البحث

عبارات مقترحة:

المبين

كلمة (المُبِين) في اللغة اسمُ فاعل من الفعل (أبان)، ومعناه:...

الأكرم

اسمُ (الأكرم) على وزن (أفعل)، مِن الكَرَم، وهو اسمٌ من أسماء الله...

الصمد

كلمة (الصمد) في اللغة صفة من الفعل (صَمَدَ يصمُدُ) والمصدر منها:...

آدم عليه السلام

آدم عليه السلام نبي من أنبياء الله الكرام، وهو أبو البَشر جميعهُم، على اختلافِ أجناسِهم وألوانِهم ولغاتِهم، وهو أوَّلُ مَخلوقٍ من البَشر، خَلقَ الله تعالى آدمَ عليه السلام، وَنَفخَ فيهِ مِن روحه واصطفاه وفَضَّلهُ على العالمين، وكَرَّمهُ بكراماتٍ كثيرة، منها أنَّ الله عز وجل علَّم آدم الأسماء كُلها. وَخلقَ الله منه البشرية، وأسَكنَه الله وزوجه الجنة، وجَعلَه خليفةً في الأرض.

معنى الاسم لغة

اسمُ علمٍ أعجمي، ممنوعٌ من الصَرف للعلمية والعجمة، لا اشتقاق له، لأن الاسم حتى يشتق منه لا بد أن يكون عربيًّا، وآدم اسم أعجمي. انظر: "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /81).

ذكره في القرآن الكريم

ورد ذكر آدم عليه السلام في القرآن خمسًا وعشرين مَرة، وفي معظم هذه المرات كانت خطابًا من الله لآدم، أو إخبارًا عن بعض ما جرى له، وقد وردت ست عشرة مرة على هذه الصفة، وفي بعض هذه المرات كان الكلام عن أبناء آدم وذريته، كأن يقول: ﴿يَا بَنِي آدَمَ﴾ ﴿بَنِي آدَمَ﴾ ﴿ذُرِّيَّةِ آدَمَ﴾، ووردت تسع مرات على هذه الصفة. أما قصة آدم فقد وردت في سبع سور، وهي: سورة البقرة، وسورة الأعراف، وسورة الحجر، وسورة الإسراء، وسورة الكهف، وسورة طه، وسورة ص. ففي سورة البقرة قال الله عز وجل: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ * وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ * فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ سورة البقرة : 30-39. تحدثت الآيات عن إخبار الله للملائكة عن جعله خليفة في الأرض، واستعلام الملائكة عن الحكمة من ذلك، وتعليم الله آدم الأسماء كلها، وامتحانه الملائكة، وعجزهم عن الإجابة، ونجاح آدم في الإجابة، وأمر الله الملائكة بالسجود وسجودهم كلهم، ورفض إبليس السجود وإسكان أدم وزوجه حواء الجنة، ونهل من شجرة واحدة فيها، وإباحة كل ما عداها، وتحذيرهما من عداوة الشيطان، وإغراء الشيطان لهما، أكلهما من الشجرة المحظورة، ثم إنزال الجميع إلى الأرض. وفي سورة الأعراف قال الله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ * قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ * قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ * وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ * قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ * قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ﴾ سورة الأعراف: 11- 25. تحدثت الآيات عن أمر الملائكة بالسجود وتنفيذهم الأمر، وعدم سجود إبليس، وتبريره لذلك بزعم أفضليته على آدم، وطزذ الله له من الجنة لكفره وتكبره، وإنظاره وامتداد حياته إلى قرب قيام الساعة، وتعهده بإغواء معظم أبناء آدم، وخلوده مع حزبه الكفار في النار، وإسكان آدم وزوجه الجنة، ونهيهما عن الأكل من الشجرة، ووسوسة الشيطان لهما وحلفه اليمين لهما، أكلهما من الشجرة، وظهور سوءاتهما بعد ذلك، وحياؤهما، وسترهما السوءات بورق الجنة، وعتاب الله لهما واعترافهما بالخطأ، وتوبتهما، وقبول الله لها، وإنزالهما إلى الأرض مع عدوهما إبليس، وحياتهما على وجه الأرض. وفي سورة الحجر قال الله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ * وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ * قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ * قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ * قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ 8 قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ * قَالَ هَٰذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ﴾ سورة الحجر: 26- 44. تحدثت الآيات عن خلق آدم من صلصال من حمأ مسنون، وخلق الجان قبله من نار السموم، وأمر الله الملائكة بالسجود بعد نفخ الروح فيه، ورفض إبليس لذلك، وتبريره مخالفته بتفضيله على آدم، وطرد الله له من الجنة، وإحلال لعنته عليه إلى يوم القيامة، وإنظاره وإمهاله إلى قرب قيام الساعة، وتعهده إغواء بني آدم الضالين، ومعرفته بعجزه عن إغواء عباد الله الصالحين، وعهد الله بحفظ عباده المؤمنين، وتقريره بتخليد الكافرين في جهنم. وفي سورة الإسراء قال الله عز وجل: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65) سورة الإسراء: 60-65. تحدثت الآيات عن سجود الملائكة ورفض إبليس السجود، وتعهده بإغواء بني آدم الضالين، وتمكين الله له من ذلك امتحانا للناس، وبينت مسالك الشيطان في هذا الإغواء، وتقرير عدم سلطانه على عباد الله الصالحين. وفي سورة الكهف قال الله عز وجل: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا﴾ سورة الكهف: 50. تحدثت الآية عن تنفيذ الملائكة لأمر الله، وسجودهم لآدم، ورفض إبليس، وتصرح بأن إبليس من الجن، وأن له ذرية، وانه فسق بعد أن لم يكن كذلك، وتحذر الناس من طاعته واتخاذه وليا من دون الله. وفي سورة طه قال الله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى * فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى * فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى * فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى * قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ سورة طه: 115- 124. بدأت الآيات بالإشارة إلى عهد الله لآدم بعدم أكله من الشجرة ونسيانه العهد، وأكله من الشجرة ناسيًا غيرَ عامد. ثم تحدثت الآيات عن سجود الملائكة له، ورفض إبليس وتحذير الله آدم وزوجه من عداوة إبليس، وبيان هدفه في إخراجهما من الجنة، ووسائل الراحة الذي هياه الله لهما فيها، ومداخل الشيطان التي استطاع الشيطان أن يدخل منها لآدم، وأدى إلى أكلهما من الشجرة، وانكشاف سوءاتهما، ومعصية آدم لربه، ثم توبته، وإنزال الجميع من الجنة إلى الأرض. وفي سورة ص قال الله عز وجل: ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ * قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ * قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ * قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ * لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ سورة ص: 71- 85. بدأت الآيات بالإشارة إلى توظيف قصة آدم في القرآن دليلًا على أنه كلام الله، وأن محمدًا هو رسول الله وإلا فمن أدراه بتفصيلات قصة آدم في الجنة؟ ثم تشير الآيات إلى إخبار الله للملائكة عن خلق آدم، وتكليفهم بالسجود له عند نفخ الروح فيه، ورفض إبليس السجود، وتبريره رفضه بأنه خير من آدم، ولعنة الله عليه، وإخراجه من الجنة، وإنظاره وإمهاله إلى قرب قيام الساعة، وتعهده بإغواء بني آدم الضالين، وعجزه عن فعل ذلك مع عباد الله الصالحين. انظر: "قصص القرآن الكريم" لفضل عباس (ص 105- 117)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /81- 86).

