البحث

عبارات مقترحة:

الحفي

كلمةُ (الحَفِيِّ) في اللغة هي صفةٌ من الحفاوة، وهي الاهتمامُ...

السلام

كلمة (السلام) في اللغة مصدر من الفعل (سَلِمَ يَسْلَمُ) وهي...

المجيب

كلمة (المجيب) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أجاب يُجيب) وهو مأخوذ من...

أيوب عليه السلام

أيوب عليه السلام نبيٌ من أنبياء الله الكرام، كانَ أيوب عليه السلام معروفًا بصبره على ابتلائه، فَعاش أيوب على أمل الفرج، ولمّا خرجَ من ابتلائه زادَ يقينًا وإيمانًا بالله تعالى.

اسمه ونسبه

أيوب عليه السلام من ذرية إبراهيم على الصحيح، وعلى المشهور من ذرية العيص بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 276).

معنى الاسم لغة

اختلف في أيوب أهو عربي أم عبراني فقال بعضهم: انه لا يعرف معناه على التحقيق، وقال بعضهم انه قريب من اللفظ العربي آيب، فربما يعني الراجع إلى الله أو التائب، وبعضهم يرى أن أيوب كان عربيا وكان ساكنا في أرض حوران بالسام، ولعل سبب منعه من الصرف هو مجيئه مع أسماء أنبياء آخرين عن طريق العبرية إلى العربية فعومل معاملتها. انظر: "موسوعة العقيدة والأديان والفرق والمذاهب المعاصرة" (1 /485).

ذكره في القرآن الكريم

ورد ذكر اسم أيوب عليه السلام أربع مرات في القرآن الكريم في المواضع التالية: اثنتان منها كانتا قد وردا بذكر اسمه فقط ضمن جملة الأنبياء، ويثني عليه بصفاتهم. قال تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾ سورة النساء : 163. وقال تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ سورة الأنعام : 84. وفي الموضعين الآخريين كان إشارة سريعة إلى ابتلاء أيوب عليه السلام، وتضرعه إلى الله لكشفه، واستجابة الله له وتعويضه له خيرا عما أصابه. قال تعالى: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ﴾ سورة الأنبياء: 83- 84. وقال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾سورة ص: 41-44. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 276)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (4 /7- 9).

ذكره في السنة النبوية

ورد ذكر أيوب عليه السلام في السنة النبوية، ومن ذلك: قول أيوب عليه السلام: لا غنى بي عن بركتك. روى أبو هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله قال: «بينا أيوب يغتسل عريانا، فخر عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحتثي في ثوبه، فناداه ربه: يا أيوب، ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى وعزتك، ولكن لا غنى بي عن بركتك». أخرجه البخاري (279). وفي لفظ آخر عند الحاكم والطبراني: «لما عافى الله أيوب أمطر عليه جرادا من ذهب، فجعل يأخذه بيده ويجعله في ثوبه، فقيل له: يا أيوب أما تشبع؟ قال: ومن يشبع من رحمتك؟». أخرجه الحاكم (4116)، وقال فيه: «هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي، والطبراني في المعجم الأوسط، (2533). ابتلاء أيوب عليه السلام ومعافاته. عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: «يا نافع، قَد تبيَّغ بي الدم، فالتمس لي حجامًا، واجعله رفيقًا إن استطعت، ولا تجعله شيخًا كبيرًا ولا صبيًا صَغيرًا، فإني سمعتُ رسول الله يقول: الحجامة على الريق أمثل، وفيها شفاء وبركة، وتزيد في الحفظ وفي العقل، فاحتجموا على بركة الله يوم الخميس، واجتنبوا الحجامة يوم الجمعة ويوم السبت ويوم الأحد، واحتجموا يوم الاثنين والثلاثاء، فإنه اليوم الذي عافى الله فيه أيوب من البلاء، واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء، فإنه اليوم الذي ابتلى فيه أيوب، وما يبدو جذام أو برص إلا في يوم الأربعاء أو في ليلة الأربعاء». أخرجه ابن ماجه (3487)، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على السنن: «إسناده مسلسل بالضعفاء، سويد بن سعيد وعثمان بن مطر والحسن بن أبي جعفر ضعفاء»، والحاكم (8255)، وقال فيه: «رواة هذا الحديث كلهم ثقات، غير عثمان بن جعفر هذا فإني لا أعرفه بعدالة ولا جرح» ، وقال الذهبي في التلخيص: «هو واه». ما نزل بأيوب عليه السلام من المرض والبلاء. روى أنس بن مالك، أن رسول الله قال: «إن نبي الله أيوب لبث في بلائه ثماني عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه، كانا من أخص إخوانه كانا يغدوان إليه ويروحان، فقال أحدهما لصاحبه: تعلم والله لقد أذنب ذنبا ما أذنبه أحد من العالمين، فقال له صاحبه: وما ذاك؟ قال: قد أصابه منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله فيكشف ما به، فلما رأى حاله لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له، فقال أيوب: لا أدري ما تقول غير أن الله يعلم مني أني كنت أمر على الرجلين يتنازعان فيذكران الله تبارك وتعالى، فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما كراهة أن يذكران الله إلا في حق، وكان يخرج إلى الحاجة فإذا قضاها أمسكت امرأته بيده حتى يبلغ، فلما ذات يوم أبطأت عليه وأوحي إلى أيوب في مكانه أن ﴿ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ﴾ قال: فاستبطأته فتلقته تنظر، وأقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء، وهو أحسن ما كان، فلما رأته قالت: أي بارك الله فيك، هل رأيت نبي الله هذا المبتلى، والله على ذلك ما رأيت أحدا أشبه به منك إذا كان صحيحا، قال: فإني أنا هو، قال: وكان له أندران: أندر للقمح وأندر للشعير، فبعث الله تبارك وتعالى سحابتين ، فلما كانت أحدهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاض، وأفرغت الأخرى في أندر الشعير الورق حتى فاض». أخرجه البزار (6333)، وقال فيه: «وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الزهري، عن أنس إلا عقيل، ولا رواه عن عقيل إلا نافع بن يزيد ورواه عن نافع غير واحد»، وابن حبان (2898)، والحاكم (4115)، وقال فيه: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي، وقال الشيخ الألباني في تخريجه في سلسلة الأحاديث الصحيحة (1 /24): «وهو ثقة كما قال -أي أبو نعيم في الحلية-، أخرج له مسلم، وبقية رجاله رجال الشيخين فالحديث صحيح، وقد صححه الضياء المقدسـي، فأخرجـه في المختارة (2 /220- 221) من هذا الوجه، ورواه ابن حبان في صحيحه، (2091) عن ابن وهيب، أنبأنا نافع بن يزيد». انظر: "صحيح القصص القرآني" لعمر الأشقر (ص 157- 164)، "الأحاديث الصحيحة من أخبار وقصص الأنبياء" لإبراهيم العلي (ص 115- 117).

