البحث

عبارات مقترحة:

القدير

كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...

الوكيل

كلمة (الوكيل) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (مفعول) أي:...

الشاكر

كلمة (شاكر) في اللغة اسم فاعل من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

يعقوب عليه السلام

يعقوب عليه السلام نبيٌ من أنبياء الله الكرام، وهو ابن إسحاق عليه السلام وحفيد إبراهيم عليه السلام، وعمّه إسماعيل عليه السلام، وابنه يوسف عليه السلام، كانَ معروفًا بشدة صبره على ما ابتلي له من مصائب وأمراض.

اسمه ونسبه

يعقوب هو ابن إسحاق ابن خليل الله إبراهيم بن آزر عليه السلام، فجده إبراهيم عليه السلام، عمّه إسماعيل عليه السلام، وابنه يوسف عليه السلام. انظر "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (2 /45).

معنى الاسم لغة

يعقوب اسمُ علمٍ أعجمي غير عربي ، وهو ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة. كَما ذُكِرَ في القرآن اسمٌ آخر ليعقوب عليه السلام، وهو إسرائيل، وإسرائيل هو اسمُ علمٍ أعجمي، فلا يُبْحَث عن اشتقاقه ومعنى له في العربية، مثله مثل اسم يعقوب. وإيل في العبرية: اسم من أسماء الله عز وجل، هكذا يقولون، ولكن لا يجوز لنا الآن أن نسمي الله بإيل؛ لأن أسماء الله توقيفية، وإسرا بمعنى عبد، فإسرائيل بمعنى: عبد الله، ومثله جبرائیل، ميكائيل، عزرائيل ، وهكذا : خادم الله، حبيب الله، المقرب الله، وما شابه ذلك من المعاني. وورد ذكر اسرائيل في القرآن الكريم اسما ليعقوب عليه السلام مرتين: قال تعالى: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ ۗ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ سورة آل عمران : 93. قال تعالى: ﴿أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا ۚ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾ سورة مريم: 58. وأوضح الدكتور فضل عباس أن القرآن الكريم حين يذكر إبراهيم وذريته عليه السلام فإنه يسميه يعقوب عليه السلام، ولكن حينما يكون الحديث يخص ذرية يعقوب عليه السلام يسميه اسرائيل، أي: إذا كان الحديث عمن ولدوه يسمى يعقوب، وعندما يكون الحديث عمن ولدهم يسمى اسرائيل، وذلك ليلهب مشاعر بني إسرائيل القاسية ويصلهم بماضيهم. انظر: "قصص القرآن الكريم" لفضل عباس (ص 348- 349)، "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 181)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (2 /50-52).

ذكره في القرآن الكريم

وردت كلمة يعقوب عليه السلام في القرآن ست عَشرة مرة، في سور البقرة وآل عمران والنساء وهود ويوسف ومريم والأنبياء والعنكبوت وص. كالتالي: ومعظم ما ورد ذكره في الآيات كانت بذكر اسمه فقط من جملة الأنبياء، ويثني عليه بصفاتهم. قال تعالى: ﴿قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ سورة آل عمران: 84. وقال تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾ سورة النساء: 163. قال تعالى: ﴿فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا﴾ سورة مريم: 49. وقال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ* وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ﴾ سورة ص: 45- 47. وفي سورة البقرة يبين الله عز وجل وصية إبراهيم عليه السلام لابنائه واحفاده بأن يكونوا مسلمين وأن لا يموتوا إلا على الإسلام، وكذلك أخذ يعقوب عليه السلام الوصية من ابنائه أيضا على الإسلام. يقول الله تعالى: ﴿وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ سورة البقرة: 132- 133. وجاءت آيات أخرى يقص الله تعالى علينا فيها قصة البشارة بولادة يعقوب عليه السلام لجده إبراهيم وزوجته سارة عليهما السلام، وأنهما سيدركان ولادته. قال تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا﴾ سورة الأنعام: 84. قال تعالى: ﴿ وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ﴾ سورة هود: 71- 73. وقال تعالى: ﴿وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾ سورة الأنبياء: 71- 73. والنافلة: من النفل وهو الزيادة، أي أن البشارة به زائدة على البشارة بأبيه إسحاق، لأن البشارة بأبيه كان هو المقصود في المقام الأول. وقال تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ سورة العنكبوت: 27. انظر: "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (2 /45- 51).

