البحث

عبارات مقترحة:

العزيز

كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...

الآخر

(الآخِر) كلمة تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

المجيب

كلمة (المجيب) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أجاب يُجيب) وهو مأخوذ من...

المس

الجن مخلوقات عجيبة، وهي من أكثر المخلوقات حضورا في جميع الثقافات البشرية، وقد انقسم الناس في أمرهم انقساما عجيبا بين نسبهم إلى الله وبين من عبدهم من دونه ومن أنكر وجودهم، والمعتنقون للدين يبتون وجودهم وتأثيرهم في حياة الناس، ويختلفون في هذا التأثير وهذه العلاقة، فبين متجاوز لحدود النصوص الشرعية ومثبت لأشياء لم تنطق بها النصوص في عالم غيبي لا يحكمه الحس والمشاهدة وبين مؤمن إجمالا لكنه في البحث يرجع أمر الغيب إلى الحس فيقصر باعتقاده وينفي ما هو مثبت شرعًا ولا يوجد ما يدفعه عقلًا، ومن القضايا التي اختلف الناس في قضية المس أو التلبس كما يسميه بعضهم وانقسم الناس فيها بين مثبت وناف.

التعريف

التعريف لغة

مسست الشئ بالكسر أمسه مَسًّا، فهذه اللغة الفصيحة. وحكى أبو عبيدة: مسست الشئ بالفتح أمُسُّهُ بالضم. وربَّما قالوا مِسْتُ الشئ يحذفون منه السين الأولى ويحوِّلون كسرتها إلى الميم، ومنهم من لا يحول ويترك الميم على حالها مفتوحة، وهو مثل قوله تعالى: ﴿فظلتم تفكهون﴾ يكسر ويفتح، وأصله ظللتم. وهو من شواذ التخفيف. وأنشد الاخفش : مِسْنا السماَء فنِلْناها وطالَهُمُ * حتَّى رأوْا أحُداً يَهْوي وثَهْلانا وأمْسَسْتُهُ الشئ فمسه. والمسيس: المس، وكذلك المسِّيسَى، مثال الخصيصى. والممسوس: الذى به مس من جنون. "الصحاح" للجوهري (3/978).

التعريف اصطلاحًا

أذية الجن للإنسان من خارج جسده، أو من داخله، أو منهما معًا، وهو أعم من الصرع. "فتح الحق المبين" لعبد الله الطيار (ص161). والأمراض التي تنشأ عن المسّ تشمل الهستيريا، والصرع، والأمراض النفسية، وخصوصًا القلق النفسي وغيره، وخصوصًا الشك. والذي يقوم بإيذاء الإنسان هم شياطين الجن، وهم لا يفرقون بين الرجال والنساء، والجن إذا تلبّس إنسانًا لا يظل متلبِّسًا به طول الوقت، ولكنه يفارقه بعض الوقت، فيبدو حينئذٍ سليمًا خاليًا من المرض، وإذا كان الجن شيطانًا فإن الشخص يكره سماع القرآن، ولا يؤدي الصلوات إلا مكرهًا، ولا يركز فكره أثناء الصلاة، ولا يريد قراءة القرآن، ويطيل البقاء في دورة المياه، ويحب الانفراد بنفسه، والعزلة عن الناس. "مدخل إلى الطب الإسلامي" لعلي مطاوع (ص201).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

التعريف اللغوي يطلق المس على الجنون الذي هو غياب العقل بينما التعريف الاصطلاحي يخص المس بالجنون الناتج عن فعل الشيطان في الانسان.

