البحث

عبارات مقترحة:

المقدم

كلمة (المقدِّم) في اللغة اسم فاعل من التقديم، وهو جعل الشيء...

الرءوف

كلمةُ (الرَّؤُوف) في اللغة صيغةُ مبالغة من (الرأفةِ)، وهي أرَقُّ...

القدير

كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...

سليمان عليه السلام

سليمان بن داود عليه السلام، نبيٌ من أنبياء الله الكرام، كان سليمان عليه السلام وارثا لأبيه في النبوة والملك واستلم الأمر من بعده، وكان حكيمًا ماهرًا، مساعدا لأبيه في الحكم والقضاء، وكان معروفًا بحزمه وضبطه وقوته، وكان رجلا مجاهدا يحب الخيل ويرعاهم، ومكّن الله له الريح والجن والشياطين والطير في أمره، وأكرمه بعين النحاس، وفتح الله على يديه سبأ، ودخلت ملكة سبأ وقومها كاملًا في الإسلام.

اسمه ونسبه

هو سليمان بن داود عليه السلام، ويعود في نسبه إلى يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام. انظر: "موسوعة العقيدة والأديان والفرق والمذاهب المعاصرة" (2 /1589).

معنى الاسم لغة

سليمان اسم علم أعجمي عبراني معناه رجل السلام، وتكلمت به العرب، ولما جاء الإسلام وانتشر سُمّي به. انظر: "موسوعة العقيدة والأديان والفرق والمذاهب المعاصرة" (2 /1589).

ذكره في القرآن الكريم

ورد ذكر اسم سليمان عليه السلام في القرآن سبعَ عَشر مرة، ومن ذلك : ما ورد ذكر اسمه فقط ضمن جملة من الأنبياء، دون الإشارة إلى قصته. قال تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾ سورة النساء: 163. وقال تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ سورة الأنعام: 84. ما ورد فيه شيء من قصته. منها: 1. قصته في الرد على افتراءات اليهود على سليمان بعد وفاته ومزاعمهم حول السحر والسحرة والشياطين. 2. قصته في حكمه في الحرث والغنم، وتسخير الريح والشياطين له. قال الله تعالى: ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ۚ وَكُنَّا فَاعِلِينَ * وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ ۖ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ * وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ * وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَٰلِكَ ۖ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ﴾ سورة الأنبياء: 78- 82. 3. قصته مع وادي النمل. قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ * وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ * وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾ سورة النمل: 15- 19. 3. قصته مع الهدهد وملكة سبأ. قال الله تعالى: ﴿وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ * لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ * أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ * قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ * قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ * قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ * فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ * ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ * قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ * قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ * فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ * وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ * قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *﴾ سورة النمل: 20- 44. 4. قصة وفاته، وتسخير الريح له والنحاس وعمل الجن بين يديه. قال تعالى: ﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ۖ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ * يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ * فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾ سورة سبأ: 12- 14. 5. قصة مع الخيل الصافنات وفتنته بالجسد التي القي على كرسيه. قال تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ ۚ نِعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ ۖ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ * وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ * قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ * فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * هَٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ﴾ سورة ص: 10- 20. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 301)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (3 /477- 479).

