البحث

عبارات مقترحة:

الولي

كلمة (الولي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (وَلِيَ)،...

الوكيل

كلمة (الوكيل) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (مفعول) أي:...

السبوح

كلمة (سُبُّوح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فُعُّول) من التسبيح،...

السماع الصوفي

السماع الصوفي ركيزة من ركائز التصوف البدعي، وهو أمر محدث لم يفعله النبي ، ولا الصحابة رضي الله عنهم، ولا أحد من القرون المفضلة.

التعريف

التعريف لغة

(السماع): سمع: السَّمْعُ حسُّ الأذن. وقال ثعلبُ: معناه: خلا له فلم يشتغل بغيره، وقد سمعه سَمْعاً وسِمْعاً وسَمَاعاً وسَمَاعة وسَمَاعية. قال ابن السكيت: السَّمْعُ: سَمْعُ الإنسان وغيره، ويكون واحداً وجمعاً؛ لأنه في الأصل مصدر. قولك: سَمِعَ الشيء بالكسر سَمْعاً وسَمَاعاً، وقد يجمع على أسماع، وجمع الأسماع: أسامع. وقد يراد بالإسماع: القبول والعمل بما يسمع، لأنه إذا لم يقبل ولم يعمل فهو بمنزلة من لم يسمع. وسَمَّعه الصوت وأسمعه: استمع له. وتَسَّمع إليه أي: أصغى. وقد تأتي سَمِعَ بمعنى: أجاب. انظر "لسان العرب" لابن منظور (6 /363-365). (الصوفي): قال ابن فارس: «(صَوَفَ) الصّادُ والواوُ والفاءُ أصْلٌ واحِدٌ صَحِيحٌ، وهُوَ الصُّوفُ المَعْرُوفُ. والبابُ كُلُّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ. يُقالُ: كَبْشٌ أصْوَفُ وصَوِفٌ وصائِفٌ وِصافٌ، كُلُّ هَذا أنْ يَكُونَ كَثِيرَ الصُّوفِ. ويَقُولُونَ: أخَذَ بِصُوفَةِ قَفاهُ، إذا أخَذَ بِالشَّعَرِ السّائِلِ فِي نُقْرَتِهِ. وصُوفَةُ: قَوْمٌ كانُوا فِي الجاهِلِيَّةِ، كانُوا يَخْدِمُونَ الكَعْبَةَ، ويُجِيزُونَ الحاجَّ. وحُكِيَ عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ أنَّهُمْ أفْناءُ القَبائِلِ تَجَمَّعُوا فَتَشَبَّكُوا كَما يَتَشَبَّكُ الصُّوفُ. قالَ: ولا يَرِيمُونَ فِي التَّعْرِيفِ مَوْقِفَهُمْ … حَتّى يُقالَ أجِيزُوا آلَ صُوفانا فَأمّا قَوْلُهُمْ: صافٍ عَنِ الشَّرِّ، إذا عَدَلَ، فَهُوَ مِن بابِ الإبْدالِ، يُقالُ: صابَ، إذا مالَ». "مقاييس اللغة" (3 /322).

التعريف اصطلاحًا

هو إنشاد الأشعار في المساجد ومواطن العبادة بقصد التقرب إلى الله تعالى، واعتبار ذلك من ضمن الوسائل التي تقرب إليه وتزكِّي النفس وتسمو بالروح، سواء حصل معها عزف بالمعازف المعروفة كالدفّ والشبَّابة ونحوها أو لم يحصل، وفي كثير من الأحيان يصحب ذلك رقص وتمايل وطرب زائد، وربما وصل إلى السكر والإغماء وفقدان الشعور. كما أن تكون الأبيات الملحنة تتضمن قولًا بوحدة الوجود، أو استغاثة شركية، أو تلحينًا للذكر، أو اختلاطًا بين الرجال والنساء، وغير ذلك من المنكرات. انظر "الزاوية وما فيها من الأعمال والبدع المنكرة" للزمزمي، و"القبورية في اليمن" لأحمد حسن المعلم (ص280).

الأسماء الأخرى

يعرف السماع الصوفي في كثير من بلاد المسلمين باسم (الحضرات).

