البحث

عبارات مقترحة:

الحي

كلمة (الحَيِّ) في اللغة صفةٌ مشبَّهة للموصوف بالحياة، وهي ضد...

الوتر

كلمة (الوِتر) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، ومعناها الفرد،...

الحق

كلمة (الحَقِّ) في اللغة تعني: الشيءَ الموجود حقيقةً.و(الحَقُّ)...

علي بن أبي طالب

هو الصحابي الجليل علي بن أبي طالب بن عبد المطلب القرشي الهاشمي، أبو الحسن، ابن عم رسول الله ، وصهره على ابنته فاطمة، أمير المؤمنين، أبا التراب رضي الله عنه، وكان من أول الناس إسلاما، أسلم وهو صغير، كان رضي الله عنه من كبار الصحابة وفضلائهم، وكان رضي الله عنه زاهدا ورعا عدلا، شجاعا، من أقضى أهل المدينة، متبعا لسير منهج الأئمة قبله. وكان رضي الله عنه أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأخبر رسول الله أن عليًا وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم هم أهل بيته، وأنه لا يُحب عليًّا إلا مؤمن، ولا يُبغضه إلا منافق، وأن من كان رسول الله مولاه فعلي مولاه، استشهد علي رضي الله عنه في رمضان سنة أربعين من الهجرة، قتله عبد الرحمن بن ملجم لما خرج لصلاة الفجر.

البطاقة الشخصية

اسمه ونسبه

هو الصحابي الجليل علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي الهاشمي، ويكنى أبا الحسن، ابن عم رسول الله . واسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب، وقيل: اسمه كنيته. قال ابن عبد البر:»والأول أصح». "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1089). واسم عبد المطلب شيبة بن هاشم، واسم هاشم عمرو. وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم. وعلي صهر رسول الله على ابنته فاطمة سيدة نساء العالمين، وأبو السبطين الحسن والحسين، وهو أول هاشمي ولد بين هاشميين، وأول خليفة من بني هاشم، وكان علي أصغر ولد أبي طالب، وكان أصغر من جعفر بعشر سنين، وكان جعفر أصغر من عقيل بعشر سنين، وكان عقيل أصغر من طالب بعشر سنين. انظر: "الإصابة" لابن حجر (4 /464)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /19)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1089- 1090)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /588).

مولده

قال موسى بن طلحة: «كان علي بن أبي طالب والزبير وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص، كان يقال لهم: لُدَات عام واحد، قال إبراهيم: ولدوا في عام واحد». أخرجه الحاكم (6107)، وانظر كذا: "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 /1094). قال ابن حجر: «ولد قبل البعثة بعشر سنين على الصحيح، فربّي في حجر النبي ولم يفارقه». "الإصابة" لابن حجر (4 /464).

صفته

الخَلقية: كان علي رضي الله عنه آدم، مقبل العينين عظيمهما، ذا بطن، أصلع، ربعة إلى القصر أقرب، لا يخضب. وقال أبو إسحاق السبيعي: «رأيته أبيض الرأس واللحية، وكان ربما خضب لحيته». وقال أبو رجاء العطاردي: رأيت عليا ربعة، ضخم البطن، كبير اللحية، قد ملأت صدره، أصلع شديد الصلع». وقال الشعبي: «رأيت عليا وكان عريض اللحية، وقد أخذت ما بين منكبيه، أصلع على رأسه زغيبات». وقال مدرك أبو الحجاج: «رأيت عليا يخطب، وكان من أحسن الناس وجها». قال رزام بن سعيد الضبي: «سمعت أبي ينعت عليا قال: كان رجلا فوق الربعة، ضخم المنكبين طويل اللحية، وإن شئت قلت: إذا نظرت إليه قلت آدم، وإن تبينته من قريب قلت أن يكون أسمر أدنى من أن يكون آدم». وقال ابن عبد البر: «وأما تقشفه في لباسه ومطعمه فأشهر من هذا كله». انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /25- 27)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1111، 1123)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /619). الخُلقية: زهده رضي الله عنه: قال محمد بن كعب القرظي: سمعت علي بن أبي طالب يقول: «لقد رأيتني وإني لأربط الحجر على بطني من الجوع، وإن صدقتي لتبلغ اليوم أربعة آلاف دينار». قال ابن الأثير: «لم يرد بقوله: أربعين ألفا زكاة ماله، وإنما أراد الوقوف التي جعلها صدقة كان الحاصل من دخلها صدقة هذا العدد، فإن أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه لم يدخر مالا، ودليله ما نذكره من كلام ابنه الحسن رضي الله عنهما في مقتله أنه لم يترك إلا ستمائة درهم، اشترى بها خادما». شجاعته رضي الله عنه: وكان قد اشتهر بالفروسية والشجاعة والإقدام. عدله رضي الله عنه: قال معاوية لضرار الصدائي: «يا ضرار، صف لي عليا. قال: أعفني يا أمير المؤمنين. قال: لتصفنه. قال: أما إذ لا بد من وصفه فكان والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا، ويحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، ويستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل ووحشته، وكان غزير العبرة، طويل الفكرة، يعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما خشن، وكان فينا كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه، وينبئنا إذا استنبأناه…» وذكر أمورا أخرى. قال أبو النوار بياع الكرابيس: «أتاني علي بن أبي طالب ومعه غلام له، فاشترى مني قميصي كرابيس، فقال لغلامه: اختر أيهما شئت، فأخذ أحدهما، وأخذ علي الآخر، فلبسه، ثم مد يده فقال: اقطع الذي يفضل من قدر يدي، فقطعه وكفه، ولبسه وذهب». علمه وقضاؤه رضي الله عنه: قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: قال عمر رضي الله عنه: «علي أقضانا، فكان عمر يقول: لولا علي لهلك عمر». «وسأل شريح بن هانئ عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن المسح على الخفين، فقالت: ايت عليا فسله». وقال أذينة بن مسلمة: «أتيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسألته: من أين أعتمر؟ فقال: إيت عليا فسله، فذكر الحديث. .. وفيه قال عمر: ما أجد لك إلا ما قال علي». وروى علقمة عن عبد الله قال: «كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب». وقال ابن عباس: «كنا إذا أتانا الثبت عن علي لم نعدل به. عمر أنه قال: أقضانا علي، وأقرؤنا أُبَيّ. قال ابن مسعود: أعلم أهل المدينة بالفرائض علي بن أبي طالب. أبي الطفيل، قال: شهدت عليا يخطب، وهو يقول: سلوني، فو الله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم، وسلوني عن كتاب الله، فو الله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار، أم في سهل أم في جبل». عدم مخالفته رضي الله عنه لسير منهج الأئمة قبله: قال علي رضي الله عنه لأهل العراق حين أفتى باسترقاق أمهات الأولاد وقد كان يرى أن يعتقن كما كان يرى عمر رضي الله عنه: «اقضوا كما كنتم تقضون، فإني أكره الاختلاف، حتى يكون للناس جماعة، أو أموت كما مات أصحابي» فكان ابن سيرين: «يرى أن عامة ما يروى عن علي الكذب». أخرجه البخاري (3707). انظر: "الإصابة" لابن حجر (4 /465)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1103- 1110)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /599- 600).

