الشهيد
كلمة (شهيد) في اللغة صفة على وزن فعيل، وهى بمعنى (فاعل) أي: شاهد،...
مصطلح يُقصد به حاشية على متن منتهى الإرادات لأحمد بن عوض المرداوي، ويعرف بابن عَوَض (1105ه ). ومن أمثلته قول عبد الله العنقري : "وكذا من هامش نسخة من متن المنتهى عليها تملك أحمد بن عوض المرداوي، ويُرمز لها (عوض )".
العِوَضُ: البَدَلُ والخَلَفُ، يُقال: عُضْتُ فُلانًا، وأَعَضْتُهُ، وعَوَّضْتُهُ: إذا أَعْطَيْتَهُ بَدَلَ ما ذَهَبَ مِنْهُ. وأصلُ الكلِمَةِ يَدُلُّ على بَدَلٍ لِلشَّيْءِ، والعِوَضُ أيضاً: قِيامُ شَيْءٍ مَكانَ آخَرَ، وجَمعُهُ: أعْواضٌ.
يَرِد مُصطلَح (عِوَض) في الفقه في عِدَّةِ أبوابٍ فِقْهِيَّةٍ، منها: كِتابُ البُيوعِ، باب: الإجارَة، وباب: الرِّبا، وباب: السَّلَم، وغير ذلك. ويُطلَق في كِتابِ النِّكاحِ، ويُراد به: المَهرُ. وفي باب: الخُلع، ويُراد به: ما يَأْخُذُهُ الزَّوْجُ مِن زَوْجَتِهِ في مُقابِل خُلْعِهِ لَها، وضابِطُه: أنْ يَصْلُحَ جَعْلُهُ صَداقًا. ويُطلَق في كِتابِ الدِّياتِ، باب: دِيَّة القَتلِ عند الكلام عن بَذْلِ العِوَضِ -وهو الدِّيَّةُ- عن إلحاقِ الضَّرَرِ بالنَّفْسِ وما دونها. وفي كتاب الحجّ، باب: مَحظورات الإحرام، ويُراد به: الفِدْيَةُ، وهي: أنْ يَذْبَحَ هَدْيًا، أو يَتَصَدَّقَ بِإِطْعامِ سِتَّةِ مَساكِين، أو يَصُومَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ. ويُطلق في باب: ضَمان المُتْلَفاتِ، والضَّابِطُ فِيهِ: رَدُّ مِثْل الهالِكِ (المُتْلَف) إن كان مِثْلِيًّا أو قِيمَتِهِ إن كان قِيْمِيًّا. ويُطلَق أيضًا ويُراد به: ثَوابُ الآخِرَةِ.
عوض
ما يُبْذَلُ في مُقابَلة غيرِهِ في عقدٍ.
العِوَضُ: ما يُبْذَلُ في مُقابَلَةِ غَيْرِهِ، أو يُقال: هو الشَّيءُ الذي يُدْفَعُ على جِهةِ المُثامَنَةِ بِعقْدٍ ما، وهو عامٌّ في النُّقودِ وغيرِها، ومِن ذلك ما يُبْذَلُ من النُّقودِ في مُقابِلِ ما يشْتِرِيه الإنسانُ مِن البائِعِ. ويَنْقَسِمُ العِوَضُ إلى عِدَّةِ أَنْواعٍ بِاعْتِباراتٍ مُخْتَلِفَةٍ: 1- فَيَنْقَسِمُ بِاعْتِبَارِ الحُكْمِ الشَّرْعِيِّ إِلى ما يَصِحُّ أن يكون عِوَضًا وما لا يَصِحُّ، فما يَصِحُّ أن يكونَ عِوَضًا هو: ما كان مُسْتَوْفِيًا لِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّةِ، وما لا يَصِحُّ هو: ما اخْتَلَّت فيه شُرُوطُهُ الشَّرْعِيَّةُ أو بَعْضُها. فَمِن الأَعْواضِ التي لا تَصِحُّ في عَقْدِ البَيْعِ: الدَّمُ والمَيْتَةُ والكَلْبُ والخِنْزِيرُ وغير ذلك. 2- ويَنْقَسِمُ العِوَضُ بِاعْتِبارِ المالِيَّةِ وعَدَمِها إلى عِوَضٍ مالِيٍّ، وعِوَضٍ غَيْرِ مالِيٍّ. 3 - ويَنْقَسِمُ العِوَضُ أيضًا بِاعْتِبارِ ذاتِهِ إلى عَيْنٍ ودَيْنٍ ومَنْفَعَةٍ وحَقٍّ.
العِوَضُ: البَدَلُ والخَلَفُ، أو قِيامُ شَيْءٍ مَكانَ آخَرَ.
مصطلح يُقصد به حاشية على متن منتهى الإرادات لأحمد بن عوض المرداوي، ويعرف بابن عَوَض (1105ه).
* العين : (2/193)
* تهذيب اللغة : (3/44)
* مقاييس اللغة : (4/188)
* المحكم والمحيط الأعظم : (2/292)
* لسان العرب : (7/192)
* المطلع على ألفاظ المقنع : 216 - الموسوعة الفقهية الكويتية : 31/58 - طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية : 296 - التوقيف على مهمات التعاريف : 530 - معجم لغة الفقهاء : 324 - معجم الـمصطلحات الـمالية والاقتصادية في لغة الفقهاء : 336 - المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (2/523)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (31/59) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْعِوَضُ مَصْدَرُ عَاضَهُ عِوَضًا وَعِيَاضًا وَمَعْوَضَةً وَهُوَ الْبَدَل، تَقُول: عِضْتُ فُلاَنًا وَأَعَضْتُهُ وَعَوَّضْتُهُ: إِذَا أَعْطَيْتَهُ بَدَل مَا ذَهَبَ مِنْهُ، وَتَعَوَّضَ مِنْهُ وَاعْتَاضَ: أَخَذَ الْعِوَضَ وَاعْتَاضَهُ مِنْهُ وَاسْتَعَاضَهُ وَتَعَوَّضَهُ: سَأَلَهُ الْعِوَضَ، وَالْجَمْعُ أَعْوَاضٌ (1) .
وَالْعِوَضُ فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ هُوَ مُطْلَقُ الْبَدَل، وَهُوَ مَا يُبْذَل فِي مُقَابَلَةِ غَيْرِهِ (2) . وَمِنْ إِطْلاَقَاتِ الْعِوَضِ ثَوَابُ الآْخِرَةِ (3) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الثَّمَنُ:
2 - الثَّمَنُ: مَا تَسْتَحِقُّ بِهِ الشَّيْءَ، وَثَمَنُ كُل شَيْءٍ قِيمَتُهُ، وَالثَّمَنُ: الْعِوَضُ، وَالْجَمْعُ أَثْمَانٌ وَأَثْمُنٌ. (4) وَقَال صَاحِبُ الْمُغْرِبِ: الثَّمَنُ اسْمٌ لِمَا هُوَ عِوَضٌ مِنَ الْمَبِيعِ، (5) فَالثَّمَنُ أَخَصُّ مِنَ الْعِوَضِ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ
3 - الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لِلْعِوَضِ يَدُورُ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالْحُرْمَةِ، فَهُوَ وَاجِبٌ فِي بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ وَمُحَرَّمٌ فِي بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ.