الحكم

إن مما لا شك فيه أنه كما لا يجوز أن لا نعبد أحدًا إلا الله تحقيقا لشهادة أن لا إله إلا الله، فكذلك لا يجوز لنا أن نعبد الله أو نتقرب إليه إلا بما جاء به رسول الله تحقيقا لشهادة محمد رسول الله، فإذا تحقق المؤمن بذلك كان محبا لله، متبعا لرسوله ، فإفراد النبي في الاتباع هو من لوازم شهادة أن محمدا رسول الله. إذا عُرِفَ هذا، فينبغي التنبه للنقاط التالية فيما يتعلق بحكم السماع (الغناء) الصوفي: أولًا: أن مما لا يرتاب فيه عالم من علماء المسلمين العارفين حقا بفقه الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح الذين أُمرنا بالتمسك بنهجهم ونُهينا عن مخالفة سبيلهم، أقول: لا يخفى على أحد من هؤلاء العلماء أن الغناء المذكور محدث لم يكن معروفا في القرون المشهود لها بالخيرية. ثانيًا: أنه من المسلم عندهم أنه لا يجوز التقرب إلى الله إلا بما جاء به رسول الله لما تقدم بيانه. وقد ضرب لذلك شيخ الإسلام ابن تيمية بعض الأمثلة التي تؤكد لكل ذي علم منصف ما ذكرنا، فقال رحمه الله تعالى: «ومن المعلوم أن الدين له أصلان، فلا دين إلا ما شرع الله، ولا حرام إلا ما حرمه الله. والله تعالى عاب على المشركين أنهم حرموا ما لم يحرمه الله وشرعوا دينا لم يأذن به الله. ولو سئل العالم عمن يعدو بين جبلين: هل يباح له ذلك؟ قال: نعم. فإذا قيل: إنه على وجه العبادة كما يسعى بين الصفا والمروة؟ قال: إن فعله على هذا الوجه حرام منكر يستتاب فاعله، فإن تاب وإلا قتل. ولو سئل: عن كشف الرأس ولبس الإزار والرداء؟ أفتى: بأن هذا جائز. فإذا قيل: إنه يفعله على وجه الإحرام كما يحرم الحاج؟ قال: إن هذا حرام منكر. ولو سئل: عمن يقوم في الشمس؟ قال: هذا جائز. فإذا قيل: إنه يفعله على وجه العبادة. قال: هذا منكر... فهذا لو فعله لراحة أو غرض مباح لم ينه عنه؛ لكن لما فعله على وجه العبادة نهي عنه. وكذلك لو دخل الرجل إلى بيته من خلف البيت لم يحرم عليه ذلك، ولكن إذا فعل ذلك على أنه عبادة، كما كانوا يفعلون في الجاهلية،. .. كان عاصيا مذموما مبتدعا. والبدعة أحب إلى إبليس من المعصية؛ لأن العاصي يعلم أنه عاص فيتوب، والمبتدع يحسب أن الذي يفعله طاعة فلا يتوب. ولهذا من حضر السماع للعب واللهو لا يعده من صالح عمله، ولا يرجو به الثواب، وأما من فعله على أنه طريق إلى الله تعالى فإنه يتخذه دينا، وإذا نهي عنه كان كمن نهي عن دينه، ورأى أنه قد انقطع عن الله، وحرم نصيبه من الله تعالى إذا تركه. فهؤلاء ضلال باتفاق علماء المسلمين، ولا يقول أحد من أئمة المسلمين: إن اتخاذ هذا دينا وطريقا إلى الله تعالى أمر مباح؛ بل من جعل هذا دينا وطريقا إلى الله تعالى فهو ضال مفتر مخالف لإجماع المسلمين. ومن نظر إلى ظاهر العمل وتكلم عليه ولم ينظر إلى فعل العامل ونيته كان جاهلا متكلما في الدين بلا علم». "مجموع الفتاوى" (11 /631-633). ثالثًا: إن من المقرر عند العلماء، أنه لا يجوز التقرب إلى الله بما لم يشرعه الله، ولو كان أصله مشروعًا؛ كالأذان مثلا لصلاة العيدين، وكالصلاة التي تسمى بصلاة الرغائب، وكالصلاة على النبي عند العطاس، ومن البائع عند عرضه بضاعته للزبون - ونحو ذلك كثير وكثير جدا - من محدثات الأمور التي يسميها الإمام الشاطبي رحمه الله بالبدع الإضافية. فإذا عُرِفَ ذلك، فالتقرُّب إلى الله بما حرَّم يكون محرَّمًا من باب أولى، بل هو شديد التحريم؛ لما فيه من المخالفة والمشاققة لشريعة الله، يضاف إلى ذلك: أن فيه تشبها بالكفار من النصارى وغيرهم، ولذلك اشتد إنكار العلماء علهم قديمًا وحديثًا، فقال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: «تَرَكْتُ فِي الْعِرَاقِ شَيْئًا يُقَالُ لَهُ: (التَّغْبِيرُ)، أَحْدَثَهُ الزَّنَادِقَةُ، يَصُدُّونَ بِهِ النَّاسَ عَنِ الْقُرْآنِ». رواه الخلال في "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (ص: 36)، وصحح إسناده الألباني في "تحريم آلات الطرب" (ص: 163). وسئل عنه أحمد؟ فقال: «هُوَ بِدْعَةٌ وَمُحْدَثٌ»، وفي رواية: «فَكَرِهَهُ، وَنَهَى عَنِ اسْتِمَاعِهِ». رواه الخلال في "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (ص: 71). و التغبير : شعر يزهد في الدنيا يغنى به مغن فيضرب بعض الحاضرين بقضيب على نطع أو مخدة على توقيع غنائه كما قال ابن القيم وغيره». انظر: "تحريم آلات الطرب" للألباني (158-163).