الفروق

الفرق بين المس و السحر

الجن قد يدخل جسم الانسان ويؤثر عليه بسبب السحر دون أن يصاب بالجنون، والسحر من فعل الإنسان مع الشيطان، وقد أثبت الله للسحر تأثيرًا على عاطفة الإنسان قال تعالى: ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ﴾ [ البقرة: 102]. بينما المس من فعل الشيطان خاصة، ويغلب على صاحبه الجنون. النزغ، والنفث، والوسوسة، كلها مصطلحات تتعلق بالفعل الذي يحدثه الشيطان للإنسان إلا أن النزغ والنفث والوسوسة أمر الانسان بالاستعاذة منهم وهم من أوائل مس الشيطان. انظر "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(8/85). انظر: السحر

سبب التسمية

أصل المس أن يكون باليد ثم استعير للغيرها للأخذ والضرب لأنهما باليد، واستعير للجماع؛ لأنه لمس، وللجنون؛ كأن الجن مسته. يقال: به مس من جنون. "النهاية في غريب الحديث"(4/329).

الأسماء الأخرى

اللمم، التلبس، الصرع

الحكم

المس ثابتٌ شرعًا وتجربة، حيث شهدت به النصوص الشرعية، والوقائع التي لا تحصى، فوجب الإيمان، وحرم إنكارُه. ويشرع التداوي من الصرع، إلا أن يكون ذلك بالشرك والكفر فيحرم، ويجوز ضرب المصروع، وهو في الواقع يقع على الجني لا على الضارب، ويجوز قتل الجني الصارع إذا لم يندفع إلا بالقتل.

الأدلة

القرآن الكريم

المس في القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾ [ البقرة: 102]. قال قتادة: «هُوَ التَّخَبُّلُ الَّذِي يَتَخَبَّلُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْجُنُونِ». "تفسير الطبري"(5/40). قال القرطبي: «في هذه الآية دليل على ‌فساد ‌إنكار من أنكر الصرع من جهة الجن، وزعم أنه من فعل الطبائع، وأن الشيطان لا يسلك في الإنسان ولا يكون منه مس». "الجامع لأحكام القرآن" (3/355). وقال أبو حيان: «والظاهر أن الشيطان يتخبط الإنسان حقيقة». "النهر الماد" (1/275).