فَيَجِبُ أَدَاءُ الْعِوَضِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ إِلاَّ أَنْ يَذْكُرَ الْمُتَبَايِعَانِ لَهُ أَجَلاً فَيَكُونُ إِلَى أَجَلِهِ. (ر: بَيْع ف 61)
وَهَذَا إِذَا كَانَ الْعِوَضُ مِنَ النَّقْدَيْنِ، فَإِنْ كَانَ عَيْنًا، قَال ابْنُ رُشْدٍ الْحَفِيدُ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ بَيْعُ الأَْعْيَانِ إِلَى أَجَلٍ، وَمِنْ شَرْطِهَا تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ إِلَى الْمُبْتَاعِ بِإِثْرِ عَقْدِ الصَّفْقَةِ. (6)
وَيَجِبُ عَلَى الْمُؤَجَّرِ فِي عَقْدِ الإِْجَارَةِ تَسْلِيمُ الْعَيْنِ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَتَمْكِينُهُ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِهَا. كَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ دَفْعُ الأُْجْرَةِ لِلْمُؤَجِّرِ وَتَسْلِيمُهَا عِنْدَ تَسَلُّمِهِ لِلْعَيْنِ. (ر: إِجَارَة 45 - 48)
وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَدَاءُ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى لِزَوْجَتِهِ، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} (7)
وَيَجِبُ عَلَى مَنْ أَتْلَفَ شَيْئًا الضَّمَانُ بِرَدِّ مِثْلِهِ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَقِيمَتِهِ إِنْ كَانَ قِيَمِيًّا. (ر: ضَمَان ف 6)
وَيَجِبُ عَلَى مَنْ جَنَى عَلَى شَخْصٍ الدِّيَةُ إِذَا تَحَقَّقَ شُرُوطُ وُجُوبِهَا. (ر: دِيَات ف 12) .
وَقَدْ يَكُونُ الْعِوَضُ مُحَرَّمًا وَذَلِكَ عِنْدَ فَقْدِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ صِحَّتِهِ، كَمَا فِي بَيْعِ الرِّبَوِيَّاتِ مِنَ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ إِذَا حَصَل فِيهَا تَفَاضُلٌ عِنْدَ بَيْعِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ، كَبَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ نَقْدًا. أَوْ بَيْعِ صَاعِ قَمْحٍ بِصَاعَيْنِ مِنَ الْقَمْحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (ر: رَبَاب ف 14) .
وَقَدِ اعْتَبَرَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الأَْعْوَاضَ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ مِنْ أَرْكَانِ الْعَقْدِ. (ر: إِجَارَة ف 10، وَبَيْع ف 18) .
أَنْوَاعُ الْعِوَضِ:
يَنْقَسِمُ الْعِوَضُ إِلَى عِدَّةِ أَنْوَاعٍ بِاعْتِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ:
4 - فَيَنْقَسِمُ بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ إِلَى مَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا وَمَا لاَ يَصِحُّ، فَمَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا هُوَ: مَا كَانَ مُسْتَوْفِيًا لِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّةِ، وَمَا لاَ يَصِحُّ هُوَ: مَا اخْتَلَّتْ فِيهِ شُرُوطُهُ الشَّرْعِيَّةُ أَوْ بَعْضُهَا.
فَمِنَ الأَْعْوَاضِ الَّتِي لاَ تَصِحُّ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ الدَّمُ وَالْمَيْتَةُ، (8) وَالْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ وَالْخَمْرُ وَالْمُتَنَجِّسُ الَّذِي لاَ يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ، (9) وَالأَْصْل فِيهِ مَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ: نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، (10) وَقَوْل النَّبِيِّ ﷺ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَْصْنَامِ. (11) قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: وَقِيسَ بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا.
وَمِمَّا لاَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا فِي عَقْدِ الإِْجَارَةِ الأَْشْجَارُ لِتَجْفِيفِ الثِّيَابِ عَلَيْهَا وَالْمُصْحَفُ لِلنَّظَرِ فِيهِ وَالْقِرَاءَةِ مِنْهُ كَمَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ، (12) وَكَذَا الشَّجَرُ لأَِخْذِ ثَمَرَتِهِ وَالشَّاةُ لأَِخْذِ لَبَنِهَا كَمَا يَقُول الْمَالِكِيَّةُ. (13)
وَمِمَّا لاَ يَصِحُّ عِوَضًا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ جَعْل الْبُضْعِ مَهْرًا، وَهُوَ مَا يُسَمَّى بِنِكَاحِ الشِّغَارِ، وَهُوَ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُل وَلِيَّتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآْخَرُ وَلِيَّتَهُ عَلَى أَنَّ مَهْرَ كُلٍّ مِنْهُمَا بُضْعُ الأُْخْرَى. (ر: شِغَار ف 2 وَمَا بَعْدَهَا)
5 - وَيَنْقَسِمُ الْعِوَضُ بِاعْتِبَارِ الْمَالِيَّةِ وَعَدَمِهَا إِلَى عِوَضٍ مَالِيٍّ وَعِوَضٍ غَيْرِ مَالِيٍّ.
وَقَدْ مَثَّل الْفُقَهَاءُ لِلْعِوَضِ غَيْرِ الْمَالِيِّ بِعِدَّةِ أَمْثِلَةٍ نَذْكُرُ مِنْهَا مَا يَلِي:
قَال ابْنُ عَابِدِينَ مُعَلِّقًا عَلَى مَسْأَلَةِ اسْتِبْدَال مَال التِّجَارَةِ بِغَيْرِ مَال التِّجَارَةِ فِي الزَّكَاةِ: شَمَل مَا لَوِ اسْتَبْدَلَهُ بِعِوَضٍ لَيْسَ بِمَالٍ أَصْلاً بِأَنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهِ امْرَأَةً أَوْ صَالَحَ بِهِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ أَوِ اخْتَلَعَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ. (14)
وَأَمَّا الْعِوَضُ الْمَالِيُّ فَهُوَ: الْعِوَضُ الْقَائِمُ بِالْمَال، وَالْمَال كَمَا قَال الْحَنَفِيَّةُ: مَا يَمِيل إِلَيْهِ الطَّبْعُ وَيُمْكِنُ ادِّخَارُهُ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ. (15)
6 - وَيَنْقَسِمُ الْعِوَضُ أَيْضًا بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ إِلَى عَيْنٍ وَدَيْنٍ وَمَنْفَعَةٍ وَحَقٍّ وَتُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَاتِهَا.
شُرُوطُ الْعِوَضِ:
7 - وَضَعَ الشَّارِعُ لِلْعِوَضِ شُرُوطًا مُعَيَّنَةً حَتَّى يَصِحَّ كَوْنُهُ عِوَضًا وَيَجْرِيَ عَلَيْهِ التَّعَاقُدُ وَالتَّبَادُل.
وَهَذِهِ الشُّرُوطُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ التَّصَرُّفَاتِ.
فَفِي عَقْدِ الْبَيْعِ هُنَاكَ شُرُوطٌ خَاصَّةٌ بِالْمَبِيعِ وَشُرُوطٌ خَاصَّةٌ بِالثَّمَنِ يَجِبُ مُرَاعَاتُهَا حَتَّى يَصِحَّ عَقْدُ الْبَيْعِ. (ر: بَيْع ف 28 وَمَا بَعْدَهَا - 50)
وَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الأَْعْوَاضُ تَجْرِي فِيهَا عِلَّةُ الرِّبَا فَهُنَاكَ شُرُوطٌ أُخْرَى يَجِبُ مُرَاعَاتُهَا لِيَصِحَّ الْعَقْدُ. (ر: رِبًا ف 26)
وَنَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى شُرُوطٍ مُعَيَّنَةٍ لِلْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا وَالأُْجْرَةِ فِي عَقْدِ الإِْجَارَةِ لِيَصِحَّ الْعَقْدُ عَلَيْهَا. (ر: إِجَارَة ف 27 وَمَا بَعْدَهَا)
وَلَيْسَ كُل شَيْءٍ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا لِلْمَرْأَةِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ، فَهُنَاكَ شُرُوطٌ فِي الصَّدَاقِ لِيَصِحَّ كَوْنُهُ صَدَاقًا، قَال النَّوَوِيُّ: وَمَا صَحَّ مَبِيعًا صَحَّصَدَاقًا، (16) وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: أَقَلُّهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ. (17)
وَالدِّيَاتُ مُحَدَّدَةٌ وَمُقَدَّرَةٌ شَرْعًا مِنْ نَاحِيَةِ الْعَدَدِ وَالْمَال الَّذِي تَجِبُ فِيهِ.
