البحث

عبارات مقترحة:

الحافظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحافظ) اسمٌ...

القريب

كلمة (قريب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فاعل) من القرب، وهو خلاف...

شعيب عليه السلام

شعيب عليه السلام هو نبيٌ من أنبياء الله عزّ وجلّ، أرسله الله إلى قوم مدين، وقد اشتهرت مدين بعدم الوفاء بالكيل والميزان، وبخس الناس أشياءهم الذي معهم، والإفساد في الأرض، والقعود على الطرق للتعرض للذين يمرون عليها، ويصدون الناس عن سبيل الله ويبغون الحياة بعيدة عن منهاج الله، فأرسل الله تعالى لهم شعيب ليدعوهم إلى الله تعالى، والإقلاع عن هذه الجرائم والمفاسد، لكنَّ قومه أنكروا دعوته، وسخروا منه واستهزؤوا، واتهموه بالسحر والكذب، وهددوه بإخراجه ومن معه من القرية وبالرجم ، واستعجلوا عذاب الله، حتى عَذّبهم الله بالرجفة والصيحة والظَلة، فنالوا جزاءَ ما عَمِلوا، وأنجى الله شعيبًا وقلة ممن آمن معه من الفريق المؤمنين.

اسمه ونسبه

شُعيب اسمٌ عربي، مشتقٌ من الشَّعْب، وهو نبي عربي مبعوث إلى قبيلة عربية. قال السمين الحلبي: «الشعب : القبيلة المتشعبة من حي واحد… وقيل شَعَّبْت الشيء: أي جمعته، وشَعَبته: فرَّقته». "عمدة الحفاظ" للسمين الحلبي (2 /313). وذكر الدكتور فضل عباس بصيغة التضعيف أن شعيبا أحد أنبياء الله العرب الأربعة. انظر: "قصص القرآن الكريم" لفضل عباس (ص 461). والمشهور في لقبه أنه خطيب الأنبياء، وذلك لحسن مراجعته لقومه وطهوره بحجته عليهم، ودحضه لشبهاتهم، وذكر ذلك الدكتور فضل عباس بصيغة التضعيف. انظر: "قصص القرآن الكريم" لفضل عباس (ص 461، 472)، "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 264). من هم قوم مدين؟ مدين: اسم عربي مشتق من مَدَن. قال السمين الحلبي: «تقول: مدن بالمكان: إذا أقام بها، وسميت المدينة بذلك لانها يكثر سكانها الذين يقيمون بها». "عمدة الحفاظ" للسمين الحلبي (4 /90). واختلف العلماء في من هو مدين: فذهب كثير منهم إلى ان مدين هو ابن إبراهيم عليه السلام. وهو ما ذهب إليه الدكتور عثمان الخميس، وقال: المشهور عند أهل التاريخ وأهل النسب أن مدين أحد أبناء إبراهيم عليه السلام، وقوم شعيب من نسل هذا الرجل، أي مدين بن إبراهيم عليه السلام. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 264). وذهب آخرون إلى أن مدين كان من الذين آمنوا بإبراهيم عليه السلام. وذهبت فئة ثالثة إلى أن مدين علم على البلد التي كان فيها شعيب عليه السلام. انظر: "قصص القرآن الكريم" لفضل عباس (ص 461- 462). وهم أصحاب الأيكة، والايكة: مشتقة من الأَيْك. قال السمين الحلبي: «الأيك جمع أيكة، وهو الشجر الملتف، وقوله: أصحاب الايكة: هم أصحاب غيضة كانوا فيها يسكنونها، فنسبوا إليها». "عمدة الحفاظ" للسمين الحلبي (1 /162). فالأيكة هي الغابة الكثيفة الذي كان قوم مدين يسكنون فيها أو قريبا منها، فدمرهم الله وأزال أيكتهم وغابتهم. وإن أرض مدين كانت قريبة من قرى قوم لوط، ولعلها كانت في منطقة وادي عربة وما حولها من جهة الغرب ومن جهة الشرق، في مكان يقال له معان في الأردن. يقول ابن كثير: «كان أهل مدين قوما عربا يسكنون مدينتهم مدين التى هي قريبة من أرض معان من أطراف الشام، مما يلي ناحية الحجاز قريبا من بحيرة قوم لوط، وكانوا بعدهم بمدة قريبة». "قصص الأنبياء" لابن كثير 11 /275). والراجح أن مدين وأصحاب الأيكة هم قوم واحد. وعاش شعيب وقومه مدين بعد إبراهيم ولوط عليهم السلام، فبينهم فترة زمنية يسيرة، والدليل على ذلك سياق قصصهم في القرآن بعد لوط عليهم السلام مباشرة. وكان من صفات قوم مدين أنهم اشتهروا بعدم الوفاء بالكيل والميزان، وبخس الناس أشياءهم الذي معهم، والإفساد في الأرض، والقعود على الطرق للتعرض للذين يمرون عليها، ويصدون الناس عن سبيل الله، ويبغون الحياة معوجة بعيدة عن منهاج الله. قال تعالى: ﴿ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ سورة الأعراف: 85، وقال تعالى: ﴿وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ سورة هود: 84. انظر "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 264)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (2 /9- 13، 36- 38).