السنة النبوية

المس في السنة النبوية
عن أنس رضي الله عنه عن النبي قال: «إن الشيطان ‌يجري ‌من ‌الإنسان مجرى الدم». أخرجه البخاري (3281) ومسلم (2175). عن أبي هريرة، عن رسول الله ، أنه قال: «كُلُّ بَنِي آدَمَ ‌يَمَسُّهُ ‌الشَّيْطَانُ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، إِلَّا مَرْيَمَ وَابْنَهَا». أخرجه البخاري (4274) ومسلم (2366). وعن أبي اليسر رضي الله عنه قال: كان رسول الله يقول: «وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت». أخرجه أحمد (3/427) وأبو داود (1552، 1553)، والنسائي (8/282). وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «إذا تَثاءَبَ أحَدُكُمْ، فَلْيُمْسِكْ بيَدِهِ، فإنَّ الشَّيْطانَ يَدْخُلُ». أخرجه مسلم (2995). وعن أبي هريرة أن النبي قال: «إذا استيقظ أحدُكم من منامِه فتوضأَ فليستنشق ثلاثَ مراتٍ فإنَّ الشيطانَ يبيتُ على خيشومِه». أخرجه البخاري (3295) ومسلم (238). وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «اكفِئوا صبيانَكم عند المساء، فإِنَّ للجنِّ انتشارًا وخِطْفَهً». أخرجه البخاري (3316). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ علَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذَا هو نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وإلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ». أخرجه البخاري (1091) ومسلم (776). وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ذُكِرَ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَجُلٌ نَامَ لَيْلَهُ حتَّى أصْبَحَ، قالَ: ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ في أُذُنَيْهِ، أوْ قالَ: في أُذُنِهِ. أخرجه البخاري (1093) ومسلم (774). وعن أبي السائب مولى هشام ابن زهرة أنه دَخَلَ علَى أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ في بَيْتِهِ، قالَ: فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي، فَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُهُ حتَّى يَقْضِيَ صَلَاتَهُ، فَسَمِعْتُ تَحْرِيكًا في عَرَاجِينَ في نَاحِيَةِ البَيْتِ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا حَيَّةٌ فَوَثَبْتُ لأَقْتُلَهَا، فأشَارَ إلَيَّ أَنِ اجْلِسْ فَجَلَسْتُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَشَارَ إلى بَيْتٍ في الدَّارِ، فَقالَ: أَتَرَى هذا البَيْتَ؟ فَقُلتُ: نَعَمْ، قالَ: كانَ فيه فَتًى مِنَّا حَديثُ عَهْدٍ بعُرْسٍ، قالَ: فَخَرَجْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إلى الخَنْدَقِ فَكانَ ذلكَ الفَتَى يَسْتَأْذِنُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بأَنْصَافِ النَّهَارِ فَيَرْجِعُ إلى أَهْلِهِ، فَاسْتَأْذَنَهُ يَوْمًا، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ خُذْ عَلَيْكَ سِلَاحَكَ، فإنِّي أَخْشَى عَلَيْكَ قُرَيْظَةَ، فأخَذَ الرَّجُلُ سِلَاحَهُ، ثُمَّ رَجَعَ فَإِذَا امْرَأَتُهُ بيْنَ البَابَيْنِ قَائِمَةً فأهْوَى إلَيْهَا الرُّمْحَ لِيَطْعُنَهَا به وَأَصَابَتْهُ غَيْرَةٌ، فَقالَتْ له: اكْفُفْ عَلَيْكَ رُمْحَكَ وَادْخُلِ البَيْتَ حتَّى تَنْظُرَ ما الذي أَخْرَجَنِي، فَدَخَلَ فَإِذَا بحَيَّةٍ عَظِيمَةٍ مُنْطَوِيَةٍ علَى الفِرَاشِ فأهْوَى إلَيْهَا بالرُّمْحِ فَانْتَظَمَهَا به، ثُمَّ خَرَجَ فَرَكَزَهُ في الدَّارِ فَاضْطَرَبَتْ عليه، فَما يُدْرَى أَيُّهُما كانَ أَسْرَعَ مَوْتًا الحَيَّةُ أَمِ الفَتَى، قالَ: فَجِئْنَا إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَذَكَرْنَا ذلكَ له وَقُلْنَا ادْعُ اللَّهَ يُحْيِيهِ لَنَا فَقالَ: اسْتَغْفِرُوا لِصَاحِبِكُمْ، ثُمَّ قالَ: إنَّ بالمَدِينَةِ جِنًّا قدْ أَسْلَمُوا، فَإِذَا رَأَيْتُمْ منهمْ شيئًا، فَآذِنُوهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فإنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذلكَ، فَاقْتُلُوهُ، فإنَّما هو شيطَانٌ. أخرجه مسلم (2236). وفي الحديث أيضًا: «الطاعونِ وَخْزُ أعدائِكم من الجنِّ». وهذا الحديث مروي من طرق متعددة، جمعها وثبتها عدد من أهل العلم الأكابر. انظر "بذل الماعون" (ص102-108). وعَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَمَّا صَوَّرَ اللهُ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ تَرَكَهُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَتْرُكَهُ، فَجَعَلَ إِبْلِيسُ يُطِيفُ بِهِ، يَنْظُرُ مَا هُوَ، فَلَمَّا ‌رَآهُ ‌أَجْوَفَ عَرَفَ أَنَّهُ خُلِقَ خَلْقًا لَا يَتَمَالَكُ». أخرجه مسلم (2611). وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، عن النبي : «إِنَّ عَدُوَّ اللهِ إِبْلِيسَ، جَاءَ بِشِهَابٍ مِنْ نَارٍ لِيَجْعَلَهُ ‌فِي ‌وَجْهِي ، فَقُلْتُ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قُلْتُ: أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللهِ التَّامَّةِ، فَلَمْ يَسْتَأْخِرْ، ثَلَاثَ مَرَّا تٍ، ثُمَّ أَرَدْتُ أَخْذَهُ، وَاللهِ لَوْلَا دَعْوَةُ أَخِينَا سُلَيْمَانَ لَأَصْبَحَ مُوثَقًا يَلْعَبُ بِهِ وِلْدَانُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ». أخرجه مسلم (542).

