البحث

عبارات مقترحة:

الغني

كلمة (غَنِيّ) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (غَنِيَ...

الحسيب

 (الحَسِيب) اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على أن اللهَ يكفي...

القاهر

كلمة (القاهر) في اللغة اسم فاعل من القهر، ومعناه الإجبار،...

لوط عليه السلام

لوط عليه السلام هو نبيٌ من أنبياء الله عزّ وجلّ الكرام، أرسله الله إلى قومٍ فاسدين طاغين، يدعوهم إلى الله تعالى وعبادته، والإقلاع عما هم عليه من فحشهم وشذوذهم، لكنهم ردّوا عليه بالتكذيب في دعوته والإصرار على شذوذهم، وطلبوا إيقاع العذاب بهم، وهددوه بإخراجه هوَ والصالحين من قريَتِهم، فأرسل الله تعالى عليهم العذاب، وأمطَر عليهم مطرًا من حجارة من سجيل منضود، حتى دُمِّروا وأُهلِكوا عن آخرهم، وقضى الله على هؤلاء الكافرين الشاذين، وأبقى الله المؤتفكات والبقايا من القرية عبرةً لمن بعدهم.

اسمه ونسبه

يذكر الدكتور صلاح الخالدي أننا لا نعرف تفاصيل الصلة بين إبراهيم ولوط عليهما السلام، ولا درجة القرابة، ويقول الدكتور عثمان الخميس: المشهور في نسبه عند أهل الكتاب والنسابين انه لوط بن هاران بن تارح أو ازر على الصحيح، فإبراهيم عليه السلام يكون عما له، لأن إبراهيم هو ابن ازر، كما جاء مصرحا في كتاب الله عز وجل. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 376- 378)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /478). زوجته: كان للوط عليه السلام زوجة كافرة. قال تعالى: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾ سورة التحريم: 10: ليس المراد به الخيانة في عرضها وشرفها، أي لم تكن زانية، وإنما خيانتها في الدين، فإنها رفضت الدين الحق واختارت الباطل وهو الكفر. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 254)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /513). من هم قوم لوط؟ لا نعرف من أين جاء هؤلاء القوم، ولا اسمهم ولا أصلهم، ولا أسماء القرى التي سكنوها، ولا اسم المنطقة التي كانوا فيها، لعدم وجود نصوص قرآنية أو أحاديث صحيحة تبين ذلك، كما اننا لا نملك الدليل القطعي على أن البحر الميت كان بالتحديد مساكن قوم لوط. انظر: "قصص القرآن الكريم" لفضل عباس (ص 376- 378)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /479). وكان من صفاتهم التكذيب والجدل وإتيان الفواحش والاعتداء والاجرام والإسراف وعمل السيئات وإتيان المنكر وقطع السبيل والجهل والفسق والظلم وتلك من أسوأ الصفات الذي يمكن ان يتصف بها قوم. انظر: "قصص القرآن الكريم" لفضل عباس (ص 372).

معنى الاسم لغة

والراجح أن اسم لوط اسمُ علمٍ أعجمي غير عربي، سمي به النبي الكريم، فهو اسمٌ غير مشتق، ولا نبحث عن مادة اشتقاقه في العربية، ولا عن جذره الثلاثي، ولوط مصروف غير ممنوع لأنه ثلاثي ساكن الوسط، ولوط عليه السلام من أنبياء الله غير العرب الذين بعثوا إلى أقوام غير عربية وتكلموا بغير العربية. انظر : "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /479- 480).

