الأول
(الأوَّل) كلمةٌ تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...
ما استقرت النفوس عليه بشهادة العقول، وتلقته الطبائع بالقبول .أو ما عرفه عموم الناس، واستقر في نفوسهم، واشتهر، ولم ينكروه . وهو يشمل العرف القولي، والعرف العملي . ومن أمثلته تعارف الناس إطلاق اللحم على غير السمك . ومن شواهده قوله تعَالَى
العُرْفُ: كُلُّ ما تَعْرِفُهُ النَّفْسُ مِن الخَيْرِ وتَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ. وأَصْلُه: المَعْروفُ مِن الخَيْرِ والإِحْسانِ، وضِدُّه: الـنُكْرِ، يُقال: أَدَّى إلَيْهِ عُرْفاً، أيْ: مَعْرُوفاً. ويأْتي العُرْفُ بِمعنى المَعْلُومِ والمَشْهُورِ مِن الأَشْياءِ.
يَرِد مُصْطلَح (عُرْف) في عِدَّة مواضِع من الفقه، منها: كِتاب الطَّهارَةِ، باب: المُوالاة في الوُضوءِ، وفي كتاب الصَّلاةِ، باب: الحَرَكَة في الصَّلاةِ، وفي كتاب الزَّكاةِ، باب: زَكاة الفِطْرِ، وفي كتاب البَيْعِ، باب: صِيغَة البَيْعِ، وفي كتاب الأَيْمانِ، باب: كفّارَة اليَمِينِ، وفي كتاب الحُدودِ، باب: حَدّ السَّرِقَةِ، وغَيْر ذلك من الأبوابِ. ويرِد في عِلمِ أُصولِ الفِقْهِ، باب: الأَدِلَّة المُخْتَلَف فيها. وفي علم القواعِد الفقهِيَّة، عند الكلام عن قاعدة :" العادَة مُحكَّمَة ".
عرف
ما تَعارَفَ عليه النّاسُ وأَقَرُّوهُ في عاداتِهِم ومُعاملاتِهِم حَسْبَ أَزْمِنَتِهِمْ وأَمْكِنَتِهِمْ.
العُرْفُ: دَلِيلٌ كاشِفٌ لِلْحُكْمِ، وهو مِن الأَدِلَّةِ المُهِمَّةِ على حَسَبِ اخْتِلافِ الأَزْمِنَةِ والأَمْكِنَةِ والأَحْوالِ، وهو في المُعامَلاتِ بمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ المَشْرُوطِ. ويَنْقَسِمُ العُرْفُ إلى قِسْمَيْنِ: 1- عُرْف قَوْلِيٌّ: كأنْ يَتَعارَفَ قَوْمٌ على أنّ المُرادَ بِاللَّحْمِ هو لَحْمُ الغَنَمِ. 2- عُرْفٌ عَمَلِيٌّ: وهو أنْ يَتَعارَفَ قَوْمٌ على عَمَلٍ مُعَيَّنٍ، كأنْ يَتَعارَفُوا على أنّ أُجْرَةَ الحَمّامِ تَشْمَلُ الماءَ ولوازِمَ الاغْتِسالِ، كالصّابونِ ونحْوِهِ. ويَنْقَسِمُ العُرْفُ أيضاً باعتِبارٍ آخَرِ إلى: 1- عُرْف عامّ، وهو: ما تَعارَفَ عليه عامَّةُ النّاسِ. 2- عُرْف خاصّ، وهو: ما تَعارَفَ عليه بَعْضُ النَّاسِ.
العُرْفُ: كُلُّ ما تَعْرِفُهُ النَّفْسُ مِن الخَيْرِ وتَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ. وأَصْلُه: المَعْروفُ مِن الخَيْرِ والإِحْسانِ، يُقال: أَدَّى إلَيْهِ عُرْفاً، أيْ: مَعْرُوفاً. ويأْتي بِمعنى المَعْلُومِ والمَشْهُورِ مِن الأَشْياءِ.
ما استقرت النفوس عليه بشهادة العقول، وتلقته الطبائع بالقبول.
* العين : (2/121)
* تهذيب اللغة : (2/208)
* مقاييس اللغة : (4/281)
* المحكم والمحيط الأعظم : (2/109)
* مختار الصحاح : (ص 206)
* لسان العرب : (9/236)
* التعريفات للجرجاني : (ص 149)
* الحدود الأنيقة والتعريفات الدقيقة : (ص 72)
* المطلع على ألفاظ المقنع : (ص 316)
* القاموس الفقهي : (ص 249)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 309)
* معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : (2/493)
* الأشباه والنظائر على مذهب أبي حنيفة النعمان : (ص 94)
* الأشباه والنظائر : (ص 92)
* كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم : (2/1179)
* التعريفات الفقهية : (ص 145)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (1/249)، و (30/54) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْعُرْفُ لُغَةً: كُل مَا تَعْرِفُهُ النَّفْسُ مِنَ الْخَيْرِ وَتَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ، وَهُوَ ضِدُّ النُّكُرِ، وَالْعُرْفُ وَالْمَعْرُوفُ: الْجُودُ (1) .