ذكره في السنة النبوية

ورد ذكر آدم عليه السلام في السنة النبوية، ومن ذلك : صفة خلق آدم عليه السلام. من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله : «خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم». أخرجه مسلم (2996). المارج: اللهب المختلط بسواد النار. من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالاباء مؤمن تقي، وفاجر شقي، أنتم بنو آدم وآدم من تراب، ليدعن رجال فخرهم بأقوام، إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن». أخرجه الترمذي (3950)، وأبو داود (5116)، وأحمد في المسند (2 /523- 524)، وقال الترمذي: حسن غريب، ونقل المنذري تصحيحه. التراب الذي خلق الله منه آدم عليه السلام. من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي قال: «إن الله تعالى خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، فجاء منهم الأحمر والاسود وبين ذلك، والسهل والحزن والخبيث والطيب وبين ذلك». أخرجه الترمذي برقم (2955)، وأبو داود (4693)، وابن خزيمة في التوحيد (ص 44)، والبيهقي في السنن (3/9)، وفي الأسماء والصفات (ص 357- 358)، وابن حبان في الإحسان (6160)، والحاكم (2 /261 262)، وقال الترمذي : حسن صحيح، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي ويعلل الحديث سر اختلاف الناس في ألوانهم، فهو بسبب اختلاف ألوان تراب الارض، كما يعلل سر اختلاف الناس في نفسياتهم وطبائعهم ومشاعرهم، فهو بسبب اختلاف طبيعة تراب الأرض، وهذا يدل على أن القبضة الترابية التي خلق منها آدم عليه السلام جمعت ألوان التراب المختلفة، وصفاته المتعددة. انظر: "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /91). أول ما خلق من آدم عليه السلام. من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «ما بين النفختين أربعون، قالوا: يا أبا هريرة ! أربعون يوما، قال : أبيت قالوا : أربعون شهرا، قال : أبيت. قالوا : أربعين سنة، قال : أبيت ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظما واحدا، وهو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة». أخرجه البخاري (4935)، ومسلم (2955)، واللفظ للبخاري، وأبو داود (4743)، والنسائي في السنن (2037)، وابن ماجه (4266). وفي لفظ آخر عند مسلم: «كل ابن آدم يأكله التراب، إلا عجب الذنب، منه خلق وفيه يركب». أخرجه مسلم (2955). وعجب الذنب: العظم الذي في أصل الصلب (الظهر) فإنه قاعدة البدن. منه يركب: أي خلقه يوم القيامة. قال إبراهيم العلي: «وبلاء أجسام الناس في قبورهم ليس على عمومه مع كل الناس فقد جاء في الفتح الرباني لترتيب مسند أحمد بن حنبل الشيباني مانصه: قال العلماء: هذا عام خص منه نحو عشرة أصناف نبياء والشهداء والصديقين والعلماء العاملين والمؤذن المحتسب وحامل القرآن العامل به كما جاء في الأحاديث». "الأحاديث الصحيحة من أخبار وقصص الأنبياء" لإبراهيم العلي (ص 13). قول إبليس لما رأى آدم عليه السلام على صورته. من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه : أن رسـول الله : «قال لما صور الله تعالى آدم في الجنة تركه ماشاء انته أن يتركه، فجعل إبليس يطيف به ينظر إليه، فلما راه أجوف، عرف أنه خلق لا يتمالك». أخرجه مسلم (2611)، والحاكم (2 /542)، والبيهقي في الأسماء والصفات (ص 386)، وابن حبان في الإحسان (6163)، وأحمد في المسند (3 /152). يطيف به: طاف بالشيء يطوف طوفا وطوافا إذا استدار حواليه. فلما راه أجوف : جوف صاحب الجوف، أي داخله خال. لا يتمالك: لا يملك نفسه ويحبسها عن الشهوات، وقيل: لا يملك دفع وسوسة الشيطان عنه، وقيل: لا يملك نفسه عند الغضب. والمراد جنس بني آدم. انظر: "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /96- 97). إعلام الله بنبوة محمد عليه السلام قبل نفخ الروح في آدم عليه السلام. أخبرنا رسول الله أ ن الله قدر جعله نبيا وخاتم النبيين وفق علمه وإرادته سبحانه، وآدم تمثال ملقى على أرض الجنة، قبل نفخ الروح فيه من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: «إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأنبئكم بتأويل ذلك، دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى قومه، ورؤيا أمي التي رأت أنه خرج منها نور، أضاءت له قصور الشام». أخرجه أحمد (4 /127- 128)، والبيهقي في الدلائل (1 /80)، والطبراني في الكبير (18 /252)، والبزار في كشف الأستار(2365)، والحاكم (2 /6)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8 /223): رواه أحمد بأسانيد والطبراني بنحوه والبزار وأحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح غير سعيد بن سويد وقد وثقه ابن حبان وللحديث شواهد من حديث ميسرة الفجر أخرجه أحمد (5 /59)، والحاكم (2 /608- 609)، والبيهقي في الدلائل (1 /84- 85)، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. منجدل : ملقى على الأرض. في طينته: يعني وهو في مرحلة الطين التي سبق ذكرها في حديث أنس. من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «قالوا: يا رسول الله: متى وجبت لك النبوة؟ قال: وآدم بين الروح والجسد». أخرجه الترمذي (3609)، والحاكم في المستدرك (2 /609)، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه؛ قال إبراهيم العلي: الحديث صحيح انظر شواهده في صحيح السيرة النبوية للمؤلف. قوله: وآدم بين الروح والجسد: أي وجبت لي النبوة والحال أن آدم مطروح على الأرض صورة باد روح، والمعنى أنه قبل تعلق روحه بجسده. انظر: "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /97- 98). متى نفخ الله الروح في آدم ع ليه السلام ؟ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: أخذ رسول الله بيدي فقال: «خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الإثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، ويث فيها الدواب يوم الخميس ، وخلق آدم بعد العصر مـن يوم الجمعة آخر الخلق، في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى في آخر الليل». أخرجه مسلم (2789)، والنسائي في الكبرى (10 /123)، والبيهقي في الأسماء والصفات (ص 275)، وأحمد في المسند (2 /327). وفي رواية أخرى لمسلم عن أبي هريرة رضي انته عنه قال: قال رسول الله : «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها». أخرجه مسلم (854)، وأبو داود (1046)، والترمذي (488، 491)، والنسائي (3 /90-91)، وأحمد (2 /486). وفي لفظ أبي داود: «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أهبط، وفيه تيب عليه، وفيه مات، وفيه تقوم الساعة، وما من دابة إلا وهي مسيخة يوم الجمعة من حيث تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا الجن والإنس، وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله عز وجل حاجة إلا أعطاه إياها». أخرجه أبو داود (1046). مسيخة: ويروى مصيخة: منتظرة لقيام الساعة. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 54)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /101). خلق آدم عليه السلام وإخراج الذرية. من حديث عبد الرحمن بن قتادة السلمي، وكان من أصحاب النبي قال: قال رسول الله : «إن الله عز وجل خلق آدم، ثم أخذ الخلق من ظهره، وقال: هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي، وهؤلاء إلى النار ولا أبالي، فقال قائل : يا رسول الله فعلى ماذا نعمل؟ قال : على مواقع القدر». أخرجه أحمد في المسند (4 /186)، والحاكم في المستدرك (1 /31)، وقال الحاكم: صحيح ووافقه الذهبي، وهو حديث صحيح كما قالا، وقال الهيثمي في المجمع (8 /201): رواه الطبراني وإسناده جيد. من حديث هشام بن حكيم رضي الله عنه: «أن رجلا أتى النبي فقال: يا رسول الله، أنبتدىء الأعمال أم قد قضى القضاء؟ فقال رسول الله: إن الله أخذ ذرية آدم من ظهره ثم أشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم؟ قالوا بلى، ثم أفاض في كفة فقال: هؤلاء في الجنة، وهؤلاء في النار. أما أهل الجنة فميسرون لعمل أهل الجنة. وأما أهل النار فميسرون لعمل أهل النار». أخرجه الطبراني في الكبير (434)، والبزار في الكشف (2140)، والبيهقي في الأسماء والصفات (ص 326) والبخاري في التاريخ الكبير (4 /2 /191)، وقال الهيثمي: رواه البزار والطبراني وفيه بقية بن الوليد وهو ضعيف ويحسن احاديثه بكثرة الشواهد وإسناد الطبراني حسن. قال ابراهمي العلي: وقد صرح بقية بالتحديث فزالت شبهة التدليس. عرض ذرية آدم عليه السلام عليه حين خلق. من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه المتفق عليه، عن النبي قال: «يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة : لو كان لك ما على ا7رض من شيء أكنت مفتديا به؟ قال: فيقول: نعم. فيقول : قد أردت منك ما هو أهون من ذلك، قد أخذت عليك في ظهر آدم تشرك بي شيئا، فأبيت إلا أن تشرك». أخرجه البخاري (3334، 6538، 6557)، ومسلم (5). نفخ الروح في آدم عليه السلام. من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله قال: «لما نفخ في آدم الروح مارت وطارت، فصارت في رأسه، فعطس فقال: الحمد لله رب العالمين، فقال الله: يرحمك الله». أخرجه ابن حبان (2081)، والحاكم (4 /263)، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم وإن كان موقوفا، ووافقه الذهبي، والحديث صحيح، وله شاهد من حديث أبي هريرة. من حديث أبي هريرة رضي رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «لما خلق الله آدم، ونفخ فيه الروح عطس، فقال: الحمد لله، فحمد الله بإذن الله تبارك وتعالى، فقال له ربه: رحمك الله يا آدم، وقال له: يا آدم، اذهب إلى أولئك الملائكة، إلى ملأ منهم جلوس، فقل: السلام عليكم، فقالوا: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، ثم رجع إلى ربه عز وجل فقال: هذه تحيتك وتحية بنيك وبنيهم، فقال الله تبارك وتعالى له - ويداه مقبوضتان -: اختر أيهما شئت، قال: اخترت يمين ربي، وكلتا يدي ربي يمين مباركة، ثم بسطها، فإذا فيها آدم وذريته، فقال: أي رب، ما هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك، فإذا كل إنسان مكتوب عمره بين عينيه، وإذا فيهم رجل أضوؤهم، أو من أضوئهم، لم يكتب له إلا أربعين سنة، فقال: يارب ، من هذا؟ فقال: هذا ابنك داود ، وقد كتبت له أربعين سنة، فقال: يارب ، زده في عمره، قال: ذاك الذي كتبت له، قال: فإني جعلت له من عمري ستين سنة، قال: أنت وذاك، فقال: ثم أُسْكِن الجنة ما شاء الله، ثم أُهْبِط منها، وكان آدم يعد لنفسه فأتاه ملك الموت، فقال له آدم: قد عجلت، قد كتب لي ألف سنة، قال: بلى، ولكنك جعلت لابنك داود منها ستين سنة، فجحد فجحدت ذريته، ونسي فنسيت ذريته، فيومئذ أمر بالكتاب والشهود». أخرجه الترمذي (3368)، والبيهقي في الأسماء والصفات (ص 324)، والحاكم (1 /64)، وابن حبان في الموارد (2082)، وقال الترمذي: حسن غريب، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي. وقد أفادت الأحاديث أن آدم خلق خلقا سويا كاملا منذ بداية خلقه، وأن تحميد العاطس وتشميته من الشرائع العامة، وبينت الأحاديث أحداثا جرت مع أبينا آدم، منها: عطاسه، وقوله الحمد لله، وقول الملائكة له: رحمك الله، ومنها تسليمه على الملائكة، وردهم عليه، ومسح ظهـره وغير ذلك، وأثبتت الأحاديث القدر، وبينت أن الله علم أعمار العبـاد في الأزل، وكتــب ذلـك عنـده، وأثبتت اليدين لله، وهو يقبضهما متى شاء كيف شاء، وبينت فضل نبي الله داود، وقدرة آدم على العد والحساب، ومقدار عمر آدم وأنه عاش ألف عام، وأفادت أن من طبيعة آدم وبنيه الجحود والنسيان، ومشروعية الكتابة في العقود والمعاملات، وغير ذلك. انظر: "صحيح القصص النبوي" لعمر الأشقر (ص 19- 24). تعليم الله عز وجل آدم عليه السلام الأسماء كلها. من حديث أنس رضي الله عنه، عن النبي قال: «يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا، فيأتون آدم فيقولون: أنت أبو الناس، خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، فاشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيقول: لست هناكم، ويذكر ذنبه فيستحي، ائتوا نوحا، فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض، فيأتونه...». أخرجه البخاري (4476)، ومسلم (193)، واللفظ للبخاري. بكاء الشيطان لامتثال ابن آدم للسجود في حين رفض هو تنفيذ ذلك حين أمر. من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي، يقول : يا ويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار». أخرجه مسلم (81). سبب خروج آدم عليه السلام من الجنة. من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في حديث الشفاعة الطويل، يقول رسول الله : «. ..فيقول بعض الناس: ألا ترون إلى ما أنتم فيه، إلى ما بلغكم؟ ألا تنظرون إلى من يشفع لكم إلى ربكم، فيقول بعض الناس: أبوكم آدم فيأتونه فيقولون: يا آدم أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، وأسكنك الجنة، ألا تشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه وما بلغنا؟ فيقول: ربي غضب غضبا لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، ونهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح...». أخرجه البخاري (3340)، ومسلم (194)، واللفظ للبخاري. حياء آدم عليه السلام من الله بعدما عصى وأكل من الشجرة. من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه، عن النبي قال: «إن آدم كان رجلا طوالا، كأنه نخلة سحوق، كثير شعر الرأس، فلما ركب الخطيئة بدت له عورته، وكان لا يراها قبل ذلك، فانطلق هاربا في الجنة، فتعلقت به شجرة، فقال لها: أرسليني. قالت: لست بمرسلتك. قال: وناداه ربه: يا آدم أمني تفر؟ قال: يا رب إني استحيتك». أخرجه الحاكم وقال فيه: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي. مكانة آدم عليه السلام في الجنة. من حديث أنس بن مالك قال: كان أبو ذر رضي الله عنه يحدث أن رسول الله قال: «فرج سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل ففرج صدري، ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب، ممتلئ حكمة وإيمانا، فأفرغها في صدري، ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء، فلما جاء إلى السماء الدنيا قال جبريل لخازن السماء: افتح، قال من هذا؟ قال هذا جبريل قال: معك أحد قال: معي محمد، قال أرسل إليه؟ قال: نعم فافتح، فلما علونا السماء الدنيا إذا رجل عن يمينه أسودة، وعن يساره أسودة، فإذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى، فقال: مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح، قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا آدم، وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه، فأهل اليمين منهم أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى، ثم عرج بي جبريل حتى أتى السماء الثانية، فقال لخازنها: افتح، فقال له خازنها مثل ما قال الأول، ففتح… الحديث». أخرجه البخاري (3342)، ومسلم (163)، واللفظ للبخاري. توبة آدم عليه السلام و استشعار ذنبه يوم القيامة. من حديث حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «يجمع الله تبارك وتعالى الناس، فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة، فيأتون آدم، فيقولون: يا أبانا، استفتح لنا الجنة، فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم، لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله… الحديث». أخرجه مسلم (195). إخراج بعث النار. من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: «أول من يدعى يوم القيامة آدم، فتراءى ذريته، فيقال: هذا أبوكم آدم، فيقول: لبيك وسعديك، فيقول: أخرج بعث جهنم من ذريتك، فيقول: يا رب كم أخرج، فيقول: أخرج من كل مائة تسعة وتسعين، فقالوا: يا رسول الله، إذا أخذ منا من كل مائة تسعة وتسعون، فماذا يبقى منا؟ قال: إن أمتي في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود». أخرجه البخاري (6529). من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «يقول الله: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك، قال: يقول: أخرج بعث النار، قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين، فذاك حين يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكرى وما هم بسكرى ولكن عذاب الله شديد، فاشتد ذلك عليهم، فقالوا: يا رسول الله، أينا ذلك الرجل؟ قال: أبشروا، فإن من يأجوج ومأجوج ألفا ومنكم رجل، ثم قال: والذي نفسي بيده، إني لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة، قال: فحمدنا الله وكبرنا، ثم قال: والذي نفسي بيده، إني لأطمع أن تكونوا شطر أهل الجنة، إن مثلكم في الأمم كمثل الشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو الرقمة في ذراع الحمار». أخرجه البخاري (6530)، ومسلم (222)، واللفظ للبخاري. من حديث عمران بن حصين، قال: «كنا مع النبي في سفر، فتفاوت بين أصحابه في السير، فرفع رسول الله صوته بهاتين الآيتين ﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم، إلى قوله: ﴿ولكن عذاب الله شديد﴾ سورة الحج: 1-2، فلما سمع ذلك أصحابه حثوا المطي وعرفوا أنه عند قول يقوله، فقال: هل تدرون أي يوم ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذلك يوم ينادي الله فيه آدم فيناديه ربه فيقول: يا آدم ابعث بعث النار، فيقول: أي رب، وما بعث النار؟ فيقول: من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد في الجنة، فيئس القوم حتى ما أبدوا بضاحكة، فلما رأى رسول الله الذي بأصحابه قال: اعملوا وأبشروا، فوالذي نفس محمد بيده إنكم لمع خليقتين ما كانتا مع شيء إلا كثرتاه، يأجوج ومأجوج، ومن مات من بني آدم وبني إبليس، قال: فسري عن القوم بعض الذي يجدون، فقال: اعملوا وأبشروا، فوالذي نفس محمد بيده ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير أو كالرقمة في ذراع الدابة». أخرجه الترمذي (3169)، وقال فيه: «هذا حديث حسن صحيح». دخول الناس الجنة على هيئة آدم عليه السلام إكراما له. من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوطون، ولا يتفلون ولا يمتخطون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومجامرهم الألوة الأنجوج، عود الطيب وأزواجهم الحور العين، على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم، ستون ذراعا في السماء». أخرجه البخاري (3327)، ومسلم (2834)، واللفظ للبخاري. انظر: "الأحاديث الصحيحة من أخبار وقصص الأنبياء" لإبراهيم العلي (ص 11- 35).