ذكره في القرآن الكريم

ذُكِر يونس عليه السلام في القرآن سبعًا وعشرين مرة، وكان ذكره على ثلاث حالات: الأول: ذكر بعض التفاصيل لقصته مع قومه، منها: قال تعالى: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ *وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ * فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ ﴾ سورة الأعراف: 79- 84. وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىٰ قَالُوا سَلَامًا ۖ قَالَ سَلَامٌ ۖ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ * فَلَمَّا رَأَىٰ أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۚ قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ * وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۖ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ * فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ * إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ * يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَٰذَا ۖ إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ ۖ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ * وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ * وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ۚ قَالَ يَا قَوْمِ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ۖ أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ * قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ * قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ * قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ ۖ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ۚ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ * فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ * مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ ۖ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾ سورة هود: 69- 83. وقال تعالى: ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ * قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ * إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا ۙ إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ * فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ * قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ * قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ * وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ * فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ * وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَٰلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَٰؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ * وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ * قَالَ إِنَّ هَٰؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ * وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ * قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ * قَالَ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ * لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ * فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ * إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ * إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ سورة الحجر: 57- 77. وقال تعالى: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ * قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ * قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِينَ * رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ * فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ * ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ * إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ سورة الشعراء: 160- 175. وقال تعالى: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ * فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ * فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ﴾ سورة النمل: 54- 58. وقال تعالى: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ ۖ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ * وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىٰ قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ ۖ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ * قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا ۚ قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا ۖ لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ * وَلَمَّا أَن جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ ۖ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ * إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَىٰ أَهْلِ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ سورة العنكبوت: 28- 35. قال تعالى: ﴿وَإِنَّ لُوطًا لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ * ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ * وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ سورة الصافات: 133- 138. قال تعالى: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ ۖ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ * نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ * وَلَقَدْ أَنذَرَهُم بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ * وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ * فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ سورة القمر: 33- 40. الثاني: ذكر بعض الإشارات السريعة، منها: قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ ۚ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا ۚ بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا﴾ سورة الفرقان: 40. قال تعالى: ﴿وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ ۗ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ﴾ سورة الأنبياء: 74. قال تعالى: ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ * قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ * لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ * مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ * فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ * وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ سورة الذاريات: 31- 37. قال تعالى: ﴿وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ (53) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىٰ﴾ سورة النجم: 53- 54. قال تعالى: ﴿رَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾ سورة التحريم: 10. الثالث: ذكر اسم لوط ضمن أسماء بعض الأنبياء. انظر: "قصص القرآن الكريم" لفضل عباس (ص 353- 372)، "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 412)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /473- 477).

ذكره في السنة النبوية

ذُكر لوط عليه السلام في أحاديث الرسول ، من ذلك: قبح عمل قوم لوط الذي كانوا يفعلونه. روى ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قال: قال رسول الله : «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل، والمفعول به». أخرجه أبو داود (4462)، واللفظ له، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على سنن أبي داود: «ضعيف، عمرو بن أبي عمرو -وهو مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب- وإن كان صدوقا، قد استنكر عليه هذا الحديث»، والترمذي (1456)، وابن ماجه (2561)، والحاكم (8049)، وقال فيه: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه». قصة تعذيب قوم لوط. قال ابن عباس رضي الله عنه: «لما جاءت رسل الله لوطا ظن أنهم ضيفان لقوه فأدناهم حتى أقعدهم قريبا، وجاء ببناته وهن ثلاث، فأقعدهن بين ضيفانه وبين قومه، فجاء قومه يهرعون إليه، فلما رآهم قال: ﴿قَالَ يَا قَوْمِ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِ﴾ سورة هود: 78، قالوا ﴿ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ * قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾ سورة هود: 80، فالتفت إليه جبريل عليه السلام فقال: ﴿ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ ﴾ سورة هود: 81، قال: فطمس أعينهم فرجعوا وراءهم يركب بعضهم بعضا حتى خرجوا إلى الذين بالباب فقالوا: جئناكم من عند أسحر الناس، قد طمس أبصارنا، فانطلقوا يركب بعضهم بعضا، حتى دخلوا القرية فرفعت في بعض الليل، حتى كانت بين السماء والأرض، حتى إنهم ليسمعون أصوات الطير في جو السماء، ثم قلبت فخرجت الإفكة عليهم، فمن أدركته الإفكة، قتلته ومن خرج أتبعته، حيث كان حجرا فقتلته، قال: فارتحل ببناته وهن ثلاث حتى إذا بلغ مكان كذا وكذا من الشام، فماتت ابنته الكبرى، فخرجت عندها عين، يقال لها الورية، ثم انطلق حيث شاء الله أن يبلغ فماتت الصغرى، فخرجت عندها عين، يقال لها الرعونة، فما بقي منهن إلا الوسطى». أخرجه الحاكم (4054)، واللفظ له، وقال فيه: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ولعل متوهما يتوهم أن هذا وأمثاله في الموقوفات وليس كذلك فإن الصحابي إذا فسر التلاوة فهو مسند عند الشيخين»، ووافقه الذهبي. انظر: "الأحاديث الصحيحة من أخبار وقصص الأنبياء" لإبراهيم العلي (ص 96- 98)، "صحيح القصص القرآني" لعمر الأشقر (ص 63- 68).

صفته الخُلُقيَّة

وفي قصة لوط عليه السلام مع قومه بيان لصبر لوط على قومه المجرمين الطاغين، وفيه بيان لكرمه ورعايته لضيوفه ومدافعته عنهم. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 262- 263).

