البحث

عبارات مقترحة:

الحميد

(الحمد) في اللغة هو الثناء، والفرقُ بينه وبين (الشكر): أن (الحمد)...

القدوس

كلمة (قُدُّوس) في اللغة صيغة مبالغة من القداسة، ومعناها في...

الجميل

كلمة (الجميل) في اللغة صفة على وزن (فعيل) من الجمال وهو الحُسن،...

يونس عليه السلام

يونس عليه السلام نبيٌ من أنبياء الله الكرام، عُرف بقصته في بطن الحوت، وهي من أشهر قصص القرآن الكريم، ولُقّب يونس عليه السلام بذي النون، وهو معنى صاحب الحوت الوارد ذكره في القرآن. أرسل الله تعالى يونس عليه السلام إلى أهل نينوى يدعوهم لعبادة الله تعالى، فرفضوا دعوته وكذبوا به، ثم بعد خروجه من بطن الحوت رجع إلى قومه فوجدهم آمنوا بالله و أذعنوا له.

اسمه ونسبه

هو يونس بن متى، قال بعضهم إن متى اسم أمه، وأكثر أهل العلم على انه اسم أبيه، وهو الصحيح، وقد دل على ذلك قول رسول الله . روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله أنه قال: «لا ينبغي لعبدٍ أن يقول أنا خيرٌ من يونس بن متى، ونسبَه إلى أبيه». أخرجه البخاري (3395) ومسلم (2377). وهو من نسل يعقوب عليه السلام، فهو من أنبياء بني إسرائيل، وقيل: من أولاد بنيامين بن يعقوب، أخي يوسف. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 412)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (4 /35).

معنى الاسم لغة

ذا النون: النون: الحوت، أي صاحب الحوت، وأضيف يونس إلى النون لابتلاعه إياه، فعاش في بطن الحوت فترة، وبقي فيها حيًا بإذن الله. انظر: "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (4 /39- 40).

ذكره في القرآن الكريم

ذُكِر يونس عليه السلام في القرآن أربع مرات باسمه، ومرتين بوصفه بنسبته إلى الحوت، في المواضع التالية: في سورة النساء: قال تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾ سورة النساء : 163. ورد اسمه ضمن أسماء مجموعة من الأنبياء. في سورة الأنعام: قال تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ سورة الأنعام 84-86. في سورة يونس: قال تعالى: ﴿فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ﴾ سورة يونس: 98. في سورة الأنبياء: قال تعالى: ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ سورة الأنبياء: 87-88. في سورة الصافات: قال تعالى ﴿وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ * وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ سورة الصافات: 139-148. العراء: الأرض الفضاء الذي لا شجر ولا نبات ولا بناء عليها. سقيم: مريض في جسمه. في سورة القلم: قال تعالى ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ * لَّوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ * فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ في سورة القلم: 48- 50. والمكظوم: اسم مفعول من الكظم، وهو المملوء كربا وهما وغما. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 412)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (4 /33- 34).