إسلامه

كان علي بن أبي طالب أول من آمن بالله ورسوله محمد من الرجال. قال ابن عباس وزيد بن أرقم رضي الله عنهما: «أول من أسلم علي». وقال أنس بن مالك: «بعث النبي يوم الاثنين، وأسلم علي يوم الثلاثاء». قال ابن الأثير: «وهو أول الناس إسلاما في قول كثير من العلماء». "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /588). وقال ابن عبد البر: «واتفقوا على أن خديجة أول من آمن بالله ورسوله وصدقه فيما جاء به ثم علي بعدها». "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1092). قال سلمة بن كهيل عن حبة العرني: «سمعت عليا يقول: أنا أول من صلى مع النبي ». وسئل محمد بن كعب القرظي عن أول من أسلم: علي أو أبو بكر؟ قال: سبحان الله! علي أولهما إسلاما، وإنما اشتبه على الناس لأن عليا أخفى إسلامه عن أبي طالب، وأسلم أبو بكر وأظهر إسلامه». واختلف في سنه يوم أسلم، فقال مجاهد: «أسلم علي وهو ابن عشر سنين». وقال محمد بن عبد الرحمن بن زرارة: «أسلم علي وهو ابن تسع سنين». وروى قتادة عن الحسن وغيره قال: «أول من أسلم علي بعد خديجة، وهو ابن خمس عشرة سنة». وقال ابن عمر رضي الله عنهما: «أسلم علي بن أبي طالب وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة». قال ابن عبد البر: «هذا أصح ما قيل في ذلك». "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1095). قال ابن سعد: «وأصحابنا مجمعون أن أول أهل القبلة الذي استجاب لرسول الله : خديجة بنت خويلد، ثم اختلف عندنا في ثلاثة نفر أيهم أسلم أولا، في أبي بكر، وعلي، وزيد بن حارثة، وما نجد إسلام علي صحيحا إلا وهو ابن إحدى عشرة سنة». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /21). وذكر ابن إسحاق أن علي بن أبي طالب جاء بعد إسلام خديجة وصلاتها مع رسول الله بيوم عندهما، قال: فوجدهما يصليان، فقال علي: يا محمد، ما هذا؟ فقال رسول الله : دين الله الذي اصطفى لنفسه، وبعث به رسله، فأدعوك إلى الله وإلى عبادته وكفر باللات والعزى. فقال له علي: هذا أمر لم أسمع به قبل اليوم، فلست بقاض أمرا حتى أحدث أبا طالب. فكره رسول الله أن يفشي عليه سره قبل أن يستعلن أمره، فقال له: يا علي، إن لم تسلم فاكتم. فمكث علي تلك الليلة، ثم إن الله أوقع في قلب علي الإسلام، فأصبح غاديا إلى رسول الله حتى جاءه فقال: ماذا عرضت علي يا محمد؟ فقال له رسول الله : تشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وتكفر باللات والعزى، وتبرأ من الأنداد. ففعل علي وأسلم، ومكث علي يأتيه سرا خوفا من أبي طالب، وكتم علي إسلامه. وكان مما أنعم الله به على علي أنه ربي في حجر رسول الله قبل الإسلام. انظر: "السيرة" لابن هشام (1 /245). انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /21)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1091- 1095)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /589- 591).

زوجاته وأولاده

وكان لعلي رضي الله عنه من الولد: الحسن والحسين وزينب الكبرى، وأم كلثوم الكبرى، وأمهم فاطمة بنت رسول الله . ومحمد بن علي الأكبر وهو ابن الحنفية، وأمه خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن حنيفة. وعبيد الله بن علي، قتله المختار بن أبي عبيد بالمذار، وأبو بكر بن علي، قتل مع الحسين، ولا عقب لهما، وأمهما ليلى بنت مسعود بن خالد بن تميم. والعباس الأكبر بن علي، وعثمان، وجعفر الأكبر، وعبد الله، قتلوا مع الحسين بن علي، ولا بقية لهم، وأمهم أم البنين بنت حزام بن خالد بن كلاب. ومحمد الأصغر بن علي قتل مع الحسين، وأمه أم ولد. ويحيى وعون ابنا علي، وأمهما أسماء بنت عميس الخثعمية. وعمر الأكبر بن علي، ورقية بنت علي، وأمهما الصهباء وهي أم حبيب بنت ربيعة بن بجير بن تغلب بن وائل، وكانت سبية أصابها خالد بن الوليد حين أغار على بني تغلب بناحية عين التمر. ومحمد الأوسط بن علي، وأمه أمامة بنت أبي العاص بن الربيع، وأمها زينب بنت رسول الله ، وأمها خديجة بنت خويلد. وأم الحسن بنت علي، ورملة الكبرى، وأمهما أم سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي. وأم هانئ بنت علي، وميمونة، وزينب الصغرى، ورملة الصغرى، وأم كلثوم الصغرى، وفاطمة، وأمامة، وخديجة، وأم الكرام، وأم سلمة، وأم جعفر، وجمانة، ونفيسة بنات علي، وهن لأمهات أولاد شتى. وابنة لعلي لم تسم لنا، هلكت وهي جارية لم تبرز، وأمها محياة بنت امرئ القيس بن عدي من كلب، وكانت تخرج إلى المسجد وهي جارية، فيقال لها: من أخوالك؟ فتقول: وه وه، تعني كلبا. قال ابن سعد: «فجميع ولد علي بن أبي طالب لصلبه أربعة عشر ذكرا، وتسع عشرة امرأة، وكان النسل من ولده لخمسة: الحسن، والحسين، ومحمد ابن الحنفية، والعباس ابن الكلابية، وعمر ابن التغلبية. ثم قال: لم يصح لنا من ولد علي رضي الله عنه غير هؤلاء». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /19- 20).