قصصه

إهلاك قوم لوط عليه السلام.

بعد أن دعا لوط عليه السلام قومه لترك الشذوذ، والتعفف، وعبادة الله تعالى، رفض قومه دعوته وكذبوه وأصرّوا على شذوذهم وفواحشهم ونشر المنكرات بينهم. وطلب قوم لوط منه أن يأتيهم بعذاب الله إن كانَ من الصادقين، وأصدروا أمرهم بإخراج لوط وأتباعه المؤمنين من القَرية فاستنصر لوط عليه السلام ربه وطلب منه أن ينصرَهُ على القوم المفسدين. فأمرَ الله الملائكة أن تتوجه إلى قُرى قوم لوط لتدمرهم وتعذبوهم على شذوذهم، وأمرهم الله عز وجل أن يمروا بإبراهيم قبل ذهابهم إلى لوط، ويبشروه ببشارتين، بابنه إسحاق وبتدمير قوم لوط، ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىٰ قَالُوا سَلَامًا ۖ قَالَ سَلَامٌ ۖ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ * فَلَمَّا رَأَىٰ أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۚ قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ * وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۖ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ ﴾ سورة هود: 69- 73. فلما جاءت الملائكة لوطا لم يعرفهم، فحسبهم ضيوفا، وكانوا حسن الصورة، فخشي لوط عليه السلام عليهم من قومه الفاسدين، فلما علم قوم لوط بوحودهم عنده أرادوا بهم سوءا وراودوا لوطا، فابى لوط عليهم ذلك ودافع عن ضيوفه، وتمنى لو كان له ركن بشري قوي ياوي اليه، ﴿ وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ * وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ۚ قَالَ يَا قَوْمِ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ۖ أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ * قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ * قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾ سورة هود: 77- 80. فأخبرت الضيوف أنهم الملائكة، أرسلهم الله لاقامة الحجة على قوم لوط، ثم إيقاع العذاب والدمار بهم، وقالوا له: ﴿ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ ﴾ سورة هود: 81، ونهوه أن يصطحبوا معه امرأته العجوز الكافرة الهالكة معهم، ﴿ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ﴾ سورة هود: 81، واخبروه بقرب وقوع العذاب بهم، ﴿ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ﴾ سورة هود: 81. قال ابن عباس رضي الله عنه: «لما جاءت رسل الله لوطا ظن أنهم ضيفان لقوه فأدناهم حتى أقعدهم قريبا، وجاء ببناته وهن ثلاث، فأقعدهن بين ضيفانه وبين قومه، فجاء قومه يهرعون إليه، فلما رآهم قال: ﴿قَالَ يَا قَوْمِ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِ﴾ سورة هود: 78، قالوا ﴿ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ * قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾ سورة هود: 80، فالتفت إليه جبريل عليه السلام فقال: ﴿ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ ﴾ سورة هود: 81، قال: فطمس أعينهم فرجعوا وراءهم يركب بعضهم بعضا حتى خرجوا إلى الذين بالباب فقالوا: جئناكم من عند أسحر الناس، قد طمس أبصارنا، فانطلقوا يركب بعضهم بعضا، حتى دخلوا القرية فرفعت في بعض الليل، حتى كانت بين السماء والأرض، حتى إنهم ليسمعون أصوات الطير في جو السماء، ثم قلبت فخرجت الإفكة عليهم، فمن أدركته الإفكة، قتلته ومن خرج أتبعته، حيث كان حجرا فقتلته، قال: فارتحل ببناته وهن ثلاث حتى إذا بلغ مكان كذا وكذا من الشام، فماتت ابنته الكبرى، فخرجت عندها عين، يقال لها الورية، ثم انطلق حيث شاء الله أن يبلغ فماتت الصغرى، فخرجت عندها عين، يقال لها الرعونة، فما بقي منهن إلا الوسطى». أخرجه الحاكم (4054)، واللفظ له، وقال فيه: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ولعل متوهما يتوهم أن هذا وأمثاله في الموقوفات وليس كذلك فإن الصحابي إذا فسر التلاوة فهو مسند عند الشيخين»، ووافقه الذهبي. وأوقع الله عز وجل بهم عذابًا خاصًّا عجيبًا لم يوقع مثله في أقوام كافرين آخرين، وكان عذابهم على مرحلتين: الأولى: أن الله طمس أعينهم فأعماهم، وذلك في الليل لما راودوا لوطا عن ضيوفه، فأمره الملائكة أن يسير