صفته الخُلُقيَّة

أثنى الله عز وجل على أيوب عليه السلام بالعبودية، فكان صادق العبودية لله، وشهد الله عز وجل لأيوب عليه السلام بالصبرِ المطلق على المصائب والمِحن والكدِّ والمَرض، فكانَ أيوب عليه السلام إماما لأولي الألباب العابدين، وقدوةً ومثالًا حسنًا للصابرين، وشهد الله له بانه أواب رجاع إلى الله حريص على رضاه، كثير الذكر له، يتضرع اليه بأدب. قال تعالى: ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ سورة ص: 44. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 278)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (4 /29).

قصصه

قصة رَفع الضُر عن أيوب عليه السلام

كانَ أيوب عليه السلام قد ابتُليَ ابتلاءً عامًا، شاملا لعدة أنواع من المكروه والأذى، فقد مسّه الضر في نَفسِهِ وَبدَنِهِ، وأصابه الضعف والمَرض، ومسّهُ ضُرٌّ في أهلهِ وممتلكاتهِ، فدعا أيوبٌ عليه السلام ربَّهُ عز وجل، وتوسَّلَ له برحمتِهِ أَن يَكشِفَ عَنّهُ ضَرَّه، وكانَ أيوب عليه السلام شديدَ الصبر على ما ابتلي به، مؤمنًا بالله ومتوقنًا بدعائه. قال تعالى: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ سورة الأنبياء: 83 وَقد نَسَبَ أيوب عليه السلام ما أصابه إلى الشيطان، وهذا من ادبه مع الله تعالى. قال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾ سورة ص: 41. فاستجاب الله لايوب عليه السلام، وكشف عنه الضر الذي في بدنه، وعافاه في امراضه، وازال الضر الذي اصاب اهله، وعوَّضه في ضَرره في اهله، وفي ماله الذي تاثر، فوهبه اهله ومثلهم معهم. قال تعالى: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ﴾ سورة الأنبياء: 84 وقد وضحت سورة ص كيف تمّ ذلك بإشارة سريعة، وأن الله عز وجل لمّا أراد أَن يكشفَ عنه الهم والغم ارشده إلى العلاج، فأَمره بأن يضرب الأرضَ برجله، فلمّا نَفَّذ أمر الله تعالى وضرب برجله الأرض أنبعَ الله عز وجل عينَ ماءٍ باردة، فجعل الله الماءَ سببًا لشفائه من المَرض، وإزالة الضر عنه، وأمَرَهُ بالاغتسالِ من هذا الماء، وأن يشرب منه. قال تعالى: ﴿ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ سورة ص: 42- 43. فبالاغتسال ذهب عنه المرض الخارجي، وبالشرب منه ذهب عنه المرض الباطني. وروى أبو هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله قال: «بينا أيوب يغتسل عريانا، فخر عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحتثي في ثوبه، فناداه ربه: يا أيوب، ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى وعزتك، ولكن لا غنى بي عن بركتك». أخرجه البخاري (279). وفي لفظ آخر عند الحاكم والطبراني: «لما عافى الله أيوب أمطر عليه جرادا من ذهب، فجعل يأخذه بيده ويجعله في ثوبه، فقيل له: يا أيوب أما تشبع؟ قال: ومن يشبع من رحمتك؟». أخرجه الحاكم (4116)، وقال فيه: «هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي، والطبراني في المعجم الأوسط، (2533). وقد شاء الله عز وجل أن يرزقه الذهب على صورة جراد، وصب عليه الذهب من الجراد أثناء اغتساله، وأمطره عليه، معجزة من الله، فلما راى ذلك ايوب تناول ثوبه التي بجنبه وصار يجمع الذهب بطلنا يديه ويضعه فيها، فلما سأله الله عن ذلك أخبره بانه بركة منك يا رب ولا غنى للإنسان عن بركة الله. وبذلك زالت عن أيوب محنته ورحمه الله بالرخاء والسراء. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 277- 284)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (4 /27).