ألقابه

أبو تراب. روى أبو حازم عن سهل بن سعد، قال: «استُعْمِل على المدينة رجل من آل مروان، قال: فدعا سهل بن سعد، فأمره أن يشتم عليا قال: فأبى سهل فقال له: أما إذ أبيت فقل: لعن الله أبا التراب فقال سهل: ما كان لعلي اسم أحب إليه من أبي التراب، وإن كان ليفرح إذا دعي بها، فقال له: أخبرنا عن قصته، لم سمي أبا تراب؟ قال: جاء رسول الله بيت فاطمة، فلم يجد عليا في البيت، فقال «أين ابن عمك؟» فقالت: كان بيني وبينه شيء، فغاضبني فخرج، فلم يقل عندي، فقال رسول الله لإنسان انظر، أين هو؟ فجاء فقال: يا رسول الله هو في المسجد راقد، فجاءه رسول الله وهو مضطجع، قد سقط رداؤه عن شقه، فأصابه تراب، فجعل رسول الله يمسحه عنه ويقول «قم أبا التراب قم أبا التراب». أخرجه البخاري (3703)، ومسلم (2409)، واللفظ لمسلم.

وفاته

كان رسول الله قد أخبر بأنه سيقاتل قوما من الذين حرفوا كتاب الله. قال أبو سعيد الخدري: «كنا جلوسا ننتظر رسول الله ، فخرج علينا من بعض بيوت نسائه، قال: فقمنا معه، فانقطعت نعله، فتخلف عليها علي يخصفها، فمضى رسول الله ومضينا معه، ثم قام ينتظره وقمنا معه، فقال: إن منكم من يقاتل على تأويل هذا القرآن، كما قاتلت على تنزيله، فاستشرفنا وفينا أبو بكر وعمر فقال: لا، ولكنه خاصف النعل. قال: فجئنا نبشره، قال: وكأنه قد سمعه». أخرجه الترمذي (3715)، وقال فيه: «هذا حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث ربعي عن علي»، وأحمد (11773)، طبعة الرسالة، واللفظ له، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على مسند أحمد: «حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح غير فطر: وهو ابن خليفة المخزومي، فقد روى له البخاري مقرونا، وقد توبع». قال ابن حجر: «وكان قتل علي في ليلة السابع عشر من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة». "الإصابة" لابن حجر (4 /468). وقال أبو الطفيل وزيد بن وهب والشعبي: «قتل علي رضي الله عنه لثمان عشرة ليلة مضت من رمضان. وقيل: في أول ليلة من العشر الأواخر». "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1122). و أحداث وفاته رواه ابن سعد يقول: «انتدب ثلاثة نفر من الخوارج: عبد الرحمن بن ملجم المرادي وهو من حمير، وعداده في مراد، وهو حليف بني جبلة من كندة، والبرك بن عبد الله التميمي وعمرو بن بكير التميمي، فاجتمعوا بمكة، وتعاهدوا وتعاقدوا ليقتلن هؤلاء الثلاثة: علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص، ويريحن العباد منهم، فقال عبد الرحمن بن ملجم: أنا لكم بعلي بن أبي طالب، وقال البرك: وأنا لكم بمعاوية، وقال عمرو بن بكير: أنا أكفيكم عمرو بن العاص، فتعاهدوا على ذلك وتعاقدوا، وتواثقوا لا ينكص رجل منهم عن صاحبه الذي سمى، ويتوجه إليه حتى يقتله أو يموت دونه، فاتعدوا بينهم ليلة سبع عشرة من شهر رمضان، ثم توجه كل رجل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه، فقدم عبد الرحمن بن ملجم الكوفة، فلقي أصحابه من الخوارج، فكاتمهم ما يريد، وكان يزورهم ويزورونه، فزار يوما نفرا من تيم الرباب، فرأى امرأة منهم يقال لها: قطام بنت شجنة بن عدي بن عامر بن عوف بن ثعلبة بن سعد بن ذهل بن تيم الرباب، وكان علي قتل أباها وأخاها يوم نهروان، فأعجبته فخطبها، فقالت: لا أتزوجك حتى تسمي لي، فقال: لا تسألينني شيئا إلا أعطيتك، فقالت: ثلاثة آلاف وقتل علي بن أبي طالب، فقال: والله ما جاء بي إلى هذا المصر إلا قتل علي بن أبي طالب، وقد آتيتك ما سألت، ولقي عبد الرحمن بن ملجم شبيب بن بجرة الأشجعي، فأعلمه ما يريد، ودعاه إلى أن يكون معه، فأجابه إلى ذلك، وبات عبد الرحمن بن ملجم تلك الليلة التي عزم فيها أن يقتل عليا في صبيحتها يناجي الأشعث بن قيس الكندي في مسجده حتى كاد أن يطلع الفجر، فقال له الأشعث: فضحك الصبح فقم، فقام عبد الرحمن بن ملجم وشبيب بن بجرة فأخذا أسيافهما، ثم جاءا حتى جلسا مقابل السدة التي يخرج منها علي، قال الحسن بن علي: وأتيته سحرا فجلست إليه، فقال: إني بت الليلة أوقظ أهلي فملكتني عيناي، وأنا جالس فسنح لي رسول الله، فقلت: يا رسول الله، ما لقيت من أمتك من الأود واللدد، فقال لي: ادع الله عليهم، فقلت: اللهم أبدلني بهم خيرا لي منهم، وأبدلهم شرا لهم مني، ودخل ابن النباح المؤذن على ذلك، فقال: الصلاة، فأخذت بيده فقام يمشي، وابن النباح بين يديه وأنا خلفه، فلما خرج من الباب نادى: أيها الناس الصلاة