ذكره في السنة النبوية

ذُكِر يونس عليه السلام في السنة النبوية، ومن ذلك : لا ينبغي لعبدٍ أن يقول أنا خيرٌ من يونس بن متى. روى عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي قال: «لا يقولنَّ أَحَدُكم إني خيرٌ من يونس. زاد مسدد: يونس بن متى». أخرجه البخاري (3412). وروى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله أنه قال: «ما ينبغي لعبدٍ أن يقول أنا خيرٌ من يونس بن متى، ونسبَه إلى أبيه». أخرجه البخاري (3413) ومسلم (2377). وروى أبو هريرة رضي الله عنه قال: «بينما يهودي يعرض سلعته أعطي بها شيئا كرهه، فقال: لا والذي اصطفى موسى على البشر، فسمعه رجل من الأنصار، فقام فلطم وجهه، وقال: تقول: والذي اصطفى موسى على البشر، والنبي بين أظهرنا؟ فذهب إليه فقال: أبا القاسم، إن لي ذمة وعهدا، فما بال فلان لطم وجهي، فقال: لم لطمت وجهه؟ فذكره، فغضب النبي حتى رئي في وجهه، ثم قال: لا تفضلوا بين أنبياء الله، فإنه ينفخ في الصور، فيصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله، ثم ينفخ فيه أخرى، فأكون أول من بعث، فإذا موسى آخذ بالعرش، فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطور أم بعث قبلي، ولا أقول: إن أحدا أفضل من يونس بن متى». أخرجه البخاري (3414- 3415) ومسلم (2373). دعاء يونس عليه السلام. روى سعد، قال: قال رسول الله : «دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له». أخرجه الترمذي (3505)، واللفظ له، وأحمد في المسند مطولا (1462)، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه: «إسناده حسن». تلبية يونس الحج. روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: «أن رسول الله مر بوادي الأزرق، فقال: أي واد هذا؟ فقالوا: هذا وادي الأزرق، قال: كأني أنظر إلى موسى عليه السلام هابطا من الثنية، وله جُؤارٌ إلى الله بالتلبية، ثم أتى على ثنية هَرْشَى، فقال: أي ثنية هذه؟ قالوا: ثنية هرشى، قال: كأني أنظر إلى يونس بن متى عليه السلام على ناقة حمراء جَعْدَةٍ عليه جبة من صوف، خطام ناقته خُلْبَةٌ وهو يلبي، قال ابن حنبل في حديثه: قال هشيم: يعني ليفا». أخرجه مسلم (166). الجُؤار: رفع الصوت، هَرْشَى: جَبل قرب الجحفة، على ناقة حمراء جَعْدَةٍ: أي مكتنزة اللحم، خطام ناقته خُلْبَةٌ: الخطام هو الحبل الذي يقاد به البعير، وخُلْبَةٌ بإسكان اللام وضمها: هو الليف. انظر: "الأحاديث الصحيحة من أخبار وقصص الأنبياء" لإبراهيم العلي (ص 120- 124)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (4 /77- 81).

قصصه

قصة يونس عليه السلام مع قومه وامتحان الله له في بطن الحوت.

بعث الله تعالى يونس عليه السلام نبيًا إلى أهلِ نينوى، وهي مدينة قديمة تقع قريبًا من الموصل شمال العراق، يدعوهم لعبادة الله ويأمرهم بطاعته، لكنهم رفضوا دعوته، وأصرّوا على كُفرهم وعنادِهِم، فلم يبقَ إلا وقوع العذاب بهم. وأمر الله تعالى يونس عليه السلام أن يُخبرَ قومه بالعذاب الذي سيقع بها بعد ثلاثة أيام. فعجبوا من هذا الانذار وغضبوا من يونس، واشتدوا في كلامهم حتى غَضِب يونس عليه السلام منهم وغادرَ قومَه مغاضبًا لهم، باحثًا عن قومٍ آخرين ليدعوهم لعبادة الله تعالى، دون أن ينتظر الإذن من الله تعالى، ظنا منه انتهاء مهمته عندهم، وتوجه نحو شاطئ البحر حتى رَكب في سفينة مملوءة مشحونة بالركاب، ووسط البحر لم تتمكن السفينة من متابعة السير بسبب الحمولة الزائدة، وهو قول الله: ﴿الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾ سورة الصافات: 140 ودعت الحاجة أن يلقى أحد ركابها للتخفيف من الحمولة، فاقترعوا فخرجت القرعة على يونس عليه السلام، فألقي منها في البحر، وهو قول الله: ﴿فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ﴾ سورة الصافات: 141 فالتقمه الحوت وابتلعه، وظلَ يستغفر ربه في بطن الحوت حتى غفر الله له، فأخرجه من بطن الحوت إلى شاطئ البحر إلى أرض الفلاة، وكان مريضا سقيما، فأنبت الله له شجرة اليقطين، فلما عافاه الله وشفاه أعاده إلى قومه الذين غادرهم فوجدهم آمنوا بالله في غيابه، ومتعهم الله بحياة طيبة، وهو قول الله: ﴿فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ﴾ سورة يونس: 98 انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 412- 422)، "القصص القرآني" صلاح الخالدي (4 /ص 34- 71).