ذكره في السنة النبوية

ذُكِرَ يعقوب عليه السلام في السنة النبوية، ومن ذلك : صبر يعقوب على فراق ابنه يوسف عليهما السلام. روت أم رومان وهي أم عائشة رضي الله عنها قالت: «بينا أنا وعائشة أخذتها الحمى، فقال النبي : لعل في حديث تحدث. قالت: نعم، وقعدت عائشة، قالت: مثلي ومثلكم كيعقوب وبنيه، ﴿بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ، وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ سورة يوسف: 18». أخرجه البخاري (4691). وفي رواية قالت عائشة رضي الله عنها: «إني والله لقد علمت أنكم سمعتم ما يتحدث به الناس، ووقر في أنفسكم وصدقتم به، ولئن قلت لكم إني بريئة، والله يعلم إني لبريئة لا تصدقوني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر، والله يعلم أني بريئة لتصدقني، والله ما أجد لي ولكم مثلا، إلا أبا يوسف إذ قال: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ، وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ [يوسف: 18». أخرجه البخاري (2661)، ومسلم (2770). الكرم صفة لازمة في إبراهيم عليه السلام وأبنائه وأحفاده. روى ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي قال: «الكريم ابن الكريم، ابن الكريم، ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام». أخرجه البخاري (3390). وروى أبو هريرة رضي الله عنه قال: «قيل يا رسول الله: من أكرم الناس؟ قال: أتقاهم. فقالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فيوسف نبي الله، ابن نبي الله، ابن نبي الله، ابن خليل الله. قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فعن معادن العرب تسألون؟ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام، إذا فقهوا». أخرجه البخاري (3353)، ومسلم (2378).

صفته الخُلُقيَّة

وصف الله عز وجل إسحاق عليه السلام في القرآن بأنه من بيت إبراهيم عليه السلام الذين أحل عليهم بركاته ورحمته، فهم من أشرف البيوت عند الله وأكرمها، واهلها من أفضل الناس. قال تعالى: ﴿ وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ﴾ سورة هود: 71- 73. وفي ذلك روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: «قيل يا رسول الله: من أكرم الناس؟ قال: أتقاهم. فقالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فيوسف نبي الله، ابن نبي الله، ابن نبي الله، ابن خليل الله. قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فعن معادن العرب تسألون؟ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام، إذا فقهوا». أخرجه البخاري (3353)، ومسلم (2378). ووصف الله عز وجل يعقوب عليه السلام في القرآن بأنه كان نبيا. ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا﴾ سورة الأنعام: 84. ووصفه الله عز وجل واباه بأنهم من الصالحين وأنهم أئمة يدعون إلى الله على بصيرة، وأنهم كانوا يحبون فعل الخيرات، ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، وأنهم من العابدين لله. ﴿وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾ سورة الأنبياء: 71- 73. ووصفه الله عز وجل وأباه وجده بأنهم من المصطفين الأخيار. ﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ* وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ﴾ سورة ص: 45- 47. وكان يعقوب عليه السلام صابرًا على ما ابتلي به، راجيًا بما عند الله، بسبب ابنه يوسف عليه السلام وما أصابه من مآسِ ومصائب، وعلى ما قام به إخوة يوسف ضده، فكان يصبر على حزنه ومصيبته. انظر: "قصص القرآن الكريم" لفضل عباس (ص 347).

قصصه

الطعام الذي حرَّمه يعقوب عليه السلام على نفسه.