الصلاة، كذلك كان يفعل في كل يوم، يخرج ومعه درته يوقظ الناس، فاعترضه الرجلان، فقال بعض من حضر ذلك: فرأيت بريق السيف، وسمعت قائلا يقول: لله الحكم يا علي، لا لك، ثم رأيت سيفا ثانيا، فضربا جميعا، فأما سيف عبد الرحمن بن ملجم فأصاب جبهته إلى قرنه، ووصل إلى دماغه، وأما سيف شبيب فوقع في الطاق، وسمعت عليا يقول: لا يفوتنكم الرجل، وشد الناس عليهما من كل جانب، فأما شبيب فأفلت، وأخذ عبد الرحمن بن ملجم فأُدْخِل على علي، فقال: أطيبوا طعامه وألينوا فراشه، فإن أعش فأنا أولى بدمه عفوا وقصاصا، وإن أمت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين، فقالت أم كلثوم بنت علي: يا عدو الله، قتلت أمير المؤمنين، قال: ما قتلت إلا أباك، قالت: فوالله إني لأرجو أن لا يكون على أمير المؤمنين بأس، قال: فلم تبكين إذا؟ ثم قال: والله لقد سممته شهرا، يعني سيفه، فإن أخلفني فأبعده الله وأسحقه، وبعث الأشعث بن قيس ابنه قيس بن الأشعث صبيحة ضرب علي، فقال: أي بني، انظر كيف أصبح أمير المؤمنين، فذهب فنظر إليه ثم رجع، فقال: رأيت عينيه داخلتين في رأسه، فقال الأشعث: عيني دميغ ورب الكعبة. قال: ومكث علي يوم الجمعة وليلة السبت، وتوفي رحمة الله عليه وبركاته ليلة الأحد، لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة أربعين، وغسله الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر، وكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /35-37). قال ابن عبد البر: «وقد اختلف في صفة أخذ ابن ملجم، فلما أخذ قال علي رضي الله عنه: أجلسوه، فإن مت فاقتلوه ولا تمثلوا به، وإن لم أمت فالأمر إلي في العفو أو القصاص. واختلفوا أيضا هل ضربه في الصلاة أو قبل الدخول فيها؟ وهل استخلف من أتم بهم الصلاة أو هو أتمها؟ والأكثر أنه استخلف جعدة بن هبيرة، فصلى بهم تلك الصلاة، والله أعلم». "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1126). فلما مات علي رضي الله عنه كان عبد الرحمن بن ملجم في السجن، فلما دفن بعث الحسن بن علي إلى عبد الرحمن بن ملجم فأخرجه من السجن ليقتله، فاجتمع الناس وجاؤوه بالنفط والبواري والنار، فقالوا: نحرقه، فقال عبد الله بن جعفر وحسين بن علي ومحمد ابن الحنفية: دعونا حتى نشفي أنفسنا منه، فقطع عبد الله بن جعفر يديه ورجليه فلم يجزع ولم يتكلم، فكحل عينيه بمسمار محمى فلم يجزع، وجعل يقول: إنك لتكحل عيني عمك بملمول مض، وجعل يقول: ﴿اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق﴾ سورة: العلق: 2، حتى أتى على آخر السورة كلها وإن عينيه لتسيلان، ثم أمر به فعولج عن لسانه ليقطعه فجزع، فقيل له: قطعنا يديك ورجليك وسملنا عينيك يا عدو الله فلم تجزع، فلما صرنا إلى لسانك جزعت فقال: ما ذاك مني من جزع إلا أني أكره أن أكون في الدنيا فواقا لا أذكر الله، فقطعوا لسانه ثم جعلوه في قوصرة وأحرقوه بالنار. وكان عبد الرحمن بن ملجم رجلا أسمر، حسن الوجه، أفلج شعره مع شحمة أذنيه، في جبهته أثر السجود. انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /39)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /613). وصلى على علي بن أبي طالب ابنه الحسن بن علي، فكبر عليه أربع تكبيرات، ودفن بالكوفة عند مسجد الجماعة في الرحبة مما يلي أبواب كندة، قبل أن ينصرف الناس من صلاة الفجر، فقيل: دفن في قصر الإمارة بالكوفة. وقيل: بل دفن في رحبة الكوفة. وقيل: دفن بنجف الحيرة: موضع بطريق الحيرة وروى عن أبى جعفر أن قبر على رضي الله عنه جهل موضعه. ثم انصرف الحسن بن علي من دفنه، فدعا الناس إلى بيعته فبايعوه. واختلفوا في سنة يوم مات، فقال محمد بن الحنفية حين دخلت سنة إحدى وثمانين: هذه لي خمس وستون سنة، وقد جاوزت سن أبي، قال: وكان سنة يوم قتل ثلاثا وستين سنة. قال الواقدي: وهذا أثبت عندنا. وقال أبو بكر البرقي: توفي علي وهو ابن سبع وخمسين سنة. وقيل: توفي ابن ثمان وخمسين سنة. وكانت مدة خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر ونصف شهر، لأنه بويع بعد قتل عثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين. وقيل: أربع سنين وتسعة أشهر وستة أيام، وقيل: ثلاثة أيام. انظر: "الإصابة" لابن حجر (4 /468)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /35-39)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1122- 1123)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /613- 619).