ذكره في السنة النبوية

ورد ذكر سليمان عليه السلام في السنة النبوية، ومن ذلك: قصة داود وسليمان عليهما السلام وحكمهما في المرأتين. روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله قال: «كانت امرأتان معهما ابناهما، جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت لصاحبتها: إنما ذهب بابنك، وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك، فتحاكمتا إلى داود عليه السلام فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان بن داود عليهما السلام فأخبرتاه، فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينهما، فقالت الصغرى: لا تفعل يرحمك الله هو ابنها فقضى به للصغرى. قال أبو هريرة: والله إن سمعت بالسكين قط إلا يومئذ، وما كنا نقول إلا المدية». أخرجه البخاري (6769)، ومسلم (1720)، واللفظ للبخاري. دعوة سليمان عليه السلام، وتجديده بناء المسجد الأقصى. روى عبد الله بن عمرو رضي الله عنه ، عن رسول الله : «أن سليمان بن داود لما بنى بيت المقدس سأل الله عز وجل خلالا ثلاثة: سأل الله عز وجل حكما يصادف حكمه فأوتيه، وسأل الله عز وجل ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأوتيه، وسأل الله عز وجل حين فرغ من بناء المسجد أن لا يأتيه أحد لا ينهزه إلا الصلاة فيه أن يخرجه من خطيئته كيوم ولدته أمه». أخرجه النسائي (693)، واللفظ له، وابن ماجه (1408)، وأحمد (6644)، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على المسند: «إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن الديلمي -وهو عبد الله بن فيروز-، فقد روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، وهو ثقة». ابتلاء سليمان عليه السلام. روى أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله : «قال سليمان بن داود عليهما السلام: لأطوفن الليلة على مائة امرأة، أو تسع وتسعين كلهن، يأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: إن شاء الله، فلم يقل إن شاء الله، فلم يحمل منهن إلا امرأة واحدة، جاءت بشق رجل، والذي نفس محمد بيده، لو قال: إن شاء الله، لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون». أخرجه البخاري (2819)، ومسلم (1654)، واللفظ للبخاري. وفي رواية لهما: «. .. فقال له الملك: قل إن شاء الله، فلم يقل ونسي، فأطاف بهن، ولم تلد منهن إلا امرأة نصف إنسان، قال النبي : لو قال: إن شاء الله لم يحنث، وكان أرجى لحاجته». أخرجه البخاري (5242)، ومسلم (1654)، واللفظ للبخاري. إطلاق رسول الله سراح الشيطان مراعاة لأخيه سليمان عليه السلام. روى أبو هريرة يقول: قال رسول الله : «إن عفريتا من الجن تَفَلَّتَ البارحة ليقطع علي صلاتي، فأمكنني الله منه فأخذته، فأردت أن أربطه على سارية من سواري المسجد حتى تنظروا إليه كلكم، فذكرت دعوة أخي سليمان: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾ ص: 35، فرددته خاسئا». أخرجه البخاري (3423)، ومسلم (541)، واللفظ للبخاري. وروى أبو الدرداء قال: «قام رسول الله فسمعناه يقول: أعوذ بالله منك، ثم قال ألعنك بلعنة الله ثلاثا، وبسط يده كأنه يتناول شيئا، فلما فرغ من الصلاة قلنا: يا رسول الله قد سمعناك تقول في الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك، ورأيناك بسطت يدك، قال: إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي، فقلت: أعوذ بالله منك، ثلاث مرات، ثم قلت: ألعنك بلعنة الله التامة، فلم يستأخر، ثلاث مرات، ثم أردت أخذه، والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة». أخرجه مسلم (542). انظر: "الأحاديث الصحيحة من أخبار وقصص الأنبياء" لإبراهيم العلي (ص 186- 188).

صفته الخُلُقيَّة

اتصفَ سيدنا سليمان عليه السلام بالعديد من الصفات، منها: آتى الله سليمان عليه السلام العلم والحكمة واتصف بالنباهة والفطنة ومزيد من الفهم. اثنى الله عز وجل على سليمان بما أتاه من علم وحكمة وفطنة، حتى استطاع سليمان عليه السلام أن يحكُمُ بين المرأتين في عهد أبيه داود عليه السلام. قال تعالى: ﴿ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ﴾ سورة الأنبياء: 79. كان سليمان عليه السلام وارثا لأبيه في النبوة والملك واستلم الأمر من بعده. قال تعالى: ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ﴾ سورة النمل: 16. أوَّاب. كانَ سليمان عليه السلام رجّاعٌ إلى الله تعالى، عابدٌ له، ومتصلٌ به، كثير الذكر والعبادة. قال تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ ۚ نِعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ سورة ص: 30. نعمَ العبد. وصف سليمان عليه السلام بمقام العبودية العظيم، أي أَنّهُ حَقق عبوديته الصادقة لله عزَّ وَجلَّ. فقال تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ ۚ نِعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ سورة ص: 30. وكان مساعدا لأبيه في الحكم والقضاء، كما في قضية الحرث والغنم وفي قضائه في المرأتين. وسخر الله عز وجل له الريح والجن والشياطين والطير والنحاس، وعلمه منطق الطير. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 301- 303)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (3 /479- 482).

قصصه

قصة سليمان عليه السلام مع الخيل الصافنات الجياد.