صفته الخَلْقِية

روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه من حديثه المتفق عليه عندهما قال: قال رسول الله : «خلق الله آدم على صورته، وطوله ستون ذراعا، ثم قال : اذهب فسلم على أولئك النفر، وهم نفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فذهب فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليكم ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم في طوله ستون ذراعا، فلم تزل الخلق تنقص بعده حتى الآن». أخرجه البخاري (6227)، ومسلم (2841)، واللفظ للبخاري. على صورته: الضمير في صورته عائد إلى آدم. والمراد أنه خلق في أول نشأته على صورته التي أهبطه الله عليها إلى الأرض، والتي توفي عليها، وهي طوله ستون ذراعا، ولم يتطور في جسمه ولم تتغير صورته، ولم تتبدل، وكانت صورته في الجنة هي صورته في الأرض لم تتغير، وكان طوله ستين ذراعا، وطول الناي بعده صار يتناقص، والمؤمنون يدخلون الجنة على طول أبيهم آدم، والسلام تحية المسلمين منذ أبيهم آدم. انظر: "القصص القرآني" صلاح الخالدي (1 /103- 105).

صفته الخُلُقيَّة

اختص آدم بأربع خصائص: خلقه الله بيده. نفخ الله فيه من روحه. أسجد له ملائكته. أعلمه أسماء الأشياء كلها. "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 55).

قصصه

قصة معصية آدم واحتجاج موسى على آدم عليهما السلام بها.

عصى آدم ربه بنص القرآن وباعترافه هو. قال تعالى: ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾ سورة طه: 121، قال تعالى: ﴿قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ سورة الأعراف: 23. وقال تعالى: ﴿﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾ سورة طه: 115. وبين الله ان آدم أكل من الشجرة ناسيا ولم يكن عامدا قاصدا ولا عازما متعمدا على المخالفة، ولذلك تاب وأناب إلى الله، فقبل الله منه وتاب عليه. ويبقى آدم عليه السلام خائفا من معصيته، ولهذا يرد الناس الذين يأتون إليه يستشفعونه. فعن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث الشفاعة الطويل، يقول رسول الله : «. ..فيقول بعض الناس: ألا ترون إلى ما أنتم فيه، إلى ما بلغكم؟ ألا تنظرون إلى من يشفع لكم إلى ربكم، فيقول بعض الناس: أبوكم آدم فيأتونه فيقولون: يا آدم أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، وأسكنك الجنة، ألا تشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه وما بلغنا؟ فيقول: ربي غضب غضبا لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، ونهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح...». أخرجه البخاري (3340)، ومسلم (194)، واللفظ للبخاري. وروى حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «يجمع الله تبارك وتعالى الناس، فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة، فيأتون آدم، فيقولون: يا أبانا، استفتح لنا الجنة، فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم، لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله… الحديث». أخرجه مسلم (195). وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي قال: «حاج موسى آدم، فقال له: أنت الذي أخرجت الناس من الجنة بذنبك وأشقيتهم، قال: قال آدم: يا موسى، أنت الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه، أتلومني على أمر كتبه الله علي قبل أن يخلقني - أو قدره علي قبل أن يخلقني - " قال رسول الله : فحج آدم موسى». أخرجه البخاري (4738)، ومسلم (2652)، واللفظ للبخاري. فلام موسى آدم على أكله من الشجرة، الذي ترتب عليه إخراج ذريته من الجنة، وكانت حجة آدم أوضح، ورده على موسى أقوى، وشهد له رسول الله بالغلبة. وفي تفسير ذلك يقول ابن كثير: «ومدار معظمها في الصحيحين وغيرهما على أنه لامه على إخراجه نفسه وذريته من الجنة، فقال له آدم: أنا لم أخرجكم، وإنما أخرجكم الذي رتب الإخراج على أكلي من الشجرة، والذي رتب ذلك وقدره وكتبه قبل أن أخلق، هو الله عزوجل، فأنت تلومني على أمر ليس له نسبة إلى أكثر من أني نهيت عن الأكل من الشجرة فأكلت منها، وكون الإخراج مترتبا على ذلك ليس من فعلي، فأنا لم أخرجكم ولا نفسي من الجنة، وإنما كان هذا من قدر الله وصنعه، وله الحكمة في ذلك، فلهذا حج آدم موسى». "قصص الأنبياء" لابن كثير (1 /37). انظر: "القصص القرآني" صلاح الخالدي (1 /137- 142).

قصة خلق آدم عليه السلام.