(ر: دِيَات ف 29)
أَسْبَابُ ثُبُوتِ الْعِوَضِ:
أ - عُقُودُ الْمُعَاوَضَاتِ:
8 - إِذَا تَمَّتْ عُقُودُ الْمُعَاوَضَاتِ مُسْتَوْفِيَةً لِشُرُوطِهَا الشَّرْعِيَّةِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ الْبَدَلاَنِ اللَّذَانِ تَمَّ الاِتِّفَاقُ عَلَيْهِمَا.
فَفِي عَقْدِ الْبَيْعِ مَثَلاً إِذَا انْعَقَدَ صَحِيحًا مُسْتَوْفِيًا لِشُرُوطِهِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْمَبِيعُ لِلْمُشْتَرِي وَالثَّمَنُ لِلْبَائِعِ، قَال الْكَاسَانِيُّ: الْحُكْمُ الأَْصْلِيُّ لِلْبَيْعِ هُوَ ثُبُوتُ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ وَلِلْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ لِلْحَال. (18)
وَيَقُول ابْنُ عَابِدِينَ: وَحُكْمُهُ - أَيِ الْبَيْعِ - ثُبُوتُ الْمِلْكِ فِي الْبَدَلَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، (19) وَكَذَا إِذَا وَقَعَتِ الإِْجَارَةُ صَحِيحَةً تَرَتَّبَ عَلَيْهَا حُكْمُهَا وَهُوَ ثُبُوتُ الْمِلْكِ فِي الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَفِي الأُْجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ لِلْمُؤَجِّرِ.
قَال الْكَاسَانِيُّ مُعَلِّلاً ذَلِكَ: لأَِنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ إِذْ هِيَ بَيْعُ الْمَنْفَعَةِ. وَالْبَيْعُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَيَقْتَضِي ثُبُوتَ الْمِلْكِ فِي الْعِوَضَيْنِ. (20)
وَيَقُول الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: كَمَا يَمْلِكُ الْمُؤَجِّرُ الأُْجْرَةَ بِالْعَقْدِ يَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْفَعَةَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا، وَتَحْدُثُ فِي مِلْكِهِ بِدَلِيل جَوَازِ تَصَرُّفِهِ فِيهَا فِي الْمُسْتَقْبَل. (21)
وَكَذَلِكَ فِي عَقْدِ السَّلَمِ إِذَا قَبَضَ الْمُسَلَّمُ إِلَيْهِ رَأْسَ الْمَال كَانَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِكُل التَّصَرُّفَاتِ السَّائِغَةِ شَرْعًا لأَِنَّهُ مِلْكُهُ وَتَحْتَ يَدِهِ. وَيَمْلِكُ رَبُّ السَّلَمِ الْمُسْلَمَ فِيهِ أَيْضًا بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ. وَفِي جَوَازِ التَّصَرُّفِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْل الْقَبْضِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (سَلَم ف 29 وَمَا بَعْدَهَا) .
ب - عَقْدُ النِّكَاحِ:
9 - عَقْدُ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وُجُوبُ الْمَهْرِ لِلزَّوْجَةِ، وَحِل الاِسْتِمْتَاعِ بِهَا لِلزَّوْجِ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا عِوَضٌ عَنِ الآْخَرِ. يَقُول الْكَاسَانِيُّ: الْمَهْرُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ يَجِبُ بِالْعَقْدِ لأَِنَّهُ إِحْدَاثُ الْمِلْكِ، وَالْمَهْرُ يَجِبُ بِمُقَابَلَةِ إِحْدَاثِ الْمِلْكِ؛ وَلأَِنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَهُوَ مُعَاوَضَةُ الْبُضْعِ بِالْمَهْرِ فَيَقْتَضِي وُجُوبَ الْعِوَضِ كَالْبَيْعِ (22) . وَيَقُول ابْنُ رُشْدٍ: لاَ يَحِل اسْتِبَاحَةُ الْفَرْجِ إِلاَّ بِعَقْدِ النِّكَاحِ، وَلاَ يَكُونُ النِّكَاحُ إِلاَّ بِصَدَاقٍ، (23) قَال تَعَالَى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} (24) وَقَال الْبُهُوتِيُّ: الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ مَنْفَعَةُ الاِسْتِمْتَاعِ لاَ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ، وَالصَّدَاقُ هُوَ الْعِوَضُ فِي النِّكَاحِ. (25)
ج - الْجِنَايَاتُ.
10 - الْجِنَايَةُ هِيَ كُل فِعْلٍ مَحْظُورٍ يَتَضَمَّنُ ضَرَرًا عَلَى النَّفْسِ أَوْ غَيْرِهَا (26) .
وَالْجِنَايَةُ قَدْ تَكُونُ سَبَبًا لِثُبُوتِ الْعِوَضِ عَلَى الْجَانِي أَوْ عَاقِلَتِهِ، فَفِي الْقَتْل الْعَمْدِ تَجِبُ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً عَلَى الْقَاتِل إِذَا سَقَطَ الْقِصَاصُ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ سُقُوطِهِ كَالْعَفْوِ، وَفِي الْقَتْل شِبْهِ الْعَمْدِ تَجِبُ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي. وَفِي الْقَتْل الْخَطَأِ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي مُؤَجَّلَةً فِي ثَلاَثِ سِنِينَ، وَمِثْلُهُ الْقَتْل بِالتَّسَبُّبِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
(ر: دِيَات: ف 8، 12)
كَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي الاِعْتِدَاءِ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ، وَالاِعْتِدَاءُ قَدْ يَكُونُ بِإِبَانَةِ الأَْطْرَافِ أَوْ إِتْلاَفِ الْمَعَانِي أَوِ الشِّجَاجِ وَالْجُرُوحِ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (دِيَات: ف 34 وَمَا بَعْدَهَا)
وَالدِّيَةُ مَا هِيَ إِلاَّ عِوَضٌ لِمَا تَسَبَّبَ بِهِ الْجَانِي. (27)
د - الإِْتْلاَفَاتُ:
11 - مِنْ أَسْبَابِ ثُبُوتِ الْعِوَضِ الإِْتْلاَفَاتُ. حَيْثُ يَجِبُ عَلَى الْمُتْلِفِ عِوَضُ مَا أَتْلَفَهُ وَهُوَ مَا يُعَبِّرُ عَنْهُ الْفُقَهَاءُ بِالضَّمَانِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِكَوْنِ الإِْتْلاَفِ سَبَبًا لِوُجُوبِ الضَّمَانِ.