مع أهله المؤمنين وقت السحر وطمسوا على أعين القوم فلا يرون شيئا. ﴿ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ ﴾ سورة الحجر: 65. الثانية: ايقاع الدمار بهم وكان هذا صباح اليوم التالي. قال تعال: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ ۖ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ ﴾ سورة القمر: 34، قال تعال: ﴿ وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ ﴾ سورة القمر: 38، فأخذتهم الصيحة حتى دُمِّروا وأُهلِكوا عن آخرهم، وهذه الصيحة صيحة خاصة انشقت بهم الأرض وأحدثت صوتا عاليا مفزعا، واعقبها التدمير والمطر والحجارة وقلب عالي القرية أسفلها، فصار السقف للأسفل، والأرض للأعلى، قال تعالى: ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73) فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ ﴾ سورة الحجر: 74. لم يرد المطر في القرآن إلا في سياق الأذى أو العقاب والعذاب، وكانت هذا المطر مصحوبا بالحجارة، وكانت عقب قلب بيوت القرية، وكانت هذه الحجارة مر صنعها بمرحلتين: الأولى: انها تصنع من طين، ﴿ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ * مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ ﴾ سورة : 33- 34، الثانية: انها تيبس وتنضج بعد صنعها من الطين، ﴿ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ ﴾ سورة الحجر: 74، ﴿ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ* مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ ﴾ سورة هود: 82، والسجيل هو الحجر المكون من الطين، والمنضود: هو المرتب المنسق المتراكم، والمسومة: هو المعلم بعلامات خاصة لهؤلاء القوم، وما هي إلا لحظات حتى قضى الله على قرية لوط بمن فيها، وازالهم عن وجه الأرض، وذهبوا إلى لعنة الله وعذابه. وأمر الرسول بقتل كل من يفعل فعلة قوم لوط، لشناعة ذَنبهم. روى ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: قال رسول الله : «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل، والمفعول به». أخرجه أبو داود (4462)، واللفظ له، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على سنن أبي داود: «ضعيف، عمرو بن أبي عمرو -وهو مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب- وإن كان صدوقا، قد استنكر عليه هذا الحديث»، والترمذي (1456)، وابن ماجه (2561)، والحاكم (8049)، وقال فيه: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه». وهذا الحديث يدل على شناعة فعل قوم لوط، بحيث شرعت عقوبة كل من شاكلهم في فعلهم بالإهلاك، كما أهلكهم الله تعالى. وسمى الله قريتهم الكبيرة المدمرة المؤتفكة: ﴿وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ * فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىٰ﴾ سورة النجم: 53- 54، وهي اسم فاعل من الإفك، قال الراغب الأصفهاني: «الإفك كل مصروف عن وجهه، الذي يحق أن يكون عليه… ورجل مافوك: مصروف عن الحق إلى الباطل». "المفردات" للراغب الأصفهاني (ص 79- 80)، فلما قلب الله بيوت قوم لوط ودمرها، وجعل عاليها سافلها صارت مؤتفكات، أي مصروفات مقلوبات، وهو عذاب يتناسب مع جرائمهم وشذوذهم، فقد قلبوا فطرتهم ورجولتهم، وبعد أن دمَّر الله قراهم وصارت مؤتفكات أبقاها آية وعبرة لمن بعدهم لتبقى شاهدة على تدمير واهلاك كل من فعل فعلهم وشذ شذوذهم، ﴿ وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ سورة العنكبوت: 35، ﴿ وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ سورة الذاريات: 37، وذم الله العرب الذين يمرون على ديار القوم المعذبين فلا يعتبرون بما جرى لأهلها ولا يتعزون، ﴿ وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ ۚ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا ۚ بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورً ﴾ سورة الفرقان: 40، ﴿ وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ سورة الصافات: 137- 138. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 250- 262)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي(1 /481- 527).