الإجماع

قال ابن تيمية: «وليس ‌في ‌أئمة المسلمين من ينكر دخول الجني في بدن المصروع وغيره، ومن أنكر ذلك وادعى أن الشرع يكذب ذلك فقد كذب على الشرع، وليس في الأدلة الشرعية ما ينفي ذلك». ثم قال: «دخول الجني في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة». "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (24/276). وقال ابن المنير السكندري في حاشيته على "الكشاف" (1/320) عند قول الزمخشري: «وتخبط الشيطان من زعمات العرب، يزعمون أن الشيطان يخبط الإنسان فيصرع»: «وهذا القول على الحقيقة من تخبط الشيطان بالقدرية في زعماتهم المردودة بقواطع الشرع». ثم ذكر بعض الأحاديث في ثبوت الصرع ثم قال: ‌ «واعتقاد ‌السلف وأهل السنة أن هذه أمور على حقائقها واقعة ، كما أخبر الشرع عنها، وإنما القدرية خصماء العلانية، فلا جرم أنهم ينكرون كثيراً مما يزعمونه مخالفًا لقواعدهم، من ذلك: السحر، وخبطة الشيطان، ومعظم أحوال الجن. وإن اعترفوا بشيء من ذلك، فعلى غير الوجه الذي يعترف به أهل السنة وينبئ عنه ظاهر الشرع، في خبط طويل لهم فاحذرهم، قاتلهم اللَّه أنى يؤفكون». وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: إن قومًا يزعمون أن الجني لا يدخل في بدن الإنسي، فقال: يا بني، يكذبون هو ذا يتكلم على لسانه. نقله شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (19/9).

العقل

قد دل الحسّ على ثبوت المس والصرع، فإن وقائع سلوك الجن في أجساد الإنس كثيرة مشاهدة، لا تكاد تحصى لكثرتها، فمنكر ذلك مصطدم بالواقع المشاهد، وإنه لينادي ببطلان قوله. "ردود على أباطيل" لمحمد الحامد (2/135). قال البقاعي: «فأما مشاهدة المصروع يخبر بالمغيبات وهو مصروع غائب الحس، وربما كان يلقى في النار وهو لا يحترق، وربما ارتفع في الهواء من غير رافع، فكثير جداً لا يحصى مشاهدوه». "نظم الدرر" (4/112). ‌فليس ‌بمستنكر أن يخلو الجن في جوف الإنسان من خروقه، كما يدخل الماء والطعام في بطن الإنسان وهو أكثف من أجسام الج، ن وقد يكون الجنين في بطن أمه وهو أكثف جسماً من الشيطان وليس بمستنكر أن يدخل الشيطان إلى جوف الإنسان. "مقالات الإسلاميين" للأشعري (ص435).

أقوال أهل العلم

«وأكثر تسلط الأرواح الخبيثة على أهله تكون من جهة قلة دينهم وخراب قلوبهم وألسنتهم من حقائق الذكر والتعاويذ والتحصنات النبوية والإيمانية، فتلقى الروح الخبيثة الرجل أعزل لا سلاح معه، وربما كان عريانًا فيؤثر فيه هذا». ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة "زاد المعاد" (4/69).

الأقسام

ينقسم الصرع بحسب سببه إلى أقسام: الأول: أن يكون الجني يحب المصروع فيصرعه ليتمتع به؛ وهذا الصرع، يكون أرفق من غيره، وأسهل. الثاني: يكون الإنسي آذاهم إذا بال عليهم، أو صب عليهم ماء حارًّا، أو يكون قتل بعضهم، أو غير ذلك من أنواع الأذى، وهذا أشد الصرع، وكثيرًا ما يقتلون المصروع. الثالث: يكون بطريق العبث به كما يعبث سفهاء الإنس بأبناء السبيل. "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (23/82)، وأورده الشلبي في "آكام المرجان" (ص132)، والسيوطي في "لقط المرجان" (ص81).

مسائل متعلقة

ضرب المصروع وانتهار الجني وتهديده دون تعدي

ولهذا قد يُحتاج في ‌إبراء ‌المصروع ودفع الجن عنه إلى الضرب فيُضرب ضربًا كثيرًا جدًا، والضربُ إنما يقع على الجني ولا يحس به المصروع حتى يفيق المصروع، ويخبر أنه لم يحس بشيء من ذلك، ولا يؤثر في بدنه، ويكون قد ضرب بعصا قوية على رجليه نحو ثلاثمائة أو أربعمائة ضربة وأكثر وأقل، بحيث لو كان على الإنسي لقتله، وإنما هو على الجني والجني يصيح ويصرخ ويحدث الحاضرين بأمور متعددة. ويجوز أمر الجني ونهيه كما يؤمر الإنسي وينهى، ويجوز من ذلك ما يجوز في حق الإنسي، مثل أن يحتاج إلى انتهار الجني وتهديده ولعنه وسبه. وإذا برىء المصاب بالدعاء والذكر وأمر الجن ونهيهم وانتهارهم وسبهم ولعنهم ونحو ذلك من الكلام حصل المقصود، وإن كان ذلك يتضمن ‌مرض ‌طائفة من الجن أو موتهم فهم الظالمون لأنفسهم إذا كان الراقي الداعي المعالج لم يتعد عليهم كما يتعدى عليهم كثير من أهل العزائم فيأمرون بقتل من لا يجوز قتله وقد يحبسون من لا يحتاج إلى حبسه؛ ولهذا قد تقاتلهم الجن على ذلك ففيهم من تقتله الجن أو تمرضه وفيهم من يفعل ذلك بأهله وأولاده أو دوابه. وأما من سلك في دفع عداوتهم مسلك العدل الذي أمر الله به ورسوله فإنه لم يظلمهم بل هو مطيع لله ورسوله في نصر المظلوم وإغاثة الملهوف والتنفيس عن المكروب بالطريق الشرعي التي ليس فيها شرك بالخلق ولا ظلم للمخلوق ومثل هذا لا تؤذيه الجن إما لمعرفتهم بأنه عادل؛ وإما لعجزهم عنه "مجموع الفتاوى" (19 /50-60). وقد جاء عن بعض الأئمة قصص في ذلك : قال علي بن المكري المعبراني: كنت فِي مسجد أبي عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل، فأنفذ إليه المتوكل بصاحب له يعلمه أن له جارية بها صرع، وسأله أن يدعو اللَّه لها بالعافية، فأخرج له أَحْمَد نعل خشب بشراك خوص للوضوء، فدفعه إلى صاحب له، وقال له: تمضي إلى دار أمير المؤمنين، وتجلس عند رأس الجارية، وتقول له: يقول لك أحمد: أيما أحب إليك تخرج من هذه الجارية أو أصفع الآخر بهذه النعل؟ فمضى إليه، وقال له مثل ما قال: أَحْمَد، فقال: المارد عَلَى لسان الجارية: السمع والطاعة، لو أمرنا أحمد أن لا نقيم فِي العراق ما أقمنا به، إنه أطاع اللَّه ومن أطاع اللَّه أطاعه كل شيء، وخرج من الجارية وهدأت، وزوجت، ورزقت أولادًا. فلما مات أَحْمَد عاودها المارد فأنفذ المتوكل إلى صاحبه أبي بكر المروذي، وعرفه الحال، فأخذ المروذي النعل ومضى إلى الجارية، فكلمه العفريت عَلَى لسانها لا أخرج من هذه الجارية، ولا أطيعك، ولا أقبل منك، أحمد بن حنبل أطاع اللَّه فأمرنا بطاعته. وقال المعبراني: خرجت أنا والصبيان ولي سبع سنين أو ثمان سنين نبصر أحمد ابن حنبل كيف يضرب. "طبقات الحنابلة" لابن أبي يعلى (1/231-232). وكان ابن تيمية كثيرًا ما يضرب الشياطين لإخراجهم من أبدان بعض الإنس «وأما إخوان الشياطين: فإذا دخلت فيهم الشياطين، فقد يدخلون النار، ولا تحرقهم؛ كما يُضرب أحدهم ألف سوط، ولا يحسّ بذلك؛ فإن الشياطين تلتقي ذلك. طرق خروج الجن من الإنس وهذا أمرٌ كثيرٌ معروفٌ، قد رأينا من ذلك ما يطول وصفه، وقد ضربنا نحن من الشياطين في الإنس ما شاء الله، حتى خرجوا من الإنس، ولم يعاودوه. وفيهم من يخرج بالذكر والقرآن. وفيهم من يخرج بالوعظ والتخويف. وفيهم من لا يخرج إلا بالعقوبة؛ كالإنس». "النبوات" (2/1025). وانظر "مجموع الفتاوى" (19/60).

إعلان أحد الجن الإسلام عند الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله

جاء في "مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز" (3 /299): «فقد نشرت بعض الصحف المحلية وغيرها في شعبان من هذا العام، أعني عام 1407 هـ أحاديث مختصرة ومطولة عما حصل من إعلان بعض الجن - الذي تلبس ببعض المسلمات في الرياض - إسلامه عندي، بعد أن أعلنه عند الأخ عبدالله بن مشرف العمري المقيم في الرياض، بعدما قرأ المذكور على المصابة وخاطب الجني وذكره بالله ووعظه، وأخبره أن الظلم حرام وكبيرة عظيمة ودعاه إلى الإسلام لما أخبره الجني أنه كافر بوذي، ودعاه إلى الخروج منها، فاقتنع الجني بالدعوة وأعلن إسلامه عند عبدالله المذكور، ثم رغب عبدالله المذكور وأولياء المرأة أن يحضروا عندي بالمرأة حتى أسمع إعلان إسلام الجني، فحضروا عندي، فسألته عن أسباب دخوله فيها فأخبرني بالأسباب ونطق بلسان المرأة، لكنه كلام رجل وليس كلام امرأة، وهي في الكرسي الذي بجواري وأخوها وأختها وعبدالله بن مشرف المذكور وبعض المشايخ يشهدون ذلك ويسمعون كلام الجني، وقد أعلن إسلامه صريحًا وأخبر أنه هندي بوذي الديانة، فنصحته وأوصيته بتقوى الله، وأن يخرج من هذه المرأة ويبتعد عن ظلمها، فأجابني إلى ذلك، وقال: أنا مقتنع بالإسلام، وأوصيته أن يدعو قومه للإسلام بعدما هداه الله له، فوعد خيرًا وغادر المرأة، وكان آخر كلمة قالها: السلام عليكم. ثم تكلمت المرأة بلسانها المعتاد وشعرت بسلامتها وراحتها من تعبه، ثم عادت إلي بعد شهر أو أكثر مع أخويها وخالها وأختها، وأخبرتني أنها في خير وعافية، وأنه لم يعد إليها والحمد لله، وسألتها عما كانت تشعر به حين وجوده بها فأجابت بأنها كانت تشعر بأفكار رديئة مخالفة للشرع وتشعر بميول إلى الدين البوذي والاطلاع على الكتب المؤلفة فيه، ثم بعدما سلمها الله منه زالت عنها هذه الأفكار ورجعت إلى حالها الأولى البعيدة من هذه الأفكار المنحرفة».

الأضرار والمفاسد

والكفر والشرك لا يجوز التداوي بهما بحال؛ لأن ذلك محرم في كل حال، ولذلك لا يجوز معالجة المصروع والممسوس بالشرك والكفر. ومن مفاسد ذلك العلاج أن الشيطان إذا عرف أن صاحبه مستخف بالعزائم لم يساعده، فلا يؤثر بل يزيده شرًا، ثم إن في الحق ما يغني عن الباطل. انظر "فتح المنان في جمع كلام شيخ الإسلام ابن تيمية عن الجان" لمشهور حسن (ص499-500).