وَهُوَ اصْطِلاَحًا: مَا اسْتَقَرَّتِ النُّفُوسُ عَلَيْهِ بِشَهَادَةِ الْعُقُول، وَتَلَقَّتْهُ الطَّبَائِعُ بِالْقَبُول (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْعَادَةُ:
2 - الْعَادَةُ فِي اللُّغَةِ: الدَّيْدَنُ يُعَادُ إِلَيْهِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لأَِنَّ صَاحِبَهَا يُعَاوِدُهَا أَيْ يَرْجِعُ إِلَيْهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى (3) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ هِيَ: مَا اسْتَمَرَّ النَّاسُ عَلَيْهِ عَلَى حُكْمِ الْمَعْقُول، وَعَادُوا إِلَيْهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى (4) .
وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: الْعَادَةُ وَالْعُرْفُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ مِنْ حَيْثُ الْمَاصَدَقَ وَإِنِ اخْتَلَفَا مِنْ حَيْثُ الْمَفْهُومُ.
وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ: بِأَنَّ الْعَادَةَ هِيَ الْعُرْفُ الْعَمَلِيُّ، بَيْنَمَا الْمُرَادُ بِالْعُرْفِ هُوَ الْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ (5) .
ب - الاِسْتِحْسَانُ:
3 - الاِسْتِحْسَانُ فِي اللُّغَةِ: عَدُّ الشَّيْءِ حَسَنًا وَاعْتِقَادُهُ كَذَلِكَ (6) .
وَمِنْ مَعَانِيهِ فِي الاِصْطِلاَحِ: الْعُدُول عَنِ الدَّلِيل إِلَى الْعَادَةِ لِلْمَصْلَحَةِ، كَدُخُول الْحَمَّامِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ زَمَنِ الْمُكْثِ وَقَدْرِ الْمَاءِ وَالأُْجْرَةِ، فَإِنَّهُ مُعْتَادٌ عَلَى خِلاَفِ الدَّلِيل (7) .
قَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الاِسْتِحْسَانُ: إِيثَارُ تَرْكِ مُقْتَضَى الدَّلِيل عَلَى طَرِيقِ الاِسْتِثْنَاءِ وَالتَّرْخِيصِ، لِمُعَارَضَةِ مَا يُعَارَضُ بِهِ فِي بَعْضِ مُقْتَضَيَاتِهِ، وَيَنْقَسِمُ إِلَى أَقْسَامٍ مِنْهَا: تَرْكُ الدَّلِيل لِلْعُرْفِ، وَتَرْكُهُ لِلْمَصْلَحَةِ، وَتَرْكُهُ لِلتَّيْسِيرِ لِرَفْعِ الْمَشَقَّةِ وَإِيثَارِ التَّوْسِعَةِ (8) .
فَالْعُرْفُ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الاِسْتِحْسَانِ. أَقْسَامُ الْعُرْفِ:
أَوَّلاً: الْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ، وَالْعُرْفُ الْعَمَلِيُّ:
يَنْقَسِمُ الْعُرْفُ بِحَسَبِ اسْتِعْمَال الأَْلْفَاظِ الْمُتَعَارَفِ عَلَيْهَا فِي بَعْضِ الْمَعَانِي، أَوْ بِحَسَبِ الأَْعْمَال الَّتِي يَقُومُ بِهَا النَّاسُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
عُرْفٍ قَوْلِيٍّ: (لَفْظِيٍّ) ، وَعُرْفٍ عَمَلِيٍّ.
أ - الْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ:
4 - الْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ: أَنْ يَتَعَارَفَ قَوْمٌ إِطْلاَقَ لَفْظٍ عَلَى مَعْنًى، بِحَيْثُ لاَ يَتَبَادَرُ عِنْدَ سَمَاعِهِ إِلاَّ ذَلِكَ الْمَعْنَى، كَالدِّرْهَمِ عَلَى النَّقْدِ الْغَالِبِ (9) . فَمَعْنَى الْعُرْفِ فِي اللَّفْظِ: أَنْ يُنْقَل إِطْلاَقُ لَفْظٍ، وَيُسْتَعْمَل فِي مَعْنًى، حَتَّى يَصِيرَ هُوَ الْمُعْتَادُ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ الإِْطْلاَقِ، مِثَال ذَلِكَ إِطْلاَقُ لَفْظِ الدَّابَّةِ عَلَى ذَوَاتِ الأَْرْبَعِ مَعَ أَنَّهَا فِي اللُّغَةِ لِكُل مَا يَدِبُّ.