أخباره ومواقفه

في حياة النبي صلى الله عليه وسلم

المؤاخاة بينه وبين غيره من الصحابة رضي الله عنهم: آخى رسول الله علي بن أبي طالب مرتين، فإن رسول الله آخى بين المهاجرين، ثم آخى بين المهاجرين والأنصار بعد الهجرة، وقال لعلي في كل واحدة منهما: أنت أخي في الدنيا والآخرة. وقالوا: آخى رسول الله بين علي بن أبي طالب وسهل بن حنيف. روى جميع بن عمير التيمي عن ابن عمر قال: «آخى رسول الله بين أصحابه، فجاء علي فقال: يا رسول الله، آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد. فقال رسول الله : أنت أخي في الدنيا والآخرة». "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /606). انظر: "الإصابة" لابن حجر (4 /464)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /22)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1098)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /588). هجرته رضي الله عنه: وهاجر رضي الله عنه إلى المدينة، بعد أن خلفه رسول الله في مكة، وأمره أن يؤدي عنه أمانته ووصايا من كان يوصي إليه، وما كان يؤتمن عليه من مال، فأدى علي رضي الله عنه أمانته كلها، وأمره رسول الله أن يضطجع على فراشه ليلة خرج، وقال: إن قريشا لم يفقدوني ما رأوك، فخرج علي على اثره بعد ما أخرج إليه أهله، يمشي الليل ويكمن النهار، حتى قدم المدينة. ذكر ابن إسحاق أن رسول الله أقام بمكة بعد أن هاجر أصحابه إلى المدينة ينتظر مجيءَ جبريل عليه السلام وأمرَه وإذنَه له بأن يخرج من مكة، حتى إذا اجتمعت قريش فمكرت بالنبي وأرادوا برسول الله ما أرادوا أتاه جبريل عليه السلام، وأمره أن لا يبيت في مكانه الذي يبيت فيه، فدعا رسول الله علي بن أبي طالب فأمره أن يبيت على فراشه، ويتسجى يبرد له أخضر، ففعل، ثم خرج رسول الله على القوم وهم على بابه. قال ابن إسحاق: وتتابع الناس في الهجرة، وكان آخر من قدم المدينة من الناس، ولم يفتن في دينه علي بن أبي طالب، وذلك أن رسول الله أخره بمكة، وأمره أن ينام على فراشه وأجله ثلاثا، وأمره أن يؤدي إلى كل ذي حق حقه ففعل. ثم لحق برسول الله . انظر: "السيرة" لابن هشام (1 /480- 485)، وانظر كذا: "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /592- 593). زواجه رضي الله عنه: وزوجه رسول الله في سنة اثنتين من الهجرة ابنته فاطمة سيدة نساء أهل الجنة. وقال لها: زوجك سيد في الدنيا والآخرة. قالت أسماء بنت عميس: «فرمقت رسول الله حين اجتمعا جعل يدعو لهما، ولا يشرك في دعائهما أحدا غيرهما، وجعل يدعو له كما دعا لها». انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1099). جهاده رضي الله عنه في سبيل الله: وشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه بدرا وأحدا، وكان ممن ثبت مع رسول الله يوم أحد حين انهزم الناس وبايعه على الموت، وشهد الخندق، وبيعة الرضوان، وجميع المشاهد مع رسول الله إلا تبوك، فإن رسول الله خلفه على أهله، وله في الجميع بلاء عظيم وأثر حسن. قال ابن الأثير: «وأجمع أهل التاريخ والسند على أنه شهد بدرا وغيرها من المشاهد، وأنه لم يشهد غزوة تبوك لا غير». "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /593). ولما خلف رسول الله يوم تبوك علي بن أبي طالب على أهله، وأمره بالإقامة فيهم، تكلم فيه المنافقون، وقالوا: ما خلفه إلا استثقالا له، وتخففا منه، فشيّع عليّ رسول الله إلى ثنية الوداع، وشكا إليه قولهم وما في وجده في نفسه. روى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: «أن رسول الله خرج إلى تبوك، واستخلف عليا، فقال: أتخلفني في الصبيان والنساء؟ قال: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبي بعدي». أخرجه البخاري (4416)، ومسلم (2404). وروت عائشة بنت سعد، عن أبيها: «أن عليا خرج مع النبي حتى جاء ثنية الوداع، وعلي يبكي، يقول: تخلفني مع الخوالف؟ فقال: أوما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة». أخرجه أحمد (1463)، طبعة الرسالة، وقال الشيخ شعيب الارناؤوط في تخريجه على مسند أحمد: «إسناده صحيح على شرط البخاري». انظر: "الإصابة" لابن حجر (4 /464)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /23)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1096)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /593). وكان لواء رسول الله بيده في مواطن كثيرة: وأعطاه رسول الله اللواء في مواطن كثيرة، وكان يوم بدر بيده على اختلاف في ذلك، ولما قتل مصعب بن عمير يوم أحد، وكان اللواء بيده دفعه رسول الله إلى علي رضي الله عنه، وكان معه إحدى رايات المهاجرين الثلاث يوم فتح مكة. قال ثعلبة بن أبي مالك: «كان سعد بن عبادة صاحب راية رسول الله في المواطن كلها، فإذا كان وقت القتال أخذها علي بن أبي طالب». "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /594). وروى قتادة: «أن علي بن أبي طالب كان صاحب لواء رسول الله يوم بدر وفي كل مشهد». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /23). واستلم الراية يوم خيبر أيضا، فكانت راية رسول الله سوداء، ولواؤه أبيض، دفعه إلى علي بن أبي طالب، وراية إلى الحباب بن المنذر وراية إلى سعد بن عبادة. روى سهل بن سعد رضي الله عنه: «أن رسول الله قال يوم خيبر: لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: هو يا رسول الله يشتكي عينيه، قال: فأرسلوا إليه، فأتي به، فبصق رسول الله في عينيه ودعا له، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول الله، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا، خير لك من أن يكون لك حمر النعم». أخرجه البخاري (4210)، ومسلم (2405). قال سلمة رضي الله عنه: «كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه تخلف عن النبي في خيبر، وكان رمدا، فقال: أنا أتخلف عن النبي ، فلحق به، فلما بتنا الليلة التي فتحت قال: لأعطين الراية غدا أو ليأخذن الراية غدا رجل يحبه الله ورسوله، يفتح عليه، فنحن نرجوها، فقيل: هذا علي فأعطاه، ففتح عليه». أخرجه البخاري (4209)، ومسلم (2406). وأبلى يوم خيبر بلاء حسنا، وقتل مرحب اليهودي، حتى فتح خيبر على يديه. ففي حديث سلمة بن الأكوع عند مسلم أن علي رضي الله عنه هو الذي قتل مرحبا، يقول سلمة: «… وخرج مرحب، فقال: قد علمت خيبر أني مرحب*****شاكي السلاح بطل مجرب إذا الحروب أقبلت تلهب فقال علي: أنا الذي سمتني أمي حيدره*****كليث غابات كريه المنظره أوفيهم بالصاع كيل السندره قال: فضرب رأس مرحب فقتله، ثم كان الفتح على يديه». أخرجه مسلم (1807). انظر: "الإصابة" لابن حجر (4 /464)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /23)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1097). وخرج رضي الله عنه في عدة سرايا، وكان أمير بعضها. سرية علي بن أبي طالب إلى فَدَك: بعثه رسول الله في شعبان سنة ست من الهجرة إلى بني سعد بفَدَك، لِمَا بلغه عنهم أنهم يريدون إمداد يهود خيبر، فسار علي بن أبي طالب إليهم في مائة رجل، فغنم منهم نعما وشاء، ثم قدموا المدينة، ولم يلقوا كيدا. انظر: "المغازي" للواقدي (2 /562- 564)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /89)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 272)، "زاد المعاد" لابن القيم (3 /251). سرية علي بن أبي طالب إلى الفُلُس: بعثه رسول الله في شهر ربيع الآخر سنة تسع من الهجرة إلى الفُلُس، صنم طيئ، فهدمه، وغنم منهم غنائم، ثم قدموا المدينة، ولم يلقوا كيدا. انظر: "المغازي" للواقدي (2 /984- 989)، "السيرة" لابن هشام (1 /87)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /164)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 332)، "زاد المعاد" لابن القيم (3 /452- 455). سرية علي بن أبي طالب إلى اليمن: بعث رسول الله خالد بن الوليد إلى اليَمَن يدعوهم إلى الإسلام، ثم بعث علي بن أبي طالب بعده، وأمر رسول الله عليا أن يقبض الخمس من خالد، ويعلمهم القرآن والإسلام، ويقضي بينهم، ثم أخبره رسول الله أن من أراد من جيش خالد أن يرجع فليرجع، ومن أراد أن يبقى فليبقى. ففي صحيح البخاري قال البراء رضي الله عنه: «بعثنا رسول الله مع خالد بن الوليد إلى اليمن، قال: ثم بعث عليا بعد ذلك مكانه، فقال: مر أصحاب خالد، من شاء منهم أن يعقب معك فليعقب، ومن شاء فليقبل، فكنت فيمن عقب معه، قال: فغنمت أواق ذوات عدد». أخرجه البخاري (4349). وقال علي: «بعثني رسول الله إلى اليمن قال: فقلت يا رسول الله تبعثني إلى قوم أسن مني، وأنا حدث لا أبصر القضاء؟ قال: فوضع يده على صدري وقال: اللهم ثبت لسانه، واهد قلبه، يا علي، إذا جلس إليك الخصمان فلا تقض بينهما حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول، فإنك إذا فعلت ذلك تبين لك القضاء، قال: فما اختلف علي قضاء بعد، أو ما أشكل علي قضاء بعد». أخرجه أحمد (882)، طبعة الرسالة، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على مسند أحمد: «حسن لغيره، شريك وحنش قد توبعا»، والحاكم (4658)، وقال فيه: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي. ما كان من الأمور في بيته مع زوجته فاطمة رضي الله عنهما: أراد علي رضي الله عنه الزواج بعد زواجه من فاطمة رضي الله عنها فمنعه النبي . روى علي بن حسين: «أنهم حين قدموا المدينة من عند يزيد بن معاوية مقتل حسين بن علي رحمة الله عليه، لقيه المسور بن مخرمة، فقال له: هل لك إلي من حاجة تأمرني بها؟ فقلت له: لا، فقال له: فهل أنت معطي سيف رسول الله ، فإني أخاف أن يغلبك القوم عليه، وايم الله لئن أعطيتنيه، لا يخلص إليهم أبدا حتى تبلغ نفسي، إن علي بن أبي طالب خطب ابنة أبي جهل على فاطمة عليها السلام، فسمعت رسول الله يخطب الناس في ذلك على منبره هذا وأنا يومئذ محتلم، فقال: إن فاطمة مني، وأنا أتخوف أن تفتن في دينها، ثم ذكر صهرا له من بني عبد شمس، فأثنى عليه في مصاهرته إياه، قال: حدثني، فصدقني ووعدني فوفى لي، وإني لست أحرم حلالا، ولا أحل حراما، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله ، وبنت عدو الله أبدا». أخرجه البخاري (3110)، ومسلم (2449). كان النبي يتفقدهما ويشير لهما بالخير رضي الله عنهما. من ذلك ما سبق بيانه في حديث الصحيحين في تسمية رسول الله له بأبي التراب وما كان من خبرهما، ومن ذلك أيضا ما رواه علي: «أن فاطمة شكت ما تلقى من أثر الرحا، فأتى النبي سبي، فانطلقت فلم تجده، فوجدت عائشة فأخبرتها، فلما جاء النبي أخبرته عائشة بمجيء فاطمة، فجاء النبي إلينا وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبت لأقوم، فقال: على مكانكما. فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، وقال: ألا أعلمكما خيرا مما سألتماني، إذا أخذتما مضاجعكما تكبرا أربعا وثلاثين، وتسبحا ثلاثا وثلاثين، وتحمدا ثلاثا وثلاثين فهو خير لكما من خادم». أخرجه البخاري (3705)، ومسلم (2727).

بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

ولي رضي الله عنه الخلافة بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، وبويع له. بويع لعلي أمير المؤمنين بالخلافة في المدينة في مسجد رسول الله بعد قتل عثمان رضي الله عنهما، في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، واجتمع على بيعته المهاجرون والأنصار، بايعه طلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وعمار بن ياسر، وأسامة بن زيد، وسهل بن حنيف، وأبو أيوب الأنصاري، ومحمد بن مسلمة، وزيد بن ثابت، وخزيمة بن ثابت، وجميع من كان بالمدينة من أصحاب رسول الله ، وغيرهم. روى الزهري عن ابن المسيب قال: «لما قتل عثمان جاء الناس كلهم إلى علي يهرعون، أصحاب محمد وغيرهم، كلهم يقول: أمير المؤمنين علي، حتى دخلوا عليه داره، فقالوا: نبايعك فمد يدك، فأنت أحق بها. فقال علي: ليس ذاك إليكم، وإنما ذاك إلى أهل بدر، فمن رضي به أهل بدر فهو خليفة. فلم يبق أحد إلا أتى عليا، فقالوا: ما نرى أحدا أحق بها منك، فمد يدك نبايعك. فقال: أين طلحة والزبير؟ فكان أول من بايعه طلحة بلسانه، وسعد بيده، فلما رأى علي ذلك خرج إلى المسجد، فصعد المنبر، فكان أول من صعد إليه، فبايعه طلحة، وتابعه الزبير، وأصحاب النبي ورضي عنهم أجمعين». "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /610). وتخلف عن بيعته منهم نفر، فلم يهجهم، ولم يكرههم، وسئل عنهم فقال: أولئك قوم قعدوا عن الحق، ولم يقوموا مع الباطل. وفي رواية أخرى: أولئك قوم خذلوا الحق، ولم ينصروا الباطل. انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /31)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1121)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /610). ما كان من الأحداث في خلافته رضي الله عنه. وقعة يوم الجمل. قام جماعة من الصحابة منهم طلحة والزبير وعائشة بطلب دم عثمان، فكان وقعة الجمل، فخرج طلحة والزبير إلى مكة وبها عائشة، ثم خرجا من مكة ومعهما عائشة إلى البصرة يطلبون بدم عثمان، وبلغ عليا ذلك، فخرج من المدينة إلى العراق، وخلف على المدينة سهل بن حنيف، ثم كتب إليه أن يقدم عليه، وولى المدينة أبا حسن المازني فنزل ذا قار، وبعث عمار بن ياسر والحسن بن علي إلى أهل الكوفة يستنفرهم للمسير معه فقدموا عليه، فسار بهم إلى البصرة، فلقي طلحة، والزبير، وعائشة، ومن كان معهم من أهل البصرة وغيرهم يوم الجمل في جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين، وظفر بهم، وقتل يومئذ طلحة والزبير وغيرهما، وبلغت القتلى ثلاثة عشر ألف قتيل، وأقام علي بالبصرة خمس عشرة ليلة، ثم انصرف إلى الكوفة. انظر: "الإصابة" لابن حجر (4 /465)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /32). وقعة صفين، وما كان بين علي ومعاوية رخمهم الله، وحادثة تحكيم الحكمين، وقتال الخوارج في النهروان. وتخلف أيضا عن بيعة علي رضي الله عنه معاوية بن أبي سفيان، ومن معه في جماعة من أهل الشام، وكان معاوية أمير الشام لعثمان ولعمر من قبله، فدعا إلى الطلب بدم عثمان، وكان رأي علي أنهم يدخلون في الطاعة ثم يقوم ولي دم عثمان فيدعي به عنده، ثم يعمل معه ما يوجبه حكم الشريعة المطهرة، وكان من خالفه يقول له: تتبعهم واقتلهم، فيرى أن القصاص بغير دعوى ولا إقامة بينة لا يتجه. وكل من الفريقين مجتهد. فخرج علي يريد معاوية ومن معه بالشام، فبلغ ذلك معاوية فخرج فيمن معه، والتقوا بصفين في صفر سنة سبع وثلاثين، فلم يزالوا يقتتلون بها أياما، وقُتِل بصفين عمار بن ياسر وخزيمة بن ثابت وأبو عمرة المازني، وكانوا مع علي، ورفع أهل الشام المصاحف يدعون إلى ما فيها، مكيدة من عمرو بن العاص، أشار بذلك على معاوية وهو معه، فكره الناس الحرب وتداعوا إلى الصلح، وحكّموا الحكمين، فحكّم علي أبا موسى الأشعري، وحكّم معاوية عمرو بن العاص، وكتبوا بينهم كتابا، أن يوافوا رأس الحول بأذرح فينظروا في أمر هذه الأمة، فافترق الناس، فرجع معاوية بالألفة من أهل الشام، وانصرف علي إلى الكوفة بالاختلاف والدغل. ثم خرجت عليه الخوارج وكفروه، وكل من كان معه، إذ رضي بالتحكيم بينه وبين أهل الشام، وقالوا له: حكمت الرجال في دين الله، والله تعالى يقول: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ [ الأنعام: 57]، ثم اجتمعوا، وشقوا عصا المسلمين، ونصبوا راية الخلاف، وعسكروا بحروراء، فبذلك سموا الحرورية، فخرج إليهم علي بن أبي طالب بمن معه، ورام مراجعتهم، فبعث إليهم علي عبد الله بن عباس وغيره فخاصمهم وحاجّهم، فرجع منهم قوم كثير، وثبت قوم على رأيهم، وساروا إلى النهروان فأبوا إلا القتال، وسفكوا الدماء، وقطعوا السبل، وقتلوا عبد الله بن خباب بن الأرت، فسار إليهم علي فقاتلهم بالنهروان، فقتلهم، واستأصل جمهورهم، ولم ينج إلا اليسير منهم، وقتل منهم ذا الثدية، وذلك سنة ثمان وثلاثين، ثم انصرف علي إلى الكوفة، فلم يزل بها يخافون عليه الخوارج من يومئذ إلى أن قتل رحمه الله. واجتمع الناس بأذرح في شعبان سنة ثمان وثلاثين، وحضرها سعد بن أبي وقاص وابن عمر وغيرهما من أصحاب رسول الله ، فقدّم عمرو أبا موسى، فتكلم فخلع عليا، وتكلم عمرو فأقر معاوية وبايع له، فتفرق الناس على هذا. وكان من الصحابة فريق لم يدخلوا في شيء من القتال، وظهر بقتل عمار أن الصواب كان مع علي. واتفق على ذلك أهل السنة بعد اختلاف كان في القديم، ولله الحمد. انظر: "الإصابة" لابن حجر (4 /465- 466)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3 /32- 33)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1121). أحاديثه ورواياته رضي الله عنه. روى علي رضي الله عنه عن النبي فأكثر. وروى عنه بنوه الحسن والحسين ومحمد وعمر، وعبد الله بن مسعود، وابن عمر، وعبد الله بن جعفر، وعبد الله بن الزبير، وأبو موسى الأشعري، وأبو سعيد الخدري، وأبو رافع، وصهيب، وزيد بن أرقم، وجابر بن عبد الله، وأبو أمامة، وأبو سريحة حذيفة بن أسيد وأبو هريرة، وسفينة، وأبو حجيفة السوائي، وجابر بن سمرة، وعمرو بن حريث وأبو ليلى والبراء بن عازب، وعمارة بن رويبة، وبشر بن سحيم، وأبو الطفيل، وعبد الله بن ثعلبة بن صعير، وجرير بن عبد الله، وعبد الرحمن بن أشيم، وغيرهم من الصحابة. وروى عنه من التابعين: سعيد بن المسيب، ومسعود بن الحكم الزرقي، وقيس بن أبي حازم، وعبيدة السلماني، وعلقمة بن قيس، والأسود بن يزيد، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، والأحنف ابن قيس، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو الأسود الديلي، وزر بن حبيش، وشريح بن هانئ، والشعبي وشقيق، وخلق كثير غيرهم. انظر: "الإصابة" لابن حجر (4 /465)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /596).