لقد مر خلق آدم عليه السلام قبل نفخ الروح فيه بمراحل عدة، استفدناها من الآيات والأحاديث، وهي: خلقه من حفنة من تراب. قال تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ سورة آل عمران: 59. والهاء في خلقها تعود على آدم عليه السلام. أي : خلق الله آدم من تراب، ثم قال له كن، فكان كما أراد الله وروى أبو هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله قال: «أنتم بنو آدم، وآدم من تراب». أخرجه أبو داود (5116)، والترمذي (3950)، وقال فيه: «هذا حديث حسن صحيح». خلقه من الطين، وذلك بأن مزجت حفنة التراب المأخوذة من الأرض بالماء فصارت طينا. قـال تـعـالـى: ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ﴾ سورة ص: 71، وقال ابليس متباهيا لاصله الناري على كين آدم: ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾ سورة الأعراف: 12. خلقه من طين لازب. قال تعالى: ﴿إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ﴾ سورة الصافات: 12. والازب: الثابت شديد الثبوت. وهذه المرحلة ناتجة عن تحويل الطين الرخو بسبب الماء، في المرحلة السابقة إلى طين لازب شديد متماسك كثيف غليظ، وذلك تمهيدا لتجميده وتيبيسه، ليصنع منه تمثال آدم عليه السلام. خلقه من صلصال من حمأ مسنون. قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ﴾ سورة الحجر: 28. والصلصال هو الطين اليابس الجاف على القول الراجح، والحمأ هو طين أسود منتن، والمسنون المتغير. فمعنى: من صلصال من حمأ مسنون: من طين أسود منتن متغير جاف. وهذه المرحلة ناتجة عن المرحلة السابقة، فبعد أن صار المائع الرخو طينا ثابتا شديدا جامدا ترك فترة، فتحول إلى أسود منتن متغير جاف. خلقه من صلصال كالفخار. قال تعالى: ﴿خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ﴾ سورة الرحمن: 14. والصلصال هو الطين اليابس، وسمي صلصالا لأنك إذا نقرت عليه يصل، أي : يخرج الصوت. وشبه بالفخار وهو الآنية المصنوعة من الطين والمحروقة بالنار، لأنه صار في هذه المرحلة كالفخار يخرج صوتا وصلصلة إذا نقر عليه. وهذه المرحلة الخامسة والأخيرة في خلق آدم قبل أن ينفخ فيه الروح ويصير إنسانا حيا. من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله : «خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم». أخرجه مسلم (2996). المارج: اللهب المختلط بسواد النار. من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالاباء مؤمن تقي، وفاجر شقي، أنتم بنو آدم وآدم من تراب، ليدعن رجال فخرهم بأقوام، إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن». أخرجه الترمذي (3950)، وأبو داود (5116)، وأحمد في المسند (2 /523- 524)، وقال الترمذي: حسن غريب، ونقل المنذري تصحيحه. ثم بعد ذلك كان نسل آدم عليه السلام من مني. قال الله تعالى: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ۖ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ﴾ سورة السجدة: 7-8. فآدم خلق من تراب، وذريته بعد ذلك خلقت من ماء مهين، من نطفة من مني يمنى. وبذلك ترى أنه لا تضاد ولا تعارض بين الآيات الواردة في خلق آدم عليه السلام أبو البشرية. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 44)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /90- 95).

قصة تسوية آدم عليه السلام وتصويره جسدا بدون روح.

وكان آدم قبل نفخ الروح فيه جَسدًا مُصوّرًا، وتمثالًا مُجسَّمًا، بدون روح وحياة. ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ﴾ سورة الأعراف: 11. فالتصوير مرحلة ثانية بعد الخلق، فبعد أن خلقه الله من الطين صوره وسواه، وجعله تمثالا مجسما، على صورة إنسان. ولهذا قال الله للملائكة: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ سورة الحجر: 28-29. وأول ما خلق منه عجب الذنب كما ورد بذلك الأحاديث الصحيحة. حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «ما بين النفختين أربعون، قالوا: يا أبا هريرة ! أربعون يوما، قال : أبيت قالوا : أربعون شهرا، قال : أبيت. قالوا : أربعين سنة، قال : أبيت ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظما واحدا، وهو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة». أخرجه البخاري (4935)، ومسلم (2955)، واللفظ للبخاري، وأبو داود (4743)، والنسائي في السنن (2037)، وابن ماجه (4266). وفي لفظ آخر عند مسلم: «كل ابن آدم يأكله التراب، إلا عجب الذنب، منه خلق وفيه يركب». أخرجه مسلم (2955). وعجب الذنب: العظم الذي في أصل الصلب (الظهر) فإنه قاعدة البدن. منه يركب: أي خلقه يوم القيامة. قال إبراهيم العلي: «وبلاء أجسام الناس في قبورهم ليس على عمومه مع كل الناس فقد جاء في الفتح الرباني لترتيب مسند أحمد بن حنبل الشيباني مانصه: قال العلماء: هذا عام خص منه نحو عشرة أصناف نبياء والشهداء والصديقين والعلماء العاملين والمؤذن المحتسب وحامل القرآن العامل به كما جاء في الأحاديث». "الأحاديث الصحيحة من أخبار وقصص الأنبياء" لإبراهيم العلي (ص 13). ولما كان آدم جسدًا تمثالًا مُلقىً على أرض الجنة كان إبليس ينظر إليه فاحصًا ويتعجب، فلما أمعن النظر وجده أجوف، فعرف أنه مخلوق لا يتمالك. من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه : أن رسـول الله : «قال لما صور الله تعالى آدم في الجنة تركه ماشاء انته أن يتركه، فجعل إبليس يطيف به ينظر إليه، فلما راه أجوف، عرف أنه خلق لا يتمالك». أخرجه مسلم (2611)، والحاكم (2 /542)، والبيهقي في الأسماء والصفات (ص 386)، وابن حبان في الإحسان (6163)، وأحمد في المسند (3 /152). يطيف به: طاف بالشيء يطوف طوفا وطوافا إذا استدار حواليه. فلما راه أجوف : جوف صاحب الجوف، أي داخله خال. لا يتمالك: لا يملك نفسه ويحبسها عن الشهوات، وقيل: لا يملك دفع وسوسة الشيطان عنه، وقيل: لا يملك نفسه عند الغضب. والمراد جنس بني آدم. انظر: "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /95- 97).

قصة استخلاف آدم عليه السلام.

في مرحلة تسوية آدم عليه السلام جسدًا، وتصويره تمثالًا مُجسَّمًا من مراحل خلقه عليه السلام أخبر الله الملائكة عن إرادته في جعل هذا المخلوق خليفة في الأرض. قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ سورة البقرة: 30. وهذا القول من الله عز وجل لهم من باب الإعلام والإخبار، لا من باب الاستشارة والحوار، وهو يخبرهم عن أمر مستقبلي، لم تكن قد نفخت فيه الروح، والله أعلم، قكان بين الله عز وجل والملائكة من الحديث ما نقله الله عز وجل إلينا في الآيات، وسؤال الملائكة الله عز وجل: ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ سورة البقرة : 30 سؤال استفسار واستعلام لا سؤال اعتراض. أما كيف عرف الملائكة أن بني آدم سيفسدون في الأرض؟ فقد ذكر العلماء أربعة أجوبة: انه الهام، أو إخبار من الله لهم ذلك، أو أنهم توقعوا ذلك أو انه من باب القياس على الجن الذين خلقوا قبل الإنس وأفسدوا في الأرض. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 49- 50)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /98- 100).

قصة نفخ الروح في آدم عليه السلام.