يقول الله تعالى: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ * كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ سورة آل عمران: 92- 93. وكانَ أَحبُّ الطعام إلى يعقوب عليه السلام لحوم الإبل، فمَرضَ يومًا بمرضٍ شديدٍ وهو عرق النسا، واشتد به المرض والتعب، وطال مرضه، فنذَرَ لله تعالى نذرًا، بأنه لمّا يُشفى من المرض سيتقرب لله تعالى بترك أحب الطعام له والامتناع عن أكله. فلما شفاه الله تعالى وفّى بنذره وامتنع عن لحم الإبل، ونلحظ في قصته شدة إيمانه بأن امتنع عن اللحوم شكرًا لله الذي عافاه من مرضه. وقد ألزم الله سبحانه أبناء إسرائيل بعده بما امتنع عنه ابوهم، وصار تشريعا من تشريعاتهم، وحرم بذلك أكل لحم الإبل. انظر: "قصص القرآن الكريم" لفضل عباس (ص 348)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (2 /52- 58). قال ابن عباس رضي الله عنه: «حضرت عصابة من اليهود نبي الله يوما، فقالوا: يا أبا القاسم، حدثنا عن خلال نسألك عنهن لا يعلمهن إلا نبي، قال: سلوني عما شئتم، ولكن اجعلوا لي ذمة الله، وما أخذ يعقوب عليه السلام، على بنيه: لئن أنا حدثتكم شيئا فعرفتموه، لتتابعني على الإسلام. قالوا: فذلك لك، قال: فسلوني عما شئتم. قالوا: أخبرنا عن أربع خلال نسألك عنهن: أخبرنا أي الطعام حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة؟ وأخبرنا كيف ماء المرأة، وماء الرجل؟ كيف يكون الذكر منه؟ وأخبرنا كيف هذا النبي الأمي في النوم؟ ومن وليه من الملائكة؟ قال: فعليكم عهد الله وميثاقه لئن أنا أخبرتكم لتتابعني؟ قال: فأعطوه ما شاء من عهد وميثاق، قال: فأنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب عليه السلام، مرض مرضا شديدا، وطال سقمه، فنذر لله نذرا لئن شفاه الله تعالى من سقمه، ليحرمن أحب الشراب إليه، وأحب الطعام إليه، وكان أحب الطعام إليه لحمان الإبل، وأحب الشراب إليه ألبانها؟ قالوا: اللهم نعم، قال: اللهم اشهد عليهم، فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، الذي أنزل التوراة على موسى، هل تعلمون أن ماء الرجل أبيض غليظ، وأن ماء المرأة أصفر رقيق، فأيهما علا كان له الولد والشبه بإذن الله؟ إن علا ماء الرجل على ماء المرأة كان ذكرا بإذن الله، وإن علا ماء المرأة على ماء الرجل كان أنثى بإذن الله؟ قالوا: اللهم نعم، قال: اللهم اشهد عليهم، فأنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى، هل تعلمون أن هذا النبي الأمي تنام عيناه ولا ينام قلبه؟ قالوا: اللهم نعم. قال: اللهم اشهد، قالوا: وأنت الآن فحدثنا: من وليك من الملائكة؟ فعندها نجامعك أو نفارقك؟ قال: فإن وليي جبريل عليه السلام، ولم يبعث الله نبيا قط إلا وهو وليه، قالوا: فعندها نفارقك، لو كان وليك سواه من الملائكة لتابعناك وصدقناك، قال: فما يمنعكم من أن تصدقوه؟ قالوا: إنه عدونا، قال: فعند ذلك قال الله عز وجل ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ﴾ سورة البقرة: 97 إلى قوله عز وجل ﴿كِتَابَ اللهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ سورة البقرة: 101، فعند ذلك: ﴿بَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ﴾ سورة البقرة: 90 الآية». أخرجه أحمد (2514)، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على المسند: «حسن، وهذا إسناد ضعيف».

نبوته

يعقوب عليه السلام نبيٌ من أنبياء الله تعالى، قال تعالى ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾ سورة النساء : 163.

توجيه مواقف مشكلة

يدعي بعض المتوهمين أنَّ يعقوب عليه السلام قد خالف أمر الله تعالى عندما حرَّم على نفسه اللحوم التي نذر أن يتركها بعد أن شفاه الله تعالى من مرضه. لكنَّ ما فعله يعقوب عليه السلام هو الامتناع عن أكل لحوم الإبل، وهذا الامتناع كان عاديًا وليسَ تحريمًا شَرعيًا، ويعقوب عليه السلام أراد أن يتقرَّب إلى الله تعالى بأحب شيءٍ عنده، وهو لحوم الإبل، فيمتنع عنها، شاكرًا لله الذي عافاه من مرضه، وما كان امتناعه إلا لشدة إيمانه بالله تعالى، فيعقوب عليه السلام لم يخالف أمرَ الله، بل هو اقترب لله بامتناعه عن اللحوم. وتحريمه الإبل على نفسه كان امتناعا وليس تشريعا منه، وأي إنسان قد يمتنع عن بعض صنوف الطعام والشراب، ولا يعيبه أحد، طالما أنه لا يحرّم المباح. انظر "القصص القرآني" صلاح الخالدي (58).