كان سليمان عليه السلام رجل جهاد، وكان يعد الخيل للجهاد دائما ويحرص على لياقتها البدنية، فينقل لنا القرآن الكريم مشهدا لذلك، وذلك أنه في أحد المرات، لمّا عرضت الخيل الصافنات الجياد على سليمان عليه السلام وقت العشي حمد الله على ما أنعم به عليه منها، ﴿إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي﴾ سورة ص: 31- 32. أي أحببت الخيل حبا كثيرا لما فيها من الخير، وحبي لها صور من ذكري لربي، لأنه كان يعدها للجهاد. والصافنات جمع صافن، والجياد جمع جواد، الخيل الصافنة تصوير لها عند وقوفها، حيث نقف على ثلاث قوائم والرابعة ترفعها أو تثنيها وتجعل طرف حافرها على الأرض، والخيل الجياد تصوير لها عند جريها واسراعها، فهي تجود بطاقتها في عدوها وتبذل جهدها ولا تضِنّ منه بشيء. بقي سليمان عليه السلام ينظر للخيل التي تجري وتعدو باعجاب ويحمد الله على ذلك، حتى توارت واختفت وراء الجبال الذي حجبها، ﴿حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ﴾ ص: 32، ولما غابت عن ناظريه قال: ﴿رُدُّوهَا عَلَيَّ﴾ ص: 32 أي اعيدوها الي، فلما اعادوها اليه صار يمسح على سيقان الخيل واعناقها، ﴿فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ﴾ ص: 33، يلاعب به الخيل ويُظْهِر اهتمامه بها ومحبته ورعايته لها. وأما ما فسره بعض العلماء بأن سليمان عليه السلام عرضت عليه الخيل في وقت العشي، وبدأ يتفقدها واحدا واحدا، وأنها من الكثرة بحيث شغلته عن صلاة العصر حتى غربت الشمس وتوارت بالحجاب، فقال آثرت حب الخيل على ذكر ربي أي على الصلاة، ثم أراد أن يُكًفّر عن ذلك فقال ردوها عليّ، فبدأ يقطع سوقها و أعناقها، فهو تفسير لم يدل عليه آية محكمة أو سنة ثابتة. انظر: "قصص القرآن الكريم" لفضل عباس (ص 650- 652)، "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 310- 314)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (3 /482- 487).

فتنة سليمان عليه السلام بالجسد الملقى على كرسيه.

كانت فتنة سليمان عليه السلام بإلقاء جسد على كرسيه، ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ * قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي﴾ ص: 34- 35 والفتنة هي الاختبار والامتحان، ولله عز وجل أن يختبر ويمتحن من شاء من خلقه بما يشاء، ولما فتن الله عز وجل سليمان عليه السلام أقبل عليه وأناب إليه وتضرع بين يديه ﴿ثُمَّ أَنَابَ * قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي﴾ ص: 34- 35. ولا نعرف تفصيل فتنة سليمان عليه السلام والجسد الملقى على كرسيه إلا ما ورد في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «قال سليمان بن داود عليهما السلام: لأطوفن الليلة على مائة امرأة، أو تسع وتسعين كلهن، يأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: إن شاء الله، فلم يقل إن شاء الله، فلم يحمل منهن إلا امرأة واحدة، جاءت بشق رجل، والذي نفس محمد بيده، لو قال: إن شاء الله، لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون». أخرجه البخاري (2819)، ومسلم (1654)، واللفظ للبخاري. وفي رواية لهما: «. .. فقال له الملك: قل إن شاء الله، فلم يقل ونسي، فأطاف بهن، ولم تلد منهن إلا امرأة نصف إنسان، قال النبي : لو قال: إن شاء الله لم يحنث، وكان أرجى لحاجته». أخرجه البخاري (5242)، ومسلم (1654)، واللفظ للبخاري. وقد ورد ست روايات متفاوتة قليلا لهذا الحديث، كلها في الصحيح. يخبرنا النبي أنه كان لسليمان عليه السلام مائة امرأة، وهو من شرع من قبلنا يحل الله فيه ويحرم ما يشاء، وكانت النساء معه للنسل والإنجاب، فقد أراد أن يطوف على نسائه في ليلة واحدة لينجب رجالا مجاهدين، فقال: لاطوفن على ستين أو سبعين أو تسعين أو مئة كما ورد في روايات الحديث لتحمل كلا منهن وتنجب مجاهدا في سبيل الله، فدعاه الملك ان يقول ان شاء الله، ولكن سليمان نسي، ونسيانه لا يطعن في نبوته، بل هو مظهر من مظاهر بشريته، يعتريه ما يعتري البشر من الأعراض، فلم تحمل إلا امراة واحدة وقدر الله أن يكون جنينها ناقصا مشوها، فلما وضعته نزل منها ميتا وكان نصف إنسان، ولم يكن انسانا كاملا. فهذه هي فتنة سليمان عليه السلام المذكورة في الآيات والتي وضحها الحديث الصحيح عن رسول الله ، وهو القول الذي اختاره كثير من المفسرين، وهو مسلك المحققين من العلماء، وذكر العلماء الآخرون أقوالا أخرى لتفسير الآية لا دليل لهم عليها، والله تعالى أعلم. انظر: "قصص القرآن الكريم" لفضل عباس (ص 652- 658)، "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 314- 318)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (3 /488- 496).