فَفِي الْفُرُوقِ لِلْقَرَافِيِّ: أَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلاَثَةٌ:
أَحَدُهَا: التَّفْوِيتُ مُبَاشَرَةً كَإِحْرَاقِ الثَّوْبِ وَقَتْل الْحَيَوَانِ وَأَكْل الطَّعَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ،
وَثَانِيهَا: التَّسَبُّبُ لِلإِْتْلاَفِ كَحَفْرِ بِئْرٍ فِي مَوْضِعٍ لَمْ يُؤْذَنْ فِيهِ وَوَضْعِ السُّمُومِ فِي الأَْطْعِمَةِ وَوُقُودِ النَّارِ بِقُرْبِ الزَّرْعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا شَأْنُهُ فِي الْعَادَةِ أَنْ يُفْضِيَ غَالِبًا لِلإِْتْلاَفِ. (28)
وَقَال السُّيُوطِيُّ: أَسْبَابُ الضَّمَانِ أَرْبَعَةٌ. . . الثَّالِثُ: الإِْتْلاَفُ نَفْسًا أَوْ مَالاً. (29)
وَقَال ابْنُ رَجَبٍ: أَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلاَثَةٌ: عَقْدٌ وَيَدٌ وَإِتْلاَفٌ، وَالْمُرَادُ بِالإِْتْلاَفِ أَنْ يُبَاشِرَ الإِْتْلاَفَ بِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ كَالْقَتْل وَالإِْحْرَاقِ، أَوْ يَنْصِبَ سَبَبًا عُدْوَانًا فَيَحْصُل بِهِ الإِْتْلاَفُ بِأَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ أَوْ يُؤَجِّجَ نَارًا فِي يَوْمِ رِيحٍ عَاصِفٍ، فَيَتَعَدَّى إِلَى إِتْلاَفِ مَال الْغَيْرِ، أَوْ كَانَ الْمَاءُ مُحْتَبَسًا بِشَيْءٍ وَعَادَتُهُ الاِنْطِلاَقُ فَيُزِيل احْتِبَاسَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ لَهُ اخْتِيَارٌ فِي انْطِلاَقِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ (30)
وَالضَّمَانُ كَمَا فِي الْمَجَلَّةِ: هُوَ إِعْطَاءُ مِثْل الشَّيْءِ إِنْ كَانَ مِنَ الْمِثْلِيَّاتِ وَقِيمَتِهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْقِيَمِيَّاتِ. (31) هـ - تَفْوِيتُ الْبُضْعِ:
12 - صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ إِذَا فَوَّتَ إِنْسَانٌ عَلَى امْرَأَةٍ مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا بَالِغًا مَا بَلَغَ عِوَضًا لِمَا فَوَّتَهُ. فَفِي مَتْنِ تَنْوِيرِ الأَْبْصَارِ: وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْل فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ. (32)
وَقَال الدَّرْدِيرُ: وَضَمِنَ الْغَاصِبُ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ بِالتَّفْوِيتِ، فَعَلَيْهِ فِي وَطْءِ الْحُرَّةِ صَدَاقُ مِثْلِهَا وَلَوْ ثَيِّبًا. وَفِي وَطْءِ الأَْمَةِ مَا نَقَصَهَا. (33)
وَيَقُول الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: وَلاَ تُضْمَنُ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ إِلاَّ بِتَفْوِيتٍ بِالْوَطْءِ فَيَضْمَنُهُ بِمَهْرِ الْمِثْل. (34)
وَمِثْل ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، قَال الْبُهُوتِيُّ: يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْل لِلْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ كَمَنْ وَطِئَ امْرَأَةً لَيْسَتْ زَوْجَةً لَهُ وَلاَ مَمْلُوكَةً يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ مَمْلُوكَتَهُ. (35)
- عَقْدُ الْجِزْيَةِ:
13 - الْجِزْيَةُ: اسْمٌ لِمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ سَوَاءٌ بِالتَّرَاضِي أَوْ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَفَتْحِ الْبِلاَدِ عَنْوَةً (36) .
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حَقِيقَةِ الْجِزْيَةِ هَل هِيَ عُقُوبَةٌ أَمْ عِوَضٌ أَمْ صِلَةٌ؟
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ تَجِبُ عَلَى أَهْل الذِّمَّةِ عِوَضًا عَنْ مُعَوَّضٍ، عَلَى خِلاَفٍ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ الْمُعَوَّضِ الَّذِي تَجِبُ الْجِزْيَةُ بَدَلاً عَنْهُ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (جِزْيَة ف 19) .
ز - تَلَفُ الزَّكَاةِ وَالأُْضْحِيَّةِ:
14 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُزَكِّي إِذَا تَلِفَ مَال الزَّكَاةِ، فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الزَّكَاةَ لاَ تَسْقُطُ بِتَلَفِ الْمَال بَعْدَ الْحَوْل، وَيَجِبُ عَلَى الْمُزَكِّي الضَّمَانُ أَيْ إِخْرَاجُ بَدَلِهَا؛ وَذَلِكَ لأَِنَّهَا مَالٌ وَجَبَ فِي الذِّمَّةِ، فَلَمْ يَسْقُطْ بِتَلَفِ النِّصَابِ كَالدَّيْنِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى سُقُوطِ الزَّكَاةِ بِتَلَفِ الْمَال بَعْدَ الْحَوْل وَلاَ ضَمَانَ عَلَى الْمُزَكِّي.
وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (تَلَف ف 4) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ تَلَفَ الْمَال بَعْدَ وُجُوبِ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَبَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ أَدَائِهَا لاَ يُسْقِطُهَا بَل تَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ وَقَالُوا بِسُقُوطِ زَكَاةِ الْفِطْرِ بِالتَّلَفِ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (تَلَف ف 5)
كَمَا أَوْجَبَ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى الْمُوسِرِ إِذَا تَلِفَتْ أُضْحِيَّتُهُ الْمُعَيَّنَةُ أَنْ يُضَحِّيَ بِشَاةٍ أُخْرَى. وَخَصَّ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ الْقَوْل بِالضَّمَانِ بِمَا إِذَا تَلِفَتْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ ذَبْحِهَا أَوْ بِتَفْرِيطٍ مِنْهُ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (تَلَف 6)
ح - ارْتِكَابُ الْمَحْظُورَاتِ:
15 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي صَيْدِ الْحَرَمِ الضَّمَانُ بِالْمِثْل فِيمَا لَهُ مِثْلٌ مِنَ النَّعَمِ أَوِ الْقِيمَةِ فِيهِ، وَفِيمَا لاَ مِثْل لَهُ بِتَقْوِيمِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِحْرَام ف 16 - 164 وَحَرَم ف 13)
وَأَوْجَبَ الشَّارِعُ فِي الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ كَفَّارَةً هِيَ: إِطْعَامُ عَشْرَةِ مَسَاكِين أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ، وَعِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الثَّلاَثِ يَجِبُ عَلَيْهِ صِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (أَيْمَان ف 138) .وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمُظَاهِرِ، وَهِيَ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ عَلَى التَّرْتِيبِ الآْتِي: الإِْعْتَاقُ ثُمَّ الصِّيَامُ ثُمَّ الإِْطْعَامُ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (ظِهَار ف 28)
ط - التَّفْرِيطُ وَالتَّعَدِّي:
16 - مِنْ أَسْبَابِ ثُبُوتِ الْعِوَضِ التَّعَدِّي، وَهُوَ الظُّلْمُ وَمُجَاوَزَةُ الْحَدِّ، وَالتَّفْرِيطُ وَهُوَ التَّقْصِيرُ وَالتَّضْيِيعُ، وَهُمَا يُوجِبَانِ الضَّمَانَ فِي عُقُودِ الأَْمَانَاتِ كَالْوَدِيعَةِ، وَذَلِكَ كَإِهْمَال حِفْظِهَا فِي حِرْزِ مِثْلِهَا أَوْ إِيدَاعِهَا عِنْدَ غَيْرِ أَمِينٍ، وَمِثْلُهَا الْعَارِيَّةُ وَالرَّهْنُ عِنْدَ مَنْ يَعُدُّهُمَا مِنَ الأَْمَانَاتِ.
وَالتَّفْرِيطُ يُوجِبُ الضَّمَانَ فِي عَقْدِ الْوَكَالَةِ، ذَلِكَ أَنَّ الأَْصْل فِي الْوَكِيل أَنَّهُ أَمِينٌ، فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا تَلِفَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ وَلاَ تَعَدٍّ، فَإِذَا ثَبَتَ تَفْرِيطُهُ أَوْ تَعَدِّيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ.