وَكَمَا يَنْقُل الْعُرْفُ اللَّفْظَ الْمُفْرَدَ يَنْقُل الْمُرَكَّبَ، فَالْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ لاَ يَكُونُ إِلاَّ إِذَا نُقِلَتِ الأَْلْفَاظُ عَنْ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ، أَوْ خُصِّصَتْ بِبَعْضِ أَفْرَادِهَا، أَمَّا إِذَا اسْتَمَرَّ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ مُتَعَرَّفًا، فَلاَ يُسَمَّى عُرْفًا قَوْلِيًّا أَوْ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً، وَإِنَّمَا هُوَ حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ مَشْهُورَةٌ (10) . وَقَدِ اعْتَبَرَ الْفُقَهَاءُ الْعُرْفَ الْقَوْلِيَّ، فَحَمَلُوا عَلَيْهِ أَلْفَاظَ التَّصَرُّفَاتِ، وَلاَحَظُوا ذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ وَالْفَتْوَى وَنَصُّوا عَلَى أَنَّ كُل مُتَكَلِّمٍ إِنَّمَا يُحْمَل لَفْظُهُ عَلَى عُرْفِهِ، فَإِذَا كَانَ الْمُتَكَلِّمُ بِاللَّفْظِ هُوَ الشَّارِعُ فَإِنَّهُ يُحْمَل عَلَى الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَإِذَا كَانَ الْمُتَكَلِّمُ مِنْ أَهْل اللُّغَةِ فَإِنَّهُ يُحْمَل كَلاَمُهُ عَلَى عُرْفِهِ، وَتُحْمَل أَلْفَاظُ النَّاسِ الَّتِي تَدُورُ عَلَيْهَا الْعُقُودُ وَالتَّصَرُّفَاتُ عَلَى عُرْفِهِمْ فِي مُخَاطَبَتِهِمْ، وَيَجْرِي مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْتِزَامَاتٍ عَلَى حَسَبِ مَا يُفِيدُهُ اللَّفْظُ فِي الْعُرْفِ (11) .
ب - الْعُرْفُ الْعَمَلِيُّ:
5 - الْعُرْفُ الْعَمَلِيُّ: هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ وَتَعَارَفُوهُ فِي مُعَامَلاَتِهِمْ وَتَصَرُّفَاتِهِمْ، كَتَعَارُفِ النَّاسِ الْبَيْعَ بِالتَّعَاطِي وَالاِسْتِصْنَاعِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: الْعُرْفُ عَمَلِيٌّ وَقَوْلِيٌّ، فَالأَْوَّل: كَتَعَارُفِ قَوْمٍ عَلَى أَكْل الْبُرِّ وَلَحْمِ الضَّأْنِ، فَإِذَا قَال: اشْتَرِ لِي طَعَامًا أَوْ لَحْمًا انْصَرَفَ إِلَى الْبُرِّ وَلَحْمِ الضَّأْنِ عَمَلاً بِالْعُرْفِ الْعَمَلِيِّ (12) .
وَالأَْعْرَافُ وَالْعَادَاتُ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ فِي مُعَامَلاَتِهِمْ تَقُومُ مَقَامَ النُّطْقِ بِالأَْلْفَاظِ، قَال عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ: فُصِل فِي تَنْزِيل دَلاَلَةِ الْعَادَاتِ وَقَرَائِنِ الأَْحْوَال مَنْزِلَةَ صَرِيحِ الأَْقْوَال فِي تَخْصِيصِ الْعَامِّ وَتَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ وَغَيْرِهَا، وَمِنَ الأَْمْثِلَةِ فِي ذَلِكَ: التَّوْكِيل فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ، فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِثَمَنِ الْمِثْل وَغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ، تَنْزِيلاً لِلْعَادَةِ الْجَارِيَةِ فِي الْمُعَامَلاَتِ مَنْزِلَةَ صَرِيحِ اللَّفْظِ، وَكَذَلِكَ حَمْل الإِْذْنِ فِي النِّكَاحِ عَلَى الْكُفْءِ وَمَهْرِ الْمِثْل؛ لأَِنَّهُ الْمُتَبَادِرُ إِلَى الأَْفْهَامِ فِيمَنْ وَكَّل آخَرَ بِتَزْوِيجِ ابْنَتِهِ، وَقَال ابْنُ الْقَيِّمِ: وَهَذَا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَرَ، وَعَلَيْهِ يُخَرَّجُ حَدِيثُ عُرْوَةَ بْنِ الْجَعْدِ الْبَارِقِيِّ ﵁ حَيْثُ أَعْطَاهُ النَّبِيُّ ﷺ دِينَارًا يَشْتَرِي بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى شَاتَيْنِ بِدِينَارٍ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَجَاءَهُ بِالدِّينَارِ وَالشَّاةِ الأُْخْرَى (13) فَبَاعَ وَأَقْبَضَ وَقَبَضَ بِغَيْرِ إِذْنٍ لَفْظِيٍّ اعْتِمَادًا مِنْهُ عَلَى الإِْذْنِ الْعُرْفِيِّ، الَّذِي هُوَ أَقْوَى مِنَ اللَّفْظِيِّ فِي أَكْثَرِ الْمَوَاضِعِ (14) . فَالْعُرْفُ الْعَمَلِيُّ أَوِ الْعَادَةُ فِي الْفِعْل هِيَ الْمُحَكَّمَةُ فِيمَا يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ فِي مُعَامَلاَتِهِمْ، مَا يَجِبُ مِنْهَا وَمَا لاَ يَجِبُ، تَبَعًا لِلْعُرْفِ الْجَارِي بَيْنَهُمْ، وَمَا يَدْخُل فِي الْعُقُودِ تَبَعًا وَمَا لاَ يَدْخُل.
وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الشَّرْطَ الْعُرْفِيَّ كَاللَّفْظِيِّ (15) ، وَمِنَ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فِي ذَلِكَ: (الْمَعْرُوفُ كَالْمَشْرُوطِ) وَالْمَعْرُوفُ بَيْنَ التُّجَّارِ كَالْمَشْرُوطِ بَيْنَهُمْ، قَال السَّرَخْسِيُّ: وَالْمَعْلُومُ بِالْعُرْفِ كَالْمَشْرُوطِ، وَفِيهِ أَيْضًا: الثَّابِتُ بِالْعُرْفِ كَالثَّابِتِ بِالنَّصِّ (16)
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
ثَانِيًا: الْعُرْفُ الْعَامُّ وَالْعُرْفُ الْخَاصُّ:
6 - الْعُرْفُ الْعَامُّ: هُوَ مَا تَعَارَفَهُ عَامَّةُ النَّاسِ كَمَنْ حَلَفَ لاَ يَضَعُ قَدَمَهُ فِي دَارِ فُلاَنٍ، فَهُوَ فِي الْعُرْفِ الْعَامِّ بِمَعْنَى الدُّخُول، سَوَاءٌ دَخَلَهَا مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا
وَالْعُرْفُ الْخَاصُّ: هُوَ مَا لَمْ يَتَعَارَفْهُ عَامَّةُ النَّاسِ بَل بَعْضُهُمْ، كَالأَْلْفَاظِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهَا فِي عُرْفِ الشَّرْعِ أَوْ عُرْفِ التَّخَاطُبِ، أَوْ فِي عُرْفِ طَائِفَةٍ خَاصَّةٍ، وَمِنْ ذَلِكَ اصْطِلاَحُ الرَّفْعِ عِنْدَ النُّحَاةِ، وَاشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْعُرْفِ الْعَامِّ اسْتِمْرَارَ الْعَمَل بِهِ بَيْنَ النَّاسِ (17) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي: الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ. ثَالِثًا: الْعُرْفُ الصَّحِيحُ وَالْعُرْفُ الْفَاسِدُ:
7 - يَنْقَسِمُ الْعُرْفُ إِلَى صَحِيحٍ وَفَاسِدٍ.
فَالصَّحِيحُ: هُوَ مَا تَعَارَفَهُ النَّاسُ وَلَيْسَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِنَصٍّ شَرْعِيٍّ، وَلاَ تَفْوِيتٌ لِمَصْلَحَةٍ وَلاَ جَلْبٌ لِمَفْسَدَةٍ، كَتَعَارُفِهِمْ تَقْدِيمَ الْهَدَايَا مِنَ الْخَطِيبِ لِخَطِيبَتِهِ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهَا مِنَ الْمَهْرِ.
وَالْعُرْفُ الْفَاسِدُ: مَا خَالَفَ بَعْضَ أَدِلَّةِ الشَّرْعِ أَوْ بَعْضَ قَوَاعِدِهِ، كَتَعَارُفِهِمْ عَلَى بَعْضِ الْعُقُودِ الرِّبَوِيَّةِ (18) .
رَابِعًا: الْعُرْفُ الثَّابِتُ وَالْعُرْفُ الْمُتَبَدِّل:
8 - يَنْقَسِمُ الْعُرْفُ بِاعْتِبَارِ ثُبُوتِهِ وَاسْتِقْرَارِهِ وَعَدَمِهِ إِلَى: عُرْفٍ ثَابِتٍ، وَعُرْفٍ مُتَبَدِّلٍ.