تسخير الريح والجن والشياطين والطير والنحاس لسليمان عليه السلام.

طلب سليمان عليه السلام من الله عز وجل أن يغفر له، ثم طلب منه أن يهبه ملكا خاصا به لا يعطيه لأحد من بعده، فاستجاب الله له. ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ﴾ ص: 35. وطلب سليمان عليه السلام ذلك بعد ابتلاء الله له ليس انانية منه وحرصا على الزعامة وتهالكا على الملك، فإن أنبياء الله منزهين عن هذه الأمراض والآفات القلبية، وإنما يريد الكلم الخاص للدعوة إلى الله ونشر دينه، وليتخذه وسيلة لذكر الله وشكره وحسن عبادته. فاستجاب الله له ومنحه ما أراد وخصه بملك لم يهبه لأحد، فسخر الله له الريح فكانت تجري بأمره، وسخر له الجن فكان طوع أمره، وسخر له الطير فكانت من جنوده. فكان سليمان عليه السلام أقوى ملك في التاريخ وأوسع الملوك والزعماء ملكا، فقد حكم على طوائف ومجموعات من الإنس والجن والطير والريح. فسخر الله له الريح تجري وتسير وتتحرك بأمر سليمان عليه السلام، وتحمل معها الرخاء والغيث، فيكون فيه سعة عيش الناس وحسن أحوالهم. ﴿فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ﴾ص: 36، ﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ﴾ الأنبياء: 81. وكانت هذه الريح الرخاء العاصفة غدوها أي سيرها في أول النهار شهر، ورواحها أي سيرها في آخر النهار شهر، فكانت سريعة تقطع مسيرة شهر في غدوها وقدومها أول النهار، وتقطع مسيرة شهر آخر في رواحها وذهابها آخر النهار. ﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ﴾ سبأ: 12، وهذا معناه أن فترة حكم سليمان كان فترة رخاء ورفاهية، تَنَعّم فيها بنو إسرائيل. وسخر الله عز وجل الجن والشياطين، وورد الحديث عن ذلك ثلاث مرات: 1. ﴿وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ * يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ سبأ: 12- 13. وكانت الجن والشياطين يصنعون لسليمان عليه السلام المحاريب، جمع محراب وهو مكان العبادة، وتماثيل جمع تمثال، وهو مصنوعات تماثل وتشابه شيء من الطبيعة، وجفان جمع جفنة، وهي القصعة أو الإناء أو الوعاء الذي يوضع فيه الطعام، والجوابي جمع جابية، وهي الحوض الكبير الذي يوضع فيه الماء، فكانت الآنية التي يصنعونها للطعام تكون كبيرة، فكان الواحدة منها حوض من الأحواض، والقدور جمع قدر، وهو الإناء الذي يطبخ فيه، والراسيات أي الثابتات التي لا تتغير، فتكون القدور ثابتة مكانها لا تتغير ولا يطاق حملها. 2. ﴿وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ﴾ ص: 37- 38. كان سليمان عليه السلام يستخدم الجن والشياطين في البناء، حيث يشيّدون له القصور والبيوت، ولم يكن يتساهل معهم، فمن يقصرون أو يتمردون أو يخالفون يقيدهم بالقيود. 3. ﴿ وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَٰلِكَ ۖ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ ﴾ الأنبياء: 82. كان سليمان عليه السلام يستخدم الجن والشياطين في الغوص في أعماق البحار، لاستخراج كنوزها وخيراتها. وآتى الله عز وجل سليمان عليه السلام فضلًا كبيرًا، بِأَن خَصَّه بتفهيمه مَنطِقَ الطَير، وعَلَّمَهُ لُغَةَ الحيواناتِ والطيور، ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ﴾ النمل: 16. ومن مظاهر تأييد الله عز وجل لسليمان عليه السلام أيضا أن فجر الله له منجما من مناجم النحاس المذاب المصهور، واحرج له منها عينا جارية، تسيل وتجري على وجه الأرض. ﴿وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ﴾ سبأ: 12. وختم الله عز وجل الآيات الذي تحدثت بما أسدى عليه من النعم والتسخيرات بالدعوة إلى الشكر والحمد فقال تعالى: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ سبأ: 13. انظر: "قصص القرآن الكريم" لفضل عباس (ص 663- 664)، "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 316- 317)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (3 /496- 515).

