتيه بالمال، فيستودعه إياه، فيقول الزبير: لا ولكنه سلف، فإني أخشى عليه الضيعة، وما ولي إمارة قط ولا جباية خراج، ولا شيئا إلا أن يكون في غزوة مع النبي ، أو مع أبي بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم، قال عبد الله بن الزبير: فحسبت ما عليه من الدين، فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف، قال: فلقي حكيم بن حزام عبد الله بن الزبير، فقال: يا ابن أخي، كم على أخي من الدين فكتمه؟ فقال: مائة ألف، فقال حكيم: والله ما أرى أموالكم تسع لهذه، فقال له عبد الله: أفرأيتك إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا، فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي، قال: وكان الزبير اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف، فباعها عبد الله بألف ألف وستمائة ألف، ثم قام: فقال من كان له على الزبير حق، فليوافنا بالغابة، فأتاه عبد الله بن جعفر، وكان له على الزبير أربع مائة ألف، فقال لعبد الله: إن شئتم تركتها لكم، قال عبد الله: لا، قال: فإن شئتم جعلتموها فيما تؤخرون إن أخرتم؟ فقال عبد الله: لا، قال: قال: فاقطعوا لي قطعة، فقال عبد الله: لك من هاهنا إلى هاهنا، قال: فباع منها فقضى دينه فأوفاه، وبقي منها أربعة أسهم ونصف، فقدم على معاوية، وعنده عمرو بن عثمان، والمنذر بن الزبير، وابن زمعة، فقال له معاوية: كم قومت الغابة؟ قال: كل سهم مائة ألف، قال: كم بقي؟ قال: أربعة أسهم ونصف، قال المنذر بن الزبير: قد أخذت سهما بمائة ألف، قال عمرو بن عثمان: قد أخذت سهما بمائة ألف، وقال ابن زمعة: قد أخذت سهما بمائة ألف، فقال معاوية: كم بقي؟ فقال: سهم ونصف، قال: قد أخذته بخمسين ومائة ألف، قال: وباع عبد الله بن جعفر نصيبه من معاوية بست مائة ألف، فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه، قال بنو الزبير: اقسم بيننا ميراثنا، قال: لا، والله لا أقسم بينكم حتى أنادي بالموسم أربع سنين: ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه، قال: فجعل كل سنة ينادي بالموسم، فلما مضى أربع سنين قسم بينهم، قال: فكان للزبير أربع نسوة، ورفع الثلث، فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائتا ألف، فجميع ماله خمسون ألف ألف، ومائتا ألف». أخرجه البخاري (3129).

فضائله ومناقبه

كان الزبير رضي الله عنه حواري رسول الله . قال جابر رضي الله عنه: قال النبي : «إن لكل نبي حواريا، وإن حواري الزبير بن العوام». أخرجه البخاري (3719). و قال جابر رضي الله عنه: «قال رسول الله يوم الأحزاب: من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزبير: أنا، ثم قال: من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزبير: أنا، ثم قال: من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزبير: أنا، ثم قال: إن لكل نبي حواري، وإن حواري الزبير». أخرجه البخاري (4113)، ومسلم (2415). قال نافع: «سمع ابن عمر رجلا يقول: أنا ابن حواري رسول الله ، فقال ابن عمر: إن كنت من آل الزبير وإلا فلا». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /106)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /99). قال ابن عباس: «هو حواري النبي ، وسمي الحواريون لبياض ثيابهم. البخاري تعليقا كتاب أصحاب النبي ، باب مناقب الزبير بن العوام. وقال محمد بن سلام: «سألت يونس بن حبيب عن قوله : حواريي الزبير. فقال: من خلصائه». "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /512). وكان رضي الله عنه أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله بالجنة. روى أبو هريرة: «أن رسول الله ، كان على جبل حراء فتحرك، فقال رسول الله : اسكن حراء فما عليك إلا نبي، أو صديق، أو شهيد، وعليه النبي ، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، رضي الله عنهم». أخرجه مسلم (2417). وروى سعيد بن زيد: «أن رسول الله قال: عشرة في الجنة: أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان وعلي والزبير وطلحة وعبد الرحمن وأبو عبيدة وسعد بن أبي وقاص. قال: فعد هؤلاء التسعة وسكت عن العاشر، فقال القوم: ننشدك الله يا أبا الأعور من العاشر؟ قال: نشدتموني بالله، أبو الأعور في الجنة». أخرجه الترمذي (3748)، وقال فيه: «أبو الأعور هو: سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل. وسمعت محمدا يقول: هو أصح من الحديث الأول»، وأبي داود (4649)، وقال الشيخ شعيب الارناؤوط في تخريجه على سنن أبي داود: «حديث صحح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل عبد الرحمن بن الأخنس، فهو مقبول حيث يتابع، وقد توبع في الطريقين الذي قبله والذي بعده»، وابن ماجه (133)، وقال الشيخ شعيب الارناؤوط في تخريجه على سنن ابن ماجه: «حديث صحيح، هشام بن عمار متابع، وباقي رجاله ثقات»، وأحمد (1675)، طبعة الرسالة. وكان رضي الله عنه أحد الستّة أصحاب الشّورى. وجعله عمر بن الخطاب رضي الله عنهما في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده، وقال: هم الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض. انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /513)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /99). قال عمرو بن ميمون في حديثه الطويل الذي عند البخاري: «… قال: واستأذن الرجال، فولجت داخلًا لهم، فسمعنا بكاءها من الداخل، فقالوا: أوص يا أمير المؤمنين استخلف، قال: ما أجد أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر، أو الرهط الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض، فسمى عليا، وعثمان، والزبير، وطلحة، وسعدا، وعبد الرحمن، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء...». أخرجه البخاري (3700). وكان رضي الله عنه أول رجل سلّ سيفه في اللَّه. وكان الزبير أول من سل سيفا في الله عز وجل، وكان سبب ذلك أن المسلمين لما كانوا مع النبي بمكة، وقع الخبر أن رسول الله قد أخذه الكفار، فأقبل الزبير يشق الناس بسيفه، يريد أن يضرب به من أخذ رسول الله، فدعا له رسول الله ولسيفه. عن عروة وابن المسيّب قال: «أول رجل سلّ سيفه في اللَّه الزبير، وذلك أن الشيطان نفخ نفخة فقال: أُخِذ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، فأقبل الزبير يشقّ الناس بسيفه، والنبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم بأعلى مكة، فقال النبي : مالك يا زبير؟ قال: أخبرت أنك أخذت، فصلى عليه، ودعا له، ولسيفه». وفي رواية ابن المسيّب: «فقيل: قُتٍل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، فخرج الزبير متجرّدا بالسيف صلتا». انظر: "الإصابة" لابن حجر (2 /459)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /512)، "أسد الغابة" لابن الأثير (2 /98). وجمع رسول الله للزبير رضي الله عنه أبويه، وقال له: «فداك أبي وأمّي». روى هشام بن عروة عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، قال: «كنت يوم الأحزاب جعلت أنا وعمر بن أبي سلمة في النساء، فنظرت فإذا أنا بالزبير على فرسه، يختلف إلى بني قريظة مرتين أو ثلاثا، فلما رجعت قلت: يا أبت رأيتك تختلف؟ قال: أوهل رأيتني يا بني؟ قلت: نعم، قال: كان رسول الله ، قال: من يأت بني قريظة فيأتيني بخبرهم، فانطلقت، فلما رجعت جمع لي رسول الله أبويه فقال: «فداك أبي وأمي». أخرجه البخاري (3720)، ومسلم (2416). وكان الزبير رضي الله عنه من الذين استجابوا لله والرسول. روى هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، ﴿االَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ القَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ سورة آل عمران: 172، قالت لعروة: «يا ابن أختي، كان أبواك منهم: الزبير وأبو بكر، لما أصاب رسول الله ما أصاب يوم أحد، وانصرف عنه المشركون، خاف أن يرجعوا، قال: من يذهب في إثرهم، فانتدب منهم سبعون رجلا، قال: كان فيهم أبو بكر والزبير». أخرجه البخاري (4077)، ومسلم (2418). ونزلت الملائكة يوم بدر على سيماء الزبير رضي الله عنه. روى هشام بن عروة عن أبيه، أنه قال: «كانت على الزبير ريطة صفراء معتجرا بها يوم بدر، فقال النبي : إن الملائكة نزلت على سيماء الزبير». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /103). وشهد عثمان بن عفان للزبير رضي الله عنهما أنه من خيرة الصحابة ومن أحبهم إلى رسول الله . روى هشام بن عروة عن أبيه، قال: أخبرني مروان بن الحكم، قال: «أصاب عثمان بن عفان رعاف شديد سنة الرعاف، حتى حبسه عن الحج، وأوصى، فدخل عليه رجل من قريش قال: استخلف، قال: وقالوه؟ قال: نعم، قال: ومن؟ فسكت، فدخل عليه رجل آخر - أحسبه الحارث -، فقال: استخلف، فقال عثمان: وقالوا؟ فقال: نعم، قال: ومن هو؟ فسكت، قال: فلعلهم قالوا الزبير، قال: نعم، قال: أما والذي نفسي بيده إنه لخيرهم ما علمت، وإن كان لأحبهم إلى رسول الله ». أخرجه البخاري (3717).