وَالْعُرْفُ الثَّابِتُ: هُوَ الَّذِي لاَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الأَْزْمَانِ وَالأَْمَاكِنِ وَالأَْشْخَاصِ وَالأَْحْوَال؛ لأَِنَّهُ يَعُودُ إِلَى طَبِيعَةِ الإِْنْسَانِ وَفِطْرَتِهِ، كَشَهْوَةِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْحُزْنِ وَالْفَرَحِ، وَمِنَ الْعُرْفِ الثَّابِتِ الْعُرْفُ الشَّرْعِيُّ: وَهُوَ مَا كَلَّفَ بِهِ الشَّرْعُ وَأَمَرَ بِهِ أَوْ نَهَى عَنْهُ أَوْ أَذِنَ فِيهِ
وَالْعُرْفُ الْمُتَبَدِّل: هُوَ الَّذِي يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الأَْزْمَانِ وَالْبِيئَاتِ وَالأَْحْوَال، وَهُوَ أَنْوَاعٌ: فَمِنْهُ مَا يَعُودُ إِلَى اعْتِبَارِ الْبِقَاعِ، وَالْبِيئَاتِ مِنْ حُسْنِ شَيْءٍ أَوْ قُبْحِهِ، فَيَكُونُ فِي مَكَانٍ حَسَنًا، وَفِي مَكَانٍ آخَرَ قَبِيحًا، مِثْل كَشْفِ الرَّأْسِ فَهُوَ لِذَوِي الْمُرُوءَاتِ قَبِيحٌ فِي الْبِلاَدِ الْمَشْرِقِيَّةِ، وَغَيْرُ قَبِيحٍ فِي الْبِلاَدِ الْمَغْرِبِيَّةِ (19) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي: الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
اعْتِبَارُ الْعُرْفِ:
9 - يَنْقَسِمُ الْعُرْفُ مِنْ حَيْثُ اعْتِبَارُهُ فِي الأَْحْكَامِ - إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ: -
أ - مَا قَامَ الدَّلِيل الشَّرْعِيُّ عَلَى اعْتِبَارِهِ، كَمُرَاعَاةِ الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ، وَوَضْعِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَهَذَا يَجِبُ اعْتِبَارُهُ وَالأَْخْذُ بِهِ.
ب - مَا قَامَ الدَّلِيل الشَّرْعِيُّ عَلَى نَفْيِهِ، كَعَادَةِ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ فِي التَّبَرُّجِ، وَطَوَافِهِمْ فِي الْبَيْتِ عُرَاةً، وَالْجَمْعِ بَيْنَ الأُْخْتَيْنِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَْعْرَافِ الَّتِي نَهَى عَنْهَا الشَّارِعُ، فَهَذِهِ الأَْعْرَافُ لاَ تُعْتَبَرُ.
ج - مَا لَمْ يَقُمِ الدَّلِيل الشَّرْعِيُّ عَلَى اعْتِبَارِهِ أَوْ نَفْيِهِ، وَهَذَا هُوَ مَوْضِعُ نَظَرِ الْفُقَهَاءِ.
10 - وَقَدْ ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى اعْتِبَارِهِ وَمُرَاعَاتِهِ وَبَنَوْا عَلَيْهِ الْكَثِيرَ مِنَ الأَْحْكَامِ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْهُمْ (20) وَقَدْ قَامَ الدَّلِيل مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ عَلَى اعْتِبَارِ الْعُرْفِ. فَمِنَ الْكِتَابِ: قَوْله تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَل اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} . (21)
قَال أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: إِنَّ الإِْنْفَاقَ لَيْسَ لَهُ تَقْدِيرٌ شَرْعِيٌّ، وَإِنَّمَا أَحَالَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعَادَةِ، وَهِيَ دَلِيلٌ أُصُولِيٌّ، بَنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ الأَْحْكَامَ، وَرَبَطَ بِهِ الْحَلاَل وَالْحَرَامَ (22) . قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَالصَّحِيحُ رَدُّ الْحُقُوقِ الْمُطْلَقَةِ فِي الشَّرْعِ إِلَى الْعُرْفِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ فِي نَفَقَاتِهِمْ، فِي حَقِّ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ وَالْمُتَوَسِّطِ، كَمَا رَدَدْنَاهُمْ فِي الْكِسْوَةِ إِلَى ذَلِكَ (23) . وَمِنَ السُّنَّةِ حَدِيثُ عَائِشَةَ ﵂: أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ ﵂ قَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وَلَيْسَ يُعْطِينِي وَوَلَدِي إِلاَّ مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ، فَقَال: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ (24) قَال ابْنُ حَجَرٍ: فِيهِ اعْتِمَادُ الْعُرْفِ فِي الأُْمُورِ الَّتِي لاَ تَحْدِيدَ فِيهَا مِنْ قِبَل الشَّارِعِ (25) .