قصة سليمان عليه السلام ووادي النَمل.

آتى الله سبحانه وتعالى سليمان عليه السلام فضلًا كبيرًا، بِأَن خَصَّه بتفهيمه مَنطِقَ الطَير، وعَلَّمَهُ لُغَة الحيواناتِ والطيور. ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ﴾ النمل: 16 وفي يوم سار سيدنا سليمان عليه السلام مع جيشه العَسكري الكثيف، والذي كانَ يتكون مِن ثلاثِ فِرَق: الإنس والجن والطير، ورغم اختلافِ أجناسِ الجَيش إلا أَنَّه كانَ مُنظمًا ومتناسقًا رغم كَثرَتِهِم، فكانوا يسيرون بنظام محكم دقيق. ﴿وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ النمل: 17. فسار جيش سليمان عليه السلام حتى مرّوا على وادي النمل، ﴿حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ﴾ النمل: 18، فرأتهم نملة من النمل، وَخشيِت النملة على أمّتها وعلى هلاكها من جيشِ سليمان عليه السلام، فصاحت النملة قائلة: ﴿قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ النمل: 18، ونلحظ حكمة النملة في قولها، فهي لا تُسيء الظَنَ بجنود سليمان عليه السلام، بل قالت: ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾. فَسَمَع سليمان عليه السلام كلام النملة، وفهم مرادها، وتأثر بنطقها، ﴿فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا﴾ النمل: 19، وشكرَ الله تعالى على ما آتاه من نِعَمِهِ، ودعاه عز وجل سانه أن يجعله دائمًا من الصالحين. ﴿وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾ النمل: 19. وفي تبسمه أمران، الأول: دل على ظهور رحمته هو وجنوده على قول النملة وحسن ظنها بهم، بأنَّهم لو شعروا بالنمل لن يحطموها، والثاني: فَرَحهُ هو بما آتاه الله من فهمِ كلام النملة ومنطق الطير. انظر: "قصص القرآن الكريم" لفضل عباس (ص 659)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (3 /511- 525).

نبوته

سليمان عليه السلام هو نبيٌ من أنبياء الله الصادقين. قال الله تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾ سورة النساء: 163.

دعوته

لمّا عَلِم سليمان عليه السلام بوجود قومٍ يعبدون الأوثان، ويشركون بالله عزَّ وَجلَّ، بعد أن أخبره الهدهد بذالك، أرسل مع الهدهد دعوة لعبادة الله تعالى وتوحيده، حتى دعاهم للإسلام جميعًا. انظر: "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (3 /525- 567).

وفاته

بعد أَن حانت وفاة سليمان عليه السلام اختار أن يلقى الله عز وجل، وتوفي سليمان عليه السلام وهو متكئٌ على عصاه، وكان الجن منهمكين في أعمالهم التي كلفهم سليمان بها يقومون عليها، فأرسل الله دابة الأرض إلى عصاه وهي الأرضة التي تأكل الخشب، فصارت تأكل الخشب وتنخرها، فلم تحمل العصا جسم سليمان فانكسرت، وخر جسد سليمان عليه السلام على الأرض، حتى فوجئ الجن بوفاة سليمان عليه السلام منذ فترة دون علمهم بذلك، ولو كانوا يعلمون الغيب لاكتشفوا موته، فهم لا يعلمون الحاضر الظاهر أمامهم فكيف بالغيب؟ قال تعالى: ﴿فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾ سورة سبأ: 14. انظر: "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 323- 324)، "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (3 /567- 576).

دروس وعِبَر

ويستفاد من قصة سليمان عليه السلام: أن الله عز وجل يعتني بأنبيائه ورسله كمال الاعتناء. أن سليمان فصيلة من فضائل داود. أن سليمان عليه السلام فيه من الصفات الحسنة الشيء الكثير من العلم والحكمة وقوة الفهم. أن طاعة الله وشكره يوجب المزيد. أن الابتلاء سنة الله في خلقه. أن النبوة والملك قد يجتمع في الشخص الواحد. أن إكرام الله لداود وسليمان بالزلفى وحسن المآب. أن تسخير الريح وتسخير الشياطين على النحو الذي كان لسليمان عليه السلام لا يكون لأحد بعده. أن ملك سليمان الواسع لم يقده إلى الغرور والكبر بل زاده طاعة وعبودية لله. وغير ذلك من الفوائد الكثيرة. انظر: "مصابيح الضياء" للسعدي (ص 47- 49)، "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 324- 325).