فضائله ومناقبه

ومناقبه رضي الله عنه كثيرة، حتى قال الإمام أحمد: «لم ينقل لأحد من الصحابة ما نقل لعلي». وقال غيره: «وكان سبب ذلك بغض بني أمية له، فكان كل من كان عنده علم من شيء من مناقبه من الصحابة يثبته، وكلما أرادوا إخماده وهددوا من حدث بمناقبه لا يزداد إلا انتشارًا». وقد أحدث له الرافضة مناقب موضوعة هو غنيّ عنها، وتتبع النسائي ما خص به من دون الصحابة، فجمع من ذلك شيئا كثيرا بأسانيد أكثرها جياد. انظر: "الإصابة" لابن حجر (4 /464). وكان الصحابة رضي الله عنهم يشهدون له بالفضل والسابقة في الإسلام، ويردون على من يرى فيهم غير ذلك أو ينتقص من شانهم. قال سعد بن عبيدة: «جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن عثمان، فذكر عن محاسن عمله، قال: لعل ذاك يسوءك؟ قال: نعم، قال: فأرغم الله بأنفك، ثم سأله عن علي فذكر محاسن عمله، قال: هو ذاك بيته، أوسط بيوت النبي ، ثم قال: لعل ذاك يسوءك؟ قال: أجل، قال: فأرغم الله بأنفك انطلق فاجهد علَيّ جهدَك». أخرجه البخاري (3704). كان رضي الله عنه أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله بالجنة: قال أنس بن مالك رضي الله عنه: «صعد النبي إلى أحد ومعه أبو بكر، وعمر، وعثمان، فرجف بهم، فضربه برجله، قال: اثبت أحد فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيدان». أخرجه البخاري (3686)، مسلم (2417). وقال أبو موسى رضي الله عنه: «كنت مع النبي في حائط من حيطان المدينة فجاء رجل فاستفتح، فقال النبي : افتح له وبشره بالجنة، ففتحت له، فإذا أبو بكر، فبشرته بما قال النبي ، فحمد الله، ثم جاء رجل فاستفتح، فقال النبي : افتح له وبشره بالجنة، ففتحت له فإذا هو عمر، فأخبرته بما قال النبي ، فحمد الله، ثم استفتح رجل، فقال لي: افتح له وبشره بالجنة، على بلوى تصيبه، فإذا عثمان، فأخبرته بما قال رسول الله فحمد الله، ثم قال: الله المستعان». أخرجه البخاري (3693)، ومسلم (2403). وروى سعيد بن زيد: «أن رسول الله قال: عشرة في الجنة: أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان وعلي والزبير وطلحة وعبد الرحمن وأبو عبيدة وسعد بن أبي وقاص. قال: فعد هؤلاء التسعة وسكت عن العاشر، فقال القوم: ننشدك الله يا أبا الأعور من العاشر؟ قال: نشدتموني بالله، أبو الأعور في الجنة». أخرجه الترمذي (3748)، وقال فيه: «أبو الأعور هو: سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل. وسمعت محمدا يقول: هو أصح من الحديث الأول»، وأبو داود (4649)، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على سنن أبي داود: «حديث صحح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل عبد الرحمن بن الأخنس، فهو مقبول حيث يتابع، وقد توبع في الطريقين الذي قبله والذي بعده»، وابن ماجه (133)، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على سنن ابن ماجه: «حديث صحيح، هشام بن عمار متابع، وباقي رجاله ثقات»، وأحمد (1675)، طبعة الرسالة. وأخبر رسول الله أن عليًا وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم هم أهل بيته. قالت عائشة: «خرج النبي غداة وعليه مرط مرحل، من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ سورة الأحزاب: 33». أخرجه مسلم (2424). وروى عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه، قال: «أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال: ما منعك أن تسب أبا التراب؟ فقال: أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله فلن أسبه، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، سمعت رسول الله يقول له، خلفه في بعض مغازيه، فقال له علي: يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أنه لا نبوة بعدي، وسمعته يقول يوم خيبر لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، قال: فتطاولنا لها فقال: ادعوا لي عليا، فأتي به أرمد، فبصق في عينه ودفع الراية إليه، ففتح الله عليه، ولما نزلت هذه الآية: ﴿فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ﴾ سورة آل عمران: 61، دعا رسول الله عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: اللهم هؤلاء أهلي». أخرجه مسلم (2404). قال يزيد بن حيان: «انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا، رأيت رسول الله ، وسمعت حديثه، وغزوت معه، وصليت خلفه لقد لقيت، يا زيد خيرا كثيرا، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله ، قال: يا ابن أخي والله لقد كبرت سني، وقدم عهدي، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله ، فما حدثتكم فاقبلوا، وما لا، فلا تكلفونيه، ثم قال: قام رسول الله يوما فينا خطيبا، بماء يدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: أما بعد، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، فقال له حصين: ومن أهل بيته؟ يا زيد أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم». أخرجه مسلم (2408). أقوال رسول الله في بيان منزلته رضي الله عنه والثناء عليه. روى زر بن حبيش عن علي، قال: «لقد عهد إلي النبي الأمي أنه لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق قال عدي بن ثابت: أنا من القرن الذي دعا لهم النبي ». أخرجه الترمذي (3736)، وقال فيه: «هذا حديث حسن صحيح». وروى زيد بن أرقم، عن النبي قال: «من كنت مولاه فعلي مولاه». أخرجه الترمذي (3713)، وقال فيه: «هذا حديث حسن غريب»، وابن ماجه (121)، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على سنن ابن ماجه: «حديث صحيح، وهذا سند رجاله ثقات» ، أحمد (22945)، طبعة الرسالة، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على مسند أحمد: «إسناده صحيح على شرط الشيخين». أقوال الصحابة رضي الله عنه في بيان مدحه رضي الله عنه والثناء عليه. قال عبد الله بن مسعود: «كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب». وقال سعيد بن المسيب: «كان عمر يتعوذ من معضلة ليس لها أبو حسن». وقال ابن عباس: «إذا ثبت لنا الشيء عن على، لم نعدل عنه إلى غيره». وقال أبو الطفيل: «قال بعض أصحاب النبي : لقد كان لعلي من السوابق ما لو أن سابقة منها بين الخلائق لوسعتهم خيرا». وقال أبو سعيد الخدري وجابر: «ما كنا نحن معاشر الأنصار نعرف المنافقين إلا ببغضهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه». وقال يحيى بن معين: «خير هذه الأمة بعد نبينا أبو بكر وعمر، ثم عثمان، ثم علي، هذا مذهبنا وقول أئمتنا». وقال ابن عمر: «ما آسى على شيء إلا أني لم أقاتل مع على الفئة الباغية». وقال الشعبي: «ما مات مسروق حتى تاب إلى الله عن تخلفه عن القتال مع علي». انظر: "الإصابة" لابن حجر (4 /467)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (3 /1110- 1116)، "أسد الغابة" لابن الأثير (3 /597- 607)