نبوته

لوط عليه السلام هو نبيٌ من أنبياء الله ورسله، أرسله الله إلى قومٍ يرتكبون الفاحشة يدعوهم إلى الله. قال تعالى: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ﴾ سورة الشعراء : 160-162. وكان لوط عليه السلام استجاب لدعوة بإبراهيم عليه السلام، لمّا كانَ يدعو قومه إلى الله في العراق، قال تعالى: ﴿ فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ ۘ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ سورة العنكبوت: 26.

دعوته

أرسلَ الله لوطًا عليه السلام نبيًا إلى قومه، ولم يكن واحدًا منهم، كما أنَّه لم يَنشأ بينهم، وإنما وجهه الله إليهم من مكانٍ آخر. وكان الانحراف التي واجهه لوط عليها السلام مع الانحراف الفكري العقدي التي بهم انحرافا سلوكيا من نوع خاص، حيث كانَ القومُ الذين دُعي لهم لوط عليه السلام منحرفين شاذين، يكفرون بالله تعالى، وأصابهم الشذوذ الجنسي، يميلون للرجال دون للنساء، فكانت ظاهرة عامة فيهم، وكانوا يجاهرون بها، فكانوا منحرفين في تفكيرهم وسلوكهم، وتبع ذلك فواحش متلاحقة متتابعة فكانوا يقطعون السبيل، ويأتون في ناديهم المنكر. لما أتى لوط عليه السلام إليهم ليدعوهم إلى عبادة الله وَجدَهم بشذوذهم فدعاهم بتطهير أجسادهم، والإقلاع عن فاحشتهم، ودعاهم للتعفف ثم إلى توحيد الله تعالى، فلم تَكن دعوته كباقي الأنبياء بالتوحيد أولًا، وإنما بدأ بدعوتهم بالتعفف وترك الفاحشة، ثم الذهاب لله متطهرين مؤمنين. وأنكرَ لوط عليه السلام فعلتهم، ودعاهم لله تعالى، فقد كانوا مسرفين في الاستمتاع بالشهوة، مبالغين فيها، متجاوزين الفطرة إلى الشذوذ والمباح إلى الحرام، ولكنهم ردّوا عليه بالتكذيب في دعوته والإصرار على شذوذهم، وطلبوا إيقاع العذاب بهم، وهددوه بإخراجه هوَ والصالحين من قريَتِهم، لكنَ لوطا لم يأبه لهم، واستمرَ بدعوته، حتى دعا الله أن ينصره، فأرسل الله تعالى لهم العذاب فأخذتهم الصيحة مصبحين، وأمطَر الله عليهم مطرًا من حجارة يابسة خاصة بهم، حتى دُمِّروا وأُهلِكوا عن آخرهم، وقضى الله على هؤلاء الكافرين الشاذين، وأبقى الله المؤتفكات والبقايا من القرية عبرةً لمن بعدهم. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 248- 251)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي(1 /481- 527).