شُرُوطُ اعْتِبَارِ الْعُرْفِ:
الشَّرْطُ الأَْوَّل: أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ مُطَّرِدًا أَوْ غَالِبًا:
11 - يُشْتَرَطُ لاِعْتِبَارِ الْعُرْفِ: أَنْ يَكُونَ مُطَّرِدًا أَوْ غَالِبًا. وَمَعْنَى الاِطِّرَادِ: أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ مُسْتَمِرًّا بِحَيْثُ لاَ يَتَخَلَّفُ فِي جَمِيعِ الْحَوَادِثِ، وَمَعْنَى الْغَلَبَةِ: أَنْ يَكُونَ الْعَمَل بِالْعُرْفِ كَثِيرًا، وَلاَ يَتَخَلَّفُ إِلاَّ قَلِيلاً، ذَلِكَ أَنَّ الاِطِّرَادَ أَوِ الْغَلَبَةَ يَجْعَل الْعُرْفَ مَقْطُوعًا بِوُجُودِهِ، قَال السُّيُوطِيُّ: إِنَّمَا تُعْتَبَرُ الْعَادَةُ إِذَا اطَّرَدَتْ، فَإِذَا اضْطَرَبَتْ فَلاَ.
وَقَال ابْنُ نُجَيْمٍ: إِنَّمَا تُعْتَبَرُ الْعَادَةُ إِذَا اطَّرَدَتْ أَوْ غَلَبَتْ، وَلِذَا قَالُوا: لَوْ بَاعَ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ، وَكَانَا فِي بَلَدٍ اخْتَلَفَ فِيهِ النُّقُودُ مَعَ الاِخْتِلاَفِ فِي الْمَالِيَّةِ وَالرَّوَاجِ، انْصَرَفَ الْبَيْعُ إِلَى الأَْغْلَبِ، قَال فِي الْهِدَايَةِ:؛ لأَِنَّهُ هُوَ الْمُتَعَارَفُ فَيَنْصَرِفُ إِلَيْهِ.
قَال الشَّاطِبِيُّ: وَإِذَا كَانَتِ الْعَوَائِدُ مُعْتَبَرَةً شَرْعًا فَلاَ يَقْدَحُ فِي اعْتِبَارِهَا انْخِرَاقُهَا مَا بَقِيَتْ عَادَةً فِي الْجُمْلَةِ (26) . وَبِهَذَا الشَّرْطِ يَخْرُجُ الْعُرْفُ الْمُشْتَرَكُ - هُوَ مَا تَسَاوَى الْعَمَل بِهِ وَتَرْكُهُ - مِنَ الاِعْتِبَارِ، فَلاَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدًا أَوْ دَلِيلاً يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي تَحْدِيدِ الْحُقُوقِ وَالْوَاجِبَاتِ الْمُطْلَقَةِ (27) .
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ عَامًّا:
12 - هَذَا الشَّرْطُ مَحَل خِلاَفٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ: فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي بِنَاءِ الأَْحْكَامِ الْعُرْفُ الْعَامُّ دُونَ الْخَاصِّ (28) .
وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَلاَّ يَكُونَ الْعُرْفُ مُخَالِفًا لِلنَّصِّ الشَّرْعِيِّ:
13 - يُشْتَرَطُ فِي الْعُرْفِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا: أَلاَّ يُخَالِفَ النُّصُوصَ الشَّرْعِيَّةَ، بِمَعْنَى أَنْ لاَ يَكُونَ مَا تَعَارَفَ عَلَيْهِ النَّاسُ مُخَالِفًا لِلأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا، وَإِلاَّ فَلاَ اعْتِبَارَ لِلْعُرْفِ، كَتَعَارُفِ النَّاسِ شُرْبَ الْخَمْرِ وَتَبَرُّجَ النِّسَاءِ وَالتَّعَامُل بِالْعُقُودِ الرِّبَوِيَّةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ ثُمَّ إِنَّ مُخَالَفَةَ الْعُرْفِ لِلنَّصِّ تَأْتِي عَلَى وَجْهَيْنِ:
فَإِذَا خَالَفَ الْعُرْفُ النَّصَّ الشَّرْعِيَّ مِنْ كُل وَجْهٍ، فَإِنَّهُ يُعْمَل بِالنَّصِّ، وَلاَ اعْتِبَارَ لِلْعُرْفِ؛ لأَِنَّ النَّصَّ أَقْوَى مِنَ الْعُرْفِ، وَلاَ يُتْرَكُ الأَْقْوَى لِمَا هُوَ أَضْعَفُ مِنْهُ، سَوَاءٌ كَانَ الْعُرْفُ عَامًّا أَوْ خَاصًّا (29) .