ذكره في القرآن الكريم

ورد ذكر اسم شعيب في القرآن إحدى عَشر مرة، ومن ذلك : ما وردت به الآيات مفصلة لقصة شعيب مع قومه. وهي في المواضع التالية: قوله تعالى: ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ * وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ * قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ * وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ * الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ * فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾ سورة الأعراف: 85-93. وقوله تعالى: ﴿وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ۚ إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ * وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ * قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ * قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ * وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ * وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ * قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ* وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ * وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ ﴾ سورة هود: 84- 95. وقوله تعالى: ﴿كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ (180) ۞ أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (184) قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (185) وَمَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (186) فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِّنَ السَّمَاءِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (187) قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (188) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (189) إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ (190) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ سورة الشعراء: 176- 191. ثانيًا: ما وردت به الآيات بإشارات سريعة إلى تدمير اصحاب الايكة، وبقاء آثارهم بعدهم اية. منها: قوله تعالى: ﴿إِن كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ * فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ﴾ سورة الحجر: 78- 79. وقوله تعالى: ﴿وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ سورة العنكبوت: 36- 37. ثالثًا: ما وردت به الآيات بذكر اسم مدين أو قوم مدين او أصحاب الأيكة مجرد ذكر. منها: قوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ ۚ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ سورة التوبة: 70. وغيرها. انظر: "قصص القرآن الكريم" لفضل عباس (ص 462)، "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 412)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (2 /7-9).

ذكره في السنة النبوية

ورد ذكر شعيب عليه السلام في الأحاديث النبوية مرة واحدة، وهي: من حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّا لَنَراكَ ضَعِيفًا﴾ سورة هود: 91، قال: «كانَ شعيب أعمى». أخرجه الحاكم برقم (2/568) وقال فيه: «صحيح على شرط مسلم» ، ووافقه الذهبي. وذكر الشيخ إبراهيم العلي أن العمى هنا لم يكن أصليًا، وإنما طارئ. انظر: "الأحاديث الصحيحة من أخبار وقصص الأنبياء" لإبراهيم العلي (ص 99).

قصصه

قصة نبي الله شعيب عليه السلام مع قومه وإهلاك الله مدين.