الأدلة

القرآن الكريم

السماع الصوفي في القرآن الكريم
في السماع (الغناء) الصوفي تشبه بالكفار من النصارى وغيرهم ممن قال الله تعالى فيهم: ﴿وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ۚ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ * الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۚ فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَٰذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾ [الأعراف: 50-51]، وبالمشركين الذين قال فيهم: ﴿وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ ۚ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ۚ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ [الأنفال: 34-35]. قال العلماء: المكاء: الصفير، والتصدية: التصفيق. انظر: "تفسير ابن كثير" (3 /306)، "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" (1 /244-245). فإذا علمت ذلك، فاعلم - رحمك الله تعالى وغفر لك - أن الأدلة الآمرة بمتابعة النبي وصحابته الكرام رضي الله عنهم، والتحذير من مخالفة سبيلهم كثيرة، منها: قوله عز وجل: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الحشر: 7]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21]. والله عز وجل قد أكمل لنا الدين، ورسوله قد بلغ الأمة البلاغ المبين، وليس في كتاب الله عز وجل ما يدل على مشروعية السماع (الغناء) الصوفي ، ولذلك لم يفعله أحد من السلف أصحاب القرون الثلاثة المفضلة. والله سبحانه وتعالى قد قال في محكم التنزيل: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3]، فإحداث مثل هذه البدع يُفْهَمُ منه: أن الله سبحانه لم يكمل الدين لهذه الأمة، وأن الرسول لم يبلغ ما ينبغي للأمة أن تعمل به، حتى جاء هؤلاء المتأخرون فأحدثوا في شرع الله ما لم يأذن به، زاعمين: أن ذلك مما يقربهم إلى الله، وهذا بلا شك فيه خطر عظيم، واعتراض على الله سبحانه، وعلى رسوله ، والله سبحانه قد أكمل لعباده الدين، وأتم عليهم النعمة. انظر: "التحذير من البدع" لابن باز (1 /5).

السنة النبوية

السماع الصوفي في السنة النبوية
- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ». أخرجه البخاري (2697)، ومسلم (1718). وفي رواية لمسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ». وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: كان رسول الله إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلَا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: «صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ»، وَيَقُولُ: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ»، وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ، وَالْوُسْطَى، وَيَقُولُ: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» ثُمَّ يَقُولُ: «أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ، مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ». أخرجه مسلم (867). - وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ، وَحُجْرِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَا: أَتَيْنَا الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ، وَهُوَ مِمَّنْ نَزَلَ فِيهِ ﴿وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ﴾ [التوبة: 92] فَسَلَّمْنَا، وَقُلْنَا: أَتَيْنَاكَ زَائِرِينَ وَعَائِدِينَ وَمُقْتَبِسِينَ، فَقَالَ الْعِرْبَاضُ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ فَقَالَ «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ». أخرجه أبو داود (4607)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (4607). وهذه شواهد واضحة في النهي عن الابتداع والإحداث في الدين، و السماع (الغناء) الصوفي عمل محدث لم يكن معروفًا في القرون المشهود لها بالخيرية، والخيرُ كل الخيرِ في الاتباع، وترك الابتداع، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لذلك بمنه وكرمه. هذا، وفي السماع (الغناء) الصوفي تشبه بالكفار الذين نُهينا عن التشبه بهم كما في الأحاديث التالية: - عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ». أخرجه أبو داود (4031)، وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (4031): حسن صحيح. - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَعْفُوا اللِّحَى، وَخُذُوا الشَّوَارِبَ، وَغَيِّرُوا شَيْبَكُمْ، وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى». أخرجه أحمد (8672)، وصححه شعيب الأرنؤوط ومن حقق المسند معه.