وَإِذَا فَرَّطَ الأَْجِيرُ فِيمَا وُكِّل إِلَيْهِ مِنْ عَمَلٍ فَتَلِفَ مَا فِي يَدِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَمِثْلُهُ الْوَصِيُّ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إِذَا فَرَّطَ فِي مَال الْمُوصَى عَلَيْهِ.
وَانْفَرَدَ الْمَالِكِيَّةُ بِالْقَوْل بِإِيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى مَنْ فَرَّطَ فِي إِنْقَاذِ مَال غَيْرِهِ مِنَ الضَّيَاعِ أَوِ التَّلَفِ، وَعَلَى مَنْ فَرَّطَ فِيإِنْقَاذِ حَيَاةِ إِنْسَانٍ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (تَلَفٍ ف 5 وَمَا بَعْدَهَا)
وَالتَّعَدِّي وَالتَّفْرِيطُ أَيْضًا سَبَبٌ لِثُبُوتِ الْعِوَضِ عَلَى الْمُضَارِبِ، فَإِذَا هَلَكَ مَال الْمُضَارَبَةِ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ بِسَبَبِ تَعَدِّيهِ أَوْ تَقْصِيرِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ، وَإِلاَّ فَالْخُسْرَانُ عَلَى رَبِّ الْمَال دُونَ الْعَامِل لأَِنَّهُ أَمِينٌ كَالْوَدِيعِ.
(ر: ضَمَان ف 53)
مَا لاَ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ:
17 - هُنَاكَ تَصَرُّفَاتٌ نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهَا. نَذْكُرُ مِنْهَا مَا يَلِي:
(أ) لاَ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنِ الْمَنَافِعِ الْمُحَرَّمَةِ كَالزِّنَا وَالنَّوْحِ وَالْغِنَاءِ وَالْمَلاَهِي الْمُحَرَّمَةِ.
(ر: إِجَارَة ف 108)
(ب) لاَ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَى الطَّاعَاتِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْمُسْلِمِ كَالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ.
(ر: إِجَارَة ف 109)
قَال الزَّرْكَشِيُّ: وَلِهَذَا لاَ يَجُوزُ الاِسْتِئْجَارُ لِلْجِهَادِ؛ لأَِنَّهُ إِذَا حَضَرَ الصَّفَّتَعَيَّنَ عَلَيْهِ؛ وَلأَِنَّ مَنْفَعَةَ الْجِهَادِ تَعُودُ إِلَيْهِ فَالْمَنْفَعَةُ حَاصِلَةٌ لَهُ.
وَلَوْ خَلَّصَ مُشْرِفًا عَلَى الْهَلاَكِ بِالْوُقُوعِ فِي مَاءٍ أَوْ نَارٍ لاَ تَثْبُتُ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْل، قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ.
وَلَوْ كَانَ رَجُلاَنِ فِي بَادِيَةٍ فَمَرِضَ أَحَدُهُمَا وَجَبَ عَلَى الآْخَرِ تَعَهُّدُهُ، زَادَ الإِْمَامُ: وَلاَ أُجْرَةَ لَهُ، وَإِذَا وَجَبَ بَذْل الْمَاءِ الْفَاضِل عَنْهُ لاَ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ فِي الأَْصَحِّ. وَإِذَا تَحَمَّل شَهَادَةً وَطُلِبَ أَدَاؤُهَا مِنْهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الأُْجْرَةِ لِلنَّهْيِ (37) .
(38) لاَ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ عَنِ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ، كَحَقِّ الشُّفْعَةِ وَحَقِّ الْقَسْمِ لِلزَّوْجَةِ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (حَقّ ف 26)
تَقْدِيرُ الْعِوَضِ
يَخْتَلِفُ حُكْمُ تَقْدِيرِ الْعِوَضِ بِاخْتِلاَفِ التَّصَرُّفِ الْوَاقِعِ فِيهِ كَمَا يَلِي:
أ - التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ فِيهَا مُقَدَّرًا وَمَعْلُومًا:
18 - اشْتَرَطَ الشَّارِعُ فِي بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ فِيهَا مُقَدَّرًا وَمَعْلُومًا لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ وَذَلِكَ كَعُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ حَسْمًا لِمَادَّةِ النِّزَاعِ.
فَفِي الْبَيْعِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا وَالْمَبِيعُ مَعْلُومًا.
قَال التُّمُرْتَاشِيُّ: وَشُرِطَ لِصِحَّتِهِ - أَيْ الْبَيْعِ - مَعْرِفَةُ قَدْرِ مَبِيعٍ وَثَمَنٍ. (39)
وَقَال الدُّسُوقِيُّ: لاَ بُدَّ مِنْ كَوْنِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ مَعْلُومَيْنِ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَإِلاَّ فَسَدَ الْبَيْعُ، وَجَهْل أَحَدِهِمَا كَجَهْلِهِمَا عَلَى الْمَذْهَبِ. (40)
وَقَال النَّوَوِيُّ: وَلِلْمَبِيعِ شُرُوطٌ. . الْخَامِسُ: الْعِلْمُ بِهِ. . وَمَتَى كَانَ الْعِوَضُ مُعَيَّنًا كَفَتْ مُعَايَنَتُهُ. (41)
وَقَال الْبُهُوتِيُّ: يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ عَقْدِ الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ مَعْلُومَيْنِ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ حَال الْعَقْدِ. (42)
وَفِي عَقْدِ الإِْجَارَةِ اشْتَرَطَ الْفُقَهَاءُ لِصِحَّتِهَا أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنَ الْمَنْفَعَةِ وَالأُْجْرَةِ مَعْلُومًا عِنْدَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ.
(ر: إِجَارَة ف 31 - 40)
وَفِي عَقْدِ السَّلَمِ اشْتَرَطَ الْفُقَهَاءُ فِي رَأْسِ مَال السَّلَمِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ أَنْ يَكُونَا مَعْلُومَيْنِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا بَدَلٌ فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ فَلاَ بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مَعْلُومًا: كَسَائِرِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ.
(ر: سَلَم ف 15 - 22) .
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عِوَضِ الْخُلْعِ هَل يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُقَدَّرًا مَعْلُومًا أَمْ لاَ؟
فَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيَّةُ أَنْ يَكُونَ مُقَدَّرًا مَعْلُومًا (43) ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ حَيْثُ قَالُوا بِصِحَّةِ الْخُلْعِ بِالْمَجْهُول. (ر: خُلْع ف 26)
ب - التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي لاَ يَجِبُ فِيهَا تَقْدِيرُ الْعِوَضِ:
19 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ وَلَوْ مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ الْمَهْرِ وَتَقْدِيرِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمِ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} ، (44) وَيُسَمَّى النِّكَاحُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ نِكَاحَ التَّفْوِيضِ.
بَل ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى صِحَّةِ عَقْدِ النِّكَاحِ مَعَ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْمَهْرِ، قَال الْكَاسَانِيُّ: لاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْمَهْرِ وَمَعَ نَفْيِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمِ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} ، رَفَعَ سُبْحَانَهُ الْجُنَاحَ عَمَّنْ طَلَّقَ فِي نِكَاحٍ لاَ تَسْمِيَةَ فِيهِ، وَالطَّلاَقُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بَعْدَ النِّكَاحِ فَدَل عَلَى جَوَازِ النِّكَاحِ بِلاَ تَسْمِيَةٍ. (45)
وَخَالَفَهُمُ الْمَالِكِيَّةُ فِي مَسْأَلَةِ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْمَهْرِ (46) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (تَفْوِيض ف 5 وَمَا بَعْدَهَا)
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ فِي عِوَضِ الْخُلْعِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا وَمُقَدَّرًا، وَنَصُّوا عَلَى صِحَّةِ الْخُلْعِ مَعَ جَهَالَةِ الْعِوَضِ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (خُلْع ف 26)
الأَْعْوَاضُ الَّتِي قَدَّرَهَا الشَّارِعُ:
20 - قَامَ الشَّارِعُ بِتَقْدِيرِ بَعْضِ الأَْعْوَاضِ، وَلَمْ يَتْرُكْ تَقْدِيرَهَا لأَِحَدٍ وَذَلِكَ حَسْمًا لِمَادَّةِ النِّزَاعِ، وَتَقْدِيرُ الشَّارِعِ لِلْعِوَضِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِتَحْدِيدِهِ، أَوْ بِوَضْعِ ضَابِطٍ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي تَقْدِيرِ الْعِوَضِ.