لما أراد الله بث الحياة في آدم نفخ فيه من روحه فصار مخلوقا حيا. قال تعالى: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ سورة الحجر: 29. وهذه نفحة غيبية لا تعرف كيف تمت، وحرف من في قول الله تعالى من روحي: لبيان الجهة أي أنها من عند الله، وليست تبعيضية، لأنه لا تبعيض في روح الله، لأن روح الله لا تتجزأ ولا تنقسم ولا تتبعض. وإضافة الروح إلى الله للتشريف والتكريم. من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله قال: «لما نفخ في آدم الروح مارت وطارت، فصارت في رأسه، فعطس فقال: الحمد لله رب العالمين، فقال الله: يرحمك الله». أخرجه ابن حبان (2081)، والحاكم (4 /263)، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم وإن كان موقوفا، ووافقه الذهبي، والحديث صحيح، وله شاهد من حديث أبي هريرة. من حديث أبي هريرة رضي رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «لما خلق الله آدم، ونفخ فيه الروح عطس، فقال: الحمد لله، فحمد الله بإذن الله تبارك وتعالى، فقال له ربه: رحمك الله يا آدم، وقال له: يا آدم، اذهب إلى أولئك الملائكة، إلى ملأ منهم جلوس، فقل: السلام عليكم، فقالوا: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، ثم رجع إلى ربه عز وجل فقال: هذه تحيتك وتحية بنيك وبنيهم، فقال الله تبارك وتعالى له - ويداه مقبوضتان -: اختر أيهما شئت، قال: اخترت يمين ربي، وكلتا يدي ربي يمين مباركة، ثم بسطها، فإذا فيها آدم وذريته، فقال: أي رب، ما هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك، فإذا كل إنسان مكتوب عمره بين عينيه، وإذا فيهم رجل أضوؤهم، أو من أضوئهم، لم يكتب له إلا أربعين سنة، فقال: يارب ، من هذا؟ فقال: هذا ابنك داود ، وقد كتبت له أربعين سنة، فقال: يارب ، زده في عمره، قال: ذاك الذي كتبت له، قال: فإني جعلت له من عمري ستين سنة، قال: أنت وذاك، فقال: ثم أُسْكِن الجنة ما شاء الله، ثم أُهْبِط منها، وكان آدم يعد لنفسه فأتاه ملك الموت، فقال له آدم: قد عجلت، قد كتب لي ألف سنة، قال: بلى، ولكنك جعلت لابنك داود منها ستين سنة، فجحد فجحدت ذريته، ونسي فنسيت ذريته، فيومئذ أمر بالكتاب والشهود». أخرجه الترمذي (3368)، والبيهقي في الأسماء والصفات (ص 324)، والحاكم (1 /64)، وابن حبان في الموارد (2082)، وقال الترمذي: حسن غريب، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي. وقد أفادت الأحاديث أن آدم خلق خلقا سويا كاملا منذ بداية خلقه، وأن تحميد العاطس وتشميته من الشرائع العامة، وبينت الأحاديث أحداثا جرت مع أبينا آدم، منها: عطاسه، وقوله الحمد لله، وقول الملائكة له: رحمك الله، ومنها تسليمه على الملائكة، وردهم عليه، ومسح ظهـره وغير ذلك، وأثبتت الأحاديث القدر، وبينت أن الله علم أعمار العبـاد في الأزل، وكتــب ذلـك عنـده، وأثبتت اليدين لله، وهو يقبضهما متى شاء كيف شاء، وبينت فضل نبي الله داود، وقدرة آدم على العد والحساب، ومقدار عمر آدم وأنه عاش ألف عام، وأفادت أن من طبيعة آدم وبنيه الجحود والنسيان، ومشروعية الكتابة في العقود والمعاملات، وغير ذلك. انظر: "صحيح القصص النبوي" لعمر الأشقر (ص 19- 24). وكان نفخ الروح في آدم في آخر ساعة من يوم الجمعة، فيما بين العصر إلى المغرب. من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: أخذ رسول الله بيدي فقال: «خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الإثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر مـن يوم الجمعة آخر الخلق، في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى في آخر الليل». أخرجه مسلم (2789)، والنسائي في الكبرى (10 /123)، والبيهقي في الأسماء والصفات (ص 275)، وأحمد في المسند (2 /327). وفي رواية أخرى لمسلم عن أبي هريرة رضي انته عنه قال: قال رسول الله : «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها». أخرجه مسلم (854)، وأبو داود (1046)، والترمذي (488، 491)، والنسائي (3 /90-91)، وأحمد (2 /486). وفي لفظ أبي داود: «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أهبط، وفيه تيب عليه، وفيه مات، وفيه تقوم الساعة، وما من دابة إلا وهي مسيخة يوم الجمعة من حيث تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا الجن والإنس، وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله عز وجل حاجة إلا أعطاه إياها». أخرجه أبو داود (1046). مسيخة: ويروى مصيخة: منتظرة لقيام الساعة. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 54)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /101).

قصة تفضيل الله عز وجل لآدم عليه السلام، وتعليم الأسماء كلها له.

قال الله تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ سورة البقرة: 31-33. وفي هذا تفضيل لآدم إذ ميزه الله بالعلم. يقول السعدي: «-ومن فوائد قصة آدم-: فضيلة العلم، وأن الملائكة لما تبين لهم فضل آدم بعلمه عرفوا بذلك كماله، وأنه يستحق والتوقير». "مصابيح الضياء" للسعدي (ص 11). من حديث أنس رضي الله عنه، عن النبي قال: «يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا، فيأتون آدم فيقولون: أنت أبو الناس، خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، فاشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيقول: لست هناكم، ويذكر ذنبه فيستحي، ائتوا نوحا، فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض، فيأتونه...». أخرجه البخاري (4476)، ومسلم (193)، واللفظ للبخاري. يقول صلاح الخالدي: «لا نملك غير هذين النصين في تعليم آدم الأسماء كلها، وهما نصان مبهمان مجملان، لا يبينان تفصيلات ذلك التعليم. لا نعرف كيفية تعليمه تلك الأسماء، ولا تفصيلات تلك الأسماء». انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 51)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /107).

قصة سجود الملائكة لآدم عليه السلام ورفض إبليس السجود.

بعدما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح أمر الله الملائكة بالسجود له، فنفذوا الأمر طائعين. قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ﴾ سورة الحجر: 28-30. وكان سجود الملائكة لآدم سجود تكريم وتحية، وليس سجود عبادة، لان سجود العبادة لا يكون إلا لله، أما سجود التحية فكان مشروعا في الأمم السابقة ثم نسخ وحرم في شريعة محمد . ورفض إبليس السجود لآدم، ورأى نفسه خيرا من آدم، وتباهى بأصله الناري الذي خلق منها. قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ سورة البقرة: 34، وقال تعالى: ﴿ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ سورة الأعراف: 11- 12. وكان إبليس من الجن، عصى أمر ربه واستكبر وتمرد وامتنع، قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ سورة الكهف: 50. ولما رفض إبليس السجود أوقع الله عليه لعنته، وهي الإبعاد والطرد من رحمة الله، وأخرجه من الجنة ونعيمها. قال تعالى: ﴿قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ﴾ سورة الحجر: 34- 35. وإنما كان عليه اللعنة لأنه تكبر واستعلى. قال الله تعالى: ﴿قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ﴾ سورة الأعراف : 13. فطلب إبليس من الله أن يمهله وأن لا يقع عليه الموت، فأخره الله عز وجل إلى اليوم المعلوم، الذي حدد الله فيه انتهاء عمر إبليس، فاعلن ابليس عداوته لبني آدم وتعهد بإغوائهم وإضلالهم وصدهم عن سبيل الله. قال الله تعالى: ﴿قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ سورة الأعراف : 14- 17. ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ 8 قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ سورة الحجر: 36- 40. ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ سورة ص: 79- 83. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 46- 49)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /109- 120).