نبوته

يونس عليه السلام نبيٌ من أنبياء الله عزّ وجلّ، قال الله تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾ سورة النساء : 163. وذكره الله عز وجل أيضا من جملة الأنبياء في قوله: في سورة الأنعام: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ سورة الأنعام 84-86.

دعوته

بعث الله تعالى يونس عليه السلام نبيًا إلى أهلِ نينوى، وهي مدينة قديمة تقع قريبا من الموصل شمال العراق، يدعوهم لعبادة الله ويأمرهم بطاعته، لكنهم رفضوا دعوته، وأصرّوا على كُفرهم وعنادِهِم، فلم يبقَ إلا وقوع العذاب بهم. وأمر الله تعالى يونس عليه السلام أن يُخبرَ قومه بالعذاب الذي سيقع بها بعد ثلاثة أيام. فعجبوا من هذا الانذار وغضبوا من يونس، واشتدوا في كلامهم حتى غَضِب يونس عليه السلام منهم وغادرَ قومَه مغاضبًا لهم، باحثًا عن قومٍ آخرين ليدعوهم لعبادة الله تعالى، دون أن ينتظر الإذن من الله تعالى، ظنا منه انتهاء مهمته عندهم، وتوجه نحو شاطئ البحر حتى رَكب في سفينة مملوءة مشحونة بالركاب، ووسط البحر لم تتمكن السفينة من متابعة السير بسبب الحمولة الزائدة، وهو قول الله: ﴿الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾ سورة الصافات: 140 ودعت الحاجة أن يلقى أحد ركابها للتخفيف من الحمولة، فاقترعوا فخرجت القرعة على يونس عليه السلام، فألقي منها في البحر، وهو قول الله: ﴿فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ﴾ سورة الصافات: 141 فالتقمه الحوت وابتلعه، وظلَ يستغفر ربه في بطن الحوت حتى غفر الله له، فأخرجه من بطن الحوت إلى شاطئ البحر إلى أرض الفلاة، وكان مريضا سقيما، فأنبت الله له شجرة اليقطين، فلما عافاه الله وشفاه أعاده إلى قومه الذين غادرهم فوجدهم آمنوا بالله في غيابه، ومتعهم الله بحياة طيبة، وهو قول الله: ﴿فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ﴾ سورة يونس: 98 انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 412- 422)، "القصص القرآني" صلاح الخالدي (4 /ص 34- 71).