وَمِنَ الأَْعْوَاضِ الَّتِي حَدَّدَهَا الشَّارِعُ الدِّيَةُ، فَقَدَّرَ الشَّارِعُ دِيَةَ الْخَطَأِ مَثَلاً مِائَةً مِنَ الإِْبِل أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ مِنَ الذَّهَبِ أَوِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنَ الْوَرِقِ. وَكَذَلِكَ دِيَةُ الْقَتْل شِبْهَ الْعَمْدِ، وَالْقَتْل الْعَمْدُ إِذَا سَقَطَ الْقِصَاصُ، لَكِنْ مَعَ التَّغْلِيظِ فِي الْحَالَيْنِ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (دِيَات ف 12 وَمَا بَعْدَهَا)
وَأَيْضًا قَدَّرَ الشَّارِعُ دِيَةَ الأَْطْرَافِ وَإِتْلاَفِ الْمَعَانِي وَالشِّجَاجِ وَالْجُرُوحِ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (دِيَات ف 34 وَمَا بَعْدَهَا)
وَمِنَ الأَْعْوَاضِ الْمُقَدَّرَةِ مِنَ الشَّارِعِ فَدِيَةُ الْحَامِل وَالْمُرْضِعِ وَالشَّيْخِ الْهَرِمِ فِي صِيَامِ رَمَضَانَ، وَهِيَ مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ لِمِسْكِينٍ إِذَا كَانَ مِنَ الْبُرِّ، أَوْ نِصْفُ صَاعٍ إِذَا كَانَ مِنْ غَيْرِهِ وَذَلِكَ عَنْ كُل يَوْمٍ حَصَل فِيهِ إِفْطَارٌ.
(ر: صَوْم ف 90)
وَفِي كَفَّارَاتِ مَحْظُورَاتِ الإِْحْرَامِ الْفِدْيَةُ، وَهِيَ أَنْ يَذْبَحَ هَدْيًا أَوْ يَتَصَدَّقَ بِإِطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِين أَوْ يَصُومَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ.
(ر: إِحْرَام ف 148)
وَمِنَ الأَْعْوَاضِ الَّتِي قَدَّرَهَا الشَّارِعُ بِوَضْعِ ضَابِطٍ يُرْجَعُ إِلَيْهِ عِنْدَ تَقْدِيرِهَاالْعِوَضُ فِي الإِْتْلاَفَاتِ، وَالضَّابِطُ فِيهِ: رَدُّ مِثْل الْهَالِكِ (الْمُتْلَفِ) إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ قِيمَتِهِ إِنْ كَانَ قِيَمِيًّا، وَالأَْصْل فِيهِ قَوْل النَّبِيِّ ﷺ: إِنَاءٌ مِثْل إِنَاءٍ وَطَعَامٌ مِثْل طَعَامٍ. (47)
قَال الْكَاسَانِيُّ: وَأَمَّا بَيَانُ مَاهِيَّةِ الضَّمَانِ الْوَاجِبِ بِإِتْلاَفِ مَا سِوَى بَنِي آدَمَ، فَالْوَاجِبُ بِهِ مَا هُوَ الْوَاجِبُ بِالْغَصْبِ، وَهُوَ ضَمَانُ الْمِثْل إِنْ كَانَ الْمُتْلَفُ مِثْلِيًّا، وَضَمَانُ الْقِيمَةِ إِنْ كَانَ مِمَّا لاَ مِثْل لَهُ؛ لأَِنَّ ضَمَانَ الإِْتْلاَفِ ضَمَانُ اعْتِدَاءٍ، وَالاِعْتِدَاءُ لَمْ يُشْرَعْ إِلاَّ بِالْمِثْل، فَعِنْدَ الإِْمْكَانِ يَجِبُ الْعَمَل بِالْمِثْل الْمُطْلَقِ، وَهُوَ الْمِثْل صُورَةً وَمَعْنًى، وَعِنْدَ التَّعَذُّرِ يَجِبُ الْمِثْل مَعْنًى وَهُوَ الْقِيمَةُ. (48)
(ر: ضَمَان ف 6، 18، 91)
وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا الصَّدَاقُ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ، وَالضَّابِطُ فِيهِ: وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْل، وَيَتَقَرَّرُ هَذَا الْمَهْرُ بِالْمَوْتِ أَوِ الْوَطْءِ (49) .
(ر: تَفْوِيض ف 8) وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا جَزَاءُ قَتْل الصَّيْدِ عَلَى الْمُحْرِمِ، وَالضَّابِطُ فِيهِ بَيَّنَهُ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْل مَا قَتَل مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِين أَوْ عَدْل ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَال أَمْرِهِ} . (50)
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِحْرَام ف 161 وَمَا بَعْدَهَا)
تَجْزِئَةُ الْعِوَضِ:
21 - يَثْبُتُ الْعِوَضُ كَامِلاً حَسَبَ مَا يُقَدِّرُهُ الْعَاقِدَانِ - كَمَا فِي الْعُقُودِ - أَوْ بِحَسَبِ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ - كَمَا فِي الْجِنَايَاتِ وَالإِْتْلاَفَاتِ.
لَكِنْ هُنَاكَ حَالاَتٌ لاَ يَثْبُتُ فِيهَا الْعِوَضُ كَامِلاً، مِنْهَا:
(51) حَالَةُ مَا إِذَا تَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ بِفِعْل الْبَائِعِ قَبْل الْقَبْضِ، فَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بُطْلاَنُ الْبَيْعِ بِقَدْرِهِ وَيَسْقُطُ عَنِ الْمُشْتَرِي حِصَّةُ التَّالِفِ مِنَ الثَّمَنِ (52) ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ فِي الْمَبِيعِ إِذَا كَانَ مَكِيلاً أَوْ مَوْزُونًا. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: قِيَاسُ قَوْل أَصْحَابِنَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ. وَبَيْنَ أَخْذِهِ وَالرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ بِعِوَضِ مَا أَتْلَفَ أَوْ عَيَّبَ. (53)
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (تَلَف ف 14)
(54) حَالَةُ الأَْجِيرِ الْخَاصِّ إِذَا عَمِل لِغَيْرِ مُسْتَأْجِرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ بِقَدْرِ مَا عَمِل. فَلِرَبِّ الْعَمَل أَنْ يُسْقِطَ مِنْ أَجْرِهِ بِقَدْرِ قِيمَةِ مَا عَمِل لِغَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَ عَمَلُهُ لِغَيْرِهِ مَجَّانًا.
(ر: إِجَارَة ف 106)
(55) حَالَةُ الطَّلاَقِ قَبْل الدُّخُول عِنْدَ تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ، فَإِنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَجِبُ لِلْمُطَلَّقَةِ نِصْفُ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى (56) ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} (57)
(58) فِي الْخُلْعِ إِذَا قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلاَثًا بِأَلْفٍ، فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَعَلَيْهَا ثُلُثُ الأَْلْفِ؛ لأَِنَّهَا لَمَّا طَلَبَتِ الثَّلاَثَ بِأَلْفٍ فَقَدْ طَلَبَتْ كُل وَاحِدَةٍ بِثُلُثِ الأَْلْفِ، وَهَذَا لأَِنَّ حَرْفَ الْبَاءِ يَصْحَبُ الأَْعْوَاضَ، وَالْعِوَضُ يَنْقَسِمُ عَلَى الْمُعَوَّضِ. (59) تَسْلِيمُ الْعِوَضِ:
22 - إِذَا ثَبَتَ الْعِوَضُ فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ نَتِيجَةَ مَا قَامَ بِهِ مِنْ تَصَرُّفٍ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْعِوَضِ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ.