قصة إسكان آدم وحواء الجنة، وخروجهما منها بوسوسة الشيطان لهما.

بعد أن أسكن الله عزوجل آدم وزوجته الجنة اباح لهما الأكل من حيث شاءا ونهاهما عن الاقتراب من شجرة واحدة معينة، والنهي عن الاقتراب أبلغ من مجرد النهي عن الأكل منها، وحذرهما من عداوة إبليس لهما، فزين لهما الشيطان الأكل من الشجرة وكذب على الله فأغراهما حتى أقسم لهما، فأكلا من الشجرة ناسين عهد الله وامره وعزمه، ولما أكلا من الشجرة بدت لهما سوءاتهما، فجعلا يسترانها مباشرة بورق الشجر. يقول الله عز وجل: ﴿قال الله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى * فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى * فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى * فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾ سورة طه: 115- 121، وقال تعالى: ﴿وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ سورة الأعراف: 19- 22. وورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في حديث الشفاعة الطويل، يقول رسول الله : «. ..فيقول بعض الناس: ألا ترون إلى ما أنتم فيه، إلى ما بلغكم؟ ألا تنظرون إلى من يشفع لكم إلى ربكم، فيقول بعض الناس: أبوكم آدم فيأتونه فيقولون: يا آدم أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، وأسكنك الجنة، ألا تشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه وما بلغنا؟ فيقول: ربي غضب غضبا لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، ونهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح...». أخرجه البخاري (3340)، ومسلم (194)، واللفظ للبخاري. واستحيا من الله لظهور عوراتهما. روى أبي بن كعب رضي الله عنه، عن النبي قال: «إن آدم كان رجلا طوالا، كأنه نخلة سحوق، كثير شعر الرأس، فلما ركب الخطيئة بدت له عورته، وكان لا يراها قبل ذلك، فانطلق هاربا في الجنة، فتعلقت به شجرة، فقال لها: أرسليني. قالت: لست بمرسلتك. قال: وناداه ربه: يا آدم أمني تفر؟ قال: يا رب إني استحيتك». أخرجه الحاكم وقال فيه: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 52- 54)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /125- 133).

قصة توبة الله على آدم وحواء.

بعدما أكلا من الشجرة بدت لهما سوءاتهما فصار يغطيانها بورق الجنة، وعاتبهما الله عز وجل، وذكرهما بعهده لهما، فشعرا بالندم وأسرعا إلى التوبة. يقول الله عز وجل: ﴿فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ * قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ سورة الأعراف: 22- 23، وقال تعالى: ﴿فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى﴾ سورة طه: 121- 122، وقال تعالى: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ سورة البقرة: 37. روى حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «يجمع الله تبارك وتعالى الناس، فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة، فيأتون آدم، فيقولون: يا أبانا، استفتح لنا الجنة، فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم، لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله… الحديث». أخرجه مسلم (195). انظر: "القصص القرآني" اصلاح الخالدي (1 /133- 135).

قصة نزول آدم وحواء وإبليس إلى الأرض.

وترتب على أكل آدم وزوجته من الشجرة وعلى تكبر إبليس وعصيانه أمر الله بخروجهم جميعا من الجنة، فأمرهم الله بالهبوط إلى الأرض. قال الله تعالى: ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ سورة البقرة : 36، وقال تعالى: ﴿قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ * قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ﴾ سورة الأعراف: 24- 25، وقال تعالى: ﴿ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ سورة طه: 123- 124. انظر: "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /135- 137).

زوجته وأولاد آدم عليه السلام

حواء زوجة آدم: روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه من حديثه المتفق عليه عندهما، عن النبي أنه قال: «لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها». أخرجه البخاري (3330)، ومسلم (1470)، واللفظ للبخاري. كان لآدم ابنان من جملة أبنائه، وهما اللذان ورد ذكرهما في سورة المائدة، يقول الله تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ * فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ﴾ سورة المائدة: 27- 31. وقد دعانا رسول الله إلى أن نقتدي بابن آدم الطيب. فروى أبو داود والترمذي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أنه قال عند فتنة عثمان رضي الله عنه: أشهد أني سمعت رسول الله على يقول : «إنها ستكون فتنة، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، قال : أرأيت إن دخل علي بيتي، وبسط يده ليقتلني؟ قال : كن كابن آدم». أخرجه أبو داود (4257)، والترمذي (2194)، وقال فيه: «وهذا حديث حسن»، وصححه الشيخ شعيب في تخريجه على سنن أبي داود. وبين لنا رسول الله أن ابن آدم القاتل يتحمل جزءا من دم كل إنسان يقتل ظلما، حتى قيام الساعة. روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه كان كان أول من سن القتل». أخرجه البخاري (3335)، ومسلم (1677)، واللفظ للبخاري.

نبوته

أول الأنبياء والمرسلين هو آدم عليه السلام، وهو نَبيٌ كريمٌ من أنبياء اللهِ عزَّ وجلّ، ومن العلماء من يستدل على نبوة آدم عليه السلام بقوله تعالى : ﴿ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ﴾ سورة طه: 122. والاجتباء هنا، هو النبوة. وقد اصطفى الله تعالى آدم عليه السلام، وفضَّلَهُ على العالمين بالنبوة. قال تعالى ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ سورة آل عمران: 33. ومن حَديثِ رسول الله عن نبوة آدم عليه السلام. روى أبو سَلام قال: «حَدَثني أبو أمامة أن رجلًا قال : يا رسولَ الله، أَنبيٌ كانَ آدم؟ قال : نَعم معلم مكلم. قالَ كَم بينَهُ وَبينَ نوح؟ قال: عشرة قرون، قال: كم كانَ بينَ نوحٍ وإبراهيم، قال : عشرة قرون. قال : يا رسولَ الله، كم كانت الرُسل؟ قال: ثلاثمئة وخمسة عشر جَمًّا غَفيرًا». أخرجه أحمد (5/266). واللهُ فضَّل آدم عليه السلام، وخاطبه دون واسطة، وعلَّمَهُ الأسماءَ كلَّها، واستخلَفَه في الأرض، وَجعله نبيًا كريمًا من أنبيائِه. انظر "تنزيه الأنبياء عما نسب إليهم حثالة الأغبياء" لابن حمير (ص67).