توجيه مواقف مشكلة

هل اللواط مشتق من اسم لوط؟ وما صحة تسمية عمل قوم لوط باللواط؟ ذكر الدكتور صلاح الخالدي انه قد يقرن بعضهم بين لوط عليه السلام وفاحشة اللواط، ويظن أن الاسم مشتق من اسم لوط، لكنهما ليستا من أصل واحد، فاللواط: كلمة عربية مشتقة، لها صورة فعلية ومصدرية، تقول: لاط يلوط لوطا ولواطا. قال ابن فارس: «اللَّوْط كلمة تدل على اللصوق». "مقاييس اللغة" لابن فارس (5 /221). انظر : "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /479- 480). وذكر الدكتور عثمان الخميس أن ما يفعله كثير من الناس من تسمية عمل قوم لوط باللواط خطأ غير صحيح، ومشكل لغة وشرعا وعقلا، أما لغة: فإن اللواط في اللغة هي الاصلاح، لاط يلوط لوطا أي أصلح الشيء، وقول الرسول : «...وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله، قال: فيصعق ويصعق الناس… الحديث». أخرجه مسلم (2940). وأما شرعا: لأنه ينسب هذا إلى لوط، ولوط بريء من ذلك، بل كان ينكر عليهم هذا الفحش والسوء. وأما عقلا: لأن الإنسان يأنف ان يقال له لوطي، وينسب إلى لوط او نسبة إلى اللواط، كما لا تأنف من أن يقال: محمدي أو موسوي أو ابراهيمي، أي تابع لهم. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 260- 261). وهو كذلك ما ذهب إليه الدكتور فضل حسن عباس، وقال: «ولا أرى هذه النسبة مقبولة، فاللوطي نسبة إلى لوط كما أن المحمدي والابراهيمي نسبة إلى محمد وإبراهيم، والهاشمي نسبة إلى هاشم، فالصحيح أن يقال في نسبة أولئك الذين يفعلون فعلة قوم لوط، بدلا ان يقال لوطيون». "قصص القرآن الكريم" لفضل عباس (ص 378). قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ (74) إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ (75) يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَٰذَا ۖ إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ ۖ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ ﴾ سورة هود: 75- 76، وقوله: ﴿ وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىٰ قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ ۖ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (31) قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا ۚ قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا ۖ لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ﴾ سورة العنكبوت: 31- 32، لما علم إبراهيم أن الملائكة متوجهون إلى قوم لوط لإهلاكهم جادلهم، ولم يجادلهم محبة منه لأولئك القوم، وانما من باب الحلم والشفقة عليهم، وكان يريد إعطاءهم فرصة أخرى ووقتا آخر، لعلهم يرجعون، لكن الملائكة أخبروه بأنه لا فائدة ولا جدوى من طلب مهلة أخرى، فلما علم بتحقيق العذاب خشي على لوط ومن آمن معه فأخبروه بأنهم أعلم بمن فيها وأن الله منجوهم. انظر: "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /497). قوله تعالى: ﴿ قَالَ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ﴾ سورة الحجر: 71، ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ﴾ سورة هود: 78 ليس معنى قوله: بناتي: أنه يريد يذلك الإضافة الحقيقية، وان يذهبوا إلى بناته الحقيقيات اللواتي من صلبه، فقوله: ﴿ هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ﴾ سورة هود: 78 هو القرينة الصارفة للبنات عن المعنى الحقيقي إلى معنى آخر. والراجح أنه إنما كان يريد به بنات القرية، باعتبارهن الجنس الآخر فيها، أي دعاهم إلى التفكير السليم الفطري في تصريف الشهوة، والاقتلاع عن التفكير الشاذ وطلب قضاء الشهوة عند الرجال من نفس الجنس، واعتبر بنات القرية بنات له، لأنه نبي القرية ورسولها وهو كبير أهلها وشيخهم وصالحهم وإمامهم، فكأنه أبوة معنوية، أو أنه لا يريدهم ان يزوجه بناته، ولكنه قالها من باب الإلزام، لا من باب التقرير، أي إن كنتم لا بد فاعلين فهؤلاء بتاني. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 255- 256)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /503- 504). قوله تعالى: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾ سورة التحريم: 10: ليس المراد به الخيانة في عرضها وشرفها، أي لم تكن زانية، وانما خيانتها في الدين، فإنها رفضت الدين الحق واختارت الباطل وهو الكفر. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 254)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /513). وقد استشكل بعضهم ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: أن رسول اللَّه قال: «نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِ﴾ سورة البقرة: 260، ويرحم الله لوطا، لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف لأجبت الداعي». أخرجه البخاري (3372)، ومسلم (151). وزعم أن لوطاً عليه السلام نسي أنه كان يأوي إلى ركن الله الشديد. والجواب عن هذا: بأن لوطا عليه السلام لم ينس قوة الله، ولم ينس أنه كان يأوي إلى ركن الله القوي الشديد المتين، فهو نبي ورسول، لا يغيب عنه هذا المعنى، وإنما أراد الرسول أن يخبرنا أن لوطاً كان يعلم أنه يأوي إلى ركن الله، لأن الله أرسله، ولكن كلام لوط لقومه بحث عن قوة بشرية، ومنعة مادية، وركن واقعي من عالم الواقع البشري وقد أخبرنا رسول الله أن كل نبي بعد لوط كان في منعة من قومه. روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قالَ رَسُولُ اللَّهِ : «رحم الله لوطا كان يأوي إلى ركن شديد وما بعث الله بعده نبيا إلا في ثروة من قومه». أخرجه الترمذي (3116)، وقال فيه: «وهذا حديث حسن»، والحاكم (4054)، واللفظ له، وقال فيه: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذه الزيادة، إنما اتفقا على حديث الزهري عن سعيد وأبي عبيد عن أبي هريرة مختصرا»، وسكت عنه الذهبي في التلخيص. انظر: "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /507).

دروس وعِبَر

يستفاد من قصة لوط عليه السلام أن فاحشة اللواط من أشنع الفواحش، وفيه بيان صبر لوط على قومه، وحسن اللجوء إلى الله، وفيها وفي قصة إبراهيم جواز التعريض، وأن من علامة الرجل الرشيد أنه هو المسدد في أقواله وأفعاله، وفيه الحث على السعي على العون على أمور الخير ودفع الشر، وفيه بيان عناية الله بخليله إبراهيم، فإن لوطًا كان من أتباعه وممن آمن معه، وأن الله عز وجل إذا أراد أن يهلك قوما ازداد شرهم وطغيانهم، وأن سقوط الأخلاق سبب لنهاية المجتمعات. انظر: "مصابيح الضياء" للسعدي (ص 26- 27)، "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 262- 263).