قصة يمين أيوب عليه السلام والضرب بالضغث.

قال الله تعالى: ﴿وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ سورة ص: 44. تشير الآية إلى أن أيوب عليه السلام كان على خلاف مع أهله أثناء مرضه، وحلف اليمين لمعاقبتهم، وكان التحلل من يمينه هذا بعدما عافاه الله في بدنه، وآتاه أهله، وعوضه ماله. والضغث هو الغصن من الشجرة فيه عدة فروع صغيرة فقد أمر الله عز وجل أيوب عليه السلام أن يأخذ الغصن الذي عليه مجموعة من الاوراق والفروع، وان يضرب به الشخص الذي حلف ان يضربه، لئلا يحنث في يمينه. ﴿فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ﴾، وبذلك يتحلل من يمينه، ولا نعرف تفاصيل في القصة غير ذلك. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 284- 285)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (4 /27- 29).

نبوته

أيوب عليه السلام نبيٌ من أنبياء الله عزّ وجلّ. قال الله تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ سورة الأنعام: 84.

توجيه مواقف مشكلة

يدعي بعض المتوهمين الشبهات في حق نبي الله أيوب عليه السلام، محاولةً منهم بإثبات الأقوال الزائفة والباطلة في سبب محنته عليه السلام. فمنهم من ذهب إلى القول: بأنَّ أيوب عليه السلام قد شوى حَملاً في منزله، وكانَ جاره فقيرًا، فتأذى جاره برائحة الطعام، ولَم يُنِله منه شيئًا، ولم يدعه أيوب عليه السلام إلى وليمته، فامتحنه الله تعالى بأن سلَّط عليه الضرَّ من الشيطان وأَن جازاه بِعمله. ومنهم من قال: إنه دخل يومًا على ملك جبار، فرأى في منزله مُنكرًا فلم يغيره، فلذا امتحن. فاما الأول: بالنسبة لجارِهِ: فالردُّ على هذه الشبهة بانه قد يغلُبُ الظَنَّ أَنَ جارَهُ ليسَ يحتاجُ إليه في ذلك الوقت، ومن الممكن أن جاره يستطيعُ أَن يصنعَ مثل ذلك، لأن ثَمن الحمل يسير، وليس كُلُّ فقيرٍ هو شديد الاحتياج والتضرُّع ، ويحتمَلُ أنّه نَسي أن يواسيه منه وأن يدعوه لوليمته، ولا يلحَقُ أيوب عليه السلام في ذلك أي عتاب، ولو أنَّ أيوب عليه السلام ترَك إعطاءه ودعوته قاصدًا، فإن مواساة الجار مندوبٌ لَها، وَمن تَركَ المندوب لا ذنبٌ عليه. وأما الثاني: بأنه لم يغير المنكر على الملك الجبار: فعين هذا القول عذر عنه، فإن لزوم تغيير المنكر إنما هو مع الإمكان، فلما علم جبروت الملك خاف على نفسه ولم يمكنه تغييره بظاهره لئلا يقع من الجبار منكر أكبر مما رآه، ويحتمل أن يكون ذلك الملك لم يكن من أمته ولا أرسل إليه فلم يغير عليه إذ لا يلزمه ذلك. انظر "تنزيه الأنبياء عما نسب إليهم حثالة الأغبياء" لابن خمير (ص 121- 122).

دروس وعِبَر

يستفاد من قصة أيوب عليه السلام: أن أيوب عليه السلام ذكره الله في كتابه، وأثنى عليه بالخصال الحميدة عمومًا، وبالـصبر على البلاء خصوصًا، حيث تحلى أيوب عليه السلام بالإيمان الكامل والصبر الجميل. أن اللجوء إلى الله تعالى عند المدلهمات وحصول الشدائد والنكبات. أن المرء يبتلى على قدر دينه. أن عاقبة الصبر حميدة. أن أيوب عليه السلام لما كان في مرضه قد اختلف مع بعض أهله، فحلف ثم بين الله له كيف يتحلل منها. كفارة اليمين لم تشرع لمن قبلنا. أن الدعاء لا ينافي الصبر. جواز الاستكثار من الحلال. انظر: "مصابيح الضياء" للسعدي (ص 50)، "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 285- 286).