أقوال أهل العلم

«عُرِفَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَشْرَعْ لِصَالِحِي أُمَّتِهِ وَعُبَّادِهِمْ وَزُهَّادِهِمْ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى اسْتِمَاعِ الْأَبْيَاتِ الْمُلَحَّنَةِ مَعَ ضَرْبٍ بِالْكَفِّ أَوْ ضَرْبٍ بِالْقَضِيبِ أَوْ الدُّفِّ. كَمَا لَمْ يُبَحْ لِأَحَدِ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ مُتَابَعَتِهِ وَاتِّبَاعِ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ لَا فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ وَلَا فِي ظَاهِرِهِ وَلَا لِعَامِّيِّ وَلَا لِخَاصِّيِّ». الطُّرْطُوشي "مجموع الفتاوى" (11 /565).
«مذهب الصوفية بطالة وجهالة وضلالة، وما الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسوله، وأما الرقص والتواجد فأول من أحدثه أصحاب السامري، لما اتخذ لهم عجلًا جسدًا له خوار قاموا يرقصون حواليه ويتواجدون، فهو دين الكفار وعباد العجل، وأما القضيب فأول من اتخذه الزنادقة ليشغلوا به المسلمين عن كتاب الله تعالى، وإنما كان يجلس النبي مع أصحابه كأنما على رؤوسهم الطير من الوقار، فينبغي للسلطان ونوابه أن يمنعهم من الحضور في المساجد وغيرها، ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الاخر أن يحضر معهم، ولا يعينهم على باطلهم، هذا مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم من أئمة المسلمين». "تفسير القرطبي" (237-238).
«من له انصاف وديانة واستقامة طبع اذا رأى رقص صوفية زماننا في المساجد والدعوات بألحان ونغمات مختلطا بهم المُرْد واهل الاهواء والقرى من جهال العوام والمبتدعة الطغام، لا يعرفون الطهارة والقران والحلال والحرام، بل لا يعرفون الايمان والاسلام، لهم زعيق وزئير ونهيق يشبه نهيق الحمير، يبدلون كلام الله تعالى ويغيرون ذكر الله تعالى ثم يتلفظون بالفاظ مهملة وهذيانات كريهة مثل: (هاي وهو وهي وهيا) يقول: لا محال هؤلاء اتخذوا دينهم لهوًا ولعبًا، وإن لم يكن له ممارسة بالفقه وعلم تفصيلي بحالهم، فالويل للقضاة والحُكام حيث يعرفون هذا ويشاهدون ولا ينكرون ولا يغيرون مع قدرتهم عليهم بل يخافون منهم و يلتمسون الدعاء». "الطريقة المحمدية" (ص184).
ابن تَيْمِيَّة
البِرْكِلي

الأقسام

المسمُوع على ثلاثة أضرب: أحدها: مسموع يحبه الله ويرضاه ، وأمر به عباده، وأثنى على أهله، ورضي عنهم به. الثاني: مسموع يبغضه ويكرهه ، ونهى عنه، ومدح المعرضين عنه. الثالث: مسموع مباح مأذون فيه، لا يحبه ولا يبغضه ، ولا مدح صاحبه ولا ذمه، فحكمه حكم سائر المباحات من المناظر، والمشام، والمطعومات، والملبوسات المباحة، فمن حرم هذا النوع الثالث فقد قال على الله ما لا يعلم، وحرم ما أحل الله، ومن جعله دينًا وقربة يتقرب به إلى الله، فقد كذب على الله، وشرع دينًا لم يأذن به الله، وضاهأ بذلك المشركين. "مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين" (1 /479).