توجيه مواقف مشكلة

اختلفَ الناسُ في قوله تعالى: ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا﴾ [ الأنبياء : 87] في قصة يونس عليه السلام. فقيل: إنَ يونس عليه السلام وهو يتعبد في الجَبل جاءهُ المَلك، وقال له أن الله أعلمه بإرساله إلى أهل نينوى، فقال يونس عليه السلام: الله تعالى أعلم بضعفي ولن يرسلني لقومٍ جبارين، فسأل الملك أن يراجع ربه، لعله يلطف بهم، فأبى الملك أن يراجع الله في ذلك، وصار إلى مقامه، فخرج يونس إذ ذاك مغاضبًا لربه بعد دعوته لهم وركب السفينة، فالتقمه الحوت. وقيل: إنّه لما بلّغهم الرسالة ضربوه وآذوه، فدعا عليهم، فأخبره الله تعالى بيوم ينزل البلاء عليهم، فأخبرهم بذاك، فلما كان اليوم خرج على الجبل ينتظر الوعد، فجاءت سحابة سوداء وردَّت العذاب عنهم، فخرج يونس إذ ذاك مغاضبًا لربه ان رد العذاب عنهم. و تلكَ المقولتان هما من الشبهات في حق يونس عليه السلام. فأمَا مغاضبة يونس عليه السلام فهي لقومه وليست لربه، فقد غضب لأنَّهم رفضوا دعوته وأصروا على الكفر، وتحمَّل آذاهم، ويئس من فلاحهم، ففر بنفسه بعدما بلّغ غاية التبليغ، وما بعث الله نبيًا إلا وهو حليم واسع الصدر، صابر على تكاليف الدعوة، لكن يونس غادر قومه ظنًا منه أن مهمته انتهت فيهم، وان الدعوة عندهم قد توقفت، أو غلب على ظنه ألا يطلبه الله في فراره، لسعة حلم الله تعالى، ولكونه قد أدى ما عليه، ويحتمل أنّه ظن أن قدرة الله عز وجل لم تتعلق بإيلامه، تفضلا منه، وأن الله تعالى يعفو عنه فراره. وقوله تعالى: ﴿فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ﴾ [ الأنبياء: 87] لا يراد به أنه ظن أن لا يقدر الله عليه، أي لا يمكنه أن يفعل فيه ما يريد، وأنه لا يستطيع أن يهلكه، فهذا باطل بالإجماع، وهو كفر صراح لا يمكن أن يعتقده مؤمن، فكيف بنبي؟ وإنما أراد به أنه ظن أن لا يضيق عليه بإبقائه عند هؤلاء الكفار وإنما سيوجهه لقوم آخرين يدعوهم. وقوله تعالى: ﴿إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾ [ الصافات: 140] لا يراد به حقيقة الهروب، كهروب العبد من سيده، لأن أبق يُستعمَل في الخروج سرا من الناس والتباعد عنهم، ولو لم يكن ذلك هروبا، إذ الهروب تصرف ينزه عنه النبي يونس عليه السلام، وانما شبه به لوجه الشبه بينهما بكونه سرا مختفيا عن الناس. أما قوله تعالى: ﴿فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ﴾ [ الصافات: 142] أي فعل ما يستحق أن يلام عليه، وهو أنه غادر قومه دون أن ينتظر الإذن من الله تعالى، ظنا منه انتهاء مهمته عندهم، وتوجيه ذلك على قولين: الأول: أنه ليس كل من أتى ما يلام عليه يقع لومه، فإن كان الله لم يلمه فقد اندفع الاعتراض لعدم اللوم، والأظهر أنه لم يلمه، وإن كان لامه فاللوم قد يكون عتابا وقد يكون ذما، فإن صح وقوع لوم الله له فكان عتابا من الله له على فراره لا ذما، إذ المعاتب محبور، والمذموم مدحور. والثاني: ليس معنى أن الله لامه أنه مخطئ أو مذنب فيما فعل، فان الله لامه لأنه ترك ما هو أولى، وما فعله كان صحيحا لكنه خلاف الأولى باجتهاده، فإن الله يعاتبه وينصحه ويرشده، وربما يلومه كما فعل هنا. ولا يقال أن يونس عليه السلام كان عصبي المزاج، فهو سوء أدب مع نبي الله عليه السلام، لأن غضبه كان لله، لكفرهم وعنادهم على باطلهم. انظر"تنزيه الأنبياء عما نسب إليهم حثالة الأغبياء" لابن خمير (ص 115- 118)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (4 /39- 45، 51)، "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 417، 422، 424).

دروس وعِبَر

ي ستفاد من قصة يونس أن عتاب الله ليونس وحبسه في بطن الحوت كان عتابا لطيفا ليكون كفارة وآية وكرامة له، وأن استعمال القرعة عند الاشتباه إذا لم يكن مرجح سواها مشروعة، وأن العبد إذا كان له صالحة عند الله في الرخاء يشكره الله له عليها في حال الشدة، وفضل دعاء ذي النون، وأن الإيمان ينجي صاحبه من الأهوال والمصائب. انظر: "مصابيح الضياء" للسعدي (ص 42- 43)، "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 422). ي ستفاد من قصة يونس أن عتاب الله ليونس وحبسه في بطن الحوت كان عتابًا لطيفًا ليكون كفارة وآية وكرامة له، وأن استعمال القرعة عند الاشتباه إذا لم يكن مرجح سواها مشروعة، وأن العبد إذا كان له صالحة عند الله في الرخاء يشكره الله له عليها في حال الشدة، وفضل دعاء ذي النون، وأن الإيمان ينجي صاحبه من الأهوال والمصائب. انظر: "مصابيح الضياء" للسعدي (ص 42- 43)، "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 422).