بعد أن دعا شعيب عليه السلام قومَ مدينَ لعبادة الله تعالى وترك جرائمهم ومفاسدهم كذبوه وأنكروا دعوته، وهددوه بإخراجه وأتباعه من القرية، عند ذلك أتاهم أمرُ الله تعالى، فأوقعَ بهم العذاب والدمار، وأنجى شعيبًا عليه السلام وأتباعه المؤمنين. وكان عذاب الله لمدين على ثلاث مراحل متعاقبة متدرجة: فعذبَهم الله أولا بالرجفة، وهي الاضطراب الشَديد. فحُرِكَت الأرض من تَحتِهم حركةً قَويةً، فقضت عليهم وأبادتهم. قال تعالى: ﴿وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ * الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ﴾ سورة الأعراف : 90-92. وقال تعالى: ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ سورة العنكبوت : 36-37. ثم أخذهمَ الله تعالى بالصيحة، وهي صوت الزلزال العالي، الناتج عن رجف الأرض وانشقاقها، فبعد الزلزال المدمر جاءت تلك الصيحة الشديدة فأهلَكتهم. قال تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ ﴾ سورة هود: 94- 95. ثم أنزل الله عليهم الظلة، وهي سحابة بركانية حارقة حتى دمرتهم، وكانَ هذا جزاء أعمالهم وفسادهم وعنادهم. ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ سورة الشعراء: 189. وقام نبي الله شعيب على اطلال القوم الهالكين يكلمهم وهم موتى هامدون، يخاطبهم: ﴿يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾ سورة الأعراف: 93. وأبقى الله عز وجل ديارهم عبرة وآية لمن بعدهم. يقول الله تعالى عن قوم لوط وقوم مدين: ﴿إِن كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ * فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ﴾ سورة الحجر: 78- 79، والإمام هنا الطريق، لان ديار مدين وديار قوم لوط على الطريق الكاشف والامام المبين الذي كان يسلكه العرب في تجارتهم إلى الشام. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 272- 274)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (2 /32- 42).

نبوته

شعيب عليه السلام نبيٌ من أنبياء الله عزّ وجلّ، قال تعالى: ﴿إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ سورة الشعراء : 177- 178.

دعوته

أرسل الله تعالى نبيَّه شعيب عليه السلام إلى قوم مَدين، ووجَدَ شُعيب عليه السلام عندَ أهلِ مَدينَ الشركَ بالله، كما وجد عندهم فسادا في المعاملات المالية، تتعلق بِبخس المكيال والميزان، والإفساد الاقتصادي، وقطعهم السبيل وافسادهم في الارض، فدعاهم شعيب عليه السلام إلى الإقلاع عن هذه الجرائم، وعبادة الله تعالى وتوحيده، والتخلي عن الأوثان وعبادتها، وكان شعيب أخو مدين، فهو واحدٌ منهم، وليسَ غريبًا عَنهم، فكان يتحبب لقومه بدعوتهم، ويدعوهم بالحسنى، وحثهم على الإتمام في المكيال والميزان، ورغبهم بالهير ويكّرهم بفضل الله عليهم، ثم استخدم معهم الترهيب، وبين انه لا يريد اجرا على الدعوة، وبين شرف مقصده عليه السلام. لكنَّ قومَ مَدين ردّوا عليه دعوته، وسخروا منه واستهزؤوا، وأنكروا دعوته لله تعالى، واتهموه بالسحر والكذب، وهددوه بإخراجه ومن معه من القرية وبالرجم، كما هددوا المومنين معه، واستعجلوا عذاب الله، حتى عَذّبهم الله بالرجفة والصيحة والظَلة، فنالوا جزاءَ ما عَمِلوا، وانجى الله شعيبا وقلة ممن آمن معه من الفريق المؤمنين. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 265- 271)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (2 /14- 30).

دروس وعِبَر

يستفاد من قصة شعيب عليه السلام أن بخس المكاييل والموازين خصوصا وبخس الناس أشياءهم عموما من أعظم الجرائم الموجبة للعقوبة في الدنيا والآخرة، وأن المعصية ممن عُدِم منه الداعي والحاجة اليها أعظم، فقد قال لهم شعيب عليه السلام: ﴿نِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ﴾ سورة هود: 84، وفيه الحث على الرضا بما أعطاه الله، وفيه دلالة على أن الصلاة سبب لفعل الخيرات وترك المنكرات، وأن العبد في حركات بدنه وتصرفاته ومعاملاته المالية داخل تحت حجر الشريعة، وأن الناصح للناس من تمام دعوته أن يكون أول المطبقية لما أمر والمجتنبين لما نهى، وأن الداعي يحتاج إلى الحلم والصبر وحسن الخلق، وغير ذلك. انظر: "مصابيح الضياء" للسعدي (ص 28- 31)، "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 274- 275).