البحث

عبارات مقترحة:

البارئ

(البارئ): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (البَرْءِ)، وهو...

الباسط

كلمة (الباسط) في اللغة اسم فاعل من البسط، وهو النشر والمدّ، وهو...

العليم

كلمة (عليم) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (عَلِمَ يَعلَمُ) والعلم...

أسباب اختلاف العلماء

وقع الخلاف بين فقهاء الإسلام في الأحكام الشرعية، وكان لاختلافهم أسباب دعت إلى هذا التباين في الآراء، منها: ما يعود إلى الخلاف في حجية الأدلة، ومنها: ما يعود إلى طرق الاستنباط، ومنها: ما يعود إلى طرق الترجيح، ومنها: ما يرجع إلى غير ذلك.

التعريف

التعريف لغة

أسباب اختلاف الفقهاء مركب من ثلاث كلمات (أسباب، اختلاف، الفقهاء)، ف أما السبب، فهو: كل شيء يتوصل به إلى غيره، ومنه سمي الحبل سَبَبًا، ومنه الطريق؛ سُمِّي سببًا؛ لأنه يوصل إلى غيره. انظر: "العين" للخليل (7 /203)، "الصحاح" للجوهري (1 /145). والاختلاف يُطلَقُ على ثلاثةِ معاني: الأول : أن يجيء شيء بعد شيء يقوم مقامه، ومنه الخليفة؛ لأنه يقوم مقام من سبقه، ومنه اختلاف الناس؛ لأن كل واحد منهم ينحي قول صاحبه، ويقيم نفسه مقام الذي نحاه، ويقال: خَالَفْتُهُ مُخَالَفَةً وَخِلَافًا وَتَخَالَفَ الْقَوْمُ وَاخْتَلَفُوا: إذَا ذَهَبَ كُلُّ وَاحِدٍ إلَى خِلَافِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْآخَرُ. الثاني : خلاف قدام، يقال: هذا خلفي، وهذا قدامي. الثالث : التغير، ومنه قولهم: خَلَف فوه، إذا تغير، ومنه الخلاف في الوعد. انظر: "مقاييس اللغة" لابن فارس (2 /210)، "المصباح المنير" للفيومي (1 /179). وأما الفقهاء: فجمع فقيه، وهو مشتق من (فقه)، والفقه: يدل على إدراك الشيء والعلم به، ويطلق على الفهم، تقول: فَقِهَ الرجلُ، وفقهت الحديث أفقهه، وكل علم بشيء فهو فقه، ثم خص به عِلْمُ الشريعة، والعالِمُ به فَقيهٌ، وقد فَقُهَ بالضم فَقاهَةً، وفَقَّهَهُ الله، وتَفَقَّهَ، إذا تعاطى ذلك. انظر: "الصحاح" للجوهري (6 /2243)، "مقاييس اللغة" لابن فارس (4 /442).

التعريف اصطلاحًا

المراد بأسباب اختلاف الفقهاء: الدواعي التي أدت إلى اختلاف الأقوال بين الفقهاء، فتجعل أحدهم مثلا يُطلِقُ الوجوب في مسألة ما، ويطلق الآخر عليها حكم الاستحباب، ومن ذلك: الاختلاف في مناهج الاستنباط، وثبوت الأحاديث، وغير ذلك.

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

التضمن في المعاني الثلاث، فالأسباب يتوصل بها إلى الخلاف. والخلاف في الاصطلاح، ففيه معنى التنحية وإقامة الشيء مقام الآخر، فكل واحد ينحّي قول صاحبه، ويقيم نفسه مقام الذي نحاه. انظر: "مقاييس اللغة" لابن فارس (2 /213). والفقهاء: هم أهل العلم والفهم والإدراك.

الأقسام

تنقسم الأسباب بالنظر إلى علاقتها بأصول الفقه إلى قسمين: القسم الأول: أسباب الاختلاف التي لا ترجع مباشرة إلى علم أصول الفقه، وكانت سابقة على وجوده، كاختلاف البيئات، والفهوم، والطبائع. القسم الثاني: أسباب الاختلاف التي ترجع مباشرة إلى علم أصول الفقه، كالخلاف في حجية الدليل، وطرق الاستنباط. انظر: "الوجيز" للزحيلي (1 /84-88). وتنقسم بالنظر إلى بواعثها إلى: 1- الأسباب العائدة إلى الأصول المعتمدة في الاستنباط، ويندرج تحتها أمور ثلاثة: أ. الأسباب العائدة إلى الأدلة، وأنواعها، وشروطها، وما يتعلق بذلك، كحجية قول الصحابي، وشرع من قبلنا. ب. الأسباب العائدة إلى دلالات الألفاظ، كالاختلاف في دلالة المفهوم. ج. الأسباب العائدة إلى مناهج وطرق الترجيح، كالاختلاف في تقديم المثبت على النافي. 2- الأسباب العائدة إلى مجالات التطبيق وتحقيق المناط، مما يختلف الأمر فيه باختلاف الفهم والإدراك والتصور. انظر: "التخريج" يعقوب الباحسين (ص: 98).

أمثلة

من أمثلة الاختلاف في حجية الدليل: الاختلاف في حجية القراءة الشاذة، كما ورد في مصحف ابن مسعود في كفارة اليمين: ﴿فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ﴾ [المائدة: 89]، بزيادة لفظ "متتابعات"، فمن يرى حجيتها: أوجب التتابع في كفارة اليمين، ومن لا يرى حجيتها لم يقل بوجوب التتابع. انظر: "الوجيز" للزحيلي (1 /92)

مسائل وتنبيهات

اختلف العلماء في تعداد أسباب الخلاف، فبعضم يرجعها إلى ثلاث، وبعضهم يرجعها إلى ثمان، ومنهم يزيد، ومنهم من ينقص انظر: "التخريج" يعقوب الباحسين (ص: 84-98)، ومن أوسع من عَدَّدَها على اختصارٍ في شرحها ابن جُزَيّ الكلبي في مختصره "تقريب الوصول" فقد ذكر ستة عشر سببًا، منها: 1- تعارض الأدلة، كتعارض حديثين أحدهما يدل على الوجوب والآخر على الحرمة. 2- الجهل بالدليل، وأكثر ما يجيء في الأخبار لأن بعض المجتهدين يبلغه الحديث فيقضي به، وبعضهم لا يبلغه فيقضي بخلافه. 3- الاختلاف في صحة نقل الحديث، ف منهم من صح عنده فعمل بمقتضاه، ومنهم من لم يصح عنده إما لقدح في سنده، أو لتشديده في شروط الصحة. 4- الاختلاف في حجية الدليل، كعمل أهل المدينة وهو حجة عند مالك فعمل بمقتضاه، وليس حجة عند غيره فلم يعملوا به، كالقياس، وهو حجة عند الجمهور فعملوا به. وليس حجة عند الظاهرية فلم يعملوا به. 5- الاختلاف في القراءات في القرآن، فيأخذ مجتهد بقراءة، ويأخذ غيره بأخرى. 6- كون اللفظ مشتركًا بين معنيين، فأخذ بعضهم بمعنى، وغيره بمعنى، كقوله تعالى: ﴿ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: 228] فحملها مالك والشافعي على الإطهار، وأبو حنيفة على الحيض، لاشتراك اللفظ بين المعنيين. 7- الاختلاف في حمل اللفظ على العموم أو الخصوص، مثل قوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾ [النساء: 23] يحمل على الزوجات والمملوكات، أو على الزوجات خاصة. انظر: "تقريب الوصول" لابن جزي (ص: 201).