وَيَخْتَلِفُ وَقْتُ تَسْلِيمِ الْعِوَضِ بِاخْتِلاَفِ التَّصَرُّفِ الْوَاقِعِ فِيهِ.
فَفِي بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ اشْتَرَطَ الشَّارِعُ تَسْلِيمَ الْعِوَضِ حَالاً وَفِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ؛ لأَِنَّهَا أَعْوَاضٌ حَالَّةٌ بِحُكْمِ الشَّرْعِ، وَذَلِكَ كَمَا فِي بَيْعِ الأَْمْوَال الرِّبَوِيَّةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ عِنْدَ اتِّحَادِ الْعِلَّةِ، وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلاً بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَْصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ.
(60) وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (رِبًا ف 26 وَمَا بَعْدَهَا)
وَفِي عَقْدِ السَّلَمِ اشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لِصِحَّتِهِ تَسْلِيمَ رَأْسِ الْمَال فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ، فَلَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَهُ بَطَل الْعَقْدُ، وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ تَأْخِيرَهُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلاَثَةَ.
(ر: سَلَم ف 16)
وَفِي الشُّفْعَةِ يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الْمَشْفُوعِ فِيهِ حَالاً وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلاً عَلَى الْمُشْتَرِي، وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا بِيعَ الْعَقَارُ مُؤَجَّلاً أَخَذَهُ الشَّفِيعُ إِلَى أَجَلِهِ.
(ر: أَجَل ف 41)
وَفِي الإِْقَالَةِ يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الثَّمَنَ إِذَا كَانَ حَالاً فَأَجَّلَهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الإِْقَالَةِ. فَإِنَّ التَّأْجِيل يَبْطُل وَتَصِحُّ الإِْقَالَةُ.
ر: (أَجَل ف 39)
وَفِي دِيَةِ الْقَتْل الْعَمْدِ يَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهَا تَجِبُ فِي مَال الْقَاتِل حَالَّةً غَيْرَ مُؤَجَّلَةٍ.
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (أَجَل ف 43) .
23 - وَفِي بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ يَكُونُ الْعِوَضُ مُؤَجَّلاً بِحُكْمِ الشَّرْعِ.
وَمِنْ هَذِهِ الأَْعْوَاضِ الدِّيَةُ فِي الْقَتْل شِبْهِ الْعَمْدِ وَالْقَتْل الْخَطَأِ، حَيْثُ تَكُونُ الدِّيَةُفِيهِمَا مُؤَجَّلَةً لِمُدَّةِ ثَلاَثِ سَنَوَاتٍ.
(ر: أَجَل ف 44 - 45)
وَمِنْهَا الْمُسْلَمُ فِيهِ، فَقَدِ اشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لِصِحَّةِ السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مُؤَجَّلاً إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَلاَ يَصِحُّ السَّلَمُ الْحَال، وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ جَوَازَ السَّلَمِ فِي الْحَال.
(ر: أَجَل ف 46) .
وَمِنْهَا الْعِوَضُ الْمُكَاتَبُ بِهِ حَيْثُ يَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لاَ تَكُونُ إِلاَّ بِمَالٍ مُؤَجَّلٍ مُنَجَّمٍ تَيْسِيرًا عَلَى الْمُكَاتَبِ، وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ جَوَازَ الْكِتَابَةِ بِمَالٍ مُؤَجَّلٍ وَبِمَالٍ حَالٍّ.
(ر: أَجَل ف 47)
24 - وَفِي بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ أَجَازَ الشَّارِعُ تَأْخِيرَ تَسْلِيمِ الْعِوَضِ بِحَسَبِ مَا يَتَّفِقُ عَلَيْهِ الْعَاقِدَانِ، فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ تَأْجِيل الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا بِنَسِيئَةٍ وَرَهَنَهُ دِرْعًا لَهُ مِنْ حَدِيدٍ. (61)
وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الرَّأْيِ الْمَرْجُوحِ تَأْجِيل تَسْلِيمِ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ إِلَى الْمُدَّةِ الَّتِي يُحَدِّدُهَا الْعَاقِدَانِ، كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا الْبَائِعُ شَهْرًا ثُمَّ يُسَلِّمَهَا إِلَيْهِ، وَمَنَعَ ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الرَّأْيِ الرَّاجِحِ.
(وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي أَجَل ف 33 وَمَا بَعْدَهَا)
مَوَانِعُ تَسْلِيمِ الْعِوَضِ:
25 - أَجَازَ الْفُقَهَاءُ - فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ - حَبْسَ الْعِوَضِ لاِسْتِيفَاءِ بَدَلِهِ، فَيَجُوزُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إِلَى الْمُشْتَرِي حَتَّى يَقْضِيَ الثَّمَنَ الْمُعَجَّل.
(ر: اسْتِيفَاء ف 20)
وَإِنْ كَانَتِ الأُْجْرَةُ مُعَجَّلَةً فِي عَقْدِ الإِْجَارَةِ كَانَ لِلْمُؤَجِّرِ حَبْسُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الأُْجْرَةَ.
(ر: إِجَارَة ف 56)
وَلِلزَّوْجَةِ أَنْ تَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا إِلَى أَنْ يَدْفَعَ لَهَا الزَّوْجُ صَدَاقَهَا الْمُعَجَّل؛ وَذَلِكَ لأَِنَّ حَقَّ الزَّوْجِ قَدْ تَعَيَّنَ فِي الْمُبْدَل فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَيَّنَ حَقُّهَا فِي الْبَدَل تَسْوِيَةً بَيْنَهُمَا (62) . وَمِنْ مَوَانِعِ تَسْلِيمِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا الصِّغَرُ، فَلاَ تُسَلَّمُ صَغِيرَةٌ لاَ تَحْتَمِل الْوَطْءَ إِلَى زَوْجِهَا حَتَّى تَكْبُرَ؛ لأَِنَّهُ قَدْ يَحْمِلُهُ فَرْطُ الشَّهْوَةِ عَلَى الْجِمَاعِ فَتَتَضَرَّرُ بِهِ. (63)
وَمِنْ مَوَانِعِ تَسْلِيمِ الزَّوْجَةِ الْمَرَضُ الَّذِي يَمْنَعُ مِنَ الْجِمَاعِ، وَتُمْهَل الْمَرْأَةُ إِلَى حِينِ زَوَال مَرَضِهَا. (64)
مُسْقِطَاتُ الْعِوَضِ:
هُنَاكَ أَسْبَابٌ تُؤَدِّي إِلَى سُقُوطِ الْعِوَضِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، مِنْهَا مَا يَلِي:
أ - هَلاَكُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ:
26 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ هَلاَكَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ يُؤَدِّي إِلَى سُقُوطِ مَا يُقَابِلُهُ مِنَ الْعِوَضِ فِي الْجُمْلَةِ.
فَإِذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْل الْقَبْضِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْل الْمَبِيعِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَسَقَطَ الثَّمَنُ عَنِ الْمُشْتَرِي.
(ر: تَلَف ف 9)
وَإِذَا هَلَكَتِ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ بِحَيْثُ تَفُوتُ الْمَنَافِعُ الْمَقْصُودَةُ مِنْهَا كُلِّيَّةً كَالدَّارِ إِذَا انْهَدَمَتْ وَصَارَتْ أَنْقَاضًا، وَالسَّفِينَةُ إِذَا نُقِضَتْ وَصَارَتْ أَلْوَاحًا انْفَسَخَ عَقْدُ الإِْجَارَةِ وَسَقَطَتِ الأُْجْرَةُ. (65)
ب - الإِْبْرَاءُ:
27 - الإِْبْرَاءُ: هُوَ إِسْقَاطُ الشَّخْصِ حَقًّا لَهُ فِي ذِمَّةِ آخَرَ أَوْ قِبَلَهُ.
فَالإِْبْرَاءُ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ سُقُوطِ الْعِوَضِ عَنِ الذِّمَّةِ، وَالْحُكْمُ الْغَالِبُ لِلإِْبْرَاءِ هُوَ النَّدْبُ.
(ر: إِبْرَاء ف 12)
ج - الْعَفْوُ:
28 - الْعَفْوُ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ سُقُوطِ الْعِوَضِ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْقِصَاصِ وَالْجِنَايَاتِ، فَإِذَا ثَبَتَتِ الدِّيَةُ عَلَى الْجَانِي، كَانَ الْعَفْوُ مُسْقِطًا لَهَا، فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ دِيَةَ النَّفْسِ تَسْقُطُ بِعَفْوِ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا، وَإِذَا عَفَا بَعْضُهُمْ دُونَ الْبَعْضِ يَسْقُطُ حَقُّ مَنْ عَفَا، وَتَبْقَى حِصَّةُ الآْخَرِينَ فِي مَال الْجَانِي إِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَمْدًا، وَعَلَى الْعَاقِلَةِ إِنْ كَانَتْ خَطَأً.
وَإِذَا عَفَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَنْ دِيَةِ الْجِنَايَةِ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ مِنَ الْقَطْعِ وَإِتْلاَفِ الْمَعَانِي تَسْقُطُ دِيَتُهَا؛ لأَِنَّهَا مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ الَّتِي تَسْقُطُ بِعَفْوِ مَنْ لَهُ حَقُّ الْعَفْوِ.
(ر: دِيَات ف 83)
د - الإِْسْلاَمُ:
29 - قَدْ يَكُونُ الإِْسْلاَمُ سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِ سُقُوطِ الْعِوَضِ، وَذَلِكَ فِي الْجِزْيَةِ. فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ تَسْقُطُ عَمَّنْ دَخَل فِي الإِْسْلاَمِ مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ، فَلاَ يُطَالَبُ بِهَا فِيمَا يُسْتَقْبَل مِنَ الزَّمَانِ، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ جِزْيَةٌ. (66)
وَهُنَاكَ مُسْقِطَاتٌ أُخْرَى لِلْجِزْيَةِ سَبَقَ تَفْصِيلُهَا فِي (مُصْطَلَحِ جِزْيَة ف 69 وَمَا بَعْدَهَا) .
__________
(1) لسان العرب والمصباح المنير.
(2) المطلع على أبواب المقنع 216.
(3) الفروق للقرافي 3 / 2.
(4) لسان العرب والقاموس المحيط والمصباح المنير.
(5) المغرب.
(6) بداية المجتهد 2 / 170.
(7) سورة النساء / 4.
(8) حاشية ابن عابدين 4 / 4.
(9) مغني المحتاج 2 / 11.
(10) حديث: " نهى عن ثمن الكلب ". . أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 426) ومسلم (3 / 1198) من حديث أبي مسعود البدري.
(11) حديث: " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر ". . أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 424) ومسلم (3 / 1207) من حديث جابر بن عبد الله.
(12) الفتاوى الهندية 4 / 411، وبدائع الصنائع 4 / 175.
(13) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 / 20.
(14) حاشية ابن عابدين 2 / 21.
(15) حاشية ابن عابدين 4 / 3.
(16) حاشية القليوبي على شرح المحلي 3 / 276.
(17) حاشية ابن عابدين على الدر المختار 2 / 329.
(18) بدائع الصنائع 5 / 233 ط. دار الكتاب العربي 1982م.
(19) حاشية ابن عابدين 4 / 6.
(20) بدائع الصنائع 4 / 201.
(21) مغني المحتاج 2 / 334.
(22) بدائع الصنائع 2 / 287
(23) المقدمات الممهدات 2 / 17، 30 ط. السعادة 1325 هـ.
(24) سورة النساء / 4.
(25) كشاف القناع 5 / 6، 128.
(26) التعريفات للجرجاني.
(27) تكملة فتح القدير 8 / 301، والفواكه الدواني 2 / 257 ط دار المعرفة، ونهاية المحتاج 7 / 299، وكشاف القناع 6 / 5.
(28) الفروق للقرافي 4 / 27.
(29) الأشباه والنظائر للسيوطي 362.
(30) القواعد لابن رجب ص204.
(31) المادة 416 من مجلة الأحكام العدلية.
(32) حاشية ابن عابدين مع الدر المختار 2 / 350.
(33) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 3 / 454.
(34) مغني المحتاج 2 / 286، و3 / 233.
(35) كشاف القناع 5 / 161.
(36) الفتاوى الهندية 2 / 244، واللباب في شرح الكتاب 4 / 143، وجواهر الإكليل 1 / 266.
(37) المنثور للزركشي 3 / 28 وما بعدها.
(38)
(39) حاشية ابن عابدين على الدر المختار 4 / 21.
(40) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 15.
(41) مغني المحتاج 2 / 10، 16، 18.
(42) كشاف القناع 3 / 163، 173.
(43) مغني المحتاج 3 / 265.
(44) سورة البقرة / 236.
(45) بدائع الصنائع 2 / 274.
(46) تبيين الحقائق 2 / 136، حاشية الدسوقي 2 / 303، 313، مغني المحتاج 3 / 229، كشاف القناع 5 / 156.
(47) حديث: " إناء مثل إناء وطعام مثل طعام ". . أخرجه أبو داود (3 / 828) من حديث عائشة، وحسن إسناده ابن حجر في الفتح (5 / 125) .
(48) بدائع الصنائع 7 / 168، والقوانين الفقهية 358 - 360 ط دار العلم للملايين 1979م.
(49) حاشية ابن عابدين 2 / 350، حاشية الدسوقي 3 / 454، مغني المحتاج 2 / 286، 3 / 233، كشاف القناع 5 / 161.
(50) سورة المائدة / 95.
(51)
(52) بدائع الصنائع 5 / 240، وحاشية ابن عابدين 4 / 46.
(53) المغني لابن قدامة 4 / 124.
(54)
(55)
(56) المغني لابن قدامة 6 / 714.
(57) سورة البقرة / 237.
(58)
(59) فتح القدير 3 / 209 ط. الأميرية 1316هـ.
(60) حديث عبادة بن الصامت: " الذهب بالذهب ". . أخرجه مسلم (3 / 1211) .
(61) حديث عائشة: " أن رسول الله - ﷺ - اشترى من يهودي طعامًا. . . ". . أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 433) .
(62) الاختيار 3 / 108، الخرشي على خليل 3 / 257، مغني المحتاج 3 / 222.
(63) حاشية الدسوقي 2 / 298، مغني المحتاج 3 / 224، كشاف القناع 5 / 186.
(64) فتح القدير 3 / 249، حاشية الدسوقي 2 / 298، مغني المحتاج 3 / 224، كشاف القناع 5 / 186.
(65) بدائع الصنائع 4 / 196، الإنصاف 6 / 61.
(66) حديث ابن عباس: " ليس على المسلم جزية ". . أخرجه أبو داود (3 / 438) ، وأشار أبو حاتم الرازي إلى إعلاله بالإرسال كما في علل الحديث (1 / 314) .
الموسوعة الفقهية الكويتية: 58/ 31
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".