وفاته

عاش آدم ما شاء الله أن يعيش، ولا تخبرنا الآيات والأحاديث عن المكان الذي أهبطهما الله عليه ولا البقعة التي أقام عليها مع حواء والتي انجب عليها اولاده. وقد أخبرنا رسول الله عن اللحظات الاخيرة من حياته، فمن حديث عُتَيّ بن ضمرة، قال: «رأيت شيخا بالمدينة يتكلم، فسألت عنه، فقالوا: هذا أبي بن كعب، فقال: إن آدم عليه السلام لما حضره الموت قال لبنيه: أي بني إني أشتهي من ثمار الجنة، فذهبوا يطلبون له، فاستقبلتهم الملائكة ومعهم أكفانه وحنوطه، ومعهم الفؤوس والمساحي والمكاتل، فقالوا لهم: يا بني آدم، ما تريدون وما تطلبون، أو ما تريدون وأين تذهبون؟، قالوا: أبونا مريض فاشتهى من ثمار الجنة، قالوا لهم: ارجعوا فقد قضي قضاء أبيكم. فجاءوا، فلما رأتهم حواء عرفتهم، فلاذت بآدم، فقال: إليك عني، فإني إنما أوتيت من قبلك، خلي بيني وبين ملائكة ربي تبارك وتعالى. فقبضوه، وغسلوه وكفنوه وحنطوه، وحفروا له وألحدوا له، وصلوا عليه، ثم دخلوا قبره فوضعوه في قبره ووضعوا عليه اللبن، ثم خرجوا من القبر، ثم حثوا عليه التراب، ثم قالوا: يا بني آدم هذه سنتكم». أخرجه أحمد (21240)، وذكر الشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريجه على المسند أن إسناد الحديث ضعيف، وان عتي بن ضمرة السعدي روى عنه اثنان: ابنه عبد الله والحسن البصري، وقد وثق عتيا ابن سعد وابن حبان والعجلي، ووثقه تبعا لهم ابن حجر في "التقريب"، وجهله علي ابن المديني وقال: وحديثه يشبه حديث أهل الصدق، وإن كان لا يعرف. وبيّن ان مدار هذا الحديث عليه، وقد تفرد به، ومثله يضعف فيما يتفرد به، والحديث هنا موقوف، وقد اختلف في رفعه ووقفه، والبيهقي في الكبرى (6699). وقد أفاد الحديث مشروعية تجهيز الميت ودفنه على النحو الذي ذكر، وهذه السنة في الميت هي هدي الرسل جميعا، تعليم الملائكة أبناء آدم عمليا وقوليا هذه السنة، وفضل أبينا آدم حيث تولت الملائكة تجهيزه والصلاة عليه ودفنه، وقدرة الملائكة على التمثل بصـورة البشـر، وغير ذلك. من حديث أبي بن كعب، عن النبي ، قال: «لما توفي آدم غسلته الملائكة بالماء وترا وألحدوا له وقالوا: هذه سنة آدم في ولده». أخرجه الحاكم (4004)، وقال فيه: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي. وبهذا انتهت حياة آدم على وجه الأرض، وتوفاه الله، ولا نعرف المكان التي توفي فيه، ولا الذي دفن فيها، ولا نخوض في حديث ذلك أو تعيينه. انظر: "صحيح القصص النبوي" لعمر الأشقر (ص 25- 28)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /142- 144).

توجيه مواقف مشكلة

1. خلق المرأة من ضلع الرجل. لم يحدثنا القرآن عن اسم زوج آدم ولا كيفية خلقها، فقط أشار القرآن إشارات موجزة، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ سورة النساء: 1. وخلق منها زوجها: أي حواء زوج آدم خلقه الله من نفس آدم، وذهب بعضهم إلى أن معنى قوله خلق منها زوجها أي خلقها من جنسه حتى لا يكون بينهما تنافر. وأكثر المفسرين يذهبون إلى أن الله خلقها من ضلع آدم، ويستدلون على ذلك بحديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه الذي رواه البخاري ومسلم، قال: قال رسول الله : «استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء». أخرجه البخاري (3331)، ومسلم (1468)، واللفظ للبخاري. وعند مسلم من حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله : «إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها، كسرتها وكسرها طلاقها». مسلم (1468). استوصوا : اقبلوا وصيتي فيهن واعملوا بها وارفقوا بهن وأحسنوا عشرتهن. خلقت من ضلع: إشارة إلى أن حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر، وقيل من ضلعه القصير. وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه: فيه إشارة إلى أن أعوج ما في المرأة لسانها. وفائدة ذكره أن المرأة خلقت من ضلع أعوج فلا ينكر اعوجاجها، أو الاشارة إلى أنها لا تقبل التقويم، كما أن الضلع لا يقبله. فإن ذهبت تقيمه كسرته: قيل: هو ضرب مثل للطلاق أي إن أردت منها أن تترك اعوجاجها أفضى الامر إلى فراقها. انظر: "قصص القرآن الكريم" لفضل عباس (ص 139)، "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 45). 2. إزالة الإشكال عن حديث: لولا حواء لم تخن أنثى زوجها. والحديث متفق عليه رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي أنه قال: «لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها». أخرجه البخاري (3330)، ومسلم (1470)، واللفظ للبخاري. فليس المراد بالخيانة الخيانة في العرض، وارتكاب فاحشة الزنا، فإن حواء رضي الله عنها كانت منزهة عن الزنا إنما المراد بالخيانة هنا الخيانة في الدين والطاعة، بمعنى ارتكاب المعصية والذنب. ويدل الحديث على أن معظم الزوجات يكن عونا للشيطان على أزواجهن، ولهن دور كبير في تزيين المعصية لهم، وحملهم على المخالفة والمحظور. ولا يدل الحديث على أن حواء هي التي أعانت إبليس على زوجها آدم، وهي التي أغرت آدم من الشجرة، وزينت له ذاك، وإنما يدل على أن جنس حواء في الغالب لهن دور في إغواء الرجال، وتزيين المخالفة لهم. فذكر حواء في الحديث، يراد به المرأة، أي امرأة، ولا يراد به أمهن حواء. انظر: "تنزيه الأنبياء" لابن حمير (ص 67)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (1 /120). 3. إزالة الإشكال عن حديث: فإن الله خلق آدم على صورته. وهو حديث رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته». أخرجه مسلم (2612)، وأحمد في المسند (244/2، 251). وأكثر أهل العلم يرجع الضمير إلى المضروب، وبعض أهل العلم يرجع الضمير إلى آدم أي اجتنبوا ضرب الوجه إكراما لآدم لمشابهته لصورة المضروب ومراعاة لحق الأبوة. قال ابن حجر: «قال النووي: قال العلماء: إنما نهى عن ضرب الوجه لأنه لطيف يجمع المحاسن وأكثر ما يقع الإدراك بأعضائه فيخشى من ضربه أن تبطل أو تتشوه كلها أو بعضها والشين فيها فاحش لظهورها وبروزها بل لا يسلم إذا ضربه غالبا من شين اه والتعليل المذكور حسن لكن ثبت عند مسلم تعليل آخر واختلف في الضمير على من يعود فالأكثر على أنه يعود على المضروب، لما تقدم من الأمر بإكرام وجهه، ولولا أن المراد التعليل بذلك لم يكن لهذه الجملة ارتباط بما قبلها، وقال القرطبي أعاد بعضهم الضمير على الله متمسكا بما ورد في بعض طرقه إن الله خلق آدم على صورة الرحمن قال: وكأن من رواه أورده بالمعنى متمسكا بما توهمه فغلط في ذلك… وعلى تقدير صحتها فيحمل على ما يليق بالباري سبحانه وتعالى… وزعم بعضهم أن الضمير يعود على آدم أي على صفته أي خلقه موصوفا بالعلم الذي فضل به الحيوان وهذا محتمل… فإن الله خلق آدم على صورته وهو ظاهر في عود الضمير على المقول له ذلك». "فتح الباري" لابن حجر (5 /183).

دروس وعِبَر

يستفاد من قصة آدم عليه السلام: أن الله عز وجل ذكر قصته في مواضع كثيرة في القرآن الكريم صريحة لا ريب فيها ولا شك. فضيلة العلم. أن الملائكة بذلك عرفوا فضل آدم. أن من منّ الله عليه بالعلم عليه أن يعترف بفضل الله عليه. أن الحسد والكبر والحرص من أخطر الأخلاق. أن العبد إذا أذنب وأخطا عليه أن يبادر فورا إلى التوبة والندم. إثبات اليدين لله تعالى وكذا الكلام له سبحانه تعالى. أن العبد إذا خفيت عليه في بعض المخلوقات أو الأمور حكمة الله عليه التسليم لأمر الله. فيه انقسام الخلق من الجن والإنس إلى أهل السعادة وأهل الشقاوة، وغيرها من الفوائد الكثيرة. انظر: "مصابيح الضياء" للسعدي (ص 10- 13)، "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 56- 57).