وَإِذَا خَالَفَ الْعُرْفُ النَّصَّ فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ؛ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَصْلُحُ الْعُرْفُ مُخَصِّصًا وَلاَ مُقَيِّدًا لِلنَّصِّ، وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْعُرْفَ يُخَصِّصُ النَّصَّ وَيُقَيِّدُهُ (30) وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي: الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
الشَّرْطُ الرَّابِعُ: - أَلاَّ يُعَارِضَ الْعُرْفَ تَصْرِيحٌ بِخِلاَفِهِ:
14 - يُشْرَطُ لاِعْتِبَارِ الْعُرْفِ: أَلاَّ يَصْدُرَ تَصْرِيحٌ بِخِلاَفِهِ، فَإِذَا صَرَّحَ الْعَاقِدَانِ مَثَلاً بِخِلاَفِ الْعُرْفِ فَلاَ اعْتِبَارَ لِلْعُرْفِ؛ لأَِنَّ مِنَ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّهُ لاَ عِبْرَةَ لِلدَّلاَلَةِ فِي مُقَابَلَةِ التَّصْرِيحِ قَال الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ: كُل مَا يَثْبُتُ فِي الْعُرْفِ إِذَا صَرَّحَ الْمُتَعَاقِدَانِ بِخِلاَفِهِ مِمَّا يُوَافِقُ مَقْصُودَ الْعَقْدِ وَيُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ صَحَّ، فَلَوْ شَرَطَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الأَْجِيرِ أَنْ يَسْتَوْعِبَ النَّهَارَ بِالْعَمَل مِنْ غَيْرِ أَكْلٍ يَقْطَعُ الْمَنْفَعَةَ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يُصَلِّيَ الرَّوَاتِبَ، وَأَنْ يَقْتَصِرَ فِي الْفَرَائِضِ عَلَى الأَْرْكَانِ، صَحَّ وَوَجَبَ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ؛ لأَِنَّ تِلْكَ الأَْوْقَاتِ إِنَّمَا خَرَجَتْ عَنِ الاِسْتِحْقَاقِ بِالْعُرْفِ الْقَائِمِ مَقَامَ الشَّرْطِ، فَإِذَا صَرَّحَ بِخِلاَفِ ذَلِكَ مِمَّا يُجَوِّزُهُ الشَّرْعُ وَيُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ جَازَ (31) . الشَّرْطُ الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ قَائِمًا عِنْدَ إِنْشَاءِ التَّصَرُّفِ:
15 - يُشْتَرَطُ لاِعْتِبَارِ الْعُرْفِ: أَنْ يَكُونَ قَائِمًا عِنْدَ إِنْشَاءِ التَّصَرُّفِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ سَابِقًا أَوْ مُقَارِنًا لِلتَّصَرُّفِ عِنْدَ إِنْشَائِهِ؛ لأَِنَّ كُل مَنْ يَقُومُ بِتَصَرُّفٍ - سَوَاءٌ كَانَ قَوْلِيًّا أَوْ فِعْلِيًّا إِنَّمَا يَتَصَرَّفُ بِحَسَبِ مَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ؛ لِيَصِحَّ الْحَمْل عَلَى الْعُرْفِ الْقَائِمِ، فَلاَ عِبْرَةَ بِالْعُرْفِ الطَّارِئِ بَعْدَ التَّصَرُّفِ.
قَال الْقَرَافِيُّ: الْعَوَائِدُ الطَّارِئَةُ بَعْدَ النُّطْقِ لاَ يُقْضَى بِهَا عَلَى النُّطْقِ، فَإِنَّ النُّطْقَ سَالِمٌ عَنْ مُعَارَضَتِهَا، فَيُحْمَل عَلَى اللُّغَةِ، وَنَظِيرُهُ: إِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ فِي الْبَيْعِ فَإِنَّ الثَّمَنَ يُحْمَل عَلَى الْعَادَةِ الْحَاضِرَةِ فِي النَّقْدِ، وَمَا يَطْرَأُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْعَوَائِدِ فِي النُّقُودِ لاَ عِبْرَةَ بِهِ فِي هَذَا الْبَيْعِ الْمُتَقَدِّمِ، وَكَذَلِكَ النَّذْرُ وَالإِْقْرَارُ وَالْوَصِيَّةُ إِذَا تَأَخَّرَتِ الْعَوَائِدُ عَلَيْهَا لاَ تُعْتَبَرُ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ مِنَ الْعَوَائِدِ مَا كَانَ مُقَارِنًا لَهَا.
وَقَال السُّيُوطِيُّ: الْعُرْفُ الَّذِي تُحْمَل عَلَيْهِ الأَْلْفَاظُ إِنَّمَا هُوَ الْمُقَارِنُ السَّابِقُ دُونَ الْمُتَأَخِّرِ، وَقَال ابْنُ نُجَيْمٍ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ عِبَارَةَ السُّيُوطِيِّ: وَلِذَا قَالُوا: لاَ عِبْرَةَ بِالطَّارِئِ (32) وَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيل بَعْضِ مَسَائِل الْعُرْفِ فِي مُصْطَلَحِ: (عَادَة) ، كَمَا سَيَأْتِي الْكَلاَمُ مُفَصَّلاً عَلَى مَبَاحِثِ الْعُرْفِ وَمَسَائِلِهِ فِي: الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
__________
(1) لسان العرب والمصباح المنير.
