البر
البِرُّ في اللغة معناه الإحسان، و(البَرُّ) صفةٌ منه، وهو اسمٌ من...
وأما البناء الكثير على نحو ما كانت الجاهلية تفعله تفخيمًا وتعظيمًا فذلك يهدم ويزال، فإن فيه استعمال زينة الدنيا في أول منازل الآخرة، وتشبها بمن كان يعظم القبور ويعبدها. وباعتبار هذه المعاني وظاهر النهي أن ينبغي أن يقال: هو حرام الإِمَام الشَّافِعي تفسير القرطبي (10/381).
«وأحب أن لا يزاد في القبر تراب من غيره، وليس بأن يكون فيه تراب من غيره بأس، إذا زيد فيه تراب من غيره ارتفع جد ّ ً ا، وإنما أحب أن يشخص على وجه الأرض شبر ً ا أو نحوه». ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة "الأم" للشافعي (1/316)
«وكانت قبور أصحابه لا مشرفة، ولا لاطئة، وهكذا كان قبره الكريم، وقبر صاحبيه، فقبره صلّى الله عليه وسلّم مُسنَّم مبطوح ببطحاء العرصة الحمراء لا مبني ولا مطيّن، وهكذا كان قبر صاحبَيه». الحَكَمي "زاد المعاد في هدي خير العباد" (1/505).
ومَن على القبرِ سِراجًا أوقدَا*****أوِ ابتَنَى على الضريحِ مسجِدَا فإنه مُجدِّدٌ جِهارَا*****لسُنَنِ اليهودِ والنصارى كَم حذَّرَ المختارُ عن ذا ولَعَنْ*****فاعِلَهُ كما روَى أهلُ السننْ بل قد نهى عنِ ارتفاعِ القبرِ*****وأن يُزاد فيه فوقَ الشبرِ وكلُّ قبرٍ مُشرِفٍ فقد أمَرْ*****بأن يُسوَّى هكذا صحَّ الخَبَرْ وح ذَّرَ الأمةَ عن إطرائِهِ*****فغرَّهم إبليسُ باسْتِجْرائِهِ فخالفوه جَهرةً وارتكبوا*****ما قد نهى عنه ولم يجتنبوا فانظر إليهم قد غَلَوا وزادوا*****ورفعوا بناءَها وشادوا بالشِّيدِ والآجُرِّ والأحجارِ*****لا سيما في هذه الأعصارِ وللقناديلِ عليها أوقدوا*****وكم لواءٍ فوقَها قد عقدوا ونصبوا الأعلامَ والراياتِ*****وافتَتَنوا بالأعظُمِ الرُّفاتِ بل نحَروا في سُوحِها النحائِرْ*****فِعْلَ أولي التَّسْيِيبِ والبحائِرْ والتمسوا الحاجاتِ مِن موتاهُمْ*****واتخذوا إلَهَهُم هواهُمْ قد صادَهم إبليسُ في فِخاخِهْ*****بل بعضُهم قد صار مِن أفراخِهِْ يدعو إلى عبادةِ الأوثانِ*****بالمالِ والنفس وباللسانِ فليتَ شِعري مَن أباحَ ذلكْ*****وأورَطَ الأمةَ في المهالِكْ فيا شديدَ الطَّوْلِ والإنعامِ*****إليك نشكو مِحنةَ الإسلامِ "سلم الوصول إلى علم الأصول" الأبيات (138-154).
«هذه القبور والقباب لا أصل لها في شريعة الإسلام، وقد أمر رسول الله ﷺ بتسوية القبور بالأرض؛ لأن الإسلام جاء بالحرب على الوثنية؛ لاقتلاعها بجذورها من القلوب». أحمد محمد شاكر "جمهرة مقالات أحمد شاكر" (1/495).
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".