مسائل متعلقة

كيفية الحضرة الصوفية

نذكر كيفية الحضرة بإيجاز وإجمال، دون تفصيل، إذ لا فائدة من ذلك ولا ضرورة. مع العلم أنه لا يتم شيء في الحضرة إلا حسب توجيه الشيخ فقط، دون أي كلمة أو إشارة من المريدين، إذ هم أمامه كالميت بين يدي الغاسل. قد تبدأ الحضرة بدرس يلقيه الشيخ، أو بقراءة بعض أحاديث نبوية دون تمييز، أو بنشيد من أناشيدهم، ثم يبدأ الورد. ولا يكون الورد إلا مع الالتزام التام بما يسمونه: الرابطة الشريفة، وهي أن يربط كل مريد في الحضرة بصره بشيخه إن كان حاضراً، وأن يتصوره في خياله إن كان غائباً، ويمكن له في أول أمره أن يضع صورته أمامه وينظر إليها، حتى يتدرب شيئاً فشيئاً على تصوره جيداً في وهمه. وقد يقرأ أحدهم، بأمر من الشيخ طبعاً، السلسلة المزعومة للمشيخة (الطريقة)، والتي يصلونها زوراً وبهتاناً بالرسول . ثم تأتي الأذكار والصلوات على النبي، ولكل مشيخة أذكارها وصلواتها التي قد تطول وقد تقصر، والاختلاف طبعاً هو بالألفاظ لا بالمعاني، فالمعاني واحدة أو متقاربة، وقد رأينا نماذج منها فيما مر من الفصول. وبالنسبة للصوفية الجالسة، تنتهي هذه الجلسة بالفاتحة وإهدائها إلى النبي ، ومن فضله إلى الشيخ ثم إلى الأولياء...إلخ. وقد يزيدون عليها شيئاً من القرآن الكريم. ثم يمد الشيخ يده، ويبدأ الحاضرون بتقبيلها واحداً بعد واحد، ثم ينصرف من يريد منهم الانصراف، وأحياناً يقف الشيخ عندما يمد يده للتقبيل كرماً منه، ليسهل على المريدين تقبيل يده دون إلجائهم إلى الجلوس والسجود ثم النهوض. أما بالنسبة للصوفية الراقصة، فهم، بعد الانتهاء من جلسة الذكر والصلوات يقفون بشكل حلقة غير تامة، أو أكثر من حلقة، حسب العدد، ويأخذون بالقفز وهم في مكانهم، يتوسطهم الشيخ أو نائبه، يحركهم بإشارات يده، وهم يرددون: الله حي، الله حي، الله حي، لكن لا بلفظها، بل بأنات تتفق مقاطعها مع مقاطعها، ويد كل واحد ممسكة بقوة بيد جاره، متشابكة أصابعهم، وهم في قفزهم يرتفعون معاً ويهبطون معاً، ويقف المسنون منهم في الأطراف، وقد لا يشبكون أيديهم بأيدي جيرانهم، وعادة يكون قفز هؤلاء بتحريك الرأس والجذع إلى الأمام والوراء، دون أن يرفعوا أرجلهم عن الأرض، وقد يرفعون أعقابهم فقط. يرافق ذلك إنشاد من منشد حسن الصوت، ولا يوجد نشيد خاص لكل مشيخة، إن الأناشيد بشكل عام، مشتركة بين الجميع، إلا تلك التي تختص بتقديس شيوخ الطريقة. وفي بعض الطرق، كالرفاعية، يرافق القفز الطبول الرجاجة، وفي بعضها، كالمولوية، يرافقها الموسيقى المنبعثة من النايات والصنوج والدفوف والمزاهر. وبعد زمن قد يطول وقد يقصر، يعطي (البيشر)، وهو اصطلاح أورده شهاب الدين السهروردي في عوارف المعارف، ويعني به الشخص الذي يدير الحضرة، سواء كان الشيخ أو نائبه، ويستعملون الآن كلمة (البيشروش). إشارة الانتهاء، وتختلف من طريقة إلى أخرى. ثم يجلسون، ويقرءون الفاتحة مع الإهداء والدعاء، ثم يأتي شرب الشاي الحار، لأن شرب المشروبات الباردة ممنوع بعد الرقص. وفي جميع المشيخات الصوفية، لا يجوز دخول الحضرة إلا بعد الطهارة والوضوء. ثم يأتي دور تقبيل يد الشيخ حسب الشكل الذي مر آنفًا. عادة، إذا كان الشيخ يريد من الحاضرين جميعهم الانصراف، يقف قبل الجميع قرب الباب، ويمد يده، فيشرع الحاضرون بالخروج مارين أمام الشيخ واحداً بعد واحد، يقبلون يده المقدسة، وقد يمرغون جباههم عليها. وقد يقبل بعضهم رجله، حيث يمدها الشيخ إلى الأمام تكرماً ومنة وعطفاً منه وتفضلاً، ليمكن المريد من تقبيلها وتمريغ وجهه وجبهته عليها. وأكرر الإشارة إلى أن الرقص قد يكون إفراديًّا، فيكون دون ترديد عبارة (الله حي) أو الآهات التي تتناغم معها، والراقص لا يردد أي شيء إلا إن كان الإنشاد الذي يرافقه يقتضي من الجميع أن يرددوا اللازمة معاً، فحينئذ قد يتفاعل الراقص معهم. ونوع الرقص تابع لمهارة (الولي) الراقص، الذي يمكن أن يكون أي مريد أو أي شيخ، وأكثر ما تكون رقصاتهم من نوع (السماح) الذي هو رقص (المولوية) المشهور، وقد يرقصون (التانجو، أو السامبا، أو السلوفوكس)، ولا أدري إن كانت الرقصات العنيفة (بوغي بوغي، أو الروك أند رول، أو غيرها) قد دخلت حلقاتهم أم لا. مع العلم أن هذا ليس عاماً في كل المشيخات، بل قد يوجد في بعض الأحيان، وفي بعض الأماكن، وقد لا يوجد، ولا يختص بمشيخة دون أخرى. أما رقصة (السماح) التي يرقصها المولوية (تقرباً إلى الله)، فهي أشهرمن أن تعرف، وكذلك الرقصات البكتاشية حول قبر وثنهم: (حاجي بكتاش)، وأشهر منها رقصات (الزار) في مصر والسودان والحبشة وغيرها. لكن، على كل حال، يجب أن لا ننسى أبداً، أن هذه الرقصات هي منشطات على (السير إلى الله)! "الكشف عن حقيقة الصوفية " لمحمود عبد الرؤوف القاسم (ص345-347).