(2) التعريفات للجرجاني.
(3) لسان العرب والمصباح المنير.
(4) التعريفات للجرجاني.
(5) مجموعة رسائل ابن عابدين 2 / 122، تيسير التحرير 1 / 317، التقرير والتحبير 1 / 282.
(6) لسان العرب، والتعريفات للجرجاني.
(7) حاشية العطار على جمع الجوامع 2 / 390، مع الاعتصام للشاطبي 2 / 119.
(8) حاشية العطار على جمع الجوامع 2 / 395، الاعتصام للشاطبي 2 / 119 ط التجارية الكبرى، الفروق للقرافي 1 / 171 ط إحياء الكتب العربية 1344هـ.
(9) التقرير والتحبير 1 / 282 ط الأميرية 1316هـ.
(10) الفروق 1 / 171، وتهذيب الفروق بهامش الفروق 1 / 187، شرح التنقيح للقرافي ص44.
(11) المستصفي 2 / 29 ط الأميرية 1324هـ، أحكام الفصول في أحكام العقول 286 ط دار الغرب الإسلامي 1986 قواعد الأحكام 2 / 77، 116، شرح تنقيح الفصول للقرافي ص211.
(12) مجموعة رسائل ابن عابدين 2 / 112.
(13) حديث: عروة بن الجعد البارقي " أن رسول الله ﷺ أعطاه دينارًا. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 6 / 632) .
(14) إعلام الموقعين 2 / 412، 413 ط دار الجليل، وقواعد الأحكام 2 / 107 ط دار الكتب العلمية.
(15) إعلام الموقعين 3 / 3 ط. السعادة 1955.
(16) المبسوط 15 / 172، 173.
(17) مجموعة رسائل ابن عابدين 1 / 186، الأشباه والنظائر لابن نجيم 93، شرح التنقيح 20، 200، الموافقات 2 / 297 ط. المكتبة التجارية الكبرى.
(18) مجموعة رسائل ابن عابدين 2 / 114، الموافقات للشاطبي 2 / 283 ط التجارية الكبرى.
(19) الأشباه والنظائر للسيوطي 90، والموافقات للشاطبي 2 / 283.
(20) مجموعة رسائل ابن عابدين 1 / 44، 2 / 113، 114 وفتح الباري 9 / 510. ط. مكتبة الرياض الحديث.
(21) سورة الطلاق / 7
(22) أحكام القرآن لابن العربي 4 / 1830. ط. عيسى الحلبي 1958م.
(23) المغني 7 / 567 ط مكتبة الرياض الحديثة.
(24) حديث عائشة: أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، أخرجه البخاري (فتح الباري / 9 / 507) ومسلم (3 / 1338) .
(25) فتح الباري 9 / 510 ط مكتبة الرياض الحديثة.
(26) الأشباه والنظائر للسيوطي 92 ط دار الكتب العلمية 1983 م، الأشباه والنظائر لابن نجيم 94 ط دار الهلال 1980، الموافقات للشاطبي 2 / 228 ط المكتبة التجارية.
(27) رسائل ابن عابدين 2 / 132.
(28) مجموعة رسائل ابن عابدين 2 / 11114، 115، 130، الأشباه والنظائر لابن نجيم 102، 103، الأشباه والنظائر للسيوطي 96، الفتاوى الكبرى الفقهية 4 / 58.
(29) فتح القدير 5 / 282، 283، ط الأميرية 1316هـ، مجوعة رسائل ابن عابدين 2 / 114، فتح الباري 9 / 510.
(30) التقرير والتحبير 1 / 282 ط الأميرية 1316هـ، ومسلم الثبوت بذيل المستصفي 1 / 345 ط الأميرية 1322هـ، حاشية العطار على جمع الجوامع 2 / 70، 71، 84 ط دار الكتب العلمية، والفروق للقرافي 1 / 171، 173، 174 ط دار إحياء الكتب العربية 1344هـ، مجموعة رسائل ابن عابدين 1 / 48، 2 / 114، حاشية الدسوقي 2 / 143.
(31) قواعد الأحكام 2 / 158 ط دار الكتب العلمية، وانظر درر الحكام 1 / 42.
(32) شرح تنقيح الفصول للقرافي 211 ط دار الفكر 1973م، الأشباه والنظائر للسيوطي 96، الأشباه والنظائر لابن نجيم 101.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 53/ 30