العليم
كلمة (عليم) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (عَلِمَ يَعلَمُ) والعلم...
ضد الفورية . تأخير فعل الشيء عن أول وَقْتِ الإْمْكَانِ إِلَى مَظِنَّةِ الْفَوْتِ . مثل تأخير المستطيع أداء فريضة الحج إلى عام لاحق، ورد المغصوب إلى صاحبه، ولو بعد حين . ومنه في الحديث الشريف : "على اليد ما أخذت حتى تؤديه ." الحاكم :2302، و التراخي في الأمر جواز تأخير المأمور على وجه لا يفوت به
الإِبْطَاءُ وَالتَّأَخُّرُ وَالتَمَهُّلُ، تَقُولُ: تَرَاخَى فِي الإِتْيانِ إِذَا أَبْطَأَ وَتَمَهَّلَ، وَيَأْتِي التَّرَاخِي بِمَعْنَى: التَّوَسُّعِ، والرَّخَاءُ: السَّعَةُ، وَالإِرْخَاءُ: التَّوْسِيعُ، وَضِدُّ التَّرَاخِي: التَّضْيِيقُ وَالإِسْراعُ، وَأصْلُ التَّرَاخِي مِنَ الرَّخَاوَةِ وَهِيَ اللِّينُ وَالنُّعُومَةُ، يُقَالُ: رَخِيَ الشَّيْءُ يَرْخَى رَخَاوَةً أَيْ لاَنَ، وَالرِّخْوُ وَالرَّخِيُّ: اللَّيِّنُ وَالنَّاعِمُ، وَمِنْ مَعَانِي التَّرَاخِي أَيْضًا: التَّبَاعُدُ والتَّمَدُّدُ والتَّسَاهُلُ.
يَرِدُ مُصْطَلَحُ (تَرَاخِي) فِي أُصُولِ الفِقْهِ فِي بَابِ النَّسْخِ، وَبَابِ الاسْتِدْلاَلِ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا فِي الفِقْهِ فِي مَوَاضِعَ عَدِيدَةٍ كَكِتَابِ الزَّكَاةِ، وَكِتَابِ الحَجِّ، وَكِتَابِ القَرْضِ، وَغَيْرِهَا.
رخي
تأخير فعل الشيء عن أول وَقْتِ الإْمْكَانِ إِلَى مَظِنَّةِ الْفَوْتِ. وهو ضد الفورية.
* مقاييس اللغة : 502/2 - تاج العروس : (141/38)
* القاموس المحيط : (ص1287)
* كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم : 3/594 - الوجيز في أصول الفقه : (25/2)
* مقاييس اللغة : (502/2)
* مسلم الثبوت : (386/1) -
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّرَاخِي: مَصْدَرُ تَرَاخَى، وَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ: التَّقَاعُدُ عَنِ الشَّيْءِ وَالتَّقَاعُسِ عَنْهُ.
وَتَرَاخَى الأَْمْرُ تَرَاخِيًا: امْتَدَّ زَمَانُهُ، وَفِي الأَْمْرِ تَرَاخٍ أَيْ: فُسْحَةٌ (1) .
وَمَعْنَى التَّرَاخِي فِي الاِصْطِلاَحِ: كَوْنُ الأَْدَاءِ مُتَأَخِّرًا عَنْ أَوَّل وَقْتِ الإِْمْكَانِ إِلَى مَظِنَّةِ الْفَوْتِ. (2)
وَعَلَى ذَلِكَ لاَ يَخْرُجُ مَعْنَاهُ الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْفَوْرُ:
2 - يُطْلَقُ الْفَوْرُ فِي اللُّغَةِ عَلَى: الْوَقْتِ الْحَاضِرِ الَّذِي لاَ تَأْخِيرَ فِيهِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: فَارَ الْمَاءُ يَفُورُ فَوْرًا أَيْ: نَبَعَ وَجَرَى، ثُمَّ اسْتُعْمِل فِي الْحَالَةِ الَّتِي لاَ بُطْءَ فِيهَا (3) .
يُقَال: جَاءَ فُلاَنٌ فِي حَاجَتِهِ، ثُمَّ رَجَعَ مِنْ فَوْرِهِ أَيْ: مِنْ حَرَكَتِهِ الَّتِي وَصَل فِيهَا وَلَمْ يَسْكُنْ بَعْدَهَا، وَحَقِيقَتُهُ: أَنْ يَصِل مَا بَعْدَ الْمَجِيءِ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ غَيْرِ لُبْثٍ.
وَمَعْنَى الْفَوْرِ فِي الاِصْطِلاَحِ: كَوْنُ الأَْدَاءِ فِي أَوَّل أَوْقَاتِ الإِْمْكَانِ (4) .
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّرَاخِي: أَنَّ الْفَوْرَ ضِدُّ التَّرَاخِي.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
تُبْحَثُ الأَْحْكَامُ الْخَاصَّةُ بِالتَّرَاخِي فِي عَدَدٍ مِنَ الْمَوَاضِعِ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ تُوجَزُ فِيمَا يَلِي:
أَوَّلاً: مَوَاضِعُهُ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ:
ذَكَرَ الأُْصُولِيُّونَ التَّرَاخِيَ فِي مَوَاضِعَ وَهِيَ:
أ - الأَْمْرُ:
3 - اخْتَلَفَ الأُْصُولِيُّونَ فِي الأَْمْرِ الْمُطْلَقِ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِوَقْتٍ مُحَدَّدٍ أَوْ مُعَيَّنٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُوَسَّعًا أَوْ مُضَيَّقًا، وَالْخَالِي عَنْ قَرِينَةٍ تَدُل عَلَى أَنَّهُ لِلتَّكْرَارِ أَوْ لِلْمَرَّةِ: هَل يُفِيدُ الْفَوْرَ، أَوِ التَّرَاخِيَ، أَوْ غَيْرَهُمَا؟ فَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ الأَْمْرَ الْمُطْلَقَ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ يَقُولُونَ: بِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْفَوْرَ؛ لأَِنَّهُ يَلْزَمُ مِنَ الْقَوْل بِالتَّكْرَارِ اسْتِغْرَاقُ الأَْوْقَاتِ بِالْفِعْل الْمَأْمُورِ بِهِ.
وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ لِلْمَرَّةِ، فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:
الأَْوَّل: إِنَّهُ يَكُونُ لِمُجَرَّدِ الطَّلَبِ، وَهُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الْفَوْرِ وَالتَّرَاخِي، فَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ عَلَى وَجْهٍ لاَ يَفُوتُ الْمَأْمُورُ بِهِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ، وَاخْتَارَهُ الرَّازِيُّ وَالآْمَدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْبَيْضَاوِيُّ (5) .
الثَّانِي: أَنَّهُ يُوجِبُ الْفَوْرَ، فَيَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَالْكَرْخِيِّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ (6) .
الثَّالِثُ: أَنَّهُ يُفِيدُ التَّرَاخِيَ جَوَازًا، فَلاَ يَثْبُتُ حُكْمُ وُجُوبِ الأَْدَاءِ عَلَى الْفَوْرِ بِمُطْلَقِ الأَْمْرِ، وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الْقَوْل الْبَيْضَاوِيُّ وَنَسَبَهُ لِقَوْمٍ، وَاخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ فِي أُصُولِهِ (7) . الرَّابِعُ: أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْفَوْرِ وَالتَّرَاخِي، وَهُوَ رَأْيُ الْقَائِلِينَ بِالتَّوَقُّفِ فِي دَلاَلَتِهِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَحْمِلُوهُ عَلَى الْفَوْرِ وَلاَ عَلَى التَّرَاخِي، وَإِنَّمَا تَوَقَّفُوا فِيهِ. وَتَوَقَّفَ فِيهِ أَيْضًا الْجُوَيْنِيُّ، كَمَا جَاءَ فِي إِرْشَادِ الْفُحُول، فَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ الأَْمْرَ بِاعْتِبَارِ اللُّغَةِ لاَ يُفِيدُ الْفَوْرَ وَلاَ التَّرَاخِيَ، فَيَمْتَثِل الْمَأْمُورُ بِكُلٍّ مِنَ الْفَوْرِ وَالتَّرَاخِي لِعَدَمِ رُجْحَانِ أَحَدِهِمَا عَلَى الآْخَرِ، مَعَ التَّوَقُّفِ فِي إِثْمِهِ بِالتَّرَاخِي لاَ بِالْفَوْرِ؛ لِعَدَمِ احْتِمَال وُجُوبِ التَّرَاخِي، وَقِيل بِالتَّوَقُّفِ فِي الاِمْتِثَال، أَيْ لاَ يَدْرِي هَل يَأْثَمُ إِنْ بَادَرَ، أَوْ إِنْ أَخَّرَ؟ لاِحْتِمَال وُجُوبِ التَّرَاخِي (8) .
وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْخِلاَفِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اخْتِلاَفُهُمْ فِي الْحَجِّ، أَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ، أَمْ عَلَى التَّرَاخِي؟ .
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ أَيْضًا: الأَْمْرُ بِالْكَفَّارَاتِ، وَالأَْمْرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَبِقَضَاءِ الصَّلاَةِ. وَمَحَل تَفْصِيل مَا قَالُوهُ فِي ذَلِكَ، مَعَ مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ، هُوَ الْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ، وَمُصْطَلَحُ: (أَمْرٍ) .
الْفَوْرُ فِي النَّهْيِ:
4 - النَّهْيُ يَقْتَضِي الدَّوَامَ وَالْعُمُومَ عِنْدَ الأَْكْثَرِ مِنْ أَهْل الأُْصُول وَأَهْل الْعَرَبِيَّةِ، فَهُوَ لِلْفَوْرِ. وَقِيل: هُوَ كَالأَْمْرِ فِي عَدَمِ اقْتِضَائِهِ الدَّوَامَ (9) . ب - الرُّخْصَةُ:
5 - ذَكَرَ صَاحِبُ مُسَلَّمِ الثَّبُوتِ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ لِمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الرُّخْصَةِ، مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا رُخْصَةً. وَذَكَرَ أَنَّ ثَانِيَ تِلْكَ الأَْقْسَامِ، مَا تَرَاخَى حُكْمُ سَبَبِهِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى السَّبَبِيَّةِ إِلَى زَوَال الْعُذْرِ الْمُوجِبِ لِلرُّخْصَةِ، كَفِطْرِ الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ، فَإِنَّ سَبَبِيَّةَ الشَّهْرِ بَاقِيَةٌ فِي حَقِّهِمَا، حَتَّى لَوْ صَامَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ أَجْزَأَ؛ لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال لِحَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَْسْلَمِيِّ إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ (10) . وَتَأَخَّرَ الْخِطَابُ عَنْهُمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (11) وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (رُخْصَةٍ) .
ج - مَعْنَى (ثُمَّ) :
6 - أَوْرَدَ السَّرَخْسِيُّ فِي أُصُولِهِ: أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي اخْتَصَّتْ بِهِ (ثُمَّ) فِي أَصْل الْوَضْعِ هُوَ: الْعَطْفُ عَلَى وَجْهِ التَّعْقِيبِ مَعَ التَّرَاخِي.
وَحُكْمُ هَذَا التَّرَاخِي فِيهِ اخْتِلاَفٌ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ، وَتَفْصِيلُهُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ وَمُصْطَلَحِ (طَلاَقٌ) . وَأَثَرُ هَذَا الْخِلاَفِ يَظْهَرُ فِي قَوْل الزَّوْجِ لِغَيْرِ الْمَدْخُول بِهَا، أَوْ لِلْمَدْخُول بِهَا، إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، أَيْ مَعَ تَقْدِيمِ الشَّرْطِ أَوْ تَأْخِيرِهِ (12) .
وَتَفْصِيلُهُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ وَمُصْطَلَحِ: (طَلاَقٌ) .
ثَانِيًا: مَوَاضِعُهُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ:
ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ التَّرَاخِيَ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فِي عَدَدٍ مِنَ الْعُقُودِ وَالتَّصَرُّفَاتِ، تُوجَزُ فِيمَا يَلِي:
أ - التَّرَاخِي فِي رَدِّ الْمَغْصُوبِ:
7 - صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِوُجُوبِ رَدِّ الْمَغْصُوبِ فَوْرًا مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ، إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْغَاصِبِ عُذْرٌ فِي التَّرَاخِي، كَخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ مَا بِيَدِهِ مِنْ مَغْصُوبٍ وَغَيْرِهِ، لِقَوْلِهِ ﷺ: عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ (13) وَلأَِنَّهُ يَأْثَمُ بِاسْتِدَامَتِهِ تَحْتَ يَدِهِ لِحَيْلُولَتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ عَلَى الْفَوْرِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَلِيِّهِ أَوْ وَكِيلِهِ، وَإِنْ تَكَلَّفَ عَلَيْهِ أَضْعَافُ قِيمَتِهِ؛ إِذْ لاَ تُقْبَل تَوْبَتُهُ مَا دَامَ فِي يَدِهِ (14) .
وَلَمْ نَجِدْ لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ نَصًّا فِي ذَلِكَ، وَلَكِنَّ قَوَاعِدَهُمُ الْعَامَّةَ فِي وُجُوبِ رَفْعِ الظُّلْمِ تَقْتَضِي مُوَافَقَةَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ.
ب - تَرَاخِي الإِْيجَابِ عَنِ الْقَبُول فِي الْهِبَةِ:
8 - لاَ يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تَرَاخِي الْقَبُول عَنِ الإِْيجَابِ فِي الْهِبَةِ، بَل يُشْتَرَطُ الاِتِّصَال الْمُعْتَادُ كَالْبَيْعِ. وَأَجَازَ الْحَنَابِلَةُ التَّرَاخِيَ فِي الْمَجْلِسِ إِذَا لَمْ يَتَشَاغَلاَ بِمَا يَقْطَعُ الاِتِّصَال. وَلَمْ يُصَرِّحِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ بِذَلِكَ (15) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (هِبَةٌ) .
ج - التَّرَاخِي فِي طَلَبِ الشُّفْعَةِ:
9 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْقَوْل الأَْظْهَرِ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ طَلَبَ الشُّفْعَةِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهَا يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عُمَرَ ﵁: الشُّفْعَةُ كَحَل الْعِقَال (16) .
وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ طَلَبَهَا إِلَى سَنَةٍ وَمَا قَارَبَهَا وَتَسْقُطُ بَعْدَهَا (17) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (شُفْعَةٌ) .
د - التَّرَاخِي فِي قَبُول الْوَصِيَّةِ:
10 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْقَبُول فِي الْوَصِيَّةِ إِنْ كَانَتْ لِمُعَيَّنٍ، وَمَحَل الْقَبُول بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي. وَلاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْفَوْرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، فَلَهُ الْقَبُول عَلَى الْفَوْرِ أَوْ عَلَى التَّرَاخِي بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي (18) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (وَصِيَّةٍ) .
هـ - حُكْمُ تَرَاخِي الْقَبُول عَنِ الإِْيجَابِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ:
11 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى اشْتِرَاطِ ارْتِبَاطِ الْقَبُول بِالإِْيجَابِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ، حَتَّى إِنَّ النَّوَوِيَّ ذَكَرَ أَنَّ الْقَبُول فِي الْمَجْلِسِ لاَ يَكْفِي، بَل يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ. إِلاَّ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ التَّأْخِيرُ الْيَسِيرُ (19) .
وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، فَيَصِحُّ عِنْدَهُمْ تَرَاخِي الْقَبُول عَنِ الإِْيجَابِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ، وَإِنْ طَال الْفَصْل بَيْنَهُمَا مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنِ الْمَجْلِسِ أَوْ يَتَشَاغَلاَ بِمَا يَقْطَعُهُ عُرْفًا؛ لأَِنَّ الْمَجْلِسَ لَهُ حُكْمٌ حَالَةَ الْعَقْدِ، بِدَلِيل صِحَّةِ الْقَبْضِ فِيمَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ قَبْضَهُ فِي الْمَجْلِسِ (20) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (نِكَاحٍ) .
و التَّرَاخِي فِي خِيَارِ الْعُيُوبِ وَالشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ:
12 - نَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ خِيَارَ الْعُيُوبِ وَالشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ عَلَى التَّرَاخِي؛ لأَِنَّهُ لِدَفْعِ ضَرَرٍ مُتَحَقَّقٍ، فَيَكُونُ عَلَى التَّرَاخِي، كَخِيَارِ أَوْلِيَاءِ الدَّمِ بَيْنَ الْقِصَاصِ أَوِ الدِّيَةِ أَوِ الْعَفْوِ، فَلاَ يَسْقُطُ إِلاَّ أَنْ يُوجَدَ مِمَّنْ لَهُ الْخِيَارُ دَلاَلَةٌ عَلَى الرِّضَا، مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، مِنَ الزَّوْجِ إِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ، أَوْ مِنَ الزَّوْجَةِ إِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهَا، أَوْ يَأْتِي بِصَرِيحِ الرِّضَا كَأَنْ يَقُول: رَضِيتُ بِالْعَيْبِ (21) .
وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، فَقَدْ نَصَّ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى: أَنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ فِي النِّكَاحِ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ، كَخِيَارِ الْعَيْبِ فِي الْبَيْعِ، وَقَال: إِنَّ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ.
وَرُوِيَ قَوْلاَنِ آخَرَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَمْتَدُّ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ.
وَالثَّانِي: يَبْقَى إِلَى أَنْ يُوجَدَ صَرِيحُ الرِّضَا بِالْمَقَامِ مَعَهُ أَوْ مَا يَدُل عَلَيْهِ. حَكَاهُمَا الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ، وَهُمَا ضَعِيفَانِ (22) .
وَلاَ يَثْبُتُ خِيَارُ الْعَيْبِ فِي النِّكَاحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، فَقَدْ جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ وَالشَّرْطِ - سَوَاءٌ جُعِل الْخِيَارُ لِلزَّوْجِ أَوْ لِلزَّوْجَةِ أَوْ لَهُمَا - ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَقَل أَوْ أَكْثَرَ، حَتَّى أَنَّهُ إِذَا شَرَطَ ذَلِكَ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، إِلاَّ إِذَا كَانَ الْعَيْبُ هُوَ الْجَبَّ وَالْخِصَاءَ وَالْعُنَّةَ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ بِالْخِيَارِ (23) .
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ لِكُل وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ الْخِيَارَ بِشُرُوطِهِ إِذَا وَجَدَ بِصَاحِبِهِ عَيْبًا، إِلاَّ أَنَّهُمْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِكَوْنِ ذَلِكَ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ عَلَى التَّرَاخِي (24) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (نِكَاحٌ) .
ز - التَّرَاخِي فِي تَطْلِيقِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا بَعْدَ تَفْوِيضِ الطَّلاَقِ إِلَيْهَا:
13 - إِذَا فَوَّضَ الزَّوْجُ الطَّلاَقَ إِلَى زَوْجَتِهِ، فَإِنَّ تَطْلِيقَهَا نَفْسَهَا لاَ يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (25) .
غَيْرَ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ لاَ فَرْقَ عِنْدَهُمْ بَيْنَ كَوْنِ التَّفْوِيضِ تَخْيِيرًا أَوْ تَمْلِيكًا، فَإِنْ قَيَّدَهُ بِوَقْتٍ كَسَنَةٍ فَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ الْخُرُوجُ عَنْهُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ التَّفْوِيضِ إِلَى أَنْ تَخْتَارَ الْبَقَاءَ أَوِ الْفِرَاقَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (26) .
وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَإِنَّ التَّفْوِيضَ يَقْتَضِي الْفَوْرَ فِي الْجَدِيدِ عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ مَا لَمْ يُعَلِّقْهُ بِشَرْطٍ (27) . (ر: طَلاَقٌ) .
وَتَفْصِيل مَا لَمْ يُذْكَرْ هُنَا مِنْ مَسَائِل التَّرَاخِي مَوْطِنُهُ الْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ.
__________
(1) لسان العرب، والقاموس المحيط، والمصباح المنير، والصحاح، مادة: " رخو ".
(2) كشاف مصطلحات الفنون 3 / 594.
(3) المصباح، مادة: " فور ".
(4) التعريفات للجرجاني مادة: " فور "، والكليات 3 / 318 ط دمشق.
(5) مسلم الثبوت 1 / 387 ط الأولى بولاق، وشرح البدخشي 2 / 47 ط صبيح، إرشاد الفحول / 99 ط الحلبي، والأحكام للآمدي 2 / 165 ط المكتب الإسلامي.
(6) مسلم الثبوت 1 / 397 ط الأولى بولاق، وإرشاد الفحول / 100 ط الحلبي.
(7) شرح البدخشي 2 / 47 ط صبيح، وأصول السرخسي 1 / 26 ط دار الكتاب العربي بحيدر آباد.
(8) إرشاد الفحول / 100 ط الحلبي، وشرح البدخشي 2 / 47 ط صبيح.
(9) مسلم الثبوت 1 / 406.
(10) حديث: " إن شئت فصم وإن شئت فأفطر. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 4 / 179 - ط السلفية) ومسلم (2 / 789 - ط الحلبي) .
(11) سورة البقرة / 184.
(12) أصول السرخسي 1 / 209، 210 ط دار الكتاب العربي حيدر آباد، والتلويح على التوضيح 1 / 104 - 105 ط صبيح، ومسلم الثبوت 1 / 234 - 236 ط الأولى بولاق، وانظر ما ذكره الآمدي في كتابه الإحكام في أصول الأحكام 1 / 69 ط المكتب الإسلامي.
(13) حديث: " على اليد ما أخذت حتى تؤديه. . . " أخرجه أبو داود (3 / 822 - ط عزت عبيد دعاس) وأعله ابن حجر في التلخيص (3 / 53 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(14) حاشية قليوبي 3 / 28 ط الحلبي، مطالب أولي النهى 4 / 69، 70 ط المكتب الإسلامي.
(15) روضة الطالبين 5 / 366 ط المكتب الإسلامي، ومطالب أولي النهى 4 / 385 ط المكتب الإسلامي، والفتاوى الهندية 4 / 374 ط المكتبة الإسلامية، وجواهر الإكليل 2 / 211 - 217 ط دار المعرفة.
(16) حديث: " الشفعة كحل العقال. . . ". أخرجه ابن ماجه (2 / 835 - ط الحلبي) وقال ابن حجر في التلخيص (3 / 56 - ط شركة الطباعة الفنية) : إسناده ضعيف جدا.
(17) تبيين الحقائق 5 / 242 ط دار المعرفة، وروضة الطالبين 5 / 107 ط المكتب الإسلامي، ومطالب أولي النهى 4 / 110 ط المكتب الإسلامي، وحاشية الدسوقي 3 / 485 ط الفكر.
(18) الفتاوى الهندية 6 / 90 ط المكتبة الإسلامية، وجواهر الإكليل 2 / 317 ط دار المعرفة، وروضة الطالبين 6 / 141، 142 ط المكتب الإسلامي، وكشاف القناع 4 / 344 ط النصر.
(19) الروضة 7 / 38 ط المكتب الإسلامي، ونهاية المحتاج 6 / 205 ط المكتبة الإسلامية، وجواهر الإكليل 1 / 277 ط دار المعرفة.
(20) بدائع الصنائع 2 / 232 ط الجمالية، ومطالب أولي النهى 5 / 50 ط المكتب الإسلامي.
(21) كشاف القناع 5 / 112 ط النصر.
(22) روضة الطالبين 7 / 180 ط المكتب الإسلامي.
(23) الفتاوى الهندية 1 / 273 ط المكتبة الإسلامية.
(24) الخرشي 3 / 235 ط دار صادر، والدسوقي 2 / 277 ط الفكر، وجواهر الإكليل 1 / 298 ط دار المعرفة.
(25) ابن عابدين 2 / 476 ط المصرية، ومطالب أولي النهى 5 / 353 ط المكتب الإسلامي، وكشاف القناع 5 / 254 ط النصر.
(26) حاشية الدسوقي 2 / 405 - 408 ط الفكر، وجواهر الإكليل 1 / 357 ط دار المعرفة.
(27) نهاية المحتاج 6 / 429، 430 ط المكتبة الإسلامية، والروضة 8 / 51 ط المكتب الإسلامي.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 151/ 11