الأضرار والمفاسد

إنَّ رفع الأصوات بالأناشيد في المسجد، ولو كانت على وجه يحصل فيه الخشوع والبكاء بها ممنوع شرعًا. وقال الإمام العلاّمةُ ابن الحاج في "المدخل": «ينبغي أن يمنع من يرفع صوته في المسجد في حال الخُطبة وغيرها؛ لأنَّ رفع الصَّوت في المسجد بدعة». "المدخل" لابن الحاج (2/222)، وانظر منه (1/106) في رفع الصوت أيضًا. وقال الإمام ناصر الدين أحمد بن محمد ابن المنيِّر في كتابه المسمَّى بـ"الانتصاف": «وحسبُك في تعيين الأسرار في الدُّعاء اقترانه بالتضرُّع في آية ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ﴾ [الأعراف: 55]، وإنَّ دعاءً لا تضرّع فيه ولا خشوع، لقليل الجدوى، فكذلك دعاء لا خفية ولا وقار يصحبه، وترى كثيراً من أهل زمانك يعتمدون الصُّراخ والصِّياح في الدُّعاء، خصوصاً في الجوامع، حتى يعظم اللغط ويشتد، وتستد المسامع وتستك، ويهتز الدَّاعي بالناس، ولا يعلم أنه جمع بين بدعتين: رفع الصَّوت في الدُّعاء، وفي المسجد، وربما حصلت للعوام حينئذ رقّة لا تحصل مع خفض الصَّوت، ورعاية سمت الوقار، وسلوك السنة الثابتة بالآثار، وما هي إلا رقة شبيهة بالرِّقة العارضة للنِّساء والأطفال، ليست خارجةً عن صميم الفؤاد؛ لأنها لو كانت من أصل لكانت عند اتّباع السُّنَّة في الدُّعاء، وفي خفض الصّوت به، أوفر وأوفى وأزكى، فما أكثر التباس الباطل بالحق على عقول كثير من الخلق! اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطلَ باطلاً وارزقنا اجتنابه». (2